05 أكتوبر 2019

"المونتاج وعلاقته بنقل الأحداث عبر صحافة الفيديو الاستقصائية" رسالة دكتوراة بجامعة المنصورة

شهد قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنصورة مناقشة علمية رصينة لرسالة دكتوراة تقدم بها الباحث حسن إبراهيم حسن العشري، جاءت تحت عنوان "استخدام تكنولوجيا المونتاج وعلاقتها بنقل الأحداث عبر صحافة الفيديو الاستقصائية- دراسة تطبيقية".
شارك في مناقشة الرسالة

23 سبتمبر 2019

سيد أمين يكتب: ماذا لو تنحى السيسي؟

الأحد 22 سبتمبر 2019
لا يعرف أحد على وجه اليقين إجابة لسؤال: هل سيبقى السيسي حاكما لمصر مطيحا كعادته بكل الدعوات المطالبة بتنحيه عن الحكم أو حتى بإجراء عمليات مصالحة مجتمعية وفتح المجال العام والإفراج عن المعتقلين ؟ أم أن هناك صراعا داخل أروقة السلطة أخذ في الاحتدام - على ما يبدو - ولن يتوقف حتى يتمكن الطرف المصارع من طي صفحته تماما.
هنا نتحدث حول الصورة التي ستكون مصر والوطن العربي وحتى الكيان الصهيوني عليها في حال خروج السيسي من السلطة.

البعد العربي
 عربيا سيكون هذا الحدث ضربة قاصمة للمحور المعادي للربيع العربي، حيث سيفقد معينا كانوا يأملون في أنه لن ينضب من المقاتلين ليخوضوا من خلاله حروبهم التي أشعلوها في جميع أرجاء الوطن العربي تقريبا، لكن مع مرور ست سنوات من حكمه من دون أن يحقق لهم هذا المطلب بشكل "دافق" كما كانوا يتوهمون، فإنهم بلا شك سيتألمون كثيرا ولكن ليس لفقده بل لأنهم استثمروا فيه عشرات المليارات من الدولارات منحا لا ترد على أمل تحقيق وعد "مسافة السكة" الذي ذهب مع الريح.
وسيفقد مشروع الجنرال خليفة حفتر في ليبيا رافدا مهما من الدعم العسكري بكل تشكيلاته وأنواعه فضلا عن الدعم الدبلوماسي والإعلامي، ما يجعل من انهياره مسألة وقت خاصة أنه لا يعتمد في الداخل الليبي على ظهير شعبي حقيقي.
وسيفقد القطاع العسكري المشارك في حكم السودان بصيص أمله في وجود نصير قريب داعم له متى رغب في التملص من الاتفاق الموقع مع قوى الحرية والتغيير، ما شكل حظا حسنا لشعب السودان.
ولعل أي راصد بقليل من التأمل سيدرك أن هناك ثلاثة محاور متصارعة للسيطرة على الوطن العربي، الحلف السني المتحمس للربيع العربي وسيطرة الشعوب وداعم للمقاومة، والحلف الشيعي بزعامة إيران وهو حلف داعم للمقاومة لكن موقفه متذبذب من الربيع العربي حيث لا يوليه أهمية إلا متى خدم مصالحه، أما الحلف الثالث فهو الشرق أوسطي بزعامة اسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين وسلطة السيسي، وهو حلف كاره للربيع العربي وللمقاومة ويدعم التطبيع ويعمل على "تزعم" إسرائيل على الوطن العربي.

مع اسرائيل وغزة
أما تداعيات الحدث فيما يخص إسرائيل وقطاع غزة والسلطة الفلسطينية فهى معلومة للجميع، حيث ستمثل سقوطا مدويا لصفقة القرن ولمشروع الشرق الأوسط الجديد اللذين تتبناهما إسرائيل، وانتصارا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وسيمثل الأمر أيضا انتكاسة كبيرة لمساعي تولي مستشار محمد بن زايد رئيس دولة الامارات العربية والقيادي المنشق عن حركة فتح محمد دحلان مقاليد رئاسة السلطة الفلسطينية خلفا لمحمود عباس "أبو مازن".

البعد الداخلي
غني عن البيان أن مصر بحاجة ماسة إلى مصالحة داخلية بين مكونات الشعب المصري بعد ذلك الانقسام الوطني الخطير الذي غذته بصورة ممنهجة واساسية أجهزة اعلام السلطة عقب انقلاب يونيو/حزيران 2013 وانساقت إليه كنوع من رد الفعل وسائل إعلام المعارضة، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظل بقاء السيسي في السلطة، حيث يتخذ من تقسيم المجتمع إلى أهل شر وأهل صلاح وفلاح، وتغذية الصراع بينهما منهجا ثابتا لاستمرار حكمه.
وأيضا المجتمع بحاجة إلى فتح المجال العام ورفع سقف الحريات السياسية وحريات التعبير والتجمع السلمي والتظاهر والاحتجاج مع استعجال الاصلاح التشريعي والشرطي والتعليمي والاقتصادي والقضائي والإعلامي وغيره، والأهم هو الإفراج عن المعتقلين ورفع المظالم عن كاهل الشعب، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظل بقاء السيسي في السلطة الذي يتخذ من الخوف سبيلا للجم المجتمع وتطويعه لتنفيذ رؤية يحتفظ بها لنفسه.
مصر بحاجة إلى برنامج إنقاذ اقتصادي عاجل ينقذ مصر من استمرار تنفيذ البرنامج الذي يعتمده نظام السيسي القائم على الاقتراض وتراكم الديون للدرجة التي جعلت البعض يتحدث عن قرب إفلاس مصر.
المجتمع يحتاج الي برامج متنوعة في كافة المجالات تحقق تكافل اجتماعي حقيقي ينقذ ملايين الأسر من السقوط في براثن الفقر المدقع وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل المؤشرات السلبية للاقتصاد المصري.
المصريون يحبون الجيش  ويضعونه في مكانة عالية في قلوبهم، ولا يمانعون أبدا من الانفاق عليه، لكنهم يتأففون من الظواهر التي تم وضعه فيها بعد انخراطه في الأعمال المدنية كتجارة الخضراوات والفواكه والأسماك واللحوم وغيرها ويعتبرونها إهانة كبيرة لا يرضونها له.
هذه مجرد لمحة عامة سريعة على الصورة التي سيكون عليها الوضع في حال تنحي أو استقالة أو عزل السيسي.

  ولتخطي الحجب انقر هنا

11 سبتمبر 2019

زهير كمال يكتب: التكنوقراط العرب والثورة .. السودان نموذجا

يستيقظ المواطن العربي على قرارات حكومية جديدة برفع الدعم عن سلع أساسية أو على رفع أسعار المشتقات النفطية أو غير ذلك من قرارات تنغص عليه حياته وتضيق فسحة الأمل في أن يعيش بكرامة.
حجة الحكومة دائماً هي سداد ديونها التي تبتلع الجزء الأكبر من مداخيلها، هذه الديون التي لا يعرف كيف تراكمت على حكومته فلم

26 أغسطس 2019

زهير كمال يكتب : نصيحة لرئيس وزراء السودان

عبدالله حمدوك رئيس وزراء السودان
في أول جلسة لمحاكمة الرئيس المعزول عمر البشير اعترف بتلقيه مبلغ 90 مليون دولار من محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، لم يكن هذا المبلغ لسواد عيون البشير وجمال طلعته بل لسبب موافقته على إرسال زهرة شباب السودان الى أتون حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل في تهامة اليمن.
كان البشير قد أعلن الاشتراك في التحالف الذي يقوده النظام السعودي قائلاً إنه يشترك في هذا التحالف للدفاع عن الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية، وثبت الآن أن هذه المقدسات في نظره هي

24 أغسطس 2019

محمد سيف الدولة يكتب: ضمير الناس

 
Seif_eldawla@hotmail.com
هناك صراع لا يهدأ على الرأي العام من حيث تشكيله وتوجيهه والتأثير فيه، ومن حيث صناعته وصُناعه وأدواته ومنابره، بينما لا أحد يتوقف كثيرا عند الضمير العام أو ضمير الشعوب رغم أنه أكثر تأثيرا آلاف المرات من كل الماكينات الجهنمية لتوجيه الرأي العام.
***
· ففى ظل أنظمة الحكم المستبدة، تسيطر الدولة على كل منابر صناعة الرأي العام من تعليم وصحف واذاعة وتليفزيون وفضائيات وخلافه، ولكن ورغم كل هذه الهيمنة الا

12 أغسطس 2019

سيد أمين يكتب: "تدويل المقدسات" الحديث الشائك


الاثنين 12 أغسطس 2019 23:08
على ما يبدو أن النظام العالمي، الذي يعلم الجميع من يديره، هو من يصر على أن تبقي جميع مقدسات المسلمين سواء في فلسطين أو في الأراضي الحجازية تحت السيطرة، بهدف استخدامها رهينة أو أداة ضغط لابتزاز المسلمين أو بعضهم وتركيعهم للإرادة الغربية.
 فيما تظل أصداء نداءات تدويل الأراضي المقدسة أو حتى استقلال إدارتها في شبه الجزيرة العربية تتردد كثيرا على مر التاريخ الحديث وذلك خوفا على سلامة تلك المقدسات وحرصا على سهولة وحرية الوصول إليها ، أو خوفا من سوء وفساد وانحراف السلطات السياسية المشرفة عليها ، أو خشية أن تستغلها الإدارة الراعية لها سياسيا منحا ومنعا، وذلك بداية من تلك المطالبات التي نادت بها مصر واندونيسيا والهند عام 1927 مع هدم المساجد والأضرحة التي بدأت الدولة السعودية الثالثة عهدها بها ، نهاية بنداءات معمر القذافي وصدام حسين عام 1990 التي كانت ترددها اذاعة العراق انذاك وأنشد لها المطربون العراقيون الأناشيد وصولا إلي المطالبات الإيرانية المتكررة.
 وامتدت الدعوى حتى وصلت للنقابات ومنها مطالبات نقابة الأئمة بتونس بذلك حتى وصل الأمر لإنشاء بعض المتحمسين منظمات تطالب بذلك ومنها "الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين" أو"الحرمين ووتش"، والتي عقدت مؤتمرها الأول في 9 من يناير/كانون الثاني قبل الماضي بأندونيسيا.
وكان حزب "مصر الفتاة" المصري أبرز الأحزاب التي كانت دعوة تدويل المقدسات سببا في تجميده.

منجم لا ينضب

 لكن تلك الأصداء ترتفع وتخبو بين الحين والأخر طبقا للتداعيات الناجمة جراء إساءة استغلال النظام السعودي لهذه المقدسات سياسيا وهو له في هذا تاريخ طويل، حيث يعتبرها جزءا من ميراثه الخاص يتصرف فيها وفي زائريها كما يشاء، وليست ملكا لأمة تعدادها يقترب من الملياري مسلم، معتبرا أن دعوات التدويل بمثابة إعلان حرب، وهوما يفسر العداء الشديد الذي كانت تكنه السعودية لعبد الناصر وصدام لا سيما تجاه العقيد الليبي معمر القذافي بسبب إصراره على هذا المطلب.
والحقيقة أن المقدسات الإسلامية لا تمثل ثقلا سياسيا كبيرا للنظام السعودي فحسب بل تمثل منجما هائلا لا ينضب من الثروة لا يبذل في استخراجها أدنى مشقة، فعائدات الحج والعمرة تدر عوائد مالية ضخمة تقدر بحسب بعض المصادر بنحو 16 مليار دولار سنويا فيما قدرها مركز "بي.إم.إي ريسيرش" - إحدى شركات مجموعة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني - بنحو 12 مليار دولار وذلك من خلال حجوزات الفنادق والمواصلات والهدايا والطعام والرسوم وغيرها.
هذا المعين الذي لا ينضب شجع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على طرح خطة لتنويع مصادر الدخل بالمملكة لتستقل عن النفط وتركز على "السياحة الدينية"، حيث يقصد المملكة بسبب تلك المقدسات نحو 20 مليون حاج ومعتمر سنويا، وهناك خطط للوصول بهم إلى 30 مليون حاج ومعتمر في رؤية 2030 التي يروج لها الإعلام السعودي.


المنع والتضييق

وتأتي إجراءات المنع والتضييق والترويع التي اتخذتها السلطات السعودية تجاه حجيج دولة قطر وقيام الإعلام السعودي بتخيير القطريين بين خيانتهم لوطنهم أو الحج، كواحدة من تلك الإجراءات التعسفية التي تخلط فيها بين ما هو ملك لها وما هو ملك للإسلام والمسلمين.
ورغم أن قطر من أكثر دول العالم التي اتهمتها السعودية بالسعي لتدويل المقدسات، إلا أن الواقع يقول أن قطر رغم أنها هى الدولة الوحيدة التي مورست ضد حجيجها أوسع الانتهاكات من قبل السلطات السعودية ، ومع ذلك لم تطلب من الأمم المتحدة آو اليونسكو أو أية جهة أخرى تدويل الأراضي المقدسة و- هو مطلب مشروع لها ولغيرها - واكتفت بمطالبة تلك المنظمات الأممية وقف استمرار استغلال السعودية لهذه المقدسات بشكل انتقائي خاصة بعدما فشلت الوساطات، وغيبت الجامعة العربية ، وأصاب الشلل مجلس التعاون الخليجي، وتعاظمت المضايقات لحجيجها، ورفضت الجِهات المسئولة عن الحَج في السعوديّة تسجيلهم الكترونيًّا، وتأمين سلامتهم، خاصة بعد حَصْر ذهابِهم وعودتهم لأداء مناسك الحج عبر طريقين مَحدودين وغير مباشرين، واستخدام شركات طيران أخرى غير الخطوط الجوية القطرية وهو ما حدث العام الماضي، وهذا يَعني "تَصعيب" سفر الحجّاج القطريين والمقيمين.
والواقع أن هذه المضايقات والإهمالات تتم مع حجيج كل دولة أو جهة أو طائفة لا تتفق وهوى الإدارة السعودية، وهو ما لفت نظر الهيئة الأمريكية للحريات الدينية الدولية (USCIRF) ، فراحت تسلط الضوء عليها وتصفها بالانتهاكات الجسيمة للحرية الدينية خاصة ضد الشيعة ، وهو أيضا ما جعل طهران تؤكد تعرض حجيجها للكثير من تلك المضايقات والتي تسببت في أحد المرات عن مقتل 500 حاج إيراني رميا بالرصاص المباشر بعد مشاركتهم في مظاهرات البراءة من تل أبيب ، وقبلها قتل أيضا 1500 آخرين في نفق المعيصم عام  1990 ووقائع أخري متعددة.
ولقد وصل الاستخدام السياسي للشعائر المقدسة أن قام أحد أئمة النظام السعودي في فبراير 1998بسب الشيعة وتكفيرهم، بينما كان الرئيس الإيراني هاشمي رافسنجاني أحد المصلين خلفه في خطبة الجمعة بمكة المكرمة، وبالطبع كلنا نعرف أن لا شيء هناك يحدث إلا بتوجيه خاصة مع السجال الدائم بين إيران والسعودية.
وفي عام 2006 قامت الإدارة السعودية بمنع الحجاج العراقيين من الحج وراحت تخوض سجالا سياسيا مع تلك الحكومة الحليفة لطهران، كما أنها لذات السبب منعت الحجاج السوريين من الحج لبضعة سنوات على التوالي رغم عدم الإعلان عن ذلك رسميا، وهو الأمر نفسه الذي اتبعه مع الحجاج اليمنيين الذي تخوض السعودية حربا شرسة ضد بلادهم.
ومن المدهش ان تمتد المضايقات للدرجة التي تجعل السلطات السعودية تمنع حجاج بعض الدول من العودة بقارورات مياه زمزم أو التصوير داخل الحرم.
ويتعرض الكثير من الحجاج لاسيما اللاجئين السياسيين المعارضين للدول الحليفة للسعودية للاعتقال وتسليمهم لدولهم.


دلائل التملك

وتشير وقائع التاريخ أن السلطات السعودية تعتبر منذ نشأتها أن المقدسات الإسلامية التي تحت رعايتها هي ملك لها، بدليل أن من أوائل القرارات التي أصدرها الملك المؤسس عبد العزيز أل سعود بعد قيام الدولة الثالثة عام 1929 قرارا لا يزال معمولا به حتى الآن يقضي بأنه "لا يسمح بعقد اجتماعات لمناقشة الدين أو المسائل الدنيوية الخاصة به من دون موافقة من الملك".
ومن دون استشارة المسلمين، قامت الدولة السعودية بعد تأسيسها بهدم الأضرحة والآثار الإسلامية، حتى طال الأمر هدم البيت الذي ولد فيه الرسول في مكة المكرمة وضريح السيدة خديجة وبيت أسد الله حمزة وجميع بيوت أل البيت، فضلا عن هدم غار ثور وسد غار حراء بالصخور، كما هدموا المساجد التي تركها العثمانيون بحجة أنها مساجد صوفية رغم أنها ليست بها أضرحة، واحتج المسلمون حول العالم لكل ذلك لكنهم استسلموا على ما يبدو لضغوط بريطانية.
ونقل موقع "بي بي سي" البريطاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 تقريرا للكاتب المهتم بالآثار الإسلامية في السعودية أندرو جونسون تحت عنوان (مكة تحت التهديد: خطة لتدمير منطقة مسقط رأس النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستبدالها بقصر ملكي كما أن 95 % من المباني والمناطق الأثرية التي تعود لآلاف السنين تم تدميرها وإحلال فنادق ومراكز للتسوق محلها، مشيراً إلى أن عمليات التوسعة دمرت مؤخرا أعمدة شيدت قبل 500 عام لتخليد ذكرى الإسراء والمعراج.
فيما أشارت الباحثة السعودية وابنة مدينة مكة هتون الفاسي أستاذ تاريخ المرأة والكاتبة في جريدة الرياض سابقا في فيديو مصور لها أن هناك تدميرا وإزالة ممنهجة للآثار المقدسة في مكة والمدينة من أجل محو هويتهما وان عامودا عرف باسم عامود المعراج يجري استخدامه كلوحة لكتابات ملاحظات البناء في المدينة. 
وتدل كافة الشواهد أن الحديث حول تدويل الأراضي المقدسة في السعودية ووضعها تحت إدارة منظمة العالم الإسلامي أو أية جهة إسلامية متفق عليها، حديث غير مرض عنه غربيا بدليل أنه رغم كثرة تلك الدعوات في الغرف المغلقة إلا أن القليل فقط من الدول هي من جهرت بها.
الحقيقة أن تحرير المقدسات من هيمنة أي نظام سياسي او جماعة او طائفة او مذهب اسلامي يعد في حد ذاته امرأ مقدسا لو كنا نطلب حقا فصل السياسة عن الدين ولا يمثل ذلك عملا عدوانيا ضد النظام السعودي إن كان يريد من أمره رشدا.


06 أغسطس 2019

سيد أمين يكتب: البعض يخوضونها حربا على الاسلام

لا تنفصل الحروب المتكررة التي تتعرض لها تركيا بتاتا عن التوجه الذي انتحته بالانفتاح باتجاه الوطن العربي والإسلامي والعودة للثقافة الإسلامية بعد طول تغريب، وقد وعى حزب العدالة والتنمية والسيد رجب أردوغان ذلك وراح يؤكد متحديا بان تركيا دولة

30 يوليو 2019

زهير كمال يكتب : احتضار عرش



تاريخياً، تبدأ الأنظمة الشمولية في التخبط عند نهاياتها، قد تعطي تصرفاتها الانطباع بأنها قوية ومتمكنة، فهي تضرب يميناً ويساراً وصوتها عالٍ يهاجم الجميع، وفي الحقيقة فهي حالة ارتباك وعدم وضوح رؤيا.

وأفضل مثل على ذلك: نهاية عهد السادات الذي امتلأت سجونه بكل أطياف شباب مصر ابتداءً من الشيوعيين وحتى الأخوان المسلمين.

كان السادات قد أحدث صدمة كبرى في المجتمع المصري بعد زيارته للقدس وعقده لاتفاقيات كامب دافيد مخالفاً قناعة مصر الثابتة بأن إسرائيل هي العدو وضارباً عرض الحائط بالأمن القومي المصري والعربي.

ونرى اليوم النظام السعودي

29 يوليو 2019

سيد امين يكتب : تساؤلات حول الزعيم

لم اندهش أبدا من مشاركة نتنياهو في احتفالات “ثورة” 23 يوليو1952 بالسفارة المصرية بتل أبيب، ولا من كلمته فيها التي جاءت كوصلة غزل فيها وفي رأس الحكم الحالي، ولا من الفرحة التي نطقت بها ملامح وجهه قبل كلماته، فهذا يؤكد ما ذهب له الناقل والعاقل وهم كثر بأنها كانت

28 يوليو 2019

سيد أمين يكتب: فخاخ الديمقراطية العربية


الجمعة 26 يوليو 2019

تستخدم الديمقراطية ونظام حكم الأغلبية في كل بقاع العالم أسلوب إدارة يستنبط منه رغبات الناس وتوجهاتهم في الطريقة المثلى التي يرونها لإدارة شؤون بلادهم، وقد رسخ في وجدان المجتمعات الغربية أنه لا بديل عن اللجوء للمسارات الديمقراطية وإلا فإن البديل سيكون العودة لعصور الظلمات.
أما المجتمعات العربية حيث تهيمن عليها النظم العسكرية والاستبدادية، فان للديمقراطية استخداما أخر، ألا وهو اعتبارها مجسات لمعرفة من يؤيدون هذه البدعة وأعدادهم ومواطن قوتهم من ثم الانقضاض عليهم وتغييبهم في سراديب السجون والمنافي أو إبادتهم وإلباسهم رداء الخيانة وإعطاء من يفكر بالطريقة نفسها درسا بليغا بأنه يمضي على طريق الهلاك.
المؤسف أن الغرب الذي آمن بفكرة الديمقراطية ومنتجاتها وتسببت في كل نهضته الحالية، هو نفسه من يدعم مغتالي تلك الفكرة في الوطن العربي ويحمي من يفجرون بحار الدم في وطننا من أية هبات شعبية.

مصائد عربية

ففي مصر استخدم هامش الديمقراطية الذي تم السماح به فيما بعد ثورة يناير من أجل هذا الغرض، ولما انتهي الرصد والإحصاء انقرض معه هذا الهامش ليصل لما هو أضيق مما كان قبلها، وصار كل رموزه وأحزابهم وحركاتهم في المنافي والسجون والقبور.
وفي الجزائر أقيمت مصيدة الديمقراطية وما إن وقع الصيد فيها حتى أقيمت المقاصل ووقعت المجازر وغرقت البلاد في الدم والظلام عشر سنوات سوداء، وحدث الأمر نفسه في لبنان إلى أن انتهت الديمقراطية هناك بمحاصصة طائفية مدعومة بما يشبه الوصاية الدولية لكل مكون من مكوناتها، وفي اليمن انتهت فترة الديمقراطية القصيرة بحرب طائفية ثم حرب إقليمية وغزو خارجي مدعوم غربيا، وفي ليبيا تكرر ما حدث في اليمن ولكن تم الغزو الأجنبي عبر وكيل محلى، أما المشهد السوداني فهو يسبر بخطوات المشهد المصري نفسها وقد يكون له المآل نفسه.
ولقد علمتنا الحوادث أنه ما إن يتعرض النظام الاستبدادي لموجة من الانتقادات أو المطالبات الديمقراطية حتى يسارع بالرد عليها بإعادة تصديرها في شكل صراع وطني أو قيمي، يزداد هذا الطرح قوة وتكرارا وإلحاحا كلما ازدادت حدة تلك المطالبات وارتفع صداها واتجهت إلى طريق الحسم.
وتأتى المقارنة بين قيمتي "الأمن والحرية" أو "الاستقرار والحرية" كنموذجين أوليين من تلك الصراعات القيمية التي يتم التلويح بها إعلاميا ويرافقها عادة تنفيذا عمليا على الأرض عبر وسائل الترويع المتعددة والتي غالبا ما تكون في صورة غير رسمية كي ترسخ بها هذه النظم أطروحاتها في الأذهان.
وتخشي هذا النظم أكثر ما تخشي من قيمتي"الحرية والعدالة" نظرا لكونها راسبة رسوبا مدويا فيهما أقعدها مقاعد الاستبداد بجدارة فصار ذلك وسماً لا تعرف إلا به.
كما تأتى أيضا مقارنات تتميز بالإسفاف والابتذال في مقدمة ما تروج له وسائل إعلام النظم المستبدة وكأنها مسلمات عرفت بتلازمها، مثل الربط بين الصحة التي "يمتعون" بها الفقير والمرض الذي يلاحق الغنى وكذلك السعادة التي يعيشها من لا مال له والثراء الذي لا يشعر صاحبه معه بالسعادة.
وتستمر مثل هذا النظم في طرح تلك اللامنطقيات متحاشية في الوقت ذاته التذكير بفضائل منطقية قيمتي الحرية والعدالة، بل إنها كثيرا ما تتطرق لوصم الحرية بالفوضى والعدالة بسوء التقدير وإهدار الكفاءات متجاهلة أن المرض في الغالب لا يصيب إلا الفقراء أما الأغنياء فيتغلبون عليه بأموالهم، والسعادة لا يشم ريحها الجائع.

فشل عام

والواقع أن النظم المستبدة عادة ما تكون فاشلة في احترام كل القيم حتى تلك التي تقول إنها تنجح فيها بجدارة، كالأمن وذلك لأنه لا مفهوم للأمن لديها إلا الأمن السياسي وما عدا ذلك من أمن فهو مجرد مكرمات تتكرم بها على الرعايا، وحتى مفهوم الأمن السياسي يقوم لديها على إفناء الآخر أو على الأقل إقصائه نهائيا بحجة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وهى المعركة التي لا تكون لدى مثل تلك النظم إلا ضد الشعب نفسه في اغلب الأحيان.
والواقع أن حجم الإسهامات في "خلطة" القيم يعد الفيصل الأول في تصنيف ديمقراطية النظم السياسية أو استبدادها, فقد لا يحقق نظام ما تطورا في تداول السلطة ومع ذلك يصعب وصمه بالنظام الاستبدادي نظرا لكونه يحترم كل القيم الأخرى لا سيما قيمتي "الحرية والعدل" فضلا عن حرية التفكير والاعتقاد , ويحقق لمواطنيه السعادة والأمن وغيرها , ولعله لا يكون مصادفة أن نعتبر أن نظاما ملكيا كبريطانيا هو قلعة الديمقراطية في هذا العالم مع أنه لا يوجد به تداول للسلطة نظرا لطبيعة نظام الحكم فيها.
بينما هناك جمهوريات أخري نظامها يدعى تداول السلطة ويسمح لمواطنيه بالحريات الشخصية ومع ذلك يتصدر النظم الموغلة في الاستبداد حيث لا عدل ولا قانون ولا حرية سياسية وبالقطع لا سعادة، ولدينا جمهوريات أمريكا اللاتينية نموذجا لمجتمعات أفعمت بالحرية الشخصية من دون السياسية وغابت عنها العدالة.
خلاصة القول إن الأمم الحرة الراسخة تدوم بالديمقراطية فيما تزول الدول المستبدة بانكارها واستخدامها كفخاخ للخداع والتخبئة.

اقرأ المقال هنا على الجزيرة  نت

16 يوليو 2019

سيد أمين يكتب حول الاستخدام السياسي للرياضة


الثلاثاء 16 يوليو 2019 20:51
بعد وقبل وأثناء كل جريمة سياسية مباراة لكرة قدم، وبقدر حجم  وأهمية المباراة تكون الجريمة، هذا هو الحال في أغلب دول وطننا العربي عامة وفي مصر خاصة، ولم يعد خافيا على أي راصد الربط المذهل بين استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسي قبيل أيام من بطولة كاس الأمم الأفريقية وفي نفس يوم إعلان فوزه بانتخابات الرئاسة عام 2012،  وما تلاه من رفع أسعار الكهرباء والوقود والمياه ورسوم النقل والعديد من السلع، وتمرير العديد من القوانين المرفوضة شعبيا ومنها قوانين بيع الجنسية مثلا، كل ذلك حدث أثناء إقامة مباريات تلك الدورة الرياضية.
الاستخدام السياسي للكرة لا يخفى على أحد مطلقا، بل إن يد الأمن امتدت لمسافة طويلة في التحكم في مشاهير تلك اللعبة وتوجيههم أو صناعتهم ووأد من لا يسير على نهجهم، وهناك أيضا من يتحدث عن أن النفوذ السياسي امتد حتى في نتائج القرعة والمباريات باتفاقات سرية مع الحكام وفي تشكيلات الفرق وغيرها خاصة أثناء الأحداث السياسية الساخنة، خاصة إن كان من شأن ذلك إشباع عواطف ورغبات قطاعات من الجماهير في الشعور بالانتصار، وهو الشعور الذي إن لم يتحقق في الكرة قد يتحقق في مجالات أخرى أهمها السياسة. كما أنه من المهم جدا صناعة ولاءات فكرية تقدم جاهزة لحشود الشباب بدلا من تركهم يقومون بتكوين تلك الولاءات بأنفسهم وما ينطوي على ذلك من مخاطر سياسية.
وتحاول تلك النظم أيضا ترسيخ اعتبار وجود هذا المنتخب وانتصاراته كدليل قاطع لا يقبل الشك على وطنية القيادة السياسية وعلى عظمة إنجازاتها، وعن نهوضها بالبلاد، محاولة أيضا عبر ابتداع تلك النماذج من الوطنية الزائفة إخفاء فشلها أو تأمرها على شعبها.

نماذج سريعة للاستغلال
ولعل ما تردد مؤخرا عن قيام رأس الحكم في مصر بتوبيخ نجم ليفربول محمد صلاح مؤخرا بسبب إصراره على الارتباط بالنجم المغضوب عليه من تلك السلطة محمد أبو تريكة صحيحا، خاصة أن توجهات الرجل المدافعة عن القدس وعن المسار الديمقراطي في مصر لم تكن ظاهرة أو متوقعة لديه من قبل وإلا لكانوا تدخلوا مبكرا لمنعه من تحقيق مكانته تلك.
وعربيا، هناك واقعة فريدة ظهر فيها جليا الاستخدام السياسي للرياضة، إذ طفق الصراع السري بين رموز فساد نظامي مبارك وبوتفليقة ليخرج للعلن عبر صراع دامٍ في مباراة حدثت عام 2009 في مدينة أم درمان السودانية بين منتخبي البلدين وتم إنتاج هذا الصراع ليبرر النظامان أسباب فساد العلاقات بينهما.
وأيضا يأتي ما حدث في كأس بطولة آسيا 2019 التي أقيمت في أبو ظبي حينما رفضت السلطات الإماراتية وجود مشجعين للفريق القطري واضطهدت مشجعيه ولاعبيه على خلفية الصراع السياسي بين النظامين، إلا أن المنتخب القطري رد هذا الغبن بمنتهي الاحتراف والسلمية حينما استطاع الفوز بالبطولة.

 الاقتصاد الرياضي

والحقيقة أن هناك أموالا ضخمة تضخ في سوق الرياضة المصرية والعربية، ولكن للأسف تضخها الدولة من جيوب دافعي الضرائب لتذهب إلى جيوب قلة من الإعلاميين والصحفيين وطواقم العمل الرياضي.
ولما انكشف هذا الاستنزاف الرياضي راحت تلك النظم تشيع أن اهتمامها بتنظيم المباريات وإنفاق الملايين عليها، رغم الجهل والفقر المستشري، يأتي لكونها نشاطا اقتصاديا، وأنها يمكن أن تتقوت كدول كثيرة من ريع هذا العمل وتجهزه ليكون مصدر دخل قومي!
ومصيبة المصائب أن التوجيه الإعلامي الذي تمارسه تلك النظم نجح في إقناع الملايين بأن المواطن "الصالح" هو ذلك المواطن المنغمس بالاهتمام الرياضي ببساطته ووداعته وسلميته وخدمته لنفسه وللمجتمع، والمنسحب من الاهتمام بالشأن العام لبلاده، لا سيما السياسي منه، العازف عن الخوض في غمار الأشياء المعقدة التي تضر ولا تنفع، والتي لا يمارسها إلا مأجور خائن من خونة الأوطان "الطالحين".
كما تروج الميديا" دائما لعقد مقارنة ليست في محلها بين انغماس المرء فى تشجيع الرياضة وبين أن ينضوي في قائمة "الحشاشين" و"المدمنين"؟ متجاهلة عشرات الخيارات الأخرى.
والحقيقة أن هناك شبابا واعيا ووطنيا ومثقفا ومع ذلك يحبون مشاهدة الرياضة ولا يمارسونها، رغم أنهم لم يقعوا ضحية لتضليل الإعلام وتوجيه السلطة، ويرون أن هذا القمار قمارا محمودا لا ضرر منه، وإلا ما ميز المشجع لاعبا عن آخر بسبب ثقافته وسلوكه فضلا عن أدائه الرياضي.
وفي المقابل أيضا، هناك قلة من النظم تهتم بتنمية وعي شبابها ورفاهية مواطنيها ومع ذلك تهتم أيضا بتنظيم مهرجانات الرياضة.
ومن شواذ القاعدة أيضا أن نظاما عربيا سابقا راح يحظر بث مباريات كرة القدم إعلاميا ويحظر وجود المشجعين في الملاعب أصلا وقال إن الكرة من يلعبها.

الرياضات الجماعية لا الفردية

لكن قوى الحكم المحلية الاستبدادية شجعت الرياضات الجماعية ككرة القدم مثلا ورسخت مشاهدتها - لا لعبها - في عقول البسطاء وراحت تضفي على فعالياتها صفة الوطنية، فصار المنتخب المحلي منتخبا وطنيا وصار فوزه من الأعمال الوطنية الكبرى التي ينبغي على الوطنيين الشعور بالمجد والفخار إزاءها.
ولعل السبب وراء التشجيع المتزايد من قبل تلك النظم للرياضات الجماعية لا الفردية هو عدم رغبتها في خلق زعامات فردية قد يتعلق بها الجمهور فتمثل صوتا قد يعلو على صوت القيادة شخصيا التي لا يجب أن يعلو صوت على صوتها، ولذلك راحت "الميديا" الصهيونية تحارب نجومية الراحل "محمد على كلاي" بسبب إسلامه، فيما جرى التركيز على نجوم الشذوذ وأغاني البوب وغيرها.
وأيضا ظاهرة حب الجماهير لـ "أبو تريكة" لاعب كرة القدم الشهير والمعروف بمعارضته للنظام العسكري الحاكم في مصر مثال جيد على مدى خطورة "الزعامات الرياضية الفردية"، وذلك لأن الجماهير أيدت سلوكه وتوجهه الفكري قبل أن تؤيد سلوكه الرياضي، وقد نجح الرجل في الحالتين.
كما أن السلطة حاولت مرارا استثمار شعبية النجم محمد صلاح في عدة مواضع أهمها الادعاء بتبرعه لصندوق "تحيا مصر" وهو ما تم نفيه بشكل أو بآخر ثم مطالبته بتأييد انتخاب السيسي لولاية ثانية، ثم محاولة استثماره سياسيا في موضوع شركةwe .

15 يوليو 2019

سيد أمين يكتب: السر الحقيقي في أزمة الصحافة المصرية

تتعالى أصوات من داخل إعلاميي النظام الحاكم حاليا في مصر تردد أن غالبية أعضاء نقابة الصحفيين المصريين حاليا ليسوا بصحفيين حقيقيين، وأنهم حصلوا على عضوية النقابة حينما كانت حكرا لتيارات سياسية معينة كاليساريين والإخوان المسلمين حينما كانت شخصيات منهم تهيمن على النقابة في فترات سابقة، ومؤخرا قال

10 يوليو 2019

سيد أمين يكتب : تاريخ الظلم أوطاني


نقلا عن موقع رسالة بوست 
كلما تلفت مصري حوله خصوصا في تلك الأيام الكئيبة التي تعيشها مصر، حيث جري تأبيد السلطة للحكم الشمولي، ومقاصل تعمل بلا كلل أو ملل لتقص رقاب خيرة شباب مصر في محاكمات صورية يعلم حقيقتها القاصي والداني، لدرجة تجعل أحدهم

28 يونيو 2019

محمد سيف الدولة يكتب هل هناك يهود ضد الصهيونية؟



لطالما خضنا حوارات ومعارك فكرية ضد العنصرية والطائفية بكافة أشكالها، ولطالما دافعنا عن اليهود غير الصهاينة وغير الإسرائيليين، ودعونا لعدم تحميلهم جرائم (اسرائيل)، والى التفرقة بين اليهودية والصهيونية، وانتقدنا بعض الاسلاميين فى هتافهم الشهير (خيبر خيبر يا يهود..جيش محمد سوف يعود). وأكدنا وشرحنا كيف ان المشروع الصهيونى هو مشروعٌ استعماريٌ وليس مشروعا دينيا، وقمنا بتسليط الأضواء على اى يهودى او اى جماعة يهودية فى العالم تنتقد (اسرائيل) وتناهض الصهيونية وتتبرأ منها.
وهو نهج وسياسة ومواقف صحيحة سنستمر فى انتهاجها باذن الله.
***
ولكن من حقنا ان نسأل ونتساءل عن حجم الجهود والتأثير والفاعلية التى يبذلها يهود العالم من الشخصيات والجماعات المناهضة للصهيونية، فى التصدى للدعم الامريكى والغربى اللامتناهي لاسرائيل.
فاذا كنّا نشاركهم معاركهم فى الدفاع عن اليهودية ضد اى دعوات عنصرية تزدريها وتصفها بالدونية أو تساويها بالصهيونية، فمن حقنا ان نتساءل عن حجم وجدية مشاركتهم لنا، فى المقابل، فى معركتنا ضد هذا الكيان المجرم العنصرى الارهابى القاتل اللص المغتصب الذى يقدم نفسه بصفته وطنا لكل يهود العالم وحامى حماهم.
من حقنا ان نحاسبهم ونسألهم ماذا يفعلون فى القضايا التالية تحديدا:
· نقد ودحض وهزيمة الافكار والاساطير والروايات الصهيونية الزائفة وسط تجمعات اليهود فى العالم الغربى.
· الضرب فى المنظمات والجماعات واللوبيات الصهيونية فى العالم، مع هزيمتها وتفريغها من منتسبيها وانصارها.
· مع تأسيس لوبيات وجماعات ضغط مضادة من اليهود غير الصهاينة تماثل وتتفوق على منظمات مثل منظمة الايباك، قادرة على تغيير اتجاهات الرأى العام وموازين والقوى الانتخابية وتركيبة المجالس التشريعية فى بلدانها ضد الصهيونية و(اسرائيل).
· نزع وتجريد (اسرائيل) من اى شرعية لتمثيل يهود العالم.
· ادانة وتجريم وتعويق هجرة اليهود الى (اسرائيل)، والتاكيد والنضال من أجل اندماجهم فى اوطانهم.
· تشجيع ودعم وتمويل الهجرة المضادة من (اسرائيل).
· الضغط على الحكومات والبرلمانات فى مجتمعاتها لسحب دعمها لاسرائيل والامتناع عن مدها بالاموال وبالسلاح.
· مع المطالبة بتطهير المنظومات التشريعية الامريكية والاوروبية من اى قوانين تنحاز لاسرائيل وتناصر الصهيونية.
· التصدى لحملات التبرع لاسرائيل.
· بل وتنظيم حملات مضادة لدعم الشعب الفلسطينى.
· رفض المساواة بين العداء لاسرائيل ومعاداة السامية.
· تنظيم لقاءات مع الدول والحكومات العربية المعترفة باسرائيل، ومطالبتها بسحب اعترافها والغاء معاهدتها مع الاحتلال وقطع علاقاتها معه.
· تنظيم حملات يهودية عالمية للمطالبة بعودة قرار الامم المتحدة باعتبار الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، الذى تم الغائه عام 1991.
· وأدوار ومعارك أخرى كثيرة
***
أكتب هذه السطور اليوم لعديد من الاسباب ساكتفى بذكر أربعة منها فقط:
أولا ـ لأنه ما أحوجنا هذه الايام ونحن بصدد تآمر امريكى صهيونى عربى رسمى مشترك، لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية فيما يسمى بصفقة القرن، ما احوجنا الى حشد جهود كل انصار فلسطين ومناهضى (اسرائيل) فى العالم، وفى القلب منهم جماعات اليهود المناهضين لاسرائيل الذين سيكون لهم، ان صدقوا، تأثير اكبر من غيرهم على الراى العام الامريكى والغربى، حيث لن تفلح الدعايات الصهيونية باتهامهم بمعاداة السامية.
ثانيا ـ ان هناك بعض الاصوات الفلسطينية والعربية التى تشكك فى مصداقية ظاهرة "يهود ضد الصهيونية"، وتدعى انها جماعات موجهة من قبل الحركة الصهيونية العالمية، بهدف تخفيف آثار الاحتلال والارهاب الصهيونى على سمعة اليهود واليهودية فى العالم.
ثالثا ـ انه بالفعل اذا لم تلتزم حركات اليهود المناهضة لاسرائيل بتنفيذ ما ورد عاليه من اهداف ومعارك، فانه لا جدوى تذكر من التفاخر كل حين وآخر بمواقفهم وبياناتهم الشاجبة لاسرائيل، بدون اى فاعلية تذكر او تاثير.
رابعا ـ ان فى المقارنة بين ما يتعرض له العرب والمسلمون من شيطنة وهجوم واسلاموفوبيا نتيجة مواقف واعمال ترتكبها عناصر قليلة ومحدودة منهم، وبين فرض امريكا والغرب لحظر حديدى على توجيه اى نقد لليهود عامة او لاسرائيل على وجه الخصوص نتيجة كل اعمال العدوان وجرائم الحرب التى ترتكبها ليل نهار، نقول فى المقارنة بين الحالتين، كشف لمدى العنصرية والاستخفاف والاحتقار والكراهية لكل ما هو عربى واسلامى، بشكل لا يمكن قبوله او التعايش معه. فاما أن تكفوا عن تحميلنا وزر ما تفعله داعش واخواتها، واما أن تقوموا بادانة اليهودية وكل يهود العالم على جرائم (اسرائيل)، على غرار ما تفعلونه كل يوم من ادانة وتجريم للاسلام ولكل المسلمين فى العالم.
وذات الشئ يمكن أن يقال بطبيعة الحال على التاريخ الأسود للاستعمار الغربى، الذى لم يدفعنا أبدا لالقاء اللوم على العقيدة المسيحية وعلى اهالينا من المسيحيين العرب الذين ناضلوا معنا كتفا بكتف ضد كل أشكال الاستعمار.
*****
القاهرة فى 28 يونيو 2019

حمزة تكين يكتب : حميدنا.. رسالة نبوية أبكتنا وأبكت السلطان عبد الحميد

شاهدنا جميعا ضمن مسلسل السلطان عبد الحميد الذي يُعرض على التلفزيون التركي الرسمي، ما وصفه الكثيرون بأنه “أعظم 5 دقائق” في هذا المسلسل. 
هو مقطع من 5 دقائق من هذا المسلسل الذي يحكي قصية آخر خليفة للمسلمين السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى، ولكنه لم يكن مقطعا عاديا إذ أخذ ضجة كبيرة بين متابعي المسلسل وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر بكثافة بين أصحاب القلوب الحية المحبين لحضرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، العارفين بقدر عبد الحميد خان، التوّاقين لزمن كانت فيه الأمة تـُحكم من أهل الله وأهل الصلاح، لا من أهل الفساد وأهل الدنيا. 
يحكي المقطع (مرفق في آخر المقال) قصة حقيقة جرت مع السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، يوم أن أتى إلى القصر أحد المواطنين مدعيا أنه له دينا من المال مع السلطان، رافضا مغادرة القصر رغم حصوله على المال إلا بعد لقاء السلطان. 
باختصار، تم اللقاء وروى المواطن رؤيا رأى فيها حضرة النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول له :”قل لحميدنا، أنه يذكرنا بالصلاة والسلام كل ليلة، ولكنه نسي ذكرنا ليلة البارحة، فاذهب واطلب حاجتك منه (الدين)”. 
ما إن أنهى الرجل كلام حتى انتفض السلطان رحمه الله تعالى، وسأل “ماذا قال؟” مرات ومرات، وعند كل مرة يبدأ فيها الرجل بإعادة رؤياه يسكته السلطان عند كلمة “حميدنا” ويعطيه المال الكثير، استغرب مساعد السلطان من هذا الفعل وسأل السلطان “كاد هذا الرجل أن يأخذ كل ما لديك”. 
أجابه السلطان باكيا “والله بالله لو طلب كل ثروتي وسلطتي لكنت أعطيته.. كنتُ أعمل ليلة البارحة يا باشا، غفوت على طاولتي ونسيت الصلاة على النبي عليه الصلاط والسلام.. لقد أخطأتُ يا باشا”. 
هنا بكى السلطان وبكى الباشا وبكينا معهما… مقطع من دقائق قليلة أكد أنه مازال في الأمة الكثير الكثير الكثير من المحبين الصادقين لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام، ينتظرون حاكما محبا للنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليعيد له أمجادا عظيمة انتهت مع الانقلاب والتآمر على آخر خليفة للمسلمين قبل أكثر من 100 عام. 
السلطان عبد الحميد رحمه الله كان من الصادقين مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام، وسيرته وحكمه خير دليل على ذلك، والحرب التي تعرض لها من المنافقين خير دليل على ذلك… كان مواظبا كل يوم وليلة على ورد الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولصدقه أتته الرسالة النبوية فورا يوم أن نسي ورده. 
لو لم يكن صادقا لما أتته هذه الرسالة، رسالة هزت مشاعره، أبكته، كاد منها أن يتخلى عن كل ما يملك، لحظة أن سمع أن النبي عليه الصلاة والسلام ينسبه إلى نفسه وإلى أمته بلفظ “حَمِيدُنا”. 
حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل “قل لعبد الحميد”، بل قال “قل لحميدنا”… ما أعظم هذه النسبة التي نالها ذاك السلطان المفترى عليه، وما أعظم هذه النسبة لو حصلتَ عليها أنت أيضا! 
نعم فالصدق مع النبي عليه الصلاة والسلام، والصدق تجاه أمة النبي عليه الصلاة والسلام، والصدق تجاه ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام تجعلك منسوبا مباشرة لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام… تـُسعِد بذلك قلب النبي عليه الصلاة والسلام فيسعَد قلبك وتطيب حياتك وتهنأ معيشتك وتـُنار بصيرتك ويعلو ذكرُك وتسمو روحك ويرتفع قدْرك ويسهل أمرك وتـُفرّج كروبك.


الصلاة على حضرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، امتثال لأمر الله تعالى القائل في القرآن الكريم ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

فيها ذكر لله تعالى القائل في القرآن الكريم ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾، وذكرُ الله تعالى يكون بكل أنواع الطاعات التي أمر الله، وهو مِن أعظم السبل لشكره سبحانه على نعمِه، والصلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من أقرب السبل لذكر الله العظيم.

بها يبلغ سلامك وصلاتك لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام بشكل مباشر، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليّ إلا ردّ الله عليّ رُوحي حتّى أردّ علَيهِ السّلام”… إنها الصلة القوية بينك وبين حضرة النبي عليه الصلاة والسلام.

هي من علامات الإيمان، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”… والمحبةُ هي طاعةُ الله فيما أمر به وطاعة النبي عليه الصلاة والسلام في كلّ ما أمر به، والصلاةُ على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من هذه القرباتِ والطاعات التي تنمّي هذا الحبّ.

بها تنال شرف صلاة الله عليك، وبها تـُمحى خطاياك وترتفع درجاتك، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”من صلى عليّ صلاةً واحدةً، صلى الله عليه عشرَ صلواتٍ، وحُطت عنه عشرُ خطيئاتٍ، ورُفعَت له عشرُ درجاتٍ”… فالسعيد كل السعادة مَن لازم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ فهي نبع للحسنات التي تثقل الميزان، وممحاة للخطايا التي تثقل كاهل المرء يوم القيامة، ورافعة للدرجات التي تجعلك بصحبة الأولياء والصالحين.

هي سبب لمغفرة ذنوبك والتخلص من همومك، فعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :”يا رسولَ الله، إِني أُكثِرُ الصلاةَ عليكَ، فكم أجعلُ لكَ من صلاتِي؟ فقال: ما شِئتَ”،، قال :”قلتُ: الربعَ؟ قال: ما شِئتَ، فإِنْ زدتَ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: النصفَ؟ قال: ما شِئتَ، فإِنْ زدتَ فهو خير لكَ”، قال :”قلتُ: فالثلثين؟ قال: ما شِئْتَ، فإِن زدتَ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها؟ قال: إذا تُكْفَى همّكَ، ويغفر لكَ ذنبُك”.

نعم، هذا هو حضرة النبي عليه الصلاة والسلام الذي بعثه الله تعالى لنا ليرشدنا إلى طريق الحق ويهدينا إلى سواء السبيل… هذا حبيبك الذي تتمنى رفقته في الجنة وشفاعته يوم القيامة، هذا هو الأمين.

هذا هو نبيك الذي من حقه عليك أن تصلي عليه، خاصة بعد أن علمت كم لهذه الصلاة على من أفضال.. كي تكون كـ”حميدنا”.

إذا كان هذا الأجر العظيم تحظى به كلما صليت وسلمت على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فكيف إذا كنت عاملا صادقا ـ من حيث أنت ـ همّك أمة حبيبك عليه الصلاة والسلام تخدمها وتعمل لأجلها بمنطق وعقل وإخلاص وفهم، لا بجعل وتطرف وشعارات رنانة بعيدة عن الواقع؟!

إذا كان هذا الأجر العظيم تحظى به كلما صليت وسلمت على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فكيف إذا ثبّت الإيمان في قلبك وأديت ما عليك من العبادات وفرائض وواجبات كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام؟!

ذاك المقطع من مسلسل السلطان عبد الحميد، لم يكن مجرد مشهد تمثيلي، بل كان رسالة لنا جميعا لنعيد ترتيب أمورنا مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام ونصحح أخطائنا، فالسلطان عبد الحميد نسي صلواته ليلة واحدة فأتاه العتاب الممزوج بالحب النبوي العظيم… نحن كم ليلة نسينا؟!

إن أردنا نسبة حقيقية لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام كنسبة “حَمِيدُنا”… فعلينا بالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وعلينا أن نهتم بأمته قولا وفعلا وعملا كما كان نهج ومنهج سيدنا عبد الله محب نبيه السلطان “عبد الحميد خان” تغمده الله برحمته وأكرمه برضاه.

عصام حجي يكتب :د. محمد مرسي في ميزان العلم والأخلاق

 
ليس رثاءً ولا نعيًا؛ لكنها الحقيقة المجردة أكتبها عن الدكتور محمد مرسي الأكاديمي والإنسان. ‏أكتب الحقيقة ولا أخاف لومة لائم، إنصافًا لإنسان شوه الجهل صورته، وسجن الظالمون أسرته، ‏وتخلّى عنه إعلام الغرب الذي عاش ودرس وعلّم فيه، وتخاذل عن دعمه كثيرون من الوسط ‏الأكاديمي الذي كان أول من أنصفه في فترة رئاسته.
هناك علماء رأوا أن التعفف عن مناصرة الحق -‏في لحظة فاصلة- دلالة على شغفهم بالعلوم والأبحاث؛ وأي علم هذا الذي لا يحارب الجهل ولا ‏ينصف مظلومًا ولا ينصر الحقيقة ولا يرقى بأمة؟! 
وإن لم تضف الحقيقة التي أكتبها أي شيء لقيمة الرجل الذي كان مسجونًا وراء القضبان بعد الثالث ‏من يوليو/تموز 2013، بينما كنت أنا أشغل مكتب فريقه الاستشاري في قصر الرئاسة؛ فإن هذه ‏الحقيقة درس هام يعكس المكانة التي يشغلها العلم والتعليم في المشهد الإنساني والفكري العربي. ‏ 
سلكنا نفس الطرق ولكن لم يجمعنا أبدا أي حوار، سكن كلانا مدينة لوس أنجلس، درس د. مرسي ‏بجامعة ساوثرن كاليفورنيا العريقة والتي أعمل فيها حاليًا، وشارك في مشروعات وكالة الفضاء ‏الأميركية (ناسا) التي أنتسبُ إليها منذ عام 2003، وأخيرًا عمل كلانا نفس المدة تقريبًا بقصر ‏الاتحادية الرئاسي بمصر، فكان رئيسًا للجمهورية ثم كنت أنا مستشارا علميا في القصر ذاته ولكن ‏بعد عزل د. مرسي. ‏ 
وبالنظر إلى مسارنا المشترك؛ تجعلني هذه المراحل قادرًا على إعطاء نظرة واقعية لهذه الشخصية ‏الفريدة التي تتفق معها أو تختلف، هي شخصية مستنيرة قادرة على إحداث طفرة في مصير مصر، ‏وسأشرح ذلك من خلال تعليمه ومفهومه للتسامح


العلم والتعليم بحياة مرسي
لم يكن د. محمد مرسي فقط أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، ولكنه -وهو الأهم- كان الرئيس ‏الأفضل تعليمًا وعلمًا من كل من سبقوه، وكان لذلك حضور دائم في حياته المهنية؛ فتراه دقيقًا في ‏وصفه للأرقام، واثقًا في الخطوات، واضحًا في كلامه، حاضر البديهة في حواراته، متواضعًا في ‏سلوكه، معترفًا بأخطائه، ومستشيرًا أصحاب الخبرات في إصلاحها أكثر من كل من سبقوه. 
في آخر كلماته داخل القفص الزجاجي العازل في المحكمة؛ كان يواجه القاضي بالحجة العلمية ‏قائلًا: "علميًا إن كنت لا أراك فأنت لا تراني". ومنذ وصوله قصر الاتحادية؛ كانت أولى قرارته هي رفع ‏أجور أعضاء هيئة التدريس، ورفع ميزانية الجامعات، وشكّل لجنة للنهوض بالبحث العلمي، وبدأ ‏منظومة للاستعانة بالعلماء والأكاديميين بالخارج.‏ 
كان د. محمد مرسي يقول دائمًا عن نفسه إنه ليس إنسانًا كاملًا، لكنه -خلافًا عمن سبقوه ومن ‏تبعوه في هذا المنصب- كان يمتلك القدرة على التطور والتحسن، بفضل تعليمه القوي وحياته في وسط ‏أكاديمي متميز ومتعدد الأعراق، طيلة سنوات وجوده في الولايات المتحدة. فدرس الدكتور مرسي ‏بجامعة ساوثرن كاليفورنيا العريقة في كلية هندستها ذائعة الصيت، وتخصص في علم الفلزات الذي ‏كانت له تطبيقات هامة في مجال الفضاء. 
وكيف لا يُشهد للدكتور مرسي بالتفوق وقد كان نيل أرمسترونغ -أول رائد فضاء- أحد طلاب نفس ‏الكلية وهو يخطو أولى خطواته على القمر، وتخرج منها كذلك شارلز بودن أول رئيس من أصول ‏أفريقية لوكالة ناسا، وتخرج من الجامعة بشكل عام قادة ومفكرون منهم مصطفى العقاد مخرج فيلم "‏الرسالة"، وأيضًا رئيس وزراء اليابان وغيرهم، وتُعرف هذه الجامعة بانتقائها للعقول المبدعة ‏والشخصيات القيادية غير التقليدية، وتتشدد في قيم التسامح الديني والعرقي. 
ولذلك كان من الطبيعي جدًا أن يجد خريجوها فرص عمل متميزة في الوسط الأكاديمي، كما صار ‏مع د. مرسي بتعيينه أستاذً مساعدًا بجامعة ولاية كاليفورنيا في مدينة نورثريدج شمال غربي لوس ‏أنجلس، بعد حصوله على درجة الدكتوراه بها عام 1982. 
من ساحة ‏جامعة ساوثرن كاليفورنيا التي درس فيها مرسي (الجزيرة نت)
ولكن د. مرسي قرر -بعد فترة أمضاها في هذه ‏النجاحات- العودة إلى وطنه في عام 1986، ليصبح عضوًا بهيئة التدريس في جامعة الزقازيق؛ ‏ناقلًا ما تعلمه بالولايات المتحدة إلى مصر. 
قد لا يفهم كثيرون هذا السلوك في حياة د. مرسي لأنه يمثل فئة نادرة في مجتمعنا المصري، وهي ما يسمى الفئة الأولى من "القادمون" (انظر مقالا سابقا للكاتب في الجزيرة نت)، وهي فئة الباحثين الذين ‏يعودون إلى أوطانهم بعد إتمام الدراسات في الخارج، وتمثل فقط 5% ممن يسافرون اليوم للتعلم ‏في الغرب. 
وعادةً تتميز هذه الفئة -وخاصة من يتخرجون منها في جامعة مرموقة- برغبة قوية في ‏التغيير وقدرة عالية على المواجهة، ويمثل د. محمد مرسي نموذجًا واضحًا لهذه الفئة؛ فقد كان يرى أن النجاح الكامل لا يتم إلا على أرض الوطن. 
قد يتساءل البعض: ما الذي يجعل د. محمد مرسي عالما؟ وقد يرون ذلك مبالغة في الأمر ولكن ‏الحقيقة غير ذلك، فللمعرفة شقان: الأول هو اكتشاف أسرار هذا الكون الذي نعيش فيه، والثاني هو ‏محاربة الجهل. وقد يكون للدكتور محمد مرسي نصيبٌ توقّف عن النمو مبكرًا في الشق الأول، إلا ‏أن له نصيبًا هامًا في الشق الثاني، إذ عاش طيلة حياته مطالبا بأن تكون المعرفة والحقائق أساس ‏صنع القرار. 
لذلك أحسبه من رجال العلم في مصر، ووصفه من هو أكبر مني شأنًا وأعلى مني ‏مقامًا الراحل الدكتور أحمد زويل بالعالم، ولم يكن وصفه بالخاطئ أو بالمجامل؛ فالدكتور زويل ‏يزن كلماته في العلم بدقة يحاسب عليها الرأي العام العالمي وليس فقط المصري، وهو كان يعي ذلك ‏جيدًا.

التسامح الديني لدى مرسي
أشيع مرارا وتكرارا أن الانتماء الفكري للدكتور مرسي يجعله غير منفتح على الديانات والثقافات ‏المختلفة، واعتمد من أشاع ذلك على بساطة مظهره بلحيته وفطرة سلوكه.
وأذكر هنا أن د. مرسي التقى -في أول زيارة له ‏للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2012- بالجالية المصرية في ‏قاعة مفتوحة تسمح بدخول الجميع، وكان ذلك بأحد فنادق تايم سكويرز في قلب نيويورك، ‏وتوجهت إلى هذا اللقاء الذي حضره ما يقارب 200 مصري، وقد أجاب د. مرسي بكل دقة ‏وصدق على أسئلة الجالية المصرية. 
كان من بين المصريين سيدة قبطية فاضلة شكت له بقوة ما يتعرض له الأقباط من تمييز وعنف في ‏الشارع المصري، فحاول بعض الحضور اعتراض كلامها وهنا أمرهم د. مرسي بالسكوت حتى ‏تستطيع السيدة البوح بشكواها بكل حرية، ثم أجابها. لم تعجبها إجابة د. مرسي التي لم ترَ فيها إلا ‏مجرد كلام عام في التسامح لا وجود له على أرض الواقع، فظلت تصرخ ضده؛ وهنا توجه الأمن ‏الخاص بالرئاسة وأمرها بالجلوس برفق. 
وبعد انتهاء الجلسة توجه إليها الدكتور مرسي أثناء ‏خروجه وقبل رأسها وفتح لها الطريق للخروج قبله، ولم يشتد وجهه إلا عندما نهَر أحد مرافقيه كان ‏يريد الرد بشكل غير لائق على هذه السيدة. كنت أقف على بعد أمتار منه، والتقت نظراتنا بابتسامة خفيفة منه ودهشة مني، وخرج من القاعة ‏وكلانا لا يدرك ما تخفيه الأقدار للآخر. 
نعم كان د. محمد مرسي متسامحًا ومحبًا للأديان الأخرى ‏بصدق، وكيف لا وقد عاش ودرس في أكثر مدن أميركا اختلاطًا بالأديان والأعراق، فجامعة ‏سوثرن كاليفورنيا بها أكبر عدد من الطلبة الأجانب بالمقارنة بكل جامعات الولايات المتحدة وأعضاء ‏هيئة التدريس من كل أنحاء العالم. 
بينما يتحدث قادة عن التسامح والمحبة بين الشعوب؛ عاشر الدكتور مرسي هذا التسامح سنوات ‏طويلة كطالب وأستاذ مدرس بجامعات ولاية كاليفورنيا، وهي الولاية الأكثر انفتاحا في كل الولايات ‏المتحدة. 
ولو كان ثبتت عليه أي آثار للتعصب أو العداء للأديان لما كان أتم دراسته أو عين عضواً في ‏هيئة تدريس بجامعات كاليفورنيا، التي تتوخى حرصًا شديدًا في قضايا العنصرية والكراهية الدينية، ‏خاصة بعد أحداث العنف التي عرفتها الولاية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي. 
كان احترام الدكتور مرسي لاختلاف الأديان صادقًا وحقيقيًا، ونابعًا من تجربته الناضجة والناجحة ‏في الولايات المتحدة، وليس مجرد مغازلة للغرب كما نرى اليوم في من يدّعون التسامح وهم لا ‏يقبلون الاختلاف في الرأي بالأساس حتى يقبلوا بالاختلاف في الدين، وليس لهم أي تاريخ يذكر في ‏التعايش مع أي ثقافات مختلفة.‏ 
كان في قرارة نفسي أن ثورة يناير تستطيع أن تنقلنا من دولة الجهل والظلم التي نعيشها إلى دولة ‏العلم والعدل التي نحلم بها، ولكنه فاتني أن ذلك لن يكون إلا مرورًا بدولة الأخلاق التي سعى د. ‏محمد مرسي لتأسيسها بخبرته، أساسًا كأكاديمي تتلمذ وعمل في وسط فكري وأخلاقي متميز قبل أي ‏شيء آخر. 
وبعيدًا عن المشهد العبثي والمشوه للسياسة والإعلام في مصر؛ كان الدكتور محمد ‏مرسي رئيسًا داعمًا للعلم ومات محاربًا للجهل. أنصف أو أخفق أرى أن حسابه عند خالقه أيسر منا ‏جميعًا، رحمه الله

سيد أمين يكتب: أبدًا لم يرحل أيقونة ثورة مصر

رغم طعم المرارة في الحلق إلا أنه لم يفاجئني قط خبر استشهاد أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر في محبسه، فذلك كان متوقعًا منذ اليوم الأول لاعتقاله عام ٢٠١٣، سواء أكان ذلك بالإهمال الطبي أو حتى بدس سم ممتد التأثير ومتراكم المفعول في طعامه وشرابه على غرار ما حدث مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وذلك لأن صمود الدكتور محمد مرسي في محبسه وامتلاكه صك الشرعية التي تسلمها من أشهر انتخابات نزيهة في تاريخ مصر ظلت طيلة ستة سنوات من الانقلاب هي الحائل الأكبر دون أن يهنأ النظام الحاكم بانقلابه، وأداة الابتزاز الكبرى التي تمارسها كل نظم العالم شرقًا وغربًا عليه، فضلا عن أن ما يمتلكه مرسي من معلومات وشهادات كانت تشكل “تهديدًا” لآخرين، وهى ما عبر هو – رحمه الله – عن وجودها في إحدى أشهر التسريبات الصوتية لمحاكمته، مؤكدًا أنه لديه معلومات كثيرة تفيد أنه مهدد بخطر القتل وأنه أيضًا يهدد آخرين.
ربما تلك المعلومات التي كان يملكها مرسي ويريد البوح بها للمحكمة ولو في جلسة سرية كانت مدعاة للعمل على منع وصول صوته للجماهير أو حتى للمحكمة وهيئة دفاعه وأسرته، تارة عبر العوازل الزجاجية الجبارة التي قد تتحكم في وصول الصوت من عدمه، وتارة عبر منعه من لقاء أسرته طيلة ستة سنوات سوى ثلاثة مرات فقط تحت ضغوط دولية كما يتردد، وكذلك منعه من مقابلة هيئة دفاعه لفترات طويلة، وتارة ثالثة عبر منع وصول صوته للجماهير في تلك المحاكمات عبر منع إذاعة محاكماته بزعم إمكانية تواصله مع الإرهابيين من خلالها، ناهيك عن حرمانه من الرد على سيل الاتهامات التي يروجها الإعلام المصري عنه من طرف واحد.
والواقع أنه بعد كل جريمة سياسية مباراة كرة قدم، وقبل كل جريمة سياسية مباراة لكرة القدم، وبقدر حجم المباريات تكون الجريمة، هذا هو الحال في أغلب دول وطننا العربي عامة وفي مصر خاصة، ولم يعد خافيًا على أي راصد نابه الربط المذهل بين استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسي قبيل أيام من بطولة كأس الأمم الأفريقية إلى جانب تواجد عدة قرائن أخرى منها أنه استشهد في مشهد واضح أنه أعد بدقة ليكون علنيًا في جلسة محاكمة وفي شهر يونيو الذي يتخذه النظام لاستدعاء ظواهر توطيد حكمه كدعاية لنجاحه السياسي، والمدهش أن مرسي استشهد في نفس اليوم الذي اعلن فيه فوزه في الانتخابات عام 17 يونيو 2012 قبل ستة سنوات.

أيقونة الثورة

كما كان مرسي أحد أهم من اعتقلتهم السلطة حين تفجرت ثورة يناير، كان هو أيضًا نتاجًا لأول انتخابات ديمقراطية شهدتها مصر بعد الثورة، وكان صموده وثباته ورفضه لكل إملاءات الغرب أثناء عام حكمه تمثيلًا صادقا للثورة ومطالبها المنادية بالاستقلال ورفض التبعية، فضلًا عن أنه كان تعبيرًا صادقًا عن دولة الحرية والديمقراطية التي تمنتها الثورة والتي تتيح لكل مواطن أن ينتقد رئيس الجمهورية ليس عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ولا في مظاهرات وندوات واعتصامات وخلافه، بل أيضًا في وسائل إعلام الدولة ذاتها دون خوف أو وجل، ثم كان صمود مرسي في محبسه بعد الانقلاب ورفضه التسليم بسلطة الأمر الواقع سببًا في استمرار روح الثورة في قلوب المصريين حتى الآن رغم القمع المفرط الذي استخدمته الثورة المضادة طيلة تلك السنين الطويلة.
كل ذلك جعل الرئيس مرسي استحق بجدارة لقب “أيقونة الثورة” حتى وأن كلفه ذلك حياته وحرية أسرته ولولاه لكانت ثورة يناير حلمًا من أحلام الكرى أمن المستبدون استحالة تكرارها.
وكأن الرجل تزوج زواجًا كاثوليكيًا من حب الوطن للدرجة التي جعلت آخر كلماته في المحكمة “بلادي وأن جارت علي عزيزة” ليرد ردًا بليغًا موجزًا على سيل اتهامات التخوين التي أطلقها إعلام الثورة المضادة والتي حرموه أيضًا من تفنيدها.

تخليد ذكراه

كنت اعتقد أن السلطة الحاكمة في مصر أكثر ذكاء من أن تدفن جثمانه ليلًا وسرًا ودون حضور إلا عدد قليل من أسرته، كان يمكنها أن تتجنب الجنازة الشعبية الواجب إقامتها له التي تخشاها إلى إقامة جنازة عسكرية كما تفعل مع كل رئيس لمصر، وهو ما توقعته خاصة أنه رأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحكم منصبه، لكن ما حدث كشف عن أنهم يخشونه حيًا وميتًا وتجاوزوا القانون والدستور والعرف في كل إجراءات التعامل معه.
فعل الأمريكان ذلك مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، تعمدوا تشويه صورته بكثير من الادعاءات، وضعوه في حفرة ثم أخرجوه منها لكسر هيبته – رغم أنهم تركوه يرد على الادعاءات على عكس ما حدث لدينا – لكن الاحتلال زال فيما مثل الرجل أسطورة عربية، وأيقونة الوطنية ليس في العراق فحسب بل لدي كل الشعوب الطامحة في الاستقلال في العالم، ولذلك سيخلد التاريخ مرسي كما خلد ذكر صدام وخلد من قبله عمر المختار وأحمد عرابي وغيرهم.
شئنا أم أبينا فقد دخل مرسي التاريخ من أوسع أبوابه، وموته لن يقضي على ثورة يناير بل سيفجرها من جديد، فقد زال السبب الذي استخدمته السلطة للحفاظ على حالة الانقسام التي صنعتها في المجتمع المصري، وأصبح الجميع يد واحدة من أجل استكمال ما بدأوه عام ٢٠١١ ولم يستكملوه، خاصة أن القدر يغلي بالغضب.

24 يونيو 2019

محمد سيف الدولة يكتب: النعى المحظور



على كل من يفكر فى تقديم واجب العزاء فى الدكتور محمد مرسى او نعيه، ان يفكر ألف مرة فى العواقب التى يمكن ان تترتب على ذلك، بدءا بالسب والقذف على لسان اللجان الالكترونية ومرورا بالهجوم والشيطنة وإلقاء التهم على ايدى اعلام السلطة بالانضمام الى جماعة ارهابية او بمساعدتها على تنفيذ مخططها لهدم الدولة المصرية.
ولكن رغم كل هذه المخاطر والعواقب المُحتملة، الا ان ساحات التواصل الاجتماعى شهدت اقبالا كبيرا على نعيه والترحم عليه والتعاطف مع حالته، من كافة التيارات والأطياف والشخصيات بما فيها تلك المختلفة مع الاخوان جملة وتفصيلا. على غرار ما يحدث على الدوام عند وفاة اى شخصية مصرية عامة أياً كانت مرجعياتها الايديولوجية أو انتماءاتها السياسية.
بالاضافة الى انه مهما كان تقييم الدكتور محمد مرسى والاخوان فانهم لا يستحقون ما يحدث لهم من اجتثاث سياسى وعصف امنى لم تشهد له مصر مثيلا منذ مذبحة المماليك على ايدى محمد على.
خاصة وأنهم ليسوا وحدهم الضحايا لهذا العصف السياسى والامنى، فكل من شارك فى ثورة يناير مدنيا كان او اسلاميا، اصبح اليوم على قوائم السلطة السوداء، محاصرا ومحظورا ومطاردا ومهمشا ان لم يكن نزيل السجون والمعتقلات.

وبالذات لان كل ذلك يأتى بعد ما انتزعته ثورة يناير من حقوق وحريات وصل سقفها لعنان السماء، وحين حدث ما يحدث الآن من مصادرة كل هذه الحقوق والحريات، فان الرسالة الوحيدة التى وصلت للجميع هو ان راس ثورة يناير هى المطلوبة وليس راس الاخوان فقط.
وهو ما جعل الصدمة من وفاة محمد مرسى كبيرة، اولا لما تعرض له فى محبسه من ظلم عظيم والثانية لخشية كل أطياف المعارضة من ان يكون هذا هو مصيرهم ايضا فيما اذا رأت السلطة فيهم تهديدا لسلطتها وسطوتها وقبضتها على مقاليد الحكم.
***
صحيح أن الاخوان قد تجرأوا على الاقتراب من كراسى الحكم والسلطة، وصدقوا بكل سذاجة ان الحكاية فى مصر قد اصبحت ديمقراطية وانتخابات وصناديق، ولكن عذرهم ان لا احد فى المجلس العسكرى او الدولة العميقة والنظام القديم قد حذر بعد قيام ثورة يناير، من ان الاقتراب من كراسى السلطة خط احمر. ولو كانوا قد قاموا بمثل هذا التحذير لربما كان الاخوان وغيرهم قد فكروا ألف مرة قبل ان يقدموا على هذه الخطوة.
***
ان ظاهرة حظر السلطة لتيار سياسى بعينه وتوقيف واعتقال عناصره، هى للأسف الشديد، ظاهرة قديمة فى مصر، شاهدناها فى عصورنا السياسية المختلفة حدث ذلك مع الشيوعيين والاخوان واحزاب العصر الملكي فى الخمسينات والستينات، وحدث مرة اخرى مع ما أسموه بمراكز القوى والناصريين التنظيمات الشيوعية فى السبعينات وحدث مع الجماعات الاسلامية فى الثمانينات والتسعينات وهكذا.
بالإضافة الى ان ظاهرة الصراع على السلطة وعلى الهوية وحظر الدولة لتيار او حزب او تنظيم سياسى بعينه لا تقتصر على مصر فهى جرثومة منتشرة منذ سنوات طويلة فى عديد من الأقطار العربية، فى العراق ولبنان وسوريا وليبيا وتونس والمغرب والجزائر والسودان وحتى فى فلسطين. وليست حالة الانقسامات والصراعات السياسية والاستقطابات الطائفية والمذهبية والمحاور الاقليمية والعمليات الارهابية والحروب الاهلية والحروب بالوكالة التى ضربت المنطقة فى السنوات الأخيرة سوى النتيجة الطبيعية لكل هذا الحظر والتخوين والتكفير المتبادل بين تيارات وقوى الامة. 
***
وفى النهاية تظل الأسئلة الأهم:
· هل يمكن من الناحية العملية القيام باجتثاث احد تيارات الامة الاربعة الرئيسية اجتثاثا كاملا ونهائيا من اى مجتمع عربى؟
· هل يمكن ان تمر سياسات الظلم والقهر لقطاعات واسعة من المواطنين على أسس سياسية أو طبقية أو دينية أو طائفية او جغرافية .. الخ، بدون أن تتولد انواع من المقاومة وردود فعل عنيفة أو خطيرة ان عاجلا ام آجلا؟
· هل يمكن أن تسود الطمأنينة والاستقرار فى اى مجتمع فى ظل صراعات وتربصات دائمة بين تيارات وقوى المجتمع الرئيسية؟
· هل يمكن ان تنجح الاجراءات الاستثنائية والقبضة الامنية مهما بلغت قوتها، فى توفير البيئة المناسبة للنمو والتنمية والتقدم؟
لا أظن.
*****
القاهرة فى 21 يونيو 2019

محمد سيف الدولة يكتب: الوطنية على نهج ابراهيم يسرى

Seif_eldawla@hotmail.com
اكتب هذه السطور فى نعى ورثاء السفير ابراهيم يسرى الاستاذ الكبير والمحامى القدير والمناضل الصلب والصديق الحميم.
***
·  حين كان يعمل سفيرا فى وزارة الخارجية، قدم لمصر خدمات جليلة منها دوره الرئيسى فى "اللجنة القومية العليا لطابا" التى كانت وراء عودة طابا بالتحكيم الدولى.
· ورغم شغله لمنصب رسمى فى الدولة الا ان بوصلته الوطنية لم تنحرف حين انحرفت بوصلة الدولة المصرية مع اتفاقيات كامب ديفيد وبعدها.
·  وحين تقاعد، كان من القلة القليلة التى تعد على اصابع اليد الواحدة التى عارضت السياسة الرسمية للدولة والتحقت بصفوف المعارضة وتحملت كل ما ترتب على ذلك من عواقب ومخاطر وتهميش.
·  وهو واحد من المحامين القلائل الذين دأبوا على الاشتباك مع السلطة، ايام مبارك وبعده، فى مجلس الدولة والمحكمة الدستورية فى قضايا تمس الامن القومى المصرى والمصالح العليا للبلاد مثل تصدير الغاز لاسرائيل، ورفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص لانها تجور على الحقوق المصرية، وبطلان التوقيع على الاتفاقية الثلاثية بين مصر والسودان واثيوبيا بخصوص سد النهضة لإضرارها بحصة مصر من مياه النيل. وانعدام حكم المحكمة الدستورية الذى قضى بالغاء الاحكام السابقة الصادرة بخصوص الطعن على قرار الحكومة بنقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية وغيرها. 
·  وفى معارك بعينها كان هو قائدها و راس الحربة فيها، حين عبر عن الضمير المصرى وبادر نيابة عن كل المصريين برفع دعوى امام مجلس الدولة ضد تصدير الغاز المصرى لاسرائيل، وقام بتأسيس حملة شعبية واسعة فى هذا الصدد.
· ولقد ترك لنا السفير ابراهيم يسرى عديد من الكتب والدراسات الهامة مثل ((النيل ومصر وسد النهضة ـ وحروب القرن الافريقى)) و ((حتمية تجديد الدبلوماسية العربية)) و ((تطور القضاء الجنائى الدولى فى ملاحقة الجرائم ضد الانسانية)) وغيرها التى تعكس ثقافته الموسوعية فى مجال العلاقات الخارجية والدبلوماسية وفى مجال القانون الدولى والاتفاقيات الدولية.
· وحين شارك بعد تقاعده فى معترك العمل الوطنى والسياسى اختار ان يخوضه مستقلا عن اى حزب او تيار، ومع ذلك فانه كان محل احترام وتقدير من الجميع باختلاف مرجعياتهم الفكرية والسياسية والحزبية.
· وفى سنوات المخاض قبل ثورة يناير كان فى مقدمة الصفوف، وبعد الثورة كان فى القلب منها منذ لحظاتها الاولى حتى يوم رحيله.
· وحين ضربت جرثومة التفكك والانقسام والصراع القوى السياسية فانشقت الى مدنيين واسلاميين، رفض اى يكون جزءً من الانقسام ورفض اجتثاث اى تيار، وكان رفيقا وصديقا للجميع، وظل يحاول لم الشمل حتى آخر نفس فى حياته.
·  ولقد ترجم ذلك فى عديد من المواقف والمبادرات والانشطة آخرها كانت محاولاته لتشكيل عديد من منتديات ومجموعات الحوار الفكرى والسياسى بين كافة الفرقاء على موقع "واتساب" الشهير، فأسس مجموعات "شخصيات وطنية" و "تيران وصنافير مصريتان" و "سد النهضة" و " مشروع القرن ام ثورة عربية" و " غازنا المنهوب من اسرائيل" وغيرها، والتى ضمت فى عضويتها عديد من الشخصيات المصرية المعارضة من كافة التيارات والاتجاهات التى رحبت بدعوته لها فشاركت وتفاعلت وتحاورت معا بعيدا عن أجواء الانقسام والكراهية التى ضربت الحياة السياسية.
·   لقد كان رجلا شديد الصلابة، لم يستسلم لحالته الصحية التى كانت تسبب له صعوبات جمة فى الحركة وفى الحديث، فكان يحرص دائما على المشاركة مهما بلغت درجة الارهاق والمعاناة.
· وكان عليه رحمة الله، متطهرا تماما من اى من تلك الامراض الذاتية المنتشرة فى الحياة السياسية، ورغم رصيده وتاريخه الغنى بالعطاء والفاعلية والتقدير، الا انه كان يتميز بأدب جم وبتواضع حقيقى غير مصطنع، ولم يسعَ ابدا وراء اى منصب او موقع او مكانة خاصة فى كل الحركات والفاعليات والتجمعات التى شارك فيها.
· ان التكريم الحقيقى لشخص وتاريخ وعطاء ابراهيم يسرى هو من خلال اعلاء كل القيم التى تبناها وتمسك بها وناضل من اجلها: الوطنية والاستقلال والشجاعة والاقدام والعمق الفكرى والقانونى والمهنية العالية والعطاء والانتاج المستمر والتواضع لله والتواصل مع الجميع.
·  رحم الله الفقيد الغالى.
*****
القاهرة فى 11 يونيو 2019

03 يونيو 2019

(دروس وطنية للمرتدين والمبتدئين) الصهيونية

فى ذكرى النكبة وفى مواجهة صفقة القرن
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
لا شك ان الردة ليس فى الأديان فقط، ولكن فى المبادئ والمواقف الوطنية كذلك. فلقد شهدت مصر والمنطقة العربية فى السنوات والشهور القليلة الماضية ارتدادا فجا ومبتذلا عن الثوابت الوطنية المصرية والعربية وهرولة غير مسبوقة للتطبيع مع (اسرائيل) بل للتحالف معها، مع انتشار ظاهرة جديدة فى الاعلام الرسمى العربى وهى مهاجمة الشعب الفلسطينى والمقاومة، والدفاع عن العدو الصهيونى وتبرير جرائمه او تجاهلها والصمت عليها فى أفضل الأحوال، وهو ما ظهر جليا فى العدوان الاخير على غزة، وفى الصمت أو التواطؤ لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية فيما يسمى بصفقة القرن، وهو ما لم يحدث من قبل حتى فى أحلك العصور.
وهو ما يعنى اننا بصدد حالة من الردة الوطنية أو ربما الأمية السياسية، لذا توكلت على الله، وأعددت هذه الورقة التى تعيد التذكير بماهية وحقيقة المشروع الصهيونى وخطورته، لعلهم يستوعبون ويتوبون ويعودون عن ردتهم. ولكن الأهم منهم هم الشباب الذى قد يتأثر بأكاذيب هذا الاعلام الرسمى العربى، ويصدق ما به من ضلالات.
أما بعد:
·       منذ تشكلت الحركة الصهيونية فى اواخر القرن التاسع عشر وهى تهدد وجودنا وتغتصب اراضينا وتعتدى علينا وتذبح اهالينا وتقتلنا وتطردنا من اوطاننا وتتحالف مع مستعمرينا.
·       وبسببها هى والاستعمار، وعلى امتداد اربعة أجيال، ونحن نعانى من العجز عن الاستقلال والعجز عن التطور والعجز عن العيش حياة طبيعية آمنة مثل باقى شعوب الارض.
·       لقد كان المشروع الصهيونى وما زال بالنسبة لنا كاللعنة التى افسدت كل شىء وحولت حياتنا الى جحيم يومى وحرمتنا من ابسط الحقوق الانسانية وهى حق الوجود الآمن والمستقر، حق الاختصاص بالوطن فى هدوء وسلام وسكينة وبدون منازعة أو تهديد.
·       ان الصهيونية فى كلمتين هى حركة استعمارية، عدوانية، استيطانية، احلالية، توسعية.
·       وهى تزيف تاريخنا وتاريخ العالم وتهدد وجودنا فتدعى اننا نحن العرب نمثل احتلالا لهذه الارض منذ الغزو(الفتح) العربى الاسلامى.
·       وتدعى ان اليهود هم اصحاب الارض الحقيقيين فى المنطقة الواقعة بين النيل والفرات (ارض الميعاد)، وأن اليهود فى كل انحاء العالم يمثلون امة واحدة وشعب واحد، ولهم وطن واحد هو الارض التى نعيش نحن عليها منذ آلاف السنين.
·       كما تدعى ان باقى الارض العربية ايضا ليس ملكا للشعب العربى بل ملكا للشعوب التى كانت تعيش هنا قبل الغزو العربى الاسلامى!
·       والصهيونية حركة عنصرية تعتبر ان اليهود شعب ممتاز متفوق على غيره من الشعوب وبالتالى هى تضعنا نحن وباقى البشر من غير اليهود فى منزلة دنيا فى سلالة الجنس البشرى، وتعطى لنفسها حرية وحق التعامل معنا بكل الوسائل والأساليب التى تتناسب مع الكائنات الأدنى.
·       والحركة الصهيونية حركة ارهابية فى اصولها وجذورها وسلوكها، فالعربى الصالح عندها هو العربى الميت أو المستسلم. والإرهاب الصهيونى ليس مجرد وسيلة بل هو غاية فى حد ذاته، وهو ما نراه يوميا على امتداد اكثر من قرن من الزمان وليس أدل على ذلك من المذابح اليومية التى لا تتوقف لأهالينا فى فلسطين.
·       والمشروع الصهيونى يستهدف مصر والامة العربية كلها بقدر ما يستهدف فلسطين.
·       والصهيونية صنيعة للاستعمار الغربى؛ الأوروبى والأمريكى وحليفة لكل القوى التى تعادينا وتحتل بلادنا وتنهب ثرواتنا.
·       وهى قاعدة عسكرية واستراتيجية رخيصة للامبريالية العالمية ونقطة ارتكاز ووثب لها فى قلب الوطن العربى لضرب امانى الامة العربية فى التحرر والوحدة والتقدم، فهى مصدر تهديد دائم، فالتحرر من ايهما يستدعى التحرر من الاخرى بالضرورة.
·       ودولة الصهاينة المسماة بـ (اسرائيل) هى كيان حاجز بين مشارقنا ومغاربنا، مما يعيق وحدتنا القومية، تلك الوحدة التى كان من الطبيعى ان تتم منذ زمن بعيد لتلحق بوحدات كبرى اخرى كالوحدة الالمانية والوحدة الايطالية وغيرها. ولكن بدلا من ذلك، حرمنا من هذا الحق الطبيعى، بل تم تقسيمنا كغنائم حرب بعد الحرب العالمية الاولى، وتم تدعيم هذا التقسيم بانشاء (اسرائيل) بعد الحرب العالمية الثانية.
·       والصهيونية حركة لا ولن تكتفى بكل اعتداءاتها علينا، بل هى تسعى لمزيد من تفتيت وتقسيم الوطن العربى الى مجموعة من الدويلات الطائفية الصغيرة لتحل محل الدول العربية الحالية، وهى فى سبيل ذلك تحاول زرع الفتن الطائفية بيننا؛ جاء فى مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية: ((ان تفتيت مصر الى اقاليم جغرافية منفصلة هو هدف اسرائيل السياسى فى الثمانينات على جبهتها الغربية، وان مصر المفككة والمقسمة لا تشكل أى تهديد لاسرائيل))
·       والدولة الصهيونية تفعل كل ذلك وستفعله وتصر عليه مع كل العرب حتى من وقعت معهم معاهدات سلام، فمؤامراتها على مصر لم تنتهِ، ومحاولتها المستمرة لحصارنا عسكريا واقتصاديا، والتجسس علينا واختراقنا وايذائنا، والتهديد بالعدوان علينا، وتأليب المؤسسات الدولية علينا وغيره الكثير، سياسة ثابتة ومستمرة، فقد قال بيجين ((لن يكون سلام لشعب اسرائيل ولا لارض اسرائيل ولا حتى للعرب ما دمنا لم نحرر وطننا باجمعه بعد، حتى لو وقعنا مع العرب معاهدة صلح وسلام))
·       والكيان الصهيونى معادٍ لنا ولن يتركنا فى سلام حتى لو اخترنا السلام معه. فعاجلا ام آجلا سيكرر العدوان علينا كما فعل فى 1956 و1967. قال بيجين بعد ان وقع مع السادات اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979: ((سنضطر الى الانسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الاطراف. سيناء تحتاج الى ثلاثة ملايين يهودى على الاقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الاتحاد السوفيتى او الامريكتين الى اسرائيل سنعود اليها وستجدونها فى حوزتنا)).
·       وجاء فى مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية: ((ان استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطى يجب أن يكون هدفا أساسيا من الدرجة الاولى اليوم)).
·       وقال آفى ديختر وزير الامن الداخلى الاسرائيلى عام 2008 ((سنعود الى سيناء ان تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل))
·       والصهاينة يريدون مصر ضعيفة منكفئة على نفسها معزولة داخل حدودها، قال موشى ديان أن من أهداف العدوان على مصر 1956 ((القضاء على جيش النيل وحشره فى أرضه))
·       والصهاينة يريدون سرقة دور مصر القيادى فى المنطقة، قال شمعون بيريز فى مؤتمر اقتصادى بالدار البيضاء عام 1994: ((ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتكم إسرائيل تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون))
·       ولقد أصبحت (إسرائيل) هى القوة الاقليمية الأقوى فى المنطقة بعد خطف مصر عام 1979، فهى تشن اعتداءاتها على من تريد فى فلسطين أو لبنان او العراق او السودان او سوريا، بلا معقب، وتعمل على نزع أو تقييد السلاح العربى والاقليمى، لتحتفظ لنفسها بالتفوق النوعى على الدول العربية مجتمعة.
·       وهى التى اعتدت على مصر مرتين فى 1956 و1967 ولم تنسحب من سيناء الا بعد اشتراطها تجريد ثلثى سيناء من السلاح والقوات.
·       بل ومن أجلها، قام الامريكان بالتعاون مع السادات ومبارك بتفكيك مصر التى انتصرت فى 1973، وتصنيع مصر أخرى على مقاس أمن (اسرائيل) ومصالح أمريكا.
·       وهى التى ارتكبت ولا تزال فى حق مصر وباقى الشعوب العربية مئات من المذابح الاجرامية، التى لم يحاسبها أحد عليها.
·       وهى التى استغلت ضعفنا وخوفنا وتخاذلنا، فقامت بسن وترسيخ ناموسا عنصريا فى المنطقة، وهو أن (الاسرائيلى) هو كائن مقدس لا يجوز لمسه أو ايذائه، بينما تستبيح هى دمائنا كل يوم.
·       وهى وراء كل قضايا التجسس التى تم كشفها فى مصر والدول العربية فى السبعين عاما الماضية.
·       والقائمة تطول.
***
·       أما فلسطين حبيبتنا وشقيقتنا وبوابتنا الشرقية، فهى ارض عربية منذ الفتح العربى الاسلامى وقبله، اختصصنا بها على امتداد أكثر من 14 قرن وعشنا عليها ولم نغادرها ابدا. وقاتلنا من اجلها جيلا وراء جيل، ونجحنا من قبل فى تحريرها من الغزو الأوروبى 1096 – 1291.

·        ولقد عشنا معا فى مصر وفلسطين أمة واحدة على امتداد قرون طويلة الى أن قام التحالف الغربى الاستعمارى بعزل مصر عام 1840 فى معاهدة كامب ديفيد الأولى الشهيرة بمعاهدة لندن، قبل أن يعزلها مرة ثانية فى ترتيبات سايكس بيكو، ومرة ثالثة فى اتفاقيات كامب ديفيد 1978.

·       وعلى امتداد قرون طويلة وحتى وقت قريب، اختلطت دماء شهدائنا جميعا على أرضنا الواحدة الطيبة فى مواجهة هذا العدو المشترك.
·       واليوم ان تركنا (اسرائيل) تستكمل اغتصاب فلسطين فى هدوء، وتقضى على مقاومتها، وتبيد شعبها، وتعيش مستقرة آمنة على أرضها، وتستجلب مزيد من المهاجرين اليهود اليها، وتواصل بناء دولتها القوية الاستعمارية الارهابية العدوانية على حدودنا الشرقية وفى القلب من امتنا العربية، فسنجدها فى القريب العاجل تشن عدوانا جديدا علينا، أو تفرض مزيدا من الشروط والقيود علينا، أو ترسخ وتقوىِّ من تفوقها وهيمنتها العسكرية علينا جميعا.
· ألا ترون ما وصلت اليه الأمور اليوم من محاولات ترامب لتصفية ما تبقى من القضية فيما يطلقون عليه صفقة القرن.
***
انتهى الدرس الأول. فهل يثوبوا الى رشدهم ويستغفروا الله على ما يفعلون.
*****
القاهرة فى 28 مايو 2019