19 أبريل 2015

د. مصطفى النجار يكتب: التنوير بحرق الكتب

يمكنك أن تفعل أى شىء فى مصر الآن مهما كان متجاوزا أو مرفوضا أو مخالفا للقانون والأعراف، طالما أنك ترفع شعارا من ثلاثة شعارات ومبررات (أصلهم إخوان – الحرب ضد الإرهاب – التنوير)، يمكنك أن تقتل شخصا بلا ذنب وحين تتم مساءلتك تقول لقد كان إرهابيا، يمكنك أن تعبث بالمناهج التعليمية دون رؤية تربوية لتنتزع منها ما تشاء وإذا سألوك فقل إننى أحارب الإرهاب، بل يمكنك أن تحرق الكتب مثلما فعل التتار حين احتلوا بغداد وإذا سألوك فقل أنا أنشر التنوير وأحارب التطرف!
شاهد العالم هذه الصور التى ستدخل التاريخ بلا شك لهذه المجموعة التى كانت تحمل أعلام مصر بفرحة وتقوم بحرق مجموعة من الكتب فى فناء إحدى مدارس محافظة الجيزة، قد يصيبك مزيد من التعجب إذا علمت أن من تورطوا فى هذه الجريمة قاموا بإحضار مصورين لتصوير الحدث وعرضه على القنوات الفضائية! وتمت عملية الحرق بالتزامن مع إذاعة بعض الأغانى الوطنية (يا أحلى اسم فى الوجود – بلادى بلادى لك حبى وفؤادى – هتافات تحيا مصر).
من الكتب التى تم حرقها كتب لشيخ الأزهر الأسبق المرحوم الدكتور عبدالحليم محمود والعلامة والحجة القانونية والدستورية الدكتور عبدالرازق السنهورى وكذلك الشيخ على عبدالرازق صاحب كتاب (الإسلام وأصول الحكم)، أحد أبرز من خاضوا معارك فكرية فى بدايات القرن العشرين من أجل مدنية الدولة. وحتى تكتمل الكوميديا تم حرق كتابين لمؤلفين كلاهما كان من أعمدة نظام مبارك الإعلامية وتم تبرير كل ما مضى بأن هذه الكتب تحرض على العنف وتدعو للإرهاب.
•••
يرى البعض أن ما حدث هو محاولة مبتذلة من البعض للتقرب من السلطة التى رفعت شعار التجديد الدينى وحرب الارهاب ولكنها تحولت لمحاولة رخيصة ذات أثر عكسى. لكن الحقيقة بعيدا عن الانغماس فى تفاصيل الواقعة الكارثية فإن ما يحدث فى مصر الآن باسم التجديد الدينى والتنوير جريمة فى حق الدين والإنسانية.
نحن أمام هجمة عشوائية تفيض بالجهل والرعونة والسطحية البالغة، فحين تستضيف إحدى الفضائيات شخصا يقول (إن 99% من العاهرات محجبات) فى إطار دعوته لخلع الحجاب فلا يمكن اعتبار ذلك وجهة نظر ولا رؤية تنويرية بل هو سب وقذف وتشويه لكل امرأة مصرية ترتدى الحجاب!
يتشدق هؤلاء بالليبرالية وهم لا يدرون عنها شيئا، فالليبرالية لا تقول للناس البسوا أو اخلعوا بل تترك الحرية لكل فرد فى عمل ما يريد طالما أنه لن يضر المجتمع أو يتجاوز القانون العام. هؤلاء المهرجون على كل لون وشاكلة يجمع بينهم ضحالة الفكر والخلو من المضمون والتبجح بالجهل، والعجيب هو تمكينهم من منابر الإعلام وخطاب الناس.
تخيل أن التلميذ الصغير الذى يحاول أهله تنشئته على حب القراءة شاهد معلميه وهم يقومون بحرق الكتب ويحتفون بذلك ويعتبرونه ضربا من الوطنية الخالصة! أى تشوه سيصيب هذا الجيل؟ وأى عداء للمعرفة؟ إن فكرة حرق كتاب فى القرن الواحد والعشرين الذى صارت فيه المعرفة متاحة للجميع عبر شبكة الانترنت هى فكرة مختلة تستدعى ماضيا سلبيا لفترات انحطاط إنسانى وفكرى عاشتها الانسانية.
الأفكار ذات أجنحة لا يمكن منعها من التحليق وأيا كان محتوى أى كتاب فحرقه ليس الحل بل تفنيد أفكاره وغرس القيم السليمة والفكر الصحيح وتأصيل ذلك بالإقناع ومواجهة الحجة بالحجة وليس اللجوء لبيئة محاكم التفتيش والعصور الوسطى.
لا يمكن وصف هؤلاء بالتنويريين بل هم دعاة التنوير الظلامى وممارساتهم هذه لا تختلف عن فاشية من ينتقدونهم ولا علاقة لها بالوسطية او الاعتدال بل هم وقود لهوس دينى مضاد وتطرف انتقامى قادم سيجد المبررات للتحول للعنف من أجل حماية الدين الذى يرون أن هؤلاء يحاربونه ويسيئون إليه.
•••
إذا قمنا بعقد مقارنة بين مدعى التنوير من هؤلاء وبين تنويرى حقيقى مثل الإمام الشيخ محمد عبده سندرك كم هو الفرق شاسعا بين فهم هؤلاء لحرية الفكر واستقلال الارادة، يقول الشيخ (إن الإسلام أطلق سلطان العقل من كل ما كان قَيَّده، وخلَّصه من كل تقليد كان استعبده، وردّه إلى مملكته يقضى فيها بحكمه وحكمته، مع الخضوع مع ذلك للَّه وحده، والوقوف عند شريعته، ولا حدَّ للعمل فى منطقة حدودها، ولا نهاية للنظر يمتدّ تحت بنودها، بهذا تمَّ للإنسان بمقتضى دينه، أمران عظيمان طالما حرم منهما، وهما: استقلال الإرادة، واستقلال الرأى والفكر، وبهما كملت له إنسانيتُه، واستعد لأن يبلغ من السعادة ما هيّأه اللَّه له بحكم الفطرة التى فطر عليها).
مصر تمضى إلى مستقبل مظلم إذا استمر هؤلاء فى تصدر منابر الفكر والإعلام وخطاب الجماهير. السلطة التى تبنت خطاب التجديد الدينى لا يمكن أن تغسل يديها من هذه الخطايا التى يمارسها من يحاولون التقرب منها بهذه الترهات والأحاديث الفارغة والأفكار المغلوطة.
لا نطالب بقمع أى فكرة مهما كانت تفاهتها ولكن لابد من توفير البيئة المناسبة لنقاش الأفكار وتصارعها، ولا يمكن حصر منابر الاعلام فى المقربين من السلطة الذين يتبنون هذه الأفكار العبثية دون وجود معادل ومكافئ موضوعى يفند هذه الأوهام.
نريد تنويرا حقيقيا يجدد الأفكار ويحفظ الثوابت والويل لأمة تهدم ثوابتها وتعبث بهويتها وليبقى هدفنا الواضح هو تجديد لا تبديد

محمد رفعت الدومي يكتب: ويحبُّ ناقتها بشيري!

انتهي العرس الديمقراطي في نسخته السودانية، وكعادة كل الأعراس الديمقراطية في هذه البقعة الرديئة من الكون كان مجرد استربتيز سياسي رخيص من الواضح جدًا أن الغرض الوحيد منه هو إضفاء لون من ألوان شرعية الصناديق علي مجرد استفتاء تشتعل ملامحه كفضيحة تدق أجراسها في كل ألاروقة السياسية علي سطح الكوكب، هذا هو النصف الفارغ من الكوب يا سادة، أما النصف الممتلئ فهو أننا كعرب قد ظفرنا بعُرفٍ أصبح الآن دارجًا، وهو تمديد أعراسنا الديمقراطية يومًا إضافيًا أخذ السودانيون فيه "غسطًا" من الراحة بين "ليلة الحنة" و "ليلة الدخلة"! 
كيف يفكر هؤلاء؟ هل يظنون حقَّاً أن الممسكين بخيوط الكوكب الذين تقام أعراسنا الديمقراطية لإرضائهم هم فقط، ولتبديد انزعاجاتهم الكاذبة هم فقط، لا لإرضاء القطيع وتبديد مخاوفه الحقيقية، يحتاجون إلي الاسترخاء فوق معجزة ليكتشفوا ما يدور وراء كواليس السياسة في أي مكان علي سطحه؟
هؤلاء يعرفوننا حتي جذور أعصابنا وحتي تلك الأفكار السوداء التي تلتحق بكوابيسنا، يعرفوننا أكثر مما نعرف أنفسنا، لذلك، ما قد ينطلي علي قطعان العبيد التي صنعتها الأنظمة علي عيونها وعلي عيون جلاديها لا يمكن أن يمرَّ علي أذهان أولئك المنهكين بالحرية دون أن ينبه نظرية أو يرتطم بعوائق النقد والتحليل، ولنفترض جدلاً أن أذهانهم قد تمتص المكيدة لجودة تنسيقها وهذا مستحيل، فلا أقل من أن يتسائلوا:
- في بلد تزداد جراحه عمقًا كل صباح، ويقف علي مشارف الركود وعلي حواف الإشتعال من كل جانب، أي انتخابات تلك التي يكون الفائز فيها معروفًا قبل إجرائها، والأغرب أن الفائز، قولاً واحدًا، هو هو السبب المفصليُّ في أمراض هذا البلد؟
"عمر البشير" طبعًا هو العريس المنتظر، وعما ساعات سوف يفض بكارة السودان مرة أخري، لذلك، فالإنتخابات السودانية أشبه بعملية ترقيع أخري لتزييف عذرية دولة بلغت من النحافة علي كل الأصعدة حدًا لا تستحقه، ولسوف تظل السودان في عصمة "البشير" عقيمًا! 
و"البشير" يذكرني دائمًا، أو لأكون أكثر دقة، تذكرني به دائمًا طرفةٌ بطلها الطبيب الشاعر "إبراهيم ناجي"، ربما، لأنني، لم أعرف وعاءًا يحمل اسم "بشير" أشهر منه، تمامًا، كما تذكرني دائمًا بالعظيم الراحل "نيلسون مانديلا" علي الرغم من ضمور العلاقة بينهما لوحة "أم ويسلر"، لسبب لا أعرف من أين يهب.. 
كان لدي الشاعر الطبيب "إبراهيم ناجي" ممرض، أو "تومرجي" أغلب الظن أنه من بلاد النوبة اسمه "بشير"، وكان من بين المترددات علي عيادته شابة حسناء اعتادت أن تأتي العيادة برفقة جارية لها سوداء، حدث أن أفرط "بشير" ذات يوم في الترحيب بها بالقدر الذي ألهم "ناجي" أن يترك لنا من بين إرثه الشعري طرفةٌ موزونة، لقد عارض بيت "المنخل اليشكري" الأشهر من "المنخل" نفسه:
وأحبُّها وتحبُّني / ويحبُّ ناقتها بعيري
فقال "ناجي":
بالأمس.. طوَّف بالعيادةِ شادنٌ حلو العبير
وأحبُّها وتحبُّني/ ويحبُّ عبدتها (بشيري)
كان إصرار "إبراهيم ناجي" علي الإخلاص لإبداع الهزل من حين لآخر كهذه الطرفة وغيرها هو مصدر نقمة "طه حسين" عليه، ولقد بلغ به الغيظ منه ذات يوم مرتفعًا لم يخجل معه أن يجرده تمامًا من شاعريته ومن معرفته بالطب حتي عندما وصفه قائلاً:
- "إبراهيم ناجي" شاعرٌ بين الأطباء وطبيبٌ بين الشعراء!
لكن.. كيف نصدق هذا الكلام ونصدق في الوقت نفسه أن المعنيَّ به هو القائل:
وَمِنَ ٱلشَّوْقِ رَسُولٌ بَيْنَنَا/ وَنَدِيمٌ قَدَّمَ ٱلْكَاسَ لَنَا
هَل رَأَى ٱلْحُبُّ سُكَارَى مِثْلَنَا/ كَمْ بَنَيْنَا مِنْ خَيَالٍ حَوْلَنَا
ومَشَيْنَا فِي طَرِيقٍ مُقْمِرٍ/ تَثِبُ ٱلْفَرْحَةُ فِيهِ قَبْلَنَا
وضَحِكْنَا ضِحْكَ طِفْلَيْنِ مَعًا/ وَعَدَوْنَا فَسَبَقْنَا ظِلَّنَا..
وبعيدًا عن الهزل وأشياء "إبراهيم ناجي"..
لا شك وأيم الله في أن السودانيين يستحقون أفضل ألف مرة من "عمر البشير" ليدير شئونهم، وليس لدي شك في أن معظمهم يفطن تمامًا إلي هذه البديهية، تمامًا، كما ليس لدي شك في أن غليانًا مريبًا يتحرك في أعماقهم قد يحطم القدر عما شهور من كل جانب!
ليسوا الكسالي والكسالي غيرهم، فلا هم يأخذون عند الاستيقاظ من النوم كما يشاع "غسطًا من الراحة"، ولا هم عندما يكون أحدهم راقدًا علي ظهره ويشعر بالرغبة في البصق يمنعه الكسل من الاعتدال ليبصق، لذلك، هو يبصق إلي أعلي ثم بعد أن يستريح يزيل بصاقه من فوق ثوبه.. 
ولا هم المعنيون بتلك النكتة التي انتشرت عندما كان منحني الثورات العربية في ذروة النقطة:
زعموا أن "البشير" خاطب الشعب السوداني قائلا: 
- يا جماعة، لو ما دايرني ودايرين تطلعوا مظاهرات كلموني..
فأجابه الشعب السوداني:
- آآآآي، لا لا خليك يا ريس نحن ذاتنا ما فينا حيل للمظاهرات!
ولا هم أيضًا ينظِّرون لتبجيل الكسل وإغراء الآخرين به كباحثهم هذا الذي قال:
- لو كان المشي مفيدًا للصحة لكان ساعي البريد أحسن الناس صحة بالعالم!
- لو كانت السباحة وأكل السمك مفيدًا للصحة فلماذا الحوت يسبح طوال اليوم، وأكله كله سمك، ومع هذا يشتكي من السمنة وزيادة الوزن؟
- والأرنب يقفز ويجري ومع هذا لا يعيش أكثر من 15 سنة!
- أما السلحفاة فهي تنام كثيرًا، ولا تجري نهائيًا، ولا تأكل سمك، ولا تقوم بأي عمل شاق، ومع هذا تعيش 450 سنة!
كلام مقنع والله ويحترم المنطق ويحرض فعلاً علي الكسل، أنا أيضًا، لماذا أكتب؟ ولمن؟ ولماذا؟
كثرٌ من كتبوا قبلي وغادر الضوء أسمائهم بعد ساعات من رحيلهم، بينما من لا يعرف الكتابة أو القراءة متي قتل أو خان صار زعيمًا ملهمًا، وإن كان صنمًا صناعياً من غبار أو أقل شأنًا!
كذلك، كان الخائن "أمين عثمان" يسافر للاسترخاء في "سويسرا" مرتين في العام عندما كان العظيم شاعر البؤس "عبد الحميد الديب" ينزف بيته الشهير:
كأنِّي حائطٌ كتبوا عليه/ هنا يا أيها المزنوق طرطرْ!
المجد للكسالي

مصادر عراقية .. الرفيق عزة ابراهيم الدوري بخير

وردنا من مصدر بعثي موثوق به ان المجاهد عزة ابراهيم الدوري بصحة وعافيه يرأس رفاقه المجاهدين بكل ارض العراق ولا صحة بتاتا لما نشر من اكاذيب وتلفيقات من قبل رائد الجبوري محافظ صلاح الدين حول مقتل الدوري في جبال حمرين , اشاعة هذا الخبر الكاذب الملفق المفبرك يراد منه التغطية على خسائر الحشد الشعبي "جحش" والجيش الصفوي بصلاح الدين والانبار وبيجي والصور التى نشرتها الصحف ووكالت الانباء نهائيا ليست لعزة الدوري وتصريح الدكتور المرشدي المرفقة صورة منه ادناه صحيح مئه بالمئه .. اليكم صوره عزة الدوري وصورة الشخص الذي ادعوا انه عزة الدوري
ومن جانبهم قال مراقبون ان آذنى عزت الدوري التى جاءت في الصور متباعدة بمنطقة الصيوان العليا عن جانب الجمجمة بينما الذي عرضوا صورته آذانه لصيقة الصيوان بالجانب، وكانت هناك صورتان : في إحداهن الأسنان الأمامية مفقودة بعدد إثنين وفي الأخرى الأسنان الأمامية موجودة ، هل تعرضت الجثة للضرب كما فعلوا مع جثة صدام حسين وقتها بحيث تحطمت الأسنان قبل تصوير اللقطة التالية؟
من جهة أخرى يبدو تأثير الزمن و فارق العمر أقل بالقياس للفترة التي مضت ( 2003 - 2015)، كل هذا يقف مقابله شبه قوي لا يمكن تجاهله ، لذا يصعب القول هنا بصحة الموضوع، ثم هل ينكر الحزب شيئاً كهذا في حالة حصوله ويسجل موقفاً على ذاته بينما فحص الحمض النووي وشيك ( هذا في حالة توفر قاعدة بيانات أو أقرباء مباشرين يتم مقارنة النتائج بهم )؟ كان عزة الدوري بحمرين بقرية لاحد القبائل العربية هناك حيث كانوا يخفونه لديهم ، اعرف هذا منذ عام 2004 لكن الأمور تتغير!!!

18 أبريل 2015

محمد العمدة يكتب : السيسي والعسكر ونهب مصر

رغبة من المشرع في حماية المال العام من السلب والنهب لاسيما في الحالات التي تشرع فيها الحكومة في إنشاء مشروعات استثمارية مثل إقامة مباني حكومية أو سكنية أو رصف طرق أو إنشاء كباري علوية أو أنفاق أو ما شابه ذلك من مشروعات ، أصدر المشرع المصري قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 يهدف منه إلي وضع قواعد لتنفيذ المشروعات الحكومية بحيث لا تستغل هذه المشروعات من قبل الموظفين العموميين لنهب المال العام من خلال إثبات مشتريات بأعلى من قيمتها أو تنفيذ مشروعات وإثبات قيمة التنفيذ بأعلى مما تم إنفاقه ليحصل الموظف العام علي الفارق لنفسه .
وكانت الوسيلة الأساسية لمواجهة هذه المخاوف هي عرض المشروع المطلوب إنشاؤه في مناقصة عامة ، بمعني إذا أرادت الحكومة إنشاء مدرسة بمواصفات معينة فإنها تعرض المشروع بمواصفاته في مناقصة عامة ، بحيث تتقدم الشركات ، وكل شركة تقدم عرضا يتضمن تكلفة المشروع علي ضوء تقديرها ، وتقوم الحكومة بعد الاطلاع علي هذه العروض بتكليف الشركة التي قدمت أقل تكاليف للبناء ، فإذا عرضت شركة بناءها بمليون جنيه ، بينما عرضت شركة أخري بنائها بمبلغ سبعمائة وخمسون ألف جنيه ، تم تكليف الشركة الأخيرة ببناء المدرسة .
ولذلك نصت المادة ( 1 ) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات علي أنه : 
" يكون التعاقد على شراء المنقولات ، أو على مقاولات الأعمال أو النقل ، أو على تلقى الخدمات و الدراسات الاستشارية و الأعمال الفنية ، عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات عامة . و يصدر بإتباع أي من الطريقين قرار من السلطة المختصة وفقا للظروف و طبيعة التعاقد . و مع ذلك يجوز استثناء ، و بقرار مسبب من السلطة المختصة ، التعاقد بإحدى الطرق الآتية : -
أ - المناقصة المحدودة .
ب - المناقصة المحلية .
ج - الممارسة المحدودة .
د - الاتفاق المباشر . ............. " 
هل يعني النص السابق أن من حق الحكومة أن تسند المشروعات لهذه الجهة أو تلك بالإسناد المباشر بدون مناقصات استنادا إلي الفقرة (د) من المادة ، نقول أن المشرع لم يجعل مسألة إسناد المشروعات " بالاتفاق المباشر " مطلقة وإلا أصبح قانون تنظيم المناقصات والمزايدات عديم الجدوى ، ولذلك قيد المشرع إسناد المشروعات بالاتفاق المباشر لتصبح في أضيق نطاق وفي ظل توفر ظروف استثنائية معينة ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 7 ) من القانون بقولها :
" يجوز في الحالات العاجلة التي لا تحتمل إتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة بجميع أنواعها ، أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من :
أ - رئيس الهيئة ، أو رئيس المصلحة و من له سلطاته في الجهات الأخرى ، و ذلك فيما لا تجاوز قيمته خمسين ألف جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقى الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل ، و مائة ألف جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال
ب - الوزير المختص و من له سلطاته ، أو المحافظ فيما لا تجاوز قيمته مائة ألف جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقى الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل ، و ثلاثمائة ألف جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال. 
و لرئيس مجلس الوزراء ، في حالة الضرورة القصوى ، أن يأذن بالتعاقد بالطريق المباشر فيما يجاوز الحدود المنصوص عليها في البند ب من الفقرة السابقة .
إذن إسناد المشروعات لهذه الجهة أو تلك بالاتفاق المباشر بدون مناقصات يستلزم الشروط الآتية : 
1 - توفر حالة الاستعجال التي لا تحتمل إتباع إجراءات المناقصة .
2 - ألا تزيد قيمة المشروع عن مائة ألف جنيه إذا تم الإسناد من رؤساء المصالح ، وألا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه إذا تم الإسناد من الوزير أو المحافظ .
3 - ويجوز لرئيس الوزراء أن يتجاوز قيمة أل 300 ألف جنيه في حالات الضرورة القصوى .
وهنا نود أن تستعرض بعض الحالات التي أسند فيها رئيس الوزراء مشروعات للقوات المسلحة بالإسناد المباشر ، ونبحث عن مدي توفر حالة الضرورة القصوى التي خولت لرئيس الوزراء إسناد هذه المشروعات التي تزيد قيمتها بالضرورة عن ثلاثمائة ألف جنيه :
1 - إسناد مشروع العشوائيات للقوات المسلحة :
نشرت بوابة الأهرام بتاريخ 12/12/2013 أن اللواء / عادل لبيب في رده على سؤال" بوابة الأهرام" حول مشكلة العشوائيات والتي رصد لها 2 مليار جنيه ولم يحدث أي شيء على أرض الواقع ، قال : إنه تم إسناد مشروع تطوير العشوائيات إلى القوات المسلحة .
لاحظ أن قانون المناقصات والمزايدات يمنع إسناد المشروعات التي تزيد قيمتها عن 300 ألف جنيه بالاتفاق المباشر إلا بموافقة رئيس الوزراء وفي حالات الضرورة القصوى ، وفي الحالة المعروضة يتم إسناد مشروع بقيمة 2 مليار جنيه دون وجود أي حالة ضرورة تستدعي ذلك .
2 - إسناد تنفيذ كوبري النيل الجديد بمحافظة بني سويف للقوات المسلحة .
نشرت صحيفة اليوم السابع بتاريخ 4/2/2015 أن المستشار مجدي البتيتى محافظ بني سويف اليوم الأربعاء أكد موافقة وزير النقل المهندس هاني ضاحي على إسناد تنفيذ كوبري النيل الجديد إلى إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة .
3 - إسناد هدم مبني الحزب الوطني الرئيسي للقوات المسلحة .
نشرت صحيفة المصري اليوم بتاريخ 15/4/2015 تصريح الدكتور عبد الله المغازي مساعد رئيس الوزراء بأنه قد تم إسناد عملية هدم مبنى الحزب الوطني المنحل بكورنيش النيل للهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، لأنها الأقدر على العملية .
4 - إسناد مشروع الرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ للقوات المسلحة .
نشر موقع أهرام اليوم الدولية بتاريخ 5/2/2015 أن المستشار محمد عزت عجوة محافظ كفر الشيخ ، أكد أن مشروع الرمال السوداء ببلطيم انتهي به المطاف إلي إسناده للقوات المسلحة والمحافظة والمواد النووية وبنك الاستثمار وهيئات أخري؛ مؤكدا انه تم الانتهاء من عمل الدراسة لإنشاء شركه خلال فبراير الجاري ووضعها بحيازة القوات المسلحة .
5 - إسناد مشروع النادي النهري لنقابة الصيادلة للقوات المسلحة .
نشرت جريدة البورصة بتاريخ 24/11/2014 النقابة العامة للصيادلة مشروع إنشاء النادي النهري الخاص بأعضائها والبالغ تكلفته 4 ملايين جنيه للهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة لتنفيذه خلال الفترة المقبلة .
6 - إسناد صيانة 27 كوبري ونفق للقوات المسلحة . 
نشرت الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء بتاريخ 21/11/2013 أنه تقرر تنفيذ أعمال صناعية لعدد 27 كوبري ونفق بتكلفة إجمالية تبلغ 4.471 مليار جنية، وسوف تقوم القوات المسلحة المصرية بالتنفيذ من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لضمان سرعة التنفيذ وانضباط الأداء .
7 - تطوير 40 مستشفي علي مستوي الجمهورية .
في الثاني من مارس 2014 أعلن الدكتور عادل عدوى وزير الصحة والسكان أن هناك خطة لتطوير 40 مستشفى على مستوى الجمهورية ستنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من خلال ميزانية عاجلة .
8 - إسناد إنشاء منظومة متكاملة لتطوير إشارات المرور بالقاهرة للقوات المسلحة .
في 22 فبراير 2014 أعلن الدكتور جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة ، أن المحافظة بصدد تركيب منظومة متكاملة لتطوير إشارات المرور ومراقبتها بأحدث أنظمة التحكم في الإشارات باستخدام كاميرات مراقبة لـ250 تقاطعاً في العاصمة بتكلفة تبلغ 260 مليون جنيه . وقال إنه تمت ترسية المشروع على جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة ليتم الانتهاء من تنفيذه في مدة لا تتجاوز الـ6 أشهر لتضاهي أحدث أنظمة المراقبة في دول العالم المتقدم وتدخل العاصمة عصر تكنولوجيا المرور .
9 - إسناد إنشاء وتوسعة 6 مدارس بمحافظة البحر الأحمر للقوات المسلحة .
في الأول من مارس 2014 قررت هيئة الأبنية التعليمية إسناد إنشاء 6 مدارس بمحافظة البحر الأحمر إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة طبقًا للبروتوكول الموقع بين الهيئتين بتكلفة تبلغ 22 مليونا و280 ألف جنيه ، ويشمل إنشاء مدرسة الميناء الثانوية للبنات بتكلفة إجمالية تبلغ 4.3 مليون جنيه ، وتوسعات بمدارس الغردقة الإعدادية والسلام الابتدائية بتكلفة 3.7 مليون جنيه ، على أن يتم التنفيذ خلال 12 شهرًا . كما يتضمن البروتوكول عملية توسيع وتعلية مدرسة الشلاتين الإعدادية الثانوية وحلايب الابتدائية بتكلفة إجمالية تبلغ 10.7 مليون جنيه ، وتوسعة مدرسة رأس حدربة الابتدائية بمبلغ 3.7 مليون جنيه ، ويبلغ إجمالي الإسناد بمدارس البحر الأحمر 22 مليونا و280 ألف جنيه .
10 - إسناد إقامة كوبريين علويين جديدين في القليوبية للقوات المسلحة .
في 28 فبراير أعلن المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية عن البدء في تنفيذ الخطة التنفيذية الشاملة لتطوير مدينة بنها والمناطق المجاورة لها.. حيث تشمل خطة التطوير إقامة كوبريين علويين جديدين لعبور السيارات أعلى مزلقان منشية النور والحرس الوطني ببنها لحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم وحل أزمة المرور الطاحنة بمداخل مدينة بنها . وأكد المحافظ أنه تقرر إسناد المشروعين للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة للبدء في إنشائهما بتكلفة 80 مليون جنيه .
11 - إسناد إنشاء مجمع خدمي بالغربية بتكلفة ٢٤٠ مليونًا للقوات المسلحة .
في 28 يناير 2014 قرر اللواء محمد نعيم محافظ الغربية البدء في اتخاذ الإجراءات التنفيذية لإنشاء مجمع خدمي على مساحة 6 آلاف متر أمام محطة السكة الحديد بطنطا بتكلفة تصل إلى 240 مليون جنيه . يقوم بتنفيذ المشروع جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة ويتضمن المشروع جراجا متعدد الطوابق للسيارات ومولا تجاريا وعيادات ومعامل تحاليل ووحدات سكنية وإدارية وقاعات أفراح وسينما وصالات ألعاب رياضية .
12 - تخصيص 4 أفدنة لقوات المسلحة لبناء مجمع مخابز بالفيوم .
والمشروعات من السادس وحتي الثاني عشر نشرها موقع " يناير صحافة مش خوافة " في تقرير مؤرخ 29/3/2014 ، وأثبت في تقريره المصادر التي ارتكن إليها فيما أثبته من معلومات ، والتقرير منشور علي موقع جوجل تحت عنوان " بالأمر المباشر / القوات المسلحة تسيطر علي تنفيذ المشروعات . ونحتفظ بصورة منه ، كما نشرت ذات المعلومات في صحف ومواقع إلكترونية أخري .
13 - إسناد مشروع تنمية قناة السويس للقوات المسلحة .
كتب محمد أحمد طنطاوي علي موقع " بورسعيد اليوم " : 
قال العميد محمد سمير المتحدث العسكري ، إنه في إطار متابعة أعمال مشروع قناة السويس الجديدة ، والذي يتم تنفيذه تحت إشراف القوات المسلحة وهو المشروع الذي يسهم في إثراء حركة النقل البحري والتجارة الدولية على مستوى العالم ، فقد تم البدء في تنفيذ أعمال حفر المشروع اعتبارًا من يوم الأربعاء الموافق 6/8/ 2014.
وأوضح المتحدث العسكري أنه نظرًا لالتزام القوات المسلحة بالانتهاء من تنفيذ المشروع ، في مدة لا تتجاوز (12) شهرا بدلًا من (36) شهرا فقد قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة يوم السبت الموافق 9/8/2014 بتقسيم أعمال الحفر إلى قطاعات تنفيذ وإسناد تنفيذها إلى عدد (33) شركة مدنية مصرية متخصصة في أعمال الحفر، بالإضافة إلى عدد (2) كتيبة طرق .
وأشار المتحدث العسكري إلى أنه سيتم الإعلان بصورة دورية عن معدلات إنجاز الأعمال ، وذلك حرصًا من القوات المسلحة على إحاطة جموع الشعب المصري العظيم بتطورات أعمال هذا المشروع القومي العملاق .
14- إسناد أعمال تطوير مكتبة البحر الأعظم للقوات المسلحة .
نشرت صحيفة فيتو بتاريخ 29/1/2015 تصريح محمد عبد الحافظ وكيل وزارة الثقافة بالجيزة ، خلال اجتماع المجلس التنفيذي للمحافظة اليوم الخميس ، إنه جار تنفيذ أعمال تطوير مكتبة شارع البحر الأعظم بالمنيل ، وإسناد الأعمال للهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، وذلك لسرعة تنفيذ الأعمال والانتهاء منها على أكمل وجه.
15 - إسناد مشروع وحدات سكنية للشباب بشبرا الخيمة إلى القوات المسلحة .
نشر موقع مصراوي بتاريخ 12/3/2014 أعلن المهندس محمد عبد الظاهر محافظ القليوبية، اعتماد بناء 1000 وحدة سكنية جديدة للشباب ومحدودي الدخل بمدينة شبرا الخيمة ، على قطعة أرض مساحتها 5 أفدنة تابعة لهيئة أملاك الدولة.
وأشار محافظ القليوبية - في تصريح له اليوم الأربعاء - إلى أنه تم تكليف لجنة متخصصة لإجراء الرفع المساحي للأرض ، بعد إزالة جميع التعديات عليها ، والبدء في وضع مخطط لمشروع الإسكان الجديد 
وأكد أنه تم إسناد المشروع لصالح القوات المسلحة لإقامة مجمع سكني متكامل بالمنطقة للمساهمة في حل مشكلة الإسكان بشبرا الخيمة .
16 - إسناد الطريق الزراعي الحر بقيمة مليار جنيه للقوات المسلحة .
نشرت بوابة الوفد الإلكترونية بتاريخ 1/6/2014 أنه تقرر إسناد مشروع الطريق الزراعي الحر الجديد إلى القوات المسلحة بنظام "B.O.T" لخدمة آلاف المسافرين من مختلف المحافظات يومياً ، وتبلغ الاستثمارات في هذا المشروع الحيوي نحو مليار جنيه ، شاملة التعويضات التي سيتم صرفها للمتضررين .
أعلن المهندس محمد عبد الظاهر محافظ القليوبية أن إحياء هذا المشروع يمثل بداية انطلاقة نحو إحداث نقلة نوعية في حركة النقل والمواصلات لخدمة مشروعات التنمية المستقبلية بالدلتا بعد أن أصبح الطريق الزراعي القديم لا يستوعب الحركة المرورية المتزايدة عليه 
17- إسناد تأهيل موقع الضبعة لبناء المحطة النووية الأولي للقوات المسلحة .
نشر موقع البديل بتاريخ 3/2/2014 أن هيئة المحطات النووية أعلنت اليوم ، الاثنين عن توقيعها بروتوكول تعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، للبدء في إعادة تأهيل موقع الضبعة ، تمهيدًا لتنفيذ مشروع المحطة النووية الأولى .
قال المهندس أحمد إمام وزير الكهرباء والطاقة ، أنه تم الاتفاق على قيام الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتأهيل الموقع من خلال توفير البنية الأساسية للموقع من مبنى إداري ، ووحدة مخازن ، مع توفير عدد من الورش وجراج ومظلة سيارات، إلى جانب وحدة إعاشة ووحدتين للمعامل ودراسات الموقع ، بالإضافة إلى المرافق اللازمة لهم من مياه وكهرباء وصرف صحي .
وقامت هيئة المحطات النووية بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للبدء في تنفيذ المشروع طبقا للجداول الزمنية المحددة له .
18 - إسناد مباني فرع جامعة الإسكندرية بمطروح إلى الجيش بالأمر المباشر .
نشر موقع الحصاد أن مجلس الوزراء وافق على طلب الموافقة على إسناد عملية تصميم وإنشاء مباني فرع جامعة الإسكندرية بمحافظة مطروح ، إلى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة ، بالأمر المباشر، ضمن الخطة الاستثمارية للعام المالي 2014- 2015.
19- إسناد مشــروع الحديقـــة الترفيهيــة علـــــي 
طريق السويس الصحراوي للقوات المسلحة.
نشر موقع " الوادي مستقبل بلادي " بتاريخ 12/2/2015 ما يأتي :
انتهت القوات المسلحة من تطوير وإنشاء حديقة الأسرة ، أكبر حديقة ترفيهية وثقافية وخدمية لخدمة الأسرة والطفل والمساهمة في التنمية المجتمعية على مساحة 95 فدانًا بطريق مصر السويس الصحراوي ، والتي صممت على غرار حديقة "العجائب" بباريس ، حيث حضر مصمم الحديقة الفرنسية لمصر وخطط وأنشأ الصرح الكبير بطريق كيلو 26 طريق القاهرة السويس الصحراوي ، وهى حديقة من الجيل الثالث كي تكون صرحًا ترفيهيًا وعلميًا وتثقيفيًا ، تدار من خلال شبكة نظم ومعلومات متكاملة .. وتهدف القوات المسلحة من إقامة هذا المشروع إلى توفير بيئة للتعلم من خلال التجربة والاستكشاف والبحث والترفيه للطفل ، وتقدم منهجا مكملا للتعليم الدراسي بالنسبة للأطفال من خلال توفير سبل جديدة لإثراء عقولهم بالمعلومة المفيدة.
وتعود فكرة المشروع قبل 7 سنوات من خلال جمعية مصر الجديدة ، بالاشتراك مع بعض الوزارات المعنية منها الإسكان والزراعة والري والكهرباء والإسكان، وقدمت الوزارات كل إمكانياتها لإنشاء هذه الحديقة ، وعقب أحداث الانفلات الأمني في 2011 تم تدمير الحديقة وسرقة كافة محتوياتها ، وتم إسناد الحديقة إلى وزارة الزراعة من أجل الحفاظ على المساحات الخضراء .
وفى يناير 2013، أصدر الرئيس السابق المستشار عدلي منصور قرارًا جمهوريًا بإسناد الحديقة إلى وزارة الدفاع من أجل الحفاظ عليها ، وكلف جهاز مشروعات الخدمة العامة للقوات المسلحة بتولي مسئولية إدارة الحديقة ، وقامت أجهزة القوات المسلحة بدراسة وعلاج المشكلات القائمة بالحديقة وإصلاح الأعمال التالفة نتيجة الانفلات الأمني ، وإعادة ترميم المباني وإنشاء شبكة نظم ومعلومات متكاملة داخل الحديقة وإتمام أعمال الري واللوحات الاسترشادية وتشغيل المصاعد وأجهزة التكييف ودورات المياه ، إلى جانب تشغيل الأبراج ومصاعدها وتم تزويد 20% من الأرض بالمساحات الخضراء وأيضًا رصف الطريق الدائري الذي يقع بجوار الحديقة ليعود هذا الصرح الكبير في أفضل صورة .
كما تم الاستعانة بالضباط المتقاعدين وضباط الصف والقطاع المدني وذوى الخبرة للعمل بالحديقة .
20 - إسناد تنفيذ محور روض الفرج للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
21 - إسناد محور المشير الجمسي للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
22 - إسناد مشروع كوبري المشير أبو غزالة للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
23 - إسناد مشروع كلية الطب الخاصة بالقوات المسلحة للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
مع ملاحظة أن تبعية المشروع للقوات المسلحة لا تعني أن يسند للقوات المسلحة دون إتباع الإجراءات التي نص عليها قانون تنظيم المناقصات والمزايدات .
24 - إسناد مبني وزارة السياحة الجديد بمدينة الشيخ زايد للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
25 - إسناد مبني وزارة الداخلية الجديد بالقاهرة الجديدة للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
26 - إسناد مشروع تطوير طريق القاهرة الإسماعيلية من مدينة 
السلام وحتى مدينة العاشر من رمضان للقوات المسلحـــــة .
المصدر الحوار المشار إليه ووصف المشروع حسبما جاء في الحوار " تطوير طريق القاهرة الإسماعيلية من مدينة السلام وحتى مدينة العاشر من رمضان ، وصولا إلى خمسة حارات مرورية ، وتنفيذ كباري علوية جارٍ الاستكمال حتى بوابة الرسوم بالكم 86 بطول 34 كم .
27 - إسناد تطوير طريق القاهرة / الإسكندرية الصحراوي للقوات المسلحة .
المصدر الحوار المشار إليه ، ووصف المشروع كما جاء في الحوار " تنفيذ أعمال تطوير طريق القاهرة / الإسكندرية الصحراوي لمدة 6 سنوات ، تم تكليف الهيئة الهندسية لإنهاء أعمال التطوير خلال ستة أشهر ، بتطويره من بوابة السوق القاهرة إلى الإسكندرية بطول 169 كم ، واستكمال إنشاء عدد 17 كوبري على الطريق ، وإنشاء كوبري القرية الذكية.
وقد اتضح لنا من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أن حجم المشروعات التي أُسندت للقوات المسلحة أكبر بكثير مما قمنا بحصره منذ أغسطس 2012 فقط ، لدرجة تؤكد لكل عاقل أن أغلب مشروعات الحكومة إن لم تكن جميعها تسند للقوات المسلحة بالأمر المباشر ، وفيما يلي بعض هذه المشروعات :
أولا : 854 مشروع في مختلف المجالات .
وفي ذات الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله والمنشور علي موقع جوجل تحت عنوان " طباعة – جريدة المال " ، كشف لنا اللواء / طاهر عبد الله ما يأتي : 
أنه يمكن تلخيص المشروعات التي قامت بها الهيئة منذ أغسطس 2012 حتى الآن ، في أن الهيئة قامت بالتخطيط لتنفيذ )854( مشروع في مختلف المجالات ، وقد تم إنجاز )473 ) مشروعاً من المستهدف منها ( 286 ) مشروعات رئيسية ، تخدم خطة التنمية الشاملة للدولة في مختلف المجالات ، شملت «13» مشروع في مجال النقل والمواصلات بإجمالي أطوال ( 450 ) كم ، و(43) مشروعاً في مجال الرعاية الصحية ، و( 29 ) مشروعاً منشآت تعليمية ، و(13) مشروعاً في المجال الثقافي الترفيهي ، و( 20 ) مشروعاً في مجال الخدمات العامة ، و( 30 ) مشروعاً في مجال الإمداد بالمياه ، و( 55) مشروعاً في مجال تطهير الأرض من الألغام. 
هل كل هذه المشروعات توافرت فيها حالة الاستعجال والضرورة القصوى التي تبيح لرئيس الوزراء أن يتجاوز الحد المسموح به للإسناد بالاتفاق المباشر وقدره 300 ألف جنيه ليسند للقوات المسلحة مشروعات بمليارات الجنيهات .
ثانيا : 48 مشروع في مجال تنمية شبه جزيرة سيناء .
كشف اللواء / طاهر في ذات الحوار أن الهيئة قامت الهيئة بتنفيذ (48) مشروعاً في مجال تنمية شبه جزيرة سيناء .
ثالثا : 10 مشروعات في مجال الإسكان .
كشف اللواء / طاهر في ذات الحوار أن الهيئة نفذت ( 10 ) مشروعات في مجال الإسكان بإجمالي ( 53.728 ) ثلاثة وخمسون ألف وسبعمائة وثمانية وعشرون وحدة سكنية .
رابعا : 13 مشروع في مجال تأمين الأهداف الحيوية .
كشف اللواء / طاهر في ذات الحوار أن الهيئة نفذت 13 مشروع في مجال تأمين الأهداف الحيوية .
خامسا : 11 مشروع في مجال إنشاء وترميم المنشآت .
كشف اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة نفذت ( 11 ) مشروعاً في مجال إنشاء وترميم المنشآت التي أُضيرت بالأحداث الأخيرة .
سادسا : المعاونة في استصلاح وزراعة (30) ألف فدان .
كشف اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة قامت المعاونة الهندسية في استصلاح وزراعة ( 30 ) ألف فدان بمنطقة شرق العوينات .
سابعا : ترميم مساجد وكنائس ومدارس .
كشف اللواء / طاهر أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة قامت رفع كفاءة وترميم وتطوير مسجد وميدان رابعة العدوية ، وجارٍ رفع كفاءة وترميم 10 كنائس ومدارس بمختلف محافظات الجمهورية .
ثامنا : جميع المشروعات الممولة من الإمارات .
كشف اللواء / طاهر عبد الله علي - حد زعمه أن الجانب الإمارتى - طلب قيام القوات المسلحة ، بتنفيذ كل المشروعات بمختلف المجالات لما تتميز به من الالتزام والانضباط . 
ومن أهم المشروعات التي تنفذها الهيئة المساهمة في تمويل أعمال صناعية على عدد (4) مزلقانات ، من إجمالي ( 18) مزلقان جارٍ تنفيذها ، وتشمل ( 8 ) كباري سيارات من إجمالي ( 24 ) كوبري ، و( 2 ) كوبري مشاة من إجمالي ( 18 ) كوبري على المزلقانات ، حيث يساهم هذا المشروع في الحد من حوادث القطارات التي تؤثر على أمن وسلامة المواطن ، بالإضافة إلى إنشاء (100) مدرسة بإجمالي ( 1500) فصل تعليمي ، موزعة جغرافياً على محافظات الجمهورية ، وإنشاء (50) ألف وحدة إسكان اجتماعي شاملة الخدمات والمرافق ، بمختلف محافظات الجمهورية . 
وقد روعي أثناء التصميم تكامل المشروع وتوافر جميع الخدمات ، لتشمل مساجد ومولات ومحال تجارية وساحات رياضية ومدارس، ومراكز طبية، وحضانات ومخابز .
تاسعا : 78 وحدة صحية بمختلف المحافظات .
كما اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة تنفذ(78) وحدة صحية ، طبقاً للنموذج الموحد من وزارة الصحة والخاص بطب الأسرة بالمناطق العشوائية بمختلف المحافظات .
عاشرا : شبكات صرف صحي لعدد 151 قرية .
كما كشف أيضا أن الهيئة تستكمل شبكات الصرف الصحي لتوفير البنية الأساسية لعدد (151) قرية ، من القرى الأكثر احتياجاً بمحافظات الجمهورية ، وربطها بمرافق البنية التحتية للدولة .
حادي عشر : إنشاء عدد 25 صومعة غلال .
وكشف اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة تنفذ مشروعات إنشاء (25) صومعة غلال ذات سعات ما بين ( 60 و70 ) ألف طن للصومعة الواحدة ، بإجمالي ( 1.5 ) مليون طن لتخزين القمح وتقليل نسبة الفقد والتالف .
وبعد استعراض ما تمكنا من حصره من المشروعات التي أسندها مجلس الوزراء للقوات المسلحة بالأمر المباشر ، نود أن نثبت الملاحظات الآتية : 
(1)- إذا كان رئيس الوزراء لا يملك التعاقد بالأمر المباشر لتنفيذ أية مقاولات أو أعمال تزيد قيمتها عن 300 ألف جنيه إلا إذا توافرت حالة استعجال وصفها النص القانوني بالضرورة القصوى ، فهل يعقل أن كل هذه المشروعات كانت الدولة في حالة استعجال توصف بالضرورة القصوى لتنفيذها ، أم أنه النهب والسلب لمقدرات الوطن والذي أوصل الدولة إلي حالة الإفلاس التي وصلت إليها
(2)- ينبغي أن نلاحظ أيضا أن إسناد هذه المشروعات للقوات المسلحة بالأمر المباشر يعني أن القوات المسلحة هي التي تحدد قيمة المشروعات التي تنفذها ، وهذا هو باب الفساد الذي أراد أن يتحاشاه قانون تنظيم المناقصات والمزايدات حين قرر أن يكون الأصل في تنفيذ المشروعات الاستثمارية للحكومة من خلال المناقصات بحيث يمنع التلاعب والاستيلاء علي المال العام . وهنا نتساءل عن حجم المليارات التي ضاعت علي الشعب المصري من جراء هذا الكم من المشروعات منذ أغسطس 2012 ، وما قبله .
(3)- هل يعقل أن الإدارة الهندسية تملك تنفيذ كل هذه المشروعات المسندة لها في ذات التوقيت أو أزمنة متقاربة ، بالطبع لا يعقل ، إذن حقيقة الأمر أن القوات المسلحة تتسلم هذه المشروعات من الحكومة بالقيمة التي تحددها والتي بالقطع ستكون قيمة مغالي فيها ، ثم تسند المشروع لشركات أو مقاولين من الباطن ، وبالقطع لن يكون هذا مجانا ، وإلا ما الذي يجعل القوات المسلحة تورط نفسها في مثل هذه المشروعات وتلتزم بتسلمها وتسليمها طبقا لمواصفات متفق عليها .
(4)- ولنا أن نتساءل هل يمكن للجهاز المركزي أو أي جهاز رقابي أن يراقب هذه المشروعات الحكومية المسندة للقوات المسلحة ، وإذا جاز ذلك ، فهل تملك هذه الجهة أن تنشر لنا تقريرا عن مخالفات تم ارتكابها في عملية واحدة من العمليات التي مرت علينا .
(5)- أنني لم أعرض كل ما عثرت عليه من مشروعات وامتيازات ، فقد مر علي امتيازات تم منحها للقوات المسلحة للانتفاع بالعديد من الطرق لمدد منها خمسين عام ، ومنها 99 عام ، ومر علي شكاوي المواطنين من رفع قيمة رسوم المرور علي طرق للقوات المسلحة علي سبيل المثال رفع رسوم مرور السيارات النقل علي بعض الطرق من 35 جنيه إلي 235 جنيه .
بالنسبة لي شخصيا أدركت من خلال ما تم عرضه أحد الأسباب التي دعت السيسي والعسكر للانقلاب علي الشرعية ، وهدم كل ما تم بناءه ، فالموضوع كبير ، كبير للغاية ، لأن ما قرأناه هو أمثلة حديثة علي مسلك قديم ، فمنذ زمن بعيد والحكومات المتتابعة للحزب الوطني تسند للقوات المسلحة تنفيذ مشروعات استثمارية حكومية ، وأعتقد أن ما يحدث يفسر لنا لماذا أفلست مصر ، وتخطت ديونها الخارجية والداخلية التريليون جنيه بكثير ، وتخطي عجز الموازنة 350 مليار جنيه أو أكثر بكثير . 
وليس أمامنا سوي أن نسأل الله عز وجل باسمه المغيث أن يغيث الشعب المصري من أكبر عمليات نهب منظم يتعرض لها شعب منذ أن نشأت فكرة الدولة .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

محمد رفعت الدومي يكتب: خمسون درجة من الرمادي.. أو.. رماد النور!

مع تنامي وطأة الديكتاتورية في مصر لم يعد ثمة سبيل لتطويق الجلاد إلا استئناف الثورة حتي سحقه لآخر نبضة أو التواري مجددًا في ظلاله، ما من حلول أخري، من قال لك غير هذا الكلام فهو كاذبٌ أو مضلل، فالمعركة باتت صفرية فعلاً، وباتت المهادنة ومحاولات التنقيب عن نقاط نائمة لتنشيطها والتقاء الخصوم عندها خيارًا تجاوزته تداعيات النزاع وارتفعت عنه فوق الأرض بآلاف الأميال!
وإنني، لا أجد تعليلاً لسعار الأيام الأخيرة أكثر عدالة من أن النظام قد استوعب تمامًا جسامة المأزق الذي هو الآن فيه، بحماقاته الخاصة لا بإبداع الثوار وإدراكهم المواطن الصحيحة لركله في مؤخرته بأحذيتهم من كل جانب، كان إحراق مجموعة من الكتب في فناء مدرسة "فضل الحديثة" آخر هذه الحماقات الكبيرة!
وما من شك في أن الاحتفال بذلك الطقس الذي تجاوزه الزمن بالشكل الذي رأيناه وتركيز كل تلك الأضواء المسيسة علي حواف الحادثة يفصح بوضوح عن أنها مرتبة ومعدٌّ لها قبليًا! 
كما أن وجود كتاب "إلاسلام وأصول الحكم" بين الكتب التي الآن صارت رمادًا يقتل كل مساحة يتحرك فيها المتشككون في أن أيًا من الذين قيل لهم علي عجل أن يقترفوا تلك الجريمة الأخلاقية قد قرأ أياً من تلك الكتب ولا سمع حتي ولا لديه علم بمن يكون الشيخ "علي عبد الرازق" ولا بتلك الأفكار التي انطوي عليها كتابه " الإسلام وأصول الحكم"!
لذلك، لابد أن تولد من غرابة الحادثة وسذاجة تنسيقها عدة أسئلة مشروعة:
ما هي مؤهلات من يديرون مصر؟ هل نالوا قسطًا وإن ضئيلاً من التعليم؟ هل قرأوا كتابًا واحدًا في حياتهم؟ 
بل قد يرتفع سقف الأسئلة إلي: 
هل يجيدون القراءة والكتابة؟ 
هل يدركون أن موكب الإنسانية يتسكع الآن في طرقات العام 2015 بعد ميلاد المسيح؟
وفي العام 1925 بعد ميلاد المسيح، نزف ذهن الشيخ "علي عبد الرازق" فكرة علي حزمة هزيلة من الورق دون أن يدور بباله عند الفراغ منها أنه كان مقدمًا علي إلقاء حجر في ماء آسن سوف تثور له عما قليل كل السواحل البعيدة! 
لقد ملأ الدنيا وشغل الناس، وأهاج الضجيج في كل مكان، وأشعل معارك دينية وسياسية ربما لم يهدأ غبارها حتي يومنا هذا! 
لقد سفه الشيخ الأزهري فكرة الخلافة ورأي أن مدنية الدولة هي الآن التعبير المحميُّ لبناء دولة يمكنها الانخراط في العالم الكبير.. 
وكالعادة، جاء تعقيب هيئة كبار علماء الأزهر عصبياً، لقد قضت بمصادرة الكتاب وطرده من زمرة العلماء ومن العمل في القضاء الشرعي! 
حدث هذا بتحريض من الملك "فؤاد الأول" الذي كان يطمح في أن يكون خليفة للمسلمين بعد سقوط الخلافة في مركزها، تركيا، ولقد عصف ذلك المعمم بحلمه من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر، وربما، لفداحة الصفعة، لم يكن عقاب هيئة كبار العلماء كافيًا لامتصاص غضب الملك!
لذلك، هو، من وراء حجاب، أصدر أمرًا ملكياً بالبدء في اندلاع حملة مسعورة ضد الشيخ وكتابه! 
وكالعادة، أيضًا، تحمس للانخراط في تلك الحملة عدد كبير من شيوخ السلطان لعل أشهرهم تونسي الجنسية "محمد الخضر حسين"، أول شيخ أزهر في عهد العسكر، فأضاف إلي المكتبة العربية كتابه "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم"!
علي الجانب الآخر، جعل الكثيرون من أقلامهم ومواقفهم دروعًا تحمي الشيخ "علي عبد الرازق" من غارات المعممين العصبية، كان "د.محمد حسين هيكل" واحدًا من هؤلاء، "عباس العقاد" أيضًا، و "سلامة موسي"، كما استقال "عبد العزيز باشا فهمي" من وزارة العدل تضامنًا مع الشيخ المفكر!
هذا بعض ما كان من صدي لهذا الكتاب الذي أربك كل آفاق التلقي لسنوات طويلة والآن يحرقه الذين يغازلون اليهود والكنيسة برغبتهم في إشعال ثورة علي النصوص التي يقدسها المسلمون!
من الجدير بالذكر أن حرق الكتب للأنظمة الديكتاتورية عادة مشهورة، علي طول التاريخ وبعرض التحفظ الصحِّي، والسبب شديد الوضوح، فمثل هذه الأنظمة لا يمكن أن تعيش إلا علي حواف وسط مظلم تسكنه قطعان بشرية تعتبر العقول مجرد زوائد لحمية مثلها مثل الوحمات أو الدمامل وتؤمن إيمانًا طليقًا بأن بالخبز وحده يحيا الإنسان، لذلك، يجب أن لا صوت يعلو فوق صوت الديكتاتور ولا ضوء يندلع لقراءة الواقع فيه إلا الضوء الذي يقننه نظامه! 
والديكتاتور يعيش دائمًا علي الحواف كعادة الغجر الشهيرة، ومتي أيقظ القهر في صدور القطيع شدوًا مريبًا أسلم قدميه للريح المذعورة لا يلتفت إلي عزيز، فهو لا يحرس الإخلاص لوطن إلا حقيبة السفر، ولا لشخص إلا الأنا!
لذلك، متي قرأت أو سمعت رواية عن إحراق الكتب في بلد ما، وفي أي لحظة زمنية ما، فتأكد أن سكان هذا البلد كانوا آنذاك في أتون معركة حقيقية مع الغزاة انتهت بسحقهم، أو، كانوا يخوضون معركة مذهبية أهلية، أو، كانوا منهكين بالقمع تحت وطأة نظام ديكتاتوري، وكل الدروب بعد ذلك لا تصل! 
هضابٌ لا يمكن إحصائها من الرماد الذي كان ذات يوم بعيد مجرد هواجس تتردد في أذهان ممتازة تعمل علي اصطيادها حارة في لحظةٍ مجردة يتناثر الآن في أروقة التاريخ، وهذه أشهر جرائم حرق الكتب!
قبل ميلاد المسيح بحوالي ستة قرون، عندما سحق البابليون الآشوريين واستولوا علي عاصمة ملكهم "نينوي" كان أول ما فعلوه هو أن أحرقوا مكتبة "آشور بانيبال"!
وقبل ميلاد المسيح بحوالي 213 سنة، كان يحكم الصين الامبراطور "تشين شي هوانج"، مؤسس أسرة "تشين" ومؤسس الصين الموحدة وسورها العظيم، ولقد أفرط ذلك الديكتاتور في اضطهاد الكونفوشيوسية، وبدد أيامًا من حياة الصين لإحراق 100,000 كتاب من كتب مفكريها، ليس هذا كل شئ، فعندما احتج 400 عالم من الكونفوشيوسيين أمر بدفنهم أحياءًا!
وقبل ميلاد المسيح بحوالي خمسين عامًا، تعقيبًا علي خطأ ارتكبه بعض جنوده، أحرق "يوليوس قيصر" مكتبة الإسكندرية! 
كان قد أمر بإحراق السفن خشية الاستيلاء عليها فامتدت ألسنة اللهب إلي المكتبة فدمرتها، ويؤكد بعض المؤرخين الذين يهتمون بمخاطبة الحواس وإضفاء ظلالٍ من الأدب علي التاريخ أن "قيصر" كان آنذاك يمارس الجنس مع "كليوباترا" علي الأضواء الناجمة عن الحريق!
ومكتبة الإسكندرية مرة أخري..
بعد ميلاد المسيح بحوالي 640 سنة، استولي "عمرو بن العاص" علي الإسكندرية، وهناك، تعرف علي عالم لاهوت مسيحي قديم العمر اسمه "يوحنا فيلوبونوس"، حدث أن اشتبك الرجلان ذات يوم في جدال عقائدي كان التثليث محوره، وسأل "يوحنا" في النهاية القائد المنتصر الحفاظ على الكتب الموجودة في مكتبة الإسكندرية! 
عندما ارتاب "عمرو" في حرص الرجل علي الكتب إلي هذا الحد سأله عما فيها، فقص عليه قصة المكتبة منذ تأسيسها، لكن "عمرًا" رأي أن يستشير الخليفة "عمر بن الخطاب" قبل أن يحسم أمره فيها، وبالفعل، أرسل إليه رسالة يسأله فيها المشورة، وجاء الرد، للأسف، مخيِّبًا للآمال، قال في بعضه: 
"وأما الكتب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غني، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها"!
وبالطبع، امتثل "عمرو بن العاص" لأمره وأمر بدوره بتوزيع الكتب على حمامات المدينة لإستخدامها في إطعام النيران التي تُبقي حرارة الحمامات!
هذه الحادثة مثار جدل كبير، حتي أنني وأن أحدًا أياً كان لا يستطيع أن يؤكدها أو ينفيها، مع ذلك، لقد أكد "القفطي" في "تراجم الحكماء" صحتها، كما أكد أيضًا أن إحراق كل الكتب قد استغرق حولي نصف العام، كذلك فعل "تقي الدين المقريزي"، وهو أسطوري أكثر منه مؤرخ، ومشهور أيضًا بالوقوف علي حافة الإختلاق!
ذهب "ابن خلدون" أيضًا إلي صحتها بالقياس علي حادثة أخري مؤكدة كان "عمر بن الخطاب" أيضًا محورها، عندما أمر "سعد بن أبي وقاص" بإلقاء كتب الفرس في الماء والنار، وقال كلامًا يكاد يتحد بكلامه لـ "عمرو بن العاص":
"إن يكن ما فيها هدي فقد هدانا الله بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله"!
وفي بدايات العقد الثامن من الهجرة أمر الخليفة "سليمان بن عبدالملك" بحرق مخطوطات ورد فيها ذكر الأنصار في معركة بدر!
وفي عصر الدولة العباسية أفرط الخليفة "المهدي" في استنطاق النوايا ورجم الكثيرين بالإنتماء إلي المانوية واتهامهم بالزندقة وإحراق كتبهم وإزهاق أرواحهم، كان المفكر "عبد الله بن المقفع" أحد ضحايا تلك الحملة الشعواء، كذلك، كان الشاعر الكبير "بشار بن برد" من ضحاياها!
ولم تمض عقود طويلة علي تلك الحملة المسعورة حتي بدد المغول تراث الدولة العباسية المكتوب كاملاً!
وجيوب التاريخ مفعمة بالكثير من الروايات عن حرق "صلاح الدين الأيوبي" لكتب الفاطميين!
في السياق نفسه..
في الأندلس، يوم 16 فبراير عام 1198، بتحريض من بعض شيوخ السلطان، جمع العوام كل الكتب التي في مكتبة "ابن رشد" وقاموا بحرقها في الساحة الكبرى بـ "إشبيلية" وهم يهللون ويكبرون!
لكن "ابن رشد" كان في ذلك الوقت قد نجا، ذلك أن أفكاره كانت قد اقتحمت كل أسيجة أوروبا فطربت لها صدور الأوربيين، ولأول مرة، بفضله، فهموا "أرسطو" كما ينبغي، وقدروا قيمة الشك فحلقوا في مطلق غير مطلق آبائهم! 
لقد أدركوا أنهم سوف لا ينتهون من الدوران في الفشل ما لم يتجاوزوا آبائهم ويتجاوزوا أوروبا التي يبني قطيعها منظومة معرفته علي كتاب واحد فقط، وهو الإنجيل! 
ويوجه خطوات قطيعها عقل كعقل البابا "جريجوري التاسع" الذي طلب من الملك "لويس التاسع" عام 1242 إتلاف كل نسخ التلمود في "باريس" فاستجاب له! 
لكل ذلك، كان يجب أن تحدث عما عقود من محرقة أفكار "ابن رشد" أكبر محرقة للكتب في التاريخ، قيل!
إنها محرقة "غرناطة"، آخر معاقل المسلمين في أسبانيا، عندما أمرت الملكة الاسبانية "إزابيلا " و "فيرديناند" ملك "آراجون" بحرق أكثر من مليوني كتاب، قيل، وهو عدد مبالغ فيه جدًا في اعتقادي، مع ذلك، كانت هي تقريبًا كل تراث المسلمين في الأندلس، وكان من بين تلك الكتب كتاب "في الفلسفة" لـ "ابن رشد" وكتاب "طوق الحمامة" لـ "ابن حزم" ودواوين "ابن زيدون"، ولحسن الحظ، كانت كل هذه الكتب قد رحلت قبل ذلك شرقًا!
في اعتقادي الخاص، لولا إحراق كتب "ابن رشد" في دولة ملوك الطوائف لما كانت محرقة "غرناطة"! 
لو أن المسلمين قد انتبهوا لقيمة الرجل، ألا ليتهم فعلوا، ذلك أن مجتمعات اللون الواحد هي مجتمعات عقيمة ومحكوم عليها بالنحافة كلما تقدمت في العمر، وبحتمية سقوطها في نهاية المطاف!
أحرق الإسبان أيضًا كل مخطوطات المايا، كما قامت محاكم التفتيش هناك بإحراق كل النصوص اليهودية والعربية! 
وقامت محاكم التفتيش في إيطاليا القرن 14 بإدانة "كيكو داسكولي" بالهرطقة، وأحرقوه تعقيبًا علي كتابه "دي سيفيرا"!
وفي بداية القرن الـ 15 أقر البرلمان الإنجليزي قانون "حرق المهرطقين"، وهو قانون يقضي بجمع كل الأعمال التي تنظر إلي الحياة من زاوية غير زاوية السلطة الروحية للمملكة وحرقها أمام العوام..
وفي عام 1624 أحرق الكاثوليك ترجمة "مارتن لوثر" الألمانية للإنجيل فأحرق "لوثر" من جانبه المراسيم البابوية..
كما أن المهاجرين الأوائل حملوا معهم عادة حرق الكتب إلي الولايات المتحدة، غير أن الروح الأمريكية لفظت هذه العادة، مع ذلك، هناك علي الدوام شئ رقيق للغاية ودقيق للغاية يضيع، فللولايات المتحدة في حرق الكتب حضور ضئيل، وفي القرن الـ 17، عندما ظهر كتاب "ثمن تضحياتنا المستحق" للكاتب "ويليام بينشون" مفعمًا بنقد التطهيريين وتسفيه أحلامهم حظرته السلطات وأحرقت كل نسخة منه استطاعت الوصول إليها أمام العوام!
كما أن "أنتوني كومستوك" الذي كان "رئيس جمعية نيويورك لمكافحة الرذيلة" عندما أقنع الكونجرس الأمريكي بتمرير قانون الدعارة الفيدرالي عام 1873، اتخذ حرق الكتب من جراء القانون طابعًا رسميًا، ذلك أن الختم الذي كانت الجمعية تستخدمه يظهر علي أحد جانبيه شرطيٌّ يقود مجرمًا إلي السجن، ورجلٌ يشعل النار في الكتب علي الجانب الآخر!
وبطبيعة الحال، فعل ذلك الذي لا نشك في أنه يفعلها، "هتلر" طبعًا! 
لقد اعتبر وزير دعايته "جوزيف جوبلز" كل كتاب لا ينسجم مع أفكار "هتلر" كتابًا مفعمًا بالروح غير الألمانية يرتقي حرقه إلي الواجب الوطني، كما اعتبر كل كتابٍ ينطوي علي تبجيل الليبرالية أو الماركسية وقودًا مشروعًا، ولقد وقعت كل أعمال "سيجموند فرويد" تحت طائلة النار في احتفال "برلين"!
كما واجهت المصير البائس نفسه كتب حزمة من العقول الممتازة مثل "بيرتولد بريخت" و "ليون فويشتفانجر "و "ألفريد كيروكان"، وكان تعقيب "سيجموند فرويد" علي تلك الجريمة ساخرًا ومفعمًا بالمرارة في الوقت نفسه، قال:
- التقدم الذي وصلنا إليه أنه في العصور الوسطي كانوا سوف يحرقونني أنا، أما الآن، فقد اكتفوا بحرق كتبي!
من الجدير بالذكر، أن كل ديكتاتور في كل مكان وزمان غبيٌّ يثير الشفقة والسخرية، وأيًا منهم حتمًا يفكر بنفس طريقة الآخرين، وكلهم، يحملون علي الدوام عقولاً بسيطة أشبه بعقول الكائنات الأولية، ولا يمتلكون خيالاً، ولا يرون أبعد مما تري عيونهم..
في ستينيات القرن الماضي زار "نيكيتا خروتشوف" معرض "مانيج" للفن التجريدي فوصم كل الفنانين بالعار، ووصف إحدي اللوحات في لهجة تنم عن استعلاء غير مبرر، كأنه "بيكاسو" مثلاً، قائلاً:
- إن الحمار يرسم بذيله أفضل منها!
ووصف لوحة أخري قائلاً:
- إنها غازات في المعدة!
وقال لأحد الفنانين بدون مواربة:
- لو ذهبت إلي القبر لكان خيرًا لك من تبذير وقتك في رسم مثل هذه اللوحة!
فرد عليه الفنان الشاب قائلاً:
- لحسن الحظ يا سيدي أننا تجاوزنا المرحلة التي كان القبر فيها يقوم مقام الطبيب!
ولم يستوعب "خروتشوف" بكل تأكيد تلك الأطراف الحادة لكلمات الفنان..
أود هنا أن أبرئ ساحتي من تهمة الإشارة ضمنًا إلي "السيسي" كديكتاتور، فهو أقل من هذا بكثير، بكثير جدًا، ولقب الديكتاتور لا يستطيع "السيسي" أن يمر من تحت أقواسه وإن امتلك قامة أطول من قامته آلاف المرات، إنها ديكتاتورية منظومة مسلحة ومسنة!
والآن..
ما من شك في أن حرق كتاب جريمة كبري، لكن، لكل قصة جانب آخر، فلا أعتقد أن إنسانًا آخر علي سطح الكوكب تضاهي بهجته بهجة الكاتبة البريطانية "إي أل جيمس" يوم الخامس من نوفمبر من كل عام، وهو يوم "جاي فوكس" تكريمًا لما يعرف في أدبيات الإنجليز بـ "خيانة البارود"!
وفي الخامس من نوفمبر عام 1605 تلقت الشرطة البريطانية رسالة مجهولة المصدر تفضح مؤامرة علي حياة الملك، عندما أخذت الشرطة الرسالة علي محمل الجد، ضُبط "جاي فوكس" وهو يحرس كومة من المتفجرات زرعها المتآمرون في نفق أسفل مجلس اللوردات! 
ابتهاجًا بنجاة الملك "جيمس الأول" من مؤامرة الكاثوليك أشعل العوام النيران في أنحاء مدينة لندن، ويبدو أن ردود أفعال العوام حازت إعجاب الملك فأصدر مرسومًا بتقنين الإحتفال في الخامس من نوفمبر من كل عام كأحد أعياد الإنجليز الرئيسية، لكن، مع تقدم الحادثة في العمر، اتخذ العيد شكلاً ترفيهيًا لا ينخفض إلي علة العيد نفسها، الكاثوليك الآن أيضًا يشاركون البروتسانتيين الاحتفال بيوم "جاي فوكس"، أحد الضالعين في مؤامرة البارود الفاشلة، وكلنا يعرف حتمًا "جاي فوكس"، وكان شريكًا للمصريين في ثورة 25 يناير وكل تداعياتها الاحتجاجية بوضوح أكثر مما ينبغي، فهو المصدر الجذري لقناع "Vendetta"!
لكن ملجأ النساء المُعنفات في بريطانيا يحتفل منذ أعوام بيوم "جاي فوكس" بطريقته الخاصة، فهو بالنسبة إليهنّ يومٌ عام لشراء وحرق رواية "خمسون درجة من الرمادي" للكاتبة "إي أل جيمس"، وهي رواية تنبض بالكثير من مشاهد الإغراء العارية جدًا، وبالكثير من الممارسات الجنسية التي تبجل العبودية والخضوع والماسوشية والتواري في ظلال السيد، أذابها مؤخرًا المخرج "سام تايلور جونسون " حتي آخر قطرة في فيلم يحمل نفس الإسم "خمسون درجة من الرمادي" أيضًا، وبالطبع، تعقيبًا علي حماقة ملجأ النساء المعنفات الموسمية من الطبيعيِّ أن يشتعل الضوء في اسم الكاتبة مجانًا وترتفع مبيعات الرواية بعصبية!
لكن، لماذا كل هذه العصبية من أجل حرق حزمةٍ من الكتب، فهل فوق أنوار قديمة صارت الآن رمادًا؟ 
يجب أن نرثي للجناة لا للكتب المحترقة، ولعل في هذه القصة العزاء:
بكى أحد تلامذة "ابن رشد" وهو يري العوام يحرقون كتب معلمه، فالتفت إليه "ابن رشد" وقال له:
- إذا كنت تبكي حال المسلمين فاعلم أن بحار العالم لن تكفيك دموعًا، أما إذا كنت تبكي الكتب المحروقة فاعلم أن للأفكار أجنحة وهي تطير لأصحابها!
نعم، للأفكار أجنحة، لذلك لم يستطع جلادٌ عبر التاريخ الإنساني كبح تحليق فكرة ما في مطلق ما، كيف حدث هذا؟ لا أدري، لكن، بكل تأكيد، للفكرة الطليعية امتداداتها التي تخصها، والتي بمقدورها أن تجعل الزمن دائريًا، وهي أيضًا كالوردة ولا تُسأل الوردة عن عطرها، أو هكذا أظن!..
ابكِ عليهم، أو، ابشر باقتراب غروبهم، فمتي وصل إرهاب الجلادين إلي درجة الإرهاب الفكري تأكد أنهم علي مشارف العقاب، فما استهان أحد بكتابٍ ونجا، لذلك، سوف أسمح لنفسي أن أحرف شطر بيت "المتنبي":
وخيرُ جليس ٍ في الزمان كتابُ
ليصبح في هذه الجملة الاعتراضية الركيكة التي الآن يفشل في إعرابها تاريخ مصر:
وخيرُ بشير ٍبالخلاص كتابُ
رحم الله كل أصحاب الأنامل الثرية التي وقفت وراء إبداع كل خيوط النور التي الآن صارت رمادًا في فناء مدرسة "فضل الحديثة"، رحم الله الشيخ "علي عبد الرازق" بشكل خاص!

العلاّمة السيد علي الأمين يكتب : أهمية الخطاب الديني في نشر ثقافة السلم الأهلي

نقلا عن جريدة اللواء اللبنانية
يجد الباحث في بدايات تكوين المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة الاهتمام الجليّ والواضح بعنصر سلامة العلاقات الدّاخلية بين أفراد المجتمع وهو ما عبّرت عنه بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية (بإصلاح ذات البين) كما جاء في قوله تعالى: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين}.
وقد برزت هذه العناية بإصلاح ذات البين من خلال جملة من التشريعات ذات الأبعاد الجامعة بين مكونات المجتمع المتعدّدة والمؤلّفة بين قلوبها وبها تحقّقت نعمة الله على تلك الجماعات المتفرّقة المتناحرة والمتصارعة فجمعتهم بعد الإختلاف وأصبحوا أهل مودّة وائتلاف، كما حكى الله تعالى عن ذلك بقوله: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}.
وقد جاء عقد المؤاخاة الذي قام به الرسول (ع) في المدينة المنوّرة بين قبائل الأوس والخزرج والمهاجرين والأنصار ليجعل الأخوة أساساً لقيامة المجتمع الجديد وعنواناً من عناوين دعوته الرّائدة التي اعتمدت على السلم قاعدة من قواعدها وبنداً من بنودها كما في قوله تعالى مخاطباً المجتمع الجديد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.
ولا شكّ في أن عقد الأخوّة قد شكّل أهمّ الوسائل وأفضل الطرق المؤدية إلى فضّ الخلافات والنزاعات والمحققة للسلم بين الأفراد والجماعات. وقد جاء في نصوص السنّة النبويّة الشريفة أن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمّى، وأن المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يخذله ولا يحقره وقد أصبح المسلمون في ظلّ هذه التعاليم مجتمعاً من أطهر المجتمعات التي عرفها التاريخ في تحابِّهم وتوادّهم وتراحمهم وتعاونهم كما حكى لنا ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركّعاً سجّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم أجراً عظيماً}.
ولمّا أصبحت الأخوّة ركناً في بناء المجتمع الإسلامي فهي تحتاج إلى الرعاية والتّعاهد بما يمنعها من الاهتزاز ولتبقى تؤدي دورها في تحقيق السلام الدّاخلي الذي يعتبر من الضروريات للانطلاق في عمليّة البناء والتغيير ومواجهة الأخطار التي تعترض المسيرة الجديدة، وقد أدركت قيادة المجتمع المؤيّدة بالوحي الإلهي أن الأخوّة لا تكون إلاّ حيث يكون التعدّد والكثرة، وهذا يعني الإختلاف بحسب العادة في الطبائع والآراء والأفكار والتطلّعات والرّغبات وغيرها من الأمور التي قد تؤدي إلى الخلاف والنزاع الّذي يعصف بالوحدة المطلوبة ويعرّضها للتفكك والانقسام فيما لو تركت أسباب الخلاف دون علاج. ولذلك عملت الشريعة على إيجاد تشريعات وتوجيهات للمحافظة على هذا الركن الركين الذي يشكّل حجر الزاوية في استمرار الكيان المجتمعي واستقراره فأمرت بالإصلاح بين الناس والحث عليه واعتبرته في طليعة الأعمال التي ينبغي القيام بها كما جاء في قوله تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما} وكما جاء في قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون}.
الكلمة الطيّبة
وأكّدت الشريعة في هذا المجال على دور الكلمة الطيّبة كما جاء في قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}. وقوله تعالى {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينً}.
ولذلك فقد حذّرت الشريعة عن كلّ ما يؤدي إلى إضعاف وحدة الأمة والمجتمع في فعل أو قول كالنزاعات والشائعات، كما جاء في قوله تعالى {ولا تنازعوا تفشلوا وتذهب ريحكم}.
وكما جاء في الحديث (إيّاكم والظنّ، فإن الظنّ أكذب الحديث، ولا تحسّسوا ولا تجسَّسوا، ولاتنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا).
ومن الأحاديث التي تؤكد على إهتمام الشريعة بسلامة العلاقات الداخلية ما ورد عن النبي(ع): (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصّدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة، ولا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين). وفي حديث آخر عن أبي أيوب الأنصاري: (قال ألا أدلّك على صدقة خير لك من حمر النعم ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا). وفي بعض النصوص الأخرى: (إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام). والنصوص بهذا المعنى كثيرة.
وتعزيزاً لسلامة العلاقات الداخليّة، فقد تعدّدت الروايات والأحاديث في الدلالة على ترسيم نهج أخلاقي من خلال منظومة القيم والمبادئ التي تبعد الإختلاف عن دائرة الخلاف والنزاع وتهيّء المناخ لسلامة المجتمع الداخلية كما جاء في بعضها: (أفضل المؤمنين إسلاماً من سلم المؤمنون من لسانه ويده وأفضل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) و(أفضل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون، ثم قال لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحبّ للناس ما يحب لنفسه وحتّى يأمن جاره بوائقه) و(أفضل الإسلام من سلم المسلمون من لسانه ويده). (والمهاجر من هجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبدٌ لا يأمن جاره بوائقه). (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه، والمؤمن من ائتمنه الناس على أموالهم وأنفسهم).
ومن الواضح أن هذه التشريعات لا تخصّ المسلمين وحدهم بل هي شاملة لكل مكوّنات المجتمع من المسلمين وغيرهم باعتبار ورود كلمة الناس في بعض تلك الأحاديث وكلمة الجار المطلقة وغير المقيّدة بدين أو مذهب.
وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعلى الرغم من كثرة هذه التوجيهات والإرشادات المشجعة على السلوك الذي تستقيم به العلاقات الأخوية داخل المجتمع فإنّ الشريعة لم تترك ذلك لاختيار الأفراد لمحاسن الأخلاق وإنما أمرت الشريعة بتكوين جماعة تكون مهمتها الدّعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي بمثابة الهيئة الدائمة للرقابة والإصلاح والتقريب وقد عبّر القرآن الكريم عن تلك الجماعة بالأمّة ولعلّ ذلك لرفعة قدرها وأهميّة دورها الذي تقوم به في حفظ الأمة من داخلها كما في قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}. 
وهذه الجماعة فيما نرى هي التي تشكل النواة للفرقة الناجية باعتبار أنها تسعى لنجاة المجتمع والأمة كلها وليست الفرقة الناجية هي التي تحتكر النجاة لنفسها وتضيّق رحمة الله التي وسعت كلّ شيء.
وينتظم في وظيفة هذه الهيئة كل أفراد المجتمع بل يمكن القول بأن الأمة كلها تنتظم في هذا الواجب الهادف إلى تماسكها الداخلي باعتبار أنها الأمة التي وصفت بأنها خير أمة أخرجت للناس لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وإيمانها بالله كما في قوله تعالى: {كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.
وهذا ما يشير إلى أن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي مسؤوليات الجماعات والأفراد ويؤيّد هذا المعنى من المسؤولية العامّة ما ورد في السنّة النبويّة الشريفة : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
مسؤولية الولاة وأهل العلم والقلم
وقد ورد في الحديث (إثنان من أمّتي إذا صلحا صلحت أمّتي، الأمراء والعلماء) وهذا ما يؤكد على ضرورة التعاون بين ولاة الأمر وأهل العلم والقلم على نشر خطاب الإعتدال الذي يجمع ولا يفرّق ويصلح ولا يفسد.
وقد يحاول البعض الفرار من هذه المسؤولية في الحياة الدنيا وكأنّه يؤجّلها إلى عالم الاخرة حيث تنتفي الحاجة إليها ويعتذرون عن تحمّل هذه المسؤولية في مجتمعاتهم بدعوى خوف الضرر على أنفسهم. ولكن الهدف في الحقيقة عند هؤلاء هو المحافظة على مصالحهم الشخصية وهي لن تكون في سلامة عندما تتعرّض المصالح العامّة للمجتمع إلى الخطر إذا تركت الصراعات والنزاعات تعصف به وتخلّى المسؤولون والمصلحون عن دورهم ومسؤولياتهم فإنّ ذلك سيؤدي إلى الظلم وهلاك المجتمع كما قال الله تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}.
وقد جاء في الحديث عن هؤلاء الذين تركوا هذه الفريضة العظمى أنهم (قوم لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير) مع أن كلمة الحق هي من أفضل الجهاد كما ورد في الأحاديث فهي لم تكلّفهم أن يحملوا سيفاً داخل المجتمع لإصلاح ذات البين وإنما كلّفتهم بالكلمة الّتي تصوّب المسيرة وتمنع من تراكم الأخطاء التي تؤدي إلى فساد العلاقات. وقد جاء في العديد من الروايات: (ما من رجل ينعش بلسانه حقاً فعُمل به بعده إلاّ يجري عليه أجره إلى يوم القيامة ثمّ وفَّاه ثوابه يوم القيامة) كنز العمال. و(أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وفي بعضها (كلمة عدل هي من أعظم الجهاد) و(إنّ الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيّرونه أوشك الله أن يعمّهم بعقابه).
وعن ابن مسعود (إنّ أوّل ما دخل النقص على بني اسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنّه لا يحلّ لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، كلاّ والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على أيدي الظالم ولتأطرنّه على الحق أطرا أو ليضربنّ الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم).
وقد وصفهم القرآن الكريم بأنهم كانوا قوماً لا يتناهون عن منكر فعلوه وكان ذلك سبباً من أسباب فقدان الأمن في المجتمع وضعف تماسكه وانهياره بانهيار المثل والقيم التي تخلّوا عن التمسّك بها والإحتكام إليها.
فمتى تقال هذه الكلمة التي تحفظ بها سلامة المجتمع والأمّة؟! وقد جاء في الحديث (مثل العلم الّذي لا يقال به، مثل الكنز لا ينفق منه).
وعن الإمام علي (ع): (وإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله بل الحجة عليه أعظم والحسرة له ألزم وهو عند الله أَلْوَمُ).
والسؤال الذي ينبغي طرحه، هو : كيف نخرج خطاب الإعتدال الديني من الحالة الفرديّة إلى الحالة المؤسساتية التي تجعل منه مرجعيّة عامّة في ثقافة السلم الأهلي المؤثرة في سلوك الأفراد والجماعات؟
وهنا نرجع للتأكيد في الدرجة الأولى على دور ولاة الأمر في هذه المسألة المهمّة والبالغة التأثير في مجتمعاتنا التي لا يمكن إخراج الدين من حياتها، لأن الدين يشكل أساساً للفكر والعقيدة لديها، فلا يمكن إغفاله عن دائرة التوجيه والتنظيم، ولا بدّ من إبعاده عن دائرة الإستغلال في التعبئة الخاطئة التي تهدد السلم الأهلي والإستقرار من خلال الثقافة المضادّة التي تزرع الفرقة والبغضاء باسم الدين بين أفراد المجتمع وفئاته، وقد ذكرنا بأن ذلك يبتدئ من المدرسة والكتاب، وهذا ما يتطلب تنظيماً للتعليم الديني وتعديلاً لمناهجه وإيجاد المعاهد المشتركة للدراسات الدينية، وغيرها من المقترحات التي قدمناها في هذا السبيل إلى مؤتمر الحضارات في خدمة الإنسانية الذي انعقد قبل شهرين هنا في مملكة البحرين المحروسة.
يا أولي الأمر من سواكم نطالب إنّكم للبلاد عينٌ تُراقبْ
يا أولي العلم من سواكم نخاطبْ إنّكم في العباد أهلُ المناقبْ
عهدنا الماضي كان عذب المشاربْ مَنَحَتْنَا السماءُ طُهر السحائبْ
وانظروا أجداداً لنا كيف صاروا أُمَّةً لم تفصم عراها القواضبْ
رفعوا للدين الحنيف لواءاً وبه ذَلَّلوا جليل المصاعبْ
أسسوا دولة الهدى بلغت في حكمها شرق الشمس حتى المغاربْ
جَمَعَ الدين شملهم واستقاموا وغدوا يمتطون ظهر الكواكبْ
هو إسلامنا فسيح الجوانبْ ليس فيه ضيقٌ كضيق المذاهبْ
أبعدوا الجيل عن سموم لماضٍ أين منها في الفتك سمُّ العقاربْ
أنقذوا الجيل من مكايد قومٍ لا تجاريهم في الدهاء الثعالبْ
واطرحوا أثواب التّعصّب عنهم وانفضوا أكواماً لتلك الرواسبْ
واجمعوا صفاً والإله استعينوا هو نعم المولى وأعظم غالبْ
شَيِّدوا للعقول صرحاً منيعاً بسراج العقول تمحى الغياهبْ
وعلى الأمّة احْذروا من رواة للحديث الضعيف يبدي المثالبْ
إن أخباراً لا توحِّد شملاً كاذبٌ من يأتي بها ألف كاذبْ !!

17 أبريل 2015

ياسر بكر يكتب : الحجاب .. وأكاذيب " أراذل الشوباشية " !!

صفية زغلول وهدى شعراوى على غلاف الجورنال دي كير الفرنسية

دعوة الزميل الأستاذ شريف الشوباشي لمليونية خلع الحجاب في ميدان التحرير حق لسيادته في إطار ما كفله الدستور المصري والإعلان العالمي لممارسة الحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت عليه مصر والذى يكفل للكافة الحق في حرية التعبير والاعتقاد والرأي، والتعبير عن ذلك بالوسائل السلمية التي حددتها القوانين الوطنية في كل بلد.. وقد اشترط القانون في مصر الأمانة في نشر المعلومات واعتبر قانون العقوبات المصري أن نشر الأخبار والمعلومات الكاذبة من الجرائم التي تضر بالسلام الاجتماعي وتكدر السلم العام باعتبارها تُدخل الغش والتدليس على المُتلقي دون سند من الحقيقة أو الواقع .. وهى من الجرائم المتعلقة بـ " عيب الإرادة " شأنها في هذا شأن جرائم النصب والتزوير، .. وهو ما أوقع السيد شريف في المحظور !!
.. في إطار حملة الدعاية للترويج لدعوته أشار السيد شريف إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات التي ترحب بالفكرة وتؤيدها.. ولم يقل لنا سيادته الطرف الثاني في تلك المكالمات أو عددها أو مضامينها !! وهو تجهيل يحمل مغزى..وينفي عن فاعله " حسن النوايا ".
.. كل هذا والسيد شريف ودعوته لم يزيدا على كونهما نوع من العبث أي " شقاوة عيال " تدعو إلى الدهشة والعجب وتثير الرثاء أكثر من اتخاذهما على محمل الجد إلى أن خرج علينا الزميل الأستاذ شريف بتصريح ينطوي على ملمح من سفالة ووقاحة وهو أن : " 99% من العاهرات محجبات " .
.. ولم يذكر لنا السيد شريف من أي جهة أتي بتلك النسبة .. ولا من أين استقى المعلومة ومن أي إحصاء أتى بها وكيف تثنى لسيادته حصر أعداد العاهرات في بلد تحظر الدعارة ؟! ولا كيف استطاع الوصول إلى أن نسبة الـ 99% منهن محجبات ؟!! ـ وهو أيضا بالتأكيد لا يعرف ـ .. وهو ما يقودنا إلى إثارة قضية التفكير الأعوج والتفكير والمستقيم وما يترتب على كل منهما من اعوجاج الخطاب واستقامته !!
.. وإذا افترضنا جدلاً صحة ما قاله الأستاذ شريف ـ وهو فرض لا نسلم به أبداً ـ ليبرر دعوته للمرأة المصرية للتظاهر في ميدان التحرير ضد فريضة الحجاب..؛ فإن ما تعلمناه أيضا أن الكلام في القضايا العامة لا يكون تحت تأثير اتجاهاتنا الانفعالية، وأن القياس يتم على النموذج الصحيح، وليس المقياس الخطأ !!
.. وهو ما يجعلنا نستشعر رغبته في قذف الجميع بما هو مستقذر، ويهدف إلي تلطيخ مجتمع بأسره .. لحاجة ما في نفسه!! ، فمن المؤكد الذي كنا نصمت عنه تأدباً واحتراما لمشاعر الأستاذ شريف، والذي لن نطيق صبرا على كتمانه ـ الآن ـ عندما يتعلق الأمر بأمن وطن ؛ .. وعندما يصبح الصمت جريمة والتواطؤ بالصمت خيانة !! .. ـ فما صمتنا عنه طويلاً هو أن الأستاذ شريف زوج شقيقة المتنصرة " نوني درويش " واسمها الحقيقي " ناهد مصطفى حافظ درويش" ابنه الضابط المصري مصطفى حافظ قائد مخابرات غزة الذي استشهد عام 1955 على أثر تلقى طرد متفجر تقف خلفه أصابع صهيونية ..
.. تنصرت "نوني درويش " وهذا حقها في حرية الاختيار والاعتقاد التي ندافع عنها ولا نقبل المساس بها، لكن الذي نأخذه عليها ونبادر بكشفه ـ في إطار الحق في الإبلاغ عن جريمة ـ هو أن "نوني درويش " هذه تمارس الإغواء الجنسي للمراهقين عبر مواقع الشات وتعتبره مدخلاً إلى التشكيك في كل ما هو إسلامي وهو أسلوبا يحمل في طياته بصمات الفكر الصهيوني " اجذب بالجنس وجند بالنظرية".. ولها كتاب مطبوع في هذا المجال.
.. الأستاذ شريف محرر الشئون العربية في مجلة " المصور " سابقاً، ومراسل "جريدة الأهرام" في باريس سابقاً، والذي لم يعرف عنه اهتمام من قبل بالشأن العام بما يجعله يبدو وكأنه يبدو مضطر لممارسة هذا الدور ـ بعد أن ضاقت به السبل ـ في إطار منظومة تضم المتنصرة شقيقة زوجته وزوجة أبيه السيدة فريدة الشوباشي المسيحية التي اعتنقت الإسلام وحملت اسم الشوباشي؛ لتهاجم الإسلام في كل الأوقات وبلا مناسبة.والتي واصلت هجومها على الحجاب، معتبرة أن " "مصر كانت تعيش في استقرار قبل ظهور الحجاب والملابس الإسلامية" .. ولا نعرف أيضا مصدراً موثوقاً به لمعلومات السيدة فريدة بما يوقعها أيضاً تحت طائلة القانون .
ومع اتساع الزفة رحبت الدكتورة هدى بدران رئيسة الكيان المُسمى "الاتحاد العام لنساء مصر"، بالدعوة لخلع الحجاب في ميدان التحرير؛ وقالت بدران: " إن دعوة الشوباشي لخلع الحجاب "صحوة سياسية للمرأة المصرية"، و"صفعة" على وجه "الإخوان" والدعوات السلفية." .. ولا أدرى ما علاقة الإخوان والدعوات السلفية بموضوع الحجاب المفروض من رب العزة سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات .. السيدة بدران هذه كانت إحدى قيادات " المجلس القومي للمرأة" الذي كانت تترأسه الفاسدة سوزان مبارك، ولأن زيتنا في دقيقنا فقد عينت السيدة بدران ابنتها الدكتورة فاطمة خفاجي رئيسة لجنة الشكاوى في " المجلس القومي للمرأة" والتي لم ينجح في حل مشكلة واحدة من مشاكل المرأة لأن دورها تقديم التوصيات غير الملزمة .. وهو ما يدعونا لفتح ملفات المجلس المذكور .. فلم يعد في مستقبل الوطن كثير من فوضى أو عبث !!
.. بقي الجزء الأهم عن تحرير المرأة والذي بدأ بسفورها وعن ما يروجه البعض من معلومات مغلوطة بقصد وعن عمد وبسوء نية أن نساء مصر قد أعلن الثورة على الحجاب في عام 1922 ، .. والحقيقة أناللائي أعلن عن ذلك أربعة نساء فقط هن صفية مصطفى فهمي الشهيرة بـ " صفية زغلول " و هدى محمد سلطان " الشهيرة بـ " هدى شعراوي " وكلتا السيدتين نشأتا في بيتين من بيوت الخيانة وانحدرتا من صلبي رجلين خانا الأمة وقضاياه الوطنية (ومن يتشكك فيما أكتبه عليه مراجعة جريدة الوقائع المصرية 8. 10 أغسطس 1882 ) ، وانضمت إليهما فتاتين مسيحيتين هما كريمتي مرقص بك حنا ، ولم تكن واقعة خلع الحجاب واقع معاش فعلياً في محفل عام أو خاص بل كان من خلال صورة شمسية التقطتها لهن الآنسة دولت شحاتة ابنة المصور رياض شحاتة ونشرتها الجورنال دي كير الفرنسية.
.. وأما عن ما يردده البعض من تقولات عن قاسم أمين ودعوته فقد كانت فيه الكثير من الافتراءات ؛ فقد كن من أوائل المنكرات لدعوته، والمخالفات لها زوجته وبناته يقول مصطفى أمين في كتابه بعنوان : " من واحد لعشرة " ص 117:
(.. فشل قاسم أمين الذي دعا المرأة المصرية إلي نزع الحجاب في إقناع زوجته بأن تنزع حجابها ، وبعد وفاة قاسم أمين بعشر سنوات كانت تأتى أرملته لزيارة صفية زغلول، فلا تكشف عن وجهها أمام الأطفال ( على ومصطفى أمين ) ، بل أنها إذا تناولت الغداء مع صفية ، كانت تعد لها مائدة في غرفة أخرى، وتناول سعد الطعام وحدة ) .
***
هذه كلمتي لكوني ذو صفة وصاحب مصلحة؛ فأمي يرحمها الله عاشت محجبة وماتت على حجابها، .. وزوجتي محجبة، ولي ابنتان إحداهما محجبة ولم يفرض عليها أحد حجابها، وأخرى سافرة ولم أناقشها في سفورها !!؛ فكفى عبث للتغطية والتعمية على مصالح الوطن الحقيقية بافتعال أحداث تافهة !!

16 أبريل 2015

أنس زكى يكتب: سيناء حاضنة لمن؟


عربي21
أليس غريبا أن يشن الجيش المصري حملة عسكرية تستمر أشهرا طويلة على شمال سيناء ولا تكون النتيجة في النهاية إلا إخفاقا ينعكس على أرض الواقع في صورة هجمات وانفجارات شبه يومية تستهدف مواقع أمنية وعسكرية وتلحق بها خسائر مادية وبشرية هائلة؟
المنطق البسيط، يفيد بأن جيشا يفترض أنه يحتل المركز الأول بين الجيوش العربية ويقال إنه الثالث عشر بين جيوش العالم، لا يحتاج إلا أياما قلائل ليدحر مسلحين يتوقع أن عددهم لا يتجاوز بضع مئات، ولا يملكون مدرعات أو دبابات كالتي تلاحقهم على الأرض أو طائرات أباتشي كالتي تقصفهم من الجو.
لكن الواقع أبعد ما يكون عن ذلك، فمنذ قتل مسلحون 16 ضابطا وجنديا أوائل أغسطس 2012 فيما عرف آنذاك بمذبحة رفح، ورغم أن الجيش بدأ على الفور حملة عسكرية موسعة تدعمها المدرعات والدبابات والطائرات، إلا أن الهجمات توالت والمجازر تكررت، فأصبح هناك مذبحة رفح الثانية والثالثة قبل أن تأتي مذبحة كرم القواديس ومذبحة الكتيبة 101 فضلا عن هجمات أخرى متعددة.
واللافت أن كل مجزرة جديدة تأتي غالبا أكبر من سابقاتها، فالضحايا في رفح الأولى 16 قتيلا بينما في الثانية التي وقعت أواسط أغسطس 2013 ارتفع العدد إلى 25، في حين شهدت كرم القواديس التي حدثت في 24 أكتوبر الماضي مقتل 30 جنديا، ثم جاء الهجوم على الكتيبة 101 في 29 يناير الماضي ليضرب الرقم القياسي بأكثر من 40 قتيلا مع تقارير تشير إلى أن العدد الحقيقي ربما كان أكثر من ذلك.
وتواصلت الرمزية في هجمات النصف الأول من أبريل/ نيسان الحالي، حيث كان لافتا أن الهجمات التي وقعت مطلع الشهر وأدت إلى مقتل 20 شخصا معظمهم من الجنود، استهدفت سبعة مراكز أمنية بشكل متزامن، وشهدت نجاحا في خطف جندي تم إعدامه لاحقا، فضلا عن الاستيلاء على مدرعات ودبابات كما ورد في شريط مصور بثته "ولاية سيناء".
وفي 12 أبريل احتفل المسلحون بتعيين قائد جديد للجيش الثاني الميداني الذي يقود العملية العسكرية في سيناء وقائد جديد للمخابرات العسكرية التي تقوم بدور كبير في العملية، عبر خمس هجمات استهدفت إحداها مقرا للشرطة بالعريش ما أدى إلى مقتل وإصابة نحو 70 شخصا معظمهم من الشرطة.
حتى ما قبل هجوم الكتيبة 101 كان الأمن المصري يلقي باللائمة على أنفاق تمر تحت الحدود إلى قطاع غزة، ويؤكد أن مسلحين يستخدمونها في الهجوم ثم العودة إلى القطاع، ولذلك كان يقدم على هدم ما يكتشفه من أنفاق، لكن هذه الحجة لم تعد صالحة للاستخدام بعد أن أقدم الجيش على إزالة عشرات وربما مئات المنازل في منطقة الحدود ليقيم منطقة عازلة تمتد لمئات الأمتار على الحدود.
من أين يأتي المهاجمون إذن وأين يختفون بعد تنفيذ هجماتهم؟
دعني أشير أولا إلى أن أهل شمال سيناء حيث تقع كل الهجمات، هم أدرى بشعابها وتضاريسها، خصوصا وأن معظمهم من البدو الذين تربوا وترعرعوا في المنطقة الممتدة شرقا من رفح وحتى مدينة العريش عاصمة المحافظة، والتي تمتد جنوبا حتى قرب جبل الحلال بوسط سيناء.

ولذلك إذا وصلنا إلى السؤال الصعب عن موقف أهل سيناء من الهجمات، فإن واقع الحال هو ما يؤكد أن كثيرا من أهل سيناء أو لنقل بعضهم، إن لم يكن راضيا ومرحبا بالهجمات فهو على الأقل لا يرفضها ولا يساعد في منعها، وإلا لرأينا من يرشد من الأهالي عن المسلحين أو يحول بينهم وبين تنفيذ هجماتهم.
هذه هي العقدة الحقيقية التي يتحاشى كثيرون الحديث عنها بشكل مباشر، مع أن زيارة لسيناء أو حتى تواصلا وثيقا مع بعض أهلها يؤكد لك أن الأهالي لا يتعاونون مع الأمن ضد المسلحين إلا قليلا، ليأتي السؤال الأصعب وهو لماذا؟
السبب بوضوح يكمن في شعور عميق بالمرارة نتيجة ما يصفونه بالظلم والتهميش الذي تعرضت له شمال سيناء على مدى عقود حيث تركتها القاهرة دون أي مشروعات زراعية أو صناعية أو خدمية، لتسيطر البطالة وتنتشر الفاقة بين كثير من السكان.
ليس هذا فقط، فكما حكى لي مواطن سيناوي ذات مرة قائلا أنه يكفي للتدليل على ما عانوه من ظلم أن يحي ما كان يحدث في نقاط التفتيش الأمنية التي يمرون عليها عند سفرهم إلى الوادي (يقصد وادي النيل) حيث كان الجنود يمارسون تفتيشا مهينا بحق أبناء سيناء مقابل تفتيش بسيط لبقية ركاب السيارة أو الحافلة.
أضف إلى ذلك ما اعتادت عليه الشرطة من فظاظة في التعامل مع البدوي، لتدرك كم الكراهية التي تجمعت لدى كثير من السيناويين تجاه السلطة، قبل أن تصل منتهاها عندما وجدوا أن الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش تعمل غالبا بشكل عشوائي يقتل من الأبرياء ويدمر من منازلهم أكثر مما يفعل بالمسلحين المطلوبين.
ورغم الجأر بهذه الشكوى مرارا إلا أن القصف العشوائي لم يتوقف، وأصبح أهالي سيناء يشاهدون جيرانهم المدنيين والنساء والأطفال يقتلون في الغارات، بينما صحف القاهرة يتحدث عن سقوط مزيد من الإرهابيين وهو ما يفاقم حالة الغضب ويترك مرارة ربما لن تزول إلا بعد عقود حتى لو استقر الأمر بشكل أو آخر.
ولأن عملية كالتي يقوم بها الجيش المصري ضد مسلحين لا يستقرون في مكان، تقتضي تعاونا استخباريا من السكان كي تنال حظا من النجاح، فقد كان التعثر حليفها مرارا بعد أن أحجم السكان عن التعاون، بل وربما قام بعضهم بمساعدة المسلحين بشكل أو بآخر تعاطفا معهم أو نكاية في السلطة.
وحتى بعد أن حاول الجيش إغراء البعض بوظائف أو أموال من أجل إمداده بمعلومات عن المسلحين جاء الرد عنيفا من جماعة أنصار بيت المقدس التي تحولت إلى "ولاية سيناء" حيث تم ذبح عدد من هؤلاء المتعاونين وهو ما كان له أثر في تجفيف هذا المنبع.
المثير أن مئات المقالات نشرت في مصر على مدى السنوات الماضية تتحدث عن علاج مشاكل سيناء وكيف أن في مقدمتها إزالة مشاعر الظلم والتهميش، عبر مشروعات تنموية وعدل اجتماعي، كي تعود سيناء فعلا إلى حضن الوطن ويساعد أهلها في التصدي للإرهاب، لكن ذلك ظل حبرا على ورق، وظل معه الظلم قائما والتهميش مستمرا، وانضاف إليهما قصف عشوائي يزهق الأرواح ويهدم المنازل، ليدفع البيئة السيناوية كي تصبح أقرب إلى احتضان هذا الإرهاب، هذا إذا اعتبرته إرهابا من الأساس.

انجى مصطفي تكتب: تحيا مصر "العلمانية'

المصريون

لشد ما يضحكني وصف إخواني على كل ما هو على غير مزاج الهوى العام ، حتى إذا أتى مستهجنا قيل عنه في أفضل الأحوال أنه مناصر أو متعاطف ليظل في نفس محيط الدائرة قابعا في نفس الخندق مع الاخوان ، يسري عليه ما يسري عليهم من توصيفهم بالجماعة الإرهابية، رغم تحفظي على حيثيات التصنيف الذي افتقد الشفافية و أخذ عن جدارة لقب حكم سياسي بحت .
أما ما يثير التعجب و الحزن هو ربط أي مظهر ديني بجماعة الإخوان المسلمين ، و كأن الإسلام إخواني ، فاللحية أضحت إخوانية ، و النقاب إخواني ،الصلاة إخوانية و الصيام إخواني ، حتى الحجاب الخفيف الذي اعتبر سمة مصرية أصيلة ميز سيدات مصر عن غيرهن أضحى إخواني الشكل إرهابي الهوى ، لدرجة تبني كاتب صحفي حملة لخلع الحجاب في ميدان التحرير لرد كرامة النساء .
و من وراءه رحبت الدكتورة هدى بدران، رئيس الاتحاد العام لنساء مصر بهذه الدعوة واصفة إياها " بصحوة سياسية للمرأة "
وتابعت أن "الإخوان" ظهروا على حقيقتهم لكل فئات الشعب، وأن خلع بعض الفتيات للحجاب ما هو إلا رد فعل لأعمالهم الإرهابية بعد الثورة، لتصحيح المسار والعودة للهوية المصرية.
المضحك أن هذا الكاتب الصحفي و هو يدعى شريف الشوباشي ، قد سب عموم النساء المصريات ضمنا في سياق دعوته بوصفه لهن أنهن فاقدات للكرامة !
و لا أدري من أي منطلق رد الكاتب سفور المرأة إلى العزة و الإباء ، و قد كان حجاب المرأة قديما مقصورا على الأميرات وذوات الجاه و السلطان ، في حين ظل السفور مميزا للجاريات عنهن ، حتى جاء الإسلام و أكرم المرأة و جعلهن كلهن سواء ، ذوات عزة و كرامة بعيدات عن السفور و العري .
و لست في حل من الدخول في نقاش حول فرضية الحجاب من عدمه ، إلا أن وروده في القرآن ، يجعل تقديم الشك عن اليقين واجبا ، و ليس العكس صحيحا ، و إن غلبت هوى النفس صاحبته " كما في حال صاحبة المقال " فينبغي على الأقل الاعتراف ضمنا بخطأ البعد عن فريضة فرضها الله و الوعد سرا بتصحيح هذا الخطأ ، و أضعف الإيمان الاستغفار عن هذا الخطأ ، أما الجهر و الاحتفاء بالمعصية في ميدان كان من أنقى و أشرف الميادين التي علمت الأخلاق لأجيال سابقة و قادمة ، فهو تدنيس له و استهزاء بعقيدة من عقائد الدين الإسلامي ، و لا أدري ما حكم الإسلام على هؤلاء ، إلا أنهم مفسدون في الأرض ، مفتنون البشر عن صحيح دينهم .
أما بخصوص الهوية المصرية ، فلتذكر لنا رئيسة إتحاد نساء مصر ، أي هوية تقصد تحديدا ، أتلك ما قبل دعوة مشابهة لهدى شعراوي و التي نزعت " غطاء الوجه " فقط :
" ورفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي " سيزا نبراوي " وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة (مكشوفتي الوجه )، وتلفتنا لنرى تأثير (الوجه الذي يبدو سافراً لأول مرة ) بين الجموع فلم نجد له تأثيراً أبداً لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته "
أم تقصد مرحلة الميني جيب و انتشار البارات و المشروبات الروحية ، أم مرحلة الحجاب الخفيف مع الملابس العصرية ، أيهما يعبر عن هوية مصر تحديدا من وجهة نظرها ؟
و هل إذا فرضنا جدلا أن الإخوان ( و الذين لم يتكلموا بالمناسبة عن فرض الشريعة الإسلامية في خطابهم السياسي و لا مرة ) ، قد دفعوا الناس دفعا إلى الاتجاه الآخر ، فهل من الحكمة و أساسيات التفكير السليم ، الدعوة إلى السفور و الابتعاد عن عموم الدين و ثوابته و الرقص على جثث القيم و الأخلاق ، أم ردهم إلى الاعتدال ردا جميلا حسنا حافظا للدين غير مهينا له ؟
هي دعوة شاذة لاقت صدى لدي فئة من الناس ، و صاحبت مظهرا جاهليا آخر تمثل في إحراق كتب إسلامية في مدرسة قيل أنها لنسيب عصام العريان ، وسط أجواء من الفرحة و الابتهاج على نغمات " يا أحلى اسم في الوجود " و ما صاحبه من حمل لأعلام مصر ونشوة بنشر الحدث بزوايا تصويرية مختلفة في كل الجرائد المصرية .
في مشهد عبثي استكمل عبثية المرحلة الراهنة ، خصوصا أن نظرة سريعة على عناوين الكتب ، وجد أن كتاب منهم اختص بسرد تاريخ المجاعات في مصر وأسبابها حيث أسهب في الحديث عن الأزمات الاقتصادية والمجاعات التي عاشتها و لا علاقة له بالتطرف أو بالإرهاب من قريب أو بعيد ككتاب إغاثة أمة ، و منه المعتدل الذي لا غبار عليه و منه ما هو لأبرز علماء الإصلاح الديني و الاجتماعي .
أما المضحك و المثير للسخرية أن من ضمن الكتب التي أحرقت كتاب الإسلام وأصول الحكم والذي أحدث ضجة في مصر للشيخ الأزهري علي عبد الرازق ، الذي رفض فيه فكرة الخلافة الإسلامية و دعا إلى مدنية الدولة ، و هو كتاب يعتبر "حُجه للعلمانيين " في مواجهة الإسلاميين ، و قد قامت هيئة كبار العلماء في الأزهر بمحاكمة مؤلفه علي عبد الرازق وإخراجه من زمرة العلماء وفصله من العمل كقاضي شرعي .
لنستنتج مما سبق ، أن من قام بفرز الكتب لم يكلف نفسه حتى عناء البحث عن مضامينها و اكتفى بوجود كلمة إسلام أو إسلامي في العنوان لينتهي به المطاف في النهاية إلى محرقة هي جديرة بمحاكم التفتيش في العصور الوسطى !
و يحملني المشهد إلى مشهد آخر مشابه في فيلم المصير ، و هو مشهد حرق كتب ابن رشد بواسطة متطرفين ، و أن "الأفكار لها أجنحة " فكيف يستطيب الأمر و قد أمسكوا بزمام الأمور فتوجهوا نفس الاتجاه و سلكوا نفس المسلك الذي وصفوه سابقا أنه فعل ضلالي و رجعي ؟ و لم كل هذا الحقد و الغل على كتب مُنساه أصلا تعلوها الغبرات ، لأننا شعب كباره لا يقرؤون ليعولوا كثيرا على الصغار ؟
انما هو مشهد أٌريد له أن يظهر بأكبر قدر ممكن من الضجة الإعلامية لأسباب لا يعلمها إلا هم .