07 مارس 2015

النائب محمد العمدة يكتب: العسكر بين إعدام عمال كفر الدوار وإعدام محمود رمضان

بمحض الصدفة وأثناء ترجمة مقال بعنوان "Egyptian military commands a vast business empire" ومعناه "الجيش المصري يهيمن علي إمبراطورية استثمارية ضخمة"، تم نشره بتاريخ 17/2/2011 على " world socialist web site أي "موقع شبكة الاشتراكية العالمية" الذي تصدره اللجنة الدولية (ICFI) ، اكتشفت أن العسكر أعدموا اثنين من عمال شركة الغزل والنسيج بكفر الدوار عام 1952 بأحكام عسكرية، لم أصدق ما قرأته فبحثت في المواقع العربية لأجد شيئا يتحدث عن هذه الجريمة فوجدت مقالا للأستاذ/ خالد محمود منشور بتاريخ 6/2/2014 على موقع صحيفة الشروق بعنوان "اسمي مصطفي خميس" يقول فيه :
"كم تحتاج شعوبنا من وقت لتقلب في دفاترها القديمة؟، وتضع يدها على الحقيقة في وقائع وأحداث ظلت مبهمة تركت وراءها علامات استفهام" .
السؤال كان ملحا عقب مشاهدتي للفيلم الوثائقي "اسمي مصطفى خميس" للمخرج والباحث السينمائي الكبير محمد كامل القليوبي، والذي فتح جراحا كثيرة في رحلته لإعادة رسم ما حدث قبل أكثر من ستين عاما في كفر الدوار، وأسباب إقدام السلطات في مصر بعد ثورة الضباط الأحرار على إعدام شابين، لا يتجاوز سن أحدهما الثامنة عشرة؛ بسبب اشتراكهما في مظاهرة سلمية فيما عرف بأزمة خميس والبقري.
بدأت وقائع قضية مصطفى خميس بعد نحو عشرين يوما من ثورة يوليو 1952 ففي العاشرة من مساء يوم الثاني عشر أغسطس من نفس العام أضرب عن العمل عمال مصانع "شركة مصر للغزل والنسيج" بـ "كفر الدوار"، التابعة لبنك مصر، الذي كان يرأسه حافظ عفيفي باشا رئيس الديوان الملكي السابق .
بدأ الإضراب بانضمام مجموعتين من عمال الشركة إلى بعضهما وتجمعهما في فناء المصنع، وهم يهتفون ضد إدارة الشركة، وكان عمال شركة "صباغي البيضا" المجاورة لشركتهم، قد لوحوا بالإضراب عن العمل، وقبل أن يبدؤوه، بادرت إدارة الشركة بالتفاوض معهم، واستجابت لمطالبهم، ولعل ذلك كان واحدا من الأسباب المهمة التي دفعت عمال "شركة مصر" للإقدام على إضرابهم، ظنا منهم أن النتيجة سوف تكون مشابهة لما جرى مع زملائهم في الشركة المجاورة، أي أن الإدارة سوف تسارع بالتفاوض معهم وتلبّي مطالبهم .
لكن الأمور تطورت خلاف ذلك فقد استدعت إدارة الشركة شرطة كفر الدوار يقودها مأمور القسم، وحاصرت مباني المصنع المتعددة، وأطلقت وابلا من النيران لإخافة العمال وإرهابهم، وتطورت الأمور بشكل دراماتيكي إذ برزت من بين العمال عناصر مجهولة لتحول مسار الإضراب السلمي إلى أعمال عنف وتخريب، بتحطيم مكاتب مسئولي الإدارة ومكاتب الأمن، وإشعال النيران في سيارات تابعة للشركة، والاعتداء على الفيلات التي يسكنها كبار موظفيها .
وفى اليوم التالي للاعتصام، قام عمال المصنع ممن كانوا لا يزالون خارجه، بمظاهرة ضخمة جابت شوارع كفر الدوار للمطالبة بإنهاء الحصار المفروض على زملائهم داخل المصنع، والإفراج عمن تم اعتقالهم منهم، والمفارقة اللافتة للنظر أن المظاهرة كانت تهتف بحياة قائد ثورة الضباط الأحرار ورئيس الجمهورية آنذاك محمد نجيب .
وأمام أبواب مصنع «شركة الغزل والنسيج» حاول قائد المظاهرة، منع جندي من إطلاق النار على المتظاهرين ، فألقى عليه القبض، وتبين فيما بعد أن اسمه "مصطفى خميس" وعمره 18 عاما، وانتهى الاعتصام بعد اعتقال أكثر من خمسمائة عامل من زملائه، ومقتل أربعة عمال، وجنديين من الجيش، وبعض من الشرطة، بعد احتلال قوات الجيش لكفر الدوار، وانتشار الدبابات والعربات المصفحة في أنحاء المدينة، وإحكام حصارها لمصانع الشركة .
وبسرعة شكل مجلس قيادة الثورة مجلسا عسكريا لمحاكمة العمال الذين اتهموا بالتحريض والمشاركة في الأحداث، ليفتتح بذلك صفحة محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وبسرعة مماثلة أنهت المحكمة التي عقدت في ساحة عامة في كفر الدوار وبحضور حشود من عمال الشركة أعمالها، بعد محاكمة 29 من عمالها في يومين اثنين؛ حيث حكم على عدد من العمال بالأشغال الشاقة المؤبدة، واختصت المحكمة «خميس» و«البقرى» بحكم الإعدام الذي تم تنفيذه في السابع من سبتمبر عام 1952!
يكشف الفيلم تفاصيل مثيرة عن قصة إعدام مصطفى خميس ورفيقه خفير المصنع محمد حسن البقري، وتفيد بعض المصادر داخل الفيلم بأن مجلس قيادة الثورة اتخذ قراره بالإجماع، كما أكد ذلك عبد اللطيف البغدادي في مذكراته، بل إن حسين الشافعي قال: ما المانع من إعدام مليوني عامل لحماية الثورة؟". 
وكشف الفيلم أن ثلاثة من أعضاء مجلس قيادة الثورة آنذاك رفضوا المصادقة على قرار الإعدام، وهم خالد محيي الدين ويوسف صديق منصور وجمال عبد الناصر.
حادثة أخرى غريبة يكشفها محمد كامل القليوبي هي أن المحكمة انتدبت الصحفي موسى صبري ليترافع عن مصطفى خميس، كان صبري حاضرا لمواكبة المحاكمة باعتباره صحفيا في «أخبار اليوم» فوجد نفسه محاميا لم يقم سوى بتوريط موكله، أما خميس فدافع عن نفسه ببسالة لنصف ساعة .
مفاجأة أخرى كشفها هي أن الرئيس محمد نجيب آنذاك استقبل مصطفى خميس لنصف ساعة ، وطلب منه أن يعطيه أسماء محرضيه بل دعاه إلى أن يتهم أمين ابن حافظ عفيفي باشا رئيس المصنع فاكتفى خميس بالرد "لم أفعل شيئا"، وذهب وفد من عائلة مصطفى خميس لملاقاة نجيب ودعوته للعفو عن ابنهم، ولكن القائد الثوري الرجل الطيب بحسب تعبير أحد أفراد العائلة رفض أي تنازل .
وعلق الروائي نجيب محفوظ على واقعة إعدام خميس والبقرى، قائلا: «إنها جريمة قتل في حق اثنين من الأبرياء .
من جهة أخري رفضت دائرة الخميس "أ" بمحكمة النقض برئاسة المستشار حسام عبد الرحيم، الطعون المقدمة من 62 من أنصار الشرعية وأيدت الأحكام الصادرة ضدهم لاتهامهم في أحداث عنف بمحافظة الإسكندرية، كما أيدت المحكمة الحكم الصادر بإعدام محمود حسن رمضان عبد النبي الذي اتهمه في البداية إعلام الانقلاب بإلقاء الصبية الأطفال من أعلى عقارات منطقة سيدي جابر، وجدير بالذكر أن باقي الأحكام تراوحت بين المؤبد والسجن 15 عام و10 أعوام و 7 أعوام .
فهل تأييد حكم الإعدام علي محمود حسن رمضان يعد تكرارا من العسكر لخطة إعدام اثنين من عمال الغزل و النسيج بكفر الدوار بقصد تحقيق الردع وبث الذعر في نفوس الشعب حتي يمتنع من يخرج للتظاهر عن الخروج .
لاشك أنه من حقنا أن نسأل هذا السؤال لأن الأحداث منذ 3/7/2013 فضلا عن الأحكام الصادرة عن قضائنا الموقر، كل ذلك يؤكد أنه يتعامل مع 3/7 على أنه نتاج ثورة 30/6 العظيمة .
وفي محاولة للإجابة نقول :
نشر موقع وراء الأحداث بتاريخ 23/2/2015 تقريرًا كتبته دينا محمد تحت عنوان "براءة محمود المحكوم عليه بالإعدام في قضية سيدي بشر" تقول فيه :
دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة للمطالبة بإنقاذ محمود حسن رمضان، المحكوم عليه بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميًّا بـ"قضية سيدي جابر"، والتي تعود تفاصيلها إلى 5 يوليو 2013؛ حيث اتهمته قوات الشرطة بإلقاء صبية من أعلى أحد مباني الإسكندرية.
وتداول النشطاء مقاطعا مصورة تثبت براءة محمود من هذه التهمة، مؤكدين أن النيابة العامة لم تقدم دليلا واحدًا على إدانته في هذه القضية .
وذكروا أن محمود شارك في المظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري في الإسكندرية يوم 5 يوليو 2013، حتى وصلت المظاهرة لشارع المشير بسيدي جابر؛ حيث تجمع مجموعة من الشباب المؤيدين للانقلاب العسكري على أسطح أحد العمارات، وأخذوا يقذفون المسيرة بالزجاج والطوب وكل ما يجدونه على سطح تلك العمارة، فقام المتظاهرون باقتحام العمارة وكان منهم محمود .
وأضافوا أن الشباب المهاجمين للمسيرة قاموا بالاختباء فوق خزان فوق سطح هذه العمارة وحاول المتظاهرون ومنهم محمود إنزالهم، مشيرين إلى أن أحد سكان العمارات المجاورة قام بتصوير الحادث بجودة ضعيفة؛ حيث استخدمها وسائل الإعلام لتلفيق التهمة له، حيث أنه كان الوحيد الذي كان بلحية طويلة وذات شكل مميز .
وقام الناشط الحقوقي هيثم غنيم بنشر مقاطع فيديو لنفس الواقعة بجودة أعلى تؤكد أن محمود لم يكن هو الشخص الذي ألقى بالأطفال من فوق العمارة؛ حيث بينت المقاطع أن محمود لم يقم بحمل ورمي أي طفل عكس ما أشيع، وأن شخصًا آخر يرتدي قميصًا أخضر اللون هو من قام بذلك.
وأوضح أنه لا يوجد شبهة القتل مع سبق الإصرار والترصد على أي شخص ممن صعد إلى السطح، مشددًا أن صعودهم كان نتيجة ضربهم من الشباب على السطح وبذلك يصبح اقتحام السطح هي محاولة دفاع عن النفس.
وأضاف "غنيم" أن محمود ظهر في إحدى الفيديوهات وهو يطمئن على الشباب الذين وقعوا من المنور ولم يقم بإيذائهم متسائلا: "إن كان محمود قاتل، فلماذا لم يقتل هؤلاء الشباب بدلا من أن يطمئن عليهم؟".
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية المصرية لاعتراف محمود، لم يتضمن تأكيدا منه بأنه قام برمي الأطفال، بل قال إنه لم يرم أحدا، وإنهم أصابوه، مشيرًا على أن أحد الأشخاص الذين صعدوا معه قام بدفع أحد الأطفال بهدف إنزاله من على السطح، إلا أنه سقط في "المنور".
الحقيقة أنني استمعت للفيديوهات فلم أجد فيها ما يثبت ارتكاب محمود حسن رمضان للواقعة محل الاتهام، وإذا افترضنا أنه فعل فإن ما شاهدته هو مشاجرة أعلى عمارة بعد أن صعد إليها المتظاهرون لمنع مجموعة من الشباب تقذفهم بالحجارة والأخشاب، وعلى ذلك وعلى فرض أن أحد المتظاهرين دفع أحد البلطجية أو طفلا من أعلى العقار فلا يمكن القول بأننا أمام قتل عمد، من يشاهد الفيديوهات سيصل إلى هذه النتيجة .
وعلي ضوء ما تقدم لازلنا نتساءل هل تأييد حكم الإعدام ضد محمود حسن رمضان هو محاولة من العسكر لاستنساخ تجربة إعدام اثنين من عمال الغزل والنسيج بكفر الدوار بعد استصدار أحكام عسكرية ضدهما.

المستشار أحمد سليمان وزير العدل الشرعي: مرافتعي التي لم تتم أمام مجلس التأديب في مذبحة القضاة1 ـ 2

في قضيتي بيان الدفاع عن الدستور والقانون والمعروفة إعلاميا ( ببيان رابعة ) , وقضاة من أجل مصر ... إتخذ المجلس قرارا مفاجئا ومخالفا لنص المادة 131 مرافعات بحجز الدعويين للحكم قبل ان يبدى القضاة دفاعهم ودون ان تتهيأ الدعويان للفصل فيهما.
هذه مرافعتى التى كنت أنتوى أن أطرحها على مجلسكم الموقر فى قاعة المحكمة وفى حضور كل من يرغب حضورالمحاكمة بإعتبار أن الماده106/1من قانون السلطة القضائية المستبدلة بالقانون142/2006 التى نصت على ان تكون جلسات المحاكمة التاديبية سرية قد صارت منسوخة بنص الماده 187من دستور 2014 اللاحق للنص السابق الذى نص على أن جلسات المحاكم علنية الا اذا قررت المحكمة سريتها مراعاة للنظام العام أو الاداب ولم تكن هناك أية أمور متعلقة بالنظام العام أو الاداب .
لقد تمسك القضاة أمام مجلسكم الموقر بضرورة عقد الجلسات علانية بحيث يكون من حق منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدنى والجمهور حضورها لكي يتمكن القضاة من إثبات براءتهم من الاكاذيب التى روج لها الشاكون وأذرعهم الاعلامية أمام الراى العام , ولكن وما ادراك ما لكن .
لقد عصف قرار مجلسكم الموقر بحجز الدعويين للحكم بحق الدفاع والمرافعة ومن ثم فقد ألجأنا هذا القرار لإسماعكم صوتنا ودفاعنا عن القضاة الشرفاء عبر هذه المرافعة وحتى يصل صوتنا للراى العام الذى حرم من سماعه بسبب عقدكم الجلسات سرية بالمخالفة للدستور .
حضرات المستشارين
إن القضاة الماثلين أمام حضراتكم ليسوا سواء مع غيرهم ممن ترون فى جلساتكم فهؤلاء من معدن نفيس فليس من بينهم من نهب أرضا أو زور إرادة الامة أو عصف بأحكام القانون أو تورمت ثروته من الحرام لأنهم ممن يدع الحلال خشية الوقوع فى الحرام ولم تعرف أقدامهم الطريق الى المراقص والفنادق سواء فندق شهرزاد أو الغردقة ونكتفى بهذه الاشارة فى هذا المقام .
والسؤال الذى يطرح نفسه إذن ما الذى أوصلهم لمجلس الصلاحية ؟ إن كل ما قام به هؤلاء الشرفاء كان من منطلق إدراكهم لمسئوليتهم تجاه أمتهم وقياما بالامانة الملقاة على عانقهم وإبراء لذمتهم أمام خالقهم فأصدروا بيانا ليس الاول فى بابه تم القائه من المركز الاعلامى لقناة الجزيرة بشارع الطيران بمدينة نصر بعدما رفضت القنوات المصرية إذاعته وبعدما أعلنت قناة الجزيرة تعذر نقل كاميراتها خارج المركز الاعلامى لان الامن سوف يصادرها فقام السيد المستشار محمود محى الدين بالقاء البيان من المركز الاعلامى لقناة الجزيرة وهو ذات المركز الذي القى منه الدكتور حسن الشافعى مستشار شيخ الازهر بيانه .
لم يكن القاء البيان من فوق منصة الاعتصام برابعة العدوية ولم يكن القائه بين المعتصمين الذين أفتى شيوخهم بحل نكاح الجهاد حسبما إدعى المستشار الزند ورفاقه بشكواهم رغم أن التسجيل الذي تحت أيديهم يكذب هذا الادعاء بكل وضوح ولكنها الرغبة الجامحة فى الانتقام من هؤلاء الشرفاء .
إن هاتين الدعويين ليستا إلا ترجمة واقعية لمحاربة الشرفاء الاطهار البررة كما حكى الحق تبارك وتعالى عن قوم لوط إذ قالوا ل لوط ومن اتبعه
"أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم اناس يتطهرون"
وقوله تعالى "وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين"
سانقل لكم نصا ما طالب به القضاة فى بيانهم ، لقد طالب القضاة بالطلبات الاتية:
اولا:
لقد حرص القضاة على التاكيد فى هذا البند على انهم لا يعملون بالسياسه ولا يشتغلون بها ولا ينحازون الى احد ايا كانت صفته او انتمائه وان انحيازهم الوحيد والمشروع انما هو للشرعية والحق والعدل وهو عماد سلطانهم وعلة وجودهم اذ بغير هذا الانحياز تنتفى علة وجود القضاء ذاته .
ثانيا:
ان ما انجزته ثورة الخامس والعشرين من يناير سنة2011 بدماء شهدائها وكفاح وتضحية ابنائها وكلفة اقتصادها وطوال عامين او يزيد من بناء لدولة القانون باصدار الدستور المصري الجديد فى استفتاء حاشد نزيه وانتخاب اول رئيس مدنى لمصر وفق قواعد انتخابية كفلت فيها المساواة والعدالة والانصاف وفى اقتراع تحت اشراف قضائي مشهود توافر له الحرية والنزاهة والشفافية لا يقبل بحال ان يهدر بمجرد جرة قلم او هوى لبعض القوى الاساسية بل يجب البناء عليه والاضافة اليه استكمالا للدولة الدستورية والقانونية ونبذا لمنهج تغير السلطة الشرعية جبرا او استقواء بما يقضى اما بالاضطراب والفوضى او الى القمع الامنى المفرط ومن ثم فاننا نرفض الاعتداء على الشرعية الدستورية واقصاء الرئيس المنتخب ويطالب بتفعيل الدستور ليعود ساريا ليحكم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية فى مصر باسرها واتمام البناء الديمقراطى وفقا لقواعده واصوله.
ثالثا:
ان القضاة يناشدون كل اعمدة الدولة المصرية والتيارات السياسية والقوى الثورية ان يتواصلوا فى حوار الى توافق فى اطار الشرعية الدستورية ويعبر البلاد من هذه الازمة بما يرضي ابناء هذا الوطن.
رابعا:
انهم يؤكدون على وجوب احترام وحماية حق التظاهر السلمى اعمالا لحكم القانون مع التأكيد على رفض استخدام العنف بكافة صوره واشكاله ووجوب حقن دماء المصريين جميعا .
هذه هى بنود البيان الذى اصدره القضاة مطالبة باحترام ارادة الامة واحترام نتائج الانتخابات التى اشرفوا عليها والدعوة لاجراء مصالحة وطنية والتأكيد على حق التظاهر السلمى طبقا للقانون ونبذ العنف وحقن الدماء فاى جريمة اقترفها هؤلاء الشرفاء العظام .
اى جريمه ارتكبها القضاة فى التعبير عن رأيهم فى هذا البيان .
الم ينص الدستور فى المادة65منه على ان حرية الفكر والرأي مكفولة ولكل انسان حق التعبير عن رأيه بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك من وسائل التعبير والنشر
حضرات المستشارين
اين هى السياسة فى هذا البيان والتى اتهم القضاة بممارستها
هل هى فى المطالبة باحترام ارادة الامة.
ام المطالبة باحترام نتائج الانتخابات التى اشرفوا عليها والتى يتعين التزامها وعدم المساس بها الا بالطرق التى رسمها القانون فان لم يجز القانون الطعن عليها او اجازه ولم يستخدمه احد او طعن عليها وقضي برفض الطعن ففى جميع هذه الحالات يتعين التزام هذه النتائج ايا كان الفائز بها باعتبار ان الانتخابات هى الطريق الذي تتبعه الامم المتحضرة لاستطلاع رأى الناخبين ولاعمال قواعد التداول السلمى للسلطة .
بل اين هو ذلك الانحياز لفصيل سياسي معين حسبما ذهب الزند ورفاقه وهم اول من يعرف كذب ذلك وبهتانه هم اول من يعرف مواقف قضاة الاستقلال من الاعلان الدستورى ومن النيابة المدنية ومن تعديل قانون السلطة القضائية والبيانات التى اصدروها مسجلة على شبكة المعلومات بل ان الزند ذاته قرا بيان قضاة تيار الاستقلال بشان الاعلان الدستورى فى الجمعية العمومية التى عقدها النادى لهذا الغرض وقد كان بودنا ان نقدم صور من هذه البيانات والاسطوانات المدمجة اثباتا لصحة دفاعنا كما كنا نود عرض الاسطوانات المدمجة المحرزة التى لانعرف مضمونها ولا صلتها بالدعويين ولكن قراركم بحجز الدعويين للحكم قد عصف بحقوقنا وحال دون ابداء دفاعنا
وهل يصح فى حكم عاقل ان تكون المطالبة باجراء المصالحة الوطنية والدعوة لنبذ العنف وحقن دماء المصريين جميعا ابداء لرأى سياسي يؤاخذ صاحبه عليه ويلام واذا كان ذلك ابداء لراى لسياسي وهو ما لا نسلم به ابدا فهو حق للقاضى بمفهوم الماده73من قانون السلطة القضائية فى فقرتها الاولى التى نصت على ان يحظر على المحاكم ابداء الاراء السياسية ونصت فى فقرتها الثانيه على انه"ويحظر كذلك على القضاة الاشتغال بالعمل السياسي ولا يجوز لهم الترشيح لانتخابات مجلس الشعب او الهيئات الاقليمية او التنظيمات السياسية الابعد تقديم استقالتهم" ومفاد ذلك النص ان ابداء الاراء السياسية محظور علي المحاكم اثناء انعقاد جلساتها وكذلك الحال اثناء تحرير اسباب الحكم اما القاضى فلايحظر عليه ذلك
ان الحياء كان يحتم على الشاكين ان يتوارو املا فى النجاة من الحساب وخجلا من صحائفهم السود ولكنهم مطمئنون تماما الى عدم امكان مساءلتهم والا ما صرح الزند بانه قائد الثورة المضادة قى القضاء كما صرح بانه ليس هناك قاض فى مصر يستطيع رفع الحصانة عنه وبالفعل فقد طلبت النيابة العامة رفع الحصانة عنه فى قضية استيلائه على ارض الحمام وقد منحه مجلس القضاء الاعلى اجلا لتقديم مذكرة بدفاعه ولم يفعل وانقضت المدة التى قررها المجلس له ومثليها ولم يرفع الحصانة عنه وانما طلب من وزير العدل ندب قاض لاستكمال التحقيق ان راي لذلك وجها وقد طلبنا ندب قاض للتحقيق معه وقد تم ندب المستشار محمد عبد الرحمن ابوبكر للتحقيق معه فخشى المثول امامه واحتال على المستشار نبيل صليب فاصدر قرارا ثانيا بندب المستشار احمد ادريس رغم عدم اعتذار القاضى الاول وعلم القاضى صليب بذلك علما يقينيا وذلك خلافا لصريح نص الماده69اجراءات جنائيه والذى اصدر امر بالاوجه لاقامة الدعوى ضد الزند .
كان يجب عليهم ان يتواروا وقد اتهمت الاهرام السيد الزند ببيع اراضى نادى قضاة بورسعيد لاحد اصهاره بسعر اقل من السعر الحقيقي بعدة ملايين ثم انتهى الامر عند بلاغ السيد الزند ضد الصحيفة ولم يهتم هو بمتابعتها ولو كان الامر غير صحيح لسعى لتقديم الصحفيين للمحاكمة
كان يجب عليهم ان يتوارو خجلا وقد فتحوا النادى لحركة تمرد تجمع توقيعات استماراتها فى مقر النادى حركة تمرد التى اكتشف المصريون مؤخرا انها كانت تتخابر وتتامر مع الامارات العربية المتحدة على مصر وقبضت فى سبيل ذلك الملايين كما حول الشاكون الجمعيات العمومية للقضاة الى مؤتمرات سياسية يحضرها كل رموز المعارضة وعلى راسهم جبهة الانقاذ الوطنى والتى ثبت اخيرا ان تمرد صناعة مخابراتية مولتها الامارات العربية المتحده لاسقاط اول رئيس مدنى منتخب .
حضرات المستشارين
هذا هو البيان الذى اعلنه القضاة ولا بد انكم تتسائلون اين هى الجريمة التى ارتكبها القضاة .
ان هذه الحيرة قد لازمت قاضى التحقيق منذ بدء التحقيق فى 3/8/2013 وقد كان البيان بين يديه حسبما اثبته فى صدر محضره كما كانت شكوى الزند ورفاقه بين يديه وقد حشد فيها من الجرائم ما استطاع اليه سبيلا ولكن قاضى التحقيق قام بسؤال المستشار طلبه مهنى بتاريخ5/8/2013 ،25/8/2013 دون ان يوجه له اتهامات وقد تكرر الامر مع كل من القضاة محمد مهنى وسهيل عمر وصفوت محمد حفظى ومحمود شوقى موافى وذلك بتاريخ25/8/2013 وذلك قبل ان يوجه لكل من القاضيين طلبه مهنى ومحمد مهنى تهم الاشتراك فى اذاعة بيان يترتب عليه تكدير السلم العام والانتماء الى تيارات ذات مرجعية سياسية على نحو مخالف لقانون السلطة القضائية والاشتراك فى جماعة تدعو الى مناهضة المبادئ التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة والحض على كراهيتها والتحريض على مقاومة السلطات وهى جماعة تيار الاستقلال مع علمه بذلك .
لقد ظل التردد ملازما للقاضى حتى نهاية التحقيق فرغم ان الفعل المسند لقضاة البيان واحد الا ان قاضى التحقيق قد سلك منهجا عجيبا فبينما يوجه للقضاة حسن عبدالمغنى ص51،حازم صلاح ص18،هشام طلعت ص31 ،جمال سماحه ص34،خالد سماحه ص40، محمد ابوبكر عبدالظاهر ص46،اسامه محمد حسنين ص83 ،نصر نجيب ص86 ،احمد وجيه ص90 ، على رضوان ص97 ، محمد محرم ص 101، فتحى مهنى ص109 اتهاما واحدا هو مخالفة القوانين و الاعراف القضائية بالانتماء الى تيارات ذات صبغة سياسية واضاف لبعض القضاة عبارة الاشتغال بالسياسة وذلك على مدار جلسات التحقيق المؤرخه 13-14-18-19-24-27-28-31/8/2013 .
هكذا كان توجيه الاتهام فى عبارات عامة مطاطية لا تصلح لتوجيه اتهام فعبارة "الانتماء الى تيارات ذات صبغه سياسيه" تدل على ان اوراق الدعوى ومستنداتها قد خلت من دليل على انتماء هؤلاء القضاة لتيار معين ذي صبغة سياسية فلجأ القاضى فى توجيه الاتهام الى التعميم .
ومما يدل على التردد والتخبط قيام قاضي التحقيق باسناد التهمة السابقة لكل من المستشارين ابراهيم ابو شقه ص112 ،ومحمد هارون ص119 ،صفوت مسعد ص132 ،فيصل مكى ص135 ،محمود شوقى ص 139 ،احمد كساب ص 141 ،خليفه مفتاح ص147 ،حسن سيد حسن ص202 بجلسات التحقيق 31/8/2013 ،1-3-4-5-8-11/9/2013 وبجلسة 27/11/2013 واضاف اليها تهمة اخرى هى الاشتراك فى اذاعة بيان يترتب عليه تكدير السلم العام .
ومما يدل على فمة التخبط فى التحقيق ان قاضي التحقيق قام بسؤال كل من المستشارين فتحى محمد مهنى ص109 وابراهيم ابو شقه ص112 فى جلسة تحقيق واحده هى جلسة 31/8/2013 ورغم ذلك اسند للثانى الاشتراك فى اذاعة بيان من شأنه تكدير السلم العام والحاق الضرر بالمصلحة العامة ولم يوجه هذه التهمة للاول رغم ان الفعل المسند اليهما واحد .
ثم نحا قاضي التحقيق مسلكا جديدا فى التحقيق مع كل من المستشارين حمدى وفيق ص160 ، ومحمد وفيق ص183 ومحمود بكرى ص 195 وطلبه مهنى ص 205 ومحمد مهنى ص 207 واشرف جابر ص 208 بجلسات 11/9/2013 ،5/10/2013 ، 3،27/11/2013 حيث اضاف اليهم تهمة ثالثه هى الاشتراك فى جماعه تدعو الى مناهضة المبادئ التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدوله والحض على كراهيتها والتحريض على مقاومة السلطات العامه هى تيار الاستقلال كما فى سؤال المستشارين محمد وفيق وطلبه مهنى ومحمد مهنى واشرف جابر بينما وجه الاتهام للباقين بصيغة عامة دون تحديد .
لقد اصبح تيار استقلال القضاء فى عرف قاضى التحقيق جماعة تناهض المبادئ التى يقوم عليها نظام الحكم والحض على كراهيته والتحريض على مقاومة السلطات العامة .
هذا هو السيد قاضي التحقيق فهل يدلنا على مصادره التى استقى منها ان تيار الاستقلال جماعة وانها تدعو الى ما اورده فى اسئلته
ارايتم يا اصحاب السيادة هزلا فى موضوع الجد كهذا الهزل .
ومما يدل على استهتاره الشديد بعمله ما يلى :
1)عدم توحيد الاتهامات للقضاة رغم تماثل مواقفهم
2)وكذلك عدم مواجهتهم بالتحريات ليبدى كل منهم دفاعه بشانها مما قد يغير من موقفه فى القضية ويبرئ ساحته ولكنه حريص على الادانة لانه غير محايد ولو كان محايدا لاعتذر عن تحقيق القضيتين لصلة الصداقة التى تربطه بالمستشار زند
3)اضافة الى انه لم يثبت ما ال اليه الاذن الذي اصدره لمركز المعلومات القانونيه بالنيابة العامه للدخول على مواقع التواصل الاجتماعى للسادة القضاة لرصد اية مناقشات بشأن البيان اعتبارا من 1/7/2013حتى24/7/2013 وهل تم تنفيذه ام لا وما نتيجته ان كان قد نفذ
4)اثباته ورود تفريغات لبعض تدوينات القضاة من مركز الاعلام بمحكمة النقض رغم عدم ندبه للقيام بهذه المهمة وعدم اثبات المحضر الذى ارسلت بموجبه هذه التدوينات اليه وعدم وجود هذا المحضر اصلا مما يقطع بان هذه التدوينات قد سلمت اليه يدويا من الشاكين او غيرهم .
5)لقد اغفل إثبات ورود تقرير الادارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية لانه لم يتضمن إدانة للقضاة وكان مهمته هى الايقاع بهم وليست استظهار وجه الحق .
اما الرغبه فى التجنى على هؤلاء القضاة والتشهير بهم والانتقام منهم فقيامه بجلسة24/8/20134 باصدار قرار بمنع سفر 13 قاضيا من بين المدعى عليهم تم اختيارهم انتقاء دون سند من الواقع والقانون اذ انهم وباقى زملائهم فى موقف واحد وقد اصدر هذا القرا دون اسباب ودون تحديد مدة له وقبل سؤال المدعى عليهم خلافا لحكم القانون .
وعلى غرار ما حدث فى امر المنع من السفر كانت مذكرة الاحالة للصلاحية حيث تم اختيار ستين قاضيا طلب احالتهم لمجلس الصلاحية من بينهم من لم يوجه له اتهام اصلا ومنهم من تم توجيه تهمة واحدة او تهمتين او ثلاث واصدر بالنسبه لباقى القضاة قرارا بالاوجه لاقامة الدعوى قبلهم دون ان يحدد لذلك اسبابا حتى يتبين لماذا اصدر الامر بالاوجه بالنسبة لهؤلاء ولماذا تمت احالة اولئك .
- كنا سنقدم لمجلسكم الموقر الادله على عدم حياد قاضى التحقيق ورغبته فى الانتقام من هؤلاء الشرفاء وحرصه على تشويه سيرتهم والاساءه اليهم واية ذلك:
1)الادعاء بان المستشارين ناجى درباله ومحمود محى الدين متهمان بتزوير توقيعات بعض القضاة على البيان رغم ان البيان لا يحمل اية توقيعات
2)عدم تقيده بنطاق الدعوى التى ندب لتحقيقها فى قضية قضاة من اجل مصر فاسند للمستشار ناجى درباله انه اشترك فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور دون موافقة مجلس القضاء الاعلى وهو عمل اعتبره سيادته لا يتفق واستقلال القضاء وكرامته رغم انتفاء اية رابطة بين هذه الواقعه والواقعة محل التحقيق و رغم ان اعضاء الجمعيه التاسيسيه تم اختيارهم وصدر بهم قانون فهل يتوقف تنفيذ القانون على ارادة احد فضلا عن ان مجلس القضاء الاعلى قد افاده بان القاضى ناجى درباله كان معارا فى هذا الوقت ولا شأن لمجلس القضاء الاعلى به
3)لم يقم بارفاق كتاب مجلس القضاء الاعلى سالف البيان بالتحقيقات لانه يبرئ القاضى مما سعى لادانته به
4)كما اسند اليه القائه بيانا تضمن مطالبة القضاة بالاشراف على الاستفتاء لانه امر مختلف حوله رغم ان الاشراف القضائى على الاستفتاء ليس مختلفا حوله وانما هو واجب بنص الدستور والاعلان الدستورى
5)كما اسند اليه حضور مؤتمر عقدته الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لشرح احكامه واعتبر سيادته ذلك اشتغالا بالسياسة
يتبع...
* وزير العدل الاسبق
والرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة

05 مارس 2015

عامر عبد المنعم يكتب: الحكومة تنفذ مشروع برنارد لويس لتقسيم مصر (1 و 2 من 3)



 (1) 

وسط الصراع السياسي الدائر وانشغال المصريين بمستقبل البلاد في ظل الانهيار الاقتصادي والاشتباك السياسي والحروب المفتعلة لاستنزاف الوطن تسير خطة تقسيم مصر حسب المخطط المعروف باسم المستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس.
قررت الحكومة المصرية تأجيل تنفيذ المشروع الكامل الخاص بالتقسيم الإداري للمحافظات الجديدة، والاكتفاء بثلاث محافظات فقط، وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية أن "المحافظات الجديدة التي سيتم إنشاؤها خلال المرحلة المقبلة، هي الواحات والعلمين ووسط سيناء فقط". (اقرأ:http://goo.gl/LwA6Ql)
هذا القرار هو ما حذرنا منه من قبل، في سلسلة مقالات حول التقسيم الجديد للمحافظات الذي تبناه المشير عبد الفتاح السيسي في برنامجه الانتخابي قبل الانتخابات الرئاسية، وقلنا وقتها إن هذا التقسيم وضعته دوائر صهيونية وصليبية عالمية محوره الرئيسي والهدف منه هو التأسيس لإمارتين أو لدويلتين مسيحيتين.
الأولى: في منطقة وادي النطرون التي يسيطر عليها رهبان الصحراء الغربية باسم محافظة العلمين.
والثانية: في جنوب #سيناء لرهبان اليونان الذين يسيطرون على دير سانت كاترين ويفرضون هيمنتهم على كامل المثلث بين خليجي العقبة والسويس. 
وشرحت من قبل بالمعلومات الموثقة كيف سيطر الرهبان في المنطقتين منذ 1982 على مئات الآلاف من الأفدنة في أكبر عملية سطو على الأراضي، مستغلين ضعف الدولة وتواطؤ الحكومات في التهام مساحات ضخمة في انتظار لحظة الحصول على قرار إداري بتحويل هاتين المنطقتين الخاضعتين لهم إلى محافظتين كخطوة مرحلية، ووضع حجر الأساس للانفصال وفرض واقع جديد محمي دوليا.
( يمكن الرجوع للمقالات السابقة على الرابط التالي: http://alarabnews.com/show.asp?NewId=32709&PageID=10&PartID=1)
وبسبب عدم القدرة المالية في الوقت الحالي لتنفيذ كل المشروع، قررت الدوائر الصهيونية والصليبية الدولية التي تسيطر على القرار المصري تنفيذ مشروع التقسيم المطلوب فقط وتحمل تكلفته، لتمرير مخطط التقسيم الصليبي بأسرع وقت ممكن دون أن يتأثروا بما تمر به البلاد من صراع سياسي.
هذا القرار الحكومي بإنشاء ثلاث محافظات هو تنفيذ دقيق للجزء الخاص بمصر في مشروع تقسيم الشرق الأوسط الذي وضعته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) واعتمده الكونجرس الأمريكي في بداية الثمانينيات، والذي لم يعد سرا، وافتضح أمره.
برنارد لويس
لقد قرر صناع القرار في الولايات المتحدة إعادة تقسيم الدول الإسلامية وتفكيكها وتفتيتها، وعدم الاكتفاء بحدود سايكس بيكو، وأسندوا وضع خرائط التقسيم للمؤرخ والمستشرق اليهودي برنارد لويس، وتم تكليفه من وزارة الدفاع الأمريكية عام 1980 برئاسة فريق من الخبراء والمستشرقين والمفكرين الاستراتيجيين لوضع المخطط الكامل لتقسيم الدول العربية والإسلامية.
واعتمد الكونجرس في جلسة سرية المشروع عام 1983، وقد تسربت الخرائط كاملة فيما بعد، والتي خضعت للدراسة من مراكز الأبحاث والمحللين المسلمين والعرب ولكن يبدو أن حكوماتنا والمسيطرين على السلطة في بلادنا هم الذين ينفذون بدلا من التصدي ووضع الاستراتيجيات المضادة!
لا يوجد عذر لأحد، ولا نجد مبررا بالجهالة وعدم الدراية فالخرائط منشورة، ويعاد نشرها بين فترة وأخرى من الدوائر الغربية ذاتها، وكأنهم واثقون أن أمتنا مستسلمة للذبح، ففي سبتمبر 2013 أعادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشر خرائط تظهر فيها خمس دول عربية وقد قسمت إلي14 دولة. (http://gate.ahram.org.eg/News/400877.aspx)
أظهرت الخرائط تقسيم #سوريا إلى ثلاث دويلات، هي: دويلة للعلويين على الساحل، ودويلة كردية في الشمال، ودويلة للسنة. و #السعودية تم تمزيقها وتفكيكها إلى خمس دويلات، شمالية، وشرقية شيعية، والحجاز، وجنوبية إسماعيلية، ودويلة الوهابية في الوسط ، وتم تقسيم #اليمن إلى دويلتين: شمال، وجنوب ، وتقسيم #ليبيا إلى ثلاث دويلات.
وحتى لا يفسدوا عملية التنفيذ تعمدت نيويورك تايمز إخفاء خريطة تقسيم #مصروالسودان، ولكن الخريطة سربت من قبل وقتلت شرحا وتفسيرا.
خريطة برنارد لويس تشير إلى تقسيم مصر إلى أربع دول هي: مسيحية في الصحراء الغربية وعاصمتها الإسكندرية، ونوبية في الجنوب، وإسلامية في الدلتا، وسيناء والصحراء الشرقية التي سيتم ضمها لإسرائيل الكبرى.
اعتمد #برنارد_لويس في التقسيم على الطوائف والأعراق والمذاهب، وكان الغرض من التقسيم هو مزيد من التفتيت حتى لا تكون للمسلمين دولة واحدة كبيرة أو قوية.
ومنذ اعتماد هذه الخطة في بداية الثمانينات بدأت الماكينة الصهيونية والصليبية العالمية تعمل على التنفيذ، وكانت كل الحروب التي بدأها المحافظون الجدد منذ حرب الخليج تنفيذا لخرائط التقسيم التي وضعها برنارد لويس.
وبالنظر لهذه الخرائط الآن نجد تفسيرا لكل ما يجري خلال العقدين الأخيرين، ونفهم لماذا تستخدم أمريكا الأقليات والطوائف في العالم الإسلامي ضد الأغلبيات وإثارة القلاقل للوصول إلى الهدف النهائي وهو تفتيت المنطقة.
الذي يهمنا في هذا المقال هو التفكير الصليبي الصهيوني المتعلق بمصر، ونركز على شكل التقسيم الذي خططوا له، وهدفنا هو تحذير قومنا للخطر الذي نراه ماثلا أمامنا عسى أن تجد مقالتي من يعيها حفاظا على الأمن القومي المصري والإسلامي.
لقد وضع برنارد لويس خريطة واحدة لمصر و #السودان، والربط بين البلدين لأن مخطط التقسيم يعمل على صناعة دولة باسم النوبة تضم شمال السودان وجنوب مصر.
وإذا كانت أمريكا قد نفذت 50% من خطة التقسيم في السودان ( فصل الجنوب وصناعة تمرد دارفور) للطبيعة القبلية والعرقية فإن الوضع في مصر مختلف حيث لا تساعد طبيعة الديموغرافيا والنسيج السكاني على تمرير مخطط التقسيم بسرعة ومرة واحدة.
ومنذ وضع الأمريكيون والصهاينة خريطة التقسيم والعمل على إنشاء الدولة المسيحية بالصحراء الغربية بدأ التنفيذ من خلال الرهبان، الذين أصبحوا القوة الضاربة لتنفيذ هذا المشروع، فبدأوا يسيطرون على الصحراء في أغرب عملية سطو لإنشاء كيانات ضخمة تتوسع مع الوقت، أشبه بالمستوطنات حول الأديرة من جنوب البلاد وحتى الساحل الشمالي.

وادي النطرون
استغل الأمريكيون أصحاب التوجه الانفصالي من المسيحيين المصريين لإيجاد الرقعة الجغرافية المناسبة لتأسيس الدولة المسيحية المزعومة، ومن المعروف أن بعض المسيحيين المصريين يتوقون إلى إقامة دولة خاصة بهم منذ نصف قرن تقريبًا ظنًا منهم أن الفرصة مواتية لضعف المسلمين وخضوع الدولة المصرية للهيمنة الغربية الصليبية.
ولأن إقامة دولة يحتاج إلى شعب وأرض، كان المطلوب هو البحث عن المكان المناسب، فاختار أصحاب هذا التوجه الانفصالي – في البداية - محافظة أسيوط، لوجود كثافة سكانية مسيحية بها، لكن هذا الخيار فشل، لأن المسلمين يشكلون أغلبية في المحافظة، وتسبب تسرب فكرة الدولة المسيحية في رد فعل إسلامي – في السبعينيات – أفشل هذه الفكرة.
تلقف أصحاب المخطط الانفصالي مخطط برنارد لويس الذي يحقق لهم المكان البديل، فكان التوسع في وادي النطرون والصحراء حتى الساحل الشمالي ولا يوجد بالصحراء العقبة التي أفشلت الحلم في أسيوط، وهى الكثافة السكانية، إذ لا يزيد سكان هذه المنطقة عن 80 ألف نسمة.
بدأ التوسع في الأديرة بمنطقة وادي النطرون وتحويلها إلى قبلة للمسيحيين، وبدأ الرهبان يتركون حياة الزهد في الدنيا إلى التوسع والتمدد والسيطرة على آلاف الكيلو مترات في الوادي وخارجه.
بدأت الماكينة تعمل من خلال العلاقات الرسمية وغير الرسمية باستخدام طرق عديدة للتمهيد لهذه الدولة فتم الآتي:
أولاً: بدأ دير الأنبا مقار يتوسع للسيطرة أولاً على وادي النطرون كله وعدم الاكتفاء بالموجود، وتحقق للدير ذلك، ففي سنوات قليلة قام الدير بالآتي:
أ‌- وضع دير الأنبا مقار يده على 200 فدان طبقا للقانون رقم 100 لسنة 1964.
ب‌- سيطر الدير على 300 فدان بقرار من رئيس الوزراء رقم 16 لسنة 1977.
ت‌- حصل الدير على 1000 فدان منحة من السادات في 23/8/1978.
ث‌- سيطر الدير على 2000 فدان من قبيلة الجوابيص.
ثانيًا: وعندما سيطر الدير على الوادي المنخفض عن سطح البحر بدأ يتحرك شمالاً للسيطرة على الأراضي وحتى العلمين بالساحل الشمالي، ووضع الدير يده على آلاف الكيلو مترات بالصحراء الغربية بحجة الاستصلاح.
ونشرت الصحف في أوائل التسعينيات قيام الدير بوضع يده على 50 ألف فدان بالقرب من مدينة الحمام عند الكيلو 69 بطريق الإسكندرية مطروح، وعلى ساحل البحر المتوسط على بعد 200 كيلو من وادي النطرون.
ثالثاً: بدأ دير الأنبا مقار في التحرك شرقاً منذ السبعينيات، للسيطرة على المساحات الواقعة بين الدير وطريق مصر الإسكندرية الصحراوي لوضع اليد على الأراضي الواقعة بين الكيلو 26 حتى الكيلو 118 طريق مصر الإسكندرية الصحراوي.
رابعًا: استغلال أنصار المخطط الانفصالي أزمة السلطة قبل الثورة وبعدها وحتى الآن، في الاستيلاء على آلاف الأفدنة في الصحراء الغربية، من جنوب البلاد وحتى شمالها، وآخر هذا التمدد المسيحي على الأرض استيلاء رهبان من الإسكندرية على 9 آلاف فدان في وادي الريان بالفيوم وهى محمية طبيعية، مستغلين ضعف سلطة الدولة والاستقطاب السياسي الذي أوجد حالة من الفراغ، وقام الرهبان ببناء أسوار حول المحمية التي سطوا عليها، ويمنعون أي تواجد للدولة قريبا منهم.
واليوم يأتي قرار الحكومة لتتويج جهود برنارد لويس وفريقه، والرهبان الذين استولوا على أراضي الدولة للاعتراف بدويلة وادي النطرون وتضيف لها ظهيرا صحراويا بدون كثافة سكانية من المسلمين باسم محافظة الواحات للتوسع فيما بعد بدون عوائق.
وقرار الحكومة بتأسيس المحافظة الثالثة باسم الواحات لا يقل خطورة عن تأسيس محافظة وادي النطرون، وهذا ما سنشرحه وموضوع الفاتيكان الجديدة في جنوب سيناء في المقالين القادمين بإذن الله.
المقال القادم إن شاء الله عن سبب فصل الواحات عن محافظة الجيزة ولماذا جعلوها وشمال الوادي الجديد الظهير الصحراوي لمحافظة وادي النطرون (العلمين)؟ 
وهل ستكون هذه الدولة المسيحية في الصحراء الغربية مقرا وقاعدة لجيوش الأمن الخاصة كمرتزقة بلاك ووتر؟

(2 )
نزع ملكية الصحراء الغربية من الدولة وتسليمها للمستثمرين الصليبيين والصهاينة
التمهيد لدولة مسيحية صهيونية في الصحراء تحميها بلاكووتر وفرسان مالطا
طرد الدولة المصرية والمواطنين من الصحراء وإخلائها للملاك الجدد


ما يجري في الصحراء الغربية لا يقل خطورة عما جرى لفلسطين، فالدوائر الخارجية تعمل على تفريغ هذه المنطقة من السكان وتسليمها إلى الشركات الأجنبية لإقامة دولة مسيحية صهيونية عاصمتها الإسكندرية في إطار مخطط تقسيم مصر والدول العربية، ومعظم ما يعلن عن تطوير وتنمية في الصحراء لا يخرج عن المخطط الصهيوني الذي يعمل منذ عقود لإخراج المواطنين المصريين والدولة المصرية منها وتسليمها لرهبان الصحراء والشركات الأجنبية باسم الاستثمار!
الفيتو الخارجي الذي نجح حتى الآن يعمل ضد تمليك الصحراء الغربية للخريجين والمواطنين والفلاحين المصريين وإخراج الدولة المصرية منها، وسيتم نزع الأراضي التي استصلحها المصريون بمبادرات طوعية، خاصة في منخفض القطارة وسيوة وتسليمها للسماسرة الأجانب الذين تم اختيارهم بالفعل وتوزيع المساحات عليهم سلفا.
هذه الدوائر المعادية تعمل منذ 30 سنة لوضع يد القطاع الخاص التابع لهم على الصحراء وتوسيع رقعة الأراضي التي تتملكها الشركات الصهيونية والصليبية العالمية، لإقامة دولة مسيحية تحميها بلاكووتر وفرسان مالطا التي ستأتي كقوات أمن خاصة لحماية الاستثمارات والشركات!
في مقالي السابق وقبله مقالات عديدة حذرت من الخطط التي وضعتها مؤسسات خارجية لتقسيم مصر ولكن يبدو أن لا أحد يقرأ ولا أحد يسمع، ويتم تنفيذ مخطط التقسيم كما وضع شبرا بشبر وذراعا بذراع، فكبار المسئولين في الحكومة يصرون على تنفيذ جوهر مشروع المحافظات الذي يتكون من محافظة جنوب سيناء لرهبان اليونان والمحافظتين نواة الدولة المسيحية وظهيرها بالصحراء الغربية:العلمين والواحات، بل وتم الإعلان عن بيع أراضي الصحراء للسماسرة والشركات الأجنبية والمستثمرين في إطار ما يسمى مشروع المليون فدان، بزعم الاستصلاح في غياب الرأسمال الوطني وفي استبعاد للدولة بعد تجريدها من ثروتها ومقدراتها في مؤامرة الخصخصة، والأهم الآن هو استبعاد المصريين الخريجين والمواطنين من التملك وقصر الأمر على الأجانب وبعض الشركات الإماراتية كوسطاء مؤقتين قبل البيع النهائي للصليبيين والصهاينة.
لقد شرحت في المقال السابق خطورة مشروع تقسيم المحافظات الجديد والبدء بتنفيذ 3 محافظات جديدة، وتناولت خطورة فصل وادي النطرون لتشييد محافظة جديدة باسم العلمين التي ستكون نواة الدولة المسيحية في الصحراء الغربية، وشرحت بالمعلومات كيف استولى الرهبان في الصحراء الغربية على الأراضي في وادي النطرون والصحراء وحتى الساحل الشمالي تنفيذا لخريطة تقسيم مصر التي وضعها المستشرق اليهودي برنارد لويس بتكليف من البنتاجون الأمريكي.
اقرأ مقالنا السابق: الحكومة تنفذ مشروع برنارد لويس لتقسيم مصر (1 من 3)
وعندما كتبت ما لدي من معلومات في المقال السابق لم أكن قد اطلعت على ما كتبه العالم العلامة الدكتور حامد ربيع منذ بداية الثمانينات عن مشروع التقسيم، والذي كشف خفايا وأبعاد المشروع الذي ينفذ الآن، ويومها كان يحذر ويصرخ من من المخطط الإسرائيلي لتقسيم مصر بعد حرب أكتوبر وكيف أن الإسرائيليين أقنعوا صناع القرار في أمريكا لتبني سايكس بيكو جديدة لتقسيم الدول العربية الكبيرة وتفتيتها وفي مقدمتها مصر التي يريدون تقطيعها إلى 5 دول أخطرها دولة مسيحية بالصحراء الغربية عاصمتها الإسكندرية.
اقرأ مقال الدكتور حامد ربيع: المخطط الإسرائيلي لتقسيم الدول العربية 
وفي هذا المقال أتناول المحافظة الثانية التي أعلنت الحكومة عن تنفيذها وهي محافظة الواحات، وهي محافظة مستحدثة لم تكن في التقسيم الإداري القديم لمصر، وتكشف عملية تخطيطها عن عقل استعماري شيطاني لا يريد الخير لمصر، فالهدف من إنشاء هذه المحافظة هي جعلها الظهير الصحراوي لدويلة وادي النطرون، والسيطرة على المساحة الشاسعة بدون سكان يشوشون على الملاك الجدد، ونقل ملكية الأرض من الدولة إلى القطاع الخاص، تحت مزاعم الاستثمار، لإبعاد يد الدولة عن هذه المنطقة لحين ترتيب الوضع النهائي لها وإحكام السيطرة الصهيونية الصليبية.
لقد تم اقتطاع الواحات من محافظة الجيزة وضمها إلى الثلث العلوي لمحافظة الوادي الجديد لتكوين محافظة مستقلة بدون سكان، وهي تضم أهم الأراضي في الصحراء الغربية: أراضي صالحة للزراعة، وثروات ضخمة تقيم مجتمعات صناعية حيث الثروات التعدينية ومناجم الفوسفات، وأيضا مناطق الآثار والمزارات السياحية.
الأخطر في تنفيذ هذه المحافظة هو فصل الواحات كامتداد لمدينة 6 أكتوبر وكظهير صحراوي لمحافظة الجيزة لمنع سكان مصر من الوصول إلى قلب الوادي الجديد، فالدوائر الصهيونية والصليبية التي وضعت هذا التخطيط تريد منع التمدد السكاني إلى الصحراء ووقف زحف السكان الذين امتلأت بهم محافظة الجيزة من العبور وتجاوز طريق الذي يفصلها عن الواحات.
وكان الهدف من إنشاء مدينة أكتوبر هو امتصاص الكثافة السكانية بالقاهرة (16 مليون نسمة) وتوجيهها لغرب النيل، وتتبع المدينة محافظة الجيزة وقد توسعت هذه المدينة وامتلأت بالسكان، بعد أن أصبحت متنفسا للعاصمة المزدحمة، وإذا استمر معدل التدفق السكاني بوضعه الحالي فسيتجه الطوفان البشري إلى الواحات التي تعد الظهير الصحراوي لمحافظة الجيزة، وهي المتنفس المستقبلي لأبناء القاهرة الكبرى.
الذين يقفون خلف مخطط التقسيم لا يجدون مشكلات في التعامل مع أجهزة الدولة، ويستطيعون استصدر ما يريدون من قرارات من خلال دوائر الاختراق التي وصلت حتى النخاع، ولكن التحدي المقلق لهم دوما في الصحراء الغربية، هو التمدد السكاني والعنصر البشري المتحرك، ومن أجل هذا يعملون دوما على قطع الطريق على وصول الشعب المصري المسلم إلى الصحراء، لأنه لو استقر على الأرض لا يمكن انتزاعه منها بسهولة.
ومن العجيب أن الدوائر الصهيونية التي وضعت مشروع المحافظات عملوا على "قصقصة" الصحراء الغربية بشكل احترافي بحيث لا يزيد سكان المحافظتين: وادي النطرون(العلمين) والواحات عن 150 ألف نسمة، أي تقديم المحافظتين للشركات بدون بشر لتسهيل تنفيذ مخطط برنارد لويس لفصل الصحراء الغربية عن مصر.
لماذا يسرقون الصحراء الغربية؟
الصحراء الغربية هي مستقبل مصر، وكل مقومات النهضة في هذه المنطقة، ففيها الأراضي الصالحة للزراعة بملايين الأفدنة، وبها المياه فوق الأرض في بعض المناطق وتحت الأرض بعمق متر واحد في مناطق أخرى، والخزان الجوفي يريد أن يتنفس بتكلفة قليلة جدا وينتظر من يسحب منه الماء.
سيدنا يوسف عليه السلام زرع الصحراء الغربية قمحا وأطعم شعب مصر وشعوب الدول المجاورة، في مواجهة أكبر مجاعة سجلها التاريخ وتحدث عنها القرآن الكريم بالتفصيل في سورة يوسف، والرومان كانوا يطعمون سكان إمبراطوريتهم المترامية الأطراف من زراعة الصحراء الغربية، ولا تزال الآبار الرومانية في مطروح وسيوة موجودة حتى الآن.
تشير الدراسات الجيولوجية والاستشعار عن بعد إلى أن مساحات شاسعة من الصحراء الغربية ذات تربة طينية مغطاة بارتفاع نصف متر فقط من الرمال، ولا تحتاج غير أن يتوجه الشباب المصري لزراعتها وإحيائها بتوجيه بسيط من الحكم، وإحياء مصر معها وتغيير واقع البلاد المنهار اقتصاديا، وإحداث نقلة في اقتصاد البلاد وقفزة للأمام، بدون الاستعانة بالخبراء الجواسيس الذين ليس لهم من مهمة غير توجيه خطط التنمية في الاتجاهات الخطأ، لاستنزاف الأموال في مشروعات وهمية كالثقوب السوداء التي تبتلع كل شيء، وتقدم البلاد لسماسرة الأراضي الغربيين الذين يأتون تحت اسم الاستثمار.
الفيتو الغربي
منع الشعب المصري من التوجه غربا ليس وليد العقود الأخيرة، وإنما منذ احتلال الانجليز لمصر، وهناك فيتو ضد التوجه إلى الصحراء الغربية، وبسببه تم إفشال أي توجه حقيقي لتعميرها، فالانجليز هم من طرحوا فكرة توفير مياه النيل التي تصب في البحر المتوسط وتحويل اتجاه المياه من فرع رشيد إلى منخفض القطارة، وتحويله إلى بحيرة عذبة تحيي الصحراء، ولكنهم لم يسمحوا بتنفيذه، بل وتغيرت الفكرة فيما بعد إلى مليء المنخفض بالمياه المالحة من المتوسط لتوليد الطاقة، ثم تجميد المشروع حتى لا يتدفق المصريون إلى الصحراء ويفسدوا مخطط التقسيم.
ومع انتهاء الاحتلال الانجليزي، وبعد ثورة 1952عندما تحمس جمال عبد الناصر وأنشأ محافظة الوادي الجديد وطرح أفكارا لتعمير الصحراء سرعان ما خمد الحماس، وتوقف كل شيء، وقامت الدوائر الصهيونية عبر التابعين لها في دوائر السلطة المصرية بإفساد كل مشروع واعد في الصحراء، ويعد مشروع فوسفات أبو طرطور من الأمثلة الصارخة على هذا التخريب المتعمد في هذه المنطقة التي بها الفرص لاستيعاب الشباب المصري الذين ضاق بهم الوادي.
الصحراء الغربية بها جبال الفوسفات التي تعد من أكبر المناطق التي بها احتياطي خام الفوسفات في العالم، والدوائر التابعة للخارج منعت الحكومات المصرية المتعاقبة من الاستفادة القصوى واكتفت بتصدير جزء يسير منه كخام، بل وبعمل إجرامي منظم تمت سرقة خط السكة الحديد الذي أنشيء لنقل الكميات القليلة لصالح الشركات العالمية عبر ميناء سفاجا.
الفيتو الأمريكي يمنع الدولة المصرية من استغلال المناجم والثروات المعدنية في الصحراء الغربية، إلا من خلال الشركات الغربية العالمية، فالشركات الأمريكية والأوربية تحتكر استخراج البترول من الصحراء الغربية في اتفاقيات ظالمة، حيث تحصل الشركات على ثلثي البترول المستخرج وتعطي الحكومة المصرية الثلث، الذي لا يكفي احتياجات مصر فتضطر الحكومة إلى شراء احتياجاتها البترولية من الشركات الغربية بالسعر العالمي، وهذا ما يجعل الدولة دائما مدينة للشركات الأجنبية بمليارات الدولارات، أي نشتري بترولنا الذي هو ملكنا.
يمنع الفيتو الغربي الدولة المصرية من زراعة الصحراء، ويمنعها من مجرد التفكير في التوجه غربا، فالرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بسبب الفيتو الأمريكي لم يطل حماسه حتى أعطى ظهره للوادي الجديد، وجاء أنور السادات ولم يحدث أي جديد، وجاء حسني مبارك فكان كسابقيه، ولكن عندما فاض النيل وزاد الفيضان واندفعت الدولة لشق مفيض توشكي لاستيعاب كميات المياه الزائدة، وظهرت إمكانية الاستفادة منها في زراعة الصحراء، أعطى مبارك الأراضي للشركات الاستثمارية بسعر بخس، ولم يعطها للمصريين، أعطاها للشركات الأجنبية بخمسين جنيها للفدان ، بواقع 100 ألف فدان لكل شركة، فما زرعوها وما استفدنا منها حتى الآن، وتبددت المليارات في مشروع توشكى الذي ابتلع معظم حصيلة الخصخصة، ويعد توشكى هو أبرز مثال على نظرية الثقب الأسود لابتلاع الأموال المصرية التي تتكرر الآن في مشروعات مشابهة.
والرئيس الوحيد الذي فكر في توزيع أراضي الصحراء على المصريين كان الرئيس محمد مرسي، لقد شكل لجنة لبحث توزيع الأراضي، ولكن الظروف السياسية لم تمهله حتى ينجز، حيث دارت عجلة الانقلاب، قبل أن ينفذ المشروع وأطيح به ووضع في السجن.
وعندما وصلنا إلى المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخرا في شرم الشيخ أعلنت الحكومة عن طرح مليون فدان للاستصلاح ولكن كما هو المتوقع السير في إطار الفيتو الأمريكي، حيث قرروا إعطاء الأراضي للمستثمرين الأجانب والشركات الأجنبية وتكرار تجربة مبارك.
منخفض القطارة
وفي سياق الفيتو الأمريكي تم تجميد مشروع منخفض القطارة بكل صيغه؛ سواء بتحويل مياه النيل إليه بدلا من أن تلقى في البحر الأبيض المتوسط وتحويله إلى خزان للماء العذب أشبه ببحيرة ناصر، أو باستخدامه لتوليد الطاقة من خلال حفر قناة من البحر المتوسط لتوصل الماء إلى المنخفض والاستفادة من انحدار المياه ببناء سد لتوليد الكهرباء التي تستخدم في تعمير المنطقة.
و إذا اكتملت السيطرة على معظم المساحات في وادي النطرون، وتم شراء ما تبقى من أراضي بواسطة سماسرة رهبان دير وادي النطرون سيعاد طرح الموضوع وهنا ستظهر المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية لتبني المشروع لإمداد الدويلة الجديدة بالطاقة.
سيعاد فتح موضوع منخفض القطارة لإنشاء أكبر عازل مائي صناعي في العالم لعزل سكان العلمين ومطروح عن وادي النطرون، وإبعاد السكان المسلمين غربا.
سيبقى سكان مطروح الذين ينتمون لقبائل أولاد علي هم عامل القلق للدولة المسيحية الصهيونية، فهذه الكثافة السكانية بمنطقة مطروح تشكل تهديدا مستقبليا، لذا راعت الدوائر الاستعمارية الصهيونية التي وضعت مشروع تقسيم المحافظات المصرية عزل سكان مطروح في منطقة جغرافية صغيرة وخنقهم حتى لا ينتشروا في التقسيم الصهيوني.
وبالاطلاع على مشروع المحافظات نرى ما يلي:
1- تم تقسيم محافظة مطروح إلى 3 محافظات؛ الجزء الأيمن يضم إلى وادي النطرون باسم محافظة العلمين، وانتزاع الجزء الغربي مع الحدود مع ليبيا وإنشاء محافظة باسم سيوة، وبهذا تم تقليص واختزال المحافظة التي كانت مترامية إلى المنطقة الوسطى.
2- انتزاع الأراضي التي قام أبناء مطروح باستصلاحها وزراعتها شرق المنخفض وإعطائها للشركات الأجنبية.
3- الإصرار على تحويل الشريط الساحلي وحتى ليبيا إلى منتجعات سياحية حتى لا يستقر بها سكان.
4- مشروع منخفض القطارة سيغرق نصف المحافظة ويحول مطروح إلى جيب صغير ومثلث ضيق، محاصر من كل الجهات، كإجراء مرحلي لحين فرض السيطرة الصهيونية الصليبية على باقي الصحراء الغربية.
استخدام الرهبان في تنفيذ مخطط التقسيم
ما فعله الرهبان في وادي النطرون والسطو على الأراضي، الذي تناولته في المقال السابق، صاحبه تحرك رهبان آخرين في الاستيلاء على الأراضي من أسيوط وحتى الفيوم، بذات الطرق، مستغلين ضعف الدولة وهيمنة الكنيسة المصرية على القرار السياسي، فالرهبان الذين كانوا يقيمون في الأديرة والصوامع للتعبد انطلقوا يشيدون الأسوار ويدخلون ويسرقون مساحات شاسعة بآلاف الأفدنة داخلها بقوة السلاح واستخدام أجهزة الدولة لحمايتها وابتزاز الحكومات واستغلال الانهيار السياسي الذي تعيشه البلاد لفرض سياسة الأمر الواقع.
الوقائع كثيرة آخرها ما حدث في الفيوم وسطو مجموعة من رهبان الصحراء على عشرات الآلاف من الأفدنة ومنع الدولة من شق طريق بالمنطقة باعتبارها ملكية مسيحية خاصة!
لقد قام مجموعة من الرهبان بالسيطرة على الأراضي في وادي الريان بالفيوم، واستغلوا انشغال الشعب المصري بثورة يناير 2011 بالسيطرة على محميتين طبيعيتين، واستخدموا الأسلحة والمدافع الرشاشة في طرد العاملين بوزارة البيئة واستولوا على أجهزتهم ومعداتهم مستغلين انهيار حكم مبارك.
سيطر حفنة من الرهبان على محمية وادي الريان الشهيرة بما فيها من عيون كبريتية وحيوانات نادرة، ووضعوا يدهم أيضا على وادي الحيتان وهو محمية طبيعية بها كائنات متحجرة؛ حيتان وكائنات بحرية يأتي إليها السائحون من كل إنحاء العالم، وشيدوا الأسوار بمسافة كيلو مترات وأدخلوها في حيازتهم ولم يعيروا اهتماما لمظاهرات أنصار البيئة والجمعيات السياحية التي نظمت وقفات خارج الأسوار دون أن تتدخل الدولة لمنع هذه الجريمة الخارجة على القوانين.
لم يتوقف رهبان الصحراء عند المحميتين وإنما استولوا على المزيد من الأراضي ليصل إجمالي المساحة التي أدخلوها تحت سيطرتهم (صرح رئيس هيئة المحميات الطبيعية 85 ألف فدان)، ولم يتوقفوا عند الاستيلاء على الأرض المحمية بالقانون وفقط، بل منعوا الدولة من شق طريق يربط الفيوم بالواحات يمر بجوار الدير، ولم تستطع الحكومة شق الطريق حتى الآن في أغرب عملية سطو على أراضي الدولة.
سكان الدولة المسيحية الصهيونية
الدولة المسيحية في الصحراء الغربية لن تكون مقرا للمسيحيين المصريين الانفصاليين فقط، فأمريكا والدوائر الصهيونية لا تخطط للأقليات المسيحية في العالم، فالبروتستانت الإنجيليون لا يقدمون هداياهم للأرثوذكس والكاثوليك، فهم يرون أن المذاهب المسيحية الأخرى خارجة عن الملة.
وعندما احتل البريطانيون البروتستانت مصر لم يخدموا المسيحيين المصريين الأرثوذكس وهذا ما جعل المسيحيين ينضمون للنضال ضد الاستعمار، ولم يكرروا تجربة التعاون مع الحملة الفرنسية التي قادها المعلم يعقوب الذي شكل فيلقا عسكريا من المصريين المسيحيين وقاتل مع الفرنسيين ضد المسلمين، وكانت نهايته الموت في عرض البحر بعد طرده مع الفرنسيين.
ودرس المعلم يعقوب هو الذي جعل المسيحيين المصريين يقفون مع المسلمين في الحركة الوطنية ضد الانجليز فظهرت قيادات مسيحية حظيت باحترام المسلمين مثل مكرم عبيد وفخري عبد النور وسينوت حنا لكن يبدو أن رهبان اليوم يسيرون على خطى المعلم يعقوب.
يعتمد المخططون الصهاينة على النزعة الانفصالية لدى الرهبان المتطرفين ويستخدموهم كوقود، فهم يعلمون أن المسيحيين المصريين ليسوا أهل حرب وقتال لعدة أسباب أهمها أن نسبتهم التي لا تزيد عن 6% لا تؤهلهم لخوض مغامرة تنهي وجودهم في مصر ولهذا فإن الدوائر الصهيونية ستعتمد على جيوش بلاكووتر وفرسان مالطا التي ستتدفق على الصحراء الغربية كحراس للشركات والاستثمارات الأجنبية، وستستعين هذه الشركات بالمرتزقة الصليبيين من دول العالم الثالث كموظفين وعمالة، لفرض واقع جديد في الصحراء التي تم إخلائها لهم من المصريين.
***
ما نتحدث عنه من مخططات ليس قدرا نافذا، وليس كل ما يريده خصومنا يتم. إنه مجرد مكر وتخطيط لا يتحقق إلا بغفلتنا وحجم الاختراق في قلاعنا، ويمكننا بقدر بسيط من الوعي والتنبيه أن نفشل كل هذه المؤامرات، وعلينا أن نلح في التحذير لفضح هذا المكر وكشفه لوقفه ونزع سمومه.
وأختم كلامي بأن ما نكتبه قضية فوق الخلاف السياسي، فهي قضية متعلقة بأمن مصر وبمستقبل الأمن القومي المصري، ونهدف مما نكتب تنبيه المخلصين في دوائر الحكم للخطر حرصا على بلادنا مما يدبر لها من دوائر الشر، ونأمل أن تجد هذه الكلمات من يعيها بشكل صحيح ويساهم في وقف هذا الاندفاع الشرير لتنفيذ ما يخطط لنا عن جهل وعدم دراية أو عن قصد وسوء نية، فهدفنا جميعا أن تمر هذه الفترة الصعبة من تاريخ مصر بأقل قدر من الخسائر حفاظا على أمننا ووحدة بلادنا.

محمد رفعت الدومي يكتب: مساحاتُ الغياب*

 كانت أكثر من مجرد صدي للألم ضحكاتُ "عصام" في ليلنا عقب عودته من رحلته العلاجية الأولي إلي القاهرة، حكي لنا الكثير، بروح ما زالت تحتفظ بلياقتها السطحية عن الذين يشبهونه في العجز من المرضي، لقد كان الكثيرون منهم، بحماية ادعاءاته هو، يواجهون المرض باللامبالاة، ويتزاحم الكثيرون أيضاً حول تبرعات الأنقياء غير المشروطة لـ "معهد الأورام" إلي درجة الشجار معاً، ومعاً ومع الموظفين ، ومعاً ومع الموظفين والأطباء، وقد يصل الشجار أحياناً إلي حدِّ التماسك بالأيدي والأسنان، وتترهل الحكايا ، لا تخشي ضغط الزمن ، وكأنها بلا قيمة!
وكان لابدَّ، لأنه "عصام" الذي لا أرتاب في أنه يفعلها، أن تنزلق الحكايات في شرخ المبالغة! 
حكي لنا عن شريك ٍ له في الورم من "الشرقية"، أجري له الأطباء ثلاثين عملية جراحية، ليس هذا موطن الطرافة في ترجمته لذلك المريض المسكين، إنما ادعاؤه بأنه يعيش بغير كليتين، فكان لابد أن يواجه التعبير عنه سؤال من هنا أو هناك: 
- كيف يا "عصام" يعيش إنسانٌ بغير كليتين؟ 
أجاب "عصام" جاداً:
!بالبركة -
إنه اليقين يقوم مقام الرغبة لا أكثر..
طالت الحكايا الممرضات أيضاً، حكي لنا عنهن الكثير، هنّ، بحماية ادعائاته أيضاً، يعاملن مريض السرطان معاملة أيِّ ممرضة لأيِّ مريض بالأنفلونزا، ولا أعتقد أن هذا الأمر ينطوي علي شئ من الغرابة، فمن غير المعقول أن تتفاعل الممرضة مع مرض كلِّ مريض، أو تشعر نحوه حتي بالقليل من التعاطف، وإلا تحولت إلي أطلال، إنها تؤدي عملاً، ثم إنها بالإسراف في اختبارات الموت اليوميِّ، لمست العمق الأليف للموت في إطاره، وأصبح بالنسبة إليها، علي الأقل، مجرد طقس مسرف في التكرار!
أجد هذا تعبيراً حقيقياً عن حكاية قرأتها، عن رجل ٍاستوطن بيتاً بالقرب من مدبغةٍ للجلود، وظلت الرائحة الكريهة، كعالمنا، لسلةٍ من الأيام الأولي، تثير غثيانه، وخاصم صاحب المدبغة إلي السلطات، فتلكأ دهاء صاحب المدبغة عن الذهاب أسبوعاً، ومضي الأسبوع، وماتت الشكوي!
لقد اكتسب الساكن الجديد بمعايشة الرائحة وعياً جديداً بإحساس الألفة!
قال لنا أنه اشتبك ذات صباح مع ممرضة في فاصل من السخرية ، فقالت له من بين ضحكاتها:
يبتليك بـ" محسن"! - 
وهذا الـ "محسن" بحماية ادعاءه هو "حلاق" المعهد، وذهاب مريض السرطان إلي الحلاق يعني أحد البروتوكولات الطليعية لإعداده لجراحة نتيجتها المؤجلة، والفريدة، حتي أنها الوحيدة هي الموت، هي تعني ببساطة:
يا رب تموت! - 
نضحك حتي تدمع أعيننا، يظلُّ الألم باقياً، لكنه يصبح خافتاً، أو هو في الحقيقة لم يكن ضحكاً بقدر ما كان محاولة للفرار من مجرد استشراف الغيب بطريقة ركيكة!
الطبيب أيضاً، ليس من المعقول أن يكون صديقاً، أو رقيقاً إلي هذا الحد! 
عقب سلة من الرحلات بين الدومة والقاهرة، صدمه الطبيب صدمة فاحشة، طالت بتصرفات منخفضة صهره "أبوالوفا" أيضاً، لقد انخفض سريعاً حماسُ المتحمسين لمرافقة ورمه إلي القاهرة، وواظب فقط أصهاره علي حراسة حماسهم حتي النهاية، لقد أعلنه الطبيبُ بتبني الأطباء المعالجين قراراً باللجوء إلي الكيماوي كممرٍّ وحيد نحو شفائه، أدركت من الشوك في كلامه لحظتها أن الورم كان قد ترهل إلي حد أصبحت معه السيطرة عليه مستحيلة، وأن الجراحة تتحد تماماً بالقتل المُيسَّر، وربما استوعب "عصام" أيضاً أطراف الكلمات الحادة، فلقد أخبرني صهرُه وهو يزيف ابتسامته، أنه قال للطبيب، وعيناه توقِّعان دمعهما:
استحْمده اللِّي جات فـ الطوَّاطة! - 
عبارة ليس من السهل تفسيرها، أو حتي إلقائها علي أطراف جملة تستدعي عمل الذهن في مقاربة مرضية لتفسيرها، هي لابدَّ بعض التكلسات المكدسة في جيوب ذاكرته المشتتة حالاً، طفت، فجأة، بعشوائية، والتحمت بعشوائية، فجأة أيضاً، فشكلت تلك الأخلاط اللغوية.. من الآن، وحتي ابتلعه المنحني الحاسم، ظلَّ "عصام" محتفظاً بروحه المتهكمة، هذا أضفي عليه مظهر المستهين بالموت بشجاعةٍ صلبة، غير أنَّ شجاعته الزائفة لم تنطلي عليَّ أبداً، ولم يكن بالطبع من اللياقة اختبارها، كنت أصغي لما لا يقوله، لا ما يقوله، هكذا تعوَّدت، ثمَّ تحت السطح، كأنني كنت أصغي إلي داخله المكتظ بالأصوات تماماً!
قبل انهياره، بلا مبالاة، بأسبوع وبعض الأسبوع، كنا نجلس منفردين في بيتنا، نشاهد فيلماً من الأفلام التي استعارت عالم الأستاذ نجيب محفوظ بإسراف، حتي انزلقت في الجرح الذي لابدَّ لها منه، التكرار، وعدم معرفة المشاهد بالحقيقيِّ، وبالمطليِّ بظلٍّ شاحبٍ من اللاشئ، وانساب مشهدٌ لست أدري ماذا لمس بالضبط في جيوب ذاكرته، كان المشهد يجمع بين الأستاذين "صلاح قابيل" و"محمود ياسين" وآخرين، أتذكر الحوار علي نحو واضح، لقد تساءل الفنان "محمود ياسين" من ردهة شلله الواضح، بصوت يلائم العاجزين:
- من إمتا كلابها عوت علي ديابها يا نوح يا غراب؟
خفض "عصام" رأسه، وقوَّس كتفيه أماماً، وأطلق صوتاً هائماً وفريداً، كأنه يفتش عن إدانة غامضة لشئ ما، ثم انخرط في بكاء حاد، مذعور، حتي أنه نبَّه علي بعد غابة من الخطوات "أُمِّي"، تنبه ذهني مبكراً إلي سخافة أيِّ محاولة مني لتهدئة قلبه، بل لأحرضه علي استئناف البكاء، شاركتُه بنصيب وافر من الدموع الحقيقية، لقد دَرَجْتُ عليه يضحكنا فيريحنا، فلماذا، ليرتاح، لا أتركه يدين الوجود بإيماءته الوحيدة المتاحة، عينيه!
إنَّ ساخراً أصبح، فجأة، مركز دائرة السخرية، خليقٌ بأن يقوم مقام الدليل الذي لا مراء فيه علي عبثية الحياة، وبساطتها أيضاً، هل فوق حياة
استعاد هدوئه بعد دقائق من البكاء المتدرج صعوداً وانحداراً، ثم اشتعل عزمُهُ فجأة علي الفرار، لقد لمست بوضوح أكثر مما ينبغي، خجله الشديد من عراء انزعاجاته الداخلية أمامي!
لماذا؟، إنني أخوك في العجز، وخوابي الألم المشتركة!
طالبتني "أمِّي"، بعد أن ابتلعه الشارع الخالي من العصافير، بتفسير لجنازتنا القليلة الماضية، يا "أمِّي" الطيبة، إنَّ هكذا سؤالاً، سؤالٌ يجري في يقين السخافة، إنَّ شاباً تترنح الحياة في قامته بينما تتماسك عيناه هو السؤال المتطلب، وتمسكتُ بالصمت الجارح، لقد ردَّني الخجلُ أن أُحدِّثَ "أمي" عن "نوح الغراب"!
كانت هذه هي آخر مرة أري فيها "عصام"، ولقد انخفضت بفضلها زرقة قلبي كثيراً، حتي أنني وضعت مأساته عن عمدٍ في جيب مهملٍ من جيوب اهتماماتي، كنتُ فقط لا أتسع لها، وكان قلبي ليس به موطأٌ لخسارة إضافية، وباهظة..
علمتُ فيما بعد، أنه، وهو في طريقه الأخير إلي "القاهرة"، هاجمه، علي مشارف "الدومة" وقلبي، نزيفٌ حاد، أعاق رحلته الأخيرة من رحلات الدوران في الفشل، وعاد، عاد مستنداً علي ظلال الآخرين، بملامح وجهه القادم!
استيقظتُ مذعوراً، ذات صباح لا مراء في غربانه، علي ضجةٍ أكيدة، نظرت من النافذة القريبة، فرأيت الخالة "جليلة" تندفع مهرولة من باب بيتها إلي الشارع السائل، والخالي إلا من الغربان، يتبعها عصبة من النساء المتشحات بسواد الحداد تتزاحمن علي تهدئة قلبها، غرسَت عينيها في لحم السماء، وصاحت في تحفز حقيقيٍّ، ومروع:
يا ظُلْمكْ ، يا ظُلْمكْ! - 
كانت بحماية أكبر خسائرها علي الإطلاق معذورة، لقد دخل "عصامُ"، وحيدُها، موتَهُ الذي اكتمل عند غروب ذلك اليوم تحديداً، وتحوَّل "عصامُ" إلي حزمةٍ من مكعبات الثلج، ثم .. ذاب في مساحات السفر الواسعة!
الغروب..
جزيرةٌ حقيقيةٌ من الجمال الخاطف،
لكن ذاك الوجه المتغضن.... 
علي الرماد! 
* من "اسهار بعد اسهار"

04 مارس 2015

التحليل السياسى والتكييف القانونى للتسريبات

الدكتور/ السيد مصطفى أبو الخير 
آثارت التسريبات التى تمت إذاعتها لمكتب قائد الإنقلاب ردود فعل متباينة سواء على الصعيد الداخلى والإقليمى والعالمى، وأصابت العديد بالصدمة من المعلومات التى سربت عن قادة الإنقلاب وعن كيفية تدبير الإنقلاب وإظهار كل المشاركين فى الإنقلاب على الشرعية فى مصر بداية من المؤسسة العسكرية وأذرعتها الإعلامية المتمثلة فى فضائيات رجال الأعمال والأذرع السياسية وتتمثل فى مؤسسات مجتمع مدنى منها أحزاب ورموز سياسية وحركات سياسية منها تمرد وجبهة الإنقاذ وقيادات سياسية بارزة كان ينظر لها بعين الأحترام وأبانت كيفية إدارتهم لأمور الدولة بطريقة العصابات لصوص المال العام وشبكات الفساد.
كما بينت أيضا حجم التآمر الخارجى الضخم الذى تم تدبيره وتنفيذه ضد إرادة الشعب المصرى سواء الإقليمى المتمثل فى التمويل والدعم المالى الخليجى الخيالى بمبالغ مالية ضخمة جدا كانت تكفى لحل الكثير والكثير من أزمات مصر الاقتصادية والواضح من التسريبات أن هذه الأموال الضخمة لم تقدم لإنقاذ مصر من عثراتها الاقتصادية المفتعلة ولكن كانت ثمن للإنقلاب على الشرعية فى محاولة مستمية للإبقاء على مصر مهمشة تعانى ضربات اقتصادية مفتعلة لتحجيم دورها الإقليمى السياسى لصالح السعودية والإمارات.
كما أظهرت تلك التسريبات التى تم التأكد من صحتها عن طريق أحد المراكز المتخصصة البريطانية التى تعتمد على مصداقيتها المؤسسات البريطانية وفى مقدمتها القضاء البريطانى مدى أنحطاط العقلية العسكرية فى تفكيرها فى إدارة دولة بحجم مصر وسلوكها المشين فى التعامل مع قضايا مصيرية بل بيع ورهن سيادة واستقلال وإدارة الشعب المصرى مقابل دولارات معدودة للآسف توضع فى بنوك أمريكية لحساب العصابة التى تحكم مصر وتؤكد تلك التسريبات أن ما حدث فى 30/6 و 3/7 هو إنقلاب عسكرى وجريمة قلب نظام الحكم فى مصر كاملة وليس ثورة شعبية على حكم الرئيس المنتخب كما أدعت المؤسسة العسكرية واذرعتها الإعلامية والسياسية لتبرير وشرعنة الإنقلاب العسكرى وتمريره وخداع الشعب المصرى.
وقد بينت تلك التسريبات أن العسكر منذ إنقلاب المخابرات الأمريكية عام 1952م الذى أطلق عليه زورا وبهتانا طه حسين ثورة وأطلق على عملاء المخابرات الأمريكية الضباط الأحرار يقامرون بمركز مصر السياسى والاستراتيجى الهام فى المنطقة وقد فعلها المهزوم دائما عبد الناصر ومن بعده السادات وأجادها المتهم مبارك وعصابته، وذلك مقابل حفنة من الدولارات توضع فى بنهوك يهود فى الولايات المجرمة الأمريكية وعلى هذا النهج مازال قادة الإنقلاب يلعبون ذات الدور القذر ويتآمرون ويتقامرون بمصر لمصلحتهم الشخصية. 
كما أتضح للشعب المصرى وللشارع السياسى العربى مدى حجم التآمر الذى تقوم به المؤسسة العسكرية ضد المصالح العليا والأمن القومى المصرى الخارجى والداخلى مما ينفى عن هذه المؤسسة الوطنية تماما بل تشكل التسريبات جرائم جنائية خطيرة سوف نوضحها فى هذا المقال وبداية تشكل هذه التسريبات جريمة خيانة عظمى وجريمة التخابر مع دول أجنبية للإضرار بمصالح مصر السياسية والاقتصادية وجريمة إنقلاب عسكرى على نظام الحكم وجريمة تعطيل الدستور والعمل على الإضرار بمؤسسات الدولة وتعطيلها فضلا عن جريمة المساس بسلامة المجتمع المصرى.
فقد أرتكب قادة الإنقلاب ومن أشترك معهم كافة الجرائم الواردة فى الكتاب الثانى من قانون العقوبات المصرى وهى الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العمومية وبيان عقوباتها بالباب الأول وهى الجنايات والجنح المضرة بأمن حكومة من جهة الخارج فى المادة (77/أ) التى نصت على(يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً فعلا يؤدى إلي المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها.) والمادة (77/ ب) والتى نصت على ( يعاقب بالإعدام كل من سعي لدي دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصحتها للقيام بأعمال عدائيه ضد مصر .). والمادة (77/د) والتى نصت على أنه( يعاقب بالسجن إذا ارتكب الجريمة فى زمن سلم ، وبالسجن المشدد (1) إذا ارتكبت فى زمن حرب :1. كل من سعي لدي دول أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي. ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة.). والجريمة الواردة بالمادة (77) / هـ) ونصت على (يعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة فتعمد إجرائها ضد مصلحتها.) 
وقد أرتكبوا الجريمة التى نصت عليها المادة (78/1) وتنص على أن ( كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو من أحد ممن يعملون لمصلحتها نقوداً أو أية منفعة أخرى أو وعداً بشيء من ذلك بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة فى زمن حرب. ويعاقب بنفس العقوبة كل من أعطي أو عرض أو وعد بشيء مما ذكر بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية. ويعاقب بنفس العقوبة أيضاً كل من توسط فى ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة. وإذا كان الطلب أو القبول أو العرض أو الوعد أو التوسط كتابة فإن الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب.).
وقد أرتكبوا جريمة إفشاء الأسرار العسكرية الواردة بالمادة (80/1) والتى تنص على ( يعاقب بالإعدام كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها أو أفشي إليها أو إليه بأية صورة وعلى أي وجه وبأية وسيلة سرا من أسرار الدفاع عن البلاد أو توصل بأية طريقة إلى الحصول على سر من هذه الأسرار بقصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها وكذلك كل من أتلف لمصلحة دولة أجنبية شيئاً يعتبر سراً من أسرار الدفاع أو جعله غير صالح لأن ينتفع به.).
وما نصت عليه المادة (80/ أ) (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه. 1. كل من حصل بأية وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد ولم يقصد تسليمه أو إفشاءه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها.2. كل من أذاع بأية طريقة سراً من أسرار الدفاع عن البلاد. 3. كل من نظم أو استعمل أية وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد أو تسليمه أو إذاعته . وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.) والجريمة الواردة فى المادة(80/ ب) التى نصت على (يعاقب بالسجن كل موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة أفشي سراً من أسرار الدفاع عن البلاد وتكون العقوبة السجن المشدد إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.). والجريمة الواردة فى المادة (80/ و ) التى نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها بأية صورة وعلى أي وجه وبأية وسيلة أخباراُ أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسوم أو صور أو غير ذلك مما يكون خاصاً بالمصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام وصدر أمر من الجهة المختصة بحظر نشره أو إذاعته.).
والمادة (82) ا حددت الشركاء فى هذه الجرائم، والفقرة(82/أ) نصت على محاكمة كل من ساهم فى هذه الجرائم بالتحريض والفقرة (ب) من ذات المادة من ساهم بالاتفاق والفقرة (ج) لكل من ساهم بالمساعدة فى ارتكاب هذه الجرائم، ونصت المادة (83) على تكون العقوبة الإعدام على أية جريمة مما نص عليه فى الباب الثاني من هذا الكتاب إذا وقعت بقصد المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو إذا وقعت فى زمن الحرب وبقصد إعانة العدو أو الأضرار بالعمليات الحربية للقوات المسلحة وكان من شأنها تحقيق الغرض المذكور.) وفرضت المادة (84) عقوبة على كل من علم بهذه الجرائم ولم يبلغ عنها وبينت المادة (85/1) ما هى الأسرار العسكرية ونصت على (يعتبر سراً من أسرار الدفاع: 1. المعلومات الحربية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية التى بحكم طبيعتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة فى ذلك ويجب مراعاة لمصلحة الدفاع عن البلاد أن تبقي سراً على من عدا هؤلاء الأشخاص. 2. الأشياء والمكاتبات والمحررات والوثائق والرسوم والخرائط والتصميمات والصور وغيرها من الأشياء التى يجب لمصلحة الدفاع عن البلاد ألا يعلم بها إلا من يناط بهم حفظها أو استعمالها والتي يجب أن تبقي سراً على من عداهم خشية أن تؤدى إلى إفشاء معلومات مما أشير إليه فى الفقرة السابقة. 3. الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها وبصفة عامة كل ما له مساس بالشئون العسكرية والاستراتيجية ولم يكن قد صدر إذن كتابي من القيادة العامة القوات المسلحة بنشره أو إذاعته. 4. الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التي تتخذ لكشف الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب أو تحقيقها أو محاكمة مرتكبيها ومع ذلك فيجوز للمحكمة التى تتولى المحاكمة أن تأذن بإذاعة ما تراه من مجرياتها.). كما تنطبق عليهم المادة (85/أ).
هذه الجرائم كلها تتعلق بأمن الدولة من الخارج، وهناك أيضا الجرائم الواردة بالباب الثاني الخاصة بالجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل من المادة (86 حتى المادة 102) وتلك كلها جرائم يجب محاكمة قادة الإنقلاب وأذرعتهم الإعلامية والسياسية والحكم عليهم بالعقوبات الواردة وعلى رأسها الإعدام رميا بالرصاص للعسكريين والإعدام شنقا حتى الموت للمدنيين، وكل من ساعدهم من أشخاص أجنبية بصرف النظر عن أى حصانات وهذا ما نصت عليه المادتين (27 و28) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية حتى لو كانوا رؤساء دول أو رؤساء وزراء أو وزراء، وهذا سيحدث قريبا جدا أن شاء الله سبحانه وتعالى.
وطبقا للقانون الدولى فأنه ما فعلته الدول الخليجية وأوربا والولايات المجرمة الأمريكية فى التآمر على الشعب المصرى بسرقة ثورته بإنقلاب عسكرى هو مخالف لمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ، وهو مبدا عام وقاعدة آمرة فى القانون الدولى المعاصر ونصت عليه كافة مواثيق المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة المادة (2/7). ولذلك ما حدث من جرائم دولية فى مصر منذ الإنقلاب العسكرى حتى الآن من جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب طبقا للمواد (5 و 6 و7 و 8) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية كل من دبر وساعد وساهم فى الإعداد وتنفيذ الإنقلاب فى 30/6 و 3/7 هو مرتكب للجرائم السالفة ويجب محاكمته على تلك الجرائم أما أمام القضاء الوطنى المصرى وطبعا فقد عزف القضاء فى مصر على ذلك وأصبح من أهم ,اخطر آليات الإنقلاب مما يجعله بمثابة فاعل أصلى فى تلك الجرائم لذلك ينعقد الأختصاص هنا للقضاء الدولى طبقا لمبدأ التكامل الوارد فى الفقرة العاشرة والمادة الأولى من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.
ويكون ذلك أما بإحالتهم بقرار من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية طبقا للمادة (13/ب) من النظام الأسى للمحكمة الجنائية الدولية. أو يصدر مجلس الأمن قرار بتشكيل محكمة جنائية خاصة مثل يوغسلافيا ورواندا او مثل محكمة قتلة الحريرى بلبنان. وفى حال أستخدام الفيتو يتم اللجوء إلى الاتحاد من اجل السلم بالجمعية العامة للأمم المتحدة الذى ينص فى مادته الأولى انه حال فشل مجلس الأمن فى اتخاذ قرار فى مسأله تهدد السلم والأمن الدوليين تعود اختصاصات المجلس الواردة فى الميثاق إلى الجمعية العامة.
ويمكن أن تقوم اى دولة طرف فى المحكمة الجنائية الدولية بتقديم بلاغ للمحكمة الجنائية ضد المتهمين بإرتكاب الجرائم الدولية فى مصر طبقا للمادة (14) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن أن اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م أعطت حق ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة مرتكبى الانتهاكات الجسيمة لهم ومعظم أن لم يكن كل دول العالم مصدقة على هذه الاتفاقيات ومنها مصر فالأختصاص بالمحاكمة هنا من حق الدول الأطراف فى تلك الاتفاقيات والبروتوكولين محاكمة هؤلاء المتهمين وأيضا طبقا للاختصاص القضائى العالمى ومفاده وجود أكثر من خمسين دول فى العالم أعطت لمحاكمها حق محاكمة مرتكبى الجرائم الدولية حتى لو لم تقع الجريمة على أرضها ويقع على رأس هذه الدول الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوربى. ولكن التضليل السياسى والتآمر الدولى يمنعان وصول العدالة الدولية لهؤلاء المتهمين وقد إفلت كثير من المجرمين الدوليين من العدالة نتيجة ذلك، لكن أن ربك بالمرصاد وقريبا جدا نجد على أعواد المشانق أو يتم تنفيذ فيهم حكم الإعدام رميا بالرصاص قصاصا وحكما.

حكم اعتبار حركة حماس إرهابية رؤية قانونية

الدكتور/ السيد مصطفى أبو الخير
فى 28 فبراير الماضى أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكما باعتبار حركة حماس حركة إرهابية هذا الحكم منعدم قانونا لمخالفته للمبادئ العامة والقواعد الآمرة فى القانون الدولى العام والقانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان كما أنه يعد جريمة ضد الإنسانية وسوف نبين ذلك فى البنود التالية:
ليس من اختصاص محكمة الأمور المستعجلة النظر أو الفصل فى مثل هذه القضايا لأن محاكم الأمور المستعجلة تختص بالنظر فى خطر حال يستحيل تداركه بعد التنفيذ فأين هذا فى حالة حركة حماس. ومحاكم الأمور المستعجلة تحكم بظاهر الأوراق ولا تنظر إلى الموضوع وهذا يتنافى مع اعتبار حركة حماس حركة إرهابية لأن ذلك يحتاج إلى تحقيق جنائى وأدلة ومستندات تؤكد على أرتكاب هذه الحركة أو أفراد تابعين لها بجرائم إرهابية ضد مصر أو في مصر وهذا الأمر لم يثبته تحقيق قضائى نزيه ومستقل وهذا غير موجودفى هذه الدعوى. 
والغريب أن المحكمة أوردت فى حيثيات حكمها أنه ثبت يقينا أرتكاب حماس لعمليات إرهابية داخل مصر، ما هى المستندات التى قدمها المدعى تثبت ذلك علما بأن هذه المستندات لا تملكها إلا الجهات السيادية فى مصر؟ وهل كانت هذه المستندات تحت بصر المحكمة مما جعل اليقين قد أستقر ضمير وعقل المحكمة؟ ومن أين وكيف حصل المدعى على هذه المستندات الخطيرة التى تمس أمن الدولة القومى الخارجى والداخلى؟ هل قدمتها الأجهزة السيادية التى تملك مثل هذه المستندات الخطيرة؟ وإذا كانت هذه الأجهزة السيادية تملك تلك المستندات الخطيرة لماذا لم تقم هى بتقديمها للنائب العام للتحقيق فيها والتحقق والثبت من صحتها ثم يقوم النائب العام بتحريك الدعوى الجنائية طبقا لقانون الإجراءات الجنائية المصرى؟.
كما أن المحكمة أستندت فى حيثيات حكمها باعتبار حركة حماس إرهابية أنها هى التى قتلت عدد (25) جندى فى سيناء وهذا لم تصرح به الجهات المسئولة وخاصة القوات المسلحة المصرية وحتى تاريخه لم يصدر إعلان رسمى من مؤسسات الدولة فى مصر بمسئولية حماس عن قتل هؤلاء الجنود فضلا عن أن الرئيس الشرعى لمصر الاستاذ الدكتور محمد مرسى صرح أمام محكمة الجنايات أن من قتل هؤلاء الجنود هى المخابرات الحربية بل صرح أيضا بأن من قتل ثوار ثورة 25 يناير هى المخابرات ولكنه رفض التصريح بذلك احتراما للمؤسسة العسكرية وكرامتها أمام الشعب المصرى.
كما أستندت المحكمة فى حيثيات حكمها باعتبار حماس إرهابية أنها تعتبر الذراع والجناح العسكرى لحركة الأخوان المسلمين الإرهابية، علما بأن لم يثبت حتى الآن – على الأقل- ما يعتبر جماعة الأخوان المسلمين إرهابية فقد رفضت دول بريطانيا منها الولايات المجرمة الأمريكية وبريطانيا ودول عربية أيضا منها الكويت اعتبار جماعة الأخوان حركة إرهابية لم ينعت جماعة الأخوان باإرهاب إلا الدول التى مولت الإنقلاب على الشرعية فى مصر وهما السعودية والإمارات، كما أن وصف جماعة الإخوان بالإرهاب صدر عن محكمة غير مختصة وقد نفى ذلك روؤساء وزراء مصر سابقين عن جماعة الأخوان المسلمين. 
هذا الحكم يعد مخالفة لكافة دساتير مصر وأخرها دستور عام 2012م الذى نص فى المادة(154) منه على اعتبار الاتفاقيات الدولية قانون وطنى حال التصديق عليها وأيضا نص المادة (151) من دستورعام 1971م وهناك من الاتفاقيات الدولية الكثير يعتبر حركة حماس حركة تحرر وطنى وأهمها اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م. ويؤكد على أن حركة حماس حركة تحرر وطنى إعتراف الكيان الصهيونى لها بهذه الصفة من خلال عقد هدنة معها وعقد اتفاقيات تبادل أسرى.
وتنطبق على حركة حماس الشروط الواجب توافرها فى حركات التحرر الوطنى فى القانون الدولى الإنسانى وهى أن يكون لها قيادة موحدة وزى موحد وتلتزم بقواعد القانون الدولى الإنسانى وقواعد القانون الدولى أثناء ممارستها لحقها فى الدفاع الشرعى ضد العدو، طبقا للمادة الأولى من البرتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949م والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية الذى اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام من قبل المؤتمر الدبلوماسي لتأكيد القانون الدولي الإنساني المنطبق علي المنازعات المسلحة وتطويره وذلك بتاريخ 8 حزيران/يونيه 1977م تاريخ بدء النفاذ: 7 كانون الأول/ديسمبر 1978، وفقا لأحكام المادة 95 منه التى نصت على (1- تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تحترم وأن تفرض احترام هذا اللحق "البروتوكول" في جميع الأحوال. 2- يظل المدنيون والمقاتلون في الحالات التي لا ينص عليها هذا اللحق "البروتوكول" أو أي اتفاق دولي آخر، تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كما استقر بها العرف ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام. 3- ينطبق هذا اللحق "البروتوكول" الذي يكمل اتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب الموقعة بتاريخ 12 آب/أغسطس 1949 علي الأوضاع التي نصت عليها المادة الثانية المشتركة فيما بين هذه الاتفاقيات. 4 - تتضمن الأوضاع المشار إليها في الفقرة السابقة، المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية. وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة.) وهذا ما ألتزمت به حركة حماس أثناء ممارستها لحق الدفاع الشرعى فى كافة حروبها ضد الكيان الصهيونى.
خاصة وأن اتفاقيات جنيف الأربعة لعام1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م تعتبر قطاع غزة أرض محتلة وأكدت ذلك فتوى الجدار العازل الصادرة عن محكمة العدل الدولية عام 2005م التى أعتبرت الكيان الصهيونى خارج قرار التقسيم 181 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة قوة احتلال.
وقد طالب القانون الدولى الدول بالامتناع عن مساعدة الدولة المعتدية وهى هنا الكيان الصهيونى وهذا الحكم يعتبر مساعدة لهذا الكيان الغاصب المحتل لفلسطين.وألزم الدول أيضا بالامتناع عن الاعتراف بالتوسع الاقليمي وهذا الحكم يعتبر إقرار من سلطات الإنقلاب بتوسع الكيان الصهيونى على حساب فلسطين المحتلة أرضا وشعبا. وعلى الدول ايضا واجب التقيد بالقانون الدولي الذى يفرض على الدول ضرورة مساعدة حركات التحرر الوطنى حتى بالسلاح ولا يعد ذلك تدخلا فى الشئون الداخلية للدول وأيضا ألزم القانون الدولى الدول بواجب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومن هذه الحقوق الأساسية حق الدفاع عن النفس الذى كفله كافة مواثيق المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة فى المادة (51) منه، كما نص عليه أيضا كافة الإعلانات والاتفاقيات والمواثيق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان وعلى رأسها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لعام 1948م. 
وهذا الحكم يخالف إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة الذى اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/295، المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2007م، وحق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه بتشكيل حركات تحرر من الحقوق الأصيلة لهذا الشعب وكافة شعوب العالم، وهذا الحكم يصادر حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه وأرضه، علما بأن حق الدفاع الشرعى من الحقوق الطبيعية للدول التى لا يمكن التنازل عنها، ومثل هذه الحقوق لا يملك القانون الدولى والقضاء حيالها إلا تنظيمها وتسهيل الحصول عليها ولا يجوز تقيدها أو الأنتقاص منها، يقع أى قرار أو حكم من محكمة أو قانون يمنع أو ينتقص من هذه الحقوق الأصيلة والطبيعية منعدما قانونا، أى يعتبر فعل مادى لا يرتب عليه القانون والقضاء الدوليين أى آثار قانونية ويقف عند حد الفعل المادى المنعدم.
كما يخالف هذا الحكم إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (1514د-15) المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960م، لأنه يصادر حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، وهذا الحق منصوص عليه فى ميثاق الأمم المتحدة فى المادة الثانية والمادة (55) منه، وهو من الحقوق الأصيلة للدول التى لا يمكن التنازل عنها أو الانتقاص منها.
هذا الحكم يخالف المبادئ ألأساسية الخاصة بأستقلال السلطة القضائية، التى اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في ميلانو من 26 آب/أغسطس إلى 6 أيلول/ديسمبر 1985، كما اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/32 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985 40/146 المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985م، لأنه يؤكد على عدم أستقلال القضاء فى مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011م حتى الآن. ويخالف هذا الحكم الإعلان العالمى بشأن حق الشعوب فى السلم ، الذى اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/11 المؤرخ في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1984م. لأنه يحرم ويجرم على الشعب الفلسطينى حقه فى السلم ودفع العدوان عن نفسه.
وهناك العديد من الوثائق الدولية التى يخالفها هذا الحكم منها:
- المبادئ والأعمال المعتمدة بشأن المساعدة والحماية في إطار العمل الإنساني
الواردة بالقرار رقم (4) الصادر عن المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر (3 -7 ) كانون الأول/ديسمبر 1995، جنيف. وتطبيقا لهذا الحكم سوف تمتنع مصر عن المساعدة الإنسانية لقطاع غزة المحاصر بل سوف يتم تشديد الحصار الذى يشكل جريمة ضد الإنسانية. 
القرار رقم (5) الصادر عن المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر، 3-7 كانون الأول/ديسمبر 1995، جنيف بشأن دعم القدرة الوطنية على تقديم المساعدة فى الشئون الإنسانية والإنمائية وحماية المستضعفين، وقد أستغلت مصر ذلك وأغلقت معبر رفح فى وجه العديد من قوافل المساعدات الإنسانية الذهابة لغزة.
3 – الإعلان الختامى للمؤتمر الدولى لحماية ضحايا الحرب الصادر فى 30 أغسطس- الأول من سبتمبر عام 1993م بجنيف. لأنه بناء على هذا الحكم لن تقدم مصر المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المحاصر وسوف تغلق معبر رفح وتنمع مرور المساعدات الإنسانية عن الشعب الفلسطينى فى غزة وهو تفعله مصر حاليا.
4 – اجتماع فريق الخبراء الدولى الحكومى المعنى بحماية ضحايا الحرب الصادر فى 23 – 27 يناير عام 1995م جنيف. يترتب على هذا الحكم عدم تقديم الحماية لضحايا الحروب والغارات التى يشنها العدو الصهيونى على الشعب الفلسطينى داخل فلسطين ومنها منع تقديم السماعدات ومنع علاج المصابين فى المستشفيات المصرية وغلق معبر رفح.
5 – قرار احترام القانون الدولى الإنسانى ومساندة العمل الإنسانى فى المنازعات المسلحة الذى اتخذ دون تصويت من قبل المؤتمر البرلماني الدولي التسعون، 13 إلي 18 أيلول/سبتمبر 1993، كانبيرا، استراليا.
6 – قرار لمجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية في دورته العادية الستون، 6 إلي 11 حزيران/يونيو 1994، تونس بشأن احترام القانون الدولى الإنسانى ومساندة العمل الإنسانى فى المنازعات المسلحة. خاصة وأن الحصار المفروض على غزة هو بمثابة إعلان الحرب على غزة وغعلاق المعبر جزء من تلك الحرب. 
7 – قرار للجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية، الدورة العادية الرابعة والعشرون، اللجنة الأولي، المسائل القانونية والسياسية، 6 حزيران/يونيه 1994، بليم جو بارا، البرازيل بشأن احترام القانون الدولى الإنسانى. وبهذا الحكم تكون مصر قد خالفت وأنتهكت قواعد القانون الدولى الإنسانى ولم تحترم تلك القواعد.
8- نتائج وتوصيات الندوة الإقليمية بشأن التدابير الوطنية لتطبيق القانون الدولى الإنسانى، سان خوزيه، كوستاريكا فى الفترة من 18 حتى21 يونيه. وهذا الحكم يعد عائقا ومانعا من تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى على الشعب الفلسطينى.
9 – إعلان بشأن زيادة فعالية مبدأ الأمتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها فى العلاقات الدولية، الذى اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ فى 18 ديسمبر عام 1987م. هذا الحكم يساعد العدو الصهيونى فى عدوانه المسلح على قطاع غزة ويشرعن للعدوان باعتبار حركة حماس حركة إرهابية وليست حركة تحرر وطنى ضد الاحتلال الصهيونى، وذلك مفادة وجوب قتال وحرب تلك الحركة.
10 - الإعلان الصادر عن" الجمعية العامة للأمم المتحدة" رقم 375 (4) لعام 1949 بشأن حقوق الدول وواجباتها وهو يتألف من /14/ مادة تتضمن أربعة حقوق وعشرة واجبات وواجبات الدول تتمثل فى عدم التدخل، عدم إثارة الحروب الأهلية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعدم تهديد السلم ، وتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وعدم اللجوء إلى الحرب، وعدم مساعدة الدول المعتدية، وعدم الاعتراف بالاحتلال الحربي، وتنفيذ المعاهدات، والتقيد بالقانون الدولي. نظرة فاحصة للآثار القانونية المترتبة على هذا الحكم يتبين أنه مخالفة جسيمة لهذا الإعلان. لأن هذا الحكم يعد مساعدة للعدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فى غزة.
كما أن تنفيذ هذا الحكم يعد مخالفة جسيمة لقواعد وأحكام مبادئ القانون الدولى لحقوق الإنسان الواردة فى اتفاقيات واعلانات ومواثيق حقوق الإنسان العالمية منها والإقليمية لأن ذلك سوف يؤثر تأثيرا كبيرا على حالة حقوق الإنسان فى غزة ويزيد من معاناة الشعب الفلسطينى فى غزة ويحد من ممارسة حقوقه الطبيعية والأصيلة التى يوفرها القانون الدولى لحقوق الإنسان لكافة شعوب الأرض.
إضافة إلى ما سبق فأن هذا الحكم يكرس الحصار المفروض على قطاع غزة الذى يشكل جريمة ضد الإنسانية طبقا للمادة السابعة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية كما أن من توابع هذا الحكم إحكام الحصار الظالم على الشعب الفلسطينى فى غزة.
ترتيبا على ما سبق، يعتبر هذا الحكم منعدما قانونا لمخالفته المبادئ العامة والقواعد الآمرة فى القانون الدولى العام والقانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، لذلك فأنه يعد عمل مادى لا يترتب عليه أى آثار قانونية ويقف عند حده، كما أن مخالفة تلك القواعد الآمرة والمبادئ العامة لا يجوز حتى الأتفاق على مخالفتها من قبل الدول ولا حتى المنظمات الدولية الإقليمية منها والعالمية.

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: ماذا يدبرون لغزة؟

لا افهم مبررات التصعيد الرسمى المصرى ضد المقاومة الفلسطينية فى هذا التوقيت، وأخشى أن يكون مقدمة لأشياء سيئة.
***
فى البداية لم نتوقف كثيرا، أمام حكم محكمة الامور المستعجلة الصادر فى 31 يناير الماضى والقاضى باعتبار كتائب القسام منظمة ارهابية، واعتبرناه حكم عابر فى دعوى فردية لا تعبر الا عن صاحبها، سيتم نقضه وتصحيحه فى درجات التقاضى الاعلى، خاصة وقد صدر عن غير اختصاص، وبالتزامن مع دعاوى مماثلة منظورة ضد حركات مدنية مصرية لا تنتمى الى التيار الاسلامى، ولا يمكن اتهامها بالعنف او بالإرهاب مثل 6 ابريل.
كما اننا لم نتوقع مزيد من التصعيد ضد غزة، الذى بلغ ذروته فى الشهور الماضية، بعد ان تم اتخاذ حزمة من المواقف والاجراءات غير المسبوقة حتى فى عصر مبارك، بدءا باغلاق المعبر فوق الارض رغم هدم الانفاق تحت الارض، وتنفيذ المطلب الاسرائيلى القديم بعمل منطقة عازلة مصرية على حدود غزة، ناهيك عن الانحياز الى اسرائيل فى عدوانها الاخير، وتعليق شرط اعادة الاعمار على شرط نزع سلاح غزة، وفقا للموقف الرسمى المصرى فى مؤتمر الاعمار الذى انعقد فى القاهرة. وفى عديد من مواقفها الأخرى.
وهى المواقف التى اعتبرناها بمثابة عربون صداقة من السيسى الى اسرائيل، كمدخل وبوابة لنيل الرضا والقبول والاعتراف الامريكى والدولى به وبنظامه الجديد.
ولم نتوقع ان يتمادى النظام المصرى فى مزيد من الاجراءات، بعد ان نال بالفعل ما يريده، فلقد تصدت اسرائيل جنبا الى جنب مع اللوبى الصهيونى فى امريكا بقيادة منظمة الايباك والجمهوريين فى الكونجرس، للدفاع عن السيسى ونظامه، والضغط على ادارة اوباما للافراج عن باقى المساعدات العسكرية الامريكية. كما انطلقت الصحف العبرية بكتابها ومفكريها وقادة اسرائيل فى الدفاع عنه.
لم نظنه سيتمادى اكثر من ذلك، خاصة بعد ان تصاعدت مؤخرا بعض الاصوات فى اسرائيل تحذر من خطر المبالغة المصرية فى التضييق على غزة، والتى قد تؤدى الى انفجار الموقف فى غزة فى وجه اسرائيل وليس وجه مصر.
***
ولكننا فوجئنا بالحكم الثانى الصادر من محكمة القاهرة للامور المستعجلة يوم السبت الماضى 28 فبراير2015، ليشكل مع الحكم السابق سوابق لم تحدث من قبل فى تاريخ المحاكم المصرية أو العربية منذ بدايةالمشروع الصهيونى، فى تماهى كامل مع مواقف وادعاءات وحملات العدو الصهيونى ضد المقاومةالفلسطينية.
· وهو حكم متناقض مع تاريخ قضاء مجلس الدولة الذى اصدر حكم رفض تصدير الغاز لاسرائيل.
· وهو حكم متناقض أيضا مع الثوابت الوطنية المصرية والعربية، التى لا تزال تعتبر ان اسرائيل هى العدو الرئيس لمصر وللأمة العربية،وهو حكم معكوس، يصدر ضد أهلنا وإخوتنا فى فلسطين. وكان الأولى أن يصدر ضد اسرائيل واحتلالها ومذابحها وارهابها.
· هذا بالإضافة الى كونه حكم متجاوز حدود الاختصاص، من منظور الاستعجال أو السيادة.
***
لتنضم هذه الاحكام الى ما شهدته الاسابيع الماضية، بدون مناسبة، من حملة اعلامية جديدة ضد المقاومة فى غزة على "الحدود الشرقية"، بعد لحظات من جريمة ذبح المصريين فى ليبيا على"الحدود الغربية.
ان هذه الحملة وهذا التصعيد لا يبشران بخير، خاصة وان الاهداف من وراءهما فى هذا التوقيت غير مفهومة :
· فهل هو تمهيد لعدوان اسرائيلى جديد على غزة؟ وهو ما نراه مستبعدا بسبب قرب الانتخابات الاسرائيلية التى لا تحتمل مغامرات عسكرية جديدة غير مضمونة النتائج. وبسبب رغبة الولايات المتحدة فى تركيز جهود كل حلفائها على حملتها فى العراق وسوريا.
· أو ربما عدوان اسرائيلي محدود، بغطاء مصرى، يسعى لاسترداد اسرائيل السيطرة على الشريط الحدودى مع مصر داخل غزة، ليتوائم مع المنطقة العازلة السيساوية فى سيناء.
· ام انه كما يخشى البعض تمهيد لدور عسكرى مصرى ما فى غزة؟ أراه منافيا لكل حسابات العقل والمنطق، ناهيك على انه صادم ومعادى لكل القواعد والثوابت والسوابق الوطنية والتاريخية.
· ام انه بمثابة مزيد من رسائل الطمأنة والتحفيز للكونجرس الامريكى وهو بصدد مناقشة المساعدات الامريكية المجمدة لمصر؟
· ام انه تمهيد لأحكام قاسية فى قضية التخابر مع حماس المتهم فيها محمد مرسى؟
·ام انه مجرد استمرار للحملة الحكومية الهادفة الى اخافة الناس من المؤامرات الخارجية، لتبرير قبضتها البوليسية واجراءاتها الاستثنائية؟
· ام انه امر يرتبط بكواليس التنسيق الامنى المصرى الاسرائيلى عالى المستوى، الذى لا نعلم عنه شيئا؟
· أم انها لا تعدو ان تكون ضغوطا اضافية على حماس لاجبارها على تسليم ادارة غزة لابومازن؟
· ام انها تغطية لانسحاب مصر من دورها المنتظر فى رعاية المصالحة الفلسطينية، واعادة اعمار القطاع؟
· أم أن انها خليط من كل ذلك ؟
***
الله أعلم، ولكن اياً كانت الدوافع والأهداف، فان كل شئ سيتكشف فى الاسابيع القادمة.
وربنا يستر
*****
موضوعات مرتبطة :