09 أبريل 2021

محمد سيف الدولة يكتب: مصر والردة المستحيلة لما قبل الميلاد!

 Seif_eldawla@hotmail.com

ان الذين يتصيدون اى حدث أو مناسبة ولو كان استعراضا ناجحا نظمته الدولة للترويج عالميا للآثار والسياحة المصرية، ويحاولون توظيفها فى تضليل الشباب والاجيال الجديدة وتشكيكهم فى هويتهم الوطنية والقومية والحضارية الثابتة والمستقرة منذ قرون طويلة، سيفشلون فشلا ذريعا كما فشل الذين من قبلهم.  

·       فمنذ بدايات عصر كامب ديفيد، يدور فى مصر صراع شرس على انتماء مصر العربى وهويتها الحضارية ودورها فى التصدى للعدوين الامريكى والصهيونى.

·       أنصار كامب ديفيد واصدقاء امريكا يعادون العروبة، تحت رعاية السلطة وفى حمايتها.

·       وباقى الشعب وقواه الوطنية يدافعون عن وحدة الامة ووحدة قضاياها ومعاركها، مسلحون بالشرعية التاريخية ونصوص الدستور.

·       وهو صراع مستمر لم يتوقف لحظة، ولكنه يشتد ويحتد فى اوقات العدوان على اى طرف عربى؛ فنغضب نحن ونطالب بالتدخل والمساندة والمشاركة وقطع العلاقات وغلق السفارات والغاء المعاهدات والعودة الى الصف العربى.

·       ويصمتون هم ويتجاهلون او يتواطأون وينادون بضبط النفس والحكمة وبر الامان.

·       وفى سبيل تبرير مواقفهم المراوغة، يكذبون فيقلبون الحقائق ويزيفون التاريخ.

· ومن اجل ذلك يوظفون اعدادا من الكتاب والمثقفين ليديروا لهم الجانب الفكرى من الصراع.

·       ومن اول هؤلاء، كان توفيق الحكيم عندما كتب عام 1978 مقالا بعنوان "مصر والحياد" طالب فيه بأن على مصر ان تقف على الحياد بين العرب و(اسرائيل) كما وقفت سويسرا على الحياد فى الحرب العالمية الثانية. فمصر ليست عربية. وانضم اليه حسين فوزى ولويس عوض يؤكدون ما قاله ويتحدثون عن الغزو العربى الاسلامى لمصر، وعن مصر الفرعونية وحضارة 5000 سنة ..الخ.  وتصدى لهم احمد بهاء الدين ورجاء النقاش وآخرون. وكانت معركة شهيرة انتصر فيها فى ذلك الحين شرفاء الامة لهويتها وعروبتها.

·وتكررت هذه الحملات مع كل عدوان على أى جزء من الامة خلال الأربعة عقود الماضية، فهم يريدون ابراء ذمتهم من اى مسئولية للدفاع عن الشعب العربى، بحجة اننا لسنا منهم، وهم ليسوا منا.

· وأبناؤنا هم أول ضحايا لهذه الاكاذيب، فقد يصدقونها ويعتقدون بان مصر أمة قائمة بذاتها، ليس لها شأن بما يدور حولها.

· إلى هؤلاء الأبناء الأعزاء، سأحاول ان أقدم قراءة موضوعية لتاريخ مصر الحقيقى لكى يعلموا من نحن وما هى امتنا وما هى هويتنا؟ حتى لا يضلوا الطريق.

***

وسأبدأ بالجدول التالى الذى يلخص فترات احتلال مصر قبل الفتح العربى:

·       احتل الهكسوس مصر 108 عاما متصلة من عام 1675 ق.م الى عام 1567 ق.م

·       واحتلتها قبائل ليبية 220 عاما من 950 ق.م الى 730 ق.م

·       ثم احتلتها قبائل جنوبية لمدة 95 عاما من 751 ق.م الى 656 ق.م

·       ثم احتلها الفرس 130عاما من 525 ق.م الى 404 ق.م، ومن 341 ق.م الى 332 ق.م

·       ثم جاءت عصور الاحتلال الأوروبي:

·       التى بدأت بالاسكندر والبطالمة الذين احتلوا مصر 302 عاما من 332 ق.م الى 30 ق.م

·       ثم جاء الرومان فاحتلوها 425 عاما من 30 ق.م الى 395 م

·       ثم أخذها البيزنطيون بعد تقسيم الإمبراطورية الرومانية واحتلوها 247 عاما من 395 م الى 642 م

·       وما حدث مع مصر حدث مثله وأكثر مع كافة اقطار المنطقة فى تلك الأزمان.

***

من الجدول السابق يتضح لنا الآتى:

·ان الحضارة المصرية القديمة "العظيمة" بدأت تضعف وتندثر منذ الالف الاول قبل الميلاد وبدأت مصر تدريجيا تفقد المقدرة على الاحتفاظ باستقلالها الى ان فقدته تماما ولمدة الف سنة تقريبا فى الفترة قبل الفتح الاسلامى.

·  وقبل ذلك وحتى فى فترات تحررها، كانت مصر دائما مشتبكة فى حروب ومعارك للدفاع عن وجودها وامنها وحدودها ضد الاعداء الخارجيين.

·وكان هذا مؤشرا ودليلا ان هذه الارض الطيبة، عليها ان تبحث عن مصيرها وامنها داخل نسيج اكبر اوسع منها، يضمها هى وجيرانها الذين لم تختلف ظروفهم كثيرا، حتى تستطيع ان تتصدى للحملات العدوانية المتكررة القادمة من الضفة الأخرى من البحر الابيض المتوسط. وان تحتفظ باستقلالها بعد ان تحققه، وان تصنع نقلة نوعية حضارية جديدة قادرة على المنافسة والبقاء فى عالم اصبح شديد المراس.

· ولكن من اين لها ذلك؟

· جاءت الاجابة مع الفتح العربى الاسلامى الذى نجح خلال بضعة قرون قليلة فى فتح كل هذه الاقطار وتحريرها من الاحتلال الاوروبى الطويل، وتأسيس دولة امبراطورية مركزية كبرى، صهر فيها الجميع، لتخرج الى الوجود امة وليدة جديدة لسانها عربى هضمت واستوعبت كل ما كان قائما وموجودا على هذه الارض الشاسعة والممتدة، ولكنها اكثر تطورا.

·  واصبحت مصر جزءا لا يتجزأ من كل ذلك.

·  ولأول مرة تنتقل حدودها الآمنة بعيدا عنها الى اقاصى الشرق والغرب والجنوب، ولتتبوأ بسبب ذلك مكانة القلب من هذه الامة الوليدة الفتية.

·فمصرنا القوية القائدة التى يفخر بها العرب والمسلمون وكل شعوب العالم، لم تصبح كذلك الا بسبب انتماءها الجديد الى امتها الاوسع والارحب بعد الفتح العربى الاسلامى.

وظهرت هذه المكانة الخاصة بوضوح فى اثناء الحروب الصليبية 1096 ــ 1291 التى انكسرت فيها قوى العدوان على ايادى جيوش عربية اسلامية تحت قيادة مصرية، وبعض التذكرة مفيد:

§ فى عام 1187 نجح صلاح الدين الايوبى، بعد ان وحد مصر وسوريا وشمال العراق، فى ان يحرر القدس وعكا ويافا وصيدا وبيروت وعسقلان.

§ بين اعوام 1217 و1221 فشلت الحملة الصليبية الخامسة فى احتلال مصر.

§ فى عام 1244 نجح الصالح ايوب حاكم مصر وبجيش عربى فى تحرير القدس مرة اخرى بعد ان كان قد اعيد احتلالها فى عهد السلطان الكامل عام 1228.

§ فى عام 1250 فشلت الحملة الصليبية الأخيرة بقيادة لويس التاسع فى احتلال مصر وتم اسر الملك الفرنسي.

§ فى عام 1261 نجح قطز حاكم مصر وبقيادة جيش عربى فى هزيمة التتار فى معركة عين جالوت بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية عام 1258.

§ فى عام 1286 حرر السلطان بيبرس حاكم مصر انطاكية والكرك وقيسارية وارسوف ويافا.

§ فى عام 1289 استولى السلطان قلاوون حاكم مصر على امارة طرابلس واللاذقية

§ فى عام 1291 حرر السلطان الاشرف خليل بن قلاوون حاكم مصر صور وحيفا وبيروت وعكا  لتتحرر بذلك آخر إمارة صليبية.

***

هذا هو مختصر دروس التاريخ عن مصر والفتح الاسلامى والامة العربية والعدوان الاجنبى. وهى دروس وعاها جيدا قادة العدوان الغربى الحديث منذ قرنين من الزمان، وتحركوا على هديها ولا يزالون .

§ فها هو نابليون وهو بصدد السعى لضرب المصالح البريطانية فى الشرق، يختار مصر ليبدأ بها ويحاول احتلالها عام 1798.  وتفشل محاولته بسبب المقاومة الوطنية وبسبب عدم سماح الانجليز له بذلك، وضربهم لاسطوله فى الاسكندرية.

§ ثم تتأكد هذه المكانة ثانية على يد محمد على حاكم مصر، الذى حاول تجديد شباب الامة بتاسيس دولة فتية جديدة تخلف الدولة العثمانية وتضم الحجاز والشام والسودان، فتجتمع الدول الغربية وتحاربه وتنتصر عليه وتوقع معه " معاهدة كامب ديفيد الاولى " المشهورة باسم معاهدة لندن عام 1840، و التى سيسمحون له فيها بحكم مصر وتوريثها لذريته بشرط عدم الخروج الى العالمين العربى والاسلامى والانعزال عنهما تماما.

§ وبعد عزل مصر محمد على، تم احتلال معظم الاقطار العربية، ثم العودة الى مصر ذاتها لاحتلالها عام 1882.

§ وكانت هذه هى باكورة مشروعات تقسيم وتجزئة الامة العربية التى اكتملت فى ترتيبات الحرب العالمية الاولى بمعاهدة سايكس بيكو وصكوك الانتداب الانجليزية الفرنسية الايطالية على اقطارنا. وتوطدت بزرع الكيان الصهيونى. وهى الترتيبات التى لم ننجح حتى الآن من التحرر من آثارها.

§ ومع بدية حركات التحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الثانية بدأت الامة العربية تستعيد ادراكها ووعيها بهويتها، فتحررت معظم الاقطار ما عدا فلسطين. وتم تأسيس جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامى، وتضامن العرب فى حروب 1948 و1956 و1967 و1973 والتفوا معا حول قضية مركزية هى قضية فلسطين. وتوحدوا ضد العدو الصهيونى وانشأوا اتفافية الدفاع العربى المشترك ..الى آخره .

§ولكن هذه الصحوة المؤقتة والناقصة سرعان ما ضربت مع انسحاب مصر من ميدان المعركة وانعزالها وعزلها عن امتها العربية بعد حرب 1973 بموجب اتفاقيات السلام المصرية الاسرائيلية المشهورة باسم كامب ديفيد.

§ وبانسحاب مصر توالت الهزائم العربية: فطُرِّدت قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان عام 1982، واعترفت قيادتهم باسرائيل، وتنازلت عن 78 % من فلسطين عام 1993، وعجزت باقى دول الطوق العربية عن مواجهة (اسرائيل) بدون مصر، وانتقل الصراع ضد الصهاينة الى صراع عربى ــ عربى، واحتلت امريكا العراق 2003، وتغولت (اسرائيل) وتكررت اعتداءتها على لبنان وسوريا وابتلعت واستوطنت مزيد من الارض الفلسطينية. ونشطت مشاريع التفتيت فى السودان ولبنان والعراق.

§ وانتقل الضعف الى مصر ذاتها وتراجع دورها الإقليمي، وفقدت ارادتها الوطنية، وسقطت فى التبعية للولايات المتحدة الامريكية.

***

انه نفس الدرس التاريخى القديم الجديد، ان انعزلت مصرعن الامتين العربية والاسلامية، يضعف الجميع وينتصر الأعداء، وتحتل الأوطان.

ان عزل مصر هو هدف دائم لأعداء الامة، وهو عودة فاشلة ومستحيلة الى عصور ما قبل الميلاد، عصور ما قبل الفتح العربى الاسلامى، عصور ظلت مصر خلالها محتلة ألف عاما متصلة.

((الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها)) من نص المادة الاولى فى الدستور المصرى.

*****

 القاهرة فى 9 ابريل 2021

30 مارس 2021

سيد أمين يكتب: تفسيرات روحية لحالة الامة المزرية

يذهب بعض بسطاء السوريين إلى أن سبب تفشي القتل والموت في سوريا يعود لاستجابة ربانية لدعاء درج السوريون للتخاطب به بعضهم البعض، ويقولون أن لفظة "الله يقبرك" وتعني أن "تموت وتدفن في القبر" هي من تسببت في كل شلالات الدم التي تساقطت في سوريا ،حتى وإن كان يتم التخاطب به بين الأهل والأصدقاء على سبيل الدعابة ودون قصد. 

26 مارس 2021

محمد سيف الدولة يكتب: كامب ديفيد..نظام حكم وليست معاهدة

Seif_eldawla@hotmail.com

يخطئ من يتصور أن معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية الموقعة فى 26 مارس 1979، والتى تحل هذا الشهر ذكراها الثانية والاربعون والمشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، هى مجرد اتفاقية ثنائية استطاعت مصر من خلالها استرداد ارضها المحتلة، مقابل اقامة علاقة طبيعية مع (اسرائيل) وبعض الترتيبات والتنازلات الامنية والعسكرية المصرية فى سيناء.

24 مارس 2021

سيد أمين يكتب : "صاحبة الجلالة".. من تحرير الوطن لتحرير الكراسي

نشر المقال لأول مرة في عربي 21

بعضهم لجأ لاستئجار مقهى وأحيانا اضطر للعمل فيه، أو استأجر محلا ليبيع فيه البقالة أو الخدمات المكتبية أو مهمات الكمبيوتر، وبعضهم افتتح مطعما يبيع فيه الفول والطعمية، وأفقرهم من قام بتمويل "عربة فول" من تلك العربات التي تنتشر في كل مدن مصر وأحضر أقارب له للعمل عليها، ومنهم من اقترض من البنوك ليحصل على سيارة يديرها كسيارة أجرة.

وهناك من هم من ذوي الأطيان - وهي تقاس بالقراريط في الغالب - عاد إلى مسقط رأسه في ريف مصر وراح يربي الماعز والخرفان، ويزرع ويسقي وينافس الفلاح في صنعته.

هذه ليست ترديات أو حتى سرديات عن أحوال العمالة الموسمية

07 مارس 2021

محمد سيف الدولة يكتب: طارق البشري .. المكانة والحصار والقصف

 


Seif_eldawla@hotmail.com

المكانة:

فى الايام القليلة الماضية التى أعقبت رحيل المستشار طارق البشرى، انبرى العديد من كبار الكتاب والمفكرين ومن تلاميذه وقرائه للتعبير عن حزنهم وألمهم الشديد لفراقه، مع حرص كل منهم على ذكر ما لمسه بنفسه من سمات وخصائص نادرة ومميزة للراحل الجليل، كقاض مستقل وعادل ونزيه، وفقيه قانونى ودستورى من الوزن الثقيل، ومفكر وطنى واسلامى مستنير، ومؤرخ مدقق واسع الاطلاع، ومناضل صلب وانسان مستقيم ومتواضع وخلوق.

01 مارس 2021

سيد أمين يكتب: الهرمجدون .. هل جمعت بين ترامب واليهود وفرقت بينهما؟

مارس 01, 2021

رغم أن الرئيس الامريكي المثير للجدل دونالد ترامب قدم لاسرائيل ما لم يقدمه أحد لها من قبل ، بدءا من زوج ابنته لليهودي جاريد كوشنر وعينه وزيرا لخارجيته، ثم قراره بنقل سفارة بلاده الى القدس واعترافها بأن كامل المدينة المقدسة عاصمة لاسرائيل، ومعها الجولان السورية المحتلة ، ثم تدبيره لصفقة القرن التي تنهي القضية الفلسطينية صالح اسرائيل ، نهاية بموجة التطبيع الاجباري التي فرضها علي “أثماله” العربية مع هذا الكيان، رغم كل ذلك لم يحظى ترامب برعاية اللوبي اليهودي في امريكا على ما يبدو ما تسبب في سقوطه الذريع .

 

تأثيرات انتخابية

 

تشير المعلومات الى أن هناك اكثر من 6ملايين يهودي يقطنون في عدد من الولايات والمدن الامريكية المهمة مثل نيويورك ولوس انجلوس وميامي وسان فرانسيسكو وشياغو ، واغلب تلك المناطق صوتت لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة وأن هذه الجالية اليهودية كان بامكانها بمفردها أن تحقق الفوز لترامب لو صوتت له في تلك الولايات وحققت التعادل بينه وبين بايدن بحيث يتم خصم هذا العدد من الـ 86 مليون الذين صوتوا لبايدن ويضافوا للأصوات التي حصل عليها ترامب ليصل عدد المصوتين له الى 80 مليون شخص ، فضلا عن قوتها الاجتماعية والاقتصادية التي كان يمكن استخدامها لاقناع أو اجبار شرائح أخرى من غير اليهود للتصويت له.

وبالطبع كل ذلك كان سينعكس ايجابا على اصوات ترامب في المجمع الانتخابي.

بالقطع ستثير تلك التكهنات دهشة الكثيرين واستنكارهم لها ، فلماذا يقابل اليهود اليد التي امتدت لهم بالعرفان بهذه الضربات الموجعة؟ وهل فعلوا ذلك كرها لترامب ام حبا في بايدن؟

 

تأثيرات عقائدية

 

يرد الداعمون لهذا التوجه بمعلومات اكثر غرابة تتعلق كلها بالتوجهات الدينية لكل من الصديقين “اللدودين” والذين جمعت بينهم الايديولوجية الدينية وهى التي فرقت بينهم أيضا في أخر المطاف.

فمن المعروف ان ترامب واحدا من الرءوساء الامريكيين الذين عرفوا بتأثرهم بشدة بمرجعيتهم الدينية البرستانتيه المشيخية ، وانه توجه الى الكنيسة القريبة من البيت الابيض حاملا الانجيل حينما داهم المحتجون الرافضون لسياساته المكان ليعلن للعالم تمسكه بوجهته العقائدية في بلد يتحلى ولو شكليا برداء العلمانية.

وحتى حينما هاجم انصاره مقر الكونجرس بعد اعلان فوز بايدن كان كثيرون منهم يحملون صلبانا ،وبينهم عدد من العرافين وقراء الحظ والطالع، وقيل انه كان بينهم قارئ الطالع الخاص بترامب نفسه.

ويقولون ان تدين ترامب بهذا المذهب – كما يقولون – جعله يؤمن بشكل جازم بضرورة وقوع معركة “الهرمجدون” او معركة “نهاية العالم” التي ستحدث بين السيد المسيح “عليه السلام ” بعد عودته الثانية كممثل لقوى الخير، ويين من لا يؤمنون به وسيفنيهم جميعا في “مدينة القدس” كممثلين لقوى الشر.

“مع ملاحظة أن وقوع تلك المعركة الفاصلة بين قوى الخير والشر في نهاية الزمان يؤمن بها انصار الديانات السماوية الثلاث ولكن يروونها بطرق مختلفة وكل فصيل بنسب الانتصار فيها لنفسه”.

الجديد هنا أن ترامب – بحسب المؤمنين بهذه النظرية – يعتقد أن اليهود من ضمن قوى الشر التي سيتم افنائهم، وأنه مع تخريب مدينة القدس لابد من تدمير هيكل داوود” أو”سليمان”.

ونظرا لأن هذا الهيكل غير موجود كي يتم هدمه ، فإنه من الضروري مساعدة اسرائيل لبسط سيطرتها الكاملة على كامل مدينة القدس، وتمكينها من اعادة بناء الهيكل أو العثور عليه أسفل “المسجد الاقصى” من ثم تهيئة الأجواء لعودة المسيح وهدمه، وتخريب القدس ،والقضاء على كل قوى الشر يهودا ومسلمين.

ولليهود سببا اخر للخلاف مع ترامب ، وهو أن الرجل يؤمن تماما بوجوب سيطرة الجنس الابيض على الحكم في امريكا بعدما افقدتهم “سياسة التجنيس والهجرة والمعايير الديمقراطية” السيطرة على مفاصل الحكم هناك ، بينما اليهود لا ينتمون للجنس الابيض ، وهم ايضا يؤمنون بانهم الافضل لكونهم “شعب الله المختار” كما يزعمون.

لذلك رأي اليهود أن اكتمال نصر ترامب وتمكنه من احداث تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة في امريكا وفي العالم لن تصب في النهاية لصالحهم.

 

الساسة الامريكيون ومعركة النهاية

 

والحقيقة ان هناك الكثير من الساسة الأمريكيون ينتهجون نهج ترامب ، وبحسب كتاب “النبوءة والسياسة” للكاتبة الأمريكية جريس هالسيل فإن النبوءات التوراتية تحولت في امريكا إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية وكلهم يعتقدون قرب وقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجعون التسلح النووي ويستعجلون وقوع هذه المعركة باعتبار أن ذلك سيقرب مجيء المسيح.

وفي هذا المعنى تحدث الرئيس الأمريكي ريجان عام 1980م في مقابلة متلفزة أجريت معه مع الاعلامي المسيحي المتدين جيم بيكر قائلا: “إننا قد نكون الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون”.

وفي تصريح آخر له: ان هذا الجيل بالتحديد هو الذي سيرى هرمجدون.

أما الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش فقد نقلت عنه مجلة دير شبيجل الألمانية عام 1988 قوله “منذ ذلك الوقت أصبح بوش واحداً من الستين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثانية للمسيح وهذا ما دعاه إلى القول: بأن المسيح هو أهم الفلاسفة السياسيين في جميع الأزمنة لأنه ساعدني على التوقف عن شرب الخمر”.

ويتضمن كتاب “لو كررت ذلك على مسامعى فلن أصدقه” لمؤلفه الصحفى الفرنسى “جان كلود موريس” أخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكى “جورج بوش الابن” والرئيس الفرنسى السابق “جاك شيراك”، والتى كان يجريها الأول لإقناع الثانى بالمشاركة فى الحرب التى شنها على العراق عام 2003، بذريعة القضاء على “يأجوج ومأجوج”.

ويقول مؤلف الكتاب ان بوش الابن كان من أشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية، وكان مهووساً منذ نعومة أظفاره بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح، والانغماس فى المعتقدات الروحية المريبة، وفى مقدمتها (التوراة)، ويجنح بخياله الكهنوتى المضطرب فى فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من المعابد اليهودية المتطرفة.

وفي عام 1991 واثناء الحرب على العراق نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الحاخام «مناحيم سيزمون»، الزعيم الروحى لحركة حياد اليهودية، مفاده بأن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح “اليهودي” المنتظر.

وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش صدرفي قبرص عام 1990 يقول:توجد هيئات وجمعيات سياسية وأصولية في امريكا وكل دول العالم تتفق في أن نهاية العالم قد اقتربت، وأننا نعيش الآن في الأيام الأخيرة التي ستقع فيها معركة هرمجدون، وهي المعركة الفاصلة التي ستبدأ بقيام العالم بشن حرب ضد دولة إسرائيل، وبعد أن ينهزم اليهود يأتي المسيح ليحاسب أعداءهم ويحقق النصر، ثم يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام يعيش العالم في حب وسلام كاملين.

وهناك في الحقيقة العديد من التصريحات التي يدلي بها مسئولون أمريكيون وغربيون تكشف عن سيطرة هذه العقيدة على سياستهم الخارجية والداخلية


23 فبراير 2021

محمد سيف الدولة يكتب: من الوحدة العربية الى الردة العربية الشاملة

Seif_eldawla@hotmail.com

فى الذكرى الـسنوية لقيام دولة الوحدة العربية بين مصر وسوريا فى 22 فبراير 1958، ما أمس حاجتنا لـ "نكء الجراح" والتأمل فى تاريخنا القريب للمقارنة بين ما كنا عليه وبين واقعنا الحالى، لعلنا ننجح فى استفزاز المهمومين باحوال الأمة ومستقبلها وحثهم الى التداعى للبحث عن اهم الاسباب التى أدت هذه الردة العربية الشاملة:

· ففى سنوات الوحدة كنا نعيش عصر الاستقلال والتحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الثانية، فيما عدا قلة قليلة من الدول العربية التى لم تخرج أبدا من عباءة الهيمنة الغربية.

واليوم تعيش كل الدول العربية من المحيط الى الخليج بلا استثناء واحد فى مستنقع التبعية بكل الوانها واشكالها.

·وكان لفلسطين معنى عربى واحد ووحيد هو فلسطين 1948 اى كل الارض المحتلة الواقعة بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط.

واليوم اصبحت فى قاموس الانظمة العربية هى فلسطين 1967 التى لا تتعدى الضفة الغربية وغزة، والمساومات قائمة على قدم وساق لتقليصها الى ما هو أدنى من ذلك بكثير.

·وكان هناك اجماع عربى رسمى وشعبى على ضرورة تحرير كامل ترابها المحتل والقضاء تماما على المشروع الصهيونى الذى يهدد كل الامة بقدر ما يهدد فلسطين. وكانت الامة تضمد جراحها وتلملم شتاتها بعد النكبة، استعدادا لمعركة التحرير.

واليوم بعد ان اعترفت مصر والاردن والسلطة الفلسطينية، ثم الامارات والبحرين والسودان والمغرب وموريتانيا بشرعية دولة (اسرائيل)، أصبحوا يتحدثون عن تحالف عربى اسرائيلى تحت قيادة الولايات المتحدة لمواجهة ايران والتطرف الاسلامى ولتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على مقاومتها ونزع سلاحها، فيما يسمى بصفقة القرن.

· وكان هناك اجماع بين غالبية الشعوب العربية على مكانة مصر ودورها التاريخى والقومى فى قيادة الامة

واليوم اهتزت مكانتها بشدة وتراجعت وتبدلت الادوار، لتشغله بدلا منها المحميات الامريكية من ممالك وامارات البترودولار.

·وكان هناك قوتان عظمتان ومعسكران دوليان رأسمالى واشتراكى وتوازن دولى يسمح لنا ولكل الدول المتحررة والنامية بمساحة أكبر من الحركة والمناورة.

واليوم هناك انفراد وهيمنة امريكية لا تزال تقبض على العالم والمنطقة بيد من حديد.

· وكانت غالبية دول العالم شمالا وجنوبا، تُقيم لنا وزنا وتتعامل معنا ككتلة واحدة متجانسة ومتماسكة يُعمل لها ألف حساب، فتتجنب الانحياز لأعدائنا او الاضرار بالمصالح والقضايا العربية الرئيسية. وكان العرب هم القوة الاقليمية الاولى فى المنطقة.

اما اليوم فلم يعد للدول العربية منفردة او مجتمعة وزنا يذكر فى الحسابات والصراعات والمحاور الدولية والاقليمية، واصبحت دول الجوار إيران وتركيا تحتلان هذه المكانة جنبا الى جنب مع الكيان الصهيونى المسمى باسرائيل، وتم تدويل كل قضايانا ومصائرنا.

·وكانت الهوية القومية واضحة ومحددة وموحدة، فغالبية شعوبنا من المحيط الى الخليج كانت تؤمن بهويتها العربية وتلتف حولها وتطالب باستقلال الامة ووحدتها وبتحرير فلسطين.

واليوم دفعت كثرة الهزائم والصدمات قطاعات عربية واسعة الى الكفر بالانتماءات القومية بل وبالوطنية والى البحث عن هويات وانتماءات بديلة والتعلق بها، فضربتنا الانقسامات السياسية والايديولوجية والفتن الطائفية والصراعات العرقية والحروب الاهلية ومخاطر التفتيت والانفصال.

· وكان التيار المؤمن بوحدة الامة، الداعى الى توحيدها هو التيار الأقوى والأوسع انتشارا والأكثر تاثيرا على المستويات الشعبية والفكرية والسياسية والتنظيمية.

واليوم تراجع هذا التيار مئات الاميال الى الوراء، لتتصدر المشهد تيارات أخرى، تنكر وجود الأمة العربية من منطلقات فكرية وايديولوجية مختلفة. وأصبح أى حديث عن العروبة او القومية او الوحدة يثير الدهشة وأحيانا السخرية، من منطق انه كلام قديم عفي عليه الزمن أو اوهام خيالية غير واقعية ومستحيلة فى ظل حالة التشرذم الحادة التى يعيش فيها العرب اليوم.

· صحيح انه كانت لنا اخطاؤنا وخطايانا الكبرى التى ساهمت فيما نحن فيه اليوم، ولكننا ظللنا نقاوم ونقاتل متمسكين بمواقفنا المبدئية وثوابتنا الوطنية حتى فى اقصى لحظات الهزيمة والانكسار.

اما اليوم فلقد اصبحنا على عقيدة الامريكان والصهاينة

***

ليس هناك فائدة ترجى بطبيعة الحال من البكاء على اللبن المسكوب، ولكن الجدوى الوحيدة من احياء ذكرى انتصاراتنا ولحظات صعودنا، كعصر العروبة والوحدة والاستقلال والصمود والعداء (لاسرائيل) وغيرها، هى دراسة اسباب الردة والانكسار، ثم التداعى والتواصل من أجل البحث عن سبل انقاذ الأمة وانتشالها من المستنقع الذى اصبحنا نعيش فيه اليوم من انقسام وتمزق وتبعية وتصهين وتخلف واستبداد.

*****

 القاهرة فى 22 فبراير 2021

19 فبراير 2021

محمد سيف الدولة يكتب: هل لا تزال الأغاني ممكنة؟

Seif_eldawla@hotmail.com

ما هو المطلوب من قوى المعارضة الوطنية فى مصر، فى ظل هذه الترسانة من القيود والممنوعات والمحظورات السياسية والامنية والقانونية؟

*هل مطلوب منها ان تستسلم وتنسحب نهائيا من الحياة السياسية، لتخلو الساحة تماما من اى رأى معارض؟

*ام مطلوب منها ان تقوم بتكييف و"تقييف" أنفسها على مقاس ارادة السلطة ورغباتها، لتصبح معارضة مستأنسة ومروضة وظيفتها الوحيدة هى اضفاء مظهرا ديمقراطيا شكليا وتجميليا على النظام السياسى فى مصر؟

*وهل حدث من قبل فى

06 فبراير 2021

محمد سيف الدولة يكتب: انتصارات ثورة يناير فى عامها الاول





فى الذكرى العاشرة لثورة يناير، من الأهمية بمكان التذكرة باهم المكتسبات التى حققتها الثورة وانتزعتها فى عامها الاول او يزيد قليلا.

وبالرغم من انه لم يكتب لها الصمود والاستمرار طويلا، الا انه من حق ثورة يناير وشهدائها وثوارها وكل من شارك فيها، ان يتم تسجيل هذه النجاحات وتوثيقها، للتاريخ وللاجيال الجديدة، وايضا فى مواجهة كل من يشكك فيها وفى وطنيتها وفى اهدافها الجليلة وفى دورها العظيم:
1) اسقاط مبارك والقضاء على مشروع التوريث والتأبيد والتجديد وعلى هذا الجزء من النظام الذى كان يجعل من رئيس الجمهورية كشيخ القبيلة يستبد بها وبكل من فيها ويستأثر بمقدراتها وينفرد