بقلم : د. السيد مصطفى أبو الخير
منذ شهر يشن الاحتلال الصهيونى على غزة حرب إبادة مستخدما فيها اشد زأخطر الأسلحة فتكا وقتلا، عن طريق الجو والبحر والبر، بطريقة وجشية بربرية لا تمت للإنسانية بأى صلة، فقد أصاب القصف الجوى العنيف الشجر والحجر والمدر والبشر من نساء وأطفال ورجال وشباب وشابات ومحيت أحياء كاملة منغزة من على سطح الأرض وأستشهدت أكثر من ستين عائلة فلسطينية بالكامل مما دفع السجل المدنى فى غزة إلى مسحها من السجل المدنى، وقد تم حتى كتابة هذا المقال أستشهاد (1867) منهم (429) طفل و (243) أمرأة و (79) مسن وأكثر من (9569) جريح طبقا لاحصائيات وزارة الصحة فى غزة.
وقد تمت هذه الجريمة البشعة بتآمر إقليمى على حماس وحركات المقاومة الإسلامية فى غزة، فى محاولة من العدو الصهيونى والأنظمة العميلة بالمنطقة القضاء على أى حركات مقاومة وتحرر وطنى لإخضاع الشعوب العربية وأدخالها فى حظيرة الحكام العملاء والأنظمة العميلة فى المنطقة ولاستمرار الهيمنة الامريكية الصهيونية على المنطقة الإسلامية منبع الإسلام لمنع قيام أى نهضة إسلامية وأى وحدة إسلامية لضمان الهيمنة والسيطرة وفى حرب صليبية صهيونية على الإسلام تنفذ يأيادى من يحملون أسماء إسلامية وقلوب يهودية ولكن خيب الله مسعاهم وهزم الجمع ومعه الغرب وملة الكفر على أصحاب الأيادى المتوضئة وتلك أخطر ما فى الموضوع.
فى أثناء المجازر والحرب البربرية والوحشية على غزة، وفى محاولة من أبو مازن سرقة الأنتصار وبيان للعالم أنه شريك به صرحت السلطة الفلسطينية أنها سوف تصدق على النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، لكى ترفع دعوى ضد الاحتلال الصهيونى لمحاكمته على جرائمه فى غزة، هذه الخطوة سياسية بأمتياز وأمرت بها السلطة من قبل يهود أمرا، واعتقد أن وراء ذلك أسباب سياسية وتآمرية على المقاومة منها كما قلنا محاولة سرقة انتصار المقاومة أو الظهور بمظهر الشريك فيه حتى يتم أستغلال ذلك فى مفاوضات الاستسلام بينه يهود والسلطة، ويمكن أن يكون ذلك مدخلا لمحاكمة قادة حماس أمام المحكمة الجنائية الدولية بأنه بالتصديق يمكن للكيان الصهيونى أن يطالب بمحكمة قادة حماس وقادة الفصائل الفلسطينية أمام المحكمة حيث بعد التصديق خضع كل فلسطينى لسلطة وأختصاص المحكمة ومجلس الأمن جاهز بالقرار ولجان التحقيق الدولية جاهزة بعريضة الاتهام وسوف يتم القول بأن فصائل المقاومة الفلسطينية أتخذت من المدنيين والأماكن المدنية دروعا بشرية وهى تطلق الصواريخ من أماكن مدنية بالتالى المقاومة هى التى تسببت فى وقوع الخسائر البشرية والمدنية فى غزة ويتم محاكمة هؤلاء القادة وبالتالى يمكن القبض علي بعضهم ممكن خارج غزة.
علما بأن المحكمة الجنائية الدولية رفضت من قبل دعوى تقدم وزير العدل فى السلطة الفلسطينية بعد مقابلة مع المدعى العام السابق للمحكمة الجنائية فى فبراير 2009م حيث طلب منه التحقيق فى جرائم الحرب الصهيونية التى أرتكبها جيش الاحتلال منذ عام 2002م خاصة حرب غزة 2008/2009م، وقد تم رفض الدعوى بذريعة أن فلسطين لا تعد دولة فى أجهزة الأمم المتحدة، وتلك المعلومة تعرفها جيدا السلطة الفلسطينية.
وهذا يؤكد على أن قرار التصديق على النطام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية سياسى أكثر منه قانونى.
وقد أرتكبت قوات الحتلال الصهيونية كافة الجرائم الدولية الواردة فى المادة الخامسة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية التى نصت على( الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة: 1 – يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره, وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية :- أ ) جريمة الإبادة الجماعية. ب) الجرائم ضد الإنسانية. ج ) جرائم الحرب. د ) جريمة العدوان. 2- تمارس المحكمة الاختصاص على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفقاً للمادتين 121 و 123 يعرف جريمة العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة, ويجب أن يكون هذا الحكم متسقاً مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة.)
طبقا لديباجة النظام الأساسى للمحكمة تعد مختصة بالفصل فى هذه الدعوى حيث وصفت الفقرة الثالثة من الديباجة الجرائم التى اختصت بها المحكمة والواردة بالمادة الخامسة من النظام الأساسى للمحكمة أنها (الجرائم الخطيرة التى تهدد السلم والأمن والرفاه فى العالم) وما حدث فى مصر جرائم ضد الإنسانية طبقا للمادة السابعة من ذات النظام وأضافت الديباجة فى الفقرة الرابعة منها ( أن أخطر الجرائم التى تثير قلق المجتمع الدولى بأسره يجب ألا تمر دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعالب من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطنى وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولى) والجرائم التى تثير قلق المجتمع منها الجريمة ضد الإنسانية طبقا للنظام الأساسى وأكدت الديباجة على ذلك فى الفقرة الخامسة منها وعقدت المحكمة العزم على ( وضع حد لإلافلات مرتكبى هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالى فى منع هذه الجرائم). تطبيقا لما سلف من الديباجة يكون قرار المدعى العام للمحكمة قد خالف ديباجة النظام الأساسى بل وأعطى فرصة كبيرة لمرتكبى أخطر الجرائم الدولية للإفلات من العقاب وخالفت أيضا الفقرة الأخيرة من الديباجة والتى نصت على ( وتصميما منها على ضمان الاحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية)
أما جرائم الحرب فتتمثل فى الأنتهاكات الجسيمة التى أرتبكت فى هذه الحرب العدوانية لاتفاقيات جنيف لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة ومن هذه الانتهاكات الجسيمة قصف المدنيين وهدم البيوت على أصحابها وقتل الأطفال والنساء والشيوخ كما قصفت المستشفيات وسيارات الأسعاف وقصفت المدارس والمساجد ودمرت أكثر من ثمانيين مسجد فى غزة كما قصفت مدارس الأنروا التابعة لوكالة غوث اللاجئين وهى تابعة للأمم المتحدة، كما أرتكبت كل الأفعال المادية المكونة لجرائم الحرب الواردة فى المادة الثامنة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية خاصة الفقرات (2/أ/ب/1 و 2 و3 و 4و 5 و 9) و .
أما عن جرائم الإبادة الجماعية فقد أرتكبت بحق سكان غزة كل الأفعال المادية المكونة لهذه الجريمة الواردة فى المادة السادسة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية خاصة الفقرتين (أ و ب) وفى حال أرتكاب ذلك فى نزاع مسلح دولى أو غير دولى تكون هذه الأفعال المادية المكونة لهذه الجريمة جريمة ضد الإنسانية الواردة فى المادة السابعة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية والتى نصت على (1 – لغرض هذا النظام الأساسي , يشكل أي فعل من الأفعال التالية ” جريمة ضد الإنسانية ” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين , وعن علم بالهجوم :- أ ) القتل العمد. ب) الإبادة.
أما عن جريمة العدوان فهى متحققه فى أنه هذه الحرب حرب عدوانية وليس لقوات الاحتلال الصهيونية حق الدفاع الشرعى كما يدعى ويزعم عملاء يهود وكثير من الدول والمنظمات الدولية وعلى راسها الأمم المتحدة لأن من أركان حق الدفاع الشرعى ألا يكون من يستخدمه معتديا قوات الاحتلال الصهيونية معتدية كما أن ذلك مخالف للقاعدتين المستقرتين فى القضاء الدولى أنه لا مقاومة لفعل مباح ولا دفاع شرعى ضد دفاع شرعى حيث أن فضائل المقاومة الفلسطينية هى حركات تحرر وطنى وقد أعترفت الأمم المتحدة بذلك فى العديد من قراراتها سواء عن الجمعية العامة أو مجلس الأمن لذلك لهذه الحركات حق الدفاع الشرعى وبالتالى ليس ليهود حق الدفاع الشرعى فهى حرب عدوانية وجريمة عدوان طبقا للنظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.
طبقا لنص المادة (12) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية المعنونة بالشروط المسبقة لممارسة الاختصاص التى تنص على ( 1 – الدولة التي تصبح طرفاً في هذا النظام الأساسي تقبل بذلك اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها في المادة 5. 2 – في حالة الفقرة (أ) أو (ج) من المادة 13 , يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدول التالية طرفاً في هذا النظام الأساسي أو قبلت باختصاص المحكمة وفقاً للفقرة 3 :- أ ) الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث أو دولة تسجيل السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت على متن سفينة أو طائرة. ب) الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة أحد رعاياها. 3 – إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازماً بموجب الفقرة 2 , جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة, أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث, وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقاً للباب 9.).
يمكن أن تقدم الدعوى للمحكمة الجنائية الدولية طبقا للمادة (13) من النظام الأساسى للمحكمة سالفة الذكر ويمكن رفع الدعوى وفقاً للمادة (15) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية من أى دولة طرف من الدول المصدقة على النظام الأساسى للمحكمة وهم أكثر من سبعين دولة على مستوى العالم، ومن الدول العربية المصدقة الأردن وصدقت فى 11/4/2002م لكنها من داعمى الإنقلاب وهناك العديد من الدول الإسلامية أفغانستان صدقت فى 10/2/2003م وأوغندا 14/6/2002م البوسنة والهرسك فى 11/4/2002م والسنغال فى 2/2/1999م النيجر فى 11/4/2002م وبتسوانا فى 8/9/2000م وبنين 22/1/2000م وتنزانيا فى 20/8/2002م والجابون فى 20/9/2000م وجامبيا فى 28/6/2002م وجمهورية إفريقيا الواسطى فى 3/10/2001م وجنوب إفريقيا 27/11/2000م وجيبوتى 5/11/2002م وزامبيا 13/11/2002م وسيراليون فى 15/9/2000م وغانا 20/12/1999م وغينيا 14/7/2003م مالاولا فى 19/9/2002م ومالى فى 16/8/2000م نامبيا فى 25/6/2002م نيجيريا فى 27/9/2001م يمكن أن تقوم أحدى هذه الدول السابقة برفع الدعوى الى المحكمة الجنائية الدولية وفقا للمادة (14) من نظام المحكمة والمعنونة بإحالة حالة ما من قبل دولة طرف والتى نصت على: (1 – يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم. 2 – تحدد الحالة , قدر المستطاع , الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة.).
ويمكن رفع الدعوى وتقديم شكوى تطبيقا للمادة (15) من النظام الأساسى للمحكمة المعنونة بالمدعى العام والتى نصت على (1- للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة. 2 – يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة ويجوز له, لهذا الغرض, التماس معلومات إضافية من الدول , أو أجهزة الأمم المتحدة , أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية , أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة , ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة 3 – إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق, يق دم إلى الدائرة التمهيدية طلباً للإذن بإجراء تحقيق, مشفوعاً بأية مواد مؤيدة يجمعها ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى الدائرة التمهيدية وفقاً للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات. 4 – إذا رأت الدائرة التمهيدية, بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة, أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق وأن الدعوى تقع على ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة, كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق, وذلك دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص ومقبولية الدعوى. 5 – رفض الدائرة التمهيدية الإذن بإجراء التحقيق لا يحول دون قيام المدعى العام بتقديم طلب لاحق يستند إلى وقائع أو أدلة جديدة تتعلق بالحالة ذاتها. 6 – إذا استنتج المدعي العام بعد الدراسة الأولية المشار إليها في الفقرتين 1 و 2 , أن المعلومات المقدمة لا تشكل أساساً معقولاً لإجراء تحقيق , كان عليه أن يبلغ مقدمي المعلومات بذلك , وهذا لا يمنع المدعي العام من النظر في معلومات أخرى تقدم إليه عن الحالة ذاتها في ضوء وقائع أو أدلة جديدة.).
تلك محكمة واحدة يمكن محاكمة قادة وأفراد الكيان الصهيونى على جرائمهم أمامها ولكن المانع يمكن فى أن من بيده تحريك ورفع الدعوى متآمر بل بالعكس هو فاعل أصلى فى هذه الجرائم ومنها الولايات المجرمة الأمريكية وأوربا العجوز الغادرة فضلا عن عملاء يهود فى المنطقة التى كشفتهم هذه الحرب وأسقطت عنهم ورقة التوت وفى النهاية يمكننا القول أن التضليل السياسى أفسد التكييف القانونى لما حدث ويحدث فى فلسطين المحتلة ويمكن القول حسبنا الله ونعم الوكيل فى كثيييييييير من حكام الدول العربية.