12 يونيو 2020

مأساة سارة والعبودية.. هكذا ساوى الغربيون بين الانسان الافريقي والقرد

لم ترتكب سارا ذنباً فى حياتها سوى أنها ولدت فى هذه القارة التى جعلها المستعمرون البيض قارة للعبودية. اختطفت سارا من موطنها كما حدث لملايين الشباب الافريقى، ولكن معاناتها كانت اشد وأفظع، فقد عوملت هذه الشابة البائسة فى ارض الغربة
 على إنها فى مرتبة أدنى من مرتبة الحيوان، واعتبرها سيدها الأبيض إنها مسخ بشرى يستحق العرض والمشاهدة، وكل ذلك الهوان والبؤس والذل؛ لانها كانت ذات أرداف بارزة، مع ان ضخامة الأرداف وغلظة الشفاه من الصفات البشرية للجنس الأسود، بل تعدان من الجمال الافريقى.
ولدت سارا 1789 فى إقليم الكاب بجنوب إفريقيا، وفى السنوات الأولى التى كانت تحبو فيها طفلة كان أهل قبيلتها(الخوسال) يذبحون ويؤسرون على ايدى المستوطنين الهولنديين للاستيلاء على أرضهم، وسرعان ما وقعت سارا فى أغلال عبودية مزارع هولندى هو بيتر سيزر.
كانت نقطة التحول فى مأساة حياة سارة عندما زار الأخ الأصغر لسيدها المستوطن الهولندى مزرعة أخيه، وكان معه طبيب جراح بريطانى بهره التكوين الجسمانى لسارا ومن ثم قام بنقلها الى بريطانيا لتعرض كحالة غريبة على مسرح بيكاديللى. وفوق حلبة عرض تعلو بارتفاع عدة أقدام، كانت سارا تظهر عارية على الناس يقودها حارسها كما يصنع مع وحش برى، تجبر على المشى والوقوف والجلوس حسب أوامره، كانت تظهر ويعلن عنها باعتبارها أيكونه رديئة للجنس الأسود وللممارسة الجنسية، وعلى أنها تمثل الشراهة الجنسية المتوحشة، وهى الصفة التى أسبغها المكتشفون الأوربيون لعلماء الطبيعة على المرأة السوداء.
صدم هذا الابتذال للعرض العام لسارا بعض الشرفاء وبدأوا يدافعون عنها ويعرضوا قضيتها على القضاء فى نوفمبر 1810، ولكن لسوء حظها فان القاضى حكم ضد منع هذا العرض المبتذل العام لسارا.
وبعد أربع سنوات فى عام 1814 باعها صاحب العرض البريطانى لمدرب حيوانات سيرك فرنسى نقلها الى باريس، حيث وصلت حالتها الى الحضيض، كانت تعرض مع الحيوانات المتوحشة وهى عارية او مرتدية بعض الجلود التى تظهرها بشكل متوحش.
وباسم البحث العلمى زادت مهانتها، ففى عام 1815 قبل وفاتها بقليل أجرى بعض علماء فرنسا (جفروى سانت هيلير وهنرى دبلانفيل وبارون جورج كافيير) اختبارا على سارا، ثم وضعوا نظرية علمية برهنوا فيها على ان المرأة السوداء أكثر بدائية فى شهواتها الجنسية من زميلاتها البيضاء، وان حركتها وعاداتها تشبهان حركات القرود او فصائل منها.
توفيت سارا فى ديسمبر 1815 بعد وقت طويل من الاختبار العلمى وكانت فى الخامسة والعشرين من عمرها.
وقام عدد من علماء فرنسا بتشريح جثة الفتاة المسكينة، وانتزعوا مخها، وأعضائها التناسلية ووضعوها فى قنينة مملوءة بالفورمالين والمحاليل الحافظة، واحتفظوا بهيكلها العظمى فى "متحف الإنسان" كمسخ ادمى لها، ومما يذكر انه فى هذا المتحف كل رفات البشر المحفوظة فى معروضاته الزجاجية هم من السود، ولا توجد به حالة واحدة من الجنس الأبيض معروضة.
زولا ماسيكو هو مخرج سينمائي عكف على إخراج برنامج وثائقى باسم " حياة وزمان #سارا_بارتمان متابعة وثائقية للحياة القصيرة والمأساوية لامرأة شابة من الخوسال"

ـــــــــــــــــــــــــــ
* من كتاب العبودة فى افريقيا ـ من تاليف ا. عايدة العزب موسى

ليست هناك تعليقات: