30 أغسطس 2014

إقرار الذمة المالية للرئيس التركى أردغان


هكذا تدار الدول الديمقراطية, وهكذا يكون رؤساء الدول الذين يأتون بصندوق الانتخاب وليس الانقلاب العسكرى
ففى الدول الديكتاتورية التى يأتى رئيسها من صفوف العسكر الانقلابيين مثل "مصر" لا يمكن ولا يسمح لك بأن تعرف الذمة المالية للحاكم, فهو يريد أن يسرق ولا تتم مسألته, أما فى "تركيا" فقد نشرت الجريدة الرسمية إقرار الذمة المالية الخاص بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي أعلنت عنه الهيئة العليا للانتخابات التركية يبين فيه الأموال المنقولة وغير المنقولة التي يملكونها، بما في ذلك الأسهم والسندات والحصص في الشركات والحسابات في البنوك، والنقود والحلي والمعادن والأحجار الثمينة، سواء كان ذلك داخل البلد أو خارجها، فضلا عن ما لهم وعليهم من ديون، ومصادر دخلهم وقيمة هذا الدخل.
وطبقا للبيان المنشور فإن ممتلكات أردوغان هي:
(الأموال غير المنقولة)
قطعة أرض بمساحة 2000 متر مربع تبلغ قيمتها النقدية 10 آلاف ليرة تركية، بمدينة “كوني صويو” بمحافظة ريزة
(الأموال المنقولة)
- سيارة (Audi A8-2011 model) تبلغ قيمتها النقدية 234 ألف ليرة تركية، مسجلة باسم زوجته السيدة أمينة أردوغان
(الودائع والحسابات بالبنوك)
- مبلغ 4 ملايين و159 ألفا 687 ليرة و80 قرشًا ببنك البركة التركي (الفرع الرئيسي)
- مبلغ 96 ألف ليرة بحساب بنك البركة التركي فرع العاصمة
-مبلغ 144 ألفا 234 ليرة 33 قرشًا بنك البركة التركي فرع أرناؤط كوي
-مبلغ 135 ألف ليرة بنك الزراعة التركي (زراعت بانكا سي) فرع المجلس
-مبلغ 930 ليرة بنك “إيش بنكا سي” فرع المجلس
-مبلغ ألفان و825 ليرة بنك الشعب التركي فرع المجلس
- مبلغ 380 ليرة بنك وقف لر (الأوقاف) التركي فرع رئاسة الوزراء
- مبلغ 200 ألف دولار أمريكي بنك البركة التركي الفرع الرئيسي
(الديون)
- دائن بمبلغ 500 ألف ليرة تركية لابنه أحمد بوراق أردوغان

محمد رفعت الدومي يكتب: المبارزة .. مبادرة للخروج من الأزمة!

أيام حاشدة بأوجاع المصريين ، وما أتوقعه ويغرد لي به البوم صباح مساء عن بشاعة وجه مصر القادم يجعل أوجاع الحاضر تنسحب إلي ركنها كمجرد بطر لا يستحق الإفصاح عنه أو الشكوي ..
أكره الغربان ، لكن الكاتب لابد ألا يكون دبلوماسياً ، فإذا كانت إحدي مهام الدبلوماسية هي أن تضفي علي الواقعية مهما كانت بشاعتها ظلال الأخلاقية ، فإن جوهر مهمة الكاتب بالأساس هي أن يضئ الواقع كما هو من جميع جوانبه دون اللجوء إلي سجع الكهان أوالبديع أوالمجاز ..
هذا الموقف الرخيص عندما لا تري العيون أو تحتشد الآذان حتي عند سماع خبر موت طفل بالرصاص الحيِّ وهو يدافع عن حريته موقف لا يليق بمصر ، لكنه يليق جداً بالمصريين ..
مصر أم الدنيا ، حقيقة لا تقبل القسمة علي اثنين ، وهتبقي أدّ "العباسية" ، حقيقة معلقة وقابلة للتفتيت إلي شكوك في الوقت نفسه!
فما عاد أحد في مصر الآن يتحسس ولو بضآلة ما يحدث من علامات سيولة في ذاكرة المصريين الكلية تعكس في الذاكرة علي الفور تفاقم أعداد الذين يفكرون في الطرقات بصوت مرتفع في السنوات الأخيرة من حكم طهماز الزمان وكل زمان "مبارك" ، علي الرغم من أن التفكير بصوت مرتفع في الطرقات أول نذر الجنون ..
المصريون جماهير بعرض التاريخ وعلي طول الاستكانة المَرَضيِّة ، حقيقة يلمسها منذ السطور الأولي كل من قرأ تاريخهم ،
و المصريون أيضاً شعب ساخرٌ بطبعه ، أوتار مشدودة علي الدوام استعداداً للتضحية حتي باللياقة في سبيل الضحك ، وحتي بالحقيقة في سبيل الثرثرة ..
وبما أن أيسر الطرق لملء المسافة بين عقل وفكرة هي مخاطبة المستهدفين بما يحبون ، سأحكي "نكتة" :
مواطن مصري سكِّير ، اعتاد العودة إلي منزله وهو يترنح سكراً عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، واعتاد في الطريق إلي منزله أن يترك قدميه تسبحان في بحر الرصيف من ضفة إلي الضفة الأخري بحرية ، لا يتوقف أو يستدير حتي يرتطم بحائط الرصيف ، تأخر ذات يوم حتي الساعة الرابعة صباحاً ، سألته زوجته الثائرة في غضب :
- بترجع كل ليلة الساعة اتنين بعد نص الليل ، اتأخرت ساعتين ليه ؟
فأجابها بلهحة السكاري ، وبكل بساطة :
- أصل البلدية وسَّعت الرصيف !!
وهكذا الحال في مصر الآن ، فالنظام يدفع الفجوة إلي الاتساع عن عمد ، وبعصبية ، وهذا سوف يقتضي بالضرورة الوصول المتأخر، الوصول المتأخر إلي ماذا ؟ ، إلي نسخة أشد عهراً من نسخة عهد "مبارك" بالتأكيد الزائد عن الحد ، متي يحدث هذا ؟ ، بالتأكيد، سوف يحدث هذا بعد أن تتمرغ في الوحل مفردة "ثورة" في ذاكرة الغالبية العظمي من المصريين ..
وإذا كنت تظن أن النظام يكترث لاتساع هذه الفجوة ، أو تظن أن النظام يريد فعلاً التخلص من الإخوان المسلمين ، فأنت ، أعزك الله ، حمار !
فإذا حدث هذا ، ما هي إذاً ، يا أعزك الله ، ذريعته لاستمرار قانون سئ السمعة وضروري لكل ديكتاتور في الوقت نفسه كقانون الطوارئ ، علي الأقل في هذه المرحلة المهمة لتكريس مفهوم الثورة كمفهوم سئ السمعة و إعادة بناء أسوار الخوف من جديد ؟!
لا شك أن الأفق السياسيُّ مسدود ، هذا واضح أكثر مما ينبغي ، ولابد أن يتكاتف كل المصريين الشرفاء لإحداث "خرم" في هذا الأفق السياسي ، وكي لا يقول قائلٌ : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ، سأبدأ بنفسي ، وأعلن مبادرتي للحل!
لقد فكرت أولاً في "لحس البشعة" كمبادرة للخروج من الأزمة ، ثم تراجعت ، لا لشئ سوي أن هذه الطريقة تنطوي علي بعد غير أخلاقي لا يتماشي مع أمة ذات حضارة عريقة كأمتنا ، أيضاً ، ليقيني ، بأن السيد " عبد الفتاح السيسي " ، كما يليق بجنرال كلاسيكي خرج علينا فجأة من أطلال الستينيات ، لن يقبل طبعاً بـ " لحس البشعة " !
ثم استقر عقلي أخيراً علي "المبارزة" كوسيلة سريعة للخروج من الأزمة الراهنة ..
صحيح أنه أسلوب قديم لحل مشكلة بين طرفين ، لكن ، صحيح أيضاً أنه أسلوب اعتمده الإنسان فيما سبق لحسم الكثير من النزاعات الشائكة ، الأوربيون علي وجه الخصوص في العصور الوسطي وحتي وقت غير بعيد ، بدايات القرن الماضي تحديداً ، جين كان المصريون يقولون : من حال المبتدا ، وبديع جداً ، ومركون زي ازازة الخل ، وكان "سعد زغلول" يذهب إلي مكتب المحاماة الخاص به علي ظهر حصان ،،
وأشهر مبارزات أوروبا حدثت في القرن ال "16" ، وكانت بين اللورد "جرناك" واللورد "شاسا دينوريه" ، وكان الأخير مبارزاً مشهوراً وصديقاً مفضلاً لدى الملك ، واستطاع "جرناك" أثناء المبارزة أن يجرح خصمه "شاسا دينوريه" الذي نزف حتى مات ، فحزن الملك كثيراً على فقدانه ومنع جميع المبارزات التي كانت تقام لإظهار الحق ، ومنذ ذلك الوقت أصبحت "المبارزات" تقام بطريقة سرية ،،
العرب أيضاً عرفوا المبارزة كأسلوب لحسم النزاعات ، والأمثلة كثيرة ، لعل أشهرها وأكثرها طرافة هو ما حدث في موقعة "صفين" بين "الإمام علي" و "معاوية بن أبي سفيان" ، تأمل "الإمام علي" و "معاوية بن أبي سفيان" ، وأقسم بالعطر أن مسار القلم من تلقائه هو الذي حدد قيمة الرجلين عندي ..
لقد طلب "علي بن أبي طالب" من "معاوية" أن يبرز له ، فهما جوهر المعركة ، فلماذا يتقاتل الناس من أجلهما ويقتلون ، ولماذا لا يحسمون النزاع بإقصاء أحدهما للآخر قتلاً ، وهي مبارزة نتيجتها كانت معروفة ، فلم يحدث أبداً وحتي نهايته غير اللائقة أن خسر "عليٌّ" مبارزة ، لذلك ، سكت "معاوية" ولم يرد ، فقال له "عمرو بن العاص" ، ربما ليتخلص منه ويرث الأمر من بعده :
- لقد أنصفك الرجل ، اخرج اليه !!
فأجابه معاوية بلهجة من أدرك ما وراء الكواليس :
- طمعتَ فيها بعدي !!
لكن المبارزة مصرية الجذور ، وفي وقت مبكر كنت أسخر من الذين يردون كل شئ إلي جذور فرعونية ، لكنها الحقيقة ، ولمصريتها صدي تركه الفراعنة علي جدران معبد بمدينة "حور" قرب الأقصر ، وهو من عصر الملك "رعمسيس الثالث" ، يظهر فيها المبارزان ممسكين بأسلحة مغطاة عند طرفها ، يرتديان أقنعة لحماية الوجه تشبه إلى حد كبير الأقنعة الحديثة ، كما ظهر بالنقوش المشاهدون والحكام الذين أمكن التعرف عليهم عن طريق ملابسهم وعصا طويلة في نهايتها ريشة الطاووس تعرف بالعصا ذات الريشة لا يمسكها إلا القضاة والحكام ..
كما أن لعبة التحطيب الحية حتي الآن ، بل الرائجة ، ما هي إلا ذكري لهذه المرحلة ،،
ومن الجدير بالذكر أن اسم هذه اللعبة في الصعيد "سوَّا" ، وحتي وقت قريب كان هذا الاسم بالنسبة لي لغزاً غامضاً ، فهي كلمة لا تقبل التماهي مع أي مفردة في اللهجة الجنوبية سوي كلمة "سوَّة" وهي "الخاصرة" في لهجتنا ، وهذا بالطبع لا ينبه نظرية ، فما علاقة الخاصرة بالتحطيب ، ثم عثرت مؤخراً علي جذور هذه المفردة ، إنها بالفعل مفردة هيروغليفية قاومت الذوبان عبر العصور ، تعني " نبات الحلفا البرِّي" ، هذا أيضاً لا ينبه نظرية ما لم نعرف أن "نبات الحلفا البرِّي" كان شعار الجنوب في حربه الظافرة علي شمال مصر الذي كان شعاره "النحلة" ، وأرجو ألا يدفع أحداً كون "مصطفي بكري" من الجنوب للتشكيك في هذه الحقيقة المؤكدة ، مع ذلك ، مخطئ من ينتظر شيئاً يخص الثورة يأتي من الصعيد ، فلقد نجحوا بأساليب رخيصة أن يفتتوه قبوراً طارئة !!
ومما يلفت الانتباه أن تكون "النحلة" شعار الشمال ، كأن أهل الشمال "نايتي" وأصحاب مناحل ومهن سهلة منذ عصور سحيقة ..
وكما أن السرطان هو المرض الخبيث بالنسبة للإنسان ، و"الشبشب" هو المرض الخبيث بالنسبة للصراصير ، فالمبارزة هي المرض الخبيث بالنسبة لشعراء روسيا !!
"ألكسندر بوشكين" ، أمير شعراء روسيا ، بالإضافة إلي أنه كاتب روائي و مسرحي مطبوع ، قتل في عمر مبكر من جرَّاء مبارزة مع أحد أصدقاء زوجته "ناتاليا جونشاروفا" ، وهو البارون "داتين" ، أحد اشراف الفرنسيين ، بدافع الغيرة علي الشرف طبعاً ، والشك في سلوك زوجته ، وهذا الشك ترهل في روحه بعد أن اقترن البارون بأخت "ناتاليا" ليسهل عليه الاتصال بها ، وانتهى الامر بأن طلب "بوشكين" المبارزة ، وفي الساعة التي اتفقا فيها على المبارزة أطلق النار عليه مرتين فأصيب بإصابات خطيرة لقي علي إثرها مصرعه ،،
ورثاه الشاعر "لرمنتوف" بقصيدة أدمت قلب روسيا كلها ، قال فيها :
مَاتَ الشَّاعر / سَقَطَ شهيداً / أسيراً للشرفِ / الرصاصُ في صدرِه يَصرُخُ للانتقام / والرأسُ الشامِخُ انحنى في النهاية / مَات / فَاضَت رُوحُه بالألَمِ من الافتِراءات الحًقيرة / حَتَّى الانفِجَار / وَقَفَ وحيداً في المواجهة وها قد قُتل / قُتِل / فَكُلُّ نُوَاحٍ الآن عَقيم /وَفَارِغةٌ تَراتِيلُ الإطرَاء / وَهَمهَمَات الأسَى الكَسِيح / ونحنُ نُحملقُ في إرادةِ الموت ..
قد يظن البعض أن السبب في إقدام "بوشكين" علي ارتكاب مثل هذه الحماقة يعود إلي جذوره الأثيوبية ، فوالدته "ناديشد أوسيبافنا" كانت حفيدة "إبراهيم هانيبال" ، وهو أثيوبيٌّ ، وأحد الضباط المقربين لدى القيصر بطرس الأول ، وهنا تحديداً مصدر إلهام "بوشكين" في ديوانه الشهير "زنجيُّ بطرس الأكبر" ، لكن هذا الظن غير صحيح ، فالغرور الزائد عن الحد ، ذلك الغرور الذي يدفع الإنسان إلي عدم مراقبة العواقب قبل الإقدام علي أي أمر ، عرف دارج في طباع الروس ، وهو غرور غير مبرر علي كل حال ،،
فالروس ليسوا المقاتلين الشجعان بطبعهم ، ولكن اتساع مساحة بلادهم وصعوبة السيطرة علي هذه المساحة الهائلة أضفي علي سكانها نوعاً من المنعة ، وألهب انطباعات الآخرين باتهامهم بالشجاعة ، "ونستون تشرشل" اتهم "نابليون" كما اتهم "هتلر" بالجنون لمجرد التفكير في غزو روسيا ، الكاتب الأمريكي "آرثر ميلر" ، وزوج "مارلين مونرو" أيضاً قال مثل هذا عند زيارته الأولي لروسيا ، وهذا حقيقي ، فبالرغم من أن "نابليون" توغل في روسيا حتي استطاع أن يربط خيوله في "الكرملين" إلا أنه خسر في النهاية المعركة وفقد ثلثي جيشه جراء تفشي الطاعون ، وهذا كان أيضاً مصير "هتلر" ..
هذا الغرور تلمسه بكل بساطة في أدبهم ، قال ديستويفسكي يوماً :
"الروس ، أولئك الذين سيكون علي يديهم خلاص العالم" !!



ولعله لم يتفقد ذاكرته جيداً قبل أن يقول هذا الكلام ، أو لعله تناسي أن هؤلاء الذين سيكون علي يديهم خلاص العالم كانوا يظنون حين قرروا الحرب علي اليابان أنهم ذاهبون في نزهة ، وكان الجنديُّ في الجيش الروسيِّ يودع أهله قائلاً :
- لست ذاهباً للقتال ، إنما للنزهة ، سألقن الأقزام السود درساً ثم أعود محملاً بحكايات المدفأة عن هذه النزهة ، حتماً سأعود !!
وكان الجنود يغنون علي طول الطريق ويرقصون ويتزلجون علي الجليد كأنهم بالفعل في نزهة ، وأخيراً بدأ القتال ، وبعد ساعات قليلة من بداية المعركة ، أصبح ثلث الذين سيكون علي يديهم خلاص العالم في عداد القتلي أو الأسري أو المفقودين !!
"ليرمنتوف" أيضاً ، شاعر روسيا الكبير الذي رثي "بوشكين" ، شبهوه يوماً بالشاعر الإنجليزي "بيرون" فقال :
"لا ، أنا لستُ بيرون ، أنا مختار آخر مغمور ، مثله ، غريب يلاحقه العالم ، و لكن يكفيني أن لي قلباً روسياً "
من المؤسف أن بعض الحاقدين علي هذا الشاعر الذي يحمل بين جوانحه قلباً روسياً قد استطاعوا أن يدفعوه إلى المشاركة في مبارزة مع ابن السفير الفرنسي "بارانت" ، أبدي خلالها شجاعة نادرة ، لكن القيصر "نيقولاي الأول" رفض تكريمه على الرغم من الشجاعة الفائقة التي أبداها في ساحة القتال ، ليس هذا فقط بل نفاه ، وبعد عودته من الإجازة توقف "ليرمنتوف" في "بياتيجورسك" للعلاج ، وفي هذه المنطقة تشاجر الشاعر مع زميله في الدراسة "مارتينوف" وقتل في مبارزة معه !!
يبدو أننا ابتعدنا عن المبادرة مسافة تقطعها الطائرة في ساعات كثيرة ، مع هذا ، فهذا الارتفاع ضروري لنري المشهد من أعلي ، فلنعد ،،
ا شك أن المعركة في مصر بالأساس هي معركة بين طرفين لا ثالث لهما ، "د.مرسي" والجنرال" السيسي" ، فلماذا يتقاتل المصريون من أجلهما وهما جوهر النزاع ، ولماذا لا نترك الرجلين يحسمان المعركة بإقصاء أحدهما للآخر قتلاً ؟
كل ما نحتاجه لحسم المعركة لصالح أحدهما هو حلبة للمبارزة ، وقضاة أجانب ، وجماهير ، وسيفان ، فاستخدام المسدس كأداة للمبارزة غير منصف بالنسبة للدكتور"مرسي" تماماً كاستخدام "الفلزات" كأداة للمبارزة بالنسبة لـ "عزيز مصر" بلهجة هذا الزمان ، وكما قال "أبو تمام" :
السيفُ أصدقُ إنباءً منَ الكُتُب ِ / في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللَعِب ِ !!
ولعل الحظ يحالفنا ، ولعلهما ، كما كانوا يقولون قديماً ، يختلفان في ضربة ٍ يلقي علي إثرها كلاهما مصرعه ، وتكتشف الحرية مصر مجدداً ، ليت ..
وأنهي كلامي هذا ، أو مبادرتي هذه ، بالرجاء من أجل التفهم السليم من الجميع ، وأخذها بعين الاعتبار .. 
لكن أخشي ما أخشاه هو أن تكون ثغرات المشهد السياسي قد اتسعت بالقدر الذي لا تستطيع مبادرتي هذه حشوها ، استر يا رب ..

حكاية السلفي العابر للقوميات في الأسواق الدينية المعاصرة

لم تجتذب السلفية الكثير من الانتباه إليها قبل تاريخ 11/9، باستثناء الانتباه الذي كان قد توجه نحو الفترة التقليدية الكلاسيكية، أو الانتباه الذي كان قد توجه نحو الفترة الحديثة المبكرة.
وفي المحيط الأكاديمي كانت « الأصولية» هي موضوع البحث والاهتمام منذ اغتيال السادات في العام 1981، ولكن قلة قليلة جدا من العلماء هم الذين درسوا السلفية، بله أن يكونوا قد درسوها بوصفها ظاهرة عالمية وذلك باستثناء بعض الباحثين الفرنسيين أمثال أوليفيه روا وجيل كيبل. والاخرون الذين كانوا قد درسوا الإسلام الحديث على نطاق عالمي، كانوا قد حللوا الإسلام الحديث بوصفه جزءا من الأصولية الجديدة، وجمعوه مع حركات أخرى من مثل حزب التحرير. وحين انتشرت السلفية في أوروبا في التسعينات، اجتذبت بعض الانتباه الأكاديمي، ولكن البحث في السلفية كان محليا جدا أو عاما جدا في أفقه، وبقيت علاقات السلفية مع الحركة العالمية غير واضحة. وقد تغير هذا الأمر بعد هجمات نيويورك 2001، فلقد قيل الكثير وكتب الكثير عن السلفية والوهابية، ولكن الكثير من هذا الذي قيل وكتب كان من خلال موشور « الدراسات الأمنية» أو من خلال الكتب التي تلعب على الرأي العام والتي ساوت بين الوهابية والعنف.
ولذلك يقصد هذا الكتاب الذي ترجم حديثا للعربية (السلفية العالمية: الشبكة العربية للأبحاث والنشر ،2014) الى الاسهام في المناقشة الدائرة حول السلفية الجديدة، عبر معالجة بعض المسائل البارزة التي انبثقت بشأن هذه الظاهرة المعقدة، وذلك من خلال الاستعانة بجمع كبير من الاختصاصيين في ميدان العلوم الإنسانية، ومن جملتهم علماء العلوم السياسية، والمؤرخون، والمتخصصون بالإسلام والأنثروبولوجيا، وكذلك الباحثون المشتغلون في الدراسات الأمنية.
وهنا لا بد من لفت النظر الى نقطة مهمة قبل الخوض في التعريف بمضمون الكتاب، أن هذا النص الغني الذي قلما نعثر على مثيل له في الحقل البحثي العربي على صعيد معالجة عوالم الجماعات السلفية، قد قام على أساس مؤتمر دام لثلاثة أيام عن (السلفية بوصفها عابرة للقوميات) في مدينة ناميغن الهولندية، وذلك بالتعاون بين المعهد الدولي لدراسات الإسلام في العصر الحديث في جامعة ليدن الهولندية والتي تعد من أعرق الجامعات الأوربية، مع وزارة الخارجية الهولندية ومؤسسة البحث الدفاعية النرويجية.

السلفية والتمكين
يسعى الباحث الهولندي رول ميير في بداية الكتاب، الى البحث في أهم السمات التي تتميز بها الجماعات السلفية، والتي تلعب دورا فاعلا في قدرتها على الحشد والتمكين خلال العقدين الماضيين. حيث يرد الباحث هذه الأمور لعدة سمات أساسية منها على سبيل المثال:
– أنها ليست ثورية على نحو صريح، أي أنها لا تتحدى الحالة الراهنة تحديا مباشرا بالزعم بقلب الوضع عن طريق أيديولوجية أجنبية، مثل الماركسية. بل هي تزعم بالأحرى أنها تبني نظاما أخلاقيا أعلى لتطهير البنى الموجودة على مستوى الفرد، الأسرة أو المجتمع.
- أن تمكينها يستمد من زعمها بالتفوق الفكري في المعرفة الدينية، وقلة هم المنافسون الشاملون في معرفة مصادر الإسلام مثل السلفية، ثم أن الالتحاق بـ « الفرقة الناجية» لا يعني فقط الحصول على موقف التفوق الأخلاقي على الاخرين، ولكن يعني أيضا اكتساب معرفة أعلى بالإسلام، وهي المعرفة التي يجب على كل مسلم أن يمتلكها. وزيادة على ما تقدم، فالوصول المباشر الى النص يجعل المرء قادرا على ان يتحدى المؤسسة الدينية، وهي المؤسسة التي تستند على الأغلب الى الفقه من المذاهب الفقهية الأربعة بالإضافة الى الاستناد الى « الإسلام الشعبوي «، وكلاهما مرتبط مع هيكل السلطة المهيمنة أو مع الثقافة السائدة.
- أنها فاعلة نشيطة في الوقت الذي تكون فيه مستكينة، وهي تخول تابعها رجلا كان أو امرأة عن طريق حثهما على المشاركة بفاعلية في الرسالة السلفية وفي نشر الدعوة. ولذلك فهي تمتلك وظيفة اجتماعية فورية ليست من باب اظهار تفوق المرء فقط، ولكن من اظهار ممارستها أيضا في المجال العام والخاص باستخدام الولاء والبراء والحسبة، أو بتعبير أدق مما سبق عن طريق المشاركة في الجهاد.
– مثل، كل الحركات الدينية، وعلى النقيض من الأيديولوجيات السياسية، فهي تملك ميزة هائلة من الغموض والمرونة. ومع أنها تدعي أنها واضحة وصلبة في عقيدتها وفي كفاحها من أجل النقاء، فهي في الممارسة مطواع قابلة للتشكيل، ويسمح غموضها للموالين لها أن يكونوا من الناحية السياسية مساندين للأنظمة وأن يقوموا أيضا برفضها.

سلفيون جهاديون أو ثوريون؟
بعد ذلك يسعى الباحث النرويجي في مؤسسة الدفاع النرويجية توماس هيغهامر، الذي يعد حاليا من أهم المتخصصين في تتبع حكاية الجهاديين في العالم الإسلامي، (وهو ما بدى بشكل واضح من خلال رسالته للدكتوراة التي ترجمت قبل سنوات للعربية تحت عنوان « الجهاد في السعودية») إلى رسم تصور نظري جديد لدراسة الجماعات الإسلامية والجهادية في المنطقة، وذلك من خلال تقديم إطار أكثر تفصيلا لتصور السلوك السياسي للفاعلين الإسلاميين ،حيث يرى أن هناك خمسة أسباب أساسية رئيسية للعمل هي التي تسند معظم أشكال الحركية الفعالة الإسلامية، تنقسم كالتالي:
- الإسلامية «الموجهة الى الدولة» التي تتميز برغبة في تغيير النظام الاجتماعي والسياسي للدولة.
- والإسلامية» الموجهة الى القومية» التي تتمحور رغبتها في تأسيس سيادة على أرض معينة ينظر إليها بأنها محتلة أو تحت هيمنة غير المسلمين.
- والإسلامية « الموجهة الى الأمة» وهي المميزة برغبة في حماية الأمة الإسلامية من التهديدات الخارجية (غير الإسلامية).
– والإسلامية « الموجهة أخلاقيا» التي تتسم برغبتها في تغيير السلوك الاجتماعي للمسلمين في اتجاه أكثر محافظة.
- والإسلامية « الطائفية» هي المحددة برغبة في تخفيض تأثير وسلطة الطائفة المنافسة (شيعي أو سني).
ويشير هيغهامر بعد هذه التقسيمات، أنه من المهم أيضاً أن نبرز أن التمييز بين هذه الأنواع المثالية تمييز تدريجي، وأن كوكبة الأسباب الأساسية التي تدعم سلوك الفاعل هي كوكبة دينامية. وأيديولوجية جماعة إسلامية مقاتلة أو إيديولوجية جماعة إسلامية مقاتلة أو إيديولوجية فرد قد تتغير مع الزمن لتصير أكثر أو أقل إسلامية جامعة. فقد تغير جماعة سببها الأساسي المهيمن وتنتقل، على سبيل المثال، من اجتماعية ثورية بالدرجة الأولى إلى حركة فاعلة جهادية عالمية بالدرجة الأولى، كما كانت الحال مع الجهاد الإسلامي المصرية في التسعينات من 1990، وبكلمات أخرى، الفاعلون سيّالون، ولكن الأصناف نفسها متمايزة.
وأما عن أهمية هذه التصنيفات، فان الكاتب يردها الى كونها توفر توافقا أكبر مع الأنماط الرئيسية للسلوك المبين من الجماعات الإسلامية المحاربة أكثر قرباً مما تعمله التعابير المستندة إلى الثيولوجيا. فمجموعة بخطاب جهادي عالمي واضح وبسجل ماضٍ من السلوك يحتمل أن توجه عنفها المستقبلي إلى هدف غربي أكثر بكثير من احتمال توجيه عنفها إلى هدف حكومي. وبشكل مشابه، من المستبعد أن تلجأ جماعة استرداديه إلى العمليات الدولية، والجماعات المنشغلة في مراقبة الأخلاقية ستلجأ بشكل نادر إلى العنف الطائفي. ولكن هذا، على نحو قابل للجدل، الاستثناء وليس القاعدة.
كما أن هناك منفعة ثالثة مع التصنيفات المتجذرة في سلوك سياسي في مقابل الثيولوجيا، هي أن التصنيفات تسهل دراسة القتالية الإسلامية في منظور مقارن. فإبراز القلب السياسي للحركية الفاعلة للجماعات الإسلامية، يصير من الأسهل بكثير تحديد التشابهات مع الأشكال الأخرى غير الإسلامية من العنف السياسي. وخاصة أن القول بامتلاك الفاعلين الإسلاميين لتفضيلات سياسية متميزة ليس كما يقال إن أسباب العنف الإسلامي هي بشكل حصري سياسية أو اجتماعية اقتصادية. وبشكل واضح، فالأيديولوجيا تهم. ولكن الأيديولوجية، على كل حال-وحتى الإيديولوجية الدينية – ليست هي نفسها مثل الثيولوجيا.
والأيديولوجيا الإسلامية تملك كلاً من البعدين الثيولوجي والسياسي ويمكن أن تحلل من كلا المنظورين. والمدخل المستند إلى التفضيلات ببساطة يبرز السياسة، وهو لا يهمل الدين بالضرورة.

الجهاديون الجدد والطعام الرمزي(النساء(
بعد ذلك يبحث المحاضر الفرنسي في جامعة السوربون محمد علي أدواري في عوالم الحركات السلفية في فرنسا، حيث يرى بأن ما تتسم به هذه الجماعات هو أنها تعد ظواهر حديثة من الطراز الأول، وهي نتيجة لوضع الدين في قالب مادي محسوس والجواب الواعي لأسئلة من مثل: ما هو ديني؟ لماذا هو مهم لحياتي؟
ووفقا لما يقوله أدواري، تكاد السلفية تبلغ أن تكون ظاهرة ما بعد حداثية، ذلك أن السلفي الفرنسي المنفصل عن جذوره الاجتماعية /التاريخية هو فرد معولم لم يبق مهتما بعد الان بجذوره الخاصة الثقافية وبأرض والديه، ويفضل بدلا من ذلك الحراك الثقافي العابر للقوميات من خلال الرغبة في الاستقرار في مدن كوزموبوليتانية مثل دبي أو أبو ظبي.
وفي نفس السياق ترى مضاوي الرشيد أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة لندن، أن أولاد السلفية الجهادية المعاصرة هم منتجات الحداثة وما بعدها، وما كان يمكن لهم أن يبرزوا في مجتمعات إسلامية تقليدية. فالجهاديون من العصر السابق، من المغرب الى إندونيسيا، كانوا نوعا مختلفا من الناس، وكانوا منتج ضغوط سياسية واقتصادية واجتماعية، ولكنهم لم يكونوا فاعلين عابرين للقوميات، وكان ذلك ببساطة لأن أممهم لم تكن قد تأسست تأسيسا كاملا في وقت جهادهم، كما كانوا رد فعل مباشر على الاحتلال الأجنبي والتغلغل الرأسمالي وتهميش القوى التقليدية. أما المجاهدون المعاصرون فهم ظاهرة مختلفة، حيث يموتون في سبيل الدين، لا الأرض، وهم يشاركون حداثة الغرب، برغم رفضهم الصريح المعترف به ونقدهم لهذه الحداثة.
فهم مثل المجتمعات الرأسمالية الاستهلاكية ما بعد الصناعية، يدعون الى نظام عالمي جديد يهمين فيه التضامن الإسلامي على الحدود العرقية والقومية. وبذلك فهم يشاركون في الأساس المنطقي للرأسمالية الحرة لأواخر القرن العشرين والسوق العالمي الحر ما بعد القومي، البارز في الثيولوجيات السياسية في الليبرالية الجديدة. وعلى نحو أكثر تحديدا، يدمج الجهاديون روح الغرب في تغيير العالم بالعمل، وفي حين يكون العقل والربح مركزيين في مشروع الحداثة الليبرالي الجديد الغربي، يكون الدين حاسما في السرد الجهادي عبر جعل الإسلام مهيمنا في العالم، لا جعله على قدم المساواة مع السرديات الأخرى، وبأسلوب مشابه للطريقة التي تكافح الليبرالية الجديدة الغربية لتكون مهيمنه من حيث هي رؤية للعالم.
وضمن هذا السياق تجري الرشيد مقارنة ذكية بين المصرفي الدولي الناجح الذي ينتقل بين نيويورك، ولندن، والرياض، وسنغافورة، والجهاديين العابرين للقوميات. ففي حين لا يكون المصرفي العابر للقوميات عابرا للقوميات فقط، ولكنه أيضا عواصمي، مغروز في أماكن متعددة مع تقدير منه للمطابخ المحلية لهذه الأماكن، وللنساء فيها ولشبكات العمل، فالجيل الجديد من الجهاديين العابر لنموذج الجهاد الكلاسيكي هم أيضا عواصميون، ينشدون الزوجات من خارج محيطهم الاجتماعي في أماكن إقامتهم الجديدة، ويتبنون الملابس وأذواق الطهي لمضيفيهم المؤقتين، ويبنون شبكات للدعم والتضامن ويتلاشون في تعقيد الجغرافيات الجديدة كما حدث في البوسنة وفي الشيشان.
*كاتب سوري

28 أغسطس 2014

فيديو لا يمكن أن تصدقه ..شاهده بنفسك

فيديو ..الطب الشرعى البريطانى يؤكد ان عملية ذبح الصحفى الأمريكى ”مفبركة”

ذكرت صحيفة “تليجراف” البريطانية قبل ثلاثة ايام ، أن فيديو قتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي قد لا يكون صحيحًا، وأن عميلة القتل الحقيقية تمت بعيدًا عن عين الكاميرا.
ورجح محللون من الطب الشرعي في بريطانيا، بعد دراسة لقطات الفيديو، أن الجهادي البريطاني الذي قام بعملية الذبح مجرد مؤد وصوت ناطق بدلًا عن القاتل الحقيقي.
كما يرى المحللون أن الفيديو الذي أظهر عملية ذبح فولي بطريقة وحشية، كان مجرد ضربة دعائية عالمية لتنظيم الدولة الإسلامية.
فيما أظهرت دراسة المقطع الذي يتألف من 4 دقائق و40 ثانية، من قبل الشركة الدولية لعلوم الطب الشرعي التي تعمل مع الشرطة البريطانية، أن هناك خدعًا في كاميرا وتقنيات لمونتاج ما بعد التصوير استخدمت بالفيديو.
وأشار تحليل الطب الشرعي إلى عدم رؤية دماء على رقبة فولي، على الرغم من أن القاتل وضع السكين على عنقه وحركها 6 مرات على الأقل.
وقال التحليل: “بعد الانحناء السريع للسكين على رقبة فولي على الأقل 6 مرات، دون تساقط أي دماء، تلاشت الصورة إلى الأسود”، وأضاف أن “الأصوات التي صدرت عن فولي بعد ذلك ليست متوافقة مع ما هو متوقع في مثل هذه الحالة”
وتابع أنه “خلال كلمة فولي يبدو أن هناك صورة على شاشة موضوعة أمامه، ليقرأ منها الكلمات التي يفترض به قولها”.
بدوره، قال أحد الخبراء المكلفين بدراسة الفيديو: “أعتقد أنه وقف على قدميه بعدها، أشعر أن تنفيذ الذبح تم بعد إيقاف الكاميرا”.
لكن الشركة التي تقوم بتحليل الفيديو، وطلبت عدم الكشف عن اسمها، لم تصل إلى إجابات نهائية حتى الآن، قائلة إن: “لا أحد يشكك بحدوث عملية الإعدام فعلًا عند نقطة معينة”.

بيان لثوار مصراتة يطالبون الاهالى بعدم معاقبة المصريين بجرم السيسي


رسالة من نخبة وطنية عراقية

الى الساسة العراقيين المشاركين بالعملية السياسية أحزابا وكتلا وشخوص الساعين لتشكيل حكومة التغيير والإنقاذ.

وجهت مجموعة من النخب الوطنية العراقية رسالة مفتوحة الى ” الساسة المشاركين بالعملية السياسية أحزابا وكتلا وشخوص الساعين لتشكيل حكومة التغيير والإنقاذ” لاسيما رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي تتضمن عدد من النقاط التي يأملون ان تسهم في “تغيير وتعديل وتقويم العملية السياسية القائمة ومثالبها “.
وتحت عنوان رسالة من نخبة وطنية عراقية الى الساسة العراقيين المشاركين بالعملية السياسية أحزابا وكتلا وشخوص الساعين لتشكيل حكومة التغيير والإنقاذ قالت الرسالة :
بسم الله الرحمن الرحيم
اسمحوا لنا ان نوصل لكم رسالة أخيرة بعد ما تعددت النداءات والتصريحات والجلسات والمفاوضات حول تشكيل حكومة جديدة ترشح لرئاستها حيدر العبادي وجاءت بعد مخاض عسير ، قلتم عنها انها محاولة جدية لآخر أمل في إصلاح العملية السياسية التي لم يحصل من خلالها العراقيون الا على الانقسام والعنف والفساد والنزوح والتهجير واصبح العراق بعد مرور عقد من الزمن على حافة الانهيار في كل معاني متطلبات العيش والحياة .
يا ساسة العراق الجدد : رئاسات واحزاب وكتل ، إذا كنتم جادين بإنقاذ العراق وشعبه وأنفسكم وما أوصلتم البلد إليه ولكي تثبتوا مصداقية ما تدعون من تغيير وتعديل وتقويم بالعملية السياسية القائمة ومثالبها ,
عليكم ان تدركوا ما يلي وتفهموه ، وتتحملوا تبعيته وتغتنموا آخر فرصة جادة للإنقاذ لو سلمنا وصدقنا بما تعلنونه اليوم جميعا :
1. اكتبوا واعلنوا بوضوح في وثيقة كسب الثقة بالحكومة المتشكلة مضامين مبادئ الاصلاح التي تعتبروها أسبقيات في برنامج حكومتكم ، واعلنوا خارطة طريق لتحقيق وتنفيذ المبادئ لنيل الحقوق وتحقيق الانجازات .
2. إذا كنتم قد اتفقتم على تسمية رئيس الجمهورية ومجلس النواب ورئيس الحكومة وفقا لما تعلنون انهم يشكلون ركائز التغيير ، عليكم كساسة ان تشكلوا حكومة من خارج مجلس النواب لا تقوم على محاصصة طائفية او عرقيه ، حكومة كفاءات مهنية جامعه وغنية بالاختصاصات من شخوص ذوو تاريخ نزيه وكفاءة مشهودة تحضى باجماع وقبول شعبي واسع .
3. المجرب لا يجرب ثانية ، ولذلك فان كافة الوزراء الذين سبق وان تقلدوا مناصب وزارية وهيئات مستقلة وثبت انهم ليسوا جديرين بها لأي سبب كان ينبغي ان لا ينصبوا ثانية إرضاء لهذا الكتلة او تلك او لهذه الطائفة او تلك .
4. انتم تعرفون جيدا ان الحصول على مقعد نيابي في كل الانتخابات التي اجريت بعد سقوط النظام وما ترتب على ذلك من صيغ و واقع سيئ ، لا يحسب انه وثيقة كفاءة ونزاهة لمن حاز المقعد . ولهذا فان التبرير بالديمقراطية والانتخابات ينبغي تجريبه من خلال العمل التشريعي والرقابي لمجلس النواب . اما الحكومة التي ستتشكل فهي كتحصيل حاصل حكومة انقاذ من واقع الانهيار الذي يمر به العراق وهذا الامر لم يعد يتحمل الافتراض والتجريب وفوات الأوان .
5. اياكم من وعاظ السلاطين وحثالات بائعي الذمم واجواق السلطة ومن تجمع بسبب الامتيازات من الفاسدين والمختلسين والمتربصين واحذروا ان يتسلقوا ثانية على مصالح هذا الشعب .الذي بات يدرك ويعرف مسبقا اسالبيهم في اغتنام الفرص ، بحجة تمثيل المكون او الطائفة .
6. إن النخب وقطاعات كبيره واعيه من شعبنا تضع امالها بناء على ما وعدتم به من تغيير للواقع وليس للشخوص فحسب ولكن هذه النخب والقطاعات ستدرك جيدا بمجرد انطلاقة التشكيلة الجديدة ، حقيقة حصول التغيير الحقيقي من عدمه، وحقيقة كونها حكومة إصلاح وتغيير أم انها حكومة توافقات وتمرير .
7. مبادئ المواطنة والسيادة لا تتحقق ولا تحمى إلا بجيش مهني حرفي غير طائفي او عرقي او مناطقي ، غير مسيّس متمرس بالتدريب الدائم وبالسلاح الفاعل وبتوعية تنشد العراق الواحد أرضا وشعبا وإرثا . هذا الجيش فقط هو الذي يحمي دولة المواطنة التي تضمن الحقوق والواجبات لشعبها دون تمييز او تفريق او تفريط .
8. العدل اساس الحكم ولابد للدولة المدنية العصرية من قضاء مستقل وعادل ونزيه .
9. الديمقراطية لا تقوم بلا سيادة وتنمية ونهوض . ثروات العراق لو استغلت بشكل مخطط له وبنزاهة في ظل وجود المعين الواسع من الكفاءات والمهارات لتحقق إنقاذ العراق بفترة وجيزة .
10 . خلقت حالة الاحتلال خلال السنوات المنصرمة ظروفا غامضة وحالة ضبابية في البنية السلوكية العراقية ترتب عليها الكثير من الظواهر والمظاهر غير الانسانية تميزت بالهدر والعنف والثأر وحالة الانتقام ، وبالتالي فان مهمة التغيير والانقاذ تتطلب الكثير من التشريعات والإجراءات السريعة التي تبعث الطمأنة في النفوس .
11. ينبغي التمييز بين المنتفضين لتحقيق مطالب مشروعه وبين الارهاب والميليشيات التي تحمل أجندات ومشاريع أجنبية . الاسبقيات المطلوب معالجتها في مطالب المنتفضين تتضمن :
* من اول اسبقيات عمل الحكومة وقف العمليات العسكرية في المحافظات المنتفضة سلميا ذات المطالب المشروعة وإطلاق سراح المعتقلين ممن أوقفوا دون قرار قضائي .
*- إغاثة سريعة للنازحين من خلال وقف حصار المدن وسحب الجيش وتوفير سبل الرعاية الإغاثية .
*- المناطق المنتفضة عانت من ظلم مزدوج من صحوات جيشتها الحكومة السابقة ومن العناصر التي ادعت انها تمثل هذه المناطق في العملية السياسية، وجود أي عنصر منهم في الحكومة القادمة وبأي طريقة كانت سيؤخر الهدوء والاستقرار في المناطق المنتفضة ويزيدها غليانا .
*- الغاء كافة القوانين سيئة السمعة والتي استهدفت شرائح معينة من الشعب خلاف عمومية القاعدة القانونية وتجريدها .
*- اعادة تشكيل منظومة القضاء والمحكمة الاتحادية .
12 . لقد تم عقد جلسات متكررة جمعت عددا كبيرا من النخب والإعلاميين والسياسيين والكفاءات هنا في عمان وبشكل عام تعتبر هذه النقاط المدرجة اعلاه ثوابت وأساسيات لطبيعة تشكيل الحكومة الجديدة وما يجب ان تعالجه من مبادئ وخارطة طريق . في اعتقاد المشاركين بالنقاش ممن هم خارج العملية السياسية . وبشكل عام المكون السني خارج العملية السياسية لا ثقة له بمعظم من مثلوه بالعملية السياسية لأنهم لم يحققوا للمكون ما يفترض ان يحققوه بسبب احتواء معظمهم بالمغريات والامتيازات الشخصية المفسدة ، وإن اشتراك من جربوهم بالعملية السياسية بالحكومة المقبلة ممن ثبت فسادهم خطوة لا تطمئنهم ولا تضمن حصولهم على حقوقهم المشروعة . وطمئنتهم لا تتم إلا بمشاركة من ثبت تمسكهم بتحقيق المطالب والحقوق وتجنيبهم شر الصحوات والميليشيات التي شكلها المالكي وسعدون الدليمي بشراء الذمم ، ويرفضون تشكيل الاقاليم الطائفية التي تؤسس للتقسيم .
في 26 آب 2014 .

هل الدولة الاسلامية في العراق والشام عميله ؟ أو من هم العملاء؟

المفكر القومى عبد الباري عطوان: الامريكيون عائدون الى العراق

اضطرنوري المالكي رئيس الوزراء العراقي سحب ترشيحه لرئاسة الوزراء لولاية ثالثة تحت “ضغط دولي”، ولكن الحقيقة مغايرة لذلك تماما، فمن اطاح به “عمليا” “الدولة الاسلامية” والتحالف الذي تتزعمه باستيلائها على ستة محافظات عراقية في لمح البصر، ووصول قواتها الى ما يقرب من الثلاثين كيلومترا من “العاصمة” الكردية اربيل، وعلى بعد ستين كيلومترا اخرى من بغداد.
تنحي المالكي، الذي لم نر احدا يذرف دمعة واحدة على رحيله، بما في ذلك اقرب حلفائه سواء في طهران او دمشق، او حتى في التحالف الوطني الشيعي، ربما يشكل خطوة على طريق حل الازمة السياسية في العراق، ولكنه من الصعب ان يقود الى الاستقرار الذي يتطلع اليه العراقيون ودول اقليمية ودولية عديدة متورطة في الملف العراقي.
حيدر العبادي الذي من المفترض ان يقود البلاد الى هذا الاستقرار جاء من رحم حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي اولا، ولا يملك الخبرة السياسية والقيادية المطلوبة ثانيا، وليس لديه اي مشروع يعتد به لتحقيق المصالحة الوطنية وتكريس الهوية العراقية الجامعة العابرة للطائفية ثالثا.
ولكن هذا لا يعني انه لا يجب ان يعطى الفرصة الكافية، والدعم المطلوب لمحاولته قيادة البلاد الى بر الامان المفترض بعد ثماني سنوات عجاف من حكم سلفه، سادها التهميش والاقصاء وانعدام الامن والخدمات الاساسية، واستفحال الفساد.
***
العودة العسكرية الى العراق مجددا تمثلت في انطلاق طائرات مقاتلة من طراز اف 18 من حاملة امريكية في مياه الخليج يوم الثامن من آب (اغسطس) الحالي لوقف تقدم قوات الدولة الاسلامية نحو اربيل بعد انهيار قوات البشمرغة الكردية امامها، بالطريقة نفسها التي انهارت فيها قوات المالكي في الموصل وجوارها، تحت عنوان كسر الحصار المفروض على عشرات الآلاف من ابناء الطائفة الازيدية في جبل سنجار، هذه العودة ربما تكون مقدمة لتورط امريكي اكبر في العراق يمتد لسنوات ان لم يكن اكثر، بالرغم من حذر الرئيس باراك اوباما الشديد في هذا المضمار.
التدخل الامريكي الاول صيف عام 1990 جاء تحت شعار “تحرير” الكويت، والثاني في ربيع عام 2003 من اجل “تحرير” العراق من اسلحة الدمار الشامل، اما الثالث الذي نرى ارهاصاته حاليا فمن اجل القضاء على خطر “الدولة الاسلامية” وحماية كردستان العراق وابناء الطائفة الازيدية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يتمحور حول عدم تحرك حاملات الطائرات الامريكية لحماية ابناء قطاع غزة في هذه المقارنة، ومليونين من ابنائه المحاصرين والمقصوفين اسرائيليا.
مأساة العراق، بل مأساة المنطقة بأسرها، تكمن في التدخلات العسكرية الامريكية الدموية التي ادت، وتؤدي الى تفكيك البلاد، وتمزيق وحدتها الوطنية، والجغرافية والمذهبية والعرقية، واغراقها في حروب طائفية، والتدخل العسكري الامريكي الحالي لن يكون استثناء.
ادارة الرئيس اوباما قالت انها لن ترسل قوات برية على غرار ما فعلت اثناء غزو واحتلال العراق عام 2003 (ارسلت 150 الف جندي)، ولكنها ستكتفي بالغارات الجوية، ولكن من قال ان هذه الغارات يمكن ان تحل المشكلة، فقد فعلتها امريكا وحلفاؤها في ليبيا واسقطت النظام، ولكن النتائج جاءت كارثية حتى ان كثيرين في ليبيا باتوا يترحمون على ايام النظام الديكتاتوري السابق، فالغارات الجوية دون قوات على الارض سيكون اثرها محدودا، والتزاوج بين الاثنين غير مضمون النجاح ايضا هذه المرة لان هناك فرقا شاسعا بين دولة البغدادي ودولة صدام حسين من حيث الظروف والمسؤوليات والحظر الجوي والحصار الخانق الذي استمر عشر سنوات.
وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي عقدوا اجتماعا طارئا الجمعة اعلنوا في نهايته تعزيز الدعم العسكري للمقاتلين الاكراد في شمال العراق، وتسليحهم بأسلحة حديثة متطورة، ولكن لماذا المقاتلين الاكراد فقط، اليس هذا التصرف، بالتركيز عليهم دون غيرهم، يضعهم في خانة “الحلفاء” للغرب، ويبرر للدولة الاسلامية وقواتها مواصلة الحرب ضدهم؟
الواضح ان الولايات المتحدة قررت ان تجعل من طائراتها المقاتلة سلاحا جويا للحكومة العراقية الجديدة التي يعكف على تشكيلها حاليا حيدر العبادي، ولكن ونسأل مرة اخرى، ماذا لو جاءت هذه الحكومة ضعيفة ولم تلبِ رغبات الدول المرحبة بها في توسيع قاعدتها التمثيلية من حيث ارضاء جميع الكتل الطائفية والسياسية والعشائرية، وفشلت في حل الازمات العراقية المتفاقمة، وسحب الغطاء السني عن دولة ابو بكر البغدادي؟
تنظيم “القاعدة الام” ورط امريكا والغرب في غزو العراق واحتلاله، وتكبده هزيمة كبرى، وخسائر مالية وبشرية ضخمة (6000 جندي امريكي) وتريليونات الدولارات وتنظيم “القاعدة الوريث” الممثل في الدولة الاسلامية سيورطها في حرب دموية ثانية “متدحرجة”، ربما تنتهي في نهاية المطاف بحرب طائفية تشمل المنطقة بأسرها، وهجمات “ارهابية” تستهدف الغرب ومصالحه في الداخل والخارج وبطرق اشرس.
صحيح ان محاولات احياء قوات “الصحوات” العشائرية “السنية” التي جاءت من بنات افكار الجنرال الامريكي ديفيد بترايوس لمواجهة تنظيم “القاعدة” في ذروة قوّة هجماته ضد القوات الامريكية في العراق بعد عامي 2006 و2008، وجرى تجنيد حوالي 80 الف متطوع مقابل 200 دولار للشخص قد نجحت في تقليص انشطة تنظيم “القاعدة” واخراجه من معظم المناطق السنية، ولكن الصحيح ايضا ان تنظيم الدولة الاسلامية الحالي مختلف كليا عن “التنظيم الام” ليس لانه يحقق اكتفاء ذاتيا في المال والسلاح، ويسيطر على اراض تشكل ما يقرب من مساحة بريطانيا، وحتى نكون اكثر دقة حوالي ربع العراق وثلث سورية، وانما ايضا لانه يملك اكثر من ثلاثين الف عنصر جميعهم يريدون الشهادة، ولا يريدون العودة الى بلادهم الاصلية احياء، ويملكون خبرة قتالية عالية جدا اكتسبوها في الحرب لمدة ثلاث سنوات في سورية.
***
الصيغة المطورة من “القاعدة” والممثلة في “الدولة الاسلامية” تمثل حالة خاصة غير مسبوقة، من حيث الاكتفاء الذاتي في ميدانين اساسيين: الاول هو المال حيث تجلس على كنز مقداره سبعة مليارات دولار، ومخزون من الاسلحة الحديثة غنمتها من الجيش العراقي يكفيها لسنوات قادمة، وهذا لم يتوفر لاي تنظيم بل دول قائمة في المنطقة.
حتى لو تم اخراج قوات “الدولة الاسلامية” من بعض المدن العراقية، فانها يمكن ان تتحصن في غابة اسمنت اسمها مدينة الموصل ثاني اكبر المدن في العراق بتعداد سكاني يزيد عن مليوني نسمة، وحتى اذا خسرت الموصل، وهذا لن يتم في غضون اشهر او سنوات، يمكن ان تنسحب الى الرقة ودير الزور في الجانب الآخر من حدود سايكس بيكو التي اجتثتها، وتتحصن فيهما.
اتحاد جميع الدول المتقاتلة على ارض العراق في خندق واحد في مواجهة هذه “الدولة” يعكس حجم خطورتها، فمن كان يتصور ان السعودية وايران وسورية ومصر والعراق تضع خلافاتها المذهبية والاستراتيجية جانبا وتقف جنبا الى جنب في هذا الخندق المقابل لوضع حد لخطر دولة البغدادي هذه؟
جيش الصحوات الذي تحالف مع الامريكان، ثم عاد وتحالف مع الدولة الاسلامية، والآن يعود الى الحضن الامريكي مجددا ليقاتل تحت راية حيدر العبادي وحتى قبل ان يشكل حكومته لا يمكن التعويل عليه، فاذا كانت المسألة مسألة مال فان تنظيم “الدولة الاسلامية” يملك اموالا اكثر، وبات قادرا على تأمين وتحقيق رغبتين اساسيتين لمن يقاتل في صفوفه، الاولى الارتقاء الى الجنة ودار البقاء والحشر مع الصحابة والصديقين والمرسلين.
المشهد السياسي والعسكري برمته يقف امام انقلاب كبير في التحالفات وربما في الحدود ايضا، حيث ستختفي بعضها وينشأ بعض آخر على اسسس مذهبية وعرقية، ولا نستبعد ان يترحم الكثيرون على الربيع العربي وثوراته باعتباره، واعتبارها، مجرد “مزحة” صغيرة.
سواء ذهب المالكي، او جاء العبادي، فان عملية التغيير الاكثر شراسة ودموية زاحفة بقوة على العراق والمنطقة بأسرها.

هل تستطيع أمريكا تحمل حرب أخرى بكلفة 3 تريليونات دولار؟ بقلم: ليندا بيلمز*


* صاحبة كتاب "حرب الثلاثة تريليونات دولار: الكلفة الحقيقية لحرب العراقيشار إلى أن هذا المقال يعبر عن رأي ليندا بيلمز، محاضرة بجامعة هارفارد وشاركت بتأليف كتاب "حرب الثلاثة تريليونات دولار: الكلفة الحقيقية لحرب العراق.المصدر:(CNN)
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية —بعد إنفاق تريليونات الدولارات خلال العقد الماضي، بدت الولايات المتحدة الأمريكية على أنها تدخل حقبة جديدة، مستعدة فيها لوقف تدفق الأموال في ‫#‏العراق‬ وأفغانستان، وإعادة الجنود إلى الوطن للاستمتاع بالسلام.
ولكن هذه الراحة يبدو انها ستكون موجزة، بحيث أن التهديدات الأمنية حول العالم تدفع بمطالبات جديدة لتدخل عسكري، ربما ليس تدخلا بريا ولكن على شكل غارات جوية بالطائرات دون طيار والتسليح والتدريبات المقدمة لفصائل المعارضة غير الواضحة.
وفي الوقت الذي يغرق فيه العراق في الفوضى ويقوم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بقطع رؤوس الأمريكيين، الشعب الأمريكي متيقظون ليس فقط لاحتمالية سحب أمريكا إلى العراق مجددا ولكن يتساءلون عن هل بإمكان الاقتصاد الوطني الأمريكي أن يتحمل المزيد.
بالطبع، فإن العبارة الاقتصادية الشائعة هي أن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة وبسهولة على دفع كل ما يلزم، حماية مناطق حظر الطيران فوق العراق كما كان الوضع في العام 1990 بعد حرب الخليج الأولى والتي كلفت 12 مليار دولار سنويا.
تدريب المعارضة وحماية المدنيين في سوريا، إلى جانب حملة جوية للقضاء على داعش وقوات الأسد، ستكلف ما بين 20 إلى 22 مليار دولار سنويا، بحسب التقديرات التي قدمها كين بولاك من معهد بروكينغز بالعاصمة الأمريكية، واشنطن.
هذه أرقام صغيرة مقارنة بالـ200 مليار دولار سنويا التي مولت فيه واشنطن عمليات العراق وأفغانستان.
رغم كل هذا، فإن كلفة دخول صراع جديد ستكون باهظة جدا، حيث أن أمريكا لا تزال تشق طريقها من تبعات الحفرة الاقتصادية التي صنعتها تكلفة حرب العراق وأفغانستان الباهظة جدا.
بالإضافة إلى التريليونات التي تم انفاقها من قبل وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون،" فإن ميزانيته ارتفعت بقيمة 1.3 تريليون دولار منذ العام 2001 لتصل أعلى مستوى حقيقي مقرون بالفترة الزمنية مقارنة بفترة الحرب العالمية الثانية، هذه "ثقافة الأموال اللانهائية،" بحسب ما وصفها وزير الدفاع الأسبق، روبيرت غايتس، واعتبرها اسراف سيء السمعة، وبأنظمة محاسبة تشوبها العيوب لدرجة أنه من المستحيل تقفي أين ذهبت كل هذه الأموال.
أما في الوقت الحالي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية في وضع مالي أصعب، وليس لها استراتيجية واضحة لدفع الديون المترتبة عليها من الحروب، وفي حال قرر الرئيس الأمريكي دخول حرب جديدة فإن عليه مواجهة الشعب حول ما هي التكاليف المترتبة وماذا سيقومون بفعله لدفع هذه التكاليف.