سيد أمين
قائمة المسكوت عنه في مصر لاتنتهي ..وحنفية الفساد لا تكاد ان تقيد حتي تنفتح علي مصراعيها بحيث صار الناس يمتدحون شخصا ما وينزهونه ليس الا لكونه اقل فسادا من شخص اخر افتضح امره .. ثم اخذوا يبالغون في امتداح خصاله حتي صاروا يمجدونه .
لقد اعتاد الناس علي الفساد والفاسدين .. وتكونت ثقافة نفسية واخلاقية وعرفية تشرع له ليكون ثالوث الماء والهواء.. وصار اختلاف الناس حول الفاسد يدور حول الاختلاف في حجم المسروقات .. فاباحوا ان تسرق ارنبا ومنعوا سرقة الجمل.
وراح البعض ينتقد الفساد بشدة وذلك ليس لكونهم خيرين خالصين ولكن لأنهم لم يتمكنوا من سرقة الجمل فاكتفوا بالارنب.
ولا يفوتني الاشارة الي انه ليس معني ذلك الكلام ان جميع المصريين صاروا لصوصا فذلك يتنافي تماما مع المنطق والعقل ومع ما يتسم به المصريين من تدين فاذا كان هناك سارقا لابد ان يكون هناك مسروقا منه .. والذي هو بالطبع شعب مصر.
وعودة الي الامور المسكوت عنها وهي كما قلت كثيرة للغاية .. ولكن كان اخطرها التوريث الفئوي .. فاذا كان بمقدور اي مصري ان ينتقد ما يسمي التوريث الرئاسي الا أنه ليس بمقدوره أبدا انتقاد التوريث الفئوي والا سيكون بذلك قد القي بنفسه الي التهلكة .. وبالقانون.
انا واثق انه تدور في كل قرية ومدينة في بر مصر رحي قضية توريث مصغرة .. ابن العمدة عمدة .. وابن ضابط الشرطة ضابط شرطة .. وابن الصحفي صحفي .. وابن واستاذ الجامعة استاذ جامعة ..وهكذا.. وبالطبع هذا التوريث مبني علي اعتبارات غير موضوعية اعتبرات تعلي من قيمة الحسب والنسب والمحسوبية والمدفوعات وتلقي بالكفاءات علي الارض لتحاصرها تفاصيل الفقر حتي تموت هما وكمدا او تنتبذ في الصحراء مكانا قصيا.
ان ظاهرة التوريث الفئوي تبدو واضحة وبشكل فج في اربعة فئات كان ينبغي ان تنأي بنفسها عن الزج بنفسها في هذا السلوك المشين وهم السلك القضائي والسلك الدبلوماسي والشرطة والاعلام.
فلك ان تتخيل ان اسرة واحدة مكونة من ثلاثة اشخاص مثلا تجدهم هم الثلاثة يعملون في السلك القضائي فضلا عن اولاد اعمامهم واولاد عماتهم واولاد الخال واولاد الخالة وهكذا.. وبالطبع ما ينطبق علي السلك القضائي ينطبق علي الفئات الثلاثة الاخري.
ويحضرني هنا الاشارة الي مفارقة علي قدر ما فيها من سخرية الا انها مؤلمة ودلالاتها خطيرة .. فقد حدثني صديقي عن انه توجد في قريته عائلتان احداهما العائلة التي ينتمي اليها هو وتضم نحو11شخصا يعملون بالسلك القضائي وعائلة منافسة اخري يعمل فيها نحو 14 شخصا في الشرطة .. وكان بسطاء الناس يطلقون علي الاولي المحكمة والثانية المديرية وهم بذلك لايقصدون السخرية.
وخطورة ظاهرة التوريث الفئوي لا سيما في تلك المجالات الحساسة في انها تقتل الشعور بالعدالة في مقتل وتدفع الناس دفعا لليأس الذي هو مفجر لكل الجرائم.
ودعوني اتسائل هل انزل الله العدالة علي فئة معينة من الناس حتي يصيروا جميعا - وبربطة معلم - قضاة ؟ وهل الرؤية الأمنية توافرت لعائلة بعينها فصاروا ضباطا في الشرطة ؟ وهل تصلح عائلة بعينها ليعمل كل افرادها في السلك الدبلوماسي ويحق لها دون غيرها تمثيل مصر وتشكيل رؤيتها الخارجية ؟ واذا كان من المفروض في الصحافة تشكيل وعي الناس من جانب ومراقبة اداء السلطات الثلاث من جانب اخر فكيف نورث تلك المهنة الحساسة لفئات من الناس ليسوا علي اساس الكفاءة والمعرفة ولكن علي اساس الاقارب والاصدقاء؟
وهل ينكر زملائي الأجلاء في الصحف القومية - وايضا الحزبية والخاصة - انه توجد أسر يعمل افرادها في مؤسسات بعينها كصحفيين او حتي في الشئون المالية والادارية بحيث تجد الام والاب والابن والابنة والاخ وابن الاخ والاخت وابن الاخت …الخ ؟
لا اجد اي وجه للعدالة في هذا اوذاك .. فقرار بمنع تعيين شخصين تجمعهما صلة قرابة حتي الدرجة الخامسة في عمل واحد قطعا سيصب لصالح البلد.. وقطعا سيفتح المجال للجد والاجتهاد والابداع.. اما لو استمر نظام التوريث الفئوي فحتما ستترهل البلد ولن تتقدم خطوة للامام.
ان التوريث الفئوي هو نوع من انواع الارهاب واخطر انواع الفساد واشدها فتكا وينبغي أن تقف ضده القوي الوطنية وقفة رجل واحد وذلك حرصا منها ومنها علي مصلحة البلاد العليا.
اما لو لم نتخذ هذا القرار سنكون قد تواطئنا جميعا بالصمت وتركنا الوطن بمفرده ينزف الكفاءات التي اهدرت في مفرمة الفساد والمصالح والخوف.
albaas10@gmail.com
albaas.maktoobblog.com
قائمة المسكوت عنه في مصر لاتنتهي ..وحنفية الفساد لا تكاد ان تقيد حتي تنفتح علي مصراعيها بحيث صار الناس يمتدحون شخصا ما وينزهونه ليس الا لكونه اقل فسادا من شخص اخر افتضح امره .. ثم اخذوا يبالغون في امتداح خصاله حتي صاروا يمجدونه .
لقد اعتاد الناس علي الفساد والفاسدين .. وتكونت ثقافة نفسية واخلاقية وعرفية تشرع له ليكون ثالوث الماء والهواء.. وصار اختلاف الناس حول الفاسد يدور حول الاختلاف في حجم المسروقات .. فاباحوا ان تسرق ارنبا ومنعوا سرقة الجمل.
وراح البعض ينتقد الفساد بشدة وذلك ليس لكونهم خيرين خالصين ولكن لأنهم لم يتمكنوا من سرقة الجمل فاكتفوا بالارنب.
ولا يفوتني الاشارة الي انه ليس معني ذلك الكلام ان جميع المصريين صاروا لصوصا فذلك يتنافي تماما مع المنطق والعقل ومع ما يتسم به المصريين من تدين فاذا كان هناك سارقا لابد ان يكون هناك مسروقا منه .. والذي هو بالطبع شعب مصر.
وعودة الي الامور المسكوت عنها وهي كما قلت كثيرة للغاية .. ولكن كان اخطرها التوريث الفئوي .. فاذا كان بمقدور اي مصري ان ينتقد ما يسمي التوريث الرئاسي الا أنه ليس بمقدوره أبدا انتقاد التوريث الفئوي والا سيكون بذلك قد القي بنفسه الي التهلكة .. وبالقانون.
انا واثق انه تدور في كل قرية ومدينة في بر مصر رحي قضية توريث مصغرة .. ابن العمدة عمدة .. وابن ضابط الشرطة ضابط شرطة .. وابن الصحفي صحفي .. وابن واستاذ الجامعة استاذ جامعة ..وهكذا.. وبالطبع هذا التوريث مبني علي اعتبارات غير موضوعية اعتبرات تعلي من قيمة الحسب والنسب والمحسوبية والمدفوعات وتلقي بالكفاءات علي الارض لتحاصرها تفاصيل الفقر حتي تموت هما وكمدا او تنتبذ في الصحراء مكانا قصيا.
ان ظاهرة التوريث الفئوي تبدو واضحة وبشكل فج في اربعة فئات كان ينبغي ان تنأي بنفسها عن الزج بنفسها في هذا السلوك المشين وهم السلك القضائي والسلك الدبلوماسي والشرطة والاعلام.
فلك ان تتخيل ان اسرة واحدة مكونة من ثلاثة اشخاص مثلا تجدهم هم الثلاثة يعملون في السلك القضائي فضلا عن اولاد اعمامهم واولاد عماتهم واولاد الخال واولاد الخالة وهكذا.. وبالطبع ما ينطبق علي السلك القضائي ينطبق علي الفئات الثلاثة الاخري.
ويحضرني هنا الاشارة الي مفارقة علي قدر ما فيها من سخرية الا انها مؤلمة ودلالاتها خطيرة .. فقد حدثني صديقي عن انه توجد في قريته عائلتان احداهما العائلة التي ينتمي اليها هو وتضم نحو11شخصا يعملون بالسلك القضائي وعائلة منافسة اخري يعمل فيها نحو 14 شخصا في الشرطة .. وكان بسطاء الناس يطلقون علي الاولي المحكمة والثانية المديرية وهم بذلك لايقصدون السخرية.
وخطورة ظاهرة التوريث الفئوي لا سيما في تلك المجالات الحساسة في انها تقتل الشعور بالعدالة في مقتل وتدفع الناس دفعا لليأس الذي هو مفجر لكل الجرائم.
ودعوني اتسائل هل انزل الله العدالة علي فئة معينة من الناس حتي يصيروا جميعا - وبربطة معلم - قضاة ؟ وهل الرؤية الأمنية توافرت لعائلة بعينها فصاروا ضباطا في الشرطة ؟ وهل تصلح عائلة بعينها ليعمل كل افرادها في السلك الدبلوماسي ويحق لها دون غيرها تمثيل مصر وتشكيل رؤيتها الخارجية ؟ واذا كان من المفروض في الصحافة تشكيل وعي الناس من جانب ومراقبة اداء السلطات الثلاث من جانب اخر فكيف نورث تلك المهنة الحساسة لفئات من الناس ليسوا علي اساس الكفاءة والمعرفة ولكن علي اساس الاقارب والاصدقاء؟
وهل ينكر زملائي الأجلاء في الصحف القومية - وايضا الحزبية والخاصة - انه توجد أسر يعمل افرادها في مؤسسات بعينها كصحفيين او حتي في الشئون المالية والادارية بحيث تجد الام والاب والابن والابنة والاخ وابن الاخ والاخت وابن الاخت …الخ ؟
لا اجد اي وجه للعدالة في هذا اوذاك .. فقرار بمنع تعيين شخصين تجمعهما صلة قرابة حتي الدرجة الخامسة في عمل واحد قطعا سيصب لصالح البلد.. وقطعا سيفتح المجال للجد والاجتهاد والابداع.. اما لو استمر نظام التوريث الفئوي فحتما ستترهل البلد ولن تتقدم خطوة للامام.
ان التوريث الفئوي هو نوع من انواع الارهاب واخطر انواع الفساد واشدها فتكا وينبغي أن تقف ضده القوي الوطنية وقفة رجل واحد وذلك حرصا منها ومنها علي مصلحة البلاد العليا.
اما لو لم نتخذ هذا القرار سنكون قد تواطئنا جميعا بالصمت وتركنا الوطن بمفرده ينزف الكفاءات التي اهدرت في مفرمة الفساد والمصالح والخوف.
albaas10@gmail.com
albaas.maktoobblog.com