بقلم السفير عبد الرؤوف بو جلال |
لو قاعد مبتعملش حاجة، تعالى أقول لك التفاصيل الكاملة لحياة راجل اختلفت عليه كل الشعوب العربية، وما زال الجدال والغموض حواليه بين مؤيد لحكمه ومعارض، واحكم إنتَ في النهاية إذا كان بطل قومي زي ما البعض قال، ولا راجل فاشل وسياسته تسببت في سقوط العراق تحت الاحتلال الأمريكي!
(صدام حسين المجيد)، اتولد يوم 28 إبريل سنة 1937م، لعائلة سُنية فقيرة شغالة في الزراعة في مدينة تكريت، وقبل ما يتولد بـ6 شهور أبوه توفي، وبعد ولادته بفترة قليلة توفي أخوه الكبير بمرض السرطان.
بعد وفاة والد (صدام حسين) أمه تزوجت من قريبها، حارس في مدرسة اسمه (إبراهيم الحسن).
والدة (صدام حسين) تزوجت كذا مرة، وله إخوات كتير غير أشقاء.
في الوقت دا (صدام) كان شبه معدم، وطفولته كانت صعبة جدًا، لدرجة إنه وهو صغير كان بيركب القطر اللي بيمر من تكريت، وكان بيبيع فيه بطيخ علشان يساعد أسرته في المصاريف حسب كلامه لـ(أمين إسكندر) اللي كتب سيرته الذاتية.
قال له إنه مكنش بيحس إنه طفل صغير زي باقي الأطفال، وكان بيحب يكون لوحده دايمًا ومبيحبش يتعامل مع الناس كتير، وكان بيبيع البطيخ علشان يساعد أسرته.
لما (صدام حسين) وصل لسن الـ11، راح قعد مع خاله (خير الله طلفاح) اللي قرر يربيه، خاله كان ضابط في الجيش العراقي، وكان رجل سياسي مُحنك، وبيملك أفكار قومية ومناهضة للاستعمار البريطاني وبيهاجمهم، فـ(صدام حسين) تأثر بيه جدًا وبأفكاره.
(صدام حسين) تزوج من (سجدة) بنت خاله (خير الله طلفاح)، وخلف منها (قُصي) و(عُدي) اللي اتقتلوا على إيد القوات الأمريكية سنة 2003م لما احتلوا العراق.
خال (صدام حسين) زرع فيه حبه للسياسة، وبدأت حياته السياسية بإنه التحق بحزب "البعث القومي العربي" اللي كان مُعارض للحكم في الوقت دا.
ومن هنا قرر (صدام حسين) يلتحق بالجيش العراقي.
سنة 1959م بعد ما (صدام حسين) بدأ يكون له دور مؤثر في الحزب، جاب مجموعة من الحزب وقرر يغتال (عبد الكريم قاسم) رئيس الوزراء العراقي وقتها اللي أصدر حكم بالإعدام على بعض الضباط.
ولكن العملية فشلت، واتضرب (صدام) بالنار في رجله وهرب لسوريا وقعد فيها 3 شهور، وبعدين راح مصر سنة 1960م، وكمل تعليمه هناك ودخل كلية الحقوق جامعة القاهرة، قعد فيها سنتين وبعدين رجع كمل في بغداد.
في الوقت دا كان بداية توسع فكرة القومية العربية، وتأثر (صدام حسين) بفكرة القومية العربية وأفكار الرئيس المصري (جمال عبد الناصر).
واتحكم عليه بالإعدام في بغداد غيابيًا بسبب اشتراكه في اغتيال (عبد الكريم قاسم).
في الوقت اللي قاعد فيه (صدام حسين) في مصر، حصل انقلاب على حكومة (عبد الكريم قاسم) من الجيش، واتقتل (عبد الكريم) قدام التليفزيون بالرصاص.
عينوا بعديه (عبد السلام عارف) رئيس للعراق، وهنا رجع (صدام حسين) العراق، ولما رجع اتعين في لجنة الاستخبارات الخاصة بالحزب، وكان واحد من اللي اختاره الحزب علشان يأسسوا الجهاز الأمني للحزب.
بعد كدا حصلت مشاكل بين (صدام) والحكومة، وقبضوا عليه وحبسوه، واتعذب في السجن علشان يعترف على بعض الأشياء الخاصة بالحزب، ولكنه فضل صامد، ورفض إنه يعترف بأي كلمة، لحد ما عمل خطة هروب وهرب من السجن سنة 1966م.
سنة 1968م، بعد خروج (صدام حسين) من السجن بسنتين، خطط الحزب إنه ياخد حكم العراق، وشافوا إنهم يكافئوا (صدام)، فكان له دور مهم جدًا، واقتحمت فرقة مسلحة من الحزب القصر الرئاسي بقيادة (صدام حسين)، وقدر يستولى عليه، وخد الحزب حكم العراق، وعينوا (أحمد البكر) رئيس للعراق.
سنة 1969م اتعين (صدام) نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، ومسك المجلس القومي للبلد، وكان عنده 32 سنة وقتها، وبقى الرجل التاني في العراق، وفضل في المنصب 10 سنين.
في الوقت دا قدر يستغل نفوذه إنه يعين كل اللي بيثق فيهم في مناصب حكومية مهمة، وحاكم كل اللي كان له ولاء لأي دوله في الخارج.
(صدام) كان عاوز يعمل استقرار في البلد، فقرر إنه يحكم بالقوة، ويرفع إقتصاد البلد، وبالفعل قدر يظبط إقتصاد العراق، وبنى نظام أمني قوي، وكان ليه عيون في كل مكان في السلطة.
وللأسف النظام الأمني هنا كان بيمارس التعذيب على المساجين بدون رحمة.
ومن هنا سيطر (صدام حسين) على العراق.
من إنجازات (صدام حسين) وقتها إنه عمل مشروع ضخم لتعليم القراءة والكتابة، وفرض عقوبة الحبس لمدة 3 سنين للي مش هيحضر دروس محو الأمية. وكان سبب في تعليم الآلاف من الرجال والنساء القراءة والكتابة.
سنة 1975م اتعين نائب لرئيس الجمهورية.
وسنة 1979م أقنع (صدام حسين) رئيس العراق (أحمد البكر) إنه يقدم استقالته بحجة إن عنده مشاكل صحية، ومسك (صدام حسين) رئاسة الجمهورية.
ولكن الغريب إنه بعد ما مسك الحكم بسنة واحدة، تحديدًا سنة 1980م، أعلن الحرب على إيران.
في الوقت دا الأحوال في العراق كانت مستقرة جدًا، فأمريكا والدول الأوروبية معجبهمش الكلام دا، لأنها بكدا ممكن تبقى دولة قوية.
وعلى الجانب التاني إيران كان ملكها (الشاه محمد رضا بهلوي)، اللي كان حليف لأمريكا، فقامت ثورة ضدة بترفض تحالفه مع أمريكا.
ومن هنا أمريكا استغلت استقرار العراق، وتزعزع إيران، ولعبت في عقول الاتنين، وتسببت في قيام حرب بينهم فيها الطرفين خسرانين.
دول الخليج كانت عدو لإيران، وإيران كانت بتكره المنطقة العربية كلها ودليل أفعالها حاليًا، فدعمت دول الخليج (صدام حسين) بالأموال علشان يضرب إيران.
ومن هنا بدأت الحرب بين العراق وإيران، اللي استمرت 8 سنين، وراح ضحيتها حوالي مليون عراقي ومليون إيراني.
إيران كانت شايفة إنها بترد على هجوم (صدام) عليها، و(صدام) شايف إن إيران هي اللي تعدت على حدود العراق.
وهنا كان دور أمريكا كبير جدًا، كانت واقفة مع الجهتين، تدي إيران سلاح وتقويها على العراق، وتسخن العراق على إيران وتسرب له صور بالأقمار الصناعية للمراكز العسكرية للدولة.
أمريكا في الوقت دا مكنش معروف إنها بتدعم إيران بالسلاح، ولكن في فضيحة "إيران كونترا" اتعرف الدور الخبيث اللي كانت بتلعبه أمريكا لسقوط الدولتين.
سنة 1981م العراق كانت هتعمل مفاعل نووي بمساعدة فرنسا، ولكن إسرائيل ضربت المفاعل.
سنة 1988م انتهت الحرب، بعد سقوط عدد مهول من القتلى، مليون عراقي ومليون إيراني.
الدولتين بعد انتهاء الحرب خرجوا مديونين بمليارات الدولارت.
وهنا كان دور دول الخليج في إنها بدأت تطالب (صدام حسين) بالأموال بتاعتها، ولكن (صدام) كان خارج من الحرب مُعدم، فبدأ يشوف حل ينهي بيه الأزمة دي، فكانت الكويت هي الحل.
راح للكويت وطلب منها قرض يسدد بيه الديون اللي عليه، ولكنهم رفضوا، دا غير إنهم قللوا سعر برميل البترول، وإقتصاد العراق معتمد على البترول، فدي مصيبة تانية.
في الأصل إن الكويت كانت تابعة للعراق، ولكن الاحتلال قسمهم وبقت كل دولة لوحدها، فـ(صدام) شاف إن الكويت من حقه، وأمريكا قالت له إنها مش هتدخل في أي مشاكل بينهم، قال يعني ملهاش دعوة بحاجة، ولكن هي في الأصل عاوزة الدول العربية كلها تسقط، علشان تنهض هي، وسقوط العراق هيخليها تطمن لأنها كانت قلقانة شوية منها في البداية، غير إنها عاوزة تسيطر على بترول العراق.
ومن هنا (صدام) دخل الكويت سنة 1990م، واستمر الاحتلال العراقي 7 شهور، وطبعًا الجيش العراقي ارتكب مجازر في حق الكوايتة، ولكن كان فيه خساير برضه كبيرة في الجيش العراقي.
أمريكا خرجت وبدأت تلعب لعبتها صح، وبدأت تناشد العرب إن (صدام) بيضرب فيكم، واحتل الكويت، وإن أفعاله غير آدمية، وفين العروبة اللي بتتكلموا عنها، لازم تتصدوا لـ(صدام).
اللي حصل إن أمريكا عملت تحالف مع دول عربية علشان يخرجوا (صدام) من الكويت، وحجة أمريكا في الوقت دا إنها عاوزة تنشر الأمن في المنطقة العربية، وإن (صدام) بيخربها.
هنا حصل تخبطات جامدة جدًا، وأمريكا كانت بتحاول تسيطر على العراق وتضيق الخناق عليه، فـ(صدام) يسكت؟!
لا مسكتش، بعد حرب الخليج التانية (صدام) انسحب من الكويت، ولكنه قرر يضرب الطفل المدلل بتاع أمريكا، الطفل اللي كلنا بنكرهه وعارفين إنه مدعوم منهم، الطفل دا "إسرائيل".
(صدام) ضرب إسرائيل بـ39 صاروخ، وطلع وقال بدون أي خوف:
"والله لنخلي النار تاكل نص إسرائيل."
وقال جملته الشهيرة:
"لما نشوف مين من حكام العرب هيضرب الصاروخ رقم 40"
ويمكن (صدام) كان شايل منهم جامد بسبب إنهم ضربوا له المفاعل اللي كان بيعمله.
في الوقت دا أمريكا حاصرت العراق، فبدأت الشعوب العربية تتعاطف مع (صدام)، خصوصًا إنه بكدا مناصر للقضية الفلسطينية، وضرب إسرائيل بدون خوف.
حصار أمريكا كان عبارة عن تمهيد لاحتلالها العراق بأقل الخساير، في إنهم يستهلكوا قوتها كلها، ويحتلوها بكل سهولة، وبكدا يكونوا قدروا يستولوا على ثرواتها، اللي أهمها البترول، والسبب الرئيسي لاحتلال أمريكا العراق.
أمريكا فضلت تحاول تدخل العراق وتحتلها من بعد احتلال (صدام) للكويت، بس مكنش فيه حجة تدخل بيها العراق، وفي سنة 1998م كانت هتدخل العراق بحجة إن (صدام) معاه سلاح نووي، ولكنهم مدخلوش.
سنة 2003م، حصل الغزو الأمريكي على العراق، وقدرت أمريكا تدخل العراق في صمت تام من العرب، ودا بعد شبه سقوط كامل للعراق وجيشها.
في الوقت دا مكنش فيه أي رد فعل من (صدام)، لأسابيع طويلة في بداية الغزو (صدام) كان مختفي.
لحد يوم 6 سبتمبر 2003 تم القبض على (صدام) في حفرة تحت الأرض قريبة من مدينة تكريت. بحسب ادعاء القوات الامريكية وفي منول مهجور بحي المنصور الراقي ببغداد بحسب اخبار المقاومة العراقية وتم قتل أولاده الاتنين (قُصي) و(عُدي) على إيد الاحتلال الأمريكي.
وهنا بدأت محاكمة (صدام) اللي استمرت لمدة 3 سنين، واتوجه له تهم كتير جدًا، وناس كتير شافت إن (صدام) ضيع العراق، وناس شافت إنه بطل قومي والوحيد اللي قدر يقف قدام أمريكا وإسرaئيل.
من ضمن التهم اللي اتوجهت لـ(صدام حسين) الإبادة الجماعية في قضية "الدجيل"، واللي أحداثها مفجعة.
سنة 1982م، (صدام حسين) زار مدينة الدجيل وعمل خطاب بيشكر فيه الجنود المحليين اللي شاركوا في الحرب ضد إيران.
(صدام) وهو خارج من المدينة في وسط طريق زراعي اتضرب عليه هو والحرس بتوعه وابل من الرصاص وكان هيموت، ولكن 2 من الحراس ماتوا وتم قتل كتير من اللي هجموا عليه والقبض على الباقي.
طبعًا تم حبس المتهمين في سجن أبو غريب وما أدراك ما سجن أبو غريب، بل إنه قبض على 393 راجل و394 من النساء والأطفال في المدينة، والشرطة مارست عليهم كل أنواع التعذيب علشان يعترفوا على اللي اشتركوا في الاغتيال، ومات في السجن أثناء التعذيب 40 شخص، وتم الوصول لـ148 متهم اعترفوا إنهم شاركوا في الاغتيال.
وفي النهاية أطلقوا عليها مجزرة الدجيل واتحاكم (صدام) بسببها، رغم إنه هو اللي كان هيتعرض للاغتيال في البداية، ولكن القاضي شاف إن تصرفه كان خاطئ.
ممكن تقرأ تفاصيل أكتر عن مجزرة الدجيل من هنا:
بعد ما اتقبض على (صدام حسين) كان الكل عارف إن أمريكا هتعدمه، مهما طال الوقت هيتحكم عليه بالإعدام، وهاجم (صدام) القاضي اللي حكم عليه وقال إنه بيحكم تحت اسم الاحتلال الأمريكي وليس بالقانون العراقي.
في 30 ديسمبر سنة 2006م، موافق اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك، وأمام جميع المسلمين، تم إعدام (صدام حسين).
ودا لينك أعتقد إنه ملم بتفاصيل أكتر عن حياة (صدام حسين):
في النهاية يا صديقي أمريكا قدرت تلعب على كل الجهات، علشان شافت دولة بتكبر وهيبقى لها كيان عسكري قوي، مش من مصلحتها إن يكون فيه دولة عربية قوية، كلمة عرب بتقلقهم، فكان لازم يحصل تخبط بين الدول العربية كلها على حساب سقوط العراق، علشان أمريكا في النهاية تستولى على الكنز، وهو بترول العراق.
ممكن تكون من مناصرين (صدام حسين) وأفعاله، وممكن تكون من اللي بيهاجموا سياسته وشايف إنه السبب الرئيسي في دخول أمريكا العراق، ولكن اللي هنكون كلنا متفقين عليه هو إن أمريكا أخبث دولة على وجه الأرض، ومن مصلحتها سقوطك مهما كان التمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق