19 مايو 2019

محمد سيف الدولة يكتب : دولة وطنية أم محمية امريكية؟


لا أستطيع ان أقاوم مشاعر الغيرة الوطنية التى تتملكني حين أقارن بين الموقف الايرانى من الولايات المتحدة الامريكية وبين مواقف غالبية الدول العربية التى وصفها ترامب بانها ليست سوى محميات امريكية ستسقط خلال أسبوع إذا ما رفع عنها الامريكان حمايتهم.
او أقارن بين موقف العداء الايرانى الصريح والجذري من العدو الصهيونى، الذي يرفض الاعتراف باسرائيل ويقوم بتسليح المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وبين موقف أنظمة كامب ديفيد ووادى عربة واوسلو والسعودية ودوّل الخليج الغارقة فى التطبيع والتنسيق والتحالف مع (اسرائيل) من باب الخوف او التواطؤ.
كم كنت أتمنى ان يكون النظام الرسمى العربى بقيادة مصر فى موقع ايران اليوم، كما كان الحال قبل حرب 1973.
وكم اخجل من الدول العربية التى تتحالف مع (اسرائيل) وتحتمى وتستنجد بالامريكان وتستدعيهم الى المنطقة وتحرضهم على العدوان على ايران، على نهج الخديوى توفيق الذى استدعى قوات الاحتلال البريطانى لمواجهة عرابى والقضاء على ثورته عام 1882، مع الفارق بالطبع بين موقفنا من الثورة العرابية والثورة الايرانية.
وكم اشفق على الشعوب العربية وهى ترى أحوال أمتها وقد وصلت الى الحضيض، تكاد تخرج من التاريخ بعد ان تراجعت دولها الى الصفوف الخلفية وشغلت مقاعد الدول الهامشية او التابعة فى المنطقة، واصبحت مجرد ادوات فى ايدى القوى والمحاور الاجنبية توظفها وتستخدمها كما تشاء فى صراعاتها الدولية والاقليمية فى المنطقة.
***
يقول البعض ان لإيران أطماعا قومية فى الدول العربية، فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، تضعها فى موقع العدو للامة العربية.
وردى على ذلك، هو ان التصدى للصراعات والمنافسات بل والاطماع الاقليمية بين أمم وشعوب المنطقة يجب ان يتم بايادى وطنية خالصة وفى إطار مشروعا قوميا عربيا رائدا ومستقلا، وليس تحت مظلة الامريكان والصهاينة.
فما احوجنا الى مشروعا عربيا وطنيا يقف ندا للمشروع الايرانى او التركى فى المنطقة، ويتحالف معهما فى ذات الوقت ضد الولايات المتحدة وربيبتها (اسرائيل).
***
ويقول البعض، ان وضع الدول العربية التابعة والحليفة للولايات المتحدة اليوم أفضل الف مرة من موقف ايران التى تعاديها أكبر دولة فى العالم فتخضعها لعقوبات هائلة وتحاصرها وتحكم الخناق عليها. فمن ذلك المجنون الذى يود ان يكون فى مكان ايران اليوم، او يكون فى مكان مصر ١٩٦٧؟
ونرد بان كل القوى الكبرى دوليا كروسيا والصين او الكبرى اقليميا كإيران وتركيا ومصر ١٩٥٦-١٩٧٣ لم تنجح فى احتلال هذه المكانة القوية والفاعلة والمؤثرة الا بعد رفضها الخضوع لنفوذ الولايات المتحدة ونجاحها فى الصمود فى ساحات العدوان والمواجهة والعقوبات والحصار، الى ان اجبرت الجميع على احترامها والاعتراف لها بمكانتها كلاعب رئيسى فى محيطها الاقليمى او الدولى.
اما تلك الدول التى استسلمت واختارت طريق الخضوع والتبعية، فلقد انتهى بها المطاف الى ان تفقد كل شئ، لا وزن لها ولا قيمة، بعد ان تحولت الى محميات أمريكية تدفع الجزية للولايات المتحدة الامريكية، التى اصبحت تختار لها نظامها وتعين لها حكامها وترسم لها سياساتها وتسيطر على ثرواتها وتدير لها اقتصادها وتستبيح اراضيها وتنشر قواعدها وتمتهن كرامتها.
*****
القاهرة فى 19 مايو 2019

ليست هناك تعليقات: