سيبقى القتل والتعذيب والفساد وفقدان السيادة في العراق طالما بقت الحكومة التي أوجدها الاحتلال الامبريالي الأمريكي بالتوافق مع إيران.
ظاهرة الإعدامات بحق العرب من السنة واعتقالهم وتعذيبهم ليس سببها اتهامهم بالإرهاب، بل لأنهم القوى الأكثر نشاطا معارضة لكل ما نتج عن الاحتلال، وتسعى الحكومة الطائفية غير الشرعية بهذا الإجرام لترسيخ الوقائع التي تقود لتقسيم العراق.
وقد قلنا سابقا إن بقاء الحركات الوطنية عند نفس النقطة السياسية التي بدأت منها ليس كافيا لإيقاف مسلسل الموت في العراق المحتل.
وما يجب الآن هو تأسيس حكومة بديلة تقوم أساسا على مبدأ ان الشعب العراقي يرفض كل ما نتج عن الاحتلال. وبقدر حاجة الشعب لأبطاله فان هذه الحكومة هي البطل المنتظر.
إن بقاء المعارضة ضمن إطار وجود حكومة يجب إسقاطها يعني ضمنا ان هذه الحكومة شرعية وهذا ليس حقيقيا. إذ لا يوجد شرعية لاحتلال ولا شرعية لما فرضه الاحتلال من عملية سياسية ودستور تقسيمي.
لقد تحفظ البعض على دعوتنا السابقة لتشكيل حكومة العراق التي تقوم على رفض الاحتلال وما نتج عنه باعتبار إن تشكيل هذه الحكومة يجب أن يكون بعد إسقاط هذه الحكومة وسحق كل مظاهر الاحتلال.
لكن الوقائع تقول إن إعلان عدم شرعية هذه الحكومة وكل حالة جرت بعد الاحتلال يتطلب تكريس ذلك في الداخل العراقي بشكل عملي كما هو تأكيد للخارج. وهذا يعني ان تشكيل حكومة الثورة والتحرر هو البداية العملية.
واعتقد ان القلق يأتي من خشية ان يصطف الشيعي مع حكومة نوري مالكي الطائفية اختيارا او بطشا، وخشية ان يعلن الكردي صراحة انفصاله، وان يستنزف العربي السني لمواجهة القلة من السنة الذين تعاونوا مع نوري ماليك .
غير ان الخطوات التي تجري في العراق حاليا، ستقود لهذا التقسيم ما لم تنطلق حكومة الثورة العراقية التي يجب ان تستند على رفض الاحتلال وما نتج عنه و على اعتبار الدولة المدنية الإطار العادل الذي يجمع كل العراقيين على أسس المساواة والحرية والديمقراطية والاشتراكية.
وما يجري في الساحة العراقية ان القوى الرافضة للاحتلال وكل ما نتج عنه لم تستطع التوحد ضمن مجلس واحد لكنها في هذا الوقت يجب ان تتوحد ضمن حكومة الثورة.
و ما لم يرى الشارع البديل الثوري الجاهز للقيام بمسؤولياته كحكومة إنقاذ فانه سيبقى ينتظر شيء هائل ليقوده لاحتجاجات ضخمة تقود لفرار كل من جاء مع الاحتلال الأمريكي والإيراني.
ومن المظاهر التي لا تخدم مشروع تحرير العراق هو تأسيس حركات تحمل أسماء المناطق او العشائر وتحمل مطالب لا تتعلق بتحرير العراق، حتى لو خلصت النوايا فأنها تهمش الفعل الوطني الذي يعني ان التصدي للاحتلال وما نتج عنه يتطلب تأكيد الهوية العراقية الجامعة وليس المناطقية أو العشائرية.
ان تشكيل حكومة الثورة والتحرر ستكون الخطوة الفعلية كبداية لجمع ابناء العراق و لاسقاط وسحق كل ما نتج عن الاحتلال.
يجب الاعتراف ان هناك شريحة بدأت تؤمن بالطائفة على حساب الوطن، كما يتضح ان التجييش العنصري الكردي المدعوم إقليميا يراد منه تكريس عدم عراقية الأكراد.
ان الامبريالية الأمريكية والصفوية الإيرانية ودول الخليج العربي الرجعية والأردن وتركيا يقفون بشكل فعل لدعم هذا الانشقاق في المجتمع العراقي.
لقد وفرت هذه الدول دعما استثماريا كبيرا للميلشيات الحاكمة الشيعية والكردية بشكل علني وسري كبير.
ان مقاومة عصابات الحكم الحالي وميلشياته الطائفية يتطلب فعلا ان تقوم القوى الرافضة للاحتلال وما نتج عنه من صناعة شرعية توفر الاطمئنان لكل من يتصدى للحكم الفاسد.
ان بقاء ثروات العراق بيد لصوص وقتلة وفاسدين سيبقى مصدر قوة للميلشيات والعصابات على حساب محدودية موارد الرافضين للاحتلال.
ان العراق في وضع سيء وصلت به الدرجة لمرحلة ان تقوم الميلشيات الشيعية بمسيرة شتم للصحابة داخل منطقة الاعظمية وبحماية من جيش الحكم الطائفي، مما يعني ان الاستعدادات بدأت تتحول لأفعال من اجل حملة تهجير للعرب السنة من بغداد لصالح من هم أصولهم أعجمية .
ان بقاء رافضي الاحتلال عند الخطوة الأولى السياسية برفض الاحتلال وما نتج عنه سيكون كارثة تسمح بالجحيم على ارض العراق والمطلوب ان يكون الوطن اكبر من الانتماء لاي حزب او جهة وهو ما يعني الانتقال الى مرحلة تشكيل حكومة الثورة والتحرر التي هي مطلب لابد منه لخلاص العراق.
مع فائق التقدير،