حوار اللواء مصطفى الحناوي قائد الطيران سنة 1968 ف حوار له مع روز اليوسف 8 ابريل 1997:
(( كانت المظاهرات في الإسكندرية على قدم وساق في نوفمبر 1968، وكنت أنا في مقر قيادة القوات الجوية. أشتغل عادي .. بامضي أوراق مهمة .. رن جرس التليفون، وكان على الخط الفريق أول محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة .. (كان أستاذي في الكلية وكان فيه جانب كبير من العنف .. ولا أقصد بالعنف الشدة .. فالشدة ممكنة دون عنف)
قال محمد فوزي:
- اللواء مرسي في إسكندرية طلع بالقوات بتاعته عشان يفرق مظاهرات الطلبة ماقدرش، أنا باديك أمر أنك تفرق المظاهرات دي بضرب النار من طائرات الهليوكوبتر .. "الفريق فوزي قال كده وأنا الدم غلي في دماغي ماحسيتش بنفسي.."
قلت:
- يانهار أسود .. سيادتك بتقول إيه .. نضرب الطلبة بالرشاشات المثبتة في الهليوكوبتر (تعديل لنا أجريناه في الهليوكوبتر ـ وعاوننا فيه أحمد فهيم الريان) أنت عارف سيادتك النتيجة ح تبقى إيه .. ح تبقى مجزرة .. حتبقى سلخانة ..
الطلقة 37 مللميتر .. مش ح تصيب واحد .. في الزحمة ممكن تصيب عشرة ورا بعض .. دققتين أمشيهم فوق شارع أبو قير وشيط واحد أخلصه (ألف طلقة هي الحد الأدنى) ونبقى محتاجين الجيش الثالث عشان يشيل الجثث .. إحنا جايبين الطيارات نحارب بيها إسرائيل والا نضرب بيها ولادنا.
قال محمد فوزي :
- دي أوامر السيد الرئيس جمال عبد الناصر .. السيد الرئيس بيقول إن مظاهرات الطلبة الغرض منها إسقاطه .. ويطلب منا مساندته.
قلت وأنا مازلت مذهولاً :
- يافندم دي ح تنكتب في التاريخ .. زيها زي مذبحة القلعة .. مذبحة كوبري عباس .. التاريخ ح يكتب أننا قتلة، والشعب مش ح يسامح .. وافرض أديت أمر لضباط الهليوكوبتر بضرب الطلبة ورفضوا .. ح نحاكمهم !! ح نحاكم الستة وتسعين ضابطاً ح نحاكمهم يافندم ؟! لا يافندم أنا مش منفذ، وأنا جاهز يافندم تعملوا فيّ اللي انتوا عايزينه .. أنا عاصي ومش منفذ .. قال محمد فوزي:
- ح نقول إيه لعبد الناصر.
قلت : - قول له يختار السجن اللي أتوجه له .. وأنا جاهز يافندم .. أنا عاصي ومش منفذ .. أنا لا لي فيهم ابن ولا أخ وبرضه ما أقدرش أضربهم.
قال محمد فوزي :
- اضرب في المية.
قلت : - لو ضربت في المية .. ما هو ضرب نار برضه يافندم .. لا يافندم.
قال :
- تصرف بأي طريقة ماتزعلش جمال عبد الناصر.
- وتصرفت .. وغضب جمال عبد الناصر .. وأسرّها في نفسه .. قلت لقائد الهليوكوبتر في الإسكندرية .. كل اللي ح تعمله .. أننا كنا بنطلع الطيارات من الدخيلة، تطير على البحر لحد ما توصل أبو قير .. خوفاً من أن تقع على مناطق سكنية إذا وقعت لا قدر الله .. قلت له ما تمشيش على البحر أمشي فوق البيوت ..
وما تحملش ذخيرة نهائياً، وتأكد بنفسك أن مفيش أي ذخيرة على الطائرات .. تأكد بنفسك .. كنت أخشى أن حد خسيس يحمّل الطيارات في السر .. عشان يرضي أسياده، وطبعاً أسياده ح يحموه .. وده اللي حصل .. وأبلغته لمحمد فوزي، فقال:
ماشي.
- وطبعا فوزي بلغ جمال عبد الناصر.
وسألت اللواء الحناوي :
كيف عرفت أن جمال عبد الناصر غاضب منك ؟
قال :
عبد الناصر ما كانش بيتكلم .. أسرّها في نفسه .. لكني عرفت بعد ذلك ما حدث في حرب 67، وقال لي الأستاذ هيكل: (عبد الناصر بعد المظاهرات قال لي: أنـا ح أشيل الحناوي .. قلت له يافندم ده عمل حاجات كويسة كثيرة في الطيران .. قال ح أشيله لأنه كان يعلم أن الهدف من مظاهرات الطلبة هو إسقاطي ولم يرد أن يساعدني!!
هل كان يدور في خلدي وأنا أستقرئ حوادث نوفمبر 1968 أن هذا هو ما حدث .. بالطبع لم يدر في خيالي حتى شيء من هذا .. لكن شهود الواقعة أحياء .. الفريق فوزي حي، الأستاذ هيكل حي، واللواء نبيل كامل الذي تلقى الأمر ونفذه .. حي .. وأنا وأنتم أحياء، ومن يحيا ياما يشوف واللي يكتب ويقرأ "يشوف" أكثر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق