22 نوفمبر 2011

فزاعات الثورة .. والدعم الربانى

فزاعات الثورة .. والدعم الربانى

سيد أمين

رغم كل محاولات اجهاضها .. الا أن الأحداث على الارض تؤكد أن شعب مصر لايزال مصرا على التغيير الشامل , التغيير الذى لا يقنع بتبديل الوجوه والابقاء على السياسات , لا يقنع بعمليات "ترميم " نظام مبارك وليس ازالته, التغيير الذى لا يمكن أن يظهر معه من يتهم الثوار بأنهم خونة ينفذون أجندات الخارج , وأنهم قلة مندسة تتلقى دعما ماليا من اعداء الوطن وهم لا يعبرون عن الشعب المصري وكأنهم كائنات فضائية هبطت من السماء.

الثورة مستمرة رغم كل محاولات الترويع والتخويف والتخوين عبر اللعب على ثلاثة محاور من أجل عزل الثوار عن الشعب مستغلين فى ذلك انخفاض وعيه السياسى , وهو الانخفاض الذى نجم جراء سنوات طوال وخطط مدروسة لتحويل الانسان المصري الى كائن بيولوجى يفكر بغرائزه ومعدته وليس بعقله.

ومن المحاور التى راح القائمون على أمر اجهاض الثورة اتباعها "مسألة تخوين الثوار" والادعاء بأنهم مأجورون جاءوا لاستهداف مصر والانحياز لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة مصر , وهو ذات الاسلوب المتبع اعلاميا فى عهد مبارك حينما اتهم الملايين فى ميادين مصر بالعمالة للخارج وتلقى وجبات "كنتاكى" وأنه لن يسمح ازاء ذلك التأمر بتسليم مصلحة البلاد العليا لاسرائيل .

وما أن سقط مبارك حتى صار مؤكدا أن مبارك لا الثوار هو من كان عميلا لاسرائيل وامريكا , وأن الخراب الهائل الذى لحق بكل مناحى الحياة فى البلاد بطريقة لم تكن تطمح لتحقيقها حتى اسرائيل جاء جراء سياساته .

نجحت الثورة فى خلع مبارك إلا انها لم تخلع رجاله ومناهجه , حيث راح القائمون على امر البلاد يتبعون نفس النهج فى تخوين الثوار بل وراحوا يضيفون مؤثرات جانبية تؤكد مزاعمهم.

بدأت تلك المؤثرات بافتعال احداث السفارة الاسرائيلية بما سبقها من دعوات لاقتحام الحدود المصرية - الفلسطينية فضلا عن التفجيرات المتكررة لخط الغاز المصرى المؤدى لاسرائيل.

ولعل الهدف من وراء تلك الاحداث محاولة ايهام "عامة" الشعب بأن "الثوار"بسؤ نية منهم يسعون لاشعال حرب مع الكيان الصهيونى , وهى الحرب التى لم نكن قد اعددنا لها العدة وقطعا سنخسرها.

يترافق مع تلك الاحداث القاء القبض على جواسيس "وهميين"فى ميدان التحرير جاءوا لتحريض الثوار على التخريب , وقد بدأ ذلك السيناريو عبر اعتقال ما وصفوه بانه جاسوس اسرائيلى يدعى جرابيل متهمينه بأنه كان يحرض الثوار على التخريب , وقد بدا جرابيل فى الصور التى التقطت له وكأنه يقول للشعب او من يصوره " أنا جاسوس اسرائيلى جئت لتخريب مصر مع الثوار " وراحت وسائل الاعلام تزيد وتزبد فى تفاصيل واهداف تواجد هذا الصيد الثمين فى الميدان.

وبعد كل هذه الدعاية التى تهدف الى تشويه سمعة الثوار تم تسليم الجاسوس المزعوم الى اسرائيل فى مقايضة مع عدد من المسجونين المصريين "جنائيا " فى سجون اسرائيل , الامر الذى القى بظلال من الشك الكثيفة حول الحادث برمته لأن الموساد الاسرائيلى الذى اخترق بحرفية عالية معظم انظمة الحكم فى العالم العربى او الاسلامى لايمكن ان يكون رجاله يكل تلك السذاجة التى تجعلهم يحضرون لالتقاط الصور التذكارية فى ميدان الثورة الرئيسى , تلك الثورة التى جاءت للإطاحة بصديق اسرائيل وامريكا الاستراتيجى .

ومن الامور الاخرى كذلك الخبر المدهش الذى تناقلته الفضائيات والصحف عن قيام طائرة عسكرية مصرية باقتحام الاجواء الاسرائيلية وحلقت حوالى 24 دقيقة فوق مفاعل ديمونة النووى , وهو خبر مع حجم سذاجته يثير التهكم من امر الذين اطلقوه .

وتلى ذلك اخبار تناقلتها الصحف والفضائيات عن ان اسرائيل تسعى لشن حرب ضد مصر خلال الايام المقبلة , ولعل هذا الخبر وسابقه مجرد اخبار وجهت لعامة الناس من الاغلبية "المغيبة" دون نخبتهم تهدف لاثارة خوفهم من انفجار الحرب , وبالتالى رفض المظاهرات المطالبة باستكمال الثورة بحجة إعطاء الجيش الفرصة لحماية امن البلاد الخارجى , رغم ان الثوار يطالبون المجلس العسكرى بتسليم السلطة للشعب وتفرغه لمهمته الاساسية فى حفظ امن مصر الخارجى دون التدخل فى الشأن الداخلى .

وثانى المحاور التى يتم تصنيعها واستغلالها للحيلولة دون استكمال الثورة هو محور الأزمة الاقتصادية ويتم ذلك عبر التركيز على اخبار الخسائر وانهيار البورصة وكساد السياحة والكساد والتضخم وازمات الوقود والخبز واتهام المظاهرات بالوقوف وراءها , رغم أن القائمبن على حكم البلاد لا الثوار هم ايضا المتسببون فى تفجر تلك الازمات عبر رفضهم المتكرر تنفيذ مطالب الثورة او تنفيذها بصورة باهتة لا تسمن ولا تغنى من جوع.

واخر هذه المحاور الثلاثة محور الانفلات الامنى وهو المحور الذى يتم خلاله التلويح ياستهداف الامن الشخصى لكل مصري جراء حالة الفوضى التى تجتاح الشارع الآن , وإلقاء المسئولية كاملة خلف الثورة والمظاهرات .

ويتمثل نشاط هذا المحور فى اطلاق يد البلطجية فى كل شبر فى مصر دون حسيب او رقيب مع التعلل بأن الوهن الذى لحق بالداخلية كان جراء الثورة والثوار وهم يتحملون المسئولية , يأتى ذلك رغم انه لو صدقت النوايا لتم اعتقال هؤلاء البلطجية والخارجين الذين صاروا بقدرة قادر اكبر تنظيم خاص مسلح فى مصر فى مدة اقصاها اسبوع او اسبوعين نظرا لأنهم – اى البلطجية- مسجلون ومعلومو البيانات والعناوين والجرائم التى ارتكبوها.

انا فى الحقيقة لا أتهم المجلس العسكرى بالتأمرعلى الثورة بقدر ما اننى انبهه الى خطايا نجمت عن سؤ تقدير فى حساباته , خطايا أوشكت أن تدخل البلاد فى نفق مظلم , خطايا قد لا تكون مقصودة – وهذا وارد – ولكنها وفرت للقوى المضادة للثورة وهم كثيرون ملاذا آمنا للنفاذ منه الى ربوة التل وذروته, وحرمان الشعب من جنى ثمار اشجار روتها دماء الشهداء فى ميادين مصر فى تحقيق العدالة والمساواة وتوقف اللصوص الفورى عن "حلب " البقرة الحلوب دون سواهم .

المجلس العسكرى وهو يرأس مؤسسة لا يكن لها المصريون إلا كل احترام وتقدير لم يكن ثوريا بنفس تلك الثورية التى طمح إليها الثوار, وما بين هذا وذاك – والشيطان عادة يكمن فى التفاصيل – تسلل الشك الى القلوب , وظهرت الفوارق بين الثوريتين , الثورية الشمولية التى تريد التخلص للأبد من كل ما يمت للقديم , والثورية التى تسعى للتخلص من عالم الشخوص دون الافكار , من هنا نجمت ثورة التحرير الثانية.

رغم هذا , نقول إن ثورة صنعها الله لا يمكن ان تقف امامها قوة بشرية , واى محاولات لاجهاضها ستؤل للفشل كما ألت المحاولات السايقة وان الله يؤيد مصر ولو كره الفاسدون.

ليست هناك تعليقات: