أمير من آل سعود ينشق عن النظام الملكى السعودى ويفضح علاقته بالموساد وأمريكا
هيومن رايتس ووتش:
صمت الولايات المتحدة المطبق بشأن حقوق الإنسان في السعودية
فبراير 4, 2014
Author(s): Adam Coogle
منشور في: Foreign Policy
كان 2013 عاماً سيئاً آخر لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، شابته عمليات الإعدام وقمع النساء والنشطاء. وللأسف، فباستثناء تقارير حقوق الإنسان السنوية كانت الانتقادات العلنية الأمريكية لسجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان محدودة لسنوات عديدة.
غالباً ما يسألني النشطاء السعوديون، وكثير منهم ممن تم سجنهم، لماذا لا يقوم ممثلو حكومة الولايات المتحدة الذين لديهم علاقات جيدة مع أعضاء النخبة الحاكمة في السعودية، بإثارة قضاياهم علانية والضغط على السلطات السعودية من أجل احترام حقوق الإنسان للمواطنين السعوديين. كما اعترفت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس في خطاب في ديسمبر/كانون الأول: " دعونا نكون صادقين: في بعض الأحيان، نتيجة لذلك، نعمل مع حكومات لا تحترم الحقوق التي ندافع عنها بشدة. نحن نتخذ خيارات صعبة". يبدو أن المسؤولين الأمريكيين قاسوا الجوانب الاقتصادية والجيو-استراتيجية للعلاقة مع المملكة، وعلى نحو فعال وضعوا النشطاء السعوديين في آخر قائمة الأولويات.
نفذت المملكة العربية السعودية العشرات من عمليات الإعدام في 2013، وكانت الغالبية العظمى منها عن طريق قطع الرؤوس في أماكن عامة، بما في ذلك الواقعة البشعة لقطع رؤوس خمسة رجال يمنيين بتهمة القتل والسطو المسلح في مايو/أيار وعرض أجسادهم مقطوعة الرأس على الملأ في بلدة جازانالجنوبية.
واصلت السلطات التعامل مع النساء على أنهن قاصرات من الناحية القانونية، فمنعتهن من اتخاذ قرارات حياتية مهمة - مثل مغادرة البلاد واستكمال التعليم العالي أو الخضوع لبعض الإجراءات الطبية - دون موافقة ولي الأمر. عندما حاولتعشرات النساء السعوديات الجلوس خلف عجلة القيادة لتأكيد حقهن في قيادة السيارات في 26 أكتوبر/تشرين الأول، أخذت السلطات بعضاً منهن وأجبرتهن على توقيع تعهدات بعدم القيام بذلك مرة أخرى. كما أدانت محكمة سعودية امرأتين في المنطقة الشرقية بدعوى "تخبيب زوجة على زوجها" لمحاولتهما مساعدة سيدة قالت انها محتجزة في منزلها دون غذاء كاف.
استأنفت المملكة العربية السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني، حملة لاعتقال وطرد مئات الآلاف من العمال الأجانب المخالفين لنظام العمل. وذكر العديد من العمال المطرودين ظروف احتجاز رهيبة بينما في انتظار الترحيل، بما في ذلك الاكتظاظوالضرب ونقص الغذاء والماء. روىلي عمال من إثيوبيا يعملون بالرياضقصصاً عن الاعتداءات البدنية من قبل المواطنين السعوديين، والتي أخفقت الشرطة بوقفها أو التي شاركت بها فعلياً.
لقد لمس النشطاء المستقلون وطأة القمع من نظام القضاء الجائر والسياسات القاسية لوزارة الداخلية السعودية في عام 2013. اضطهدت المملكة النشطاء في محاولة لوقف الانتقادات في وسائل الإعلام الاجتماعية وفي المواقع الإخبارية والتحليلية. وبالإضافة إلى إدانة ثمانية من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، والعديد منهم في محاكمات جائرة، حاولت السلطات إسكات وتخويف عشراتٍ آخرين مع حظر السفر وحملات التشهير والتهديد بالتحقيق والمحاكمة بسبب أنشطتهم السلمية. وفي ظل عدم وجود قانون عقوبات مكتوب أو لوائح جنائية دقيقة الصياغة، يمكن للقضاة والمدعين العامين تجريم طائفة واسعة من المخالفات من خلال فئات واسعة وشاملة مثل "الخروج على ولي الأمر" و"محاولة تشويه سمعة المملكة".
يخضع الناشط المعروف وليد أبو الخير للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وهي محكمة الإرهاب في المملكة العربية السعودية، بتهم غامضة مثل "الخروج على ولي الأمر" و "استعداء المنظمات الدولية ضد المملكة"لدوره في نشر معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان وانتقاد سياسات الحكومة. وفي حال إدانته، يمكن أن يواجه سنوات في السجن. كما يواجه أبو الخير دعوى جنائية منفصلة لاستضافته مجموعة نقاش أسبوعي حول آفاق الإصلاح السياسي والاجتماعي في المملكة العربية السعودية.
ولعب ناشط آخر من نشطاء حقوق الإنسان، وهو فاضل المناسف، دوراً رائداً في توثيق الانتهاكات ضد المتظاهرين في المنطقة الشرقية عام 2011. قام المناسف بتنظيم ورشات عمل تثقيفية حول حقوق الإنسان في القطيف وقام بدور الوسيط بين أسر المعتقلين والسلطات في عدة مناسبات، حيث التقى مسؤولي الشرطة نيابة عن العائلات للسؤال عن مكان وجود أفراد أسرهم المفقودين. والمناسف الذي تم اعتقاله في أكتوبر/تشرين الأول 2011 يخضع حالياً للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بتهم تشمل "بث الفرقة" و"تأليب الرأي العام ضد الدولة" و "التواصل مع جهات إعلامية خارجية تسعى إلى تضخيم الأخبار والإساءة إلى حكومة المملكة".
لم تواجه أي مجموعة مستقلة في المملكة العربية السعودية مستويات أعلى من القمع عام 2013 مثلما واجهته جمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية. ففي مارس/آذار، أدانت محكمة في الرياض عبد الله الحامد ومحمد القحطاني عضوي الجمعية ومن المدافعين القدامى عن حقوق الإنسان بتهم مثل "المس بالنظام العام" و"إنشاء جمعية غير مرخصة". وحكمت المحكمة عليهم بالسجن لمدد طويلة - 11 و10 سنوات على الترتيب – وسيواجهان منعاً من السفر إلى الخارج لفترة طويلة بعد قضاء العقوبة. وأدانت محكمة في مدينة بريدة وسجنت عمر السعيد وعبد الكريم خضر، عضوي الجمعية ذاتها بتهم مماثلة ولايزال فوزان الحربي على ذمة المحاكمة في الرياض.
تدّعي الولايات المتحدة أن قضايا حقوق الإنسان مهمة بالنسبة لها. قالت رايس في الخطاب ذاته في قمة "حقوق الإنسان أولا": "لقد استخدمنا مجموعة متنوعة من الوسائل لتحفيز الحكومات على احترام الحقوق العالمية لشعوبها.. و محاسبتهم عندما لا يقومون بذلك.. نحن نبحث في التحديات الأمنية للربيع العربي ونساعد الشركاء لإرساء الأسس لمستقبل متجذر في مزيد من السلام والفرص والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان".
ولكن ليس ثمة مؤشرات تذكر على أن الولايات المتحدة تثير هذه القضايا مع الحكومة السعودية. ويعتقد النشطاء السعوديون أن هذا الصمت أساء بشكل صارخ قراءة الطبقة الحاكمة في السعودية والتي تعتمد على دينامية شد وجذب بين الفصائل الإصلاحية والمحافِظة. ولا يمكن للمسؤولين الأمريكيين بالتأكيد أن يملوا على الحكومة السعودية تصرفاتها، ولكن الضغط الاستراتيجي يمكنه تعزيز موقف الإصلاحيين في النخبة الحاكمة. يمكن أن يكون النضال من أجل إصلاحات حقوق الإنسان عملاً محفوفاً بالمخاطر في المملكة العربية السعودية، وغياب الدعم الشعبي من الولايات المتحدة وغيرها يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لأولئك الذين يفكرون باتخاذ موقف.
عندما يسأل المسؤولون الأمريكيون عن الصمت حيال هذه القضايا غالباً ما يتغاضون عن هذا السؤال، أو يشيرون إلى أن الانتقاد العلني لن يفيد. ولكن من دون أي مؤشر على المسألة تتم إثارتها بشكل غير علني - أو أن إبداء القلق في المباحثات غير المعلنة له أي تأثير - فقد آن الأوان للانتقال نحو المجال العلني.
وفي تطور إيجابي بعد رفض طويل لمراقبة محاكمات المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، حضر مسؤول أمريكي محاكمة الناشط فوزان الحربي في الرياض في يناير/كانون الثاني. هي خطوة إيجابية لكن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لإظهار التزام الولايات المتحدة الجاد بتحميل الحكومة السعودية مسؤوليات سجلها في حقوق الإنسان.
رشّحت الولايات المتحدة المسؤول العسكري جوزيف وليام ويستفال كسفير جديد إلى الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني، وحالما يتم اعتماده سيكون لديه فرصة كسر الصمت بشأن قضايا حقوق الإنسان في السعودية. إذا أرادت الولايات المتحدة تقوية التزامها بتعزيز إصلاح حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، ينبغي أن تستمر في إرسال ممثلي السفارة لمراقبة محاكمات الناشطين علناً وأن تدعو إلى الإفراج الفوري عن نشطاء حقوق الإنسان السعوديين الذين سُجنوا خلال فترة عام ونصف مضت بسبب نشاطهم السلمي.
*آدم كوغل هو باحث في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش ويتابع الأحداث في المملكة العربية السعودية.تويتر @ cooglea