18 أكتوبر 2016

علي حسن أبو مهاب يكتب : العائدون من النار


منذ وقت ليس بالقليل وأوراق 30 يونيه تتساقط ورقة تلو أخرى , كانوا يأملون فى ربيع مثمر مشرق ونسمات هواء صافية , لكنهم أنكروا الواقع وتغافلوا التاريخ وتناسوا أنهم في موسم الخريف ، وأنهم ألقوا بذورهم فوق رمال متحركة .

فكان لزاماً على هؤلاء الانسحاب عندما أعلن الجنرال عن خارطة الطريق معلناً عن ذاته مؤكداً على الانقلاب على ثورة 25 يناير , لكنهم لم ينسحبوا وانتظروا لعل وعسى يكون لهم دور فى مرحلة قادمة .. ثم كان لزاماً عليهم أن ينسحبوا بعد فض اعتصام رابعة بتلك الطريقة البشعة , لكن الجنرال كان قد سبقهم بضربة استباقية بتفويض على بياض وغير مشروط , فترددوا فى الانسحاب رغم انسحاب البعض وضيعوا فرصة ثمينة أتيحت لهم على دماء المصريين .. وكان لزاماً عليهم الانسحاب بعد إصدار قانون تنظيم التظاهر المعيب و الذى بموجبه وعلى إثره اعتقل الكثير من خيرة شباب الثورة ولفقت لهم القضايا ، لكنهم لم يفعلوها على أمل التواجد فى البرلمان منتخبين أو معينين وأضاعوا الفرصة للمرة الثالثة , وكلما ضاعت فرصة قلت فرصهم فى عود كريم يقبل التبرير والتسامح دونما لوم أو اعتذار , لكنهم ماطلوا فى الانسحاب حتى إلى ما بعد دستور لجنة الخمسين , ثم شاركوا فى الانتخابات الرئاسية ليضفوا عليها الشرعية الشكلية والديمقراطية المبتذلة ، وقبل الانتخابات البرلمانية بأسابيع قليلة حين علموا أن النظام اختار من يمثلوه بطريقته المخابراتية والأمنية المعتادة حينها أدركوا أن الانسحاب أصبح واجب النفاذ , لكنه انسحاب بطعم الهزيمة التى ارتضوها لانفسهم وسواء كانت بحسن نية أو بسوء نية كان لزاماً عليهم الانسحاب المبكر منذ إعلان خارطة الطريق بزي عسكري .

فليعلم هؤلاء العائدون أن جماهير الثورة لم تكن لتستقبلهم بأكاليل الزهور وأجراس الكنائس وتكبيرات المأذن , وليعلموا أن فترة تماهيهم مع النظام تخللها انتهاكات وتجاوزات خلفت ضحايا بالآلاف ما بين قتيل ومعتقل ومختفى قسرياً وهؤلاء الضحايا لهم من الأسر والأهالى ما يزال يكابد آلام الموت وعذابات الاعتقال فرفض هؤلاء لعودتكم وصب غضبهم عليكم مبرر ومعذر .

وعلى الرافضين والغاضبين أن يعلموا أن الثورة ليست حكراً على أحد ولا أحد يملك صكوك الثورية , وأن الثورة ليست مغنم عاد إليه هؤلاء ليغترفوا من خيراته و مكاسبه , بل عاد هؤلاء لاستكمال مسار ثوري قد بدأوه ليتحملوا تبعاته ومسؤليته ومخاطره والتى قد تؤدي بهم إلى القتل أو غياهب السجون ؛ فالثورة فى حالة ضعف وانكسار وتحتاج إلى كل يد تقذف بحجر فى وجه المستبد ، وكل لسان يلعن الظالم وكل قلم يفضح الفاسد .

وليستدعوا هؤلاء الغاضبون من ذاكرة التاريخ ما فعله خالد بن الوليد بالمسلمين قبل إسلامه وما قدمه للإسلام والمسلمين بعد إسلامه , والأمثلة كثيرة والقياس مع الفارق , وربما يخرج من بين هؤلاء من يرفعون راية الثورة ويحملونها إلى بر السلامة والأمان .

الكل أخطأ , ولكل خطايا ضحايا .. فمن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر .. وخير الخطائين التوابون 

منقول عن النقرير المصري

ليست هناك تعليقات: