الثلاثاء 6 فبراير 2018 17:00
مما لا شك فيه أننا كعرب ومسلمين نتعرض لحرب ثقافية ضروس تستهدف ضمن أهم ما تستهدف محو هويتنا الثقافية، التي من أهم ركائزها ذلك المزيج الفكري والقيمي المتين والمتجانس الناتج عن انصهار الأعراف العربية الحميدة مع قداسة الإسلام بعد تهذيبه لها لتناسب تلك القداسة، وهو المزيج الذي مكن العرب من أن يقهروا بالإسلام كل قوى الاستكبار في زمانهم، وأن تنصاع الدنيا لصوتهم رغم ما كان فيهم من ضعف وشتات وتشرذم.
ولقد كانت اللغة العربية واحدة من أهم أدوات تلك الثقافة نظرا لكونها أهم أدوات التعبير عن الحضارة بين قوم لا يمتازون عن العالمين إلا ببلاغة لغتهم، خاصة أنها هي من حازت دون لغات الأرض على شرف احتكار التعبير بنص القرآن الحكيم لتعجز فصاحته فصحائهم، وتؤخذ عليهم آية.
الاستعمار واللغة العربية
لهذا كان هدم اللغة العربية واحدا من أهم أهداف الاستعمار بدليل أن المستعمرين جميعا قصدوا أول ما قصدوا في استعمارهم لشعوبنا العربية سحق تلك اللغة التي هى منبع قوتنا وايماننا واستبدالها بلغاتهم القومية ، فراحت فرنسا تفرض الفرنسية في مستعمراتها وكانت المطبعة أهم اسلحتها وكذلك فعل الإيطاليون والإسبان ، وكذلك الإنجليز الذين عينوا قسا اسكتلنديا متطرفا يدعي دوغلاس دانلوب وزيرا للتعليم في مصر ليصدر قانونا سمى باسمه يسعي فيه لسحق اللغة العربية في هذا البلد وجعل الإنجليزية لغة التعليم الوطنية الأولى فيه لولا قيام فدائي باستهداف موكب رئيس وزرائه غالي باشا عام 1910 ما عطل المشروع التغريبي تماما، الذي ساهم في تعطيله أيضا جهل الكثير من المصريين بالقراءة والكتابة أساسا بسبب انصرافهم عن التعليم نظرا لتفشي الفقر.
خطورة اللهجة الدارجة
لقد أدرك أعداء الامة أن الاسلام هو مصدر قوة أمتنا وأن خطورته تكمن في أنه دين مجتمعي يقوي بتحالف قوى المجتمع، وأن فصاحة العربية هي فقط القادرة على التعبير عن مدلولاته المقدسة، وبالتالي كان لابد من هدمها في عقول وقلوب وألسنة ناطقيها.
وكانت اللهجة العامية هى أولى الطعنات وأخطرها التي تلقاها قلب هذه اللغة والتي يعتقد أنها تكونت عربيا كرواسب لتمدد وترامي الأراضي والثقافات التي طالتها الفتوحات الإسلامية، كما أنها تكونت مصريا جراء تعدد لغات المستعمرين الذين تناوبوا استعمار مصر.
ورغم أن استخدام هذه اللهجة بدت مكروهة من الجميع ويجلب استخدامها لصاحبه العار إلا أن يدا غريبة امتدت سرا على ما يبدو للإعلاء من شأن تلك اللهجة وتنصيبها لغة للمجتمع ككل وبدلا من أن تعيش حالة عداء للثقافة والفنون والأدب، صارت هى اللغة المستخدمة فيهما بدعوى البساطة.
الغريب أن تلك اللهجة الدارجة صارت بمفرداتها المبتذلة بعيدة كل البعد عن اللغة العربية كما لو كانت لغة أخرى بديلة لها حتى إنه مع إدامة استخدامها اجتماعيا صارت العربية الفصحى هى اللهجة المستغربة في المجتمع.
تدمير النشء
ولما كان من المفترض أن البلاد تحررت من الاستعمار وهو من كان يفرض لغته علينا قسرا قبل منتصف القرن الفائت، تغير الحال فصرنا نتعلمها وبإسراف أكبر ولكن تحت دعاوى من قبيل أن من تعلم لغة قوم أمن مكرهم وأن مواكبتهم والاستفادة من علومهم واجبة، وما الي ذلك، إلا أنه رغم ذلك ما استفدنا من علومهم ولا أمنا مكرهم ولا حتى تعلمنا لغتهم أو حافظنا على لغتنا.
ولقد لعب الفن والإعلام المصري، وهو إعلام وفن موجه في الغالب، دورا كبيرا في جعل رجال اللغة العربية مثالا للسخرية وإظهارهم في صورة المغفلين التافهين الرجعيين، كما أظهر شخصيات من يتحدثون بلغات غير العربية الأكثر وعيا وعولمة وحداثة من أولئك المتشبثين بالعربية.
ولا يفوتنا الحديث عن أن هناك كتاب تفرغوا تماما لهدم اللغة العربية وقام أحدهم بكتابة كتاب يتهم فيه تلك اللغة بأنها لقيطة.
ولأن الحرب على اللغة العربية هى في الاصل جزء متطور ومتقدم من الحرب على الإسلام، فقد تحول التعليم الأزهري إلى نموذج واضح ومخيف للتسرب من التعليم ومفرزة واسعة لإنتاج المتعلمين الأميين الذين حتى لا يجيدون القراءة والكتابة.
ورغم كل تلك المخاطر إلا أن الأخطر تمثل في تعليم النشء اللغة الإنجليزية حتى قبل أن يتعلموا لغتهم القومية، ونتج عن ذلك الوضع الكارثي أن أصبح الطفل لا يجيد أبسط بديهيات اللغة العربية، بل وكثيرا ما يتم كتابة الكلمات العربية بالحروف اللاتينية على طريقة مستحدثة خبيثة أسمها "الفرانكو أراب"، فضلا عن تداول الألفاظ والمصطلحات الأجنبية في كثير من تعاملات حياة الشباب اليومية وذلك على سبيل الوجاهة" والروشنة" وبالطبع المؤامرة ليست بعيدة.
لغة مقدسة
وليكن معلوما أن اللغة العربية تحمل في معتقد غالبية الشعب الدينية درجة من القداسة بوصفها لغةالقرآن الوحيدة، وهناك عديد من الأحاديث المتداولة والتي لا نعرف مدى صحتها عن الرسول الكريم كقوله "تعلموا العربية وعلموها الناس فإنها لسان الله الناطق" و"أحبوا العرب لثلاث.. لأنني عربي والقران عربي وكلام أهل الجنة عربي" وقوله "حينما خلق الله الخلق اختار العرب ومن العرب اختار بني هاشم ومن بني هاشم اختارني.. فأنا خيار من خيار"
كما روى عن الرسول الكريم أنه سأل ذات مرة الصحابي سلمان الفارسي: أخاف أن تكرهني يا سلمان؟ فأجابه سلمان: كيف أكرهك وأنت رسول الله. فأجابه الرسول الكريم: أن تكره العرب فتكرهني.
لقد بات واضحا الآن أن الحرب على اللغة العربية هي في الأصل جزء متقدم من الحرب على الإسلام.
مما لا شك فيه أننا كعرب ومسلمين نتعرض لحرب ثقافية ضروس تستهدف ضمن أهم ما تستهدف محو هويتنا الثقافية، التي من أهم ركائزها ذلك المزيج الفكري والقيمي المتين والمتجانس الناتج عن انصهار الأعراف العربية الحميدة مع قداسة الإسلام بعد تهذيبه لها لتناسب تلك القداسة، وهو المزيج الذي مكن العرب من أن يقهروا بالإسلام كل قوى الاستكبار في زمانهم، وأن تنصاع الدنيا لصوتهم رغم ما كان فيهم من ضعف وشتات وتشرذم.
ولقد كانت اللغة العربية واحدة من أهم أدوات تلك الثقافة نظرا لكونها أهم أدوات التعبير عن الحضارة بين قوم لا يمتازون عن العالمين إلا ببلاغة لغتهم، خاصة أنها هي من حازت دون لغات الأرض على شرف احتكار التعبير بنص القرآن الحكيم لتعجز فصاحته فصحائهم، وتؤخذ عليهم آية.
الاستعمار واللغة العربية
لهذا كان هدم اللغة العربية واحدا من أهم أهداف الاستعمار بدليل أن المستعمرين جميعا قصدوا أول ما قصدوا في استعمارهم لشعوبنا العربية سحق تلك اللغة التي هى منبع قوتنا وايماننا واستبدالها بلغاتهم القومية ، فراحت فرنسا تفرض الفرنسية في مستعمراتها وكانت المطبعة أهم اسلحتها وكذلك فعل الإيطاليون والإسبان ، وكذلك الإنجليز الذين عينوا قسا اسكتلنديا متطرفا يدعي دوغلاس دانلوب وزيرا للتعليم في مصر ليصدر قانونا سمى باسمه يسعي فيه لسحق اللغة العربية في هذا البلد وجعل الإنجليزية لغة التعليم الوطنية الأولى فيه لولا قيام فدائي باستهداف موكب رئيس وزرائه غالي باشا عام 1910 ما عطل المشروع التغريبي تماما، الذي ساهم في تعطيله أيضا جهل الكثير من المصريين بالقراءة والكتابة أساسا بسبب انصرافهم عن التعليم نظرا لتفشي الفقر.
خطورة اللهجة الدارجة
لقد أدرك أعداء الامة أن الاسلام هو مصدر قوة أمتنا وأن خطورته تكمن في أنه دين مجتمعي يقوي بتحالف قوى المجتمع، وأن فصاحة العربية هي فقط القادرة على التعبير عن مدلولاته المقدسة، وبالتالي كان لابد من هدمها في عقول وقلوب وألسنة ناطقيها.
وكانت اللهجة العامية هى أولى الطعنات وأخطرها التي تلقاها قلب هذه اللغة والتي يعتقد أنها تكونت عربيا كرواسب لتمدد وترامي الأراضي والثقافات التي طالتها الفتوحات الإسلامية، كما أنها تكونت مصريا جراء تعدد لغات المستعمرين الذين تناوبوا استعمار مصر.
ورغم أن استخدام هذه اللهجة بدت مكروهة من الجميع ويجلب استخدامها لصاحبه العار إلا أن يدا غريبة امتدت سرا على ما يبدو للإعلاء من شأن تلك اللهجة وتنصيبها لغة للمجتمع ككل وبدلا من أن تعيش حالة عداء للثقافة والفنون والأدب، صارت هى اللغة المستخدمة فيهما بدعوى البساطة.
الغريب أن تلك اللهجة الدارجة صارت بمفرداتها المبتذلة بعيدة كل البعد عن اللغة العربية كما لو كانت لغة أخرى بديلة لها حتى إنه مع إدامة استخدامها اجتماعيا صارت العربية الفصحى هى اللهجة المستغربة في المجتمع.
تدمير النشء
ولما كان من المفترض أن البلاد تحررت من الاستعمار وهو من كان يفرض لغته علينا قسرا قبل منتصف القرن الفائت، تغير الحال فصرنا نتعلمها وبإسراف أكبر ولكن تحت دعاوى من قبيل أن من تعلم لغة قوم أمن مكرهم وأن مواكبتهم والاستفادة من علومهم واجبة، وما الي ذلك، إلا أنه رغم ذلك ما استفدنا من علومهم ولا أمنا مكرهم ولا حتى تعلمنا لغتهم أو حافظنا على لغتنا.
ولقد لعب الفن والإعلام المصري، وهو إعلام وفن موجه في الغالب، دورا كبيرا في جعل رجال اللغة العربية مثالا للسخرية وإظهارهم في صورة المغفلين التافهين الرجعيين، كما أظهر شخصيات من يتحدثون بلغات غير العربية الأكثر وعيا وعولمة وحداثة من أولئك المتشبثين بالعربية.
ولا يفوتنا الحديث عن أن هناك كتاب تفرغوا تماما لهدم اللغة العربية وقام أحدهم بكتابة كتاب يتهم فيه تلك اللغة بأنها لقيطة.
ولأن الحرب على اللغة العربية هى في الاصل جزء متطور ومتقدم من الحرب على الإسلام، فقد تحول التعليم الأزهري إلى نموذج واضح ومخيف للتسرب من التعليم ومفرزة واسعة لإنتاج المتعلمين الأميين الذين حتى لا يجيدون القراءة والكتابة.
ورغم كل تلك المخاطر إلا أن الأخطر تمثل في تعليم النشء اللغة الإنجليزية حتى قبل أن يتعلموا لغتهم القومية، ونتج عن ذلك الوضع الكارثي أن أصبح الطفل لا يجيد أبسط بديهيات اللغة العربية، بل وكثيرا ما يتم كتابة الكلمات العربية بالحروف اللاتينية على طريقة مستحدثة خبيثة أسمها "الفرانكو أراب"، فضلا عن تداول الألفاظ والمصطلحات الأجنبية في كثير من تعاملات حياة الشباب اليومية وذلك على سبيل الوجاهة" والروشنة" وبالطبع المؤامرة ليست بعيدة.
لغة مقدسة
وليكن معلوما أن اللغة العربية تحمل في معتقد غالبية الشعب الدينية درجة من القداسة بوصفها لغةالقرآن الوحيدة، وهناك عديد من الأحاديث المتداولة والتي لا نعرف مدى صحتها عن الرسول الكريم كقوله "تعلموا العربية وعلموها الناس فإنها لسان الله الناطق" و"أحبوا العرب لثلاث.. لأنني عربي والقران عربي وكلام أهل الجنة عربي" وقوله "حينما خلق الله الخلق اختار العرب ومن العرب اختار بني هاشم ومن بني هاشم اختارني.. فأنا خيار من خيار"
كما روى عن الرسول الكريم أنه سأل ذات مرة الصحابي سلمان الفارسي: أخاف أن تكرهني يا سلمان؟ فأجابه سلمان: كيف أكرهك وأنت رسول الله. فأجابه الرسول الكريم: أن تكره العرب فتكرهني.
لقد بات واضحا الآن أن الحرب على اللغة العربية هي في الأصل جزء متقدم من الحرب على الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق