تدور مسرحية "ولي في قطار تائه" لسعيد نصر، والتي قررت دار إنسان للطباعة والنشر طرحها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حول شخصية محورية لها إرادة فولاذية، على الرغم من أنها شخصية طاعنة في السن، تري وحدها أن الكون كله علي وشك الانهيار، وأنه يجب على الجميع معاونته بقلب صادق لإنقاذ الدنيا كلها من خطر الهلاك الذي صار وشيكًا، بسبب أفعال طائفة بعينها من البشر،وهكذا تتالى وتتوالى الأحداث، على مدار فصلي المسرحية، حتى يتم المراد، بفعل تعاون الأجيال وتلاقي إراداتها على هدف أسمي يتمثل في إنقاذ القرية الكونية. ويظن في البداية كل من يتعامل مع بطل المسرحية"سلام"، وخاصة زوجته "ليماء"، أنه مريض نفسي بسبب أقواله التي لايدركون معناها ومغزاها، ولكنهم جميعا مع مرور الوقت ، بما فيهم الطبيب المعالج له، يدركون بأنه أكثر رجال العالم عقلانية ورشادة، وأنه صاحب رؤية عظيمة للإصلاح، ويدفعهم ذلك إلى الإيمان به وبآرائه ، وإلي الوقوف بجانبه لتحقيق هدفه المنشود وذلك لتحقيق هدف أكبر، يتمثل في إسعاد البشرية، وذلك بإنقاذها من خطر الهلاك والدمار. تتكون مسرحية نبي في قطار تائه من فصلين، وتتسم بحبكة درامية تضفي على أحداثها طابع الإثارة والتشويق من أولها إلى آخرها، ويغلب على لغتها الشعرية طابع البساطة، فهي لغة مفهومة وليس فيها أي تعقيدات، وتنهج نهج التفاعلية مع المتلقي لها ، بحيث تجعله منه شريكا أصيلًا في أحداثها وقضاياها، والتي تعالج أمورا كونية وفلسفية عميقة، سواء في الوجدان، أو علاقة الوجدان بالمكان والزمان.
وتحاكي مسرحية "ولي في قطار تائه" لسعيد نصر،السرديات الدينية ذات الدلالات الكبرى، وتأثير تلك الدلالات على نفسية الإنسان، ويتم ذلك من خلال ومضات شعرية خاطفة على لسان شخصياتها، دون إسهاب يشعر القاريء بالملل، ومن هذه السرديات ، على سبيل المثال الحصر، حوار سلام بطل المسرحية مع زوجته ليماء في ختام الفصل الأول، وهو الحوار الناجم في الأساس عن ظنها بأن زوجها يهرتل ويرهطق ويجدف، بسبب مرض نفسي قد يكون أصابه بسبب حرمانه من الإنجاب. ويؤكد سعيد نصر كاتب المسرحية الشعرية "ولي في قطار تائه" أن المسرحية عالمية الزمان والمكان، وأنه تعمد ذلك عند كتابتها، لقناعته بأن ذلك يتناسب بشكل دقيق، مع عالمية الأفكار والقضايا التي تتناولها، كالإنسان والتاريخ والحرية والظلم والعدل، والنزعة إلى الإصلاح، في سياق الصراع الأبدي بين الخير والشر. ويشير إلى أن المسرحية يتخللها إشارات رمزية تحمل دلالات وإسقاطات على قضايا مصيرية يعاني منها العالم الآن، وفي القلب منه مصر، وعلى رأس هذه القضايا قضية المياه، موضحًا أن ذلك كله يتم تقديمه من خلال ومضات شعرية على لسان بطل المسرحية وشخصيات أخري، دون الدخول في التفاصيل. وتحمل المسرحية رسائل عالمية إلى العالم كله، مفادها أن حل المشاكل بالصراع والعنف، سواء كانت مشاكل داخلية أو مشاكل إقليمية ودولية، سيؤدي إلى هلاك الدنيا كلها لامحالة، ولذلك يجب على الجميع أن يعلي من قيمة السلام، لأنها وحدها هي التي يمكنها إنقاذ قطار العالم من الضياع. ويتوقع كل من اطلع على نص المسرحية الشعرية"ولي في قطار تائه" أن تثير المسرحية موجة من الجدل الإيجابي،عقب نشرها بمعرض القاهرة للكتاب، وذلك لفكرتها الجريئة وموضوعها الملامس لحياة المجتمع البشري في كل زمان ومكان، منذ خلق البشر وحتى الآن، بما في ذلك المستقبل، حتى نهاية الحياة الدنيا. وتعود تلك التوقعات إلى أن المسرحية تتسم بأنها كونية على مستوى المكان والزمان، وتتمحور حول قيمة عليا يدافع عنها البطل ويؤمن بها كل من حوله، وتتمثل هذه القيمة العليا في إنقاذ الكون من خطر داهم، وكثيرا ما يفتخر كاتبها سعيد نصر بأنها مكتوبة بحبر القلب وقلم الروح، وليست مكتوبة على طريقة الشاعر الصنايعي ، وإن كان لاتنقصه ككاتب حرفية الصنعة. ويقول سعيد نصر أن "ولي في قطار تائه" مسرحية شعرية مختلفة، ستبدو لقارئها حال اطلاعه عليها ، كما لو كانت دفقة شعورية واحدة، ثارت بوجدان شاعر، وساحت في نوازع النفس البشرية، والقضايا الكونية، والمدركات الحياتية، ولم تهدأ ثورتها إلا في نهاية دورتها، أي في لحظة انسدال الستار على الأشخاص والأحداث، وهذا يضفي عليها طابع التشويق والتأثير الوجداني، ويجعلنا أمام حقيقة مفادها أن ما يُكتب بمداد القلب والروح، لايُقرأ إلا بذات الطريقة، فهي مسرحية شعرية تُقرأ بالقلب والذهن معا، وليس باللسان والأذنين فقط،وذلك على عكس ما يحدث حال قراءة الناس لأي مسرحية شعرية أخرى. ويضيف، إن مسرحية « ولي في قطار تائه»،
أنها مسرحية شعرية قابلة للتأويل، سواء في بعض أشخاصها أو في بعض أحداثها، وسواء في بعض أفكارها الظاهرة أو في أفكارها المستترة، وهذا يجعلها مسرحية كل الناس، وليست مسرحية كاتبها فقط، ويجعلها أيضا، وبفضل الرمزية التي تغلب عليها، بمثابة « نص حمال أوجه »، يحتك معه كل قارىء، بحسب قراءته للحياة ورؤيته للبشر وفكرته عن الكون والخير والشر، والحلم الكوني الذي يحلم به كل الطيبين في القرية الكونية. ويؤكد أنها لاتخلو من المضامين الفلسفية، وهي مضامين تتفاعل مع الرمزية والسردية الشعرية ، وتشكل ما يشبه الشاشة السينمائية العارضة للأحداث بالصوت والصورة، في ذهنية المتلقي، وهذا في الحقيقة لايصعب على القاريء تلمسه وتحسسه، خاصةً القارىء المحب للأدبة عامةً، والمحب للشعر خاصةً. ويكشف سعيد نصر أن مسرحية «ولي في قطار تائه» لكاتبها سعيد نصر، عمل أدبي يتفاعل مع تساؤلات عميقة وقضايا إنسانية كبرى، ويثير تساؤلات أكثر عمقًا، وقضايا أكبر حجمًا وأثرًا، وهذا ما يجعله عملًا يحاكي «القضية الكلية» ، أحيأنًا بالجزئية، وأحيانًا بالكلية. ويشير إلى أن الاتصال في مسرحية «ولي في قطار تائه» ليس في اتجاه واحد، وإنما في اتجاهين، حيث في فصلها الثاني، يشارك جمهور المسرح في أحداث المسرحية ورسم نهايتها، وذلك بعد أن أدرك الجمهور المتفرج على مسرحية شعرية كونية تعرض على خشبة مسرح باتساع العالم كله، أنه جزءًا لايتجزأ منها، وبأن مصيره مرتبط بشكل ومضمون نهاية أحداثها. ويوضح سعيد نصر أن ذلك الشيء فعله شعراء مسرحيون سابقون، ولكن الجديد والمختلف في مسرحية”ولي في قطار تائه”، هو أنه فعله بشكل مميز ومختلف، حيث جعل أحد المشاهدين، وهو “طفل نابغ” ، ابن بطل المسرحية، يحمل رمزية الطهارة والبراءة والذكاء والإرادة ، واختاره الكاتب كرمزية للجيل الجديد أو جيل المسقبل على مستوى العالم كله، هوالذي يحدد شكل ومضمون النهاية. هذا وتعد هذه المسرحية الشعرية أول عمل أدبي ينشر للكاتب سعيد نصر، والذي يقول عن مسرحيته،" ليس سهلًا أن تدرك المعنى والمغزى والفحوى، وقد يحتاج إدراك المراد إدراكه، وفهم المراد فهمه، أن يقرأ المتلقي الكتاب أكثر من مرة ، وقد يندهش المتلقي وهو يسير فوق حروف الكلمات، ويصعد درجات سلم الأحداث ، من دواخل شخصيات المسرحية، وخاصة بطلها سلام . وكان سعيد نصر قد اختار اسما لها ، وهو "نبي في قطار تائه"، ولكن نظرًا للحساسية التي قد يثيرها لفظ "نبي"، تم تغيير الاسم بالتنسيق والتوافق بين الكاتب وإدارة دار إنسان للطباعة و النشر ، إلى اسم "ولي في قطار تائه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق