19 مارس 2019

محمد سيف الدولة يكتب: مانفيستو الارهابى الأسترالى الابيض

قرأت المانفيستو (الميثاق) الذى كتبه ونشره الارهابى الاسترالى الابيض التى قتل بدم بارد خمسين من المصلين فى مساجد نيوزيلاندا، والذى اصدره فى حوالى74 صفحة، وقمت باختصاره الى ما يقرب من 1000 كلمة، والعمل على ابراز اهم ما ورد فيه من نظريات وافكار ورؤى شديدة العنصرية والاضطراب بعد أن قمت باعادة ترتيب كلامه وتصنيفه الى ثلاثة عناوين رئيسية:
1) ارهابى وأفتخر.
2) أزل الغزاة، استرد أوروبا.
3) لماذا قتلتهم؟
مستهدفا من وراء ذلك التنبيه الى هذا الوجه العنصرى والخطير، الذى لا يمثل حالة فردية او ظاهرة شاذة فى الغرب بجناحيه الأوروبى والامريكى، بل قد يكون مستقرا فى عقيدة غالبية صناع السياسات والاستراتيجيات الغربية الاستعمارية تجاهنا وتجاه باقى شعوب العالم، والذين قام قادتهم اليوم بادانة جريمة نيوزيلاندا، رغم انهم يفعلون مثله كل يوم، ولكن بطرق وأسلحة مختلفة؛ يفعلونها بالطائرات المُسيرة والاباتشى وصفقات السلاح والأحلاف العسكرية والحروب بالوكالة، وبالفيتو وبنهب مقدرات الشعوب وبالاغراق فى القروض والديون وإسقاط الانظمة الوطنية ودعم الانظمة العميلة، بالاضافة الى عنصريتهم القديمة المجرمة ضد اى بشرة ملونة، سوداء، سمراء، صفراء، وبدعايات الاسلاموفوبيا وغيرها الكثير.
وتُرى كم مليون ضحية سقطت على أيدى أسلاف وأجداد ومعاصرى هذا الارهابى الاسترالى منذ قرر الغرب العنصرى الابيض غزو العالم منذ خمسة قرون وحتى يومنا هذا؟
***
اولاـ نعم أنا عنصرى وارهابى وقاتل، وأفتخر:
·نعم ان ما فعلته هو عمل إرهابي، لكنني أعتقد أنه عمل موجه الى قوة محتلة. 
·لا اشعر بأى ندم، بل أتمنى أن أقتل المزيد من الغزاة والمزيد من الخونة.
·نعم. انا عنصرى .. وانا ضد الهجرة والمهاجرين .. وانا ضد التنوع.. وانا ضد التسامح فهو من خصائص الامم الميتة.
·نعم أنا لا أحبهم؛ فانا أكره كل مسلم، رجل أو امرأة يختار غزو أرضنا واستبدال شعبنا. 
·نعم انا مناهض للاسلام، ولدى رغبة في الانتقام منه بسبب 1300 عام من الحرب والدمار الذي جلبه على أهل الغرب وشعوب العالم الأخرى.
· اهاجم المسلمين على وجه الخصوص لأنهم المجموعة الأكثر احتقارًا في الغرب، ومهاجمتهم تحصل على أعلى مستوى من الدعم والتأييد. كما أنها واحدة من أقوى مجموعات الغزاة، كما ان لديهم خصوبة عالية.
·ليس بين الغزاة أبرياء، فكل من يستعمر أراضي الشعوب الأخرى يتقاسم الذنب.
·حتى الاطفال ليسوا ابرياء، فأطفال الغزاة لا يبقون أطفالًا، بل يصبحون بالغين ويتكاثرون، ويخلقون المزيد من الغزاة ليحلوا محل شعبك. إنهم يكبرون ويصوتون ضد رغبات شعوبك، من أجل مصالح شعبهم وهويتهم. يكبرون ويأخذون منازل شعبك لأنفسهم، ويشغلون مواقع السلطة، ويستولون على الثروة ..
·أي غازي تقتله، في أي عمر، يعمل على تخفيض أعداد الاعداء الذين سيواجههم أطفالك فى المستقبل.
·إذا كنت ستقتل ستين من الغزاة المسلحين الذين يريدون إلحاق الأذى بأمتك وشعبك، فستكون موضع ترحيب كبطل، لكن اذا قتلت ستين من الغزاة غير المسلحين بعد أن أظهروا الإرادة والنية لإلحاق الأذى بأمتك وشعبك، فسوف يعتبرونك وحشًا.
·إن الغزاة العزل أكثر خطورة على شعبنا من الغزاة المسلحين.
·لا بديل عن العنف والقوة اما الحل الديمقراطى والديمقراطية فهي حكم الغوغاء. والغوغاء نفسها يحكمها أعداؤنا.
·لا توجد أمة في العالم لم يتم تأسيسها أو الحفاظ عليها باستخدام القوة. القوة هي القوة. التاريخ هو تاريخ السلطة. العنف قوة والعنف هو حقيقة التاريخ.
·التنوع هو الضعف، والقوة فى وحدة العرق.
·إقتل أنجيلا ميركل، إقتل أردوغان، إقتل صادق خان.
·إقتل الرئيس التنفيذي لاى شركة تستورد العمالة الرخيصة. النخبة الاقتصادية الذين يكنزون فى جيوبهم الارباح التي يتلقونها من بديلنا العرقي. 
·اكسر ظهر اليد العاملة الرخيصة.
·إذا كان الفرد يمتلك أو يسيطر على شركة أو شركة تجارية، ويدافع أو حتى يقبل الاستيراد الجماعي من غير البيض لاستبدال السكان الأوروبيين الأصليين، فيجب تدمير ذلك الخائن.
·ان المنظمات غير الحكومية التى تنقل الغزاة إلى الشواطئ الأوروبية على متن سفنها تشارك مباشرة في الإبادة الجماعية الشعب الأوروبي.
·الاستقرار والراحة هم أعداء التغيير الثوري، لذلك يجب علينا زعزعة استقرار المجتمع وإزعاجه كلما أمكن ذلك.
·اننى من مؤيدى دونالد ترامب كصانع سياسة وقائد ورمز لتجديد الهوية البيضاء.
·أتوقع ان يطلق سراحى من السجن وأتوقع أيضًا الحصول على جائزة نوبل للسلام. ألم يمنحوها للإرهابي نيلسون مانديلا بمجرد أن حقق شعبه النصر وتولى السلطة. وأتوقع أن يتم إطلاق سراحي خلال 27 عامًا من سجني، وهو نفس عدد السنوات التى قضاها مانديلا فى السجن وبسبب "نفس "الجريمة.
***
ثانيا ـ أزل الغزاة، استرد أوروبا.
·أوروبا للأوروبيين والابيض هو الاوروبى الوحيد، ويجب إزالة الغزاة من التربة الأوروبية، بغض النظر عن المكان الذي أتوا منه أو متى أتوا: غجر، أفارقة، هنود، أتراك، ساميون أو غيرهم. طالما لم يكونوا من شعبنا، لكنهم يعيشون في أراضينا، يجب إزالتهم. أزل الغزاة، استرجع أوروبا.
·نشهد غزوًا على مستوى لم يسبق له مثيل في التاريخ. الملايين من الناس يتدفقون عبر حدودنا، بشكل قانوني. بدعوة من الدولة وكيانات الشركات لاستبدال الأشخاص البيض الذين فشلوا في الإنجاب، فشلوا في خلق العمالة الرخيصة والمستهلكين الجدد والقاعدة الضريبية التي تحتاجها الشركات والدول لتزدهر.
·إن أزمة الهجرة الجماعية والخصوبة البديلة هذه هي اعتداء على الشعب الأوروبي، وإن لم يتم مكافحته، فسيؤدي في النهاية إلى الاستبدال العرقي والثقافي الكامل للشعب الأوروبي.
·كل ذلك من خلال الهجرة. هذا هو استبدال العرقية. هذا هو استبدال الثقافة. هذا هو البديل العنصري.
·هذه هى الإبادة الجماعية للعرق الابيض
·الهجرة الجماعية ستحرمنا من حقوقنا وتخريب دولنا، وتدمير مجتمعاتنا، وتدمير روابطنا العرقية، وتدمير ثقافاتنا، وتدمير شعوبنا.
·يجب علينا سحق الهجرة وترحيل هؤلاء الغزاة الذين يعيشون بالفعل على أرضنا. إنها ليست مجرد مسألة ازدهارنا، بل هي ايضا بقاء لشعبنا.
·يجب أن تتغير معدلات المواليد لصالحنا، حتى لو قمنا بترحيل جميع غير الأوروبيين من أرضنا غدًا.
·أتمنى لشعوب العالم المختلفة كل التوفيق بغض النظر عن العرق أو ثقافة الإيمان وأن يعيشوا في سلام ورخاء بين شعوبهم ويمارسون تقاليدهم، ولكن فى بلادهم وليس فى بلادى.
***
ثالثاـ لماذا قتلتهم؟
·لقد قتلتهم لانهم مجموعة واضحة وكبيرة من الغزاة، من ثقافة ذات معدلات خصوبة أعلى وثقة اجتماعية أعلى وتقاليد قوية تسعى إلى احتلال أرضى وتحل محل شعبي.
·لإظهار للغزاة أن أراضينا لن تكون أبدًا أرضهم، وأن وطننا هو ملكنا، وأنه طالما ظل رجل أبيض، فلن يستطيعوا غزو أرضنا ولن يحلوا محل شعبنا أبدًا.
·للانتقام لمئات الآلاف من الوفيات الناجمة عن الغزاة الأجانب في الأراضي الأوروبية عبر التاريخ.
·للانتقام من استعباد الملايين من الأوروبيين الذين أخرجهم تجار الرقيق الإسلاميين من أراضيهم.
·للانتقام لآلاف الأرواح الأوروبية التي فقدت بسبب الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء الأراضي الأوروبية.
·لخفض معدلات الهجرة مباشرة إلى الأراضي الأوروبية عن طريق تخويف وإزالة الغزاة ذاتهم جسديا.
·للتحريض على العنف والانتقام ومزيد من الانقسام بين الشعب الأوروبي والغزاة الذين يحتلون الأراضي الأوروبية حاليًا.
·لإظهار تأثير العمل المباشر؛ قم بإضاءة طريق للأمام لأولئك الذين يرغبون في اتباعه. مسار لأولئك الذين يرغبون في تحرير أسلافهم من قبضة الغزاة وأن يكونوا منارة لأولئك الذين يرغبون في خلق ثقافة دائمة، أخبرهم أنهم ليسوا وحدهم.
·لخلق جو من الخوف والتغيير يمكن أن يحدث فيه عمل جذري وقوي وثوري.
·لإضافة الزخم إلى تقلبات البندول في التاريخ، مما يزيد من زعزعة استقرار واستقطاب المجتمع الغربي.
·لزرع إسفين بين دول حلف شمال الأطلسي الأوروبية والأتراك التي تشكل أيضًا جزءًا من قوات الناتو، وبالتالي تحويل الناتو مرة أخرى إلى جيش أوروبي موحد ودفع تركيا مرة أخرى إلى موقعها الحقيقى كعدو.
·لعدم تكرار ما حدث فى كوسوفو من تدخل حين قاتلت قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى جانب المسلمين وذبحوا الأوروبيين المسيحيين الذين حاولوا إخراج هؤلاء المحتلين الإسلاميين من أوروبا.
***
انتهى عرض اهم وابرز ما ورد فى مانيفستو الارهاب الابيض، وواضح اننا لسنا بصدد رجلا بسيطا او سطحيا أو مجنونا، فهو يعتنق "نظرية" كاملة تخص العرق الابيض والمخاطر التى يتعرض لها نتيجة هجرة الملايين من الشعوب والاعراق الاخرى التى تغزو اوروبا وتستوطنها وتتوالد بمعدلات اكبر بكثير من الشعوب البيضاء مما سيسفر فى النهاية عن استيلائهم على اوروبا، وتحول العرق الابيض الى اقلية مضطهدة، بما يشبه الابادة الجماعية. وان هناك قطاعا كبيرا من الخونة الاوروبيين الذين يساهمون فى هذه الجريمة مثل اصحاب الشركات التى تستجلب العمالة الرخيصة. والحل الوحيد فى مواجهة هؤلاء الغزاة واولئك الخونة الاوروبيين هو القتل والتصفية. ولذلك فهو يعتبر نفسه بطلا قوميا يستحق جائزة نوبل للسلام.
لسنا اذن بصدد شخصا معتوها، وانما ايديولوجية عنصرية لها جذورها وانصارها وسياساتها وممارساتها التى لم تنقطع على امتداد قرون طويلة، بل ان الرئيس المنتخب لاكبر دولة غربية فى العالم"دونالد ترامب" هو واحد من اهم انصار وتلاميذ هذه المدرسة.
ومن ثم فانه يتوجب علينا عدم الاستخفاف بهذا المانفيستو وبالتيار الواسع الذى يتبنى مبادئه ومضامينه فى الغرب الامريكى والاوروبى، والبحث عن سبل التصدى له ومواجهته، وعلى رأسها هدم وتفنيد كل النظريات العرقية العنصرية، وفى القلب منها النظرية الاستعمارية الغربية.
*****
القاهرة فى 19 مارس 2019

17 مارس 2019

سيد أمين يكتب: مجزرة "نيوزيلندا" حرب على الدولة العثمانية



السبت 16 مارس 2019 17:01
للمجزرة الإرهابية الأليمة التي وقعت أمس وأودت بحياة أكثر من 50 مصليا مع عشرات الإصابات الخطرة في مسجدين في نيوزيلندا الكثير من التفاصيل التي رصدتها وسائل التواصل وشهادات الشهود والمصابين فضلا عن معلومات نشرتها الصحف الغربية والإسلامية.
وبحسب ما انفرد به موقع قناة "العالم" الإيرانية فإنه قبل تنفيذ الهجوم تم زرع ١٢ قنبلة في المنطقة نفسها التي تحيط بالمسجد ومتصلة بالتفجير عبر الهاتف المحمول عن بعد، حيث قامت السلطات بتفكيكها بعد أن أخلت كل المنازل من السكان، وأن السلاح المستخدم صناعة إسرائيلية وهو سلاح آلي أتوماتيكي يقوم بإطلاق محتوي الخزنة كاملا في دفعة واحدة من دون الضغط على الزناد لكل طلقة، وفوارغ الطلقات أكدت أنها كلها صنعت في إسرائيل.

الحرب على الدولة العثمانية
وبالطبع كلنا عرفنا مدلولات التواريخ التي خطها الإرهابيون على الأسلحة المستخدمة في الجريمة وكلها كانت تخص انتصارات الجيوش الصليبية على الدولة العثمانية أو الدولة الأموية.
يأتي ذلك بعد في إطار سلسة من انتشار الكراهية انتشرت في أوربا ضد الإسلام ممثلا في الدولة العثمانية ، فالعام الماضي قامت النمسا بإغلاق سبعة مساجد وطرد عشرات الأئمة عقب عرض قدم في إحدى دور هذه المساجد ارتدي فيه الأطفال ملابس جنود الدولة العثمانية.
يتلاقى ذلك مع حملة مسعورة في كل الإعلام الغربي تقريبا تصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه ديكتاتور ومراوغ وغير ذلك من اتهامات لا يوجد دليل واحد يؤيدها، رغم أنه رئيس منتخب بشكل حقيقي ويحكم بقوانين أقرها برلمان منتخب بشكل حقيقي أيضا وأحدث نهضة شاملة غير مسبوقة في تاريخ تركيا.
وها هو الصحفي في صحيفة "كورنث" اليونانية "تيرونى سيرا" يقول "كنا سعداء بتشتت المسلمين، ولا نريد أن يأتي رجل يلم شملهم ويجمعهم من جديد. لا نريد أردوغان".
والحقيقة أنك لا تستطيع أن تميز بين الدولة العثمانية وسياساتها وبين غيرها من إمبراطوريات كانت سائدة كالإمبراطوريات: البريطانية والفرنسية والروسية والنمساوية وغيرها في العالم آنذاك سوى أنها الإمبراطورية المسلمة، فإن كانوا هم نظما مستبدة كانت هي كذلك، والعكس صحيح، فهى احتلت أو فتحت أو استعمرت تماما كما احتلوا أو فتحوا أو استعمروا، وكانت غير ديمقراطية تماما كما كانوا، وعاشت في القرون الوسطى بما فيها من تخلف تماما كما هم عاشوا.
 الخلاصة أن الدولة العثمانية كانت مثل كل الدول المسيطرة آنذاك ولكن الانفراد بكراهيتها دون غيرها يعود لكونها مظلة للعالم الإسلامي الذي كان وما زال تستهدفه الإمبراطوريات الأخرى بالافتراس.

الإعلام المصري
من الغريب أن تجد بعض رجال الإعلام المصري يحاولون استغلال قتل المسلمين في نيوزيلندا بأنه ردا على "الإرهاب العثماني"، ولم يتصرفوا بنفس القدر من الإدانة والتنديد الذي تصرفوا به بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له صحيفة "شارلي أبدو" الفرنسية على سبيل المثال وهى جريمة إرهابية مدانة.
وكما يتهمون الإسلام بأنه دين انتشر بحد السيف وهو قول مغلوط، يتهمون الدولة العثمانية بذلك، وكأن الحملات الصليبية ومحاكم التفتيش وفرسان الهيكل كانت تمارس أعمالا ديمقراطية وكأن أوربا وعصورها المظلمة وإمبراطوراتها التي انتعلت العالم وأذلته قديما وحديثا كانت أكاذيب..
فضلا عن أن الدولة العثمانية عندما بسطت سيطرتها في الغالب علي العالم الإسلامي، ولم تمارس طغيانا على شعوبه بل حمتهم وحررتهم من طغاتهم المتناحرين على إذلالهم، وضمنت لتلك الشعوب حرية الثقافة واللغة والاعتزاز القومي، كما ضمنت حقوق الأقليات غير المسلمة ولم تكرهها على الإسلام كما أكرهت أوربا الأقليات المسلمة على التنصر أو الموت.
خطة تشويه الدولة العثمانية قديمة بدأت حينما تم تعليم الطلاب والتلاميذ "مساوئ" الحكم العثماني لمصر، رغم أن تلك المناهج ذاتها تدرس لطلابها وتلاميذها "فوائد" الغزو الفرنسي لمصر والتي لقبوها بـ "الحملة" إنكارا لحقيقتها الاستعمارية وراحوا يحتفلون في وزارة الثقافة بتلك الحملة كما فعلت وزارة الثقافة المصرية فيما بعد.
ما كشفت عنه جريمة نيوزيلندا أن أجواء الحروب الصليبية لم تمح من الذهن الغربي، وإن هذا الذهن يريد منا أن ننسى حروب الدولة العثمانية دفاع عن العالم الإسلامي، الحنين للتاريخ العظيم شرف.

14 مارس 2019

محمد سيف الدولة يكتب : مقاطعة العدو .. دروس من ثورة 1919

Seif_eldawla@hotmail.com
ما أحوجنا فى مصر والعالم العربى، فى ظل وباء التطبيع الرسمى العربى الذى ضرب المنطقة فى السنوات الاخيرة، الى احياء وتطوير حركة المقاطعة الشعبية فى مواجهة كل أعداء الأمة ووكلائهم فى بلادنا، بدءا بالولايات المتحدة و(اسرائيل) وكل من يدعمها أو يطبع ويتعامل معها، من شركات البترول والغاز والكويز والهايتك والسياحة والرياضة والزراعة واى مجال آخر.
ولقد كان لنا تجارب ناجحة فى ذلك، فى مراحل سابقة خاصة فى الفترة من 1948 حتى 1973 حين كان النظام الرسمى العربى وجامعته العربية يتبنى المقاطعة ويديرها، قبل ان تسقط غالبية الانظمة العربية فى مستنقع التبعية للولايات المتحدة، وتخضع لشروطها فى حظر مقاطعة (اسرائيل) او الشركات المتعاملة معها.
ثم ظهرت حركة مقاطعة شعبية قوية مع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، ووجهت ضربات موجعة للمصالح والبضائع الامريكية فى مصر والوطن العربى، الى ان اخذت فى الضعف بالتدريج الى ان كادت ان تتلاشى تماما فى آخر عشر سنوات.
لتحل محلها حركة BDS (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) التى تأسست عام 2005 والتى استهدفت مقاطعة الشركات العالمية التى تتعاقد مع الجيش الاسرائيلى او مع المستوطنات الاسرائيلية.
وفى ذات السياق وبمناسبة الذكرى المئوية لثورة 1919، من المهم على كل من يبتغى احياء حركة المقاطعة الشعبية أو تطويرها ان يتعرف على تجربة ثوار 1919 فى مقاطعة الاحتلال البريطانى الذى كان لها بالغ الاثر فى تراجع الاحتلال، واتخاذه قرار بمهادنة الثورة واصداره تصريح 28 فبراير 1922، بعد ان كان يرفض فيما سبق اى ذكر لاستقلال مصر على الاطلاق.
وفيما يلى "نص" الدعوة التى وجهها قادة الثورة الى عموم الشعب المصرى فى 23 يناير 1922 بعد اعتقال ونفى سعد زغلول للمرة الثانية، من اجل مقاطعة الاحتلال وكل من يتعاون معه فى كافة المجالات: بدءا بالمعاملات الاجتماعية والفردية مرورا بتشكيل الوزارات وبالمصالح الحكومية والمحاكم، وصولا الى البنوك والسفن وشركات التأمين وكافة انواع التجارة..الخ
ولقد تضمنت الدعوة تحديد لآلية تنظيم وادارة ومراقبة حركة المقاطعة على مستوى القطر المصرى كله، وقسمتها الى لجنة مركزية ولجان فرعية، ونشرت دعوتها فى كل مكان: فى الجوامع والكنائس والنقابات والقرى والعائلات مع قيامها بالتركيز على اهمية دور النساء فى هذه المعركة. مما عكس درجة عالية من الوعى والنضوج الفكرى والسياسى والتنظيمى تعادل ان لم تتفوق على نظيرتها من الحركات الوطنية فى زمننا المعاصر وفيما يلى نص الدعوة كما هو منشور فى كتاب الاستاذ عبد الرحمن الرافعى (فى أعقاب الثورة المصرية 1919):
((غضب الشعب المصرى بعد أن مد يد الصداقة للشعب الإنجليزي الحر، فرفضتها حكومته ورمته بمشروع کیرزون ومذكرته الإيضاحية، ذلك إلى بيانات الجالية البريطانية في مصر وتصرفات الموظفين الإنجليز الذين يقاومون كل اتفاق عادل بين الشعبين، ولقد أظهر الشعب المصرى ذلك الغضب بكل الوسائل التي في وسع شعب حى شاعر بكرامته محب للسلام، والوفد المصرى المعبر عن إرادة الأمة يرى من واجبه أن ينظم المقاومة السلبية بجميع الوسائل المشروعة.
والمقاومة السلبية تشمل مسألتين على أعظم جانب من الأهمية: الأولى عدم المعاونة، والثانية المقاطعة.

عدم المعاونة
1- في معاملات الأفراد :

يجب على كل مصري أن يقطع العلاقات الاجتماعية مع الإنجليز وهذه العلاقات لا يمكن حصرها ولكل إنسان أن يجد فيها كل يوم شيئا جديدا وفكرة صائبة، والغرض أن يشعر الإنجليز بعزلتهم عن جميع عناصر الأمة.
وليس لعامل أن يخدم إنجليزيا ولا لمصري أن يستخدم إنجليزيا، أو يوكله عنه أو يساعده وليس لمصري أن يستشير طبيبا إنجليزيا، على أن مكارم الأخلاق تقضي على الأطباء المصريين أن يعالجوا الإنجليز إذا طلب منهم ذلك كما أنها تقضي على المصريين أن لا يمتنعوا من الاشتراك في الأعمال الإنسانية والخيرية ولو كانت إنجليزية.
۲ - في الوزارات ومصالح الحكومة والمحاكم :
من أجلى مظاهر عدم المعاونة إعراض السياسيين المصريين عن تشکیل الوزارة مادامت السياسة الحاضرة قائمة، وبذلك يتحمل الإنجليز وحدهم مسئولية السياسة المعتمدة على القوة، وأن سياسة القوة لا تدوم طويلا في حكم شعب تاریخی هذا مبلغ شعوره القومي وهذا مركزه في وسط العالم المتمدين، ولقد أجمعت الأمة على وجوب سلوك هذا المنهج فليس المصري ذي كرامة أن يخرج على هذا الإجماع، لا فرق في ذلك بين وزارة سياسية ووزارة تتستر وراء زعم أنها إدارية.
وليذكر الموظفون أنهم إنما يعملون لمصلحة بلادهم دون غيرها وأنه ليس الإنسان كائنا من كان أن يطالبهم بمعاونة في أي عمل يصادر عواطف أمتهم البريئة ويناقض أمانيها القومية المشروعة؛ لأن المبادئ العصرية والروح الدستورية السائدة في العالم تقضي بأن الموظفين ليسوا إلا منفذين لإرادة الأمة.
واجب الأهالى أن يتجاهلوا وجود الموظفين الإنجليز وأن يرفعوا أعمالهم إلى الموظفين المصريين.
وواجب المحامين أن يعملوا على فض المنازعات المدنية المنظورة أمام جلسات بها قضاة إنجليز بطريق التحكيم، وأما في المواد الجنائية فيترافعون أمام المحاكم حرصا على مصلحة المتهمين ومحافظة على الأمن العام.

المقاطعة

١- مقاطعة البنوك الإنجليزية :

على المصريين أن يسحبوا ودائعهم من المصارف الإنجليزية.
وإذا أودعوها في بنك مصر فليكن إيداع المبالغ لمدد معينة بقدر الإمكان حتى تأتي بالثمرة المرجوة كما أن الواجب على جميع المصريين أن يقبلوا على شراء أسهم بنك مصر حتى يبلغ رأس ماله مبلغا يتناسب مع حالة البلاد الاقتصادية وبذلك يتسنى له أن يساعد في إحياء المشروعات الوطنية وتنشيط الصناعة والتجارة المصرية.

۲ - مقاطعة السفن :

على التاجر المصري أن يحتم على عملائه في الخارج أن لا يشحنوا بضائعه على سفن إنجليزية. وليس المصري أن يسافر على مركب إنجليزي، وعلى الحمالين المصريين أن يرفضوا تفريغ السفن الإنجليزية وإدخال بضائعها إلى الجمارك وتموينها بالفحم.
3 - مقاطعة شركات التأمين الإنجليزية :
على كل مصري أن لا يعامل هذه الشركات معاملة جديدة، ومتى انتهت مدة عقود التأمين التي تكون مددها قصيرة جدا كالتأمين ضد السرقة أو الحريق والإتلاف لا يجوز المصرى تجديدها إلا في شركات غير إنجليزية.

4- مقاطعة التجارة :

يجب تفضيل المصنوعات الوطنية (المصرية) والإعلان عنها وتشجيع الإقبال عليها في كل مجلس وفي كل مكان، ويلزم تفضيل التعامل مع التاجر المصرى لأن أرباحه تبقى في البلاد ولا تتسرب إلى الخارج وبذلك تزيد ثروة البلاد العامة، أما التاجر الإنجليزي فتجب مقاطعته مقاطعة تامة، وكذلك مقاطعة كل بضاعة من أصل إنجليزي أو مستوردة بمعرفة وسطاء إنجليز مهما كانت جنسية المتاجر بها ولو كان مصريا، ولكن لأجل عدم الإضرار بالتجار المصريين ومراعاة لدور الانتقال من الحالة التي نرى فيها معظم البضائع التي في أسواقنا من أصل إنجليزي إلى الدور الجديد الذي نريد فيه ألا يكون في أسواقنا شيء من هذه البضائع يجب أن تعطى للتجار المصريين مهلة لتصريف ما عندهم من البضائع الإنجليزية وقد رؤى أن تكون المهلة ستة شهور للمنسوجات ومواد البناء وما شاكلها وثلاثة شهور للمواد الغذائية ومواد الوقود وما في حكمها.

إنما يجب على التجار المصريين أن يكفوا من الآن عن كل توصية جديدة على أي بضاعة من جنس إنجليزي.

وعلى التجار المصريين والأجانب من غير الإنجليز أن يتعهدوا بما يضمن مقاطعة البضائع الإنجليزية على هذه الصورة حتى إذا خالف التعهد أحدهم يكون هو نفسه عرضة للمقاطعة، وستنظم طريقة مراقبة التجار للتحقق من مصادر بضائعهم وستؤلف لجنة الإرشاد التجار عن المصادر غير الإنجليزية التي يمكن أن يستوردوا منها ما يلزمهم من البضائع، وستكون مهمة اللجنة.

أولا: عمل نشرات دورية عن الأصناف الجديدة ومحال وجودها.

ثانيا: الاتصال بالغرف التجارية في الخارج (غير الإنجليزية) وإرسال مندوبين إليها لتشجيعها على عمل معارض في القطر المصري تعرض فيها مصنوعات بلادها.

ثالثا: تعضيد الشبان المصريين على التمرن داخل القطر وخارجه على أعمال الوسطاء : المصدرين منهم والموردين.

نشر الدعوة

يجب أن يبشر بهذا النظام الجديد ويذاع في الجوامع والكنائس وجميع النقابات والهيئات المنظمة وفي كل عائلة وفي كل قرية وفي جميع الجهات.

ومن أكبر العاملين في نجاح هذه المقاطعة السيدات، فاشتراکهن ومجهوداتهن أعظم أثره في هذا الوقت الخطير إنقاذا للوطن. .

ولتنفيذ المقاطعة وعدم التعاون تشكل لجنة مركزية في القاهرة ولجان مثلها في الإسكندرية وفي كل عاصمة من عواصم المديريات، وكل لجنة مركزية تشكل بمعرفتها لجانا فرعية في الأقسام والمراكز وغيرها حسب مقتضيات الأحوال وتكون مهمة هذه اللجان الاشتغال بأمور المقاطعة ودعم المعاونة وكل ما يتعلق بها من نشر الدعوة والإرشاد، وتكون كلها تابعة في المسائل الرئيسية للجنة مصر المركزية.

أيها المصريون. إن المقاطعة وعدم التعاون أمضى سلاح تملكونه اليوم، فأحكموا استعماله ولا تدعوه يسقط من أيديكم فيضرب به عدوكم وجوهكم، وذودوا به عن أنفسكم إلى النهاية يسلمكم إلى النصر، وليكن ذلك عقيدة متغلغلة في أعماق نفوسكم، ودينا يملك عليكم مشاعركم، أثبتوا به أنكم شعب متحد في غايته، منظم في خطواته ذو عزيمة صلبة ومجهودات مستمرة، وتضحيات متوالية، وحرام أن تمس أجسادكم صناعة إنجليزية بعد اليوم، وحرام أن تمتد أيديكم لمعاونة إنجليزي، وأعلموا أنه بقدر ما يكون إحكامكم في استعمال سلاحكم وإجماعكم على تنفيذ إرادتكم يكون احترامه لعظيم وطنيتكم وانحناؤه أمام قوة إيمانكم ومتين اجماعكم واعترافه بحقوقكم ورغبته في مودتكم وتقديره لسمو أغراضكم. .
أيها المصريون - اذكروا على الدوام أن الله معنا والحق في جانبنا والتضامن في صفوفنا وأن النصر آت لا ريب فيه.))
***
ولقد وقع على هذا النداء ثمانية من قادة الوفد هم: حمد الباسل، ويصا واصف، على ماهر، جورج خیاط، مرقس حنا، علوى الجزار، مراد الشریعین واصف بطرس غالى.
*****
القاهرة فى 14 مارس 2019
فى رحاب الذكرى المئوية لثورة 1919

11 مارس 2019

زهير كمال يكتب: حل مشاكل الأردن الاقتصادية في ثلاث خطوات

ربما يبدو العنوان كوميدياً، فمحترفوا السياسة عاجزون عن ذلك أما المحللون فهم يتناولون الموضوع من جميع النواحي وبعضهم قد أعلن يأسه من أيجاد حل مناسب.

بداية ما هي مشاكل الأردن الاقتصادية باختصار شديد:

1- مديونية تبلغ 40 مليار دولار تلقي بثقلها على كل فرد في الأردن، فالضرائب المفروضة على الشعب تجعله يلهث في تحصيل لقمة عيشه بالكاد. أما كيف تكوّن هذا الدين وما هي المشاريع التي تم إنفاقه عليها، فهذه تحتاج الى لجنة خاصة تتميز بالشفافية، فمجلس النواب والحكومة أو إحدى وزاراتها لا تستطيع تشكيل لجنة كهذه فكلهم يدور حول ساقية لا يستطيعون فكاكاً منها. 

المفترض أن من يشكلها هو رأس النظام الذي عليه أن يعرف لماذا وصل الحال الى ما وصل عليه، ولكن لن نعول كثيراً على كلمات مثل (المفترض ،ويجب) فهي كلمات لا تصلح مع الساسة والحكام، فتشكيل لجنة جادة لم يحدث حتى الآن فلماذا سيحدث مستقبلاً؟

ما يؤسف له أن كثيراً منا ما يزال يعيش بعقلية ( أصلح الله الأمير) ثم يتلو بعدها محاضرة عن الفضيلة والأخلاق قد تدخل عقل الأمير وقد لا تدخل.

2- فساد غير مسبوق يستفيد منه خاصة الخاصة، يأكلون الأخضر واليابس ولا يتركون سوى الفتات لغالبية الشعب الكادح، وكما في كل دول العالم الثالث هناك هيئة لمكافحة الفساد ولكنها ليست سوى موظفين يغدون الى الدوام في الصباح ويروحون في المساء، وقد لا يحضرون ولكن رواتبهم في آخر الشهر مضمونة ، ومن لمس إنتاجاً لهذه الهيئة ، فإن له مكافأة كبرى.

3- توقف عجلة الإنتاج وزيادة نسبة البطالة عن نسبها في الدول المجاورة ثلاثة أضعاف كما ورد مؤخراً.

4- الشعور بالمهانة والضعف عند الشعب الأردني، لسان حالهم يقول نحن نستحق مصيراً أفضل من ذلك. ولعل حادثة مقتل اثنين من المواطنين الأردنيين على يد حارس في السفارة الإسرائيلية في عمان دون أن يتخذ النظام الإجراء المناسب، وعودته واستقباله استقبال الفاتحين، إنما يؤجج مشاعر الغضب المكبوت والكامن، عادة الشعوب على مر العصور أن لها ذاكرة قوية ولا تنسى ثأرها.

ما سبق سرده باختصار شديد إنما هو توليفة لانفجار شعبي عارم بدأت مقدماته في هذه الأيام وسيتدحرج مثل كرة الثلج ليحطم كل شيء في طريقه، فقد زاد الضغط في الوعاء المغلق الموضوع على النار وسينفجر مدمراً كل شيء.

ما أقترحه هنا لن يؤخذ به، فهناك طريق استنه النظام لنفسه ولن يغير من نهجه أبداً، كعادة كل الأنظمة التي تعتقد أن أجهزة الشرطة والأمن والمخابرات تحميها وتتلقى الدعم والنصح من الخارج.

الخطوة الأولى: إعادة العمل بالتجنيد الإجباري في الأردن. ويشبه ذلك دق جرس الإنذار بقوة لهؤلاء المتربعين على مراكز النفوذ والمال في العالم الغربي.

الخطوة الثانية: تقديم طلب الى البنك الدولي والدائنين باعفاء الأردن من الديون الخارجية. فبالنسبة للدائنين فهذا المبلغ يعتبر ( فكة ) لا يسمنهم ولا يغنيهم، أما بالنسبة للأردن فهذا المبلغ يقصم ظهره، فخدمة الدين فقط تبتلع ميزانيته وتقصم ظهر شعبه.

ربما ستؤثر الخطوة الأولى على مراكز النفوذ وسيكون رد فعلهم تشكيل لجنة لبحث الموضوع وقد تخرج بعض الاقتراحات مثل تخفيض الدين أو أعفاء الأردن من السداد لفترة ما. في هذه الحالة على الأردن التوقف عن سداد فوائد الدين فوراً.

الخطوة الثالثة: دعوة وفد من الحرس الثوري الإيراني لزيارة الأردن بشكل سري، وترتيب زيارة الى الحدود الغربية للدولة من اليرموك الى العقبة ، تصويرهم وهم يستعملون المناظير المكبرة ، تسريب هذه الزيارة الى الإعلام .

وسنترك لخيال القارئ معرفة مصير الدين الأردني بعد ذلك.

ما سبق وللوهلة الأولى هو توظيف جيد للسياسة في خدمة الاقتصاد، كما هو متبع في العالم الثالث وبخاصة في العالم العربي. وتبدو فيه وصولية شديدة ولكن في السياسة كل شيء ممكن.

ولكن ، ربما آن الأوان للنظام أن يستمع لشعبه وأن يتبع رغباته ، إذ لا يستطيع أن ينام إنسان في بيته بينما اللصوص يسرحون ويمرحون في داخله. كما أن الدعاء بالشفاء من الغدة السرطانية في الجسم لن يزيلها.

والشعب الأردني قادر على التحمل والصبر والجوع لو وجد نية حقيقية في تغيير المسار الحالي، هذا المسار الذي أثبت فشله فهو يؤدي الى طريق مسدود.

أن الأوان للأردن الانضمام لمحور المقاومة.

محمد سيف الدولة يكتب: من يجرؤ اليوم ـ مواجهة 13 نوفمبر 1918


Seif_eldawla@hotmail.com
من يجرؤ فى مصر اليوم على الذهاب الى القصر الجمهورى لإعلان رفضه للوضع القائم وتقديم مطالب بالحقوق والحريات او بالعزة والكرامة او بالعدل والعدالة الاجتماعية، على غرار ما فعله سعد زغلول ورفاقه فى ذهابهم الى دار الحماية البريطانية فى 13 نوفمبر 1918 ؟
غالبية الناس لن تفعلها، ومن فعلها فانه يقبع الآن فى السجون والمعتقلات.
ليس هذا تقليلا من شأن رجال هذا الجيل، وانما هو حديث عن عمق الجرح والقهر الضارب فى اعماق مصر اليوم.
***
الحكاية:
·       نخبة من قيادات مصر السياسية تتفق مع الحكومة والقصر ومع امراء العائلة المالكة، على مطالبة بريطانيا بالاستقلال بعد نهاية الحرب العالمية الاولى مباشرة، فتختار سعد زغلول وعبد العزيز فهمى وعلى شعراوى، لمقابلة المندوب السامى البريطانى "ريجنالد ونجت"، الذى حدد لهم موعدا 13 نوفمبر 1918 بعد يومين من اعلان الهدنة فى الحرب العالمية الاولى. وهى المقابلة التى تحول تاريخها فيما بعد الى ذكرى "كان" يتم احيائها والاحتفال بها سنويا باسم "عيد الجهاد".
·       انها المقابلة الشهيرة التى كانت هى الخطوة الاولى فى سلسلة متتالية ومتصاعدة من الاحداث شكلت فى مجملها حكاية ثورة 1919. احداث توالت وتصاعدت على امتداد ست سنوات من 13/11/1918 حتى 23/11/1924 تاريخ استقالة سعد زغلول من الوزارة بعد اغتيال السردار الانجليزى "لى ستاك"، وتوظيف الانجليز والقصر ورجالهم هذا الاغتيال لاجهاض الثورة والارتداد على مكتسابتها.
·       ست سنوات فى القلب منها اربعة شهور ونصف من 13/11/1918 الى 7/4/1919 تاريخ الافراج عن سعد زغلول ورفاقه من المنفى بعد تراجع الاحتلال امام حالة الغضب والضغط الشعبى، وقراره بمهادنة الثورة، كانت هى الشهور الاكثر اشتعالا وتوهجا، والتى تعادل لدينا فى ثورة يناير، الثمانية عشر يوما فى ميدان التحرير واخواته من 25 يناير الى 11 فبراير 2011.
***
·       فى هذه المقابلة سنرى المواجهة وجها لوجه بين مصر الضعيفة المحتلة ممثلة فى افراد معدودين يصرون على الاستقلال بدون ان يظهر للرائى لاول وهلة ان فى جعبتهم اى اوراق للضغط والتفاوض او اى من مقومات القوة، وبين دولة الاحتلال، اقوى دولة فى العالم، الدولة المنتصرة فى الحرب العالمية الاولى ممثلة فى شخص "ونجت" المندوب السامى ممثل الاحتلال فى مصر.
·       شخصيات وطنية قليلة العدد والعدة قررت مواجهة الاحتلال بكل سلطته وسطوته وقوته الباطشة، غير مبالية بالمخاطر أو انتقالها من شرائح المجتمع العليا التى تحظى بهامش من الامتيازات والحريات والقدرة على المشاركة السياسية بموجب شرعية ممنوحة لهم من القصر ومن الانجليز، الى قائمة الاحتلال السوداء الذى بدأ منذ هذه اللحظة فى حظرهم وحصارهم والتضييق عليهم ثم اعتقالهم ونفيهم، ليضعون اسماءهم بجوار اسم محمد فريد زعيم الحزب الوطنى الذى كان الانجليز يكرهونه كرها عميقا ويعتبرونه من الغلاة والمتطرفين، والذى نقل كفاحه للاحتلال الى الخارج منذ عام 1912، تحررا من قبضة الاحتلال وسجونه.
***
·       نخبة استطاعت ان تقرأ اللحظة التاريخية، وتدرك ما يكمن فيها من فرصة استثنائية لم تتوفر من قبل وقد لا تتوفر مرة أخرى فى القريب العاجل، للمطالبة بالاستقلال وبامكانية تحقيقه، فلم تتردد ولم تعبأ بالعواقب واخذت المبادرة فاجتمعت بالمندوب السامى البريطانى وطالبته بالاستقلال وبالغاء الاحكام العرفية وبرفع الرقابة على الصحف وبالسفر الى انجلترا للتفاوض مع الحكومة هناك، ثم بعد ذلك الى باريس للمشاركة فى مؤتمر الصلح وعرض المطالب المصرية.
·       ولم تتراجع امام رفض الخواجة الانجليزى ولم تردعها وقاحته، بل قارعته الحجة بالحجة، ودحضت كل افتراءاته وادعاءاته، الى ان عجز عن الرد والايجاب على مطالبهم العادلة ومنطقهم المتماسك، فانهى الاجتماع.
***
·       بدأوا بمطالب متواضعة وبخطاب تغلب عليه لغة المجاملة والدبلوماسية والتحسس والتحسب، فلما وجدوا جموع الشعب تؤيدهم وتثق فيهم وتعتمد عليهم وتقف فى ظهورهم وتوكلهم لتمثيل الامة وقيادتها، قاموا بتطوير خطابهم وتصعيد مطالبهم، وأصبحوا اكثر جذرية وصلابة من الجميع.
***
·       نخبة لم تطلب مقابلة ممثل الاحتلال لابراء ذمتها؛ فلم يكن فى نيتها ان تلملم اوراقها وتنسحب امام اول عقبة، ولم تخشَ التهديدات أو تلتزم بالمحظورات والخطوط الحمراء، وانما اخذت مبادرتها وهى تنتوى ان تكمل المعركة الى آخر مدى، فتحدت الرفض والاستعلاء البريطانى وشرعت فى جمع توكيلات من كل اطياف الامة واخذت فى حشد الناس وتحريضهم وتعبئتهم وتنظيمهم، ونجحت فى ادارة الصراع والمواجهة.    
***
·       وحين جاء الرد بالرفض وقام المعتمد البريطانى بكيل السباب والاتهامات للمصريين؛ ((فوصمهم بأنهم متعجلون لا يقدرون العواقب، ومتطرفون كالأطفال ليس لديهم عقل ولا روية ولا بصيرة، لا يمكنهم حكم أنفسهم، اميون لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، عبيد للأتراك فلماذا لا يكونوا عبيدا لبريطانيا.)) انقلبت مصر فوق رأسه هو والاحتلال، مما اجبر بريطانيا على استدعائه بعد هذه المقابلة بشهرين تقريبا واستبداله بالجنرال اللنبى بعد ذلك بقليل.
***
·       واخيرا من المهم فى تصورى ان يحتفظ كل مصرى بنص هذه المقابلة التاريخية التى كانت هى لحظة البداية لما تلى ذلك من وقائع واحداث كبرى كان لها بالغ الاثر على الحياة فى مصر لعقود طويلة تالية. وفيما يلى ما دار من حديث كما ورد فى كتاب الاستاذ عبد الرحمن الرافعى فى كتابه "ثورة 1919 ـ تاريخ مصر القومى من سنة 1914 الى سنة 1921"
***
حدیث ۱۳ نوفمبر سنة ۱۹۱۸
بدأ السير ونجت الحديث بقوله: إن الصلح اقترب موعده، وإن العالم يفيق بعد غمرات الحرب التي شغلته زمنا طويلا، وإن مصر سينالها خير كثير، وإن الله مع الصابرين، وان المصريين هم أقل الأمم تألما من أضرار الحرب، وإنهم مع ذلك استفادوا منها أموالا طائلة، وإن عليهم أن يشكروا دولة بريطانيا العظمى التي كانت سببا في قلة ضررهم وكثرة فائدتهم
فأجابه سعد باشا: ما تكون إنجلترا فعلته خيرا لمصر فإن المصريين بالبداهة يذكرونه لها مع الشكر، وخرج من ذلك إلى القول بأن الحرب كانت کحريق انطفأ ولم يبق إلا تنظيف آثاره وأنه يظن أن لا محل لدوام الأحكام العرفية ولا لمراقبة الجرائد والمطبوعات، وأن الناس ينتظرون بفروغ صبر زوال هذه المراقبة كى ينفسوا عن أنفسهم ويخففوا عن صدورهم الضيق الذى تولاهم اكثر من اربع سنين.
فقال السير ونجت: حقا أنه میال لإزالة المراقبة المذكورة، وأنه تخابر فعلا مع القائد العام للجيوش البريطانية في هذا الصدد، ولما كانت هذه المسألة عسكرية فإنه بعد تمام المخابرة والاتفاق مع القائد سيكتب للحكومة البريطانية، ويأمل الوصول إلى ما يرضي، ثم استمر قائلا: يجب على المصريين أن يطمئنوا ويصبروا ويعلموا أنه منذ فرغت إنجلترا من مؤتمر الصلح فإنها تلتفت لمصر وما يلزمها ولن يكون الأمر إلا خيرا.
فقال سعد باشا: إن الهدنة قد عقدت، والمصريون لهم الحق أن يكونوا قلقين على مستقبلهم، ولا مانع يمنع الآن من أن يعرفوا ما هو الخير الذي تريده إنجلترا لهم.
فقال وينجت: يجب ألا تتعجلوا وأن تكونوا متبصرين في سلوككم، فإن المصريين في الحقيقة لا ينظرون للعواقب البعيدة.
فقال سعد باشا: إن هذه العبارة مبهمة المعني ولا أفهم المراد منها. فقال: أريد أن أقول إن المصريين ليس لهم رأي عام بعيد النظر.
فقال سعد باشا: لا أستطيع الموافقة على ذلك فإني إن وافقت أنكرت صفتي، فإني منتخب في الجمعية التشريعية عن قسمين من أقسام القاهرة، وكان انتخابی بمحض إرادة الرأي العام مع معارضة الحكومة واللورد كتشنر في انتخابي، وكذلك كان الأمر مع زميلي على شعراوي باشا وعبد العزيز بك فهمی.
فقال السير ونجت: إنه قبل الحرب كثيرا ما حصل من الحركات والكتابات من محمد فريد وأمثاله من الحزب الوطني، وكان ذلك بلا تعقل ولا روية، فأضرت مصر ولم تنفعها فما هي أغراض المصريين؟
فقال على شعراوي باشا: إننا نريد أن نكون أصدقاء للإنجليز صداقة الحر للحر لا العبد للحر.
فقال السير ونجت: إذا أنتم تطلبون الاستقلال؟
فقال سعد باشا: ونحن له أهل، وماذا ينقصنا ليكون لنا الاستقلال كباقی الأمم المستقلة؟
فقال السير ونجت: ولكن الطفل إذا أعطى من الغذاء أزيد مما يلزم تخم (من التخمة).
فقال عبد العزيز بك فهمي: نحن نطلب الاستقلال التام وقد ذكرتم جنابكم إن الحزب الوطني أتي من الحركات والكتابات بما أضر ولم يفد، فأقول لجنابكم إن الحزب الوطني كان يطلب الاستقلال، وكل البلد كانت تطلب الاستقلال، وغاية الأمر إن طريقة الطلب التي سار عليها الحزب الوطني ربما كان فيها ما يؤخذ علينا، وذلك راجع إلى طبيعة الشبان في كل جهة فلأجل إزالة الاعتراض الوارد على طريقة الحزب الوطني في تنفيذ مبدئه الأساسي الذي هو مبدأ كل الأمم، وهو الاستقلال التام، قام جماعة من الشيوخ الذين لا يظن فيهم التطرف في الإجراءات وأسسوا حزب الأمة وأنشأوا صحيفة «الجريدة »، وكان مقصدهم هم أيضا الاستقلال التام، وطريقتهم أخف في الحدة من طريقة الحزب الوطني، وذلك معروف عند الجميع، والغرض منه خدمة نفس المبدأ المشترك بطريقة تمنع الاعتراض، ونحن في طلبنا الاستقلال التام لسنا مبالغين فيه فإن أمتنا أرقى من البلغار والصرب والجبل الأسود وغيرها من نالوا الاستقلال قديما وحديثا.
فقال السير ونجت: ولكن نسبة الأميين في مصر كبيرة لا كما في البلاد التي ذكرتها إلا الجبل الأسود والألبان على ما أظن.
فقال عبد العزيز بك فهمي: إن هذه النسبة مسألة ثانوية فيما يتعلق باستقلال الأمم، فإن لمصر تاريخا قديما باهرا وسوابق في الاستقلال التام وهی قائمة بذاتها وسكانها عنصر واحد ذو لغة واحدة وهم كثيرو العدد وبلادهم غنية، وبالجملة فشروط الاستقلال التام متوفرة في مصر، ومن جهة نسبة الأميين للمتعلمين، فهذه مسألة لا دخل لها في الاستقلال کا قدمت، لأن الذين يقودون الأمم في كل البلاد أفراد قلائل، فإني أعرف أن لإنجلترا وهي بلاد العظمة والحرية عند أهلها ثقة كبرى بحكومتها فأرباب الحكومة وهم أفراد قلائل هم الذين يقودونها وهي تتبعهم بلا مناقشة في كثير من الأحوال لشدة ثقتها بهم وتسليمها لهم، ولذلك فمجلس نوابها ليس كل أفرادهم العاملين، وإنما العامل منهم فئة قليلة، فبلاد مصر يكفي أن يكون فيها ألف متعلم، ليقوموا بإدارتها كما ينبغي وهي مستقلة استقلالا تاما - ونحن عندنا كثير من المتعلمين، بدليل أن أولى الحل والعقد نسمع منهم في كثير من الأحيان أن التعليم زاد في البلد حتى صار فيها طائفة من المتعلمين العاطلين، وأما من جهة تشبيهنا بالطفل يتخم إذا غذي بأزيد من اللازم فاسمحوا لي أن أقول إن حالنا ليست مما ينطبق عليها هذا الشبه، بل الواقع أننا كالمريض مها أتيت له من نطس الأطباء (الأطباء الحذاق) استحال عليهم أن يعرفوا من أنفسهم موقع دائه، بل هو نفسه الذي يحس بألم الداء ويرشد إليه، فالمصرى وحده هو الذي يشعر بما ينقصه من أنواع المعارف وما يفيده في الأشغال العمومية وفي القضاء، وغير ذلك، فالاستقلال التام ضروری لرقينا.
فقال السير ونجت: أتظنون أن بلاد العرب وقد أخذت استقلالها ستعرف كيف تسير بنفسها؟
فقال عبد العزيز بك: إن معرفة ذلك راجع إلى المستقبل، ومع ذلك فإذا كانت بلاد العرب وهي دون مصر بمراحل أخذت استقلالها فمصر أجدر بذلك.
فقال السير ونجت: قد كانت مصر عبدا لتركيا، أفتكون أحط منها لو كانت عبدا لإنجلترا؟ (منتهى والوقاحة)
فقال شعراوي باشا: قد أكون عبدا لرجل من الجعليين وقد أكون عبدا للسير ونجت الذي لا مناسبة بينه وبين الرجل الجعلي، ومع ذلك لا تسرني كلتا الحالتين، لأن العبودية لا أرضاها ولا تحب نفسي أن تبقى تحت ذلها ونحن كما قدمت نريد أن نكون أصدقاء لإنجلترا صداقة الأحرار لا صداقة العبيد.
فقال السير ونجت: ولكن مرکز مصر حربيا وجغرافيا يجعلها عرضة الاستيلاء كل دولة قوية عليها وقد تكون غير إنجلترا.
فقال سعد باشا: متي ساعدتنا إنجلترا على استقلالنا التام، فإننا نعطيها ضمانة معقولة على عدم تمكين أي دولة من استقلالنا والمساس بمصلحة إنجلترا فنعطيها ضمانة في طريقها للهند وهي قناة السويس، بأن نجعل لها دون غيرها حق احتلالها عند الاقتضاء، بل نحالفها على غيرها ونقدم لها عند الاقتضاء ما تستلزمه المحالفة من الجنود.
ثم قال شعراوي باشا: يبقى أمر آخر عند هذا الحد وهو حقوق أرباب الديون من الأجانب، فيمكن بقاء المستشار الإنجليزي بحيث تكون سلطته هي سلطة صندوق الدين العمومی.
فقال سعد باشا: نحن نعترف الآن أن إنجلترا أقوى دولة في العالم وأوسعها حرية وإنا نعترف لها بالأعمال الجليلة التي باشرتها في مصر، فنطلب باسم هذه المبادئ أن تجعلنا أصدقاءها وحلفاءها صداقة الحر للحر، وإننا نتكلم بهذه المطالب هنا معك بصفتك مشخصا لهذه الدولة العظيمة، وعند الاقتضاء نسافر للتكلم في شأنها مع ولاة الأمور في إنجلترا، ولا نلتجئ هنا لسواك ولا في الخارج لغير رجال الدولة الإنجليزية، ونطلب منك بصفتی عارفا لمصر مطلعا على أحوالها أن تساعدنا للحصول على هذه المطالب.
فقال السير ونجت: قد سمعت أقوالكم وإني أعتبر محادثتنا محادثة غير رسمية، بل بصفة حبية فإني لا أعرف شيئا عن أفكار الحكومة البريطانية في هذا الصدد وعلى كل فإنى شاكر زيارتكم وأحب لكم الخير.
فشكره الثلاثة على حسن مقابلته، وانصرفوا.
*****
القاهرة فى 11 مارس 2019
فى رحاب الذكرى المئوية لثورة 1919

27 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: هذه التصريحات الخطيرة المنسوبة لرئيس مصر

اتمنى عودة اليهود الى مصر
فلقد كان لهم دور ايجابى قبل رحيلهم
واذا عادوا سنبنى لهم معابد
وسنقوم من اليوم بتطهير مقابرهم فى البساتين
اذا لم أحصل على دعم الولايات المتحدة، فقد يعود الاخوان الى حكم مصر
***
هذا بعض مما نقلته جريدة جيروزاليم بوست يوم 25/2/2019 عما دار بين الرئيس المصرى ووفد اليهود الامريكان الذى رشح السادات لنيل جائزة الكونجرس الذهبية، ولقد ترأس الوفد "عزرا فريدلاندر" امريكى صهيونى متطرف.
وفيما يلى بعض مما ورد فيها بالنص:
·((تكلم الرئيس السيسي باعتزاز ليس فقط عن المجتمع اليهودي السابق النابض بالحياة في مصر ، لكنه قال أيضاً إنه ينبغي أن يكون هناك عودة للجالية اليهودية في مصر. وإذا كان اليهود مهتمين بتأسيس جماعة يهودية في مصر، فإن الحكومة ستبني لهم معابد يهودية وغيرها من المؤسسات المجتمعية.
·وصرح عزرا فريدلاندر إن السيسي وعد بتنظيف مقبرة البساتين القديمة في القاهرة .. وأعلن أيضا عن مشروع بملايين الدولارات لاستعادة مواقع التراث اليهودي في مصر. 
·وقال إن الاجتماع مع السيسي كان يعني "التأكيد على الأهمية الكبرى التي نضعها نحن أعضاء الجالية اليهودية الأمريكية على تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر ... الرئيس السيسي هو زعيم في العالم العربي يفهم أهمية الاعتدال والشمول، وربما هو الذي يحافظ على استقرار الشرق الأوسط.
·وهو يعتقد بحماس أن دور اليهود الأمريكيين هو أن يتحالفوا علانية مع الرئيس السيسي"
·وأنه ينبغي احتضان السيسي في الغرب، من قبل الإدارة وكل عضو في الكونغرس كحليف استراتيجي للولايات المتحدة. 
·ونقل عن السيسي قوله "إنه إذا لم يحصل على دعم أمريكي، فإن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تستعيد السلطة في البلاد." 
·ويعلق فريدلاندر على ذلك بقوله: من الواضح أنه يبحث عن الدعم في الولايات المتحدة، وأعتقد أنه من واجبنا الأخلاقي دعمه إلى أقصى حد ممكن.)) ـ للاطلاع على التحقيق كاملا اضغط هنا
***
هذا بعض مما ورد فى تغطية الجيروزاليم بوست للقاء المذكور، ولذا اتمنى ان يصدر تكذيب رسمى لما نشر، او على أضعف الايمان، توضيح يقدم سياقا مختلفا لما طرحته الجريدة، لعله يكون اكثر قبولا، اما اذا صدقت هذه الرواية بنصها وسياقها فاننا نكون امام تصريحات خطيرة يتوجب ان تثير قلقا عميقا لدى كل المعنيين بشئون الامن القومى فى مصر سواء من داخل مؤسسات الدولة او من خارجها للاسباب التالية:
لنتفق اولا على أن من يلتقى بهم السيسى من وفود امريكية يهودية هم جزء من اللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة، ولاءهم الرئيسى للصهيونية ولاسرائيل ولمشروعها فى المنطقة، وبالتالى لا يمكن ولا يجب باى حال من الاحوال ان نتعامل معهم بصفتهم يهودا فحسب، بل هم يهود صهاينة، انهم العدو، فلا تنطبق عليهم أبدا مبادئ التسامح والتعايش والاخاء الواجبة بين انصار كل الديانات فى العالم، فهم يستهدفون فى النهاية القضاء على الوجود العربى فى فلسطين وخارجها، وهو الوجود الذى يعتبرونه بمثابة استعمارا عربيا، يحتفلون فى مايو من كل عام بذكرى تحرير ارضهم منه فى يوم يسمونه عيد الاستقلال.
***
ثانيا ـ اما عن احتفاء السيسى بدور الجالية اليهودية القديمة فى مصر، فهو يتجاهل ويتناسى ما اصاب هذه الجالية من انحرافات خطيرة عشية حرب 1948 وبعدها، نتيجة اختراق الحركة الصهيونية الشديد لها وتمكنها من استقطاب وتجنيد العديد من عناصرها، وتوظيفهم لخدمة المخططات والمشروعات الصهيونية فى مصر وفلسطين، بما فيها تنفيذ التفجيرات والاغتيالات والعمليات الارهابية فى العمق المصرى كعملية "نافون" الفاشلة.
***
ثالثا ـ واما عن الدعوة الخطيرة التى يقال أن السيسى قد وجهها للمهاجرين اليهود للعودة الى مصر:
فعن اى يهود يتحدث؟
·لقد كان فى مصر عام 1948-1950 ما يقرب من 75 الف يهودى، هاجر نصفهم الى (اسرائيل) فى الفترة من (1948-1960)، لم يفعلوا ذلك الا بعد ان اعتنقوا العقيدة الصهيونية وحملوا افكارها، وتبنوا مشروعاتها وشاركوا فى مخططاتها. وحين استقروا فى الارض المحتلة فانهم انخرطوا فى الجيش (الاسرائيلى) وحملوا السلاح ضد مصر واعتدوا عليها واحتلوا ارضها مرتين وقتلوا جنودها واطفالها وعمالها، وتجسسوا عليها واستقووا بالامريكان ولا يزالوا على ردعها واضعافها والتآمر عليها.
·اما الذين غادروا مصر وهاجروا منها الى دول أخرى غير (اسرائيل)، فكم منهم اعتنق الفكر الصهيونى وانضم الى احدى منظماته ودعم (اسرائيل) بالاموال والمواقف والسياسات.
·فاذا عاد هؤلاء او بعضهم الى مصر اليوم، فانها ستكون اكبر عملية اختراق وتجسس وتخريب يمكن ان تتعرض لها مصر عبر العصور.
·اما اليهود المصريون الوطنيون فهم اولئك الذين رفضوا مغادرة مصر، وعاشوا فيها مواطنين مصريين طبيعيين جنبا الى جنب مع اخوتهم من المصريين المسلمين والمسيحيين.
***
رابعاـ واما عن تصريحه بانه على استعداد لبناء معابد لمن يعود منهم، ووعوده والتزامه امام لجنة اليهود الامريكان بانه سيعمل فورا على تطهير مقابرهم فى البساتين، فهو يعطيهم مكانة وحقوقا ونفوذا وصلاحيات لا يستحقونها!
انه تسليم بالادعاءات الصهيونية والاسرائيلية الباطلة، بان لهم حق الولاية على كل يهود العالم فى كل ما يتعلق بأحوالهم وحقوقهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، حق الولاية والحماية والرعاية والتدخل والتفتيش والمساءلة والمحاسبة على كل بلدان العالم.
انها ادعاءات باطلة لم يدعِ بمثلها قبل الصهيونية و(اسرائيل)، سوى الغرب الاستعمارى منذ الحروب الصليبية حتى يومنا حين يتذرع بحماية المقدسات والاقليات المسيحية فى العالم العربى، لتبرير حملاته واطماعه الاستعمارية.
***
خامسا ـ اما عما اسند اليه من قيامه بالاستنجاد صراحة بالامريكان طالبا دعمهم لقطع الطريق امام الاخوان للعودة الى الحكم مرة اخرى، فهو يحمل عديد من المعانى والدلالات الخطيرة:
·فهو اولا يمثل انتهاكا خطيرا لكل القيم والثوابت الوطنية، ويجرده فيما لو صح ما هو منسوب اليه، من اى شرعية وطنية او دستورية.
·وهو ثانيا يهدم الرواية الرسمية المتداولة حتى تاريخه، بان ثورة يناير هى مؤامرة أمريكية، وان كل من قام بها او شارك فيها هم عملاء للامريكان.
·وهو ثالثا يفتح بوابات الجحيم على مصراعيها، لكل من يريد من الفرقاء المصريين، الاستقواء بالخارج فى مواجهة الآخر، وهى لعبة خطيرة نهايتها الهلاك للجميع.
·كما انه قد يثير عديد من الشكوك حول طبيعة الدعم الاضافى الذى يريده السيسى من الامريكان اليوم، وهل المقصود به هو ضوء اخضر امريكى بمباركة ما ينتويه من تمديد حكمه الى ما شاء الله.
·او قد يثير شكوكا اخرى عن رغبته فى احتلال ذات المكانة التى احتلها السادات لدى امريكا و(اسرائيل) فمنحوه جائزتى نوبل والكونجرس الذهبية.
***
لكل هذه الاسباب وغيرها، فاننى ارى ان الحكمة تقتضى ان تسارع الجهات الرسمية المصرية الى تكذيب ما تم نشره من تصريحات منسوبة للسيد رئيس الدولة المصرية، فى لقاءه مع اليهود الامريكان.
*****
القاهرة فى 27 فبراير 2019

24 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: ما شأن اسرائيل بالتعديلات الدستورية!

((ان التمديد للرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لسنوات أخرى كثيرة، يمثل فرصة ذهبية لاسرائيل، لاعادة تاسيس وجودها فى مصر.))
هذا ما ورد فى مقال كتبه "اسحق ليفانون" السفير الاسرائيلى السابق فى القاهرة، فى مقال بعنوان "فرصة ذهبية فى مصر ـ A window of opportunity in Eygpt"، نشره فى جريدة اسرائيل اليوم بتاريخ 20 فبراير 2019
وفيما يلى ما قاله بالنص فى هذا الصدد:
((النظام المصري الحالي بقيادة السيسي لا يخفي علاقاته الطيبة مع إسرائيل، وهو يخلق أجواءً من النية الطيبة. ويسمح هذا الوضع بمحاولة التقدم في اتجاه العلاقات الطبيعية والسليمة الكاملة. ان قرار البرلمان المصري تمديد ولاية الرئيس السيسي لمزيد من السنوات، سيوسع أفق هذه الفرصة... ان علاقات إسرائيل مع مصر يجب أن تكون على رأس سلم الأولويات السياسية والدبلوماسية. محظور تفويت هذه الفرصة الناشئة، والمناخ السياسي الإقليمي لإعادة الوجود الإسرائيلي في القاهرة إلى صيغته السابقة، بالضبط مثلما كان حتى قبل 2011... ومع وجود السيسي في السلطة لفترة طويلة قادمة، يجب علينا المضي قدما عازمين على تحقيق ذلك))
***
ليست هذه هى المرة الأولى التى تعلن فيها شخصيات اسرائيلية نافذة عن تقديرها العميق للرئيس المصرى، فعلها نتنياهو وعدد من وزرائه وعديد من الخبراء والكتاب الاسرائيليين من قبل، وربما كان اشهرها ذلك البيان الرسمى الذى صدر من نتنياهو ومن مجلس وزرائه لشكر عبد الفتاح السيسى على ما وجهه من دعوة لتوسيع السلام مع (اسرائيل) فى حديثه مع وكالة الاشوسيتد برس فى 27 سبتمبر 2015 على هامش الدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
***
فهو أمرا متوقعا كنتاج للتقارب المصرى الاسرائيلى الحالى غير المسبوق حتى فى سنوات حكم حسنى مبارك. وايضا لان (اسرائيل) التى تتشدق دائما بانها واحة الديمقراطية فى المنطقة، لا يعنيها من قريب او بعيد الدفاع عن اسس ومبادئ النظم الديمقراطية وقواعد تداول السلطة فى بلادنا، بل هى تكره وترفض الحريات بكافة اشكالها لمصر والشعوب العربية، وكيف تفعل وهى تدير حرب ابادة ضد الشعب الفلسطينى منذ ما يزيد عن 70 عاما؟ ناهيك عن موقفها الرافض والمعادى لثورة يناير والمحرض ضدها منذ ايامها الاولى قبل ان يتم اجهاضها.
***
ولكن السؤال هنا هو الى مدى تنتوى الادارة الاسرائيلية تقديم الدعم للسيد عبد الفتاح السيسى لتمرير هذه التعديلات امريكيا ودوليا، وهو ما سبق ان فعلته من قبل حين قامت فى سابقة هى الاولى من نوعها بحث الادارة الامريكية على استئناف المساعدات العسكرية لمصر بعد ان قام اوباما بتعليقها؟
وهى سياسة (اسرائيلية) لا تقتصر على مصر بل تشمل كل اصدقائها وحلفائها فى السر والعلن، على غرار ما قام به نتنياهو من دعوة امريكا واوروبا الى "العفو" عن حكام السعودية المتورطين فى قتل خاشقجى وتخفيف الضغط عليهم، حفاظا على الاستقرار فى المنطقة، الذى لم يكن يعنى فى حقيقته سوى استقرار (اسرائيل) وتوطد علاقتها مؤخرا مع العائلات المالكة فى السعودية والخليج.
والامثلة كثيرة.
***
وهو ما يذكرنا بالمقولة الشهيرة للدكتور مصطفى الفقى فى أواخر سنوات مبارك، حين قال ان رئيس مصر يجب ان يحظى بموافقة الولايات المتحدة وبقبول (اسرائيل).
ولكن اذا كان لامريكا و(اسرائيل) ولمجتمعهما الدولى كل هذا التاثير والنفوذ فى تقرير مصائرنا ورسم مستقبلنا، فماذا تركوا للشعب المصرى ولقواه الوطنية والحرة من خيارات؟
وهل معنى ذلك ان التحدى الرئيسى والعقبة الكؤود امام اى رغبات شعبية مصرية للتغيير والاصلاح هو الفيتو الخارجى؛ امريكيا كان او اسرائيليا.
وما يعنيه ذلك من أنه على المصريين، شاءوا أم أبوا، ان يعتادوا ويتدربوا ويتعايشوا مع حقيقة ان اهدافهم واحلامهم يجب ان تنحصر فيما يتوافق مع امن اسرائيل ومصالح الولايات المتحدة؟
أهى الحقيقة المرة والصادمة التى بُحت اصواتنا للتمرد ضدها والثورة عليها والتحرر منها وهى ان كامب ديفيد هى دستور مصر الفعلى؟
*****
القاهرة فى 24 فبراير 2019

23 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب:لماذا يدافع ماكرون عن الصهيونية؟

Seif_eldawla@hotmail.com
قال "ماكرون" خلال كلمة ألقاها يوم الاربعاء 20 فبراير الجارى في باريس، خلال العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ((ان معاداة الصهيونية هى شكل حديث من معاداة السامية.. وإن فرنسا ستعتمد في نصوصها ومراجعها تعريفا جديدا لمعاداة السامية يشمل أيضا معاداة الصهيونية لتصبح بذلك معاداة الصهيونية بمثابة معاداة للسامية))
وقال بأنه قبل اتخاذ قراره بشأن معاداة الصهيونية قد ((اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو وأعلمه بالقرار)).
***
·لماذا يدافع ماكرون عن الصهيونية؟
·هل يحتمى بالمنظمات الصهيونية الفرنسية بعد ان تراجعت شعبيته وانفجرت الانتفاضة الشعبية فى وجهه؟
·ولماذا يستقوي غالبية حكام العالم بالصهيونية العالمية و(باسرائيل)، كلما اهتزت مراكزهم داخل مجتمعاتهم؟
·ولماذا تعجز الجاليات العربية والاسلامية الضخمة فى امريكا واوروبا عن ان تؤسس حركات ومنظمات وجماعات ضغط قوية مماثلة تكون قادرة على التصدى للنفوذ المتصاعد للمنظمات الصهيونية العالمية؟
·لقد كنا نتصور ان الحكام العرب هم وحدهم الذين يستجدون الاعتراف والحماية الدولية عبر بوابة التقرب الى (اسرائيل) والتطبيع والتحالف معها.
·ولكن ها هو ماكرون يفعلها، ومن قبله فعلها ترامب منذ الايام الاولى، فكانت قراراته بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وبنقل السفارة، وبتصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف بصفقة القرن، وبقطع المساعدات عن الاونروا ثم عن السلطة الفلسطينية، كانت كلها قرارات تغازل اللويى الصهيونى الامريكى فى مواجهة ازماته الداخلية التى لا تنتهى.
·وها هو "غوايدور" رجل امريكا فى فنزويلا يصرح بانه ينتوى اعادة العلاقات مع (اسرائيل)، فى مواجهة "مادورو" الرئيس الشرعى المعادى للامريكان المناهض لاسرائيل والداعم لفلسطين بلا حدود.
·والقائمة تطول.
***
ولكن فلنراجع معا ماهية الصهيونية التى يتصدى "ماكرون" لحمايتها والدفاع عنها ضد مناهضيها من المواطنين والسياسيين الفرنسيين:
·انها عقيدة ونظرية تنطلق من أن كل يهود العالم يشكلون امة واحدة، شعب واحد، فدينهم هو قوميتهم، وقوميتهم هى دينهم، ومن ثم فهى تجردهم من كل انتماءاتهم الوطنية والقومية الاصلية والطبيعية، وتصطنع لهم انتماءً بديلا باطلا وزائفا، لا يوجد له مثيل فى كل شعوب العالم.
·وهى نظرية غارقة فى عدوانيتها وعنصريتها اذ تنطلق من انه ليس لليهود ارض ووطن سوى ارض فلسطين التى وهبها لهم وخصها بهم إلههم منذ آلاف السنين، بعد ان اصطفاهم وفضلهم على كل خلق الله من الاغيار الاشرار.
·وهى تبنى على ذلك ان السكان الذين كانوا يقيمون علي هذه الارض منذ 14 قرنا واكثر هم احتلال عربى فلسطينى.
·وان الحركة الصهيونية ما هى الا حركة تحرر وطنى نجحت فى تحرير جزء من ارضها المحتلة من الاستعمار العربى، وستظل تكافح الى ان تنجح فى تحرير باقى ارضها المحتلة التى هى كل فلسطين من النهر الى البحر فى احدى الروايات ومن النيل الى الفرات فى روايات صهيونية اخرى.
·ويترجم الكيان الصهيونى المسمى (باسرائيل) يوميا هذه النظريات الباطلة الى اعتداءات وسياسات فى الارض المحتلة منذ ما يزيد عن قرن من الزمان:
·فيحتل الارض، ويفرغها من اصحابها طردا وتهجيرا وقتلا وابادة.
·فلولا العنف والارهاب والقتل والتصفية والتهجير والطرد والمذابح على غرار دير ياسين لما قامت (اسرائيل) على حد المقولة الشهيرة لمناحم بيجين.
·ويمنع عودة المطرودين من اللاجئين الفلسطينيين رغم صدور القرار رقم 194 من الامم المتحدة عام 1948، الذى يلزم (اسرائيل) بذلك كشرط لقبول عضويتها بالامم المتحدة. بينما تفتح باب الهجرة الى فلسطين لكل من هب ودب من اليهود من كل بلاد العالم.
·وتعتدى على الدول العربية المجاورة وتحتل اراضيها وتردعها وتهددها بالضرب والعدوان ان هى قدمت اى دعم للشعب الفلسطينى لاسترداد ارضه.
·حتى المقدسات الدينية لم تنج من اعتداءاتها والتحرش بها والسعى الى الاستيلاء عليها وتهوديها.
·وكله قائم على اكاذيب كبرى وادعاءات باطلة واساطير زائفة عن الشعب اليهودى وارض الميعاد.
***
·كانت هذه بعض من معانى الصهيونية وممارساتها، وبالتالى فان فى أى دفاع عنها، من ماكرون أو من غيره، اعتناق لنظريتهم الاستعمارية العنصرية الاجتثاثية الباطلة، ومباركة لكل جرائم القتل والارهاب التى يرتكبونها فى حق الشعب الفلسطينى، كما أن فيها عداء صريحا للامة العربية بكل شعوبها، حيث ان كل الوجود العربى من المنظور الصهيونى هو وجود استعمارى غير مشروع سواء فى فلسطين او خارجها، كما ان فيه دعم لاحتلال اوطان الشعوب بالقوة بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة، ودعم لاعمال العربدة والبلطجة التى ترتكبها (اسرائيل) كل يوم من عدوان أو تهديد لباقى الشعوب العربية من سوريا الى لبنان الى تونس الى العراق الى السودان.
·ناهيك على ان الصهيونية بتلك الرؤية لا تهدد فلسطين والعرب فقط، بل يمتد تهديدها الى فرنسا ذاتها أو الى اى دولة فى العالم يتجه ولاء مواطنيها من اليهود الى كيان خارجها يسمى (باسرائيل). 
***
ان هناك انباء متداولة عن اتجاهات قوية داخل حركة السترات الصفراء، تناهض اسرائيل والصهيونية.
وهو ما يحتم علينا جميعا وفى القلب منا اشقائنا من جاليات دول المغرب العربى هناك، ان يبحثوا عن قنوات تواصل مع هذه الاتجاهات ويدعموها ويمدوها بالمواد والمراجع السياسية والعلمية والفكرية التى تكشف زيف وبطلان النظرية الصهيونية، وتعرض وتشرح الرواية الفلسطينية والعربية. وقد يجدون فى مؤلفات المفكر الراحل "روجيه جارودى" اجتهادات كثيرة فى هذا المجال، مثل كتابه "الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية" التى تعرض للمحاكمة بسببه، والتى يفند ويدحض فيها كل الخرافات الصهيونية التى أغرقوا بها الراى العام الغربى لعقود طويلة.
وعلينا ان نساعد الشعب الفرنسى وكل شعوب العالم على التعرف على الوجه الآخر للشعوب العربية، الوجه الحقيقى لنا، بدلا من تلك الوجوه الرسمية التى لا تمثلنا ولا تعبر عنا، والتى لا يشغلها سوى التواصل مع ماكرون وترامب وامثالهما لشراء شرعيتها وحماية عروشها بعقد صفقات سلاح بعشرات المليارات من دماء شعوبنا.
*****
القاهرة فى 23 فبراير 2019

20 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب:هل تدير CIA الجامعة الأمريكية بالقاهرة؟


Seif_eldawla@hotmail.com
جددت الأزمة التى تفجرت فى الجامعة الامريكية بالقاهرة فى شهر فبراير الجارى، كل الشكوك والمخاوف التى ظهرت بعد تعيين سفير أمريكى سابق ورجل استخبارات، مديرا للجامعة الامريكية بالقاهرة منذ عام 2016.
انه فرانسيس ريتشاردونى الذى كان سفيرا للولايات المتحدة فى مصر من عام 2005 حتى 2008، كما شغل منصب نائب السفير الامريكى فى افغانستان (2009-2010) ثم سفيرا فى تركيا. وقد خدم عامى 1989/1990 كرئيس لوحدة المراقبة المدنية التابعة للقوة المتعددة الجنسيات والمراقبين سيناء الموجودة هناك وفقا لملحق الترتيبات الامنية فى اتفاقيات كامب ديفيد. كما قام بإدارة فرقة عمل 9/11 التابعة لوزارة الخارجية حول التحالف ضد الإرهاب، وشغل منصب المنسق الخاص للعراق مع وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت (1999-2001). كما عمل في مكتب الاستخبارات والبحوث، ومكتب شؤون الشرق الأدنى، وفي المناصب الإدارية العليا في إطار المدير العام للخدمة الخارجية والموارد البشرية.
***
أما عن الأزمة المذكورة فقلد بدأت، وفقا لما تناقلته وسائل الاعلام، بعد أن قام ما يقرب من 90% من مجلس شيوخ الجامعة الذى يتكون من اعضاء منتخبين من هيئة التدريس والموظفين، بسحب الثقة من "ريتشاردوني"، لعديد من الاسباب من أهمها قيامه بوضع إحدى قاعات الجامعة الأمريكية، وكل الحرم الجامعي، تحت تصرف السفارة الأمريكية لاستقبال خطاب وزير الخارجية "بومبيو" الذى ألقاه بالجامعة فى 10 يناير 2019 مما يثير، فى تصورهم، الشبهات حول طبيعة العلاقة بين الجامعة من جهة وبين الخارجية الأمريكية ووكالة الاستخبارات الأمريكية CIA من جهة أخرى، ناهيك عن شخصية "بومبيو" المثيرة للجدل بسبب رئاسته السابقة للمخابرات المركزية الامريكية وكذلك بسبب تصريحاته بتأييد التعذيب ورفضه لغلق معتقل جوانتانامو.
هذا بالإضافة الى ما تم فُرضه من تدابير أمنية مشددة على الحرم الجامعي في يوم الزيارة، فيما يتعلق بالدخول والخروج وحرية الحركة داخل الجامعة، حيث اقتصرت الدعوة على من اختارتهم السفارة الأمريكية من الشخصيات العامة ووسائل الإعلام، وجرى إقصاء أعضاء هيئة التدريس وطلبة الجامعة.
ولقد صدر بيان من طلبة الجامعة يؤيدون فيه قرار سحب الثقة قالوا فيه أنه لا ثقة في رئيس يعطي مساحة لداعمي المؤسسة الصهيونية أمام تقليله من قيمة القضية الفلسطينية، ولا ثقة في رئيس لا يفهم أن هذا المكان للتعليم، وأننا لسنا زبائن لديه ولكننا هنا لنتطور كجزء من هذا المجتمع.
***
ولكن مجلس اوصياء الجامعة الامريكية من ناحية أخرى والذى يتخذ من نيويورك مقرا له، وهو الجهة العليا المنوط بها مسئولية إدارة الجامعة، رفض قرار مجلس الشيوخ، بل أثنى على فرانسيس ريتشاردوني، وجدد الثقة فيه، واشاد بقراراته الجوهرية التى تسببت في النجاح الحالي والمستقبلي للجامعة، على حسب ما ورد فى قراره المذكور!
***
· وبعيدا عن ذلك الخطاب الوقح لوزير الخارجية الامريكى التى تحدث فيه وكأنه يلقيه فى (اسرائيل)، فانه يتوجب علينا جميعا ان نقدم كل الدعم الممكن لهيئة التدريس بالجامعة التى وقفت موقفا شجاعا ووطنيا وشريفا، فى مواجهة صلف الحكومة الامريكية واستخباراتها وأدواتها المتمثلة فى "مجلس الاوصياء"، القابع فى نيويورك.
· كما يتوجب على كل الاسر المصرية التى تدفع المصروفات الدراسية لأبنائها بالجامعة بعشرات الالاف من الجنيهات كل عام ان تعرب عن قلقها ورفضها لأن يتلقى اولادهم العلم فى مؤسسة يديرها اشخاص يتبعون ويخضعون لجهات استخبارية اجنبية غير متخصصة فى التعليم وانما فى أمور مثل الاختراق والتجسس والتجنيد والاستقطاب وغسيل العقول وشراء النفوس وهكذا.
· ان فى هيئة تدريس الجامعة الامريكية بالقاهرة نخبة كبيرة من الشخصيات والرفاق والاصدقاء الوطنيين المتميزين فى مجال تخصصهم، كما كان ولا يزال للحركة الطلابية هناك مشاركات هامة واساسية فى كل القضايا والمعارك الوطنية كثورة يناير وقضية فلسطين ومناهضة الصهيونية وغيرها.
· انهم جميعا اخوة وابناء لنا، لا يجب على أى وجه من الوجوه، ان نتركهم يخوضون معركتهم مع الحكومة الامريكية منفردين. خاصة وأن توظيف منبر تعليمى وحرم جامعى يحتضن كل هذه التجمعات الطلابية من أبنائنا، للترويج للسياسات الخارجية الامريكية فى بلادنا، هو امر لا يمكن السكوت عليه من اى مصرى.
*****
القاهرة فى 20 فبراير 2019

17 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: ردا على وارسو .. (اسرائيل) هى العدو



لو كان هناك ما يسمى بالجنسية العربية لوجب سحبها من كل من شارك من الانظمة العربية حكاما ومسئولين ومبعوثين فى مؤتمر وارسو الامريكى الصهيونى وامثاله من ورش ومطابخ التبعية والتطبيع.
***
نقلت لنا وكالات الانباء ان المجتمعين فى وارسو اعلنوا ان ايران هى الخطر الاكبر فى المنطقة. وهو اعلان زائف ومضلل يخفى الاهداف والنوايا الحقيقية للمؤتمر والمؤتمِرِين، فليست ايران هى المستهدف الرئيسى من هذا الجمع البائس رغم كل الكراهية والعداء الذين تكنهما أمريكا و(اسرائيل) وحكام الخليج لها.
فالهدف والعنوان الحقيقى الذى ارادوا تمريره ولكنهم لم يجرأوا على ذكره صراحة رغم كل وقاحتهم وجبروتهم، هو((ان اسرائيل ليست هى العدو، وان المقولات والثوابت العربية القديمة بشان الصراع العربى الصهيونى، ومركزية قضية فلسطين، ورفض أى علاقات أو تطبيع معها قبل قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 ..الخ، قد سقطت كلها واندثرت واصبحت من الماضى. وانه على العكس تماما أصبحت (اسرائيل) فى المنظور العربى الرسمى اليوم، شريكا وحليفا استراتيجيا للانظمة العربية فى مواجهة المخاطر والتهديدات المشتركة))
***
فى مواجهة هذه الترتيبات والتصريحات الجديدة المعلن منها والمضمور، نقول لكل المطبعين الجدد والقدامى فى وارسوان (اسرائيل) لا تزال وستظل هى العدو الرئيسى لكل شعوب المنطقة عربا وفرسا وتركا. انها العدو الاخطر الذى يهددنا جميعا، لا يفوقها فى ذلك سوى الولايات المتحدة الامريكية التى تمثل العدو الدولى الأكثر خطورة علينا وعلى كافة دول العالم، بما فيهم حلفائها الغربيين.
اما هؤلاء الحكام العرب، فلولا انهم يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، لما تجرأوا على ارتكاب جريمة الاجتماع باسرائيل والتطبيع والتحالف معها تحت القيادة والقوادة الامريكية فى وارسو.
***
وليعذرنا القارئ الكريم على اضطرارنا لتكرار ما يلى من بديهيات وثوابت عربية، قد يكون هناك من الشباب العربى من يحتاج الى تذكيره بها أو تثبيتها لديه، وسط هذه الارتماء العربي الرسمي فى الأحضان الصهيونية:
· انها (اسرائيل) التى تحتل كل ارض فلسطين بالاضافة الى الجولان، وتفرض قيودا عسكرية وامنية وتسليحية على اراضى عربية فى سيناء ولبنان والاردن، تبلغ مساحتها اضعاف مضاعفة مساحة ما تحتله من اراضى.
· هى التى قامت بالاعتداء على مصر مرتين واحتلت اراضيها بالقوة ولم تعِدها الا بعد توقيع اتفاقية سلام بالاكراه، تم بموجبها تجريد ثلثى سيناء من القوات والسلاح الا باذن اسرائيل.
· ولم تسلم أى دولة عربية من اعتداءاتها او تهديداتها من لبنان الى العراق الى تونس الى السودان.
· وحتى حين توقع معاهدات مع اى أطراف عربية فانها لا تلبس ان تغدر بها وتنتهك بنودها وتتنصل من التزاماتها؛ واسألوا ابو مازن الذين ادان "مؤتمر وارسو" ورفض المشاركة فيه: ماذا تفعل معهم (اسرائيل) وكيف تقوم باحتلال واستيطان اراض جديدة فى الضفة الغربية كل يوم؟
· مثلما لم تلتزم أبدا بتنفيذ باى قرار من قرارات الامم المتحدة، التى صدرت لصالح الشعب الفلسطينى منذ عام 1948.
· انها (اسرائيل) التى لم تتوقف عن ارتكاب مذابح القتل والابادة للفلسطينيين منذ قرن من الزمان.
· وتكتنز ماكينة قتل جهنمية من الاسلحة بكل انواعها واصنافها، بينما تحظر على الفلسطينيين اى حق فى امتلاك اى سلاح للدفاع عن انفسهم.
· وتحرم على اللاجئين الفلسطينيين العودة الى اوطانهم بالمخالفة لمقررات الامم المتحدة، بينما تستبيحها لهجرة كل يهود الارض.
· ويعلم اى تلميذ فى المرحلة الابتدائية سبب انشائها، كقاعدة عسكرية واستراتيجية للغرب الاستعمارى تقوم بدور شرطى التأديب والحيلولة دون وحدة العالم العربى.
· لم تكف عن التدخل فى الشئون الداخلية للشعوب العربية، والعمل على اختراقها والتجسس عليها والسعى لتقسيمها، وعلى التحريض دوليا ضد مصالحها، وعلى التحالف والتآمر ضد استقلالها ونهضتها وثوراتها.
· هى التى تحتكر وحدها حق امتلاك وانتاج وتطوير السلاح النووى فى المنطقة، وتحظره مع الامريكان والاوروبيين على غيرها، حتى على تلك الدول والانظمة والحكام من المطبعين معها.
· ناهيك عن الاصرار الامريكى والاوروبى على الحفاظ على التفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة.
· انها الدولة الاكثر عنصرية وارهابا فى العالم، انها تماثل وتزيد بالنسبة الينا ما مثلته المانيا النازية من مخاطر وتهديدات بالنسبة للاوروبيين.
· والقائمة تطول.
***
وأخيرا ألا يعلم هؤلاء الاغبياء المجتمعون فى وارسو من اعداء فلسطين ورعاة ودعاة التطبيع والتحالف العربى الاسرائيلى، ما يمكن ان يترتب على تحالفهم العدوانى الشاذ من ردود فعل فلسطينية وعربية، سيكون على رأسها دفع شعوب المنطقة للاسراع بتجميد صراعاتها وتناقضاتها الثانوية؛ قومية كانت أو عقائدية، وتأسيس أحلاف وتحالفات مضادة من كل من يعادى أمريكا و(اسرائيل)، تضم العربى والايرانى والتركى والافغانى والفنزويلى والكوبى والروسى والصينى والكورى الشمالى ...الخ، تعمل على دعم المقاومة الفلسطينية والتصدى للجبروت الامريكى وللعربدة الاسرائيلية، وتطهير المنطقة من كل اتباعهم وعملائهم فى يوم هو اقرب مما يتصورون.
*****
القاهرة فى 16 فبراير 2019

موضوعات مرتبطة:

12 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب:التعديلات الدستورية ومصير المعتقلين السياسيين

Seif_eldawla@hotmail.com
من أخطر العواقب المحتملة التى قد تترتب فيما لو تم التمديد للسيد عبد الفتاح السيسى حتى عام ٢٠٣٤ وما بعدها، هو امكانية اتجاه آلاف مؤلفة من الشباب الى خيارات العنف والارهاب.
وذلك بسبب فقدان عشرات الالاف من المعتقلين السياسيين الأمل فى الافراج عنهم وانقاذ ما تبقى لهم من أعمارهم، بالإضافة الى اليأس المميت الذى سيضرب مئات الآلاف من اسرهم وعائلاتهم وأنصارهم من امكانية خروج ذويهم واسترداد حياتهم الطبيعية وانتهاء سنوات الذل والمعاناة الطويلة على بوابات السجون واسوارها. وتيقنهم جميعا من انهم سيقضون نحبهم فى السجون لا محالة خلال الأربعة عشر عاما القادمة.
***
كانوا قبل الاعلان عن هذه التعديلات، ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء فترة الرئاسة الثانية للسيسى، وتولى رئيسا جديدا، ربما يستهل عهده بالافراج عن المعتقلين السياسيين وتفكيك حالة الاحتقان والتوتر الشديدة القائمة فى المجتمع اليوم، واشاعة أجواء من التهدئة والتفاؤل والطمأنينة بين الناس على حياتها وحرياتها، على غرار ما كان يحدث دائما مع كل رئيس جديد. فعلها السادات مع معتقلى الستينات، وفعلها مبارك مع معتقلى "مراكز القوى" عام 1971، ومعتقلى سبتمبر عام 1981، وفعلتها الثورة مع معتقلى مبارك وهكذا.
***
فالأعراف المستقرة فى عديد من دول وانظمة العالم بما فيهم مصر، عبر تجاربها وعصورها المتعددة، ان غالبا ما يكون اول قرارات القادم الجديد هو الافراج عن معارضي سلفه وتدشين صفحة سياسية جديدة معهم بمساحات اوسع من الديمقراطية والحريات ولو الى حين.
***
الى الدرجة التى دفعت بعض المحللين بعد اغتيال السادات الى تصور ان الامريكان هم الذين كانوا وراء هذه الجريمة، بهدف تخفيف التوتر والاحتقان بين النظام المصرى والمعارضة من ناحية وبينه وبين باقى الانظمة العربية من ناحية اخرى، من اجل تمرير اتفاقيات كامب ديفيد داخليا وعربيا.
وهو الامر الذى تحقق بالفعل على ايدى مبارك بعد توليه منصب الرئيس، بصرف النظر عن مدى صحة تلك الروايات المتداولة حول اغتيال السادات.
***
ولقد مررت شخصيا بتجربة مماثلة حين تم اعتقال والدى عليه رحمة الله الدكتور عصمت سيف الدولة ضمن 1536 معتقل من كافة الاتجاهات عام 1981 مع اعتقالات سبتمبر الشهيرة، والذين خرجوا غالبيتهم بعد مقتل السادات باسابيع قليلة. ولا اعلم ماذا كان سيكون موقفى وسلوكى مع النظام فيما لو كان قد قضى نحبه فى سجون السادات.
***
لكل ذلك وغيره، فانه يتم التعامل عادة مع احكام السجن المؤبد والمشدد واحكام الاعدام التى لم تنفذ على انها احكام سياسية مؤقتة، سيتم تخفيفها أو الغاءها والافراج عن المعتقلين والمسجونين سياسيا، مع أى رئيس الجديد.
***
هذا الأمل الذى اخشى من تبخره، كان له بالغ الأثر فى تمسك آلاف مؤلفة من المعتقلين واهاليهم بالصبر وبالعمل السياسى السلمى واللجوء الى القنوات والادوات القانونية والخضوع الكامل لكل اجراءات القبض والاعتقال والتحقيق والمحاكمة والأحكام ولو كانت بالغة القسوة، بالإضافة الى بذل جهود هائلة لكبح جماح الشباب الغاضب الذى يتملكه شعور عميق بالظلم الشديد، لعل وعسى يأتيهم الخير والفرج والافراج فى يوم قريب.
***
وهو الخضوع الذى لن يستمر فى تصورى فيما لو تم التمديد لاربعة عشر سنة اخرى، لعبد الفتاح السيسى الذى تدهورت علاقته بكافة القوى والتيارات السياسية بدون استثناء الى أن وصلت الى نقطة اللاعودة.
***
كان هذا تخوفا جديدا يضاف الى حزمة التخوفات التى ذكرتها فى مقالين سابقين*، اتمنى من الله مخلصا ان تجد آذانا صاغيا وعقلا رشيدا ليأخذها فى الاعتبار مع مثيلاتها من مئات الاعتراضات والتحذيرات التى أطلقها عديد من المفكرين والقانونيين والسياسيين فى الايام الماضية.
*****
القاهرة فى 12 فبراير 2019

* مقالات سابقة: