30 أبريل 2017

اقرأ.. اخطر عشرة مفاهيم خاطئة عن أمراض"العيون"

نقلا عن هافنجتون  بوست
كتب سيد أمين
هاجس كبير يداهم كثيرا من الناس حول مستقبل عيونهم وأبصارهم خاصة مع تنامي ظاهرة التعامل المفرط مع الضوء المبهر والأشعة السيئة التى تسببها أجهزة التلفاز والكمبيوتر والتعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة مع أولئك الذين ترتبط أعمالهم بشكل مباشر باستخدام الكمبيوتر او التعامل مع تلك الأضواء ، وبالطبع  لجأ الإنسان كطبيعته لتكوين معتقدات خاصة للتعامل مع تلك المخاطر بعضها كان طبيا وبعضها كان خرافيا.
الدكتور حازم محمد يس أستاذ جراحة طب العيون بجامعة القاهرة والخبير العالمي الشهير فند الكثير من المعتقدات الخاطئة حول "العيون" وكيفية الحفاظ على تلك الجوهرة التى لا تقدر بثمن التى يمتلكها كل انسان.
قال يس انه ثمة أشياءا بسيطة نهملها وسط مشاغل الحياة تؤثر سلبيا علي إبصارنا وهناك ايضا معتقدات خاطئة لابد من كشفها، وهو ما نوجزه في النقاط التالية:
*ليس صحيحا ان استخدام أجهزة الكمبيوتر أو الاتاري أو البلاي ستيشن يصيب أعين الأطفال بضعف شديد في النظر، فالله خلق العين كجهاز بصري كى تمارس وظيفتها وهي القراءة وممارسة الوظيفة لا تستنفذ من الرصيد البصري ، كما لو كان عند الشخص مواد غذائية يخزنها ويقتصد في استهلاكها على طريقة "محدش ضامن الظروف" المهم هو إن يرتدي الشخص المستخدم للكمبيوتر النظارة التي تجلب له صورة واضحة علي الشبكية كما أن أغلب أجهزة الكمبيوتر شاشتها تكون غير مشعة بالأشعة فوق البنفسجية.
*الذبابة الطائرة والهالات السوداء التي نراها وكأنها خيوط هائمة قد تكون إنذارا مبكر لحدوث انفصال بالشبكية ،وهذا العرض ربما يعاني منه كل المصابين بأخطاء في انكسار العين ..ربما يكون الكشف الثانوي عند طبيب العيون أمرا مهما جدا للتأكد من عدم الإصابة بالجلوكوما المرض الصامت الذي يؤثر علي العصب البصري ويؤدي إلي فقدان البصر.
* من العادات السيئة في الريف ، وضع الكحل للأطفال الصغار وتركهم دون علاج عند التهاب الملتحمة ،واعتبار  ان كبر حجم العين عن الأطفال يعتبرها الأهل علامة من علامات الجمال  عند الطفل لاسيما لو كان صبيا ويخافون عليه من الحسد  مع ان ذلك يعني علميا إصابة الطفل بالمياة الزرقاء الخلفية وهو بحاجة للعلاج ،وأيضا وضع الششم "كمادات ماء البصل" عند حدوث التهابات العين كما يعتقد كثير من الناس ان ارتداء الجوارب خلال النوم ليلا خاصة في فصل الشتاء يضر بالبصر ويضعف من حدته وهو اعتقاد خاطئ بالمرة لم يثبت صحته.
* نظارة حفظ النظر ، هي عبارة لا تستند الى العلم ، وقد يكون اخترعها مريض يرفض الاعتراف بمرضه ، فما اعرفه ان النظارة هى عدسة معينة وظيفتها  كوين بؤر الصورة مباشرة على القرنية وليس إيقاف قصر او طول النظر وفي الغالب يكون اصل المصطلح هو للنظارات ذات المقاسات الصغيرة. 
* الأغذية المقوية للإبصار، يعتقد كثير من الناس ان الجزر يقوى النظر ، ولا ادري من اين جاء هذا الاعتقاد ؟، ربما لان الأرانب وهى تأكل الجزر بكثرة لا ترتدي نظارات!! ،  وعلميا فانه بالرغم من وجود مادة الكاروتين في الجزر وفيتامين "أ" الذي يختص بالخلايا الصبغية البادئة للإشارات البصرية إلا أن التمثيل الغذائي للجسم لا يقوم بتوزيع الكاروتين على العين دون سائر أعضاء الجسد ، المهم أن يكون هناك غذاء متوازن ومفيد للجسم كله.
*يسود اعتقاد عند المصريين انه يجب على الإنسان استخدام قطرة مطهرة للعين يوميا  أو تزيد من بياض العين ، وفي سبيل ذلك لجأوا الي استخدام القطرات المزيلة للاحتقان بصفة مزمنة حتى أصبحت عادة يومية عندهم  لا يستطيعون الاستغناء عنها بعد ذلك وذلك لانها بزوال مفعولها تتسع الاوعية الدموية بشكل اكبر فتحمر العين ، ويلجأ لاستخدام القطرة مجددا  لازالة ذلك وهكذا . فضلا عن ان تلك القطرات تصيب العين بالجفاف.
* يترسخ في أذهان المرضي بالمياه البيضاء اعتقاد بأنه يجب ترك المياه البيضاء حتى تنضج أو "تستوي" ويكون الإبصار منعدما ثم أزالتها ، وهو اعتقاد خاطئ وغير علمى بل يترك مضاعفات خطيرة على العين ، وخاصة مع سهولة إزالة تلك المياة عبر استخدام الموجات فوق الصوتية.
* مريض يعالج  نفسه بنفس علاج مريض آخر ، وهذا خطأ فاحش لأن لكل عين ظروفها الخاصة بها حتى أن تشابهت الأعراض بل وكان المرض في كليهما واحدا. فمثلا كثير من القطرات تحتوي علي مادة الكورتيزون التي قد تضر بشدة مريضا آخر.
*مرضي السكر أيضا يجب ان ينتبهوا.. فضبط مستوي السكر والاهتمام بالنظام الغذائي يحفظ للعين سلامتها فعالميا يعتبر السكر ثالث سبب لفقدان الإبصار.
*يرفض بعض المرضي زرع عدسة بعد إزالة المياه البيضاء بناء على تجربة لمريض أخر من تلك العدسات وبالطبع ذلك سلوك خاطئ لان لكل عين ظروفها حتى لو كانت في نفس الشخص.
*عند اصابة العين بالصودا الكاوية والبوتاس الموجود في الصابون يجب  معالجتها فورا بسكب حمض  البوريك المخفف 4% او حمض الخليك المخفف 3% المعروف بالخل على العين مباشرة ، وعند اصابتها بالجير الحي يجب الا تغسل بالماء مباشرة بل يجب تنظيفها بالقطن جيدا وذلك لان الماء سينشط المادة الغعالة في الجير ، وعند الاصابة باليود يجب وضع كميات كبيرة من السكر او النشا على الماء او اللبن ويتم مزجهما لتقطر به بغزارة ، وعند الاصابة بالكوبيا يتم تخفيف الجلسرين او الكحول بنسبة 10% وتقطر به بعزارة، وعند الاصابة بحمض الكبريتيك "ماء النار" ويتم هنا العلاج بسكب مياة غازية على العين لاحتوائها على مادة البيكربونات التى تستخدم في المطبخ ، ولكل مادة كيماوية تصاب بها العين قطرة مختلفة.

25 أبريل 2017

سليم عزوز يكتب: ماذا لو حكمتها "حُرمة"؟

"قلب" علينا القوم في مصر "المواجع"، عندما رضخ "دكرهم" أمام "العاهل الأمريكي"، الذي أصدر له تعليماته بإخلاء سبيل "آية حجازي"، المسجونة منذ ثلاث سنوات على ذمة قضية استغلال الأطفال، فإذا بتعليماته أوامر، وإذا بطائرة عسكرية تأتي لمصر على متنها مستشارة الأمن القومي الأمريكي، في إشارة لا تخطئ العين دلالتها، لتصطحب المتهمة السابقة إلى واشنطن وتلتقي بصاحب الأمر بالإفراج عنها، في يوم معلوم ردت فيه المظالم، أبيض على كل مظلوم، أسود على كل ظالم. كما قال شاعر الربابة بتصرف!

15 أبريل 2017

"نبض المرايا "قصص قصيرة - سيد أمين

نقلا عن هافنجتون بوست عربي

* تماثل

كانا متماثلين.. حينما ينظر إليه ينظر إليه الآخر، حينما يفتح فاه يفتح الآخر فاه أيضاً، حينما يهرش رأسه يهرش الآخر رأسه، هذا دائماً يفكر، أما الآخر فليس له قلب.

* اتساخ

كان يريد أن يصبح غبارها.. فاتسخت بها يداه.

* تطويع

كان يأبى السير في الظلام، فهبطت له الشمس طائعة.

* مثالية

كان مثالياً.. الدنيا حوله أنشودة حب ونور، ذات يوم انكسرت نظارته، فتعثر في الطريق المظلم.

* واقعية

كان يحبها جداً، سألها فقالت: مشغولة.

ومع ذلك كان واقعياً جداً، ويعرف واحدة تحبه، تقدم لخطبتها، وأحبها جداً.

* تجربة

كانوا يقولون له: أنت دائماً تغني، فجرب أن يصمت فبكى.

* طموح

كان طموحاً، وأخبره العرافون أنه بقدر ما يتنازل يكسب، فتنازل عن ذاته، فلم يعد لديه ما يخسره.

* تماد

كان ضريراً، كلما يتقدم خطوة نحو الباب يكتشف أنه تنقصه أخرى

* وضوح

كان دائماً يتساءل: لماذا كل الناس يمتدحونه؟

لكن المرايا المقعرة كانت تظهر له وجهين، ولا يدري لماذا؟

* سمو

كان بنّاء ماهراً وسريعاً، يجلس بمعوله فوق الجدار، يقذفونه بالطوب فيعلو به، لكن حينما أراد النزول لم يستطِع.

14 أبريل 2017

سيد أمين يكتب: صراع الشيخ الطيب

الجمعة 14 أبريل 2017 15:29
مسكين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ، لابد أنه الآن يعانى صراعا داخليا مريرا ، فما كان يخشاه ويكذب حواسه إن اتجهت إلى تصديقه صار يتأكد حثيثا يوما بعد يوم، بأن الحرب التي يخوضها السيسي ليست ضد الإخوان المسلمين فحسب، ولا حتى ضد الإرهاب ، ولكنها ضد الإسلام ذاته.
لم يعد خفيا عليه أن عذابات السيسي تجاهه ليست عذابات محب مفرط في الحب العذري الطاهر، ولكنها عذابات حقيقية لغريم يكشف يوما بعد يوم عن وجهه الحقيقي وعن انحيازاته المضادة.
وعلي ما أعتقد أن الطيب الآن هو بحاجة ماسة لأن يتكاتف الحرصاء على هوية مصر الإسلامية للاصطفاف خلفه وحوله ، فقد نجده حينئذ أكثر وضوحا في رفضه لثورة السيسي الدينية ، وإذا تقاعس فسيتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود في شخصيته ونكون حينئذ من الموقنين.

أسباب الصراع
مصدر صراع الطيب الآن هو اكتشافه أنه كان مجرد أداة يتم العبث بها من أجل الوصول لهدف بغيض، وهو محو الهوية الإسلامية والعربية لبلد يتمتع بها منذ خمسة عشر قرنا من الزمان ، ومن العار أن يتم هذا السقوط الخطير لهوية مصر في ظل رئاسته لأكبر مؤسسة إسلامية في البلاد، والأكثر عارا انه شارك بحسن نية في تمرير هذا السقوط، تارة تبريرا وتارة صمتا وتارة خوفا ، وكان في ذلك كرجال دين بني الأحمر وحكامهم في أخر ممالك المسلمين في الأندلس الذين برروا الاستغراق في حروب الخصومات الطائفية بين المسلمين وتركوا الإسلام نفسه يضيع في تلك البلاد الحالمة.
الطيب كان يعتقد أن المطلوب تغييرا في التعامل الديني لكنه اكتشف انه تغيير في الدين نفسه وهو ما يتكشف بشكل متسارع للجميع .
لا أتفق مع من يقول آن الطيب أيد الانقلاب بسوء نية وأنهم أتوا به منذ زمن بعيد لأغراض كتلك، ولو كان كذلك ما تعب السيسي منه وما أطلق عليه الأبواق الإعلامية تنهشه ، وما استبيحت هيبة الأزهر الدينية في النفوس على يد قوى تدعي أنها ضد السلطة الدينية وضد المتاجرين بالدين ، وهو اللفظ الذي لا يلقونه أبدا إلا على رجال هذا الدين الذي لا سلطة دينية فيه أصلا ، فيما لا يجرءون على انتقاد زعماء الديانات الأخرى الذين صبغوا عيانا بيانا الدين بالسياسة.

سجالات الشيخ
علامات ذلك الصراع الداخلي للطيب برزت بشكل واضح حينما صرح على غير عادته منذ الانقلاب أن هناك إرهابا مسيحيا ويهوديا وبوذيا لا يجرؤ العالم على إدانته ، وأن التركيز على الإرهاب الإسلامي فيه ظلم بين ، وكأنه بذلك يرسل رسالة للسيسي أن حقيقتكم انكشفت لي ، وأنا لا أقف معكم في ثورتكم الدينية الهادفة لقتل الإسلام في تلك البلاد .
وكانت من السجالات أيضا بين الشيخ ودولة السيسي وقوفه ضد الخطبة المكتوبة التي كان الهدف منها ليس تأميم المنابر فحسب، بل وضرب هيبتها وهيبة مشايخها في مقتل بحيث ينصرف الناس عن المساجد وخطبائها وخطبهم التي ستكون قد تحولت إلي نشرة للشئون المعنوية ، ليتحلل الإسلام من واحدة من أهم مميزاته وهى كون صلاة الجمعة عبارة عن اجتماع أسبوعي للمسلمين لمناقشة أمورهم بمنتهي الحرية وطبقا لمقتضى الحاجة ، فتتحول كل الصلوات بل والعقيدة كلها إلي مجرد سلوك فردي قبل أن تندثر.
وهذه واحدة من كبريات معارك الإمام ضد ثورة السيسي الدينية التي تلاها فتورا في حماسة الرجل لدعم قراراته من جانب، وما ترافق معها من انطلاق الحملات الإعلامية المنظمة المحرضة ضده وضد الأزهر كله من الجانب الأخر، والتي راحت توصمه بالتهمة المشاع لدعم الإرهاب، مع أن الإرهابيين في سيناء يستهدفون ضمن ما يستهدفون تفجير المعاهد الأزهرية دون أن يشير الإعلام المتواطئ لذلك.
صحيح أنه لم يخض سجالا ذا شأن ضدها ، لكنه أيضا لم يلتزم الصمت المطبق لا هو ولا مؤسسته كما فعلت كثير من المؤسسات الرسمية في الدولة ، فقد كان الأزهر أول جهة رسمية وربما الوحيدة حتى الآن التي أدانت مذبحة رابعة.
فعلا هي لم تسمها باسمها في بيان تجريم إراقة الدماء الذي أصدرته آنذاك ، وأنه كان بيانا ضعيفا لا يرقي لهول الحدث ، لكن توقيت صدوره كان ذا صدى طيب مؤثر أكبر بكثير من كلماته ، ليس ذلك فحسب بل وخرج مستشاره الدكتور حسن الشافعي وهيئة كبار العلماء ببيان عاصف ضد المجزرة.
أتصور أن الطيب الآن في انتظار إطلاق رصاصة الرحمة عليه، أو في أحسن الظروف بيان إقالته حتى وإن كان مخالفا لشروط وقوانين تعيين وإقالة الإمام ، فالحصانة ما نفعت من قبله المستشار هشام جنينة.

التعليم الأزهري
وفي الواقع أن الحرب ضد شيخ الأزهر بدأت متأخرة، ولكن الحرب ضد الأزهر نفسه كانت سابقه ، فالتعليم الأزهري الآن علي مستوي الجمهورية يعاني تدميرا منظما كما هو معلوم للقاصي والداني ، لدرجة جعلت الكثيرين من خريجيه الجامعيين لا يجيدون القراءة والكتابة ، ومدارسه لا يوجد بها تعليم ، وبعضا من مدرسيه غير مؤهلين لذلك ، ومناهجه من الصعوبة ما تنفر من الالتحاق به .
وصورة الأزهري في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي صارت مدعاة للحزن، فقدمته بصورة الجاهل والمتعصب والانتهازي والفاسد والمتآمر والمغفل وألصقت به كل نقيصة.
فإذا كان الطيب الآن يعاني صراعا نفسيا ، فان الإسلام يعاني خطرا وجوديا بمحاولات افراغه من مضمونه

قراءة المقال علي الجزيرة مباشر انقر هـــــــــــنا

11 أبريل 2017

سليم عزوز يكتب: الوضع الدستوري للبابا

وكما قالت سيدة الغناء العربي، كوكب الشرق "أم كلثوم": "كلمتين اتقالوا شالوا الصبر مني"، فقد شعرت أنه لا فائدة، عندما ذهبت إلى القناة الأولى المصرية، فقرأت في شريط الأخبار أن عبد الفتاح السيسي، الذي هو من المفترض رئيس جمهورية مصر العربية، يعزّي البابا تواضروس في ضحايا تفجير كنيستي "الغربية" و"الإسكندرية"، عندئذ وجدتني أتساءل عن الوضع الدستوري للبابا؟!
الدستور لا يرتب وضعاً للبابا، وقد كانت فرصته ليطلب وضعاً في دستور 2012 أيام الرئيس محمد مرسي، وكان سيستجاب له بسيف الحياء. والفرصة الأكبر لهذا الطلب كانت بعد الانقلاب، وهو جزء من مكوناته منذ البداية، لكن إقرار وضع له كان سيرتب وضعاً لآباء الطوائف الأخرى، وعندئذ تتساوى الرؤوس وهو يريد أن يبقى الوحيد - ولو شكلاً - المسؤول عن المسيحيين في مصر، وهو ما لا يمكن أن يرتبه النص على وضعه في الدستور، فمن الأفضل أن يترك لعملية الأمر الواقع بدون نصوص دستورية تعوق نفوذه، أو تدفع آخرين لمزاحمته أو شراكته في

لمزيد من التفاصيل انقر هــــــــنا

09 أبريل 2017

سيد أمين يكتب: هل كانت ثورة يناير صراع أجنحة حكم؟


أمضى مبارك ثلاثين عاماً حاكماً على مصر، مع أنه في رأيي -وقد يعترض عليه الكثيرون- لم يحكم يوماً واحداً إلا فيما "سفه" من الأمور، أما ما عدا ذلك فقد استخدم كناطق رسمي لحكم المجلس العسكري، ليتلو قرارات قد يكون حرمَ حتى من مناقشتها، وإبداء رأيه فيها.

في هذا الوضع ترعرع جمال مبارك الذي قرر أن ينتفض انتفاضاً ناعماً، ثأراً لكرامة والده الذي رآه يستخدم كخيال "مآتة"، أو "فلتر" يخفف وقع "الأوامر" العسكرية على مسامع الناس الموهومة بالدولة المدنية وأدواتها المزعومة من برلمان وقضاء وأحزاب ومعارضة ونخب ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات دينية، ليس ذلك فحسب، بل ويتلقى منهم الانتقادات بل والطعنات الناقمة.

فراحَ جمال في غفلة من رقابة الرقيب العسكري، أو بترقب صامت منه على ما يبدو، يستحوذ على أجهزة لتدين له بالولاء، وكان بالطبع من أهمها "جهاز أمن الدولة"، ولما كان هذا الجهاز الأمني يفتقر إلى الدعم الشعبي الذي يستمد منه قوته في حال صدام الأجهزة، تم ضبط "الحزب الوطني"؛ ليكون على مقاس الرئيس وابنه وزوجته التي دخلت هي الأخرى في معركة الاستحواذ، وكان له ما لهم من أصدقاء وعليه ما عليهم من أعداء.

واستكمالاً للبناء الذي يترسخ بخطى ثابتة، تم تفصيل الأذرع الإعلامية والاقتصادية والشعبية والنخبوية والدينية، مروراً بتعديلات 2005 الدستورية الخاصة بالمادة 76 وتطويعها لتنص على أن اختيار الرئيس يمر عبر البرلمان الذي هو بالقطع تحت رحمة الحزب "التفصيل" الذي يسيطر عليه مبارك الابن.

واستمرت الترتيبات حتى اكتمل البناء ولم يتبقَّ سوى الانقلاب على حالة الانقلاب، وإعطاء الرئيس لأول مرة حقه في أن يحكم بما يتفق ورؤيته للحكم، لا أن يكون "ببغاء" يردد ما يطلب منه، ثم بعد نجاح الأمر يرث الابن الوليمة كاملة بلا شريك.

وحاول هذا الطرف التواصل مع المجتمع وإرسال رسائل ضمنية تشرح رؤيته لما يجري في الحكم، وذلك عبر أعمال فنية منها "طباخ الرئيس" ومسرحية "الزعيم".

الجانب الآخر

وإذا كان الطرف السابق هو الطرف المتغير الذي يمكن الإشارة إليه بالمجموعة "ب"، فإن الطرف "أ" الثابت الممتد هو بلا شك قوى العسكر والمخابرات التي ظلت تراقب الموقف عن كثب، وتعتمد هي الأخرى سياسة الخداع والتخبئة وتعد العدة للانقلاب على الخصم الذي أتت به ونصبته رئيساً للبلاد فلما اشتد عوده تمرد عليها، مستغلة في ذلك حالة الحنق الشعبي عليه من جانب، وعدم معرفة الشعب بتفاصيل انقسام السلطة "العسكرية" إلى ضدين متصارعين من جانب آخر.

ولأن حرية الإعلام هي مطلب عالمي، فقد استغلته المجموعة "أ" كحصان طروادة لإنجاز الأمر، فيما كان من الطبيعي أن تنخدع المجموعة "ب" بمطالب الانفتاح تلك، واعتبروا أنها أيضا ممكن أن تخّدم على خطتهم، وتضيف احتراماً إليهم، خاصة أن منعها سيساعد بلا شك الأعداء في مآربهم، ويرفع سقف الغضب الداخلي والخارجي في عصر السماوات المفتوحة.

فجندت المجموعة "أ" نخبتها الخاصة بها في مواجهة النخب القديمة من الإعلاميين والصحفيين وبعض الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية وغيرها، وأسست لهم المنابر الإعلامية، وقدمتهم كـ"قوى وطنية" من أجل المساعدة في تغذية حالة السخط الشعبي المتزايدة ودعم رفع سقف الحريات إلى أقصى مستوى له.

كما أسست الحركات السياسية التي شجعت جرأتها وتراجع نظام المجموعة "ب" غير المسبوق أمامها أطيافاً كبيرة من الناس للانضمام إليها، رغم أنهم لا ينتمون لهذا أو ذاك ولا يعرفون بحقيقة معسكرهم.

فلاقت هذه "التشكيلة" التفافاً شعبياً منقطع النظير بوصفهم "رجال خلاص وتضحية وطنية".

وبين هذا وذاك، تركت بعض الشخصيات للقيام بدور الوساطة في أي تسويات "حربية" بين الفريقين، ومن أبرز تلك الشخصيات صحفي عرف بلهجته الصعيدية.

وكما فعل الطرف الأول فعل هذا الطرف أيضاً، فأنتج أعمالاً فنية تدعم وجهة نظره، ومنها أفلام "هي فوضى" و"واحد من الناس" وغيرها.

الانفجار العظيم

أعدت العدة، وتخندق الفريقان، ولم يبقَ إلا إشعال فتيل الثورة الشعبية، وأخذ كل فريق يقدم دروعه البشرية، فريق يبدو للناس كما لو كان قد حكم ثلاثين عاماً، فلم يحصد فيهم إلا الفشل، وبالتالي انفضاض كثير من الناس من حوله مع أول شعاع للحقيقة، لدرجة أن صار الدفاع عنه مسبباً للخزي والعار، في مواجهة فريق آخر يبدو للرائي أيضاً بأن -جميع أفراده وليس بعضهم- ثوريين عفويين حركتهم غيرتهم الوطنية ووعيهم السياسي الجامع وليس الفئوي فانضم إليهم جل الشعب الساخط.

وبدأ الحراك في الأرض في اليوم المحدد سلفاً، استطاعت المجموعة "ب" أن تجهضه، هنا شعر أفراد المجموعة "أ" بالخطر فأعدوا العدة في اليومين التاليين لحراك أكبر تساندهم فيه ذمم اشتروها لقيادات الصف الثاني من وزارة الداخلية، وعدوا بالحماية، وفعلاً حصلوا على البراءة بعد ذلك.

حاصرت تلك القيادات الميادين والشوارع من الجوانب الأربعة، وراحوا يطلقون النار وقنابل الغاز على جميع المواطنين وفي كل الاتجاهات، حتى الأدوار العليا من العمارات بغية استنفار غضب سكانها وضمهم للحراك الغاضب على الأرض، وكانوا يقصدون بذلك تكثيف الرفض الشعبي ثم التجهيز لمشهد "اختفاء الشرطة" أو انكسار الذراع العسكرية للمجموعة "ب" وترك المسرح بالكامل للمجموعة "أ" والحراك الشعبي الساخط، ما نجم عنه تهاوي كل متاريس المجموعة "ب" الإعلامية والاجتماعية والدينية بسرعة كبيرة.

ويبدو أن وزير الداخلية حبيب العادلي واللواء عمر سليمان وزير المخابرات والفريق أحمد شفيق هم من المسؤولين القلائل الذين رفضوا الاستسلام للخطة، فتم التنكيل بالأول وقتل الثاني "ويقال إنه تم اختطافه"، في حين لم يمس الثالث أذى لوجود أنصار كثر له داخل المجموعة "أ"؛ لذا قرروا أن يتم التخلص منه عبر شيطنته إعلامياً.

وفي محاولة بائسة راح مبارك يستعطف الناس بالخطاب المشهور فخفتت حدة الاحتجاج، هنا، عاجلت المجموعة "أ" المتظاهرين بموقعة "الجمل" فرفعت من موجة الحنق والاحتجاج مجدداً؛ بل وتوسعت أكثر فأكثر، وكان يجري توجيهها لاتخاذ طابع عنيف، ما وضع مبارك في حالة مذرية، خاصة أن معظم أدوات سلطة كانت تعمل ضده، ثم انتهى الأمر بعدها بإجباره على التنحي.

ولا ننسَ هنا أن نزول الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي للميادين أسهمَ في السقوط السريع لمبارك ومجموعته، وأفشلوا الخطة التي أريد لها توقيف الثورة عند حد إسقاط مبارك وتعيين جنرال بديل له فقط، وحولوها إلى ثورة شعبية حقيقية تعادي كلتا الكتلتين المتصارعتين.

ورغم أن نزولهم بدا كما لو كان مساندة للمجموعة "أ" فإن تلك المجموعة اعتبرتهم الأعداء الجدد لها، خاصة حينما عرفت قدرتهم على الحشد الشعبي، حيث فتح السقوط السريع لمبارك ومجموعته شهيتها في إتمام التخلص من كل المنافسين المحتملين الجدد، وعلى رأسهم بالطبع حركات الإسلام السياسي، ولكن بطريقة تحولهم إلى أعداء لجميع قوى الأقليات في البلاد، وذلك عن طريق شيطنتهم عبر الإعلام ثم الانقضاض عليهم من كل حدب.

مؤشرات الصراع

مؤشرات الصراع الخفي بين جهازَي الأمن في مصر كانت واضحة، لعل أوضحها الاحتكاكات التي حدثت في عدة محافل بين رجال الجيش والداخلية، كما حدث في قسم شرطة مايو/أيار 2010، ثم الرد عليها باقتحام مقار مباحث أمن الدولة بعد الثورة.

والظهور المفاجئ للحركات السياسية الجريئة و"المسنودة" الداعمة لأي من الكتلتين المتصارعتين، والتحول السريع لإعلاميين رسميين عرفوا بولاءاتهم الأمنية الراسخة، لا سيما لو قورن موقفهم آنذاك بما جرى بعد الانقلاب العسكري وتوحدهم جميعاً خلفه رغم ما جرى بسببه من مذابح كانت أدعى لصحوة ضمير كتلك التي تصنَّعوها في 2011.

الغريب أنهم كما دافعوا باستماتة عن فتح سقف الحريات لأقصاه حتى إسقاط مبارك ومجموعته، وعن تحوله إلى حالة فوضى حتى إسقاط التيار الإسلامي، راحوا يدافعون باستماتة مشابهة، ولكن على إغلاق سقف الحريات تماماً، وذلك حينما نفذت المجموعة "أ" كامل خطتها ولم يتبقَّ إلا اليسير.

عموما.. ثورة يناير/كانون الثاني، سواء أكانت ثورة حاول الجيش إجهاضها، أو صراع أجنحة حكم تحول إلى ثورة، فهى حقيقة ثابتة تربعت في قلوب المصريين، وحتماً ستنتصر.

08 أبريل 2017

مقتطفات من تقرير لجنة الاداء النقابي بنقابة الصحفيين

مر عام على حكم حبس مجدى حسين فى قضايا نشر .. وباقى سبعة سنوات لم نسمع من تجار الحريات همسا

يبدو ان شهر مارس خاص بالاحكام ضد الصحفيين ، فقد مر عام على صدورحكم محكمة جنايات الجيزة بتأييد حبس الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين رئيس تحرير جريدة الشعب لمدة 8 سنوات في إتهامات تتعلق بالنشر

وكانت محكمة جنايات الجيزة قد رفضت السبت 26 مارس 2016 معارضة مجدي حسين لحكم غيابي سابق بحبسه 8 سنوات في قضية نشر بتهمة ترويج أفكار متطرفة تضر بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام ، وهي عبارات فضفاضة تستخدمها السلطات الأمنية عادة في التنكيل بخصومها السياسيين
حتى الآن لم نسمع همسا لمن شبعوا لطما من ادعياء الدفاع عن الحريات ، رغم ان الاحكام مخالفة للدستور المصري الذي تحظر مادته 71 الحبس فى قضايا النشر !
ولا نعرف لماذا ظلت هذه القضية فى طى النسيان الى ان ظهرت مع صدور حكم بالافراج عنه فى قضية "دعم الشرعية " قبلها بعدة أيام ؟
وقد حدث مثل هذا من قبل وقت صدور حكم ضد مجدى حسين لذهابه الى غزه ، ومع مطالبة الدفاع بالافراج خرجت قضية من الادراج ، حيث نشرت الصحف عن وجود قضية ضد مجدى حسين وابراهيم شكرى وعادل حسين قيل أن احد اعضاء حزب العمل اقامها منذ حوالى 20 عاما ، توفى خلالها رئيس الحزب ابراهيم شكرى ورئيس الجريدة عادل حسين رحمهما الله ، بل مات الحزب نفسه بالسكتة الديكتاتورية !
تستطيع أن تختلف مع مجدى حسين فى بعض ارائه ، ولكنك لا تستطيع الا ان تقول انه ضد العدو الاسرائيلى والامريكى دون مهادنة وان البعض يعتبر هذه جريمته !! .

القبض على الصحفى بدر محمد بدر

ألقت قوات الشرطة المصرية القبض على الكاتب الصحفي بدر محمد بدر رئيس تحرير صحيفة الأسرة العربية السابق والذي شغل عدة مواقع صحفية، كما قامت الشرطة بمداهمة مكتبه في حي فيصل غرب القاهرة واستولت على حاسباته الشخصية وسيارته وبعض المتعلقات الأخرى
وقد حملت أسرته الأجهزة الأمنية المسئولية عن سلامته، خاصة أنه يعاني أمراضا بالكبد، وبعض الأمراض الأخرى.
هذا وقد أختفى بدر قسريا ، علما بانه قد سبق اعتقاله ضمن قائمة كبيرة من الساسة والكتاب والفنانين والصحفيين في اعتقالات سبتمبر 1981 في نهاية عصر الرئيس الأسبق أنور السادات، وقد واصل عمله الصحفي بعد ذلك حتى أصبح رئيسا لتحرير مجلة لواء الإسلام عام 1988, ثم عمل في جريدة الشعب المصرية لمدة عام, (1990 )ثم عمل مديرا لتحرير صحيفة آفاق عربية في عام 2000 وتركها في عام 2004 ليرأس تحرير جريدة الأسرة العربية حتى أغلقت في نوفمبر عام 2006، وعمل مراسلا لبعض المنابر

وبيان للنقابة بالتضامن مع بدر
أصدر مجلس النقابة بيانا بتوقيع ابراهيم ابوكيله مقرر لجنة الحريات وحاتم زكريا السكرتير العام ، وكذلك تصريحات للنقيب عبد المحسن سلامه جميعها تؤكد التضامن مع الزميل بدر محمد بدر واتخاذ كافة السبل للوقوف بجانبه


السجن لثلاثة صحفيين فى قضية خلية ابناء الشاطر

قضت محكمة الجنايات فى قضية تابعة لجماعة الاخوان والمعروفة بخلية ابناء الشاطر بالسجن لثلاثة صحفيين أحدهم حكم عليه بالمؤبد هو الصحفي إسلام جمعة، فيما حكم على الصحفيين محمد أبو السول وأيمن عابدين بالحبس 3 سنوات بتهمة محاولة اختراق أجهزة حاسوبية رسميية

والقبض على مدير تحرير المختار الاسلامى

ألقت أجهزة الامن القبض على الصحفي أحمد عبد المنعم مدير تحرير مجلة المختار الإسلامي أثناء محاضرة له في أحد المراكز التدريبية في مدنية نصر حول وسائل الإعلام.
هذا وقد حضر التحقيقات معه ايمن عبد المجيد عضو مجلس النقابة

التحقيق مع صحفيين بروز اليوسف فى نشر اخبار عن مذبحة بورسعيد

أجرى مكتب النائب العام تحقيقات مع الزميلين رمضان أحمد، الصحفي بجريدة روز اليوسف، وخالد عمار، الصحفي بجريدة الوفد، لجلسة تحقيق أمام نيابة استئناف القاهرة ، بتهمة نشر أخبار كاذبة حول قضية مذبحة إستاد بورسعيد. 

وكان النائب العام، المستشار نبيل صادق أمر باستدعاء المحامي مقدم التماس إعادة التحقيق مع حسن المجدي المتهم في قضية مذبحة بورسعيد، بشأن ما نسب إليه من تصريحات بإصدار النائب العام قرارا بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على موكله المحكوم عليه بذات القضية، لما انطوى عليه هذا التصريح من بيانات كاذبة لعدم صدور مثل هذا القرار

عبد الحليم قنديل وعنتر مهددان فى قضية كفته

القضية المقامة ضد عبد الحليم قنديل والصحفى بصوت الامه عنتر عبد اللطيف بسبب اختراع " كفته " أوشكت على الانتها ء ، وصدور الحكم
المعتاد ان مقيم الدعوى يعتمد على ما تم نشره من الفاظ ساخرة و اعتبارها سب وقذف .. أما جهاز " الكفتة " ومدى مصداقية عمله ونجاحه فلا يأتى له بسيرة !
وعليه اقترح من هيئة الدفاع عن الصحفيين المتهمين باعتبار اتهام كفته " سلق وشوى " !

31 مارس 2017

سيد أمين يكتب: ولكم في الانقلاب مكاسب.. أيها الإخوان


الجمعة 31 مارس 2017 13:47
رب ضارة نافعة، ما كان يتصور من دبروا للانقلاب أن ينقلب سحرهم عليهم ويكون عليهم حسرة، والشواهد كثيرة.
فقد قصدوا شيطنة التيار الاسلامي خاصة، وسحق كل كتلة ممانعة عامة أيما كانت توجهاتها الفكرية لاسيما كتلة الإخوان المسلمين فأمعنوا فيهم القتل والتنكيل، واستفزوهم أيما استفزاز، فجردوهم من انسانيتهم عسى أن يهبوا للدفاع عن حيواتهم، فيحملون ويحمل معهم العالم الغربي المتواطئ أصلا عليهم بتهمة الارهاب.
لكن نجح الإخوان كجزء كبير وحاسم من ثوار ثورة يناير ، في امتصاص الضربات المتتالية شديدة الإيلام الموجهة إليهم ، دون انفلات أعصاب منهم ، سواء أكانت نتائجه بالإنتقام أو حتى بالاستسلام ، فحازوا على تعاطف الكثيرين ممن لا زالوا يؤمنون بحرية الفكر والاعتقاد.

أصل الحكاية
والملاحظ أن كثيرا من المصريين لم يكونوا لينتبهوا أن جيرانهم الأخيار أو زملائهم المخلصين فى العمل أو المدرسة أو الحقل ينتمون لتنظيم فكري يضم جمعا عريضا من الناس يسمى الإخوان المسلمين.
ولما لمس الناس في هؤلاء التدين وحسن الصفات لم يصدقوا لوقت طويل ما رمتهم به السلطة من اتهامات ملفقة لهم بالإرهاب.
فراح الإعلام الموجه يدخل المعركة بعمليات غسيل كامل للأدمغة وتزييف حقير لكل ما هو حقيقي، ونسف لكل نسق ذهني مهما كان بديهياَ، مستغلا في ذلك حصاد جهد دؤوب استمر عقوداً أو ربما قروناً من التغييب والتسطيح والتجريف لوعي الانسان المصري.
فظلت الشاشات تمطر بغزارة في مساء كل يوم بالدعايات الوضيعة والمسيئة المحرضة بالقتل ضدهم ،والتي من فرط التسرع في إطلاقها، ورغبة في تكثيف الهجوم كان كثير منها يفتقد للحبكة الجيدة وفي الغالب كان يفتقد حتى للمنطق.
تلك الدعايات عبثت كثيرا بالمنطق ، فنسبت إلى الاخوان قتل الخازندار باشا في اربعينيات القرن الماضي غير آبهة بنفي الجماعة وشح الأدلة،وقفزت لاعتبار ذلك نزوعا للارهاب وخيانة لا تغتفر، لكن حينما قام أنور السادات بقتل أمين عثمان اعتبرتها تلك الدعايات بطولة وطنية لا تقدر بثمن، رغم أن القتيلين عرفا بالولاء للانجليز، وكان قتلهما دربا من دروب المقاومة الوطنية المصرية آنذاك.
هذا نموذج بسيط من نماذج مظلومية فئة من المصريين لا ترضاها العدالة الحقة ،والتي بدت تتكشف حقيقة آلاف الحكايات منها بفضل كفاح ثلة من الثوار ضد هذا الانقلاب البغيض ، وهو ما لا يمكن له أن يحدث من قبل بمثل هذا الشغف.

ثلة من النابهين
لكن كما نجح هذا الاعلام في تجييش بسطاء الناس ضد هذا التيار الاسلامي صاحب اليد الخضراء عليهم، كشف لكتل أخرى تترواح ما بين مثقفة وناضجة وعاقلة حجم الافتراء والتلفيق الذى يمارس ضد هؤلاء الناس.
والأهم أن ذلك جعل تلك الكتل ترتاب ليس في صدق الحاضر فحسب ، بل في كل الروايات- بالأحري التلفيقات– السابقة التى رمت السلطة العسكرية الإخوان بها تاريخيا ،فتحرروا من قيد الاستسلام للمعلومات التى تقدم لهم معلبة، وراحوا ينبشون في دفاتر التاريخ بأنفسهم ليكتشفوا أنه أيضا مزور حتى الثمالة.
صحيح أنهم لم يصلوا إلى كل خبايا المعرفة ، لكن من المؤكد أن من سار على الدرب وصل، وسلامة المقدمات قطعا ستقود حتما إلى سلامة النتائج ، مع ضرورة التأكيد على أن الحديث هنا ليس دفاعا عن الاخوان أو التيار الاسلامى أو حتى الثوار جميعا كفكر باختلاف توجهاتهم ، لأنه من البديهى لدى الشعوب المتحضرة أن حرية الفكر والتعبير والتنظيم والاحتجاج أمر مقدس لا يعقل الاقتراب منه ، ولكن الحديث عن جرم جنائي يرتكب ضد فئة بعينها من الناس دون أن يرتكبوا جرما سوى أنهم مارسوا حقوق المواطنة في وطنهم التاريخي.
لقد كسب الاسلاميون ضمن أغلى ما كسبوا ثلة من المثقفين والنابهين المنصفين، بل وممن وقعوا سابقا في حبائل شراك التاريخ المعلب، بعدما شاهدوا بأم أعينهم كيف يزيف التاريخ، وكيف يكتبه الأقوياء، وكيف تلفق التهم، وكيف تختلق الأدلة ، فانبروا للدفاع عن العدالة المهدرة ولإصلاح المنطق المعطوب، فنالهم جزء من النَصَب والعَنَت ،ولو كان أهون مما نالوه هم .
لذلك رأينا أغلب القطاع الاعلامي والصحفي والحقوقي المدافع عن حقوق الاخوان كمواطنين مصريين،هم من أبناء هذه الفئة الخيرة ، وهم الفئة التى وجودها في صف المسار الشرعي أوقع نظام الانقلاب في شر تلفيقاته.

مكاسب أخري
ولنقف على صلب المكاسب التي حققها الاخوان المسلمون من هذا الانقلاب على ما ذاقوا فيه من أهوال ، يمكننا أن نتخيل أنه لو كان الاسلاميون يمثلون ربع المجتمع قبل الانقلاب، وكان الربع الأخر يقف منهم موقفا عدائيا بينما كان النصف المتبقي خارج الصراع أساساً ، سنجد أن الأغلبية ونعنى بها النصف الأخر- ويضم الكثير من نشطاء يناير والعوام وغيرهم- انشطرت هى الأخري لقسمين، انحاز كل قسم منهما إلى طرف من طرفي الصراع بدرجة أو بأخرى وبطريقة أو بأخرى، ثم رويدا رويدا ما بدأ الخيط يترى مرجحا كفة المظلوم، وتلاه مؤشرات قرب الالتحام مجددا كما كان المصريون قبل الانقلاب.
نعم.. قد خرج الإخوان من محنتهم بمزيد من الأعداء ، ولكن أيضا خرجوا بالأكثر كثيرا من الأصدقاء ، مع وجود فارق خطير هو أن كثيرا من أعدائهم هم يتوزعون ما بين طبقات ثلاثة، إما من المختلفين فكريا وهؤلاء لهم حقهم في العداء السياسي طالما يحترمون حقوق الأخر، وإما ضحايا التزييف الإعلامي وهؤلاء يمكن لعدة برامج تلفزيونية توضيح الحقائق لهم ، وإما جهلاء وهؤلاء لا يفيدون لا الثورة ولا الثورة المضادة أصلا.
كما أن شدة الهجمة وطبيعة كل ما حدث، وسع من مدارك الإخوان وكل قوى الثورة ذهنيا عموما حول أساليب وطرق إدارة النظام العسكري للبلاد ، حتى لا يفكرون بحسن نية في الموجة الثورية التالية التى باتت ليست وشيكة فحسب ، بل ملحة لدى المصريين الآن.
ومن المكاسب أيضاً، أنه حينما قصد نظام السيسي مهاجمة الإسلام ، انصب هجومه على الاخوان المسلمين ما نصبهم في نظر المراقبين حماة لهذا الدين ، كما أن التكالب الغربي على الاسلاميين وتحالفهم مع النظام العسكري كشف بالدليل القاطع لمن كان في حيرة من أمره من هو عميل أمريكا واسرائيل.

لقراءة المقال على الجزيرة مباشر انقر هــــــــــــنا

05 مارس 2017

ليس دفاعا عن "خراجة" ولكن بيان لحقيقة تاريخية لا تسبب فتنة طائفية

بقلم : على القماش
فى محاولة من أحمد موسى لتشويه صورة الزميل محمد خراجه المرشح لعضوية مجلس نقابة الصحفيين ،جاء موسى من " الآرشيف " بمقال لخراجة تناول فيه المسيحية فى العصور الوسطى ، وأخذ يهاجم خراجه بانه يهاجم المسيحيين بما يثير الفتنة الطائفية فى مصر .
وبصرف النظر عن التغافل المتعمد من احمد موسى لاول وثانى فقرات لانها تبرىء الكاتب من مقصد من اثارة الفتنة ، فان واقع المسيحية فى العصور الوسطى محل نقد حتى من المسيحيين أنفسهم !
وقبل ان نوضح فى عجالة نقد الحكم المسيحيى فى اوربا فى العصور الوسطى نشير الى حقيقة لا يتنبه لها بعض الجهلاء من امثال المذيع أياه ، وأهمها ان حدوث اى خروقات من المنتسبين للاديان لا علاقة لها بسلامة الدين الذى نزله رب العالمين ، بل هى خطأ من أرتكبوها وحدهم .. فالالواح التى نزلت على موسى – عليه السلام – تنهى عن القتل وارتكاب الموبقات ، بينما اليهود يقتلون ويرتكبون الموبقات كل يوم !
وما أرتكبه بعض الحكام المسلمين من فساد أو جرائم يعاب عليهم وحدهم ، والقراّن الكريم والسنة النبوية ومجمل الدين الاسلامى برىء من مثل هذه الافعال
وفى العصور الوسطى حدث تصادم رهيب فى اوربا بين رجال الدين المسيحى وبين العلماء والباحثين ، وتشدد القساوسة والامثلة كثيرة
.. كما حدث غزو الصليبين باستغلال شعار الدين ، والدين منهم براء
نعم الوضع بالنسبة للمسيحيين العرب مختلف تماما ، فلم يضمروا العداء للمسلمين منذ بداية الاسلام ، وكان موقفهم المشهود فى استقبال " النجاشى " الحاكم المسيحى للمسلمين لحمايتهم ، وهم من ساندوا الفتح الاسلامى ضد الروم ، كما فرح المسلمون لهم عندما انتصروا على اعدائهم وهو ماورد فى سورة " الروم" ،كما ان التعايش المشترك مع المسلمين كان منطلقا من وطنيتهم ، والدين بالنسبة لهم قيم واخلاق ، والجامع المشترك مع المسلمين أكبر كثيرا من اية خلافات
ويمكن لآى قارىء او باحث بسهولة الاطلاع فى تفاصيل هذه الموضوعات سواء فى عصور التشدد المسيحى فى اوربا ، او فى التعايش السلمى للمسلمين والمسيحيين فى مصر والشرق لقرون طويلة ، وحتى فى حالات التشدد كان الغبن يطول الجميع
بالطبع مقالى ليس دفاعا عن خراجه او غيره ، فالاختيار الذى نحترمه حق للجمعية العمومية للصحفيين .. ولكن اذا كان احمد موسى أنتقى هذا المقال لخراجه وزعم انه يثير الفتنة الطائفية .. فلماذا لم ينطق بحرف واحد عن " مانشيت " بجريدة ابراهيم عيسى " المقال " .. " الكنيسة القبطية تنحاز للخرافة على حساب العلم " ومع ملاحظة ان موضوع ابراهيم عيسى كان عن الكنيسة القبطية الآرثوذكسية فى مصر !!
يبدو لانه وابراهيم عيسى أصدقاء فى الحصول على الملايين من الفضائيات وهذا أهم وفوق كل أعتبار !

27 فبراير 2017

سيد أمين يكتب: السيسي : رد المطلقة وجلب الحبيب!

الاثنين 27 فبراير 2017 16:32
يُخطئ من يتعاطى مع إلحاح السيسي عن توثيق الطلاق بوصفه حديثا في إجراءات اجتماعية أو حتى دينية، ففي الواقع هو حديث غارق في السياسة.
ذلك ليس لأن السيسي الذي يقود بلدا كبيرا على الأقل سكانيا ويكاد يهوى به إلى قاع الضياع، هو في فسحة ودعة من أمره ليتحدث عن رد المطلقة وجلب الحبيب.
وليس لأن أعباء هذا الأمر أثقلت كاهل الدولة المثقلة أصلا بسبب سياساته وسياسات من سبقوه من العسكر، فتحتم عليه أن يبحث عن حل جذري يلقي به عنها حمولتها ، بينما ملايين الرضع تبحث أسرهم لهم عن مسحوق الحليب ولا تجده، وملايين المرضى عرضة للموت بسبب نقص الدواء، إما لشحه أو لانتهاء صلاحيته وفساده أو لارتفاع سعره، وفي الغالب لعدم امتلاكهم ثمنه.
ليس لكل ذلك أبدى السيسي اهتماما بالطلاق في رأيي ، ولكن لأن سهولة الطلاق في الإسلام يعدها أي مراقب من غير المسلمين هي من أبرز وأفضل مميزاته التي تحفز للدخول فيه أو تدعو على الأقل لاحترامه.

وماذا عن الزواج؟
وإذا كان السيسي حقا قاصدا الضبط والربط في الدولة المصرية ، وفرغ من مطاردة تزايد الفقر والإرهاب والذين تسبب فيهما هو ، ولم يتبقَ له إلا تلك النواحي الاجتماعية، كان يجب عليه أن يقوم بتجريم الزواج العرفي بغض النظر عن حكمه الشرعي حلا أو حرمة ، خاصة أن الزواج غير الموثق لا الطلاق سواء كان موثقا من عدمه هو الأكثر والأعمق تأثيرا في الحياة الاجتماعية وله مردودات قوية ملموسة على الدولة، من حيث تكوين الأسر والمواريث والحقوق والواجبات.
لكن ذلك لم يحدث قط، وما حدث هو العكس تقريبا حيث سيتم رفع رسوم توثيق الزواج بشكل مبالغ فيه بحسب تقارير صحفية ، ليصير العريس والعروس يعاقبان على قرار إشهارهما وتوثيقهما الزواج بدفع مبالغ مالية كبيرة نسبيا، في بلد يعانى من ارتفاع غير مسبوق في نسب العنوسة نتيجة لارتفاع تكاليف الحياة، ليبلغ عدد العوانس بحسب تقرير أصدرته منظمة هولندية متخصصة نحو 8 ملايين فتاة أي40% من مجموع الفتيات فى سن الزواج، وحتى هذا الرقم نجده يتضاءل مع إحصائيات أخري تقدرهم بنحو 13مليون عانس مصري، وهو رقم مرشح للارتفاع بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها مصر في ظل التوتر السياسي والاجتماعي الذي خلقه نظام السيسي.

أيهما أدعى للتوثيق؟
ولو قمنا ؛ بكل براءة ؛ بعقد مقارنة حول الأهم للدولة ؛ هل توثيق الطلاق أم توثيق الزواج هو الأكثر إلحاحا في هذا البلد العربي المسلم؟ سوف نندهش بداية بعدم عقلانية أن نوثق افتراق من لم نوثق اقترانه "!". ونشير هنا بشكل مباشر إلى كافة أشكال العلاقات غير الموثقة ، سواء أكانت متفقة مع الشريعة الإسلامية أو غير متفقة ، كما أن ذلك الاندهاش يندرج أيضا على الآثار المترتبة على مثل تلك العلاقات.
فالزواج ينجم عنه في الغالب أطفال وهم في حاجة إلى إثباتات في السجلات المدنية ليبذلوا واجباتهم تجاه الدولة وتبذل الدولة واجباتها نحوهم ، بدءا من حقوقهم في التطعيمات وحصص التموين انتهاء بواجباتهم في الضرائب والتجنيد الإجباري.
كما أن توثيق الزواج هو إيذان بتكوين أسرة، والأسرة كما نعرف هي الوحدة الاجتماعية الأولى المكونة للدولة، وصيانتها هو مطلب أمن قومي لدى كثير من نظم حكم الشعوب الحرة التي تحث مواطنيها على إقامة علاقات الزواج أولا ، وإشهارها ثانيا ،صيانة للأمن القومي وحماية للمجتمع - الذي قامت الدولة أصلا لخدمته– من أن يصير مجتمعا للقطاء، بل راحت تدعم ماليا المتزوجين الجدد لا أن تفرض عليهم الرسوم الباهظة.
أما أهمية توثيق الطلاق – إن كان له أهمية للدولة والمجتمع– غير حفظ الأنساب فهو يتيح لها، إن قصدت السوء، عمل حصر بالمطلقات وإصدار قوانين تنظم علاقتهن بها ، أو سن قوانين تعجيزية تحول دون حدوثه أصلا ،أو فرض رسوم باهظة تدر لخزينة الدولة الموشكة على الإفلاس مئات الملايين من الجنيهات خاصة مع ارتفاع نسب الطلاق بين المتزوجين الجدد بسبب الأزمة الاقتصادية التي صنعها ذات النظام، لدرجة قد تجعل منها حال تنفيذها موردا من موارد الدخل الكبرى.
أو قد تدفع الزوج أو الزوجة للهرب من تلك الرسوم عبر إلغاء فكرة إشهار الطلاق أساسا كما يحدث في الغرب واللجوء لنظام الرفيق والصديق والزواج المدني.
هذا الكلام ليس من وحى الخيال ، فمؤخرا أعدت مؤسسة خاصة بالمرأة، قانونا شعاره "أسرة أكثر عدالة" يتضمن بنودا لتنظيم تعدد الزيجات، ويمنع الطلاق الشفوي، وتضمن مادة خاصة بتطبيق الزواج المدني - المعادل الموضوعي للزواج العرفي- وقامت بتقديمه لمجلس النواب ليقره.
لا تصدقوا أن السيسي ترك كل مشاغله ولقاءاته السرية والعلنية ، وراح يتفرغ للحديث عن الطلاق من بنات مشاعره الاجتماعية وخوفه على قلوب المطلقات .
فجراب الحاوي لا زال مكتظا بالمفاجآت.

اقرأ المقال كامـــــــــلا على الجزيرة مباشر

22 فبراير 2017

محمد سيف الدولة يكتب: بين الثوابت الوطنية والمكايدة السياسية

صرح وزير الدفاع الصهيونى أفيغدور ليبرمان ان (اسرائيل) قد قامت بقصف داعش فى سيناء، فانطلق البعض يتباكى على سيادة مصر الوطنية التى أهدرتها ودنستها الطائرة الاسرائيلية، وانطلق البعض الآخر لينكر الخبر ويتفاخر بوطنية السيسى ومؤسساته ونظامه الذين لا يمكن ان يسمحوا باى انتهاك للسيادة الوطنية.
***
منذ سنوات عديدة ونحن نلعب معاً لعبة الوطنية الزائفة في كل ما يتعلق بـ (اسرائيل)، رغم ما نعلمه جميعا من عمق الهيمنة والتحكم الاسرائيلى في كل ما يدور فى سيناء، وكثير مما يدور فى مصر، منذ عام 1979، بموجب الاتفاقيات المصرية الاسرائيلية المشهورة باسم كامب ديفيد.
ولكننا كثيرا ما نتجاهل أو نتجنب الاقتراب من المشكلة الرئيسية، ونتمسك بالصغائر من باب المكايدة السياسية.
ولمن نسى أو تناسى حقيقة القيود المفروضة علينا فى سيناء، نذكره بها فيما يلى:
· قيود على اعداد القوات وتسليحها وتوزيعها، بما يجرد مصر من المقدرة على الدفاع عن سيناء فى مواجهة أى عدوان صهيونى جديد مماثل لعدوانى 1956 و 1967.
· ضرورة استئذان (اسرائيل) وموافقتها على اى زيادة فى القوات من حيث اعدادها وتسليحها ومناطق تمركزها وطبيعة مهماتها ومواعيد انسحابها.
· يبلغ العدد المسموح به لمصر بموجب الاتفاقية 26000 فى منطقتى (أ) و (ب) بالاضافة الى شرطة فقط و 750 جندى حرس حدود وفقا لاتفاقية فيلادلفيا 2005 المنطقة (ج). فى حين ان تأمين سيناء يحتاج لما يزيد عن عشرة أضعاف هذه القوات.
· صرح السيسى مؤخرا فى اتصال هاتفى مع برنامج عمرو اديب ان اعداد القوات المصرية فى سيناء يتراوح بين 20 و 25 ألف. وهو ما يعنى انه لا زيادة فى الاعداد التى أذنت بها (اسرائيل) لمصر! وانما اقتصر إذنها فقط على اعادة توزيع القوات بين المناطق الثلاث. 
· وجود قوات أجنبية فى سيناء لمراقبة القوات المصرية، لا تخضع للامم المتحدة، وانما تتبع الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، وليس من حق مصر المطالبة بانسحابها الا بعد موافقة (اسرائيل).
· بالإضافة الى اكراه الدولة المصرية على الاعتراف بشرعية دولة (اسرائيل)، والتطبيع معها والحفاظ على امنها، ومحاكمة كل من يهدد امنها او يحرض ضدها من الاراضى المصرية.( المواد الثانية والثالثة من المعاهدة.)
· مصادرة وتأميم السياسة الخارجية المصرية لصالح اسرائيل، فللمعاهدة المصرية الاسرائيلية أولوية عن اتفاقيات الدفاع العربى المشترك وكل ما يماثلها، كما انه ليس من حق الدولة المصرية الدخول فى اتفاقيات لاحقة، تناقض الالتزامات الواردة فى كامب ديفيد (المادة السادسة من الاتفاقية.)
***
والقيود الأمريكية:
هذا بالإضافة الى القيد الأساسى الحاضر دائما رغم انه لم يرد نصا فى المعاهدة، وهو الخضوع الكامل للارادة الامريكية منذ 1974 حتى يومنا هذا بما يضمن الحفاظ على امن (اسرائيل) و مصالح الولايات المتحدة فى المنطقة، هذا الخضوع الذى يتضمن، بالإضافة الى امن (اسرائيل)، الشروط التالية:
· احتكار الولايات المتحدة للتسليح المصرى، بما يضمن تفوق (اسرائيل) على مصر والدول العربية مجتمعة.
· سيطرة نادى باريس وصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية على الاقتصاد المصرى.
· سيطرة رأس المال الاجنبى والمحلى على الثروات المصرية.
· الالتزام بالترتيبات الامنية الاقليمية فى المنطقة وفقا للاستراتيجيات والتحالفات والاحلاف الامريكية.
· اعطاء تسهيلات لوجستية للقوات الامريكية فى قناة السويس والمجال الجوى المصرى.
· حتمية التزام مجمل النظام السياسى المصرى بكافة مؤسساته بما فيها رئيس الجمهورية بهذا "الكتالوج الأمريكى."
· والباقى تفاصيل.
***
صحيح ان السيد عبد الفتاح السيسى، فى كل مواقفه وسياساته وانحيازاته، يثبت كل يوم انه مؤمن بهذا الكتالوج ومخلص له الى حد التطرف، خاصة فى علاقته مع (اسرائيل) التى يصفها نيتنياهو انها اصبحت بمثابة التحالف الاستراتيجى، الا أن الحكاية أقدم وأعمق وأخطر من السيسى ولقاءاته السرية ومن تصريحات ليبرمان.
***
بعد هذه التذكرة السريعة والضرورية بحقيقة التبعية المزدوجة لمصر؛ التبعية العامة للولايات المتحدة، والتبعية الامنية لاسرائيل فى سيناء، لا أتصور انه من المقبول أن نركز أو نكتفى بالتفاصيل والصغائر والاعراض، ونتجاهل الاساسيات والكبائر والأمراض المزمنة.
انها كامب ديفيد يا سادة بتبعيتها وقيودها ونظامها وحكامها، فمن يرفضها عليه أن يبحث كيف يسقطها، أما ما دون ذلك، ففيه شبهة المكايدة السياسية بالإضافة الى ما فيه من تضليل للرأى العام.
*****
القاهرة فى 22 فبراير 2017

20 فبراير 2017

محمد سيف الدولة يكتب: العلاقات السرية بين مصر واسرائيل

"اجتمع السيسى ونتنياهو وَعَبَد الله وجون كيرى سرا فى الأردن فى فبراير ٢٠١٦."
خبر نشرته جريدة هآرتس الاسرائيلية وأكده نتنياهو، قبل ان يؤكده بيان من الرئاسة المصرية، فى صياغة مراوغة.
***
والسؤال هنا لماذا يلتقى السيسى سراً مع نتنياهو؟ ولماذا لم يلتقيا علانية وفى وضح النهار كما كان يفعل مبارك ومن قبله السادات؟
خاصة وانه بين النظام المصرى و (اسرائيل) معاهدة سلام منذ ١٩٧٩، ناهيك عن الاستراتيجية المعلنة التى يتبناها ويمارسها السيسى منذ توليه مقاليد الحكم فى التقارب غير المسبوق مع اسرائيل، والاشادة المتكررة بالسلام معها وبدفء العلاقات وعمق التنسيق والثقة والطمأنينة المتبادلة، بل انه دائما ما يتفاخر امام وسائل الاعلام الدولية بكثافة الاتصالات التليفونية الدورية بينه وبين رئيس الوزراء الاسرائيلى.
فلماذا تَخَفى هذه المرة وذهب الى العقبة الاردنية سراً للقاء نتنياهو؟
هناك احتمالان وراء ذلك، الاحتمال الاول هو انه كان يريد لأسباب نجهلها ان يلتقى نتنياهو وجها لوجه بعيدا عن اعين ورقابة مؤسسات الدولة المصرية، تحت غطاء التشاور حول السلام والقضية الفلسطينية.
وما يرجح هذا الاحتمال هو أن ما تم قبل هذا "الاجتماع السرى" ببضعة ايام، قد يوحى بانه كان يوجه دعوة مبطنة او يمهد لهذا الاجتماع؛ ففى لقائه بوفد القيادات اليهودية الامريكية بالقاهرة فى 11 فبراير 2016 وصف السيسى نتنياهو بالنص ووفقا لما تداولته وكلات الانباء بأنه "زعيم وقائد لديه قوى جبارة، تساعده ليس فقط في إدارة دولته، وإنما يمكنها أن تحقق التقدم وتعزز المنطقة كلها والعالم".
بعدها بعشرة ايام، فى 21 فبراير 2016 التقى الاثنان سرا فى العقبة بالأردن بحضور الملك عبد الله وجون كيرى.
***
اما الاحتمال الثانى فهو ان نتنياهو هو الذى وجه الدعوة كما صرح بذلك بنفسه فى الايام الماضية، وان السيسى لم يتمكن من رفضها، فكيف يرفض لنتنياهو طلباً؟ خاصة وان اسرائيل هى الطرف الأكثر حماسةً وترويجاً له ولنظامه على المستويين الامريكى والدولى. ولكنه أراد أن يفعلها بدون ان يجرح الصورة الوطنية الزائفة التى يرسمها لنفسه هو و إعلامه.
***
ان العلاقات المصرية الاسرائيلية العلنية من سلام واتفاقيات وسفارات وتنسيقات وتطبيع وتجارة وصفقات...الخ، تكفى وحدها لتجريد اى نظام او حاكم مصرى من الشرعية الوطنية. فما بالنا بالعلاقات السرية؟
كما ان مجرد ان يكون اللقاء سرياً، أياً كان جدول أعماله، هو مصدر شك وريبة وقرينة على سوء النوايا.
ان مثل هذه العلاقات والاتصالات والمفاوضات السرية التى لم تتوقف لحظة بين العرب واسرائيل منذ بدايات المشروع الصهيونى على امتداد قرن من الزمان، لم تحمل لنا سوى كافة انواع الأضرار والشرور والتآمر على شعوبنا وأوطاننا واستقلالنا، والتى كانت تنتهى دوما بمزيد من التفريط والهزائم والتنازلات.
***
ان العلاقات السرية بين مصر واسرائيل لم تتوقف لحظة منذ نهاية حرب 1973، ولا تزال تفاصيل كثيرة من اتفاقيات كامب ديفيد غائبة ومحجوبة عن غالبية الراى العام المصرى رغم مرور ما يقرب من 40 عاما.
والصندوق الاسود لهذه العلاقات لا يزال مغلقا بالضفة والمفتاح، وحين تتسرب منه اى معلومة، فانه يكون وراءها كارثة جديدة مثل حق (الاسرائيليين) فى دخول سيناء والبقاء فيها 14 يوما بدون تأشيرة وفقا لاتفاقية طابا، واتفاقية فيلادلفيا 2005، وصفقة تصدير الغاز لاسرائيل، واتفاقيات الكويز، و اتفاقيات تيران وصنافير... ولكنها لا تمثل سوى قمة جبل الاسرار الذى لا نراه ويحظر علينا الاقتراب منه، ومن ذلك ملفات التنسيق الامنى والاستخبارى فى سيناء، وملف حصارغزة واستهداف نزع سلاحها وإخلاء المنطقة الحدودية لإقامة المنطقة العازلة... الخ، وربما يكون اخطرها ما يصرح به نتنياهو كثيرا من ان الدول العربية و (اسرائيل) اصبحوا حلفاء وليسوا اعداء، وما ارتبط بذلك من احاديث عن مشروع لتأسيس تحالف عسكرى اقليمى جديد او اتفاقية دفاع مشترك تجمع مصر والاردن والسعودية والخليج و (اسرائيل) تحت القيادة الامريكية لمواجهة ايران. 
***
على امتداد سنوات طويلة منذ الانحياز المصرى لاسرائيل فى عدوانها على غزة فى صيف ٢٠١٤ ونحن نناشد رفاقنا القدامى فى معارك مواجهة (اسرائيل) وكامب ديفيد والتطبيع وشركاءنا فى دعم فلسطين والمقاومة والانتفاضة وفى قوافل الاغاثة وفك الحصار..الخ ، ان يخرجوا عن صمتهم، ويعلنوا عن غضبهم ويتصدوا لسياسات نظام يسعى لبناء شرعيته الاقليمية والدولية من بوابة اسرائيل، ويزج بمصر فى مستنقع التحالف والشراكة الامنية والاستراتيجية مع عدوها الاستراتيجى.
فهل يغضبون؟
*****
القاهرة 20 فبراير 2017

اعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المصريين

17 فبراير 2017

الباحث القومى محمد سيف الدولة يكتب: سلام ولكن بدون فلسطين

سلام بدون فلسطينيين ولا دولة فلسطينية ولا انسحاب من الاراضي المحتلة فى ١٩٦٧، ولا من أى جزء منها. سلام بين العرب و(اسرائيل) من أجل "مصالح مشتركة" ليس من بينها فلسطين والحقوق المشروعة للشعب الفسطينى ومركزية الصراع العربى الصهيونى، وكل هذا الكلام الذى عفا عليه الزمن!

فاسرائيل لم تعد دولة احتلال وفصل عنصرى وكيان استيطانى عنصرى ارهابى دأب على ارتكاب جرائم حرب وإبادة فى حق الفلسطينيين والشعوب العربية، وانما اصبحت دولة طبيعية صديقة من دول المنطقة تتعرض لذات التهديدات والمخاطر الارهابية التى تعانى منها دول الجوار العربى (وليس دول الطوق)، وهو ما يخلق فيما بينها مصالح مشتركة فى مواجهة هذه المخاطر.

***

هذه هى النسخة الحديثة من الموقف الامريكى الاسرائيلى المصرى العربى الموحد، الذى يتم التلميح به منذ فترة طويلة، الى ان تم تتويجه وإعلانه رسميا وصراحة فى المؤتمر الصحفى المشترك بين ترامب ونتنياهو.

ولقد كان أول من دعا الى هذه الفكرة هو عبد الفتاح السيسى فى حديثه مع وكالة أسوشيتدبرس على هامش الدورة 70 للجمعية العامة للامم المتحدة عام 2015، حين طالب بدمج اسرائيل فى المنطقة وتوسيع بتوسيع السلام معها، لتشمل دولا عربية أخرى، لمكافحة الارهاب الذى يهدد الجميع. ليكون بذلك اول عربى على وجه الإطلاق يفصل بين السلام مع اسرائيل وبين انسحابها الى حدود ٤ يونيو ١٩٦٧.

قبل ذلك كان الموقف الرسمى العربى الوارد فى مبادرة السلام العربية الصادرة فى مارس ٢٠٠٢، هو مبدأ الأرض مقابل السلام؛ فالانسحاب الاسرائيلى وإعطاء الفلسطينيين دولة على أرض 1967، هو شرط للسلام العربى مع اسرائيل والتطبيع معها. وكان هذه هو ايضا الموقف الرسمى المصرى حتى بعد معاهدة السلام. أما اليوم فالمبدأ المصرى/العربى الرسمى الجديد هو "أمن الأنظمة العربية مقابل السلام العربى الاسرائيلى."

ورغم ان الرأى العام الشعبى العربى والفلسطينى، عارض على الدوام موقف حكامه وأنظمته ورفض مبدأ الاعتراف بشرعية اسرائيل والصلح والسلام والتطبيع معها، وتمسك بكل ارض فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، ولم ينخدع أبدا بشعارات السلام الزائفة ولم يتورط فى الرهان على جدوى مسارات التسوية فى اوسلو وأخواتها، الا ان سقف التنازلات المصرية الفلسطينية الاردنية العربية، لم ينخفض ابدا عن دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧ عاصمتها القدس الشرقية.

ولكن تصريحات السيسى وتوجهاته ومواقفه هو وغيره من الانظمة العربية فى السعودية والخليج، أكدت ما كان يتردد كثيرا فى أحاديث وتصريحات نتنياهو عن حلفائه من الدول العربية الكبرى، وآخرها ما ورد فى مؤتمره الأخير مع ترامب حين قال بكل تفاخر أنه "لأول مرة فى حياته وفى حياة اسرائيل، ينظر العرب لهم كحلفاء وليس أعداء." وهو ما أثنى عليه ترامب فورا فى ذات المؤتمر، ليتفقا على ضرورة الاستفادة منه وتوظيفه والبناء عليه فى المرحلة القادمة، ولم ينسيا بالطبع ان يعلنا على هامش اللقاء وبكل تعالى وتجبر واستخفاف، انهاء حل الدولتين، فأمن الدولة اليهودية لا يحتمل وجود دولة فلسطينية الى جوارها، تحمل كل هذه الكراهية لاسرائيل.

***

هذه التمهيدات التى أطلقها السيسى و نتنياهو وغيرهما بمباركة ورعاية وتوجيه الولايات المتحدة بإداراتها المختلفة، اصبح لها اليوم مشروعات وتفاهمات وتطبيقات وخطوات محددة على الارض:

منها تلك الورقة التى أعدها الجنرال "مايكل فلين" مستشار الامن القومى المستقيل بمشاركة عدد من الشخصيات العسكرية والإستخبارية من أعضاء مركز لندن لأبحاث السياسات فى العاصمة الأمريكية واشنطن، ونشرتها جريدة الاهرام فى عددها الصادر بتاريخ 20 نوفمبر 2016 ، والتى تتحدث عن تأسيس منظمة جديدة باسم ((منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر)) لتكون بمثابة حلف عسكرى جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية وعضويةمصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، تحتل فيها اسرائيل صفة المراقب، وتكون لها ثلاثة أهداف محددة هى القضاء على داعش، ومواجهة ايران، والتصدى للإسلام المتطرف. وهى بمثابة إتفاقية دفاع مشترك، يكون الإعتداء على أى دولة عضوا فى المعاهدة، بمثابة إعتداء على الدول الأعضاء جميعاً، كما ورد بالنص فى الورقة المذكورة.

ولقد نشرت جريدة "وول ستريت جورنال" عرض وتحليل لهذا المشروع فى عددها الصادر 15 فبراير الجارى، ونقل عنها "معهد ستراتفور الامريكى للدراسات الاستخبارية والامنية" فى منشور تقدير موقف نشره فى ذات اليوم.

***

وعلى ذات المنوال نشرت جريدة الشروق المصرية سلسلة من المقالات لأحد الباحثين وثيقى الصِّلة بالأجهزة السيادية المصرية يدعو فيها صراحة الى شراكة مصرية اسرائيلية تحت القيادة الامريكية الجديدة! (شراكة وليس مجرد تطبيع!)

ناهيك عن سيولة التصريحات والمقالات المصرية التى تحتفى بالادارة الامريكية الجديدة، وتبشر بما سينال السيسى ونظامه من خير على يديها، الى درجة وصلت الى وصف بعضها للرئيس ترامببالمهدى المنتظر!

***

ولا يزال غالبية المراقبين فى مصر يفسرون لغز التفريط الرسمى المصرى فى جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، بانه لم يكن سوى خطوة على طريق بناء تطبيع سعودى اسرائيلى برعاية مصرية من بوابة التدابير الامنية الواردة فى اتفاقيات كامب ديفيد، كمقدمة ضرورية لبناء محور مصرى اسرائيلى سعودى فى المنطقة، وهو المحور الذى يصفه نتنياهو فى تصريحات متعددة بأنه تحالف قائم بالفعل.

***

وهو تحالف لم يبدأ اليوم، بل قبل ذلك بعدة سنوات، ولقد ظهر فى عشرات المواقف المصرية الرسمية، بدءا بالانحياز الى اسرائيل فى عدوانها على غزة 2014، ومرورا باغلاق المعبر فوق الارض رغم هدم الانفاق تحت الارض التى رفض مبارك نفسه هدمها، وكذلك تنفيذ المطلب الاسرائيلى القديم الذى رفضه مبارك أيضا بإخلاء المنطقة الحدودية من السكان لانشاء منطقة عازلة، بالاضافة الى شيطنة الفلسطينيين وتوصيف حركات المقاومة كمنظمات ارهابية مع رفض وصف مماثل لاسرائيل بالارهاب، وايضا وصف السيسى لنتنياهو بانه يمتلك من مقومات القيادة ما يؤهله لتطوير المنطقة والعالم بأسره! والتفاخر بالاتصالات التليفونية الدورية بينهما، وإعراب السيسى عن تفهمه لمخاوف اسرائيل من المشروع النووى الايرانى، وحديثه عن السلام الدافئ وعمق الثقة والطمأنينة القائمة اليوم بين الطرفين الى آخر سحب الوفد المصرى لقرار ادانة المستوطنات من مجلس الأمن، والقائمة تطول.

***

والسؤال البديهى اليوم هو عن ماهية الفوائد التى يمكن أن تجنيها مصر والدول العربية ويجنيها الأمن القومى المصرى والعربى، من هذا التحالف الانتحارى مع العدو الصهيونى تحت القيادة الامريكية؟

فسيتم تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية، وسيغتصب ما تبقى من الارض المحتلة، وستتوج اسرائيل عربيا كالقوة الاقليمية العظمى، وسترتكب مزيدا من المذابح لأهالينا فى فلسطين، وسيُضخ فى كيانها الصهيونى الباطل دماء جديدة تطيل فى عمره عقودا اضافية أخرى، وستستمر التبعية الامريكية وتتعمق، ونعود لعصر الاحلاف العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية.

وكل ذلك فى مقابل أن ينال السادة من الملوك والرؤساء العرب مزيد من الرضا والقبول والاعتراف والحماية الامريكية.

*****

القاهرة 17 فبراير 2017

14 فبراير 2017

زهير كمال يكتب: بين مطرقة جاستا وسندان ترامب


في الأشهر الأخيرة من عهد أوباما ناقش الكونجرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري إصدار قانون يتيح لعائلات ضحايا سبتمبر مقاضاة الحكومة السعودية في المحاكم الامريكية والتعويض عليهم ، وقد عارض أوباما إصدار تشريع كهذا لما يحمل من عواقب إن استعملته الدول الأخرى ضد الولايات المتحدة، ولكن الكونجرس أصدر هذا التشريع وكانت عينه على أموال النظام السعودي المودعة لدى البنوك الأمريكية والتي قدرها بعضهم ب 600 مليار دولار.

شعر النظام السعودي وحكام الخليج بالخطر والخوف على ودائعهم أن تتتبخر بفعل هذا التشريع الذي أطلق عليه قانون جاستا والذي يعتبر سيفاً مسلطاً على رقاب حكام الخليج بعامة والنظام السعودي بخاصة.

عندما استلم دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وبدأ بإصدار أوامر تنفيذية بمنع دخول بعض رعايا الدول الإسلامية، لم يشمل الحظر رعايا دول الجزيرة العربية والتي كان بعض مواطنيها من الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر . وهنا لوحظ عدم التناغم بين الكونجرس والقادم الجديد الى البيت الأبيض وكلاهما ينتمي الى نفس الحزب، بل لم نسمع حتى الآن عن دعاوى سيرفعها أهل بعض الضحايا ضد النظام السعودي.

للرئيس الجمهوري ( أو المحسوب على الخط الجمهوري) رأي آخر ، وقبل التطرق الى ذلك يجب أن نلاحظ أن دونالد ترامب هو الوحيد من بين رؤساء أمريكا ومنذ وقت ليس بالقصير ، الذي لم يأت من خلفية سياسية بل جاء من عالم الاقتصاد والمال والتجارة والعقارات، وهو عالم معقد ومتشابك خاصة في هذا العصر، ولكن نستطيع القول إنه رجل يعرف من أين تؤكل الكتف. 

يرى ترامب أن هذه الأموال الموجودة في البنوك الأمريكية هي ملك للحكومة الأمريكية ولكنها ليست بيت القصيد، ولا تلبي طموحه كما عبر عن ذلك في خطب عديدة، بل يريد أضعاف أضعافها وبخاصة من هؤلاء الحكام الذين يمتلكون ثروات طائلة ولا يعرفون كيفية التصرف بها، ومن الممكن أن تكون هذه الأموال عينية مثل النفط الموجود في الأرض أو مثل النقد الموجود في خزائنهم. ويرى أنه يجب العمل على إيجاد الطريقة المناسبة للحصول عليها لصالح الخزانة الأمريكية، فهو يؤمن بشكل قاطع أن أمريكا أولاً .

ما يفعله رجل الأعمال الناجح دونالد ترامب أنه يوظف كل مهاراته وخبرته التي حصل عليها خلال سنين طويلة من أجل المصلحة الأمريكية ، ولا يبالي بالاعتراضات الآتية من الآخرين حتى لو كانوا في حزبه ، فلديه رؤيا لا يمتلكونها ومن يخالف رؤيته إنما جاهل أو متخلف كما حدث مع القاضي الجمهوري في سياتل الذي اتبع الدستور وخالف القوانين التنفيذية التي أصدرها، وهو يعتقد أيضاً أن الحزب الجمهوري يحتاجه بينما هو لا يحتاج أحداً، وهو في هذا مخطئ وقد تنقلب الأمور على رأسه ، فالسياسة فن لا بد من إتقانه وهذه هي نقطة ضعفه. 

بدأ ترامب حياته الرئاسية بإصدار القوانين التنفيذية سيئة الذكر والمخالفة للدستور بشأن المهاجرين، ولوحظ قيامه بالاتصال التلفوني مع الملك السعودي، فلا بد من تهيئة الأجواء المناسبة للخطوات القادمة. كالصياد الذي يهيء الطعم للفريسة.

ومن غرائب الأمور أن العالم كله بما فيه الداخل الأمريكي وقف ضد هذه القوانين إلا حكام الخليج وإعلامهم الذي وقف معها بشكل يثير الاشمئزاز ويبعث على الأسى والحزن ويظهر مستوى في غاية الانحطاط واستهتاراً بالقيم الإنسانية.

قامت إيران بتجربة صاروخ باليستي، فجن جنون ترامب وبدأ حملة إعلامية ضدها، فهذه التجربة تهدد الأمن والسلم العالمي وتخالف الاتفاق النووي، الى آخر هذه المعزوفة، وبالطبع ، كما هو متوقع ترد إيران على التهديد بالتهديد وهكذا بدأت الحرب الكلامية بين الخصمين وسيقوم ترامب بالتصعيد بما فيه تحريك الأساطيل الى الخليج وغير ذلك أو الى الحد الذي سيطلب فيه هؤلاء الحكام الحماية من التهديد الإيراني وسيدفعون عن طيب خاطر الثمن المطلوب دفعه مقابل هذه الحماية .

هذه هي شخصية ترامب كرئيس وهذه هي طريقة تفكيره ونظرته الى العالم. ولضمان النجاح والوصول الى الهدف لا مانع من اتباع سياسة الوصول الى حافة الهاوية. ولكنه كرجل أعمال ناجح لن يفكر أبداً بإشعال الحروب فهي ليست مناسبة للبزنس، بل بالعكس ربما تؤدي الى خسارة بعض الموجودات.

وربما كانت تصريحاته المتكررة بأنه كان ضد غزو العراق تبين طريقة تفكيره، فهناك طرق أبسط للوصول الى الهدف بأقل الخسائر، وفي حالتنا هذه ومع حكام ضعاف التفكير ، بل أغبياء، لا وجود لأية تكلفة مطلقاً. وهو كرجل أعمال ناجح يستغل نقاط الضعف الموجودة عند الآخرين ويستعملها لصالحه بدون رحمة ولا شفقة.

ومن قبيل المصادفة أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً باليستياً في الأيام الأخيرة أثناء زيارة رئيس وزراء اليابان لواشنطن وكان تصريح ترامب أنه يقف خلف اليابان ويساندها ويدعمها. ولكن هل يستطيع رجل الأعمال ترامب الحصول على المال من اليابان أو كوريا الجنوبية وكلتاهما دولتان غنيتان وذلك بهدف الحماية؟

والجواب بالنفي القاطع فرؤساء هذه الدول المنتخبون ديمقراطياً سيفكرون في الانتحار على طريقة الهاراكيري اليابانية قبل أن يفكر أحدهم في دفع دولار واحد في غير محله ، وينطبق الأمر على رئيس المكسيك. إذاً فلا داعي للتصعيد في هذه المسألة فهي غير مجدية اقتصادياً ، هكذا يفكر . 

سينجح ترامب في خططه ومساعيه في الحصول على أموال للولايات المتحدة من حكام الخليج فهم صيد ثمين وسهل، وهم لا يمانعون في ذلك بحكم انتمائهم وتبعيتهم المطلقة لأمريكا.

نقطة الضعف الموجودة في الجزيرة العربية والخليج هي طريقة نظام الحكم المتبع فيها والتي لم تعد مناسبة لهذا العصر، فهي لم تتعد بعد مرحلة مشيخة القبيلة ، حيث يتصرف الشيخ فيها بالمال والرجال بدون الرجوع الى القبيلة وبدون التفكير في مصلحتها بعيدة الأمد.

ويتعدى الأمر منطقة نفوذ هؤلاء الشيوخ، بحكم التداخل المدهش في الجغرافية والمجتمع والدين، فهذه أمة واحدة وهكذا نجد تأثيرهم المدمر قد امتد ليشمل المنطقة العربية ككل والمشتعلة الآن بحروب أهلية في العراق وسوريا واليمن وليبيا.

واذا لم ينتبه أحد فإن مستقبلاً اسود ينتظر هذه الأمة ككل للأسف .

25 يناير 2017

سيد أمين يكتب: السيسي بين القدرة والطالع

الأربعاء 25 يناير 2017 17:55
في القرن الـ 15 طرح الفيلسوف الإيطالي نيقولا مكيافيللي سؤالا ما زال بعيدا عن الإجابة الحاسمة حول: هل "القدرة "هى من تتحكم في تنصيب أى حاكم وتعطي حكمه قوة أم "الطالع"؟
وفي إطار إجابته على السؤال طرح مكيافيللي وقائع من التاريخ الغربي تدلل على صحة كلا الموقفين، القدرة قد تصنع حاكما، وكذلك حسن الطالع، فأحيانا يكسر عزم الشباب واستبسالهم قبح الطالع، وأحياناً أخري يكون حسن الطالع بمثابة حصان طروادة فيحقق لصاحبه انتصارات مجانية بدون أن يكون له فيها حول ولا قوة.
لكن مكيافيللي عاد ليضع معيارا مهما للتقليل من الحيرة مفاده بأن "الحاكم السعيد هو من كانت وسائله واجراءاته توافق طبيعة العصر".
ونحن هنا بدورنا نطرح ذات السؤال ولكن
بصيغة أخري : إلى أي مدى ساهمت عوامل "الطالع" سوءا أو حسنا السيسي؟ وهل هى من تمكنت من أن تثبيت عرشه أم "القدرة"؟
قبل الحديث يجب الإشارة إلى أنه لا توجد فئة من الناس أكثر سعيا إلى الغيبيات من رجال الحكم والعمل العام لا سيما السياسة، سواء أكان ذلك في مصر أو في أى مكان في العالم وبمختلف الثقافات والأديان والأجناس، وذلك لأنه أينما وجد المجهول وجد معه أيضا الفضول لاكتشافه، وأينما وجد الخوف وجدت معه حيل البحث عن الطمأنينة.
والاهتمام بالغيبيات وجد حتى في دولة الخلافة الإسلامية الأولى حينما قصد المنجمون المعتصم ليحذرونه من فتح عمورية ، إلا أن عزم الشباب الذى تحدث عنه مكيافيللي هو من جعلهم يهزمون توقعات النجوم ويفتحون عمورية لينشد بعدها الشاعر "أبو تمام" قصيدته الرائعة التى حملت نفس الاسم.
ولمعرفة مدى إايمان السيسي بالطالع سنقف أمام بعض المؤشرات والتي من أهمها أنه في التسريب الصوتي الشهير الذى أذاعته شبكة "رصد" نسمع صوته يتحدث عن "رؤياه" وهى عمل "غيبي" حول لقائه بالسادات ، وكيف قال له إنه سيصبح حاكما ، فرد عليه بأنه يعرف ذلك جيدا ، ويعرف أنه يجمع بينهما نهاية متشابهة لخصتها الساعة "الأوميغا" التي منحها له السادات - والتي تعنى باللاتينية النهاية.
وعمليا فإن اهتمام السيسي البالغ بالصوفية - وهى حركة وجدانية غيبوية – واضحا بشدة حيث حرص على أن يستهل حكمه بلقائهم مرتين في العام الأول للانقلاب ، وقرب منه رجالهم في الأزهر وفي الحياة العامة ، وهم فقط من بين التيارات الدينية التى ما زالت تدعمه.
كما التقي السيسي أيضا عدة مرات بزعماء طائفة "البَهَرة" وطوائف دينية أخري لها ذات الطابع الغيبوى، كما فعل ذلك مرارا مع حاخامات يهود والذين هب كبيرهم ليحذره علنا من خيانة حراسه له ، داعيا له بالنصر والثبات ،فيما هب أخر ويدعى "عوفاديا" ليحذره من الخيانات في قصره ، ويقول أنه باركه كما بارك من قبله مبارك فبقي في الحكم ثلاثين عاما، وهنا لا ننسي ما تردد عن قرب موطن مسقط رأس السيسي في منطقة الجمالية وسط القاهرة قرب مقام الإمام "الحسين"، وأيضا "حارة اليهود".
ثمة أيضاً دليل لفظي يمكن التدليل به، وهو أن السيسي دأب على استخدام عبارة "أهل الشر" دون أن يسمهم ، وهى عادة من يخشي الحسد وهى بالقطع لفظة لها دلالات غيبية.
لذلك فان كل ما تقدم يؤكد أن الرجل مؤمن بكل منتجات "الميتافيزيقا" أو "علم ما وراء الطبيعة" ايماناً راسخاً.
من العجب أنه يمكننا الجزم بأن كل عوامل حسن الطالع عند السيسي هي ذاتها عوامل سوئه ، وكل دلالات القوة عنده هى ذاتها دلالات قوية للفشل أيضا ، فقد جاء حسن طالعه من أمر واحد هو انتمائه للمؤسسة العسكرية، وهى التي منحته القدرة أيضا ، فدانت كل أجهزة الدولة له بالخضوع التام بشكل ربما لم يحدث في أى وقت سابق من الحكم العسكري لمصر.
ومغزى ذلك الالتفاف قد يعود لاستشعار بعض قياداتها خطورة المطالبات المناهضة لحكم العسكر والتي آثرتها وميزتها ثورة يناير بشكل أيضا غير مسبوق ، وكان يلزم ذلك الالتفاف السلطوي وجود قاعدة شعبية تكون حجة على وجوده ويبرر بها كل مظالمه ، فلما أٌطلقَ نفير الحشد هرع إليه كل طامع مشتاق، وكل صاحب مصلحة، أو نفوذ ،أو انتهازى، أو مرتعش ، فكان ذلك أول برهان على سوء دعوته.
كما أن منبع قدرته تلك والتي حولته إلى صاحب "سطوة" هائلة مدمرة يخشاها الجميع، يرتكب عبر استخدام اسمها الكثير من الفظائع والمظالم ، ويلجم بها أعلى الألسنة صوتا وأكثرها عصيانا على الإخراس، ويرغم الناس على تقبل عشرات الأضعاف، بل مئات الأضعاف مما كانوا يتذمرون عليه سابقا ويعتبرونه عذرا كافيا للإطاحة برئيس منتخب وحبس أو تشريد أو قتل أى محتج ممن انتخبوه ، هى نفسها التي صارت وبالاً عليه.
فقد صار إرضاء قياداتها أمراً ثقيلا جداً عليه في بلد يوشك علي الإفلاس، والثورة تختمر بشكل حقيقي في وجدان أناس لم يعرفوا من قبل لها سبيلا ، إضافة إلى أنه بدلا من التفكير في إنقاذ البلاد من السقوط القادم لامحالة ، كرس كل جهده لإرضائهم ظنا منه أنه يشتري به ولائهم، دون أن يدري ما تضمره نفوسهم له، خاصة أنهم هم من جاءوا به ولم يأت هو بهم، وأن الغضب الشعبي عليه صار يمثل تهديدا مصيريا لهم.
ورغم القدرة التى لم تقتصر فقط على انتمائه للمؤسسة العسكرية، بل أيضا بسبب الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي الكوكبي العظيم له ، فشل فشلاً ذريعا ، ما يعنى أن ما يرافقه من سوء طالع ، أو باللهجة الدارجة المصرية "النحس" كان أيضا عظيما.
هذا "النحس" لم يقتصر عليه فقط ، بل طال كل النظام العسكري الحاكم المستقر منذ أكثر من نصف قرن، حيث تَكَشَفَ للجميع حتى أقرب مؤيديه سوءاته ، بل أن النحس طال ثوابت كانت مستقرة في أذهان الناس نتيجة جهد دعائي جبار سابق حول انقلاب 1952.
يمكننا في نقاط سريعة رصد أهم مظاهر حسن طالع السيسي: الانتماء للقوات المسلحة ، تولى حليفه ترمب المعروف بكراهيته للإسلام زمام حكم سيدة العالم ، ظهور موارد غاز ومعادن جديدة ، ظهور داعش وتنامى ظاهرة الإسلامفوبيا عالميا ، تنامى الصراع السنى الشيعي، والسعودي الإيراني، التحكم في الاعلام.
أما أبرز عوامل نحس السيسي فتتمثل في تطور وسائل الإعلام والاتصال ،من حيث كثرتها وفرديتها ما جعلها خارج نطاق سيطرة الأمن من ناحية ، وتعدد مصادرها أضفي علي معلوماتها تأكيدات قوية لم تكن متاحة من قبل ، وبناء عليه فشل السيسي في عزل ما يجري داخل مصر عن العالم ، وفشل أيضا في تزييف الحقيقة ، وكانت وسيلة لتوحد الثوار.
كما أن من مظاهر النحس أيضا ، أن السيسي جاء بعد فترة حريات كبيرة أعقبت ثورة يناير تغيرت فيها مفاهيم كان لا يمكن حتى التشكيك فيها من قبل، وأصبح ملايين من الناس أنضج سياسيا وبالتالي لم تنطل عليهم الأساليب والإجراءات القديمة

سيد أمين يكتب :لهذه الأسباب.. المؤامرة أكبر من تيران وصنافير


تلقي تيران وصنافير بظلالها القاتمة ليس على العلاقات بين الشعبين الشقيقين المصري والسعودي فحسب، ولكن تضع علامات استفهام كبيرة حول علاقة ذلك بإسرائيل، وتحذر من مخاطر كبيرة تحدق بقناة السويس.
وبتجرد وموضوعية يجب علينا أن نقيم الموقف طبقاً لحسابات المكسب والخسارة في تلك العملية، وهي التي تبدو من اللحظة الأولى أنها تصب لصالح إسرائيل، وأنها تأتي في إطار عملية تقسيم جديدة في الوطن العربي على غرار ما جرى له فيما يعرف باتفاقية سايكس - بيكو مطلع القرن الماضي.

المكاسب الإسرائيلية

وفيما يبدو أن إسرائيل وضعت "قناة السويس" المصرية نصب عينيها، وراحت تخطط بكل السبل لإجهاض هذا المنفذ العالمي ومنافسته عبر مشروعَين عملاقين للنقل البحري والبري، منتهزة في ذلك فرصة وجود حاكم عسكري يدين بالولاء لها، ومواقفه الدولية تشهد بذلك.
ولا يمكن أن يتحقق نجاح أي من هذين المشروعين دون التخلص من النفوذ المصري المتمثل في سيطرتها على جزيرتَي تيران وصنافير في مطلع خليج العقبة، وهو النفوذ الذي يجعل كل السفن المارة من دول الداخل، مثل إسرائيل والأردن والسعودية "وإن كانت الأخيرة ليست بحاجة ماسة لذلك؛ نظراً لاتساع سواحلها"، تحت رحمة القرار المصري في العبور إلى البحر الأحمر.
وبالتالي فإن تنازل مصر عن الجزيرتين للمملكة السعودية سيعطي الحق لسفن تل أبيب القادمة من ميناء إيلات في العبور بسلام في مضيق تيران وصنافير المعروف باسم ممر "إنتر برايز" بوصفها مياهاً "دولية" وخاضعة للاتفاقات الدولية، ولا تكون بحاجة آنذاك لموافقة السلطات السعودية ولا السلطات المصرية على العبور.

تدمير مشروع "مرسي"

ومنذ عدة سنوات تدرس الحكومة الإسرائيلية إقامة ما يعرف باسم "خط حديد إيلات - أشدود" وهو الخط البري الرابط بين الميناءين الإسرائيليين على البحر الأحمر والمتوسط.
ويعرف الخط أيضاً باسم "ريد - ميد" وهو مشروع خط سكة حديد بطول 300 كيلومتر يربط بين أشدود على البحر الأبيض وإيلات على البحر الأحمر بتكلفة ملياري دولار، ودعم صيني في رحلة لا تتجاوز الساعتين، وتجري إسرائيل عمليات إنشاء الخط فعلياً، وينتظر الانتهاء منه منتصف العام الجاري.
ويتم خلاله نقل البضائع برياً لتوصيلها على الجانب الآخر كما ستقوم إسرائيل بعمل خدمات "لوجستية" على البضائع الواردة لها من الاتجاهين أثناء تفريغها، مثل تحويل المواد النصف مصنعة إلى مصنعة كلياً، وتحويل المواد الخام إلى مواد مصنعة، أو نصف مصنعة، وهو المشروع اللوجيستي الذي كان يعتزم الرئيس الدكتور محمد مرسي إنشاءه في قناة السويس قبل الانقلاب عليه، ولكنه كان بذلك سيدمر خدمات مركز "جبل علي" للدعم اللوجيستي في الإمارات، ما دفعها لتمويل الانقلاب عليه.
ويمتاز خط سكك الحديد الذي تزمع تل أبيب إنشاءه بتمويل صيني بأنه يمكن من نقل بضائع ذات أوصاف لا يمكن لقناة السويس أن تحملها من ناحية الأطوال والأحجام والأوزان.
أما المشروع الثاني فهو ما يعرف باسم "قناة البحار" أو "تعالات هاياميم"، أي "التخطيط والاستراتيجية بالعبرية"، يشير إلى القناة التي تربط البحر الميت بالبحر الأحمر، بعد رفع منسوب المياه في البحر الميت؛ حيث تقوم إسرائيل بربط البحر الميت بالبحر المتوسط، وبالتالي تتحقق الخطة التي حلم بها، وسجلها تيودور هرتزل، الأب الروحي للصهيونية، في قناة تنافس قناة السويس.
وفي مايو/أيار الماضي، قال موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية إن وزارة التعاون الإقليمي به قامت في إطار مؤتمر دولي عقد في العقبة، بعرض الجدول الزمني لمشروع "قناة البحار" والمرحلة الثانية المخطط لها قبيل البدء بتنفيذها.
وشاركت في المؤتمر الدول الشريكة في المشروع، وكذلك مندوبون عن حكومة الولايات المتحدة والبنك الدولي الذي أقرض مؤخراً نظام السيسي 12 مليار دولار من أجل مساعدته لتلافي الآثار الاقتصادية السيئة التي يعيشها المصريون، وتجنب ردات الفعل الشعبية ولو مؤقتاً لحين تثبيت وضع تنازل مصر عن الجزيرتَين، وبالتالي نجاح هذا المشروع.
يذكر أن التوقيع على مذكرة التفاهمات كان قد تم في واشنطن خلال 2013، وستقوم الحكومة الأميركية بتخصيص مبلغ 100 مليون دولار لتمويل المشروع، وذلك تعبيراً عن الأهمية الكبرى التي توليها له.
هذا وقد تم مؤخراً نشر مناقصة للتصنيف الأولي بشأن التنفيذ، وقد قامت 94 شركة من الشركات الرائدة في العالم باقتناء مستندات المناقصة.

المكاسب السعودية

في الواقع فإن المملكة السعودية التي تتمتع بسواحل عملاقة على البحر الأحمر والخليج العربي ليست في حاجة لملكية الجزيرتين من الأساس، لكن فيما يبدو أنها تتعرض لضغوط قوية للإصرار على ملكية الجزيرتين ولا هدف من ذلك سوى تخفيف الضغط الأميركي والغربي عليها، خاصة بعد فشلها في مستنقع اليمن وعدم تمكنها من تحقيق انتصار يحفظ ماء الوجه أو حتى يضمن بقاء الحلفاء الغربيين معها.
واشتدت الحاجة لتقديم السعودية هدية ثمينة لإسرائيل والغرب عامة إلحاحاً بعد صدور قانون "جاستا" في أميركا الذي يفرض عقوبات مالية باهظة على الدول التي اتُّهم مواطنون ينتمون إليها بالمشاركة في تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001، خاصة أن الاستثمارات المالية في السعودية تصل إلى ما يزيد على 150 مليار دولار، وأنه قد تتم مصادرتها بتلك العقوبات.
كما يأتي ذلك كله وسط مخاوف سعودية من أن تنحاز الولايات المتحدة للطرف الإيراني في صراع النفوذ على دول الخليج العربي التي يحتفظ عدد كبير منها بنسب كبيرة من السكان الشيعة الذين يعتقد البعض أنهم يميلون بشكل أو بآخر للولي الفقيه في طهران.
ويزداد الخوف حينما وقَّعت إيران الاتفاق النووي مع أميركا غير عابئة بمخاوف دول الخليج، ومن قبل بالصمت الأميركي على مدد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا وأخيراً اليمن.
لكل ذلك انغمست السعودية في الإصرار على ملكيتها لتيران وصنافير؛ لأن ذلك وحده كفيل برفع كل تلك الضغوط من على كاهلها، وبخسائر مادية شبه ضحلة تتمثل في عشرات المليارات من الدولارات التي قدمتها بالفعل لنظام السيسي، وكادت تضيع سُدى.

المؤامرة أكبر من الجزيرتين

المواقع الإخبارية الإسرائيلية لا تخفي أبداً علاقة إسرائيل بأغلب دول الخليج، لا سيما السعودية سراً، وتؤكد أن هناك تبادلاً استخبارياً تاماً وغير مسبوق بين المخابرات السعودية والإسرائيلية هذه الأيام، ووجود عدة موضوعات مشتركة مثل التهديد من إيران، والحركات التابعة لها مثل حزب الله والحوثيين، وتعد الاتصالات الأولية المعلنة بين بندر بن سلطان ومئير داجان، ورئيس الموساد السابق تامير باردو، تأكيداً لمدى قوة العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
وعلى الرغم من أن أبوظبي لطالما ارتبطت مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عبر القيادي المفصول من فتح محمد دحلان، الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي، فإن ولي العهد محمد بن زايد يسعى الآن لتصبح العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب أكثر رسمية.
ووفقاً للتقرير، فإن العلاقة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية على ما يبدو تجري أيضاً فيما يخص الحرب الإلكترونية.
وتم توقيع العديد من الاتفاقيات بين إسرائيل الأردن والسلطة الفلسطينية، وكذلك السعودية التي أرسلت نحو خمسين ضابطاً للتدريب في إسرائيل على إدارة مضيق تيران منذ أكثر من ثلاثة أعوام وقبل التنازل المصري عنهما رسمياً، وذلك بحضور أميركي ودعم بريطاني، وهو ما ذكره موقع البنتاغون الأميركي على الإنترنت بالتفاصيل المملة وبأسماء الضباط السعوديين المشاركين في التدريبات، وهو ما اعتبره وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي سيلفان شالوم هدية لروح هرتزل؛ حيث سيقضي هذا المشروع على قناة السويس تماماً، وهي الفكرة التي اقترحها أميرال البحار البريطاني "ويليام آلان" في منتصف القرن الـ19 لمنافسة فرنسا، وضرب تنفيذها لمشروع قناة السويس.
لكن موقع "Veterans Today" العسكري الأميركي راح ينشر تفاصيل الفضيحة التي لم تقتصر فقط على تيران وصنافير بل امتدت إلى إدارة جزر قبالة قناة السويس نفسها.
الموقع كشف النقاب عن معلومات تفيد بإبرام مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري المشترك بين الكيان الإسرائيلي والسعودية في البحر الأحمر منذ عام 2014.
وقد استند الموقع المذكور إلى وثيقة كشف عنها أحد المسؤولين في حزب "ميرتس" الإسرائيلي، المحسوب على ما يسمى باليسار الصهيوني الإسرائيلي؛ حيث خلص الاتفاق، بحسب تقرير الموقع الأميركي، إلى أن السعودية و"إسرائيل" ستديران مضيق باب المندب وخليج عدن وقناة السويس، بالإضافة إلى الدول المطلة أيضاً على البحر الأحمر.
وأشار الموقع الأميركي، المختص بالشؤون العسكرية، إلى أن المعلومات المنشورة من هذا المصدر ذكرت أن "إسرائيل" استضافت عدداً من الضباط السعوديين للمشاركة في دورات تدريبية عسكرية في قاعدة البولونيوم من ميناء حيفا في عام 2015. وعلى ما يبدو، وبهدف إرباك صناع القرار في الرياض، كشف الموقع عن أسماء الضباط السعوديين المشاركين في الدورات، ونشر الأسماء والرتب باللغة العربية.
ولفت الموقع، نقلاً عن المصادر ذاتها، أن الدورات شملت العديد من المجالات، ولكنها بالأساس ركزت على تدريب الضباط السعوديين على الحرب في البحر، إضافة إلى دورات في القتال ضمن الوحدات الخاصة.
وقد اعترف مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين المصريين الأسبق، في برنامج له على التلفزيون المصري، بمثل تلك المعلومات، وأكد وجود قوات إسرائيلية في الجزيرتين الآن.

المكاسب المصرية

في الواقع لا توجد مكاسب مصرية على الإطلاق فيما جرى، فمصر التي لم تجنِ سوى الخسائر هي من فقدت ورقة ضغط سياسية واستراتيجية ومالية قوية كانت بيدها على إسرائيل، متمثلة في التحكم في المضايق، وهي أيضاً من ساهمت في إنجاح مشروعات إسرائيلية تقضي على أهم مصادر دخل النقد الأجنبي لها المتمثل في قناة السويس.
وإن كان ثمة مكاسب فهي تخص فقط إعطاء زخم دولي ومشروعية لنظام عبد الفتاح السيسي، فضلاً عن ربط وجوده بمصلحة الكيان الصهيوني.
وقد بدا ذلك جلياً من التصويت المصري لإسرائيل تارة في مجلس الأمن، وسحب مشروع يدين الاستيطان تارة أخرى، ودعاوى السيسي التي لا يكل ولا يمل منها بدعم الكيان الصهيوني وحماية حدوده وإقامة سلام دافئ معه، فضلاً عن وصم كل من يعاديه بالإرهاب، لا سيما التيارات الإسلامية، كالإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية في مصر، وحركتي حماس والجهاد في غزة، والتيارات الجهادية في سيناء.