07 أغسطس 2017

سيد أمين يكتب: 30 يونيو.. ثورة مضادة مكتملة الأركان


إذا خدعت أحداً خدعة متقنة يصعب على بساطة وعيه أن يكشفها، وتصرَّفت بناءً على ذلك تصرفاً شائناً أو خارجاً عن القانون بقصد أو من دون- فأنت شريك له في الجريمة ما لم تكن أنت بمفردك المجرم المغرر المدلس.
وإذا كنت مدرِّساً وضللت تلميذك أو من يثق بك بمعلومات مغلوطة، فذهب للامتحان ورسب، فأنت المسؤول -بلا شك- عن كل ما فَهم وكتب وعن رسوبه.
وكذلك، كل من صدّق الدعاية الإعلامية السوداء، كبيع النيل والأهرام وسيناء وغيرها، وخرج في 30 يونيو/حزيران 2013 داعياً للانقلاب على أول تجربة ديمقراطية في البلاد، فإن الإعلام ومن خلفه ومن أوحى إليه، يتحمل الوزر الأخلاقي والقانوني والشرعي عنه؛ وذلك لكون الضحية تحرك بناءً على تلك المعلومات التي قدمها بشهادته الزور.
وعموماً، فالأصل في منح شرعية واحترام أي ثورة هو ضرورة اتسام القائمين عليها بالوعي واليقين، سواء في المبررات أو النتائج، وليس بالخداع واستغلال انخفاض وعي الناس.

أربعة حشود

4 سنوات مرت على ذكرى الحشد الاحتفالي الذي انعقد بميدان التحرير في 30 يونيو/حزيران، كان بحق حشداً كبيراً لا تخطئه العين، لكنه أيضاً لم يكن الأكبر الذي شهدته شوارع القاهرة في السنوات الست الماضية؛ فقد سبقته 4 حشود أكبر منه عدداً وأكثر مخاطرةً، حشد منها كان ثورياً، وحشدان آخران كانا يشبهانه في كونه حشداً احتفالياً.
فقد سبقه الحشد الثوري الكبير الذي نزل إلى شوارع مصر في جمعة الغضب إبان أحداث الثورة الحقيقية، هذا الحشد نزل متحدياً المخاطر التي قد تكلف المرء حياته؛ وذلك درءاً لأضرار عاناها بحقٍ، طيلة عشرات السنين، ثم تلاه أيضاً حشد يوم تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، وهو الحشد الاحتفالي الكبير الذي اعتُبر بمثابة شهادة مبايعة من جموع الشعب للثورة الوليدة.
كما سبقه أيضاً الحشد الذي انعقد في أبريل/نيسان 2012 تحت اسم "الشريعة والشرعية" والذي امتدت الحشود فيه مسافاتٍ طويلةً وسط القاهرة وميادين مصر، وكان حشداً احتفالياً بقدر كبير، لكنه يؤكد مطالب سياسية محددة، ثم الحشد الاحتفالي الثالث الكبير الذي جرى إبان إعلان فوز الدكتور محمد مرسي في العام نفسه.

حراك الثورة المضادة

في الواقع، إن حشد 30 يونيو/حزيران اختلف جذرياً عن الحشود كافة التي سبقته، سواء في الموضوع أو الأسباب؛ لأنه سار في الطريق المغاير لها تماماً، وعبَّر بشكل كبير عن النظام القديم الذي حدثت ضده الثورة، ثم أعادته للحكم ليكون أشد ضراوة وقسوة، فاستحق بحق أن يطلق عليه حراك من حراكات "الثورة المضادة".
ونؤكد هنا أنه مجرد حراك لم يرتقِ لمرحلة الثورة أو حتى الثورة المضادة؛ وذلك لأنه لو زعمنا ذلك لاعتبرنا أن كل يوم جمعة بعد ثورة يناير/كانون الثاني كان بمثابة "ثورة"؛ نظراً إلى نزول الآلاف فيه للشوارع تحت اسم المليونيات المتنوعة المطالب والأهداف.
ومن غير المنطقي أيضاً أن نعتبره حشداً ثورياً، لأسباب كثيرة؛ أهمها أن الثورة حتماً -ولا بد- أن تقوم ضد "السلطة"، والسلطة هي عبارة عن أدوات الحكم المتمثلة في الجيش والشرطة والقضاء والإعلام الرسمي، ولما كانت تلك الأدوات هي من خططت ودبرت ومولت ودعت لهذا الحشد سراً أو جهراً- كان من الضروري اعتباره حراكاً في ثورة مضادة.
ولأن ما حدث كان انقلاباً، فقد انقلبت معه أيضاً معايير المنطق؛ فاحتل القاتل مكان الضحية ووضع الضحية موضعه، الإنسان الذي مَن قتله كمن قتل الناس جميعاً، صار قتله عملاً اعتيادياً، يُكرّم فيه القاتل وتُسبغ عليه صفات التضحية والوطنية والفداء.
وصار الخائن هو من يقاوم بيع تراب الوطن والوطني هو من يبيع، والوطني هو من يتودد لإسرائيل والعميل لها من يعاديها، وصار الإرهابي هو من يعترض على مثل تلك اللامنطقيات ويتمسك بتحقيق العدالة.

ثورة دي ولا انقلاب؟

والآن، بعد 4 سنوات من احتفالية 30 يونيو/حزيران، تأكد للجميع -حتى أشد مناصريها- أنها كانت انقلاباً على ثورة يناير/كانون الثاني.
فبيع الأرض للأجانب كجزر تيران وصنافير وتشيوس، وتدمير المدن وتهجير أهلها، والزج بعشرات آلاف من المصريين في غياهب السجون، مع آلاف الشهداء من المصريين مدنيين ومجندين، وبناء قرابة 19 سجناً جديداً، وإغلاق المجال العام وحجب المواقع واعتقال الصحفيين، وعودة زوار الفجر، وانهيار الاقتصاد وعودة الفاسدين لمناصبهم وغير ذلك... لا يمكن أن يكون ناتجاً عن ثورة.
ثورة دي ولا انقلاب؟

28 يوليو 2017

سيد أمين يكتب: ثورة يوليو الأمريكية

الجمعة 28 يوليو 2017 15:59
لولا أن ما درجنا على تسميتها "حركة 15 مايو/أيار" التي لقبها السادات بالثورة في بداية حقبة السبعينيات حدثت في مايو ، لقلنا إن "يوليو/تموز" هو شهر الانقلابات العسكرية الوحيد في مصر، بدءا من 1952 نهاية بانقلاب 2013، وكأن ارتفاع درجة حرارة الشمس يخلق تأثيرا انفعاليا في أدمغة العسكر فيقتلون ويسحقون.
ورغم أننا احتفلنا كثيرا بـ "ثورة أولى" مزعومة لم يعشها معظمنا وصارت راسخة يقينا في وجدان الكثيرين منا ، فإن مسايرتنا للثورة "المزعومة" الثانية كشف لنا ليس خداعها هى فحسب، بل خداع الأولى معها، وعرفنا من خلالها أيضا "كلمة السر" وراء سيل "الثورات" التي اختص العسكر بها بلادنا.

أسئلة مشروعة
والحقيقة أننا نحتفل كل عام بحركة الجيش في 23 من يوليو/تموز 1952 ومع ذلك نتجاهل تساؤلات حول أسباب عدم تدخل الانجليز من أجل إفشالها وحماية عرش "الملك" وهم الذين يسيطرون على مصر عسكريا، أرضا وبحرا وجوا ، شعبا وجيشا ، وقادرون على قمع أي تمرد مهما كان حجمه ضدهم ، خاصة أن هذا التمرد يقوده بضع عشرات من الرتب العسكرية الصغيرة قد تسعهم "عربة ترحيلات واحدة"، والسيطرة عليهم بأسلحتهم البدائية عمل غاية في السهولة على جنود إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس؟.
وكيف دخل هؤلاء المتمردون الجيش المصري وترقوا فيه أساسا بينما الانجليز يبسطون سيطرتهم تماما عليه بوصفه المؤسسة الأهم التي يحرص عادة أي كيان استعماري على السيطرة عليه؟
وأيضا، هل من الصدفة نشوء هذا التناغم بين ضباط جيش تربوا على السمع والطاعة، وتوحدهم رغم تنوع بل وتنازع ألوان طيفهم الفكري: القومي ،والشيوعي، والاشتراكي، والليبرالي ، والإسلامي ـ المتمثل في الإخوان المسلمين ـ خاصة في مثل هذا العمل السري الخطير المحفوف بالمخاطر والذي عقوبة فشله هي نزع الحياة من أرواحهم؟
ألا يشعرك هذا التنوع بأنه كما لو كانت هناك انتخابات جرت لاختيار من سيرتكبون جريمة "الانقلاب" على نظام الحكم، وطرد الملك أو قتله وهو الذي كان يعاقب من يسبه بالمؤبد طبقا للقانون آنذاك، فمن أين جاءوا بكل تلك الثقة؟
ويجب الإشارة أيضا إلى أن قبول العسكر بهذا "التنوع" يحمل في حد ذاته غرابة كبيرة نظرا لعدم توافقه مع النزعة الاستحواذية للنظم السائدة آنذاك، فضلا عن الممارسة الديمقراطية لم يعرف بها إلا الغرب وخاصة بريطانيا آنذاك!

نتيجة واحدة
ولعل حاصل إجابات هذه التساؤلات تفضي إلى نتيجة واحدة هي أن هؤلاء الضباط بكل تنوعاتهم الفكرية كانوا مجرد بيادق اختيروا مبكرا وبعناية فائقة للقيام بلعبة مرسومة في إطار هوجة الانقلابات العسكرية العربية في خمسينيات القرن الفائت والتي تم تجميلها فلقبت بـ"الثورات".
وهى "الثورات" التي على ما يبدو قد صممتها فلسفة أمريكية تتناسب مع هذا الكيان العالمي الجديد الآخذ في التغول خاصة بعد ما قيل عن تنازل بريطانيا لأمريكا عن مستعمراتها القديمة باتفاق سري جري بينهما في يناير/كانون الثاني 1951، مستخدمة الطريقة الشهيرة التي أوصى بها المفكر الإيطالي "نيقولا مكيافيللي" أميره في السيطرة على المستعمرات الحديثة، ومنها أن ينصب عملاء له من بين شعبها حكاما عليها، خاصة من بين الأقليات أو الطوائف المكروهة، فيقتلون شعبهم ويسلبون ثرواته، ويقدمونها له على طبق من فضة لأنه هو من يحميهم من عدوهم الشعب.

الملك الحائر
اتهم الإنجليز الملك فاروق صراحة بالتعاون مع القوات الألمانية المرابطة في صحراء العلمين علي الحدود الليبية في الحرب العالمية الثانية فحاصروا قصره بالدبابات في حادث فبراير /شباط 1942 الشهير ليجبروه على حل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا وتعيين حكومة "الوفد" الموالية لهم وذلك من أجل تأمين جبهتهم الداخلية، ما يؤكد أن بريطانيا كانت كارهة للملك وبالطبع كان هو كارها لها لحيازتها على كافة أدوات السلطة في مصر وتحويله إلى حاكم بلا حكم.
ويمكننا في هذا الصدد مراجعة العديد من الكتب والوثائق ومنها مثلا كتاب " الملك فاروق وألمانيا النازية - وخمس سنوات من العلاقات السرية" لكاتبه وجيه عتيق.
بل إن مذكرات الملك فاروق نفسه أشارت إلى أن السفير الأمريكي كان يلحُّ عليه قبل الثورة بقليل أن يعترف بدولة إسرائيل كي يضمن مؤازرة الإدارة الأمريكية، ولكنه كان يجيب على الدوام: «إنني لا أريد أن يسجل التاريخ عليّ أنني أول ملك عربي يعترف بالدولة اليهودية».
وهذا ما أثبته فتحي رضوان في كتابه "72 شهراً مع عبد الناصر" وهو «أن الأمريكان هم الذين دبّروا خلع الملك فاروق لأسباب عديدة منها عجزه أو رفضه الاعتراف بإسرائيل» كما ورد في محاضر اجتماعاته مع السفير الأمريكي وأن وزير الخارجية الأمريكية دين أتشيسون رفض مساعدة فاروق أثناء الانقلاب الذي أسقطه، كما كانت وقفة السفير الأمريكي الآخر جون فوستر دالاس ضد الملكية، الضربة الحقيقية ضد فاروق لصالح عبد الناصر .
وهنالك عدة كتب أحدها أصدره أحد مراكز البحث في "أبوظبي" يضم وثائق تتعلق بثورة 1952 تؤكد أن السفارتين البريطانية والأمريكية - وهما ممثلتا دولتي الاتفاق الذي أشرنا إليه سلفا - كانتا غاضبتين جدا من الملك فاروق وتحدثتا بكل صراحة عن ضرورة تغييره.
كما حوى الكتاب الأشهر عالميا "لعبة الأمم" لمؤلفه ضابط المخابرات الأمريكية "مايلز كوبلاند" تفاصيل دقيقة عن عدة لقاءات جرت بينه وبين زميله كيرميت روزفلت وقيادات المخابرات الأمريكية من جانب مع جمال عبد الناصر وقيادات الضباط الأحرار من جانب آخر للإعداد للانقلاب.
فيما حفل كتاب "ثورة يوليو الأمريكية ..علاقة عبد الناصر بالمخابرات الأمريكية" الصادر عام 1988 عن دار الزهراء للإعلام العربي لمؤلفه الدكتور محمد جلال كشك ، بمئات بل ألاف الشهادات والمصادر التي تسير في هذا الاتجاه، والتي تدحض أيضا الآراء المغايرة.
بل راح كتاب مصريون مقربون من السلطة مثل المرحوم "محسن محمد" رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الجمهورية الأسبق يعترف تلميحا بوجود تلك العلاقة في مقالات نشرتها له "أخبار اليوم".

اقرأ المقال على الجزيرة مباشر من هــــــــــــــــــــــــــــــــنا

لفك الحجب

26 يوليو 2017

سيد أمين يكتب : لماذا لا تكون الكويت عاصمة للثقافة العربية مجددا؟

تختلف أو تتفق مع بعض أو مجمل سياسات دولة الكويت، لكنك حينما تكون منصفا حتما ستجد نفسك واحدا من الذين يعتبرونها عاصمة التعدد الثقافي العربي بحق، حيث تأخذ على عاتقها ربط التراث بما فيه من أصالة بالحداثة بما فيها من ابهار، وإيجاد التناسق بين جميع ألوان الطيف الفكري دون تنازع أو إقصاء، وهو ما فطن إليه المهتمون برعاية الثقافة العربية في منظمة اليونسكو العالمية ليمنحوها هذا اللقب الذي استحقته بجداره عام 2010.
فوسط تلك الهجمة المعلوماتية الشرسة التي تتعرض لها أمتنا والتي تهدد باختراق الأدمغة العربية ومسح الذاكرة الوطنية كان لزاما على الدول العربية النابهة التصدي لظاهرة خطف الأذهان ، والقيام بعمل التحصينات اللازمة لحفظ الوجدان العربي من النزوع للاستسلام بالتبعية للخارج أو للمقاومة بالتطرف.
ورغم أن الكويت قد حصلت على لقب عاصمة الثقافة العربية من قبل، ومن المقرر أن تحصل عليه مجددا عام 2022 المقبل ، إلا أن النشاط الثقافي الدءوب في هذه الدولة يستدعي التبكير بمنحها إياه مجددا ، كتقدير رمزي لعنايتها بمواكبة الجيل الرابع والخامس من الحروب الفكرية ، خاصة وإنها تخوض حربا ضروسا ضد محاولات تغريب وتغييب العقل العربي ، لتكون الكويت واحدة من دول تعد على كفة اليد الواحدة في كل ربوع وطننا العربي قد تكون من بينها قطر ولبنان التي اتخذت من المواجهة الثقافية والانفتاح على جميع أطياف الفكر سلاحا استراتيجيا يحفظ لها أمنها القومي، وهو بحق نفس الخيار الذي اتخذته الأمم الغربية فعبرت به عصور الظلمات إلي النور، خاصة أن حروب الجيل الرابع هي في الاصل "حرب لا متماثلة" كصراع الدول المركزية مع مجموعات غير مركزية من القوي الإعلامية فيما تتضمن حروب الجيل الخامس ضمن ما تتضمن الحرب الاقتصادية والبيولوجية وأيضا الحرب الإعلامية.
وتقوم الكويت بالإنفاق بسخاء في مجال الحفاظ على التراث الفكري والثقافي ، وربط النشء والشباب بالماضي وتهيئتهم لخوض صعاب المستقبل واللحاق بحرب الفضاءات الاليكترونية وذلك من خلال المهرجانات والاحتفالات والأمسيات والصباحيات الثقافية والفكرية، والكتب والصحف والدوريات الثقافية الشاملة والمتخصصة العابرة للحدود القطرية إلي أفاق الوطن العربي الأكثر رحابة وسعة ، والتي كانت دورية "العربي" -علي سبيل المثال - واحدة من تلك الدوريات التي لاقت صدى واسعا وطيبا في الوطن العربي نظرا لما تحتويه من عمل جاد ومحترم ويحمل مضامين عميقة. 
كما تقوم دولة الكويت أيضا بالاهتمام بالعمل المتلفز،ورعت سلسة من الفضائيات ذات المحتوى والطابع الثقافي والتوعوي التي جذبت ملايين المشاهدين إليها.
ولا يمكننا ونحن نتحدث عن النشاط الثقافي المتجدد الذي تميزت به  الحياة عامة في دولة الكويت، أن لا نذكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وما ينتجه من أعمال ثقافية غزيرة وإصدارات متعددة تناسب الجميع على كافة تنوعاتهم العمرية والفكرية والاقتصادية والمذهبية والدينية والعرقية وذلك علي مدار أكثر من أربعين عاما منذ إنشائه، حيث كانت تلك الأعمال تتباين في المحتوى وتخاطب أذواقا وصنوفا فكرية وفنية متعددة بل وتقيم مهرجانات متنوعة تخاطب الكبار والصغار والشباب والنساء والرجال ، كما أن منها التثقيفي والديني والترفيهي والسياسي وغيرها وتتدرج بين أقسام متنوعة ما بين عالم الفكر وعالم المعرفة وإبداعات عالمية والثقافة العالمية والفنون والمسرح العالمي وإصدارات خاصة وإصدارات مجانية.
وكانت مساحة الحرية المطلقة التي أكدها المرسوم الأميري الصادر بإنشاء المجلس ، قد أعطته براحا كبيرا ومساحات واسعة يتمدد فيها ما جعله يحقق مكانته الكبرى في الثقافة العربية ، ويحول الكويت إلى مركز إشعاع ثقافي كبير في كل البلاد والشعوب الناطقة بلغة الضاد ، خاصة أن الأدوار التي أوكلت إلى المجلس وهى التشجيع على القراءة والكتابة وحفظ وتوثيق التراث الشعبي الكويتي والعربي ودعم ورعاية الإبداع الفكري والثقافي المحلي ونشر الثقافة العامة من خلال إصدارات المجلس المتنوعة..
حقا الكويت تشهد حراكا ثقافيا يحفظ للعرب تراثهم ويجب على العرب التحرك لصب المزيد من روافد الدعم والتأييد الإعلامي واللوجيستي إليه.

12 يوليو 2017

لا تَقسُوا على شعبِكم


بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
كلما سَحَقَت (إصلاحاتُ) الديكتاتور شعبَه، وهَتَكَت كرامةَ أُسَرٍ اعتادت على التَحَّصُنِ بالستر، انفجر بعضُنا (ولا سيما الشباب) يصبُ جامَ غضبه على الشعب الخانع الذى لا يثور .. يا شبابنا المذبوح ألَمَاً وحسرةً وغضباً .. اِغضَبْ فأنت شابٌ وإنسانٌ والإنسان بفطرته تَوَّاقٌ للعدل والحرية والكرامة .. ولكن لا تقسوا على شعبكم ولا تتعالَوْا عليه ولا توجهوا سهامَكم إليه .. ركزوها على أعداء الوطن الحقيقيين .. يكفى شعبَكم ما يلاقيه من تعنيفٍ وتوبيخٍ من إعلامٍ سافلٍ يتهمه بالجحود وعدم تقدير نِعَم الاستبداد والفساد والعشوائية والغلاء التى يوفرها له النظام .. لا تكونوا أنتم وهؤلاء على الشعب الصابر.
مَن أفهمَكم أن الشعوبَ تتدفق فوراً إلى الشوارع والميادين اعتراضاً على القرارات الجائرة؟ .. فأمَّا الدول الديمقراطية فإن الشعوب فيها لا تثور وإنما تتظاهر .. حيث التظاهر مُتعةٌ لا خطورة فيها .. ويعود كلُ معترضٍ إلى بيته آمناً فى حماية الدولة .. بعد أن أوصل صوتَه لإعلامٍ مهنىٍ شفاف ونوابٍ حقيقيين فى برلمانٍ حقيقى .. أما الشعوب الرازحة تحت نُظُم الحكم الفردى حيث لا حصانة لمعترضٍ فى مواجهة السلطة .. وحياةُ المتظاهر أرخصُ عند النظام من ثمن رصاصة .. والقانون والدستور فى إجازةٍ .. ومعظم الشعب فى معركةٍ يومية مع الغلاء الساحق وتكاليف الحياة .. مثل هذه الشعوب فى ظل هذه النظم القمعية لا تثور بضغطة زر .. وإنما تنفجر فى لحظةٍ غير متوقعة نتيجة التراكُم .. تراكُم الظلم وتراكُم المقاومة .. فالثورات الشعبية ضد الطغاة تظل حالةً استثنائيةً نادرة فى التاريخ الإنسانى .. ثورةٌ واحدة فى فرنسا منذ مائتى سنة .. ثورةٌ بلشفيةٌ واحدة فى روسيا منذ مائة سنة .. ثورةٌ إسلامية واحدة فى إيران .. ثورةٌ شعبية واحدة فى مصر فى 2011 ( فما حدث فى 1919 لم يكن ثورةً على حاكمٍ طاغية وإنما مقاومةً لمحتل).
قبل أكثر من سبعة عشر قرناً تَعَّرَضَ أجدادُك المصريون المتمسكون بمسيحيتهم يا بُنَّىْ لأهوالٍ على يد جنود دقلديانوس .. كان أرحمُها الذبح السريع غير المصحوب بالتعذيب البشع .. ورغم أن التخفى فى وجه هذا الطاغية كان مُبَّرَرَاً إلا أن البعض جاهر بمسيحيته ودفع الثمن كاملاً .. كالشهداء مار مينا ومار بقطر ودولاجى ورفقة، وغيرهم .. فلا بد لكل أُمَّةٍ من شهداء .. لكن أحداً منهم لم يلعن شعبه ولم يتعالَ عليه .. إن لم تستطع أن تكون مثلهم فلا بأس .. المهم ألا تكون عوناً لدقلديانوس.
كُن إن استطعتَ كسُمَّيَة التى لم تتراجع عن إسلامها وصارت أول شهيدةٍ فى الإسلام .. ولكن اعذُر وتَفَّهَمْ (مَن أُكرِه وقلبُه مطمئنٌ بالإيمان) مثلما تَفَّهم الرسولُ عليه الصلاة والسلام ضعف ابنها الصحابى الجليل عمار بن ياسر الذى جاء إليه نادماً على اضطراره لإظهار الكفر حتى ينجو من بطش مُعَّذبِيه .. إن لم تستطع أن تكون سُمَّيَة .. فلا تتعالَ على عمار .. المهم ألا تصطف مع أبو جهل. 
إن الحديث النبوى أَقَّرَ بتفاوت القُدرة على المقاومة ولم يلعنها .. فدعا إلى تغيير المنكر باليد لمن يستطيع .. أو بالقول لمن لم يستطع .. وإلا فبالقلب (واعتبر ذلك من الإيمان وإن كان أضعَفَه). 
يظل الإمام الحسين نموذجاً للسير في طريق الحق إلى مُنتهاه .. ولا بد لكل أمةٍ من حُسَيْن .. لكن جيش الحسين دائماً قليل .. أقل من مائة من بين أُمَّةٍ كان تعدادها عدة ملايين، بينهم مئاتٌ من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام .. تَعرِفُ يا بُنَّىْ أن أباك لا يلتمس العذر لنفسه .. هو شيخٌ أفنى عُمرَه مع الأجِلاَّء من أعمامك مهرولين للحاق بجيش الحسين أينما كان .. لكنهم ما عاتبوا شعب الكوفة ولا تَعالَوْا عليه أبداً .. لم يحاربوا إلا يزيد.
هذا الشعب الصابرُ الذى يُلاطِم الحياةَ وتُلاطمه يستحق أن تنحنى على أقدامه تُقَّبِلُها لا أن تلعنه .. أولئك القابضون على شرفهم كالجمر .. ولا تعرفهم الفضائيات ولكنّ الله يعرفهم .. يبيتون على الطوى ولا يسألون الناس إلحافاً .. التمسهم بين الفلاحات الشريفات القادمات فجرَ كل يومٍ من ضواحى القاهرة، حاملاتٍ ما أنتجنه من جبنٍ وبيضٍ لترجعن فى نهاية يومٍ شاقٍ بجنيهاتٍ قليلةٍ تتعفف بها أُسَرُهُنَّ .. وبين الرجال المنكسرين فى (سوق الرجالة) فى انتظار (شيلة رمل) تهُدّ الحيل فى قيظ الصيف مقابل جنيهاتٍ قليلةٍ ولكنها حلال، ولا يخطر ببالهم (مجرد خاطرٍ) أن يلوثوا جيوبهم بمالٍ حرام.
فى رائعة نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف (القاهرة 30) .. كان هناك على طه المهموم بقضية الوطن والذى يدفع ثمن موقفه مُطارَدَةً وتشريداً وفقداً للحبيبة (وأدَّى دوره الفنان عبد العزيز مكيوى) .. وكان هناك الديوث محجوب عبد الدايم الذى يبيع أى شئٍ، بما فى ذلك شرفه ونخوته، من أجل أى شئٍ (وأدَّى دورَه الفنان حمدى أحمد) .. أمَّا الأغلبية فكانت من عينة المواطن الذى لا يقوى على تبعات أن يكون مناضلاً ولكنه لا يقبل أن يكون دَيُّوثاً (وأَدَّى دورَه الفنان عبد المنعم إبراهيم) .. يا بُنَّى .. ليتك تكون على طه .. ولكن لا تتعالَ على عبد المنعم إبراهيم .. اعذُره وتَفَّهم ضَعفَه ولا تصَّوِب سهامك إليه .. هو ليس عدُوَّك بل هو رصيدُك الذى سينضم إليك ذات يوم .. فقط إياك أن تكون محجوب عبد الدايم.
(البداية- الاثنين 10 يوليو 2017).

20 يونيو 2017

زهير كمال يكتب: تيران وصنافير وسد النهضة

نادراً ما تتخلى دولة عن ممتلكاتها طواعية ، ولا يوجد وضوح أكثر من حالة الاستعمار، فالمستعمرات هي ملك أبنائها الذين يسكنونها ، ومع هذا فان نضالاً طويلاً وشاقاً يسقط فيه الشهداء والقتلى وترمل فيه النساء وييتم الأطفال أي بعد أن يدفع شعب المستعمرة ثمناً باهظاً حتى يستطيع الحصول على حقه المشروع في بلده.
هذه حالة عامة طبعت عليها البشرية منذ نشأتها وما تزال، فمن يمتلك شيئاً لا يفرط فيه بسهولة.
حاربت بريطانيا الأرجنتين في أواخر القرن العشرين بعد أن طالبت الأخيرة بجزر الفوكلاند التي تبعد آلاف الأميال عن بريطانيا، ولا تزال تحتفظ بجبل طارق منذ القرن السادس عشر وهو جزء لا يتجزأ من إسبانيا.
أما إسبانيا فهي تحتفظ بسبتة ومليلة وكلتاهما جزء من أرض المغرب ، وعندما قامت الأخيرة بالمطالبة بجزر ليلى المغربية كادت الحرب أن تقع بين الدولتين.
في الخليج العربي احتلت إيران ثلاث جزر تابعة للامارات واعتبرتها أرضاً إيرانية ورغم كل المطالبات العربية بهذه الجزر إلا أن آذان إيران مسدودة حتى إشعار آخر.
قد لا يتسع المجال لسرد حالات مماثلة فهي كثيرة ، وربما كان انتزاع تركيا لإقليم بسكانه وهو لواء الاسكندرون ، أو انتزاع النظام السعودي لنجران وجيزان وعسير من اليمن إنما أمثلة على رغبات الأقوياء في التوسع على حساب الضعفاء.
عندما نستعرض التاريخ ، لن نجد أي تخل طوعي عن أراضٍ أو جزر كما في حالة تيران وصنافير، أما في حالة الاضطرار فلا يحضرني سوى الصلح الذي عقده لينين مع الألمان والمسمى صلح بريست ليتوفسك والذي تخلى فيه عن أراضٍ روسية في الحرب العالمية الأولى، ولكنه كان يعلم أنه قادر على استردادها والمؤشرات تدل على هزيمة ألمانيا.
إذاً فلماذا تخلى عبد الفتاح السيسي عن هذه الجزر التي يتفق الجميع على أهميتها الحيوية من ناحية استراتيجية للأمن القومي المصري؟ لا يمكننا ولا نستطيع القول إن مصر هي التي تخلت عن الجزر ، فبالإضافة الى أحكام القضاء المصري فهناك رفض حاسم من الشارع المصري لهذا الموضوع.
وكما تدل الشواهد التاريخية التي أوردت بعضها في البداية، فالمسألة ليس لها علاقة بالملكية والقانون، رغم القناعة الكاملة أنها في جانب مصر، وإنما هي المصلحة فقط.
ولعل السبب الوحيد المقنع هو خضوع الرجل للابتزاز  وخوفه من التعرض للفضيحة .
فقد ظهر خلال الأعوام السابقة مدى ضعف الرجل وعدم ثقته بنفسه وضحالة تفكيره الناتج عن انعدام الثقافة، فهناك الكثير من أمثاله الذين ينجحون في تحصيلهم العلمي ويتخرجون من المدارس والجامعات وهم لا يفقهون شيئاً عن الحياة نتيجة لتخلف النظام التعليمي في كل أوطان الوطن العربي والذي يعتمد أساساً على الحفظ والصم بدلاً من تنمية الملكات الفكرية لدى الطالب.
أما الكليات الحربية فحدث ولا حرج في قولبة مخ العسكر وجعلهم ينصاعون لأوامر قادتهم بدون تفكير، فليس هناك سوى الطاعة العمياء.
وعودة الى السيسي فقد اعترف بنفسه أن ثلاجته كانت لا تحتوي إلا على الماء لمدة عشر سنوات. أي أن الرجل كان فقيراً بل معدماً ، وراتبه بالكاد يكفيه وأسرته. ما الذي تغير إذاً؟
كان تعيينه كملحق عسكري في الرياض نقطة تحول في حياته وحياة مصر والوطن العربي بعد ذلك. فقد أغدق النظام السعودي عليه من العطايا والأموال ما لم يكن يحلم به. وهل هناك من ضرر من الأحباء والأشقاء وحماة الإسلام الحنيف؟
ما حدث بعد ذلك أن تم الدفع به الى الأمام في عهد مبارك، الذي كان همه الوحيد هو جمع الأموال، فوصل الى منصب رئيس المخابرات الحربية !
هل يعقل مثلاً ان يكون رجل بهذا المستوى رئيساً للمخابرات الحربية؟
ما علينا سوى التحسر على سجلها الناصع الذي تدهور ووصل الى الحضيض بفضل سياسة الانبطاح التي فرضت على مصر.
بعد أكثر من ستين عاماً من الحب والصداقة بين الإخوان المسلمين في مصر والنظام السعودي، انقلب الأخير عليهم بدون مبرر يذكر فقد كانت العلاقات دافئة لا يعكر صفوها شيء ، ولا زال النظام يحتفظ بهذه العلاقة الحميمية مع الفروع الأخرى لهم في سوريا والإصلاح في اليمن، لم يكن هناك أي مبرر معقول سوى أن فائدتهم ستكون أكبر بتعيين رجلهم عبد الفتاح السيسي في المنصب الأول.
فرق كبير بين أن تكون مصر الإخوان متحالفة ومتعاونة معهم وبين أن تكون تابعة لهم .
ما نراه اليوم في إصرار السيسي على تسليم الجزيرتين الى النظام السعودي هو حصاد لثمار ما زرعوه وليس كما يتصور المحللين أنها عملية بيع للجزر.
 وهناك مصيبة أعظم من تسليم الجزر الذي سيظهر مفعوله بعد سنين عدة ، وهي قبول السيسي ببناء سد النهضة في أثيوبيا بدون قيد أو شرط لأن النظام السعودي وشركات أمرائه يقومون بتمويل هذا المنشأ، فالتحكم في النيل والقدرة على تعطيش مصر إنما ستظهر نتائجه قريباً ، فالمفترض أن تبدأ تعبئة خزان السد في شهر أكتوبر 2017.
في عمل مخابراتي ضخم بهذا الشكل يجب التغطية على الحدث ، ومثال ذلك فقد ترك للسيسي بعض من الحرية في التحرك كالموقف من الصراع السوري بحيث لا يؤثر على مصالح النظام السعودي وإظهاره بمظهر المناوئ وذلك لخداع الجماهير.
هل يستطيع السيسي الانقلاب على مشغليه ؟ والجواب بالنفي وهذا راجع للأسباب السابقة الخاصة بالشخصية والثقافة.
بينما نجد أن محمود عباس قد اتهم من قبل الإيرانيين بالعمالة للمخابرات الأمريكية ولم يرف له جفن، كيف لا وهو متمرس في العمل السياسي مستغلاً ضعف البنى السياسية الفلسطينية .
حالة السيسي وعباس هي مثل على طبيعة نظام الحكم في الوطن العربي التي لم تتغير منذ أربعة عشر قرناً ، فالحاكم هو ولي الأمر المطاع سواء كان جيداً أم سيئاً ،عاقلاً أم مجنوناً ، ومن يسيطر على الرأس إنما يسيطر على الجسد.
وآن للجماهير العربية ونخبها المثقفة البحث عن حل جذري لمنهجية نظام الحكم الفاشل الذي يسود الآن.
لن تتقدم الأمة العربية بأوطانها المختلفة إلا باتباع الأسلوب الهندي حيث يكون الرأس منصب شرفي يملك ولا يحكم، وتكون السلطة التنفيذية مسؤولة أمام السلطة التشريعية، أي أن كافة مناصب السلطة التنفيذية يتم اختيارها على أساس الكفاءة وليس الولاء والطاعة للرأس الواحد الأوحد كما يحدث الآن.
غير ذلك سيستمر الانحدار الحالي الذي تعاني منه كافة الأقطار العربية.
آن للنخب العربية إن لم تدرك بعد أن الطريق الحالي إنما هو طريق مسدود بدون أمل في الخلاص ، وهذه الأمة تستحق مصيراً أفضل وهي قادرة على النهوض من جديد.   

15 يونيو 2017

للعبرة ـ قوائم العار فى برلمان كامب ديفيد 1979

بقلم : محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

قائمة العار من النواب الذين وافقوا على المعاهدة المصرية الاسرائيلية 1979، وقائمة الشرف من النواب الوطنيين الذين رفضوها، نهديها الى البرلمان الحالى الذى ينتوى غالبية نوابه بتعليمات من عبد الفتاح السيسى، شرعنة التفريط فى جزيرتى تيران وصنافير المصرية الى دولة اجنبية، و تمرير اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية التى قضت المحكمة الادارية العليا ببطلانها فى حكم نهائى وبات. فربما تستيقظ ضمائرهم ويتعظون ويدركون ان التاريخ لا يرحم وان كل عطايا ومنح السلطة والسلطان لا تساوى ان يلحق العار باسمائهم وبعائلاتهم الى أبد الآبدين.

***

ذَيَّل الدكتور عصمت سيف الدولة كتابه "هذه المعاهدة" بقائمة الموافقين والرافضين للمعاهدة من نواب برلمان 1979. لعله أراد بذلك تكريم الوطنيين منهم، وإلحاق العار الوطنى والتاريخى بكل من وافق عليها، كعبرة لكل من تسول له نفسه فى المستقبل أن يحذو حذوهم وفيما يلى القائمة كاملة :

القاهرة فى 11 يونيو 2017

المفكر القومي محمد سيف الدولة يكتب: نتانياهو يدنس التراب المصرى سرا

Seif_eldawla@hotmail.com
لم يترك عبد الفتاح السيسى وسيلة لانتهاك الثوابت والمواقف الوطنية او لجرح المشاعر والكرامة الوطنية الا وارتكبها منذ ان تولى مقاليد الحكم.
آخرها ما يرتكبه الآن من محاولة تمرير جريمة التفريط فى تيران وصنافير، والتنازل عن ارض مصرية لدولة اجنبية، وما سبقها من دعواته لدمج اسرائيل فى المنطقة لمواجهة المخاطر المشتركة، والتحاقه بالحلف العربى الامريكى الاسرائيلى المشترك الذى دشنه "دونالد ترامب" فى قمة الرياض الاخيرة، وما قام به اقتصاديا من الخضوع والاستسلام الكامل لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين بتعويم الجنيه ورفع الاسعار وافقار المزيد من ملايين المصريين، والقائمة تطول، ولكننى اتوقف اليوم عند لقاءه السرى بعيدا عن أعين المصريين، مع بنيامين نتانياهو فى القاهرة.


***
فلقد نقلت عشرات الصحف ووكالات الانباء اليوم نقلا عن صحيفة هاآرتز الاسرائيلية تقريرا نشرته اليوم 12 يونيو 2017 عن زيارة سرية الى القاهرة قام بها نتانياهو فى ابريل 2016 بصحبة إسحاق هرتزوغ زعيم المعارضة الاسرائيلية وفريق من المستشارين والخبراء الامنيين، للقاء السيسى فى قصر الرئاسة، بذريعة مناقشة تنشيط عملية السلام، ليكون بذلك هو اللقاء السرى الثانى الذى يتم كشفه من الصحف الاسرائيلية،وكان اللقاء الاول هو لقاء رباعى جمع السيسى ونتانياهو وجون كيرى والملك عبد الله فى مدينة العقبة الأردنية فى يناير 2016.
***
ماذا دار فى لقاء القاهرة السرى؟ وماذا كان جدول اعماله؟ ولماذا احيط بالسرية؟ وما هى الاتفاقات والتفاهمات التى تمت بينهما والتى حرصوا على اخفائها عن الرأى العام المصرى؟
وهل لهذ اللقاء علاقة باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية التى تم بموجبها التنازل عن تيران وصنافير للمملكة والتى تم توقيعها فى ذات شهر الزيارة السرية وبالتحديد فى 8 ابريل 2016؟
***
ان هناك عشرات الاسئلة وعلامات الاستفهام ومبررات الشك والريبة فيما تم فى هذا اللقاء، بل وفي كل منظومة الاتصالات السرية المستمرة التى تجرى بينهما منذ البداية.
ولكننا على الاقل أصبحنا نعلم الان مبرر وخلفيات خطاب اسيوط المريب فى 17 مايو 2016 الذى فاجأ السيسى فيه الجميع وبلا مقدمات بالحديث عن السلام الدافئ وعن عيد الاستقلال الاسرائيلى، وعن الثقة والطمأنينة غير المسبوقة بينهما، وكيف كان السلام المصرى الاسرائيلى منذ ٤٠ سنة، نقلة عظيمة وصفحة مضيئة فى المنطقة. وعن السلام الذى اذا تحقق فسيرى الاسرائيليون العجب!
فربما كان يمهد لما يخصه من التزامات تم الاتفاق عليه فى لقاء القاهرة المشبوه.
***
لقد توقعنا من اللحظة الاولى لاعلان اتفاقية ترسيم الحدود، ان مصر تقود تطبيعا سعوديا اسرائيليا عبر بوابة الترتيبات الامنية لاتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية التى تخضع لها تيران وصنافير، حيث ستصبح المملكة بموجب الاتفاق الجديد شريكا فى هذه الترتيبات وهو ما اعلنته السعودية بالفعل حين صرحت رسميا بالتزامها بهذه الترتيبات.
فهل جاء اللقاء السرى بين نتنياهو والسيسى فى اطار رسم خريطة طريق لهذا التطبيع الجديد، خاصة بعد ان صرح سامح شكرى عدة مرات آخرها فى جلسة البرلمان امس الاحد 11 يونيو 2017، من انهم قد قاموا باخطار اسرائيل والحصول على موافقتها على الوضعية الجديدة للجزيرتين. وهو ما ظهر بفجاجة فى التسريبات المنشورة على اليوتيوب عن مناقشات تليفونية تفصيلية بين شكرى ومسئول اسرائيلى حول الصياغات والمعانى التى تفضلها اسرائيل فيما يخص بتأكيد الالتزام بالترتيبات الامنية الخاصة بتيران وصنافير.
***
لقد سبق ان كتبت بعد الاعلان عن لقاء العقبة السرى مقالا بعنوان "العلاقات السرية بين مصر واسرائيل" ذكرت فيه : "ان العلاقات المصرية الاسرائيلية العلنية من سلام واتفاقيات وسفارات وتنسيقات وتطبيع وتجارة وصفقات...الخ، تكفى وحدها لتجريد اى نظام او حاكم مصرى من الشرعية الوطنية. فما بالنا بالعلاقات السرية؟
كما ان مجرد ان يكون اللقاء سرياً، أياً كان جدول أعماله، هو مصدر شك وريبة وقرينة على سوء النوايا.
ان مثل هذه العلاقات والاتصالات والمفاوضات السرية التى لم تتوقف لحظة بين العرب واسرائيل منذ بدايات المشروع الصهيونى على امتداد قرن من الزمان، لم تحمل لنا سوى كافة انواع الأضرار والشرور والتآمر على شعوبنا وأوطاننا واستقلالنا، والتى كانت تنتهى دوما بمزيد من التفريط والهزائم والتنازلات."
***
وأضيف هنا على ما سبق، أن مصر تشهد اليوم أكبر جريمة تنازل وتفريط فى تاريخها، بل وفى تاريخ عديد من الامم والشعوب، تؤكد كل المؤشرات أن وراءها ترتيبات وتحالفات امنية مصرية اسرائيلية سعودية مشتركة جديدة، ستؤدى حتما الى مزيد من الاضرار والاخطار للأمن القومى المصرى والعربى، وتحقق مزيد من الامن والاستقرار والدمج للكيان الصهيونى المسمى باسرائيل، فى ظل تجريد الشعب المصرى من أدنى أدوات التعبير والرفض والمقاومة وحف الدفاع عن ارضه وامنه ومصالحه وثوابته الوطنية.
*****
القاهرة فى 12 يوينو 2017

08 يونيو 2017

الباحث محمد سيف الدولة : التنازل عن الارض محظور دستوريا ومُجَرَّم جنائيا

Seif_eldawla@hotmail.com
تنص المادة 151 من الدستور على ((يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة))
***
و تنص المادة 77 من قانون العقوبات على أنه ((يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى الى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها))
***
وتنص المادة 77 (هـ) على أنه (( يعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة فتعمد اجراءها ضد مصلحتها ))
وهنا تجدر الاشارة الى أن نص المادة 77 هـ ، تناول مصلحة البلاد، بصرف النظر عن طبيعة القضية المثارة، وبصرف النظر، فى قضية مثل الجزر المثارة حاليا، عن هويتها والسيادة عليها، مصرية كانت أو سعودية. فالضرر بمصالح البلاد هو الشرط الوحيد الذى اشترطه المشرع لاعتبار الجريمة متحققة.
وبتطبيق ذلك على حالتنا سنجد أن فى التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، اضرارا بالغا بالمصالح العليا للبلاد وبأمنها القومى، اذن انها تؤدى الى تجريد مصر من سلاح فعال ومهم وخطير فى مواجهة اسرائيل فيما لو تجددت الحرب بيننا، اذ تجردها من قدرتها على إغلاق الملاحة فى وجه السفن الاسرائيلية، وتجعل منه قرارا سعوديا، بل تجردها منه، فى غير حالة الحرب، كسلاح ردع محتمل، تحسب له اسرائيل ألف حساب قبل أن تقدم على أى مغامرات عدوانية جديدة. وهو ما يمثل ثغرة إضافية فى جدار الأمن القومي فى مواجهة هذا الكيان الصهيونى العدوانى غير المؤتمن، تضاف الى الثغرات بل الفجوات الأخرى التى وردت فى معاهدة السلام، وقيدت وجردت غالبية ارض سيناء من السلاح والقوات الا بموافقة اسرائيل، وأخضعتها لمراقبة قوات اجنبية تحت ادارة امريكية لا تخضع للأمم المتحدة.
*****
القاهرة فى 11 ابريل 2016

06 يونيو 2017

المفكر القومي محمد سيف الدولة يكتب : رسائل الذكرى الخمسين لهزيمة 1967

Seif_eldawla@hotmail.com
لا تشمت .. و لا تبرر :
علينا أولا أن ننأى بأنفسنا عن السقوط فى مستنقع الشماتة وتوظيف هذه الذكرى الأليمة فى المكايدات السياسية والصراعات الايديولوجية بين تيارات الأمة المختلفة، فنحن جميعا شركاء بشكل أو بآخر فيما أصابنا من هزائم ونكبات ونكسات لا تقتصر على ما حدث فى 1967، بل تخطتها بمراحل.
كما لا يجب من ناحية أخرى ان نتورط فى تبرير الهزيمة أو التخفيف من حجم الكارثة وآثارها ونتائجها التى لا نزال نسدد أثمانها الباهظة حتى اليوم.
وهو ما يستوجب التركيز على اسباب العدوان بالتوازى مع تحليل اسباب الهزيمة، لأن الاكتفاء بإحداهن دون الأخرى يفتقد للموضوعية والمصداقية و يخفى وراءه انحيازات سياسية.
***
سلام بالاكراه:
يجب فضح كل الادعاءات الرسمية المصرية والعربية الزائفة، التى تطرح أن (اسرائيل) دولة طبيعية عضوا فى الأمم المتحدة، أو جارة تربطنا بها معاهدات صلح ومصالح اقليمية وترتيبات امنية  مشتركة.
واعادة التأكيد على الطبيعة الاستعمارية العدوانية لهذا الكيان المسمى باسرائيل، وعلى انه يستهدف مصر والأمة العربية بقدر ما يستهدف فلسطين من حيث هو قاعدة عسكرية واستراتيجية متقدمة للاستعمار الغربى فى بلادنا. وان السلام معها هو سلام بالإكراه، عقدته الأنظمة وترفضه الشعوب.
***
التحرر من كامب ديفيد وقيودها:
حتمية الاصرارعلى تأمين سيناء فى مواجهة أى مخاطر أو تهديدات أو اعتداءات اسرائيلية مستقبلية مماثلة لعدوانى 1956 و1967، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بدون التحرر من القيود العسكرية المفروضة علينا بموجب المادة الرابعة من اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية.
***
صمدنا بعد الهزيمة واستسلمنا بعد النصر:
ليست المفارقة كما تحدث الكثيرون، عن تزامن ذكرى 5 يونيو هذا العام مع ذكرى 10 رمضان، وانما المفارقة الحقيقية الذى نعيش فيها منذ اربعة عقود هى أن الدول العربية التى رفضت بالاجماع الصلح مع اسرائيل بعد الهزيمة، هى ذاتها التى اخذت تتسابق على الاعتراف بها و السلام والتطبيع معها رغم ما تحقق من نصر فى 1973.
***
العدوان مستمر:
التذكير بأن عدوان 1967 لم يكن ولن يكون العدوان الأخير؛ فالاعتداءات الصهيونية مستمرة ولم  تتوقف لحظة حتى يومنا هذا.
نعم توقفت على مصر والاردن فقط لأنهما لم تعدا تمثلان خطرا على أمن اسرائيل، بينما لم تتوقف على فلسطين ولبنان وسوريا وتونس والسودان .
فالصراع قائم والحرب مستمرة، الا فيما يخص اولئك الذين قرروا الانسحاب منها والتزام الصمت او الوقوف على الحياد او الانحياز لاسرائيل.
***
أصبح الفلسطينيون وحدهم:
علينا ابراز بطولة وصمود الشعب الفلسطينى المقاوم الذى يقف وحيدا فى مواجهة آلة القتل والاحتلال الصهيونية، بعد ان تخلت عنه كل الدول العربية.
قارنوا بين حرب 1973 التى احتشدت فيها كافة الدول العربية خلف مصر وسوريا، وبين الشعب الفلسطينى الذى يواجه الاعتداءات والحروب الاسرائيلية وحيدا معزولا محاصرا من كافة الدول العربية. ومع ذلك لم يستسلم قط.
***
الانحياز لاسرائيل:
من المهم المقارنة بين الموقف الوطنى للشعب المصرى والشعوب العربية التى رفضت الاستسلام رغم الهزيمة وقررت مواصلة القتال، وبين موقف الانظمة العربية الحالية التى تنحاز للعدو وتحاصر الشعب الفلسطينى وتضغط عليه لكى يستسلم ويتنازل عن ارضه ويعترف باسرائيل ويكف عن المقاومة ويلقى السلاح .
***
تطوير المواجهة:
علينا ان نتداعى ونتواصل من اجل تأسيس وابداع استراتيجيات ووسائل وأدوات جديدة لمواجهة الكيان الصهيونى فلسطينيا وعربيا وعالميا، وفى القلب منها احياء وتكثيف كل أشكال الدعم الشعبى العربى لفلسطين، فى ظل المحاولات الحثيثة لتصفية القضية الفلسطينية.
***
الاصطفاف الوطنى:
ضرورة العمل على تفكيك كل الاصطفافات القائمة على أسس ايديولوجية او دينية او طائفية، ودعوة كل الشعوب العربية بكافة مفكريها و تياراتها وأحزابها وقواها وطوائفها ودياناتها على إنهاء حالة الانقسام والاستقطاب والاقتتال الاهلى المدمر، والعودة الى التوحد فى مواجهة الأعداء الحقيقين للأمة المتمثلين فى الكيان الصهيونى والاستعمار الامريكى وأتباعهم من الأنظمة والطبقات الحاكمة.
***
تصحيح وبناء الوعى:
1)   فضح ودحض العقيدة الحالية للانظمة العربية التى تروج لها ليل نهار فى منابرها الاعلامية والسياسية ومؤسساتها التعليمية؛ من أن حرب 1973 هى اخر الحروب وانه لم يعد بالإمكان قتال اسرائيل او الانتصار عليها، واننا لا قبل لنا بها، وان السبيل الوحيد هو قبولها والاعتراف بها والسلام والتطبيع معها.
مع الاهتمام بابراز بطولات شعوبنا ومعاركنا وانتصاراتنا التاريخية وانتصارات كل الشعوب المحتَلة، بالاضافة الى ملاحم المقاومة الفلسطينية التى لم تتوقف منذ مائة عام، من ثورات وحركات مقاومة وانتفاضات وأعمال فدائية وعمليات استشهادية وإضرابات للاسرى ناهيك عن الصمود أمام سلسلة حروب الابادة الاسرائيلية.
***
2)   توضيح العلاقة العضوية بين قضايا الامة وبين احتياجات الشعوب المعيشية من خلال التأكيد على ان الأنظمة الحاكمة التى تهادن العدو وتستسلم له وتتواطأ معه، لا يمكن ان تحمل لشعوبها اى خير، فهى بالضرورة ستكون أنظمة تابعة مستغلة مفقرة مستبدة.
***
3)   كشف وفضح الحلف الامريكى العربى الاسرائيلى الجديد الذى أعلنه ترامب من السعودية، بهدف دمج اسرائيل فى المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية.
***
4)   وأخيرا وليس آخرا، يتوجب علينا فى هذه الذكرى وفى كل وقت ان نحرض الاجيال الجديدة  عن دراسة كل التجارب الماضية للبحث عن اسباب الفشل والهزائم المتكررة وعجز اربعة أجيال متعاقبة على امتداد قرن من الزمان عن تحرير فلسطين وإنهاء المشروع الصهيونى، أو عجز جيلين كاملين على امتداد نصف قرن عن ازالة آثار عدوان 1967، فيما عدا سيناء التى عادت الينا مجروحة السيادة منقوصة التسليح والقوات، او عجز حركات المقاومة على اختلاف مرجعياتهاعن تحرير اى جزء من الارض المحتلة رغم جسامة ما قدمته من تضحيات، أو على اضعف الايمان، عجز النخب المصرية والعربية المدنية عن تأسيس حركات دعم ومناصرة، قوية ومستمرة ومؤثرة، لفلسطين.
*****
القاهرة فى 5 يونيو 2017

04 يونيو 2017

سيد أمين يكتب : تساؤلات حول الرابط بين "درنة" والمنيا

الجمعة 2 يونيو 2017 20:57
تخلقت صورة ذهنية عالمية موحدة بأن الكائن الإرهابي هو ذاته الكائن المسلم المتدين لدرجة يصعب معها إطلاق ذات اللفظ على سواه
تساؤلات كثيرة تحتاج لإجابات عاجلة حول الضربات الجوية التي وجهها نظام السيسي لمدينة درنة، وبعض المدن الليبية وعلاقتها بمذبحة المنيا التي وقعت مؤخرا وراح ضحيتها عشرات الضحايا والمصابين من المسيحيين المصريين.
أول تلك التساؤلات يأتي حول منطقية هذا الربط الغريب الذي ربطت به السلطات المصرية بين تلك المدينة التي تستعصي علي الجنرال المتقاعد المدعوم غربيا خليفة حفتر، وبين مرتكبي المذبحة المروعة المدانة، خاصة أن المسافة بين المدينتين تزيد عن الألفي كيلو متر.
وعلي افتراض أن الطريق مرصوف وآمن، ومع التغاضي عن حالة التخفي الواجبة للخارجين عن القانون، والطرق الرملية الوعرة والمرتفعات والمنخفضات وبحر الرمال الناعمة، وهي كلها ملاحظات جد خطيرة، فان السفر بين المدينتين قد يستغرق20 ساعة متواصلة بسرعة 100 كيلو متر في الساعة، ما يعني أن الإرهابيين منفذي المذبحة لم يتمكنوا من العودة بعد تنفيذ جريمتهم، وبالتالي فلماذا تم قصف درنة بعد ساعات من المذبحة؟
وإذا كنت قد عرفت بعد ساعة فقط من وقوع المذبحة بمسئولية مجاهدي درنة عنها، فكيف لم تعلم باختراق مهاجميهم الجبال والقفار بصحبة أربعة سيارات رباعية الدفع- كما قال شهود العيان من الناجين- للأراضي المصرية التي تسيطر عليها القوات المسلحة، فتمنع المجزرة من الوقوع؟
كما أن السرعة في قصف درنة تعني أن الطائرات كانت علي أهبة الإقلاع حين وقوع المجزرة، ما يكشف عن النوايا المبيتة للضربة الجوية ، فهل كانت النوايا مبيتة للضربة أم للمجزرة أيضا؟
وإذا كانت تحريات رجال الأمن شديدة الألمعية والجاهزية لتحدد مرتكب المذبحة بعد ساعة واحدة من وقوعها، فإنه سيكون من المستغرب عليهم حينئذ عدم تقديم قتلة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني رغم مرور عامين علي الواقعة، وتوفير الاتهامات الغربية التي تشير إلي ضلوع قيادات كبري بالجهاز الأمني في الجريمة؟
وهل هناك علاقة بين صفقة القرن وبين استنجاد السيسي بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب لدعمه في مكافحة الإرهاب، وبين محاولات إنهاء الصراع في ليبيا لصالح التيار الموالي لأمريكا؟
كما أن هناك تساؤلات عدة حول مجزرة المنيا أهمها كيفية رصد الجناة للضحايا وعلمهم بوجود هذه الحافلات في هذا التوقيت؟
وما الذي أضافه قانون الطوارئ الذي تم فرضه مؤخرا في طريق الحد من العمليات الإرهابية؟ وكيف تحول الإرهاب المحتمل إلي إرهاب حقيقي، تشهد مصر بسببه في ستة أشهر فقط خمسة عمليات إرهابية كبري تمس الأقباط ، فضلا عن تفشي الخطف والقتل وكافة ظواهر البلطجة والانفلات في الشوارع؟.
ومن نافلة القول التساؤل حول سر الصمت المزري علي العصف المستمر بالدستور الذي كتبه السيسي علي عينه، فالمادة152 منه تمنعه من إرسال القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء، وهو ما لم يحدث بالقطع .

ظلال من الشك
تلك التساؤلات تضيف ظلالا من الشكوك حول صحة كل ما يجري في حرب السيسي علي الإرهاب ، الذي كان الفيديو المصور الذي بثته قناة "مكملين" مؤخرا حول قيام أشخاص يرتدون زيا عسكريا بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق مدنيين، كاشفا وصادما.
وسواء أكان الفيديو كاذبا أم صادقا، إلا أن الكثيرين يؤكدون أنه لم يأت بجديد واعتبروه تحصيل حاصل وتأكيدا للمؤكد، فيما اعتبره آخرون عملا زائفا ومبالغة يستهدف منها الإساءة إلي الجيش المصري الذي يعتز به كل مصري.
ولأنه في الفم ماء، يمكننا القول بأنه إذا قام عاقل بتطبيق القاعدة البديهية التي يستخدمها رجال البحث الجنائي في الدول المتقدمة "ابحث عن المستفيد"، فإننا قطعا سنجد أن "الوجهاء الأشرار" الذين طالما رأيناهم يتباكون على الإنسانية المهدرة وينددون بملء فيهم بالإرهاب الغادر هم من أكبر صناعه، بل أنه هو بضاعتهم الوحيدة التي يسوقونها للنيل من كل من يعاديهم بعدما يغلفون نواياهم السياسية غير الأخلاقية بأقنعة تبدو نبيلة ومشروعة.
وسيكتشف أيضا وبكل جلاء أنه بضاعة لا يستفيد منها إلا من جري تسويقهم بوصفهم ضحاياها ،ولا يتاجر بها إلا من يقولون إنهم يحاربونها.

الإعلام والإرهاب
كل المذابح التي تمس المدنيين والأقباط مدانة ولا يمكن بأية حال تبريرها، ولكن أيضا صار الإرهاب الإسلامي من أكبر المزاعم التي يجري ضخ الأموال لترسيخها في العقول، لتنفيذ الحرب الإمبريالية الجديدة الأكثر نجاعة ضد الإسلام، وهي الحرب التي صرح بها علانية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب ذاته في لحظة مصارحة عقب سقوط الاتحاد السوفيتي.
وعادة ما تستهدف التهمة المقاومة العربية والإسلامية أو من يدافع عن عرضه وأرضه ودينه وهم من يجب تكريمهم بـاعتبارهم"فدائيين" يحمون أوطانهم، خاصة أن المعتدي هو من عبر المحيطات إلي بلادنا ولم نذهب نحن إليه.
ونستطيع الجزم بأنه جراء الدعاية الإعلامية والسياسية المتواصلة والضخمة ، تخلقت صورة ذهنية عالمية موحدة بأن الكائن الإرهابي هو ذاته الكائن المسلم المتدين لدرجة يصعب معها إطلاق ذات اللفظ على سواه حتى لو كان من أولئك الذين يحملون الإسلام وراثة ولم يمارسوا شعائره قط.
وإذا كان هناك اعتقاد حاسم عند الكثيرين بأن التاريخ يكتبه المنتصرون، فالإرهابي أيضا يصفه بتلك الصفة الأقوياء الذين يملكون ثالوث القوي، قوة الردع وفرض الرأي إجبارا، وقوة المال وفرض الرأي رشي وهبة ، وقوة الإعلام وفرض الرأي استغلالا لمواطن الجهل في الأذهان.
ولأن النوع الثالث من نظم فرض الرأي هو الأكثر فعالية والأنجع علاجا والأرخص تكلفة ويغطى الفئة الأوسع انتشارا على الأرض، فإنه يجري استعماله على نطاق واسع فيغسل أدمغة الناس أو يخطف أذهانهم بما يشكل سلاحا فتاكا يفوق في حسمه القنبلة النووية ذاتها.
ومن مخاطر الصورة النمطية الشائعة عن الإرهابي والتي تخلقت غالبا في دهاليز أروقة المخابرات أنه شخص منغلق على أفكار رجعية جامدة ،وكأنه خلق نشازا في منظومة هذا الكون ، يحب الخراب والتدمير في الأرض لجينات ورثها من أبائه وأجداده المسلمين أو "الإرهابيين" الأوائل, وأنه يمارس الإرهاب من أجل الإرهاب وكرها في الأخر.
وهو بالطبع تصور قاصر ينفيه المنطق قبل التجربة، لأن الإنسان مجبول على حب الأمن والاستقرار، كما أن أغلب معاركه هي في الغالب للدفاع عن تلك الحاجات الملحة المسلوبة، ولذلك فمتى توقف عدوان الأقوياء – وهم عادة من يعتدون ويغتصبون أمنهم المفرط على حساب الخوف الشديد لدى الآخرين - توفر الأمن والاستقرار فتوقفت مظاهر "الإرهاب" التي يمارسها الضعفاء.
ومفاد ذلك أن الجميع فئ الواقع يكافح من أجل الأمن والاستقرار بما فيهم "الإرهابي" الذي يكافح جلاديه.

تابع قراءة المقال علي الجزيرة مباشر هـــــــــــــــــــــــنا
ولكسر الحجب اتبع هذه الطريقة

03 يونيو 2017

سيد أمين يكتب: الإجابة عن السؤال الصعب: مَن فجّر الربيع العبثي؟

وتجري عملية الترميم تلك من خلال عمليات تبديل واسعة في الوجوه، مع إعادة إنتاج الأحزاب الكرتونية القديمة بمسميات ووجوه جديدة من رعيل الصف الثاني والثالث، بما يبدو معه المشهد وكأن ثورة حدثت، وإرادة الشعب حكمت، وذلك دون تغيير يذكر في الفكر، في محاولة خداعية تأخذ بصمة شعبية، تقول إن الشعب وصل إلى ذروة التغيير الذي يريده ورسم طريقه بنفسه، غير الوجوه المتحجرة القديمة بأخرى شابة.

لقراءة المقال كاملا انقر هنـــــــــــــــــــــــــــــا
لكسر الحجب انقر و اتبع هذه الطريقة

29 مايو 2017

فيلم الايادي السوداء | وثائقي يفضح حكام أبوظبي وعمالتهم لاسرائيل

https://www.youtube.com/watch?v=VLDAVZcqIxs

طرق إلغاء حجب المواقع بمنتهي البساطة

اذا كنت من متصفحي جوجل كروم:

ادخل الي سوق جوجل كروم
https://chrome.google.com/webstore/
وابحث باسم "الغاء الحجب" سيظهر هذا التطبيق
 DotVpn 

قم بتحميله في نصف دقيقة وسيعمل تلقائيا ..افتح الايقونة الحمراء بالاعلي وضف بريدك وكلمة السر .. وتصفح كما تشاء.
......................................
وهذا تطبيق اخر ..افتح الرابط واتبع الخطوات الي ان تجد العلامة خضرة على متصفح جوجل كروم أعلى المتصفح، وانسى الحظر https://goo.gl/JvOSng
لمن لا يريد تحميل البرامج يمكنه الدخول علي اي من هاتين الموقعين ويضع رابط الموقع المحظور بداخل الباحث
https://nat.moe/proxy
او هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــنا
http://www.proxyarab.com/
وهذا موقع به روابط متعددة لادوات كسر الحجب
https://www.programscomputerfree.com/proxysite/
 او هـــــــــــــــــــــــنا
...................................
كما يمكنك تحميل برنامج hotspot shield على جهازك، وسيغير لك الأي بي الخاص بالجهاز لدولة تانية، شغل البرنامج وتأكد ان لون الأيقونة أخضر.
لينك تحميل مجاني https://goo.gl/YHnlQk

19 مايو 2017

زهير كمال يكتب: صلاح الدين وحسن نصرالله

كنت هممت بكتابة مقال في حينه عن الأهداف المعلنة التي تكلم عنها حسن نصر الله في إحدى خطبه، ولكن مرت بعض الظروف التي منعتني من استكمال المقال ، ولكن أجد مناسباً اليوم إتمام المقال بعد الهجوم الذي تعرض له معلم بارز من معالم تاريخنا.

قبل المعركة الحاسمة في حطين عام 1187 م دارت بعض المعارك الصغيرة بين جيشي صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد، وأخذ بعض الأسرى من الجانبين.

في رسالة من ريتشارد الى صلاح الدين كتب له قائلاً ما ملخصه: أيها السيد، حامل رسالتي هذه بطل شجاع وقد وقعت أخته أسيرة فساقها رجالكم الى قصركم، وإن لملك الإنجليز رجاء يتقدم به الى ملك العرب، وهو إما أن تعيدوا للأخ أخته ، وإما أن تحتفظوا به أسيراً معها ، لا تفرقوا بينهما، وفيما أنا في انتظار قراركم بهذا الشأن، أذكركم بقول الخليفة عمر بن الخطاب وقد سمعته من صديقي الأمير حارث اللبناني وهو ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).

كان جواب صلاح الدين: من سلطان المسلمين صلاح الدين الى ريكاردوس ملك الإنجليز : أيها السيد ، صافحت البطل الباسل الذي أوفدتموه رسولاً ، فليحمل إليكم المصافحة ممن عرف قدركم في ميادين القتال، وإني لأحب أن تعلموا بأنني لن أحتفظ بالأخ أسيراً مع أخته ، لأننا لا نبقي في بيوتنا إلا أسلاب المعارك . لقد أعدنا للأخ أخته ، وإذا عمل صلاح الدين بقول عمر بن الخطاب ، فلكي يعمل ريكاردوس بوصية السيد المسيح عيسى عليه السلام فرد أيها السيد الأرض التي اغتصبتها الى أصحابها .

تظهر الرسالة السابقة الاحترام الذي يكنه الطرفان كل للآخر، وتظهر بما لا يدع مجالاً للشك عزم صلاح الدين وتصميمه على تحرير فلسطين والقدس ، فهو لا يخجل من تذكير ريتشارد بأن الفرنجة مغتصبون للأرض وأن عليهم الرحيل مهما طال الزمن، وقد تم ذلك بعد مرور 92 عاماً على دخول الفرنجة الى الأرض المقدسة.

يدور التاريخ ويدخل الفرنجة أرض فلسطين والعرب للمرة الثانية بحجج دينية لا يؤمن بها معظمهم ، وإنما كانت أعينهم ولا تزال على ثروات الشرق وخيراته، مستغلين ضعف العرب وتشتتهم مثلما كان الوضع قبل ألف عام. فعندما دخل الجنرال البريطاني اللنبي القدس في التاسع من كانون أول (ديسمبر) 1917 قال : الآن انتهت الحروب الصليبية . وعندما دخل الجنرال الفرنسي غورو الى دمشق في الحادي والعشرين من حزيران يونيو 1921 كان أول ما فعله هو الذهاب الى قبر صلاح الدين ومخاطبته قائلاً :نحن قد عدنا يا صلاح الدين.

يبدو واضحاً أن الفرنجة قديمهم وجديدهم حتى الوصول الى جورج بوش الابن لا يفرقون كثيراً بين سكان الشرق عرقاً أو ديناً أو طائفة ، فالقدامى ذبحوا سكان القدس مسلمين ومسيحيين على حد سواء، أما الجدد فصلاح الدين بالنسبة إليهم ثأر تاريخي ، وهزيمتهم في حطين وخروجهم من القدس قائمة في الذاكرة حتى يستردوها، أما فرنجة هذا الزمان فقد بزوا أقرانهم القدامى بتوظيف التعدد الحضاري القائم في الشرق لخدمة مصالحهم وذلك باستخدام الفروقات البسيطة وتعظيمها لتصبح مشاكل كبرى .

حاولت دول العرب الضعيفة والخارجة من مرحلة جمود طويلة التصدي لهذه الحملات الجديدة دون جدوى، فشتان بين تقدم شعوب العالم الأول فكراً وتخطيطاً وممارسة وبين تأخر شعوب العالم الثالث وعدم قدرتها اللحاق بالعصر . هناك دائماً خطوة يسبقوننا بها، كان من جملة خططهم قدرتهم على توظيف أو إرهاب حكام الشرق الحاليين (أمراء الأندلس الجدد ) فتوقف التطور المفترض حدوثه ، وزادت نسبة الأمية والجهل كما ازداد الفقر والفاقة بين الشعوب التي أصبحت تلهث لتحصيل ما يسد رمقها بعد أن عم الفساد المجتمعات العربية، رغم أن هذه الشعوب تعيش على أرض من ذهب.

ويزيد الطين بلة قدرة الفرنجة على نشر الحروب الأهلية في عدد من الدول وتحطيم بنية هذه المجتمعات وتشريد سكانها بافتعال الحروب الطائفية داخلها بعد أن كانت هذه المجتمعات مثالاً يحتذى به في التعايش والسلم الأهليين.

في عصر الانحطاط هذا يخرج علينا بعض مثقفي الطبقة الوسطى بمقولات لم تكن في الحسبان ، ومن بين ذلك وصف صلاح الدين الأيوبي بالحقارة ، الأمر الذي يصعب تصديقه وإن دل على شيء فإنما يدل على قصر نظر تاريخي مدهش.

ولتقريب الأمر الى الذهن المعاصر إليكم بعض الأمثلة :

من وصف جمال عبد الناصر بالحقير؟

أنصار الملكية والإقطاعيون والرجعيون العرب وبعض مثقفي الطبقة الوسطى الذين يميلون لخدمة البورجوازية.

أما الفقراء والبسطاء من شعوبنا العربية فقد أحبوه ولا زالوا ، هزم في 1967 ولم يتخلوا عنه وعندما مات لم يشهد التاريخ بعد مثل جنازته.

إذاً من يصف عبدالناصر بالحقير إنما يعبر عن موقف طبقي معادٍ للأمة العربية .

من يصف حسن نصرالله بالحقير ؟

إسرائيل وبعض الزعماء العرب الذين يمالئونها جهاراً دون خجل ، ومرتزقة سوريا والجهلة الذين يضللهم طغيان الإعلام المرئي والمسموع.

أما الشعوب العربية الواعية فهي التي تهتف لبيك يا نصرالله ولا تقولها بحناجرها فقط ، بل بكل الوجدان والعاطفة الجياشة، وهي التي تحارب في كل يوم وتقدم الغالي والرخيص دون تردد.

اذاً من يصف نصرالله بالحقير إنما يعبر عن موقف معادٍ للأمة العربية.

من يصف صلاح الدين بالحقير؟

من يمالئ الفرنجة وأمراء الإقطاع العرب وهؤلاء الذين يرددون كالببغاء ما يقوله غيرهم من المغيبين الذين لا يملكون الحس التاريخي.

أما الشعوب العربية فقد هتفت لبيك يا صلاح الدين وحاربت معه ومن أجله وانتصرت ، وربما ينسى البعض أن أهم عامل للانتصار هو الإيمان بالقضية والحب المتبادل بين القائد وجنوده ، إيمانهم بإخلاصه لهم ، وهذا هو الأمر الذي لم يستطع أي من ملوك وأمراء ذلك العصر تقديمه للشعوب العربية إلا صلاح الدين.

إذاً من يصف صلاح الدين بالحقير إنما يعبر أيضاً عن موقف معادٍ للأمة العربية.

وعندما ينظر المرء الى تاريخ هذه الأمة منذ أربعة عشر قرناً ليشعر بالأسف أنها لم تقدم الكثير من الزعماء الحقيقيين الذين خدموا شعوبهم بإخلاص، ولكن صلاح الدين وانتصاره المدوي في حطين إنما كان علامة فارقة في تاريخ هذه الأمة ولن يستطيع أحد تشويه هذه النقطة المضيئة في تاريخنا.

وعودة الى الأهداف المعلنة التي ذكرها حسن نصرالله في إسرائيل وهي خزان الأمونيا في حيفا ومفاعل ديمونا، يمكن القول إن نصرالله إنما يحارب إسرائيل بسلاحها ، فعقلية القادمين من العالم الأول لا تستطيع إلا أخذ هذا التهديد على محمل الجد والاستعداد لمواجهته .

ولكن هذه الأهداف المعلنة هي الأهداف التي لن يقترب منها نصرالله في الحرب القادمة وهذا هو سر الشرق الذي قدم الحضارة للإنسانية.

أما السر الكبير فهو روح الشرق التي لا تنطفئ فهي مثل طائر الفنيق كلما احترقت فإنها تبعث من جديد، فلا يتوهم يائس أو محبط أن حالة الانحطاط التي نمر بها هي قدرنا الذي لا فكاك منه.

فالفجر دائماً قادم.

16 مايو 2017

المفكر القومي محمد سيف الدولة يكتب: يوسف زيدان أحد قناصة كامب ديفيد

Seif_eldawla@hotmail.com
منذ قررت الدولة المصرية تحت قيادة السادات التخلى عن فلسطين والانسحاب من معركة الدفاع عن الوجود القومى ضد الكيان الصهيونى وتوقيع معاهدة صلح وسلام وتطبيع مع اسرائيل، كان على رأس أولوياتها تصفية كل عناصر المقاومة الوطنية فى مصر، فشكلت من اجل ذلك كتائب من المثقفين والكتاب والصحفيين والسياسيين الانتهازيين، فى القلب منها كتيبة من "قناصة" المبادئ والعقائد والثوابت والحقائق التاريخية، مهمتها قتل واغتيال وقنص اى فكرة او حركة او شخصية او قيمة وطنية او دينية او تقدمية أو حضارية تعادى التبعية والصهيونية واسرائيل وكامب ديفيد وتتبنى الاستقلال والمقاومة وتحرير فلسطين، لا فرق فى ذلك بين وطنى و قومى و اشتراكى و اسلامى و مستقل.
كانوا مثل قناصة ميدان التحرير ايام ثورة يناير الذين اسقطوا عشرات من شباب الثورة، ولكن قناص ميدان التحرير على اجرامه، كان ضحاياه بالافراد، اما قناصة العقائد والمبادئ والثوابت الوطنية فضحاياهم بالملايين من الاجيال الجديدة التى تم اعادة صياغة التاريخ وتزويره لتزييف وعيهم وترويضهم على قبول الذل والاستسلام والخضوع للعدو الصهيونى ومشروعه.
***
ولقد افتتح هذه المذبحة توفيق الحكيم فى مقاله الصادم الذى نشره يوم 3 مارس 1978 بجريدة الاهرام بعنوان "مصر والحياد" ، طالب فيه بان تقف مصر على الحياد بين العرب واسرائيل كما وقفت سويسرا والنمسا على الحياد فى الحرب العالمية الثانية.
وكانت هذه هى المرة الاولى التى ينطق فيها اى كاتب مصرى او عربى على وجه الارض بمثل هذه الأفكار، ودخل معه على الخط لويس عوض وحسين فوزى، وبدأت حملات مسعورة لا تزال مستمرة حتى اليوم تستهدف هوية مصر وعروبتها وفكرة القومية العربية من اساسها، وتتحدث عن الغزو العربى بدلا من الفتح العربى، وعن الامة المصرية وعن احياء الفرعونية، وأن سبب معاناة مصر وفقرها وكل مشاكلها هو تبنيها لقضية فلسطين ودخولها أربعة حروب من اجلها، وانه قد آن الأوان لكى ننتبه لانفسنا ونرى مصالحنا ونرفع شعار مصر أولا، الذى ظهر فى النهاية انه "اسرائيل اولا". واخذت هذه الحملات تطلق سهامها واكاذيبها على الفلسطينيين وتشيطنهم وتدعى انهم باعوا اراضيهم لليهود، وانهم لا يستحقوا منا اى تعاطف او مزيد من التضحيات.
وتصدى لهم فى ذلك الوقت نخبة من المفكرين المصريين، الذين نجحوا فى تفنيد أكاذيبهم ودحضها وكشف ضعفها وتهافتها، على راسهم رجاء النقاش وأحمد بهاء الدين وبنت الشاطئ ووحيد رأفت وغيرهم، واستطاعوا أن يكسبوا هذه الجولة بالضربة القاضية.
***
ولكن نظام كامب ديفيد لم يستسلم واستمر فى ذات النهج، فاخذ يضخ مزيدا من القناصة فى المعركة، فظهر الطبيب النفسى محمد شعلان ونظريته بأن الصراع بيننا وبين اسرائيل هو صراع نفسى.
وظهرت جماعات من المطبعين امثال الكاتب المسرحى على سالم، ثم جماعة كوبنهاجن عام 1995 بالتزامن مع توقيع اتفاقيات اوسلو، التى ضمت لطفى الخولى وعبد المنعم سعيد ومراد وهبة وآخرين، الذين لا يزال الأحياء منهم يمارسون عمليات القنص ضد كل ما هو وطنى حتى يومنا هذا.
***
ثم بعد أن تولى عبد الفتاح السيسى حكم مصر، قام بافتتاح مهرجان القنص الجديد، بتصريحه الذى اطلقه فى حملته الرئاسية فى حضور جماعة من المثقفين بان السلام مع اسرائيل اصبح فى "وجدان" المصريين، وحديثه عن السلام الدافئ مع اسرائيل وانحيازه اليها فى عدوانها على غزة 2014 ومشاركته فى احكام الحصار على القطاع، والتفاخر باتصالاته الدورية بنتنياهو ومقابلته سرا فى الاردن والثناء علي قدراته الفذة وتعبيره عن تفهمه لمخاوف اسرائيل من الاتفاق النووى الايرانى واقامته المنطقة العازلة التى رفضها مبارك، واعتماده شبه الكامل على اسرائيل لتفتح له بوابات الولايات المتحدة وتضغط على الكونجرس الامريكى لاسئناف معونته العسكرية لمصر، وما ذكره اخيرا فى مؤتمر الاسماعيلية 2017 بان السلام مع اسرائيل قد انقذ مصر من "الضياع"، فى تكرار طبق الاصل لما سبق وقاله توفيق الحكيم منذ ما يقرب من 40 عاما، مع الفرق فى ضعف اللغة وسوء التعبير وفقر المفردات.
نقول بعد ان افتتح السيسى حكمه باعلانه الواضح الصريح عن علاقته الحميمة مع اسرائيل ورهانه عليها، كان لابد من احياء كتائب القنص فى نظام كامب ديفيد بعد تحديثه، بضخ دماء جديدة، فظهر بعض الباحثين من الفرز الثالث والرابع من العاملين فى مراكز الابحاث وثيقة الصلة بالاجهزة السيادية، ليطالبوا بتطوير العلاقات المصرية الاسرائيلية الى ما هو ابعد واعمق من التطبيع والتنسيق الامنى، ليصل الى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
فى هذا السياق يظهر يوسف زيدان، ليصدمنا كل بضعة شهور بتصريحات وقحة جارحة عن المسجد الاقصى وصلاح الدين الايوبى وغيرها، وكلها افكار لا تستحق الرد او التعقيب لضعفها وتهافتها وتجردها من اى اساس علمى، لولا انها تأتى فى اطار التمهيد لحملة اوسع تستهدف دمج اسرائيل فى المنطقة وتوسيع السلام معها، بصرف النظر عن قضية فلسطين، بذريعة مواجهة المخاطر المشتركة وفقا لنظرية ترامب حول صفقة القرن. وهو ذات المشروع الذى يتحدث عنه نتنياهو كثيرا بقوله ان العلاقات بين اسرائيل وبين مصر والسعودية والخليج لا ترتبط بحل القضية الفلسطينية، وانما تحكمها المصالح الاستراتيجية المشتركة، وهو ما سبق ان عبر عنه عبد الفتاح السيسى نفسه، بل كان هو الأسبق فى طرحه والترويج له فى حديثه مع وكالة اسوشيتدبرس على هامش الدورة 70 للامم المتحدة فى خريف 2015 حين دعى الى توسيع السلام مع اسرائيل لمكافحة الارهاب الذى يهدد الجميع.
فعلى الغاضبين والمستفَزين من يوسف زيدان، الا يضيعوا جهودهم فى الرد عليه، وان يتصدوا بدلا من ذلك للصفقة الامريكية الاسرائيلية المصرية السعودية الجديدة الهادفة الى دمج اسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية.
*****
القاهرة فى 16 مايو 2017

15 مايو 2017

سيد أمين يكتب: حول مأساة التعليم في مصر

الاثنين 15 مايو 2017 11:33
خرجت مصر من التصنيف العالمي لجودة التعليم ولم تستطع الحفاظ على رباطة الجأش والتفوق الذي كانت تبديه علي دولة غينيا.
ويثير أمر الاعتراف العلني الذي أبدته السلطات المصرية علي لسان وزير تعليمها بهذه الفضيحة بعد النكران التام ، الريبة من أن يكون النظام الذي بدا تغريبيا وجانحا إلى التنكر للهوية العربية والإسلامية للدولة في جميع سلوكياته ، يسعي لاستغلال الأمر كذريعة لمزيد من تغيير المناهج وطمس الجزء اليسير جدا الذي ما زالت تحتفظ به من وطنية.
ولو تحدثنا عن التقدم فلا يمكننا إلا أن نتحدث عن التعليم ، ولا يمكننا أيضا- مرضاة للضمير وكتعبير عن الصدق - إلا أن نقول إنه لا يمكن أن تتقدم أمة من الأمم دون أن تمتلك منظومة تعليمية سليمة تراعي أول ما تراعي ربط حاضر الإنسان بماضيه وذلك علي اعتبار أن فهم واستنهاض الماضي هو دراسة مكثفة لاستدراك المستقبل.

الهوية القومية
في سعي النظام العسكري لتغريب المجتمع راح يعلم النشء اللغات الأجنبية قبل أن يعلمهم لغتهم القومية الأصلية "اللغة العربية" ، فتوسع في إنشاء المدارس التجريبية فضلا عن مدارس اللغات الخاصة والمدارس الدولية وجميعها لا تدرس باللغة العربية ، في نفس الوقت الذي أهمل فيه المدارس الحكومية العربية والتي تدرس اللغة الانجليزية أو الفرنسية أو كليهما جنبا إلى جنب مع اللغة العربية ، بل راح يخنق التعليم الأزهري خنقا ويخربه ، تارة بكثافة المناهج واعتماده علي الحفظ ، وتارة بسوء الإدارة وإهماله وتعيين مدرسين غير أكفاء له، وأخرى بنشر ثقافة الغش ثم بمحاصرة خريجيه وعدم إيجاد وظائف حكومية لهم وغيرها، وذلك نظرا لما به من مناهج تربط الطلاب بالهوية القومية للدولة.
ورغم أنه من أهم المقاصد التي تسعى إليها الدول من التعليم هو تعميق الهوية الوطنية والقومية للدولة لدي الشباب، يبدو ذلك التغريب لدي بعض المصريين ممن لا تعنيهم تلك الهوية وللأسف هم من يشكلون القطاع الأكبر في الحكم الآن ، أمرا عاديا بل ويستحق الثناء لا الذم ، ولكن ألا يعتبرون أن هذا الإثقال في المناهج يخرج جيلا من المتعلمين لا يجيدون لا اللغة العربية ولا حتى الإنجليزية ولم يتعلموا شيئا البتة وهو ما يشرح ظاهرة التسرب من التعليم التي بدأت تتفشي في الأرياف مؤخرا؟

فشل تام
لقد أنتجت الرؤية المشوشة والمنظومة المعدومة للقائمين علي التعليم بمصر جيلا أقل ما يوصف به أنه "مسخ" فلا هو أوربي ولا هو عربي , ولا هو متعلم ولا هو جاهل , ولا هو يعرف من أين هو آت ولا الى أين هو ذاهب، ولا حتى يعرف عدوا ولا حبيبا ، بل شخصا يحمل شهادة الاعدادية منذ نحو 30 عاما مضت يمتلك وعيا وثقافة وعلما أفضل من حامل لشهادة الدكتوراه هذه الأيام.
انهارت أطراف العملية التعليمية بشكل كلي في مصر، فالمناهج يعتريها كثير من العوار و"الأهواء" ،وسخرت طبقا لمقتضيات السياسة لا مقتضيات البحث العلمي الدقيق والصالح العام ،وذلك طبقا للقرب والبعد مع أهداف السلطة الحاكمة.
والمدرسة صارت أداة للربح بعد استغراق القطاع الخاص لهذا المجال وحرصه علي ما يحرص عليه التاجر غير الأمين في بيع البضاعة الفاسدة مع الحفاظ على طيب المنظر العام.
وصار الطالب هو أيضا غير راغب في التعليم بقدر رغبته في الحصول علي الشهادة التعليمية.
فساد العلاقة بين أطراف التعليم حولته من منتج له مردود أخلاقي واجتماعي بناء، إلى سلعة تباع وتشتري تصلح معها الفلسفة السوقية المصرية التي تلخصها لفظة "الفهلوة" ، ما فاقم من ظاهرة الغش وأوجد خريجي جامعات لم ينالوا حتى الحد الأدنى من مقومات التعليم لدرجة الجهل بالقراءة والكتابة لاسيما من خريجي الكليات الأدبية.
كما يمتاز التعليم في المدارس الحكومية وهى قليلة عددا مقارنة بالمدارس الخاصة بفوضوية خاصة وكل ما ليس له علاقة "بالتربية" والتعليم.

الاستقرار الوظيفي
وكما انتهى دور المدرسة الاجتماعي مع عصر الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي وما رافقته من ممارسات تتنكر للتراث ورجاله والمدافعين عنه، انتهى أيضا دورها التعليمي الذي أنشئت من أجله، وأمست محصلات العملية التعليمية في المدارس تساوى صفرا كبيرا بكل معني الكلمة ،وتحولت المدارس بكل أنواعها ومراحلها إلي مجرد دور للالتقاء الاجتماعي والتجاري وعقد الاتفاقات علي الدروس الخصوصية بين المدرسين والطلبة أو أولياء أمورهم.
كما أن الحملة الممنهجة التي تشنها وسائل الإعلام المصرية علي المدرس حين طرح أي مناقشة جادة لحل قضية التعليم في مصر تبدو صادقة مع مدرسي المدارس الحكومية فقط ، في حين أنها أمست شديدة الظلم مع مدرسي مدارس القطاع الخاص.
فكثير من المدارس الخاصة تمنح المدرس فيها راتباً غاية في التدني يقل كثيرا عن الألف جنيه مصري شهريا، وتمارس ضده شروطا تعسفيه تتيح لها فصله في أي لحظة ، مع جعل رضا الطالب عنه هو المعيار الأول لاستمراره في عمله، ما يجعله ينصرف عن تقويمهم إلى إرضائهم، فقضي هذا الوضع علي المدرس الجاد وأبقي علي الأقل كفاءة منهم.
وتسببت تلك الحالة في تنامي الشعور بعدم الاستقرار وفقدان الأمان الوظيفي لدي المدرس ، وانعكس ذلك بالقطع علي سلوكياته التعليمية فبدا مهتزا مثيرا للرثاء ،وبالتالي أثر ذلك علي الطلاب تعليميا لكون فاقد الشيء لا يعطيه.
ومع قبول المدرس بهذا الوضع نظرا لفقر سوق العمل، جعله مضطرا بل مجبرا علي اللجوء للدروس الخصوصية لتعويض حاجته المادية.
في الحقيقة الكلام يطول ولكن الخلاصة هي أنه لن يستقيم حال التعليم في مصر إلا إذا عدنا إلي المعادلة الأولي التي أنجب استخدامها كل نجباء مصر في العقود الماضية ، وهي اعتبار التعليم رسالة وطنية وإنسانية ودينية مقدسة ، واحترام المدرس واعتباره مربيا ، واعتبار التلميذ قائدا للمستقبل الذي نرجوه.

اقرأ المقال على الجزيرة مباشر هنـــــــــــا

08 مايو 2017

المفكر القومي محمد سيف الدولة يكتب:وثيقة حماس - طلب عضوية فى نادى التسوية


فى الوطن العربى طائفتان؛ طائفة تتمسك بعروبة كل فلسطين، وترفض الاعتراف (باسرائيل) والصلح والتطبيع معها مهما اختلت موازين القوى، وتتمسك بالكفاح المسلح والمقاومة كخيار وحيد لتحرير الارض.

والأخرى انكسرت ارادتها فاستسلمت للمشروع الصهيونى، وكفت عن مواجهته وهرولت للصلح والتطبيع والتنسيق أو التحالف معه.

الاولى تضم غالبية الشعب العربى. والثانية تضم كافة الحكام والانظمة العربية اضافة الى السلطة الفلسطينية.

الاولى تتصدرها فصائل المقاومة قبل كسر ارادتها مثل منظمة التحرير قبل 1988، وحماس قبل اول مايو 2017، والثانيةتصدرتها مصر بكامب ديفيد من السادات الى السيسى، وتنجح كل يوم فى استقطاب مزيد من الاطراف العربية والفلسطينية الى الحظيرة الامريكية على رأى الشاعر احمد مطر.

الأولى محجوبة ومحظورة ومطاردة فى الأقطار العربية، وموضوعة على قوائم الارهاب الامريكية والاوروبية.

والثانية تفتح لها ابواب واشنطن ولندن وباريس وكل العواصم العالمية والخزائن العربية.

***

فعلها قادة حماس، وقرروا اللحاق بقطار التسوية مع العدو الصهيونى، قطعوا الخطوة الاولى فى هذا المسار الذى عادة ما يبدأ، بصياغات مراوغة من أمثال "نقبل دولة على حدود ١٩٦٧" او "دولة على كل شبر يتم تحريره من الارض المحتلة" او الحديث عن "الحل المرحلى والحل النهائى"....الخ

فعلتها وكنا نظنها لن تفعلها أبدا، كنّا نظنها محصنة ضد السقوط فى مستنقع التسوية والتنازلات. فهى حركة أذاقت هى وشركائها من فصائل المقاومة الاخرى، العدو الصهيونى الامرين، ونجحوا رغم جسامة التضحيات فى تحويل غزة الى قلعة تستعصي على الكسر او الخضوع. حركة طالما دعمناها ودافعنا عنها فى مواجهة الحصار والحروب والاعتداءات الصهيونية المتكررة .

***

شبعنا تنازلات وتضليلات:

لقد اصبح الشعب العربى خبيرا بطرق و اساليب التسوية و بمقدمات وتمهيدات التنازل والتفريط، من كثرة ما شاهدها تُمارس فى النصف قرن الماضى.

فى البداية كانت الشعوب حسنة النية، تُصدق التفسيرات التى يقدمها الحكام والزعماء العرب والفلسطينيين، بانه ليس تنازلا ولا تفريطا وإنما هى خطوة تكتيكية ومناورة سياسية لا تمس الثوابت، ثم اكتشفوا مع التجربة والتكرار كيف تباع فلسطين واستقلال الامة وحقوقها فى كل مرة.

فاكتسبوا مناعة ضد هذا النوع من التضليل، وأصبحوا "يفهموها وهى طائرة" كما يقال فى المثل الشعبى.

وبمجرد ان يسمعون تعبيرات مثل: "لا تنازل عن الثوابت" او "فلنكن واقعيين" أو " تجديد وتطوير الخطاب السياسى" أو " حتمية التوافق مع المتغيرات والمستجدات الدولية والإقليمية"...الخ يدركون ان هناك تنازلا جديدا فى الطريق وان متنازلا جديدا على الابواب.

***

ان الحديث عن حدود ٦٧ بأى صيغة وفى اى سياق، يحمل تنازلا ضمنيا عن باقى فلسطين، حتى لو احيط بأغلظ الإيمانات بالتمسك بالثوابت الوطنية والحقوق التاريخية وعدم الاعتراف باسرائيل.

لماذا؟

لان القبول بدولة على حدود ١٩٦٧، او بانسحاب قوات الاحتلال الى حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧فقط، هو بند واحد فى مشروع شامل و منظومة متكاملة من القواعد والمبادئ والشروط والالتزامات المتبادلة، فهى حزمة واحدة، اما ان تأخذها كلها او ترفضها كلها، لا يمكن ان تنتقى منها ما تريد وتترك الباقى.

واصل هذه المنظومة هو القرار رقم ٢٤٢ الصادر من الامم المتحدة بعد هزيمة ١٩٦٧، والذى ينطلق من ضرورة الاعتراف بشرعية وجود اسرائيل وحقها ان تعيش داخل حدودها الآمنة وهى حدود ١٩٤٨، مقابل ان تنسحب من أراضى احتلتها عام ١٩٦٧.

فلا حديث عن حدود ١٩٦٧ الا مقابل الاعتراف باسرائيل ولو بعد حين.

***

والاعتراف انواع ودرجات ومراحل :

أقواها الاعتراف الرسمى مثلما فعل ابو عمار ومن قبله انور السادات ومن بعده الملك حسين.

او اعترافا وتطبيعا كاملا معلقا على شرط انسحاب اسرائيل الى حدود ١٩٦٧، مثل اعتراف كافة الدول العربية بموجب مبادرة السلام العربية.

او اعترافا ضمنيا او مستترا كما فعلت وثيقة حماس الاخيرة، بقبولها دولة على حدود ١٩٦٧، بما يعنى بمفهوم المخالفة: السكوت او الصمت عن الوجود الصهيونى فى باقى فلسطين.

***

أصل وفلسفة حدود 1967:

ان المتصالحين مع العدو الصهيونى الذين اعترفوا به وتنازل له عن ٧٨٪ من ارض فلسطين، يبررون مواقفهم دائما بان الامم المتحدة والولايات المتحدة وكل الدول الكبرى والمجتمع الدولى تعترف باسرائيل وتعتبر ان فلسطين عندهم تقتصر على الضفة الغربية وغزة، وبالتالي فلا طائل ولا جدوى من التمسك غير الواقعى بكل فلسطين، ولذلك يحرصون على طمس اى حديث او مطالبة بفلسطين ١٩٤٨، وتركيز كل خطاباتهم ومفاوضاتهم وتصريحاتهم على دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧ عاصمتها القدس الشرقية.

ويقولون: "لا يمكن تحرير فلسطين بالمقاومة والكفاح المسلح، وليس لنا قِبَّل بحرب اسرائيل، ولن نأخذ شيئا الا بالمفاوضات، واذا أخذنا شيئا فلن يكون الا ما يجود به المجتمع الدولى، وهو (ان فعل) فلن يجود الا بدولة قابلة للحياة على حدود 1967."

وبالتالى فان معنى حدود 1967 فى قاموس الصراع العربى الصهيونى = مفاوضات بديلا عن الحرب والقتال + تنازل عن باقى فلسطين + اعتراف باسرائيل وبحقها فى ارض 1948 +حل تقبله اسرائيل بشروطها وتباركه الولايات المتحدة.

وتقوم فلسفة هذا الحل، على اعطاء ضمانات لاسرائيل بان اى ارض تنسحب منها لن تشكل قاعدة لتهديدها مستقبلا، وان احدا لن يعود فيما بعد ليطالب بحقوق فى ارض فلسطين التاريخية، وان شركاءها من العرب والفلسطينين فى اى معاهدة، يجب ان يتم تكبيلهم بمنظومة من القيود الامنية والعسكرية، لتجريدهم من اى امكانية للعودة مرة اخرى الى تهديد اسرائيل.

هذا ما ورد فى نص القرار 242، وما ورد فى كل الاتفاقيات العربية الاسرائيلية بدءا بكامب ديفيد ومرورا باوسلو وانتهاء بوادى عربة، واى ادعاء لقادة حماس او لغيرهم بأنهم قادرون على الفوز بدولة على حدود 1967 خارج هذه القواعد والشروط والقيود، فهو وهم او تضليل.

***

التنازلات المستترة أخطر من الصريحة:

ورغم ان مثل هؤلاء خانوا فلسطين، وخانوا الامة العربية بكل أجيالها الحالية والراحلة والقادمة، الا انهم يقدمون خطابا واضحا وصريحا لا التباس فيه او مراوغة أو تضليل.

اما ان نقول اننا لا نعترف باسرائيل ولا نتنازل عن ارض فلسطين التاريخية ولكننا نقبل مؤقتا ومرحليا دولة على حدود ١٩٦٧ فهذا بالاضافة الى ما فيه من تناقض، فانه يحمل تضليلا خطيرا، سيؤدى الى زرع جرثومة مدمرة فى وعى الشعب العربى والفلسطيني وعلى الأخص من الشباب بانه يمكن القبول والفوز بدولة فى الضفة الغربية وغزة بدون التنازل عن فلسطين التاريخية.

ان الطرح الواضح الصريح اقل ضررا و خطورة.

كما اننا لا يمكن ان ننسى أن التمهيد لاوسلو داخل م.ت.ف بدأ مبكرا منذ السبعينات، وبخطابات وتصريحات وصياغات ومواثيق أكثر قوة وتشددا من وثيقة حماس الأخيرة، ومع ذلك جرى ما جرى.

***

ثم ما هو الفرق بينكم وبين ابو مازن ومبادرة السلام العربية:

فاذا كان مصيرنا لا قدر الله ان نقبل أو نكتفى بدولة على حدود 1967، فان الرهان على ابو مازن والسلطة الفلسطينية اوقع واقصر طريقا، فلهم من الشرعية والتحالفات والعلاقات الدولية والاقليمية والعربية ما ليس لكم، ومعترف بهم من الجميع بانهم الممثلون الوحيدون للشعب الفلسطينى، وقائمة التنازلات التى قدموها للعدو الصهيونى اضعاف مضاعفة ما تعرضونه، واذا كان اسرائيل تنوى ان تعطى الفلسطينيين اى شئ فى المستقبل (ولن تفعل)، فستختار ابو مازن ولن تختاركم.

اما عن مبادرة السلام العربية، فان المعروض على اسرائيل من الدول العربية المجتمعة هو اعتراف وتطبيع كامل، ومع ذلك رفضته اسرائيل رغم ما فيه من مغريات ومكاسب دولية وسياسية و مالية واقتصادية هائلة، فماذا تقدمون انتم؟

***

من تخاطبون وماذا تريدون ؟

ان رسالتكم الموجهة الى امريكا واسرائيل واصدقائها من العرب والاوروبيين، تستهدف رفعكم من قوائم الارهاب الامريكية والاوروبية، لانكم بقبولكم دولة على حدود 1967، لم تعودوا تهددون بالقضاء على اسرائيل، وهى دعوة للجميع للتوقف عن استبعادكم والعمل على دعوتكم واشراككم فى اى عملية سياسية، وعدم الانحياز الى ابو مازن، فكلاكما اصبحتم اليوم تنطلقون من ذات المرجعيات الدولية. وهو ما ورد صراحة وبالنص فى حديث خالد مشعل لمراسل "السى ان ان" بعد المؤتمر حيث قال :"ليلتقط الغرب فرصة وثيقتنا وعلى ترامب أن يعمل مقاربة جديدة فهو لديه جرأة التغيير"

***

المكاسب والخسائر:

قد تكسبون بعض الرضا الامريكى والاوروبى والعربى الرسمى، وقد يتم تخفيف الحصار قليلا عن غزة، وقد تجدون انفسكم على قوائم المدعويين الى المؤتمرات الدولية و المفاوضات السياسية، ولكنكم لن تحققوا اكثر من ذلك، كان غيركم أشطر.

ولكنكم ستخسرون فى المقابل اهم سند لكم، وهو الحاضنة الشعبية العربية، التى دعمتكم وأيدتكم لمبدئيتكم ومقاومتكم. وما ادراكم ما هى الحاضنة الشعبية العربية؟ ربما لا تستطيع ان تقدم لكم ذات التسهيلات والتشهيلات وامكانيات الدعم والتمويل المالى التى تملكها الأنظمة العربية، وربما فشلت حتى اليوم فى تخفيف الحصار وفتح المعبر، ولكنها هى الوحيدة القادرة على إبقاء القضية حية رغم كل الطعنات التى تلقتها فلسطين من الحكام العرب، انها ضمير الأمة وصانعة وعيها ومربية شبابها.

بوثيقتكم هذه اقتربتم خطوة من اسرائيل وامريكا ومجتمعها الدولى وانظمتها العربية، وبعدتم عنا خطوات.

***

هل حقق الحصار أهدافه؟

يبرر البعض لحماس موقفها الأخير، بتدهور الظروف الدولية والاقليمية بعد نجاح ادارة ترامب، ناهيك عن طول وقسوة سنوات الحصار، وحجم المعاناة والضحايا فى قطاع غزة خاصة بعد ثلاثة حروب اسرائيلية عدوانية كبرى من 2008 الى 2014. وهو ما كان يستوجب منهم اعادة النظر فى المواقف السياسية والتسلح بقدر من الواقعية.

ونرد على ذلك بانه اذا كان الهدف من هذا التنازل هو فك الحصار عن غزة، فان الحصار يكون للأسف قد نجح فى كسر إرادة القيادة الحمساوية.

اما عن دعوات التنازل باسم الواقعية، فاننا نقول لهم: أن لهذا السبب تحديدا، أبدعت البشرية ما يسمى بالثوابت والمبادئ، من أجل الاحتماء بها فى لحظات الهزائم والانتكاسات، فى مواجهة كل محاولات المراودة عن النفس والأرض والعرض.

***

الاسلاميون يتنازلون مثل غيرهم:

وبالطبع لن تقتصر آثار مثل هذا التنازل على حماس، وانما سيمتد أثره لتشويه سمعة قطاع واسع من التيار الاسلامى، فلقد قيل فيما مضى أن كل من ينطلق من مرجعية اسلامية يتفوق على غيره درجة، فهو محصن من تقديم التنازلات التى قدمتها الفصائل والقوى والانظمة والحركات ذات المرجعيات الوطنية او المدنية، امثال نظام السادات ومنظمة التحرير ...الخ، فاذا بوثيقة حماس الأخيرة تبعث برسالة واضحة أنهم مثل غيرهم ليسوا معصومين.

***

احذروا مزيدا من الفتنة والانقسام:

وأخشى أن تنشأ فتنة وفرقة كبرى بيننا وبين أخوتنا ورفاقنا من التيار الاسلامى، اذ هم قرروا بدوافع تنظيمية او ايديولوجية الانحياز لوثيقة حماس وحدود 1967 على حساب ثوابت الأمة وعقيدتها الوطنية. خارجين عن الحكمة المتوارثة بأن "يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال".

***

اللعب بالنار:

انكم تلعبون بالنار، وتضحون بكل رصيدكم بلا مقابل، وتكررون سياسات فاشلة، سبق تجربتها واختبارها وفشلها عديد من المرات:

وافق عبد الناصر على القرار 242 بعد هزيمة 1967، بدعوى انه قبول صورى ليس له أثر ولا معنى، وستواصل مصر المعركة وتعيد بناء جيشها لتزيل آثار الهزيمة. فلما مات عبد الناصر، استغل السادات القرار 242 لتمرير اتفاقيات كامب ديفيد والاعتراف باسرائيل والانسحاب من الصراع.

وفعلها ابو عمار بعد حصار بيروت ونفيه ومحاولات عزله وتهميشه، هادفا الى دخول الارض المحتلة باى ثمن، فانتهت محاولاته ومناوراته بحصاره واغتياله .

***

فلنقسو عليهم:

أيدت الشعوب العربية حركات المقاومة بلا حدود، ودعمتهم كل التيارات السياسية العربية من كل المرجعيات والايديولوجيات الفكرية بلا تحفظات، لانهم كانوا بمثابة القلعة الفلسطينية المسلحة الاخيرة داخل الارض المحتلة التى تقاوم وترفض التسوية وتتمسك بالثوابت والحقوق التاريخية.

وأسوأ ما يمكن أن يحدث اليوم، أن تجد حماس من يبرر لها أو يدافع عن وثيقتها الجديدة، او يبدى تفهما لدوافعها، او يروج لخدعة ان القبول بحدود 1967 لا يمثل تنازلا.

ولذلك من الواجب علينا اليوم أن نقسو عليهم، ونختلف معهم وننتقدهم بشدة لعلهم يراجعوا انفسهم ويتراجعوا عن موقفهم الأخير.

واذا قال قائل ولكن ابو مازن وسلطته هم الاحق بالنقد والتعرية، نذكره بما نال جماعة أوسلو على امتداد ربع قرن من هجوم حاد وشديد من كافة القوى والشخصيات الوطنية العربية، الى أن تم اسقاطهم فى السنوات الأخيرة من حساباتنا تماما، بعد أن تحولوا الى أحد أدوات قوات الاحتلال فى وأد ومطاردة وتصفية أى مقاومة او انتفاضة فلسطينية من بوابة ما يسمى بالتنسيق الامنى، فلم نعد ننتظر منهم أى خير. أما حماس فلا تزال على البر، ربما ننجح فى انقاذها من مصيرها المحتوم.

ان التمسك بالثوابت والمبادئ وبكامل الحقوق التاريخية، لو لم يكن وراءه من فائدة سوى بناء الوعى الشعبى العربى والفلسطيني وتحصينه ضد دعوات الاستسلام والتفريط فى الارض، فان هذا يكفى ويفيض.

***

لا نبرء أنفسنا:

واخيرا يجب أن نعترف كشخصيات وقوى وطنية عربية خارج فلسطين، باننا جميعا، بشكل أو بآخر، شركاء فى كل ما يصيب فلسطين كل يوم من اعتداءات او هزائم او تراجعات، شركاء بعجزنا عن دعم المقاومة وكسر الحصار وعن اسقاط اتفاقيات الصلح مع العدو الصهيونى، وعن مواجهة انظمتنا الحاكمة التى تتواطأ لتصفية القضية. شركاء بسماحنا بتراجع قضايا ومعارك الصراع العربى الصهيونى من اجنداتنا السياسية.

*****

القاهرة فى 5 مايو 2017