30 ديسمبر 2012

الببلاوي : ارقام الرئيس الاقتصادية دقيقة


قال الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الماليه في حكومة عصام شرف إن الارقام التي اعتمد عليها الرئيس محمد مرسي أثناء خطابه ظهر اليوم دقيقة لانها صادرة من وزارة التخطيط او الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء .

وأضاف أشك في ان يعلن الرئيس عن ارقام غير دقيقة لان الارقام ليس بها كلام، ويمكن لم يشكك في مدي صحتها الرجوع الي وزارة التخطيط والاجهزة الحكومية للتأكد من صحتها .
أشار ان المؤشرات التي أعلن عنها حقيقية ولكن نظرا لسوء الوضع السياسي والاقتصادي فاننا لانشعر بأي تحسن مالم تستقر الاوضاع .

تصريحات عصام العريان الكارثية - عامر عبد المنعم


ما قاله الدكتور عصام العريان لا يجب أن يمر، ولا يمكن السكوت عليه وأتمنى أن يقوم حزب الحرية والعدالة بإصدار بيان يوضح فيه رؤية الحزب تجاه هذا الكلام الكارثي الذي ليس له تفسير غير مغازلة اليهود واسترضائهم.
منذ سنوات عندما كان الإخوان يعتزمون تأسيس حزب في عهد مبارك أتذكر أن عصام العريان قال إنه مستعد للاعتراف باسرائيل إذا تمت الموافقة على الحزب، وقد تسبب هذا التصريح في انتقادات واسعة له حينذاك، فالمعروف أن غزة تتعرض للعدوان المتكرر لاجبارها على الاعتراف باسرائيل ولكن الشعب الفلسطيني يرفض الخضوع والاعتراف، فكيف يعلن العريان أنه سيعترف إذا وافق له مبارك على الحزب؟
ما قاله عصام العريان كارثة وهو يكشف عن خلل في الفهم، ولا يختلف عن تفكير مبارك.
اليهود الذين يطالبهم العريان بالعودة إلى مصر مجموعة من المستوطنين الذين سرقوا فلسطين، وسفكوا دماء الفلسطينيين ولازالوا، وحاربونا في 3 معارك وقتلوا الجنود المصريين ونهبوا سيناء. إنهم أعداء، ومواطنون في الكيان الصهيوني وهربوا من مصر ليقيموا دولة على أشلاء العرب والمسلمين.
باسم من يريد عصام العريان مكافأة اليهود وعودتهم إلى مصر؟
للأسف هذا الفهم المخرب المخرف يفسر لنا بعض المواقف والتحالفات السياسية المريبة ودعم بعض الشخصيات التي ترسلها أمريكا إلى مصر.
هذا التفكير كان وراء مساندة محمد البرادعي الموظف الأمريكي، وهو الذي يقف خلف أحمد زويل المتورط في أكبر عملية فساد بعد الثورة، وهي الاستيلاء على جامعة النيل وطرد أساتذتها وطلابها.
الثورة قامت لانهاء التبعية لأمريكا، والتعامل مع الكيان الصهيوني على أنه عدو، ولن يقبل الشعب المصري الدنية والتحايل للتطبيع مع الصهاينة.
هل ننتظر تدفق يهود اسرائيل على العريان تلبية لدعوته لبحث كيفية العودة؟
هل أطلق عصام العريان دعوته ليعطي لنفسه المبرر لاستقبال يهود اسرائيل؟
ماذا سيكون موقف الحرية والعدالة من مقابلة وفود المستوطنين الصهاينة من ذوي الجذور المصرية استجابة للدكتور عصام العريان؟
الشعب المصري ثار ليسقط التبعية لأمريكا ويهود أمريكا، والإسلاميون الذين يريدون إقامة الدولة الاسلامية لن يقيموها باسترضاء وموافقة اليهود في أمريكا والكيان الصهيوني.
من يسترضي اليهود لا يحق له أن يتكلم باسم الشعب، وعليه أن يعتزل السياسة ويجلس في بيته فهو غير جدير بأن يكون في موقع قيادي في مصر الجديدة بعد ثورة 25 يناير

28 ديسمبر 2012

النائب محمد العمدة ..رجل بمعنى الكلمة




النائب محمد العمدة ..رجل بمعنى الكلمة 




خلفان يتفق مع نتنياهو على قصم ظهر مصر اقتصادياً


أعلن القائد العام لشرطة دبى ضاحى خلفان أنه يرفض تقديم أى دعم لمصر واصفاً أى دعم لها بأنه سيكون دعماً للإخوان.
واعتبر خلفان فى تغريدة له على موقع التواصل الإجتماعى " تويتر " أن أى دعم يُقدم للإخوان خطأً استراتيجى.
واستشهد خلفان بكلام رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عندما قال: "يجب أن نقصم ظهر مصر اقتصادياً حتى لا تقوم لها قائمة إلا إذا أتاها مال ولن يأتى لها المال". 

العشرى: الإخوان لم تتقدم ببلاغات ضد حمدين والبرادعى

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=PM0OmwmeE_s

أبدى المحامي مختار العشري، رئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة، تعجبه من ربط بعض القوى السياسية بين البلاغات المقدمة ضد رموز جبهة الإنقاذ الوطني والمتعلقة بأمور جنائية ودعوة مؤسسة الرئاسة للدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى للحوار الوطني.

وأشار "العشري" خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "الحياة اليوم" على فضائية الحياة، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تمد يد العون لجميع شركاء الوطن للحوار موضحًا أن الأزمات السياسية ليس لها طريق سوى الحوار. وهناك عشرات البلاغات من أفراد بعيدين عن الإخوان. 
وأضاف "العشري" إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لم تتقدم ببلاغات ضد قيادات جبهة الإنقاذ الوطني واتهامهم بقلب نظام الحكم مشيرًا إلى أن هناك العشرات من البلاغات التي قدمها أفراد؛ وذلك خوفًا على مصلحة الوطن.

من أجل غد مختلف - عبد الرازق أحمد الشاعر


بعد ود دام عشرين سنة، هجر ونترفلت ربيبه وولي نعمته الملك فريدريك الأكبر إلى غير أوبة، لكن الأقدار قررت أن تجمع الرجلين وجها لوجه في مدينة بوتسدام التي تقع شمال شرق ألمانيا ذات يوم، بيد أن اللقاء لم يكن حميميا هذه المرة بعد أن فرقت المطامح وجهتيهما. يومها تقدم الجنرال مطأطئ الرأس نحو قدمين لطالما خر بينهما ليلقي على سيده الأسبق تحية الخجل. لكنه لدهشته وجد الملك يلوح له قبل أن يشيح بوجهه ويوليه ظهره، وهو ما دعا ناكر الزلفى للركض خلف ربيب الأمس. 
هرول ونترفلت مبهور الأنفاس خلف الملك حتى التحم بظله وقال متأثرا: "أسعدني كثيرا صفحك يا مولاي عني." عندها تقاربت قدما الملك حتى كاد ظلهما أن يتطابق، ونظر شذرا نحو وجه لطالما أحسن إليه ليسأل: "وكيف عرفت أنني قد عفوت عنك؟" فرد ونترفلت: "لأنك يا مولاي لم تدر ظهرك لعدو أبدا." 
لكن كيف يأمن فريدريك شرور المتربصين بأضلاعه الذين لم يطئوا فرشه ولم يتدثروا بمٓنِّه؟ كيف يأمن فريدريك شرور الطوافين بقصره الذين سمعوا عن منه وسلواه ولم يعرفوا إلا قديده ووعيده؟ كيف يسير فريدريك مزهوا فوق عظام الفقراء وأنات الثكالى دون أن ترتجف له قصبة أو تلين له قناة؟ وكيف يستمرئ الجلوس فوق ظهور البؤساء المحدبة وعظامهم النخرة رافعا شعار الحرية متدثرا برداء العدالة؟ 
ولكن هل يستطيع فريدريك أن يمضي أربع سنوات كاملة بوجه مصلوب نحو الخلف وإصبع راعش فوق الزناد فوق طريق محفوف بالخطر مليء بالشُرُك؟ وهل يحق لمفترشي أرصفة الفتنة قاطعي قضبان الأمل المترعين بثورية كاذبة أن يطالبوا فريدريك بثمن الفوضي والشلل الاقتصادي؟ وأي منطق يسند إليه الثائرون أقفيتهم وهم يطالبون فريدريك بثمن البارود الموجه إلى صدره؟ 
لماذا نصر على ركوب خيل الثورة ونحن نتقدم باستقالة جماعية من مدن التاريخ؟ وأي شيطان يسول لنا الاستمرار في اقتتال غبي المنتصر فيه مهزوم بالثلاثة مشرد للأبد في منافي اليأس؟ ليست والله ثورة تلك التي تجعلنا نسير فوق صفيح المؤامرات اللاهب بأعين متجهة صوب الماضي وأحذية مقلوبة نحو المستحيل. وليس للمتصافحين بفوهات البنادق أمل في غد مختلف إن لم يغيروا ما برؤوسهم من غثاء.
لقد صفح النبي صلى الله عليه وسلم عن قاتل عمه حمزه بعدما آمن، وعفا عمن أرهب ابنته زينب وروعها حتى ألقت ما في أحشائها ثم ماتت في مرضها حين جاءه مقرا بذنبه، وعفا فريدريك عمن جحد نعمته وقاتل مع عدوه ساعة اعتذار، لكننا أصحاب النبوات الكاذبة والرؤوس اليابسة والسلطان الغشوم نرفض العفو عمن أساء إلينا وكأننا لم نرتكب يوما حماقة، ونركل الأيادي الممدودة بالسلام بكل عنجهة وكأننا لم نرتكب إثما قط. 
من أجل البلاد اليوم نطالب بالعفو عمن أساء من جنود فريدريك الأكبر أو من جنود ولده المتمرد على سلطانه. نطالب اليوم بصفح تام وشامل عن كل المصريين الذين أنهكهم صراع بليد أعماهم عن رؤية ما يكتنف البلاد من مخاطر وما هي مقدمة عليه من سقوط. من أجل هذا الوطن لا من أجل فريدريك ولا من أجل ونترفلت نريد أن نسير بعيون مصوبة نحو أي أمل في تجاوز السقوط. ومن أجل مصر لا من أجل المتصارعين على أحشائها نسأل الجميع الغفران لتنجو البلاد وينعم العباد بالحرية والعدالة.
عبد الرازق أحمد الشاعر
أديب مصري مقيم بالإمارات
Shaer129@me.com

رسالة إلى أبناء جمعة الشرف فى العراق.. وخطة للخروج من المأزق


إليكم أيها الأحرار المعلومات الخطيرة التالية، التي أكدها لنا مصدر عراقي في محافظة الأنبار..
في الوقت الذي تظاهر معظم أهل الانبار انتخاءً لنساء معتقلات من محافظات بغداد وديالى ونينوى وصلاح الدين، أبلغنا أحد الأحرار اكتشافه سجن للنساء في إحدى القواعد العسكرية بمدينة الرمادي، يحوي نحو 80 امرأة، برفقتهن أطفالاً.
وأكد مصدرنا ان السجن عبارة عن مسقف حديدي كبير مقسوم إلى قسمين، يحوي نحو 80 إمرأة من مدن الأنبار، كافة، من الفلوجة الى القائم.
وأوضح ان العصابات الحكومية التي يطلق عليها اسم (الجيش العراقي) هي التي تتولى اعتقال هؤلاء النسوة، اللواتي يقبعن في هذا المعتقل تحت طائلة المادة القانونية الشهيرة، 4 ارهاب.
وأشار إلى ان اعتقال هؤلاء النسوة تم بناءً على اوامر حكومية لأن أبناءهن او أزواجهن مطلوبين للعصابة المتحكمة بأمر العراق.
وقد مضى على عدد من هؤلاء النسوة أشهراً طويلة، وهن يقبعن في هذه الظروف السيئة، التي تأباها كرامة الانسان الحر الشريف.
ويؤكد مصدرنا انه على الرغم من ان شيوخ العشائر التابعين لغفوة الانبار وقيادات الاحزاب، ومنهم قيادات مايسمى بالحزب الاسلامي لديهم معلومات عن هذا السجن، إلا انهم آثروا السكوت المخزي، مع الأسف، فيما تحول القيم العشائرية السائدة في محافظة الأنبار دون إعلان أهالي المعتقلات لذلك، بينما يجهل أغلب أهالي المحافظة وجود هذا السجن.
*********************
رجل أنصف العراق فأنصفهالتاريخ
لم يكن هذا الرجل عربياً, ولا عراقياً, وإنما كان إنسانا واعياً متحضراً شريفاً عفيفاً نزيهاً صادقاً متجرداً من الشبهات, سخر مواهبه العلمية لمناصرة الحق والعدل والإنصاف, ومقارعة الظلم والباطل والشر,
 ووقف وقفته الشجاعة عندما فضح ضلالة مجلس الأمن, فقدم استقالته إلى المستشار القانوني للأمم المتحدة, وبيّن فيها أن تخطيط الحدود البحرية العراقية الكويتية ليس من اختصاص اللجنة, ولا من واجباتها, وان الإحداثيات المقترحة في قطاع خور عبد الله لم تجر الإشارة إليها لا في المرتسمات القديمة, ولا في الحديثة, وبالتالي عدم وجود أي تحديد للحدود البحرية يمكن أن تتخذه اللجنة سبيلا,
 وأوضح هذا الرجل الشجاع موقفه الثابت في رسالتين موجهتين إلى الأمين العام نفسه, عبَّرَ فيهما عن وجهة نظره وتحفظاته على شروط صلاحية اللجنة, وأشار في رسائله إلى مناقشاته العديدة والمضنية مع المستشار القانوني في الأمم المتحدة حول صلاحية اللجنة ومآربها الخفية.
كان هذا الرجل صريحاً وواضحا في موقفه الرافض لإجراءات اللجنة التي رسمت ملامح القرار الباطل (833), فقال كلمته على رؤوس الإشهاد, ووضع أصبعه في عيون القوى الاستعلائية الغاشمة, من دون ان يرف له جفن, على الرغم من كل المغريات المادية والمعنوية, ومن دون ان يخاف في قول الحق لومة لائم, فتنحى عن رئاسة اللجنة, وغادرها بجبين ناصع, وجبهة مرفوعة, ولم يلوث سمعته في مصادرة حقوق العراق الشرعية.
انه العالم الاندونيسي النبيل, والمُشرع القانوني الدولي الكبير, البروفسور الدكتور مختار كوسوما اتمادجا (Mochtar Kusumo Atmadja),
` الرجل الذي لم يرضخ لرغبات الطامعين بثروات العراق, ولم ينحاز للكويت على حساب الحقوق العراقية, ولم يفرط بمياه العراق الإقليمية وممراته الملاحية, ولم يشترك في جريمة تضييق الخناق على موانئنا, فاستحق أعلى درجات التكريم والتقدير, ونال أرفع أوسمة الشرف, وكتب اسمه في سجلات الفرسان العظام.
ولد المختار في مدينة (باتافيا) الاندونيسية, في السابع عشر من نيسان (ابريل) من عام 1929, ومازال محتفظا بنشاطه وحيويته, متمتعاً بلياقته الذهنية والبدنية, وتألقه العلمي والمهني.
بدأ  المختار حياته أستاذاً لمادة القانون في جامعة (باجاجاران Padjadjaran) في (باندونغ), ثم صار عميداً لكلية القانون والسياسة في تلك الجامعة, عرفه تلاميذه بصلابته وجرأته في انتقاد السلوك الاستبدادي للزعيم الاندونيسي (سوكارنو) وزبانيته, فمارسوا ضده أبشع أساليب التنكيل والتعسف, وطردوه من الجامعة, وحرموه من التدريس في المعاهد الاندونيسية,
 فانتهز ظروف الطرد ليكمل دراساته التخصصية في الولايات المتحدة, فالتحق بجامعة (هارفرد), ثم واصل دراسته في جامعة (شيكاغو), فجامعة (يال), عاد بعدها إلى اندونيسيا بعد زوال حقبة (سوكارنو), وصعود (سوهارتو) إلى سدة الحكم,
 وكانت جميع الفرص متاحة أمامه في تسلق سلم المجد ليصبح وزيراً للعدل في اندونيسيا (1974 – 1978), فوزيراً لخارجيتها (1978 – 1988), وانتهى مشواره المهني الطويل رئيسا للبرلمان الاندونيسي, وتفرغ بعد التقاعد إلى التحكيم والبحث والتأليف, وعاد للتدريس في الجامعات العالمية والآسيوية ليواصل رسالته التربوية, ويكمل مسيرته العلمية الإبداعية على خطى المفكرين العظام, فكانت له الريادة العلمية والتشريعية في وضع الأسس الدولية للنظام القانوني في المياه الأرخبيلية.
ويعود إليه الفضل الكبير في صياغة النظرية الفقهية لتقسيمات المياه الأرخبيلية (Archipelagic theory of territorial seas), وصياغة أحكامها الواردة في القانون الدولي,
كان المختار معروفا بمرونته وخفة دمه, لا تغيب عن وجهه الابتسامة حتى في أحلك الظروف, وكان ظريفاً متسامحا ودوداً, يميل إلى تلطيف الأجواء بعبارته الفكاهية المرحة, خصوصا عندما يُكلف بحل النزاعات العقيمة بين الأطراف المتخاصمة,
 وكان لشخصيته الظريفة اللطيفة الأثر الكبير في كسر الجليد في العلاقات الدولية والإقليمية المتوترة, وساعدته هذه الميزة في التوصل إلى الحلول المرضية من دون مشقة, وعُرف عنه أيضا حبه لرياضة الشطرنج, التي كان بارعاً فيها, إلى المستوى الذي جعله يستحوذ على اهتمام رواد اللعبة في بلاده, فانتخبوه رئيسا فخرياً لاتحاد الشطرنج.
ختاما نقول إذا كان رئيس لجنة تخطيط الحدود العراقية الكويتية, هو المُشَرّع القانوني الأكفأ والأعلم في عموم أقطار كوكب الأرض, وهو الذي قال لا للقوى الاستعلائية المنحازة للكويت, وهو الذي رفض حرمان العراق من حقوقه البحرية المشروعة,
 ألا يفترض ببعض العراقيين المتحذلقين من أصحاب المواقف الوطنية المتأرجحة والتصريحات المتذبذبة أن يخجلوا من أنفسهم, ويحذوا حذو هذا الرجل الذي لا تربطنا به أية رابطة قومية أو وطنية, فيصححوا مواقفهم ويقولوا كلمة الحق قبل فوات الأوان,
 ألا يفترض بالعراقيين الذين آثروا الصمت والسكوت أن يخرجوا من سباتهم ويرفعوا أصواتهم بوجه الباطل ؟,
 ألا يفترض بالأكاديميين أن يشمروا عن سواعدهم, ويشحذوا هممهم, ويكشفوا للعالم بطلان قرار تخطيط الحدود من خلال انجاز الدراسات المعمقة والأبحاث الرصينة ؟,
 ألا يفترض بالحكومة العراقية أن تستأنس برأي هذا الرجل ؟, وتستعين به في مساعيها الشرعية نحو ثبيت حدودنا البحرية, وتستفيد من تجربته في الدفاع عن ممراتنا الملاحية على أسس العدل والحق والإنصاف ؟,
 ألا يفترض بها أن تبعث وفودها إلى اندونيسيا لتوثيق شهادة هذا الرجل العملاق قبل أن يتوفاه الله وينتقل إلى العالم الآخر سيما انه قد تجاوز العقد الثامن من العمر ؟.

 ********************************

العلاقات العربية - الإيرانية
الحل بخروج نظام «ولاية الفقيه» من النزعة الإمبراطورية
والدخول في مفاهيم الدولة القومية الحديثة




شبكة البصرة
حسن خليل غريب
كاتب وباحث من لبنانخطة البحث
I- مدخل لتحديد الإشكالية:
1- تشخيص الأسباب المرحلية في واقع العلاقات العربية الإيرانية:
2- تشخيص الأسس الاستراتيجية لبناء علاقات عربية إيرانية سليمة:
أ- فتش عن الأهداف الإيديولوجية:
- الساحة العربية تتقاسمها جهتان: نظامية رسمية قطرية، وشعبية حزبية فكرية:
- الساحة الإيرانية يحتكر فيها نظام الحكم تيار واحد، وهو تيار «ولاية الفقيه».
ب- تعريف المشروع الإيديولوجي لولاية الفقيه:
- الحكومة الإسلامية، يجب أن يقودها الولي الفقيه المخوَّل من قبل الله:
- مهمات الحكومة الإسلامية عالمية:
ج- تعريف المشروع الإيديولوجي لتنظيم القاعدة:
د- إيديولوجيا الطرفين مشروع حرب مستمرة:
هـ- نتائج المشاريع الإيديولوجية الدينية خادمة أمينة لمشروع الشرق الأوسط الجديد
II- احتمالات استراتيجية للعلاقات العربية الإيرانية:
أولاً: طبيعة العلاقات في حالة استمرار التناقض الإيديولوجي:
- مع النظام الثيوقراطي في المملكة العربية السعودية:
- مع معظم الأنظمة العربية الرسمية:
- مع الأحزاب والحركات الدينية السياسية:
- مع الأحزاب والحركات الوضعية العربية:
ثانياً: طبيعة العلاقات في حال حصول متغيرات على الصعيد الإيديولوجي
III- خاتمة البحث




نص البحث
I- مدخل لتحديد الإشكالية:
يرتبط العرب والإيرانيون بالجوار الجغرافي، والمصير السياسي، لأنهم مستهدفون من قبل التحالف الرأسمالي، ويقعون في صلب أهداف مشروع الهيمنة والاحتواء. وعلى الرغم من وجود عوامل التهديد الإمبريالي والصهيوني للعرب والإيرانيين معاً فإن عوامل الخوف والتوتر سائدة بينهم، فهل يمكن أن نعيد أسباب عوامل الخوف العربي للتحريض الاستعماري – الصهيوني، أي إلى ما نسميه نظرية المؤامرة بتحميل المسؤولية للاستعمار والصهيونية وحدهما؟ وهل العوامل الذاتية لا تلعب دوراً في ذلك؟
في عهد شاه إيران، قبل العام 1979، كان هناك تقارب بين (عرب أميركا) و(شاه أميركا)، بينما كان التوتر يسود علاقات بعض الأنظمة العربية الوطنية، في مصر والعراق، مع إيران. وفي عصر الثورة التي أطاحت بالشاه (الأميركي الارتباط)، بعد العام 1980، كان من المتوقع أن تحل علاقات الود والصداقة بين الأنظمة الوطنية العربية بشكل عام، والنظام الوطني في العراق بشكل خاص، وبين نظام الثورة الجديد، على قاعدة مواجهة الاستعمار والصهيونية، إلاَّ أن العكس هو الذي حصل. وهذا الأمر يدعو إلى التساؤل والاستغراب. وتحديد من يتحمل مسؤولية القطيعة.
لقد أعاد الإيديولوجيون، أصحاب الأغراض القصيرة النظر، الأسباب إلى ارتباط النظام الوطني في العراق بعجلة الامبريالية الأميركية!!. وهم لم يضعوا في حساباتهم حقيقة الأهداف الاستراتيجية للثورة الإسلامية بقيادة الخميني، والتي يلخصها المبدأ المعروف بـ(تصدير الثورة)، ولم يعرفوا أبعاده ومراميه الإيديولوجية، لأنهم انبهروا بشعار (الموت لأميركا) التي أطلقتها أجهزة الثورة. ومن أجل تغطية أهدافه الحقيقية في التوسع على حساب الأرض العربية والشعب العربي، كان لا بُدَّ من تغليف النظام الجديد بغطاء وطني معاد للاستعمار من جهة، وإلصاق الاتهامات الكاذبة بالنظام الوطني في العراق بتهمة (الولاء لأميركا) من جهة أخرى. وإنه بمثل هذا الغطاء يمكن تضليل وخداع الرأي العام العربي بحقيقة النوايا العدوانية الإيرانية ضد العراق والتدخل بشؤونه الداخلية لإثارة ما كانوا يحسبونه ثورة مشابهة لتجربة الثورة الإيرانية، وإقامة نظام ولاية الفقيه في العراق لاستكمال أهداف بناء حكومة عالمية مركزيتها إيران. كانت الاستراتيجية العدائية مُعدَّة سلفاً لتنفيذها فوراً بعد عودة الخميني إلى إيران لقيادة النظام الجديد. وهو الأمر الذي أدى إلى نشوب حرب مدتها ثمان سنوات، أحبط فيها العراق كل أهداف نظام ولاية الفقيه. إلاَّ أن هذا لم يلغ أهداف النظام الإيراني، فهي ظلت كامنة لإعادة إطلاقها من جديد عندما يحين الظرف المناسب. فسنحت الفرصة له من خلال إعداد الولايات المتحدة الأميركية للعدوان على العراق، فشارك بالإعداد له، كما شارك بفعالية بتنفيذه.
جاء احتلال أميركا للعراق، بالتعاون الوثيق مع نظام (الثورة) في إيران ليكشف كل الحقائق، ويسفَّه تلك الأسباب وأكد كذبها أمام العيون التي كانت عاجزة عن الرؤية الصحيحة، أو العيون التي لم تكن تريد أن ترى. فإذا بإيران، التي زعم نظامها الجديد (نظام الثورة الإسلامية) أنه من المعادين لأميركا، تستقل العجلة الأميركية لمساعدته في احتلال العراق([1])، والعمل على تخريبه وتفتيته. وهذا ما يثير العجب والاستغراب والتساؤل: هل أميركا تطيح بأصدقائها العراقيين، وتتعاون مع أعدائها الإيرانيين؟
إن هذا الواقع المستغرب دفع بنا إلى محاولة البحث عن تفسير موضوعي لما حصل، ولا يزال يحصل. فإذا كان التوتر هو القاعدة التي كان من المنطقي أن تسود بين من بقي من العرب مرتبطاً بالعجلة الأميركية وبين (نظام الثورة الجديد)، فقد حلَّ هذا التوتر بشراسة وغرابة قادت إلى حرب الثماني سنوات مع العراق الذي لم يهادن نظامه الوطني الاستعمار ولا الصهيونية في يوم من الأيام. فهو قد أمَّم النفط، ورفض مبدأ التسوية مع العدو الصهيوني وقاومها، وظلَّ يدعو ويعمل من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر. وهي المبادئ التي أعلنها صدام حسين، رئيس العراق الشرعي، وهو يقف أمام حبل المشنقة. ولأنه لم يتنازل عنها، باسم العراق وحزبه وكل القوميين العرب، حكم عليه الاحتلال الأميركي مع كل عملائه وشركائه بالموت شنقاً، وشارك بكل ذلك من أعلن (الموت لأميركا)!!
ومن بعد حرب السنوات الثمانية بين إيران والعراق، أخذ التأثير الإيراني يعم أكثر الأقطار العربية، وسادت حالة الخوف أرجاء الأقطار العربية، وساءت العلاقات العربية الإيرانية.
وإذا كان الإعلام الإيراني قد شوَّه الحقائق وانحرف بها عن مسارها الحقيقي، وأدى هذا التحريف والتضليل إلى خداع قطاع واسع من التقدميين العرب، فلأن في المشهد الخلفي الإيراني الذي تم تجاهله والتعتيم عليه تكمن الأسباب الحقيقية. فما هي تلك الأسباب؟
1- تشخيص الأسباب المرحلية في واقع العلاقات العربية الإيرانية:
من البديهي أن تتوتر العلاقات بين (عرب أميركا) والنظام الإيراني إذا كان يعادي أميركا بالفعل، لكنها ستكون إيجابية إذا كانت العلاقات بين أميركا وإيران إيجابية. وكان من الملاحظ أن عرب أميركا لم يشعروا بالخوف من إيران في المراحل الأولى لاحتلال العراق، لأن النظام الإيراني كان من المشاركين الفعليين في احتلاله (لولا إيران لما استطاعت أميركا أن تحتل بغداد). وعندما اختلت موازين توزيع المصالح بين أميركا وإيران في العراق مالت علاقاتهما للسوء، فتعالت صرخات خوف (عرب أميركا) من الخطر الإيراني. وسوف تبقى معالم الخوف ظاهرة حتى تتفق إيران وأميركا على توزيع تلك المصالح في العراق من جديد.
وهنا، لن نضع مقياساً تلك العلاقات في هذه المرحلة بين بعض أنظمة العرب الرسمية وبين إيران، لأنها عرضة لمتغيرات تفرضها طبيعة العلاقات الأميركية والإيرانية ليست الأنظمة العربية فيها أكثر من رجع صدى، يتخاصمون مع إيران إذا توترت علاقاتها مع أميركا، ويتصافحون معها إذا صفت أجواؤهما. والمؤسف في الأمر هو أن الثنائي الأميركي - الإيراني يتقاسمون العرب حصصاً بمصادرة قرارهم وسيادتهم على ثرواتهم وأرضهم، واعتبارهم ملاحق بالقرار الأميركي والإيراني.
أما المطلوب فهو أن نضع تصوراً لعلاقات استراتيجية بين العرب، كل العرب، والإيرانيين، يجلس فيها الطرفان على طاولة واحدة من دون أية وصاية من أحد. وعلى أن تستجيب لمصلحة الشعبين معاً، وليس على حسابيهما. مصلحة تكون مبنية على أسس الجوار الحسن والمصير المشترك في مواجهة الإمبريالية الأميركية الطامعة بالاستيلاء على الشعبين.
2- تشخيص الأسس الاستراتيجية لبناء علاقات عربية إيرانية سليمة:
إن القاعدة في العلاقات العربية الإيرانية أن تكون علاقات سليمة، والاستثناء أن تكون سلبية. لهذا نرى من واجبنا أن نقوم بتشخيص العوامل الأساسية التي تدفع بالعلاقات هذه إلى مستوى السلبية، على أن تكون مدخلاً لتصحيحها.
أ- فتش عن الأهداف الإيديولوجية:
ومن أجل الإسهام في الكشف عن الحقيقة، سيكون مدار بحثنا من زاوية تتلخص بما يلي: فتِّش عن الإيديولوجيا فتعرف السبب الحقيقي. وهي الإيديولوجيا وحدها التي تحدد مسار العلاقات ليس بين دولتين فحسب، بل بين حركتين سياسيتين أو حزبين فكريين أيضاً. فالعلاقات الحسنة لا يمكن أن تُبنى إلاَّ على تقارب في المفاهيم الإيديولوجية. وقد تكون الإيديولوجيا إما عاملاً من عوامل العلاقات السلبية، وإما عاملاً من عوامل العلاقات الإيجابية. وإنه بالقدر الذي تقترب فيه من التقوقع والفئوية والتعصب والعدوانية تشكل عامل احتراب وتصارع مع مثيلاتها من جهة ومع الإيديولوجيات الأخرى المنفتحة على آفاق إنسانية أرحب من جهة أخرى. وبالقدر الذي تقترب فيه من الأفق الإنساني الواسع فإنها تشكل جسراً للتقارب مع مثيلاتها من الإيديولوجيات الأخرى.
ولكي نستطيع الإحاطة بتقدير نوع العلاقات بين العرب وإيران في هذه المرحلة، لا بُدَّ من معرفة المفاهيم الإيديولوجية السائدة في الوسطين معاً، ونقسمها هنا إلى نوعين: مفاهيم إيديولوجيا المقدس الغيبي، ومفاهيم إيديولوجيا الوضعي الواقعي.
ولأن الإيديولوجيا الدينية تنتسب إلى المقدس الغيبي، لا بُدَّ من التساؤل:
- هل بين المقدسات الدينية عوامل تقارب؟ وكذلك بين المذاهب المنتسبة إلى دين واحد؟
- واستطراداً: ما هي عوامل التقارب بين المفاهيم الشيعية والسنية؟ وبالتحديد أكثر بين إيديولوجيا ولاية الفقيه كأنموذج إسلامي شيعي. وإيديولوجيا تنظيم القاعدة، كأنموذج إسلامي سني؟
ولأن الإيديولوجيا القومية تنتسب إلى الوضعي الواقعي، لا بُدَّ من التساؤل أيضاً:
- باستثناء النظريات القومية الشوفينية، التي أصبحت شبيهة بالميتة، هل في شتى النظريات القومية المعاصرة مقدسات أو ما يشابهها؟
- وهل في بنى التيارات القومية (ومن أهمها الناصرية والبعث) مقدساً إلهياً أو ما يشبه المقدس الإلهي؟
- وهل في الأنظمة العربية الوضعية مقدسات؟ واستطراداً هل بين الدول القطرية العربية عوامل للافتراق على قاعدة المقدس الإلهي؟
وفي محاولة للإجابة عن تلك التساؤلات، نرى أنه في الواقع المعيوش، وفي النظري السائد، يحكم الحركة الفكرية والسياسية العربية تياران: تيار المقدس الإلهي، وتيار الوضعي الواقعي.
أما التيار المقدس الإلهي المنتشرة دعواته في معظم أقطار الوطن العربي، فهو عبارة عن فروع لدعوات دينية تتخذ أرضية خارج الوطن العربي، وينقسم إلى كتلتين تفصل بينهما هوة سحيقة: تيار ولاية الفقيه الشيعية مركزيته في إيران، وتيار تنظيم القاعدة السنية مركزيته في أفغانستان. ولكل من الكتلتين أسس وقواعد إيديولوجيا ذات أهداف أممية قاعدتها الأساسية بناء دولة إسلامية عالمية، أو يُطلَق عليه أحياناً الحكومة الإسلامية. ولكل منهما امتدادات بشرية تشمل الوطن العربي وتمتد إلى بقية دول العالم.
وأما التيار الوضعي الواقعي فينقسم إلى كتلتين: الناصرية والبعث، اللتان على الرغم من علاقاتهما السياسية التاريخية السلبية، فيعملان في هذه المرحلة على بناء جدران من الثقة للتقارب والتوحد.
وهنا، وإذا كان علينا أن نقوم بمقاربة استشرافية لمستقبل العلاقات العربية الإيرانية، فلا نرى مناصاً من معرفة الأسس الإيديولوجية للنظام الحاكم في إيران من جانب، والأسس الإيديولوجية لكل من النظام العربي الرسمي والتيارات الحزبية الفكرية والسياسية العربية.
- الساحة العربية تتقاسمها جهتان: نظامية رسمية قطرية، وشعبية حزبية فكرية:
فالجهة النظامية الرسمية ليس بينها سوى نظام واحد يمثل دولة ثيوقراطية وهي المملكة العربية السعودية التي تطبق صيغة النظام المذهبي الوهابي، أما الأنظمة الأخرى فتطبق نظام الدولة الوطنية أي بمفاهيم التيار الوضعي الواقعي.
والجهة الشعبية الحزبية يتقاسم التأثير فيها تياران: تيار الأحزاب والحركات الإسلامية التي تعمل من أجل إعادة نظام الخلافة الإسلامية وإن على أسس فقهية متباينة. وتيار الأحزاب والحركات التي تتبنى إقامة النظام الوطني على قواعد وأسس وضعية واقعية.
- الساحة الإيرانية يحتكر فيها نظام الحكم تيار واحد، وهو تيار «ولاية الفقيه».
فالعرب ممثلون بأطياف سياسية وتيارات فكرية متباينة، من أهم خطوطها العريضة:
- تيار حزبي شعبي أكثري يعتنق إيديولوجيا المقدس الإلهي، الذي يتناقض تماماً مع المقدس الإلهي لإيديولوجيا ولاية الفقيه. بينما الأقلية من هذا التيار يتبنى إيديولوجيا تيار ولاية الفقيه. وبين الأكثرية والأقلية يسود فقه التكفير المتبادل، حتى وإن خففت بعض التيارات من هذه الحقيقة لأسباب سياسية مرحلية.
 وتيار حزبي وشعبي يعتنق إيديولوجيا النظام الوضعي، الوطني القطري أو القومي العربي، وهو بكل أجنحته يتناقض فكرياً مع تيار المقدس الإلهي بجناحيه.
- ليس هناك نظام عربي رسمي يجد في إيديولوجيا ولاية الفقيه ما يطمئنه. (كما لا يجد في تيار الأحزاب الدينية السياسية السنية أيضاً ما يطمئنه).
وعلى ضوء ذلك، نرى من المفيد أكثر أن نحدد مضامين المفاهيم الإيديولوجية لتياريْ المقدس الإلهي، عند دعاة ولاية الفقيه، ودعاة إحياء الخلافة الإسلامية من تيارات الإخوان المسلمين والذين سنتخذ من بينهم تيار القاعدة أنموذجاً، لأنه الأكثر بروزاً والأشد أصولية في هذه المرحلة، ولا يختلف في الجانب الإيديولوجي عن التيارات الأخرى من حيث التشدد
ب- تعريف المشروع الإيديولوجي لولاية الفقيه: يحدو هذا التيار النزعة الإمبراطورية في التوسع على حساب الشعوب الأخرى، لأنه يؤمن بإقامة حكومة إسلامية عالمية. على أن يحكم بفقه آل بيت الرسول حصراً، كواجب ديني يضفي عليه دعاته صفة المقدس الإلهي. وهذا ما أشارت إليه نظرية الخميني في أهم مصدرين منشورين منسوبين له، وهما: كتاب الحكومة الإسلامية والوصية السياسية الإلهية.
ومن خلال هذين المصدرين، سنعمل على استخلاص تعريف لهذا المصطلح:
- الحكومة الإسلامية، يجب أن يقودها الولي الفقيه المخوَّل من قبل الله:
الولي الفقيه نائب للإمام الغائب محمد المهدي المنتظر، فللفقيه الجامع للشرائط، الذي هو نائب للإمام، سلطة مُطلَقَة في أصول المعرفة الدينية، وله أيضاً السلطة المطلقة في المعرفة السياسية وتطبيق هذه المعرفة، فهو الذي يتولَّى «الزعامة الكبرى و الرئاسة العليا [وهو] المصدر للقيادة العليا الإسلامية… فالأمراء والقواد هم الممتثلون لأوامر الفقيه الشاغل لمنصب الزعامة، الواقع في قمة الحكم، والبقية مأمورون مؤتَمِرون [وهو] المخوَّل من قبل الله في إجراء الحدود»([2]).

- مهمات الحكومة الإسلامية عالمية:

وعن مهماتها كما جاء في الوصية السياسية الإلهية للإمام الخميني، ما يلي: «إقامة القسط والعدل في العالم وتفويض أولياء الله المعصومين (عليهم صلوات الأولين والآخرين) أمر الحكومة يسلمونها بدورهم لمن يرون فيه صلاح البشرية». وعلى الشيعة، بقيادة الولي الفقيه، أن يحذو حذو الأئمة الذين يقول الإمام الخميني في وصيته عنهم: «نحن فخورون أن أئمتنا المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) تحملوا ـ ومن أجل تطبيق القرآن الكريم بكل أبعاده بما في ذلك تشكيل الحكومة الإسلامية ـ السجن والنفي، حتى استشهدوا في النهاية وهم يعملون على إسقاط الحكومات الجائرة وطواغيت زمانهم».
إن مهمات الولي الفقيه أن يقود الثورة الإسلامية في العالم، على أن تكون إيران مركزاً لهذه الثورة وقائدة لها. وهذا ما يعبِّر عنه السيد حسن نصر الله قائلاً: إن «هناك مشكلة على مستوى البشرية ككل، منذ وُجِدَ الإنسان وحتى القيامة، هي مشكلة الابتعاد عن حكم الله، وبالتالى فإن السُنَّة الإلهية التاريخية تحكم بأن أي مجتمع يُقام على أساس غير أساس الإسلام، سيواجه نفس النتائج التي نواجهها في لبنان. هذه السُنَّة إلهية»([3]). والحل لن يكون على أيدي العلمانيين، لأن «العلمانيين كالإسرائيليين، والعلمانية تعني فصل الدين عن السياسة»([4]).
فما هو الحل؟ يتساءل السيد نصر الله، فيجيب: إن المطلوب هو«حركة تغيير شاملة في المنطقة، وحركة التغيير هذه ليست بعيدة، بل هي قائمة فعلاً؛ وإنما يُراد لها شمولية أكثر، كحركة التغيير التي بدأت من أرض إيران الإسلام»؛ لذلك، يتابع: على المسلمين «أن يكونوا جزءًا من حركة التغيير التي ستشمل المنطقة. هذه الحركة المنطلقة من إيران، والتي تمثِّل الجمهورية الإسلامية مركزيتها…[فيجب] أن نعمل لبناء أمة مجاهدة… يجب أن نبني جيل صاحب الزمان المهدي المنتظر(عج)»([5]).

ج- تعريف المشروع الإيديولوجي لتنظيم القاعدة:

اسم القاعدة هو اصطلاح فني كان بمحض الصدفة، وليس له أصول معرفية. لكن مشروع القاعدة الإيديولوجي يقوم على الأسس التي وضعتها حركة الإخوان المسلمين.
مع العلم أن الحركة ولَّدت عشرات التيارات، المتشددة منها والمعتدلة. فقد شهدت مرحلة السبعينيات من القرن الماضي حركة نشطة للتيارات الإخوانية، ومنها اتسعت رقعة نشاطاتها متجاوزة أقطار الوطن العربي، وامتدَّت تأثيراتها إلى خارجه، وكانت أوضح مظاهرها في أفغانستان كأداة أميركية في مواجهة الاحتلال السوفياتي، إلى أن قلبت ظهر المجن للأميركيين ومن بعدها انخرطت في مواجهات معهم حتى على أرض الولايات المتحدة نفسها.
وبالإجمال فقد تميز مشروعها الإيديولوجي بالأهداف التالية:
- أهداف التنظيم هي ذاتها الأهداف التي خطها سيد قطب، والتنظيم عبارة عن فصائل إسلامية منظمة هدفها رفع كلمة الله والانتصار لدينه.
- ومشروعه السياسي والأيديولوجي أممي يسعى إلى أسلمة العالم وقتال كل المخالفين، وصولاً إلىإقامة دولة دينية كهنوتية في أي بقعة يتمكن المجاهدون من الاستيلاء عليها. والسبب هو أن العالم الإسلامي عاد إلى فترة الجاهلية بسبب عدم تطبيق دوله للشريعة الإسلامية، كما يرى سيد قطب. ولاستعادة الإسلام، على المسلمين إقامة دولة إسلامية حقيقية، تطبق الشريعة الإسلامية، وتخلص العالم الإسلامي من أي تأثيرات لغير المسلمين، مثل مفاهيم الاشتراكية أو القومية.
- ووسيلة الوصول إلى الهدف هو الجهاد كفرض ضد نوعين من الأعداء:
- المرتدون عن الإسلام، يجب أن يُقتلوا شرعاً. وتشمل التهمة بالردة قادة الدول الإسلامية لأنهم فشلوا في تطبيق الشريعة.
- ومن أعداء الإسلام المستشرقون الغادرون، و«يهود العالم»، الذين يختطوا لمؤامرات ضده.
ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى أن التيارين الإيديولوجيين يتبادلان تهم التكفير. ولا يقر أحدهما شرعية الآخر الإسلامية.

د- إيديولوجيا الطرفين مشروع حرب دينية مستمرة:

وانطلاقاً من تشخيص هوية الطرفين العربي والإيراني الإيديولوجية، يدل بما لا يقبل الشك على أن عوامل التوتر والاحتراب بينهما تفوق كثيراً عوامل التلاقي، وهذا ما يجعلهما معاً يختزنان أسلحة الصراع، الذي قد ينفلت في أية لحظة يرى فيها أحدهما أنه حاز على عنصر التفوق على الآخر. نستنتج هذا لأننا نعرف أن المحرك الإيديولوجي، خاصة إذا كان يمتلك وقوداً مقدساً ينسب إليه الأوامر الإلهية، لا يمكن أن يتوقف عن الحركة كلما حانت له الفرصة المناسبة للتنفيذ.
هـ- نتائج المشاريع الإيديولوجية الدينية خادمة أمينة لمشروع الشرق الأوسط الجديد:
لكي نحدد مخاطر تلك المشاريع علينا أن نستعين بمعرفة أهداف مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يشكل البوصلة الاستراتيجية للإمبريالية الأميركية. إذ رُبِط تنفيذ هذا المشروع باستغلال وقائع ديموغرافية (الدين القومية والمذهبية). ولأن إعادة تصحيح الحدود الدولية يتطلب توافقالإرادات الشعوب التي قد تكون مستحيلة في الوقت الراهن, ولضيق الوقت لابد من سفك الدماء للوصول إلى هذه الغاية التي يجب أن تستغل من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها([6]).
فإذا كان المشروع الأميركي للشرق الأوسط الجديد يستهدف إعادة رسم الحدود الدولية على قواعد إيديولوجية دينية ومذهبية، الأمر الذي يوجب مواجهته من أجل إحباطه، وهذا ما لم تعلن عنه التيارات الدينية (سنية وشيعية) فحسب، بل إنها تشارك فيه وتعمل على تنفيذه في العراق أيضاً.
لقاء تلك المواقف، وإضافة إلى أن تلك التيارات شاركت في احتلال العراق، كما شاركت في العملية السياسية التي ركَّبها الاحتلال أداة لتنفيذ المشروع المذكور، يصبح من غير الجائز أن تمر المشاركة من دون الوقوف عندها لتفسير أبعادها وأهدافها.
من الثابت، الذي لا يمكن دحضه إلاَّ من مكابر متعصب، أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (تيار ولاية الفقيه)، والحزب الإسلامي العراقي (مدعوماً من حركة الإخوان المسلمين)، شاركوا في احتلال العراق، وأسهموا في العملية السياسية التي تعمل على تنفيذ مؤامرة تقسيم العراق إلى دوليات مذهبية وعرقية مستغلة الوقائع الديموغرافية (الدين القومية والمذهبية). وقد ساعدوا عن سابق تصور وتصميم في مسلسل سفك الدماء على أسس مذهبية بين السُنَّة والشيعة، وعلى أسس عرقية بين العرب والأكراد(*). وهنا يحضرنا التساؤل التالي:

إذا كانت الإمبريالية تتآمر على أمتنا بالعمل على تقسيمها، فما بال من يعمل على تقسيم أمته عن سابق إصرار وترصد؟
أما تحليلنا لمواقف التيارين السياسيين المذهبيين فيفسره المشروع الإيديولوجي السياسي الذي يتبناه كل منهما من زاوية رؤيته وفقهه، وإن أياً منهما يعمل لاستعادة الخلافة الإسلامية على طريقة فقهه المذهبي، ولأهدافه الخاصة، وبناء نظامه السياسي، ولكن على قاعدة مسلسل التكفير التاريخي الذي ساد التاريخ الإسلامي لقرون عديدة ولا يزال. وبناء عليه نرى عصر الدوليات المذهبية يستأنف سيرته الأولى مدعوماً من الإدارة الأميركية، الداعية الرئيسة والداعمة لمشروع الشرق الأوسط الجديد. وهل تفسير التحالف الذي جرى باحتلال العراق ببعيد عن توافق الإيديولوجيات المذهبية مع المشروع المذكور؟
إن ما جرى، ولا يزال يجري في العراق، هو الأنموذج الذي إذا نجح، فسيكون الخطوة الأولى لاستكمال الحلقات التي تليه والتي نص عليها المشروع، ومن أهمها:
- دولة للشيعة جنوب العراق، شرق السعودية، غرب إيران.

- دولة إسلامية مقدسة الحجاز.

- دولة للأكراد شمال العراق، جنوب تركيا، أجزاء من إيران وسورية.
- دولة سنية وسط العراق وأجزاء من سورية.
- دولة وسط السعودية.
-الأردن الكبير: الأردن الحالي مع شمال شرق السعودية وجزء من الضفة الغربية وستكون موطن فلسطينيي الشتات.
- اليمن ستتوسع لتأخذ جنوب السعودية.
-....
II- احتمالات استراتيجة للعلاقات العربية الإيرانية:
ولهذا سنقوم بصوغ احتمالات طبيعة العلاقات العربية الإيرانية في احتمال وجود أحد المشهدين:
الأول: في حال وجود المحرك الإيديولوجي الإلهي المقدس استراتيجية للتغيير على مستوى العالم، أي استراتيجية التوسع خارج حدود الدولة الوطنية.
الثاني: في غياب هذا المحرك، أي اعتبار المحرك الإيديولوجي خالٍ من استراتيجية التوسع إلى خارج حدود الدولة الوطنية المعترف بها دولياً.

أولاً: طبيعة العلاقات في حالة استمرار التناقض الإيديولوجي:
- مع النظام الثيوقراطي في المملكة العربية السعودية: على الرغم من أن النظام السعودي ثبَّت أهدافه في المحافظة على النظام «الثيوقراطي العائلي» من دون تفريط بجزء من أرضه القطرية، ومن دون وجود أطماع بتوسيعها، وهذا لا يشكل أي تهديد لإيران، إلاَّ أن ما يجده هذا النظام من أخطار تشكله إيران يتمثل بخطرين أساسيين: خطر التناقض الحاد، الذي يصل إلى حدود التكفير الديني. وخطر التوسع الإيراني على حساب كتلة بشرية من السعوديين تدين بالولاء لإيران لأسباب إيديولوجية مذهبية.



- مع معظم الأنظمة العربية الرسمية: ليس هناك بين الأنظمة العربية الرسمية الحاكمة، حتى النظام الوطني الذي أسقطه الاحتلال الأميركي في العراق، من لديه استراتيجية التوسع خارج حدوده الوطنية. وهذا يؤكد أنه ليس هناك واحد من هذه الأنظمة من يهدد الأمن الوطني الإيراني. وبالعكس من ذلك فإن المشروع الإيديولوجي الإيراني هو الذي يشكل هذا التهديد نظرياً أولاً، وفي التطبيق ثانياً، لأن التوسع الإيراني خارج حدود الدولة الإيرانية فيه أمر إلهي واضح كما تنص القواعد الإيديولوجية لنظرية ولاية الفقيه. ولأنه من حيث الواقع العملي ليس هناك ظلماً ولا تجنٍ على نظام ولاية الفقيه عندما يُنسب إليه التوسع في لبنان، حتى ولو من بوابة دعم المقاومة الإسلامية. وفي العراق تظهر النوايا الإيرانية واضحة في اقتطاع فيدرالية شيعية، وكذلك الأمر في البحرين وشرقي المملكة العربية السعودية، واليمن، و....



- مع الأحزاب والحركات الدينية السياسية: من خلال تعريفنا لتياريْ الأصولية الإسلامية، ولاية الفقيه وتنظيم القاعدة، لا نجد ما يجمعهما على الإطلاق، فأحدهما يكفِّر الآخر ويعمل على اجتثاثه بناء للقواعد الفقهية التي تستند إليها أحكام الردة في الإسلام القائلة: «من ارتد منكم عن دينه فاقتلوه». لكن من جهة أخرى نشهد تحالفات غير منطقية بين تيار ولاية الفقيه وبعض تيارات الإخوان المسلمين في كل من العراق وفلسطين، وفيها ما يشد الأنظار ويثير علامات التعجب. وإذا ما عرفنا أن إيديولوجيا كل من التيارين تعتبر الأنظمة العلمانية أنظمة كفر يجب إسقاطها، وهذه المهمة قد جمعت بين التيارين مرحلياً، فتساعدا وتشاركا في سبيل إنجاز هذه المهمة. ونجد لهذا التحالف أسساً وأصولاً ميدانية في كل من العراق وفلسطين.
أما في فلسطين فتأثيره يدخل من بوابة زواج المتناقضات المرحلي مع تنظيم حماس والجهاد الإسلامي، وهذا شبيه بـ«زواج المتناقضات» في العراق بين الجماعات العراقية الموالية لإيران، والجماعات التي تدين بفقه الإخوان المسلمين، وقد تحالفا تحت سقف الاحتلال الأميركي في أغرب زواج عرفه التاريخ.
ولهذا نرى أن خط التناقض الإيديولوجي هو تناقض استراتيجي تبدأ تفاعلاته بعد إنجاز المهمة المرحلية في إسقاط الأنظمة العلمانية، وهي الأنظمة الوطنية المعترف بها دولياً. أما الاستثناء المرحلي فهو على شكل التحالفات الشاذة التي نقرأ فصولها في فلسطين والعراق.



- مع الأحزاب والحركات الوضعية العربية: ونحصرها بتيارين: قومي (أساسه البعث والناصرية وبعض الحركات الماركسية التي غلَّبت الفكرة القومية)، وأممي (التيارات الماركسية التي لا تزال تعيش حلم الدولة الشيوعية الأممية). وهذه التيارات تعيش حالة تناقض حادة مع الدولة الدينية المنوي إقامتها على قاعدة «المقدس الإلهي». وحالة التناقض هذه لا تزال القاعدة الأساس التي تحكم طبيعة العلاقات العربية الشعبية مع إيران ولاية الفقيه، نقول هذا على الرغم من انتشار حالات التوفيق بين القومية والدين التي تروِّج لها بعض أحزاب هذا التيار، لكن محاولة التوفيق تأتي من جانب واحد.

أما إذا شهدنا بعض حالات التحالف مع الحالة الإيرانية فهي لن تكون أكثر من محطات مرحلية ربما اقتضتها الحركة التكتيكية التي تقودها إيران بتقديم الدعم والعون لحركتي المقاومة في لبنان وفلسطين.



ثانياً: طبيعة العلاقات في حال حصول متغيرات على الصعيد الإيديولوجي:
إذا كنا نصنِّف مشاريع «المقدس الإلهي» في دائرة النزعات الأصولية الإمبراطورية، فإنها، وفي حال إصرارها على الاستمرار على نهجها، فهذا يعني أن حدود كل دولة مهددة بالاختراق من قبل أية جماعة أصولية تنزع نحو بناء دولة ثيوقراطية على أي بقعة تستطيع اختراقها. وتأتي في مقدمة تلك المخاطر النزعة الإمبراطورية لإيديولوجيا ولاية الفقيه التي يُعتبر النظام الإيراني القائم مرجعيتها العالمية. وهذا التهديد يبدو أكثر حدة في جوار إيران العربي بدءاً من الدول الأقرب فالأبعد.
نحن لا نقف في وجه حقوق الإيرانيين باختيار النظام السياسي الذي يريدونه، حتى ولو كان اختيارهم لنظام ولاية الفقيه، فهذا حق من حقوقهم، التي يعترف بها العرب، أنظمة رسمية وحركات وأحزاب وضعية، إلاَّ أن هذا الأمر لن يدع أحد يرتاح إلاَّ إذا نُزع من هذا المشروع أهدافه التوسعية بمحركاته الإيديولوجية المذهبية، والالتزام بأسس العلاقات الدولية المنصوص عنها، والموقع عليها، ومن أهمها حق الدولة بحماية حدودها الدولية وثرواتها وحرية اختيار نظامها السياسي([7])، كمبدأ من المبادئ القومية، هو من المبادئ التي تجعل من إيديولوجيا شعب تعترف بحق شعب آخر في حماية دولته المعترف بها دولياً. وإذا ما تبادل الشعبان احترام الواحد منهما حق الآخر بتقرير مصيره تزول عوامل التنافر وتتناقص بينهما لتحل مكانها عوامل التلاقي.

III- خاتمة البحث

يربط العرب بالإيرانيين تاريخ من الصراع تعود أسبابه إلى عوامل الصراع التاريخي في قيادة المنطقة الجغرافية التي تربط الغرب مع العمق الآسيوي. ولأن متغيرات جذرية حصلت في العالم حول تحديد مفهوم الدولة الحديثة القائمة على فكرة المواطنة، أي الانتماء إلى وطن له حدود جغرافية معترف بها، كيف ننظر إلى تلك العلاقات من منظار التحولات الكبرى التي عرفتها البشرية بين الحدين الفاصلين بالانتقال من العصر الإمبراطوري إلى العصر القومي:
لقد خرج العرب من أقصى العصر الإمبراطوري التوسعي إلى العصر القطري أي إلى العصر الأضيق من العصر القومي، ومن أقصى أهدافهم المستقبلية بناء عصرهم القومي على أن يكون خالياً من نزعة التوسع الجغرافي على حساب أية دولة قومية أخرى التزاماً بمفهوم الدولة الحديثة. أي بوضوح تام إن العرب التزموا مواثيق الأمم المتحدة باحترام الحدود الجغرافية للدول الأخرى، واحترام سيادتها القومية بقرارها السياسي المستقل وإدارة ثرواتها الوطنية. فاتجاهاتهم الإيديولوجية لن تعود إلى العصر الإمبراطوري بل ترفضه، ولكنها لن تتقوقع داخل الخطوط الجغرافية القطرية لاتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية. وهذا شأن قومي عربي داخلي يتم العمل من أجله من ضمن أطر التبشير الفكري والنضال السياسي.

أما الإيرانيون فخرجوا بقوة الفتح العربي من أمجادهم الإمبراطورية التي يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام، فاصطدموا بإيديولوجيا النزعة العربية في العصر الأموي، وحاولوا تجديدها من داخل الإيديولوجيا الإسلامية في العصر العباسي وتم إقصاؤهم عنها. وعاودوا بناء الحلم في العصر الصفوي عن طريق الإيديولوجيا الإسلامية الشيعية فاصطدموا بالإسلامية السنية السياسية العثمانية، وانكفأوا. إلاَّ أن حلمهم، بعد أربعماية عام تقريباً (من انتهاء الدولة الصفوية التي تأسست في العام 1501 إلى العام 

1980 بعد انتصار إيديولوجيا ولاية الفقيه)، عاد إ إلى الظهور. وهم بولاية الفقيه جددوا للنزعة الإمبراطورية بثوب إيديولوجي مذهبي.
لتلك الأسباب، نرى أنه لا يمكن تحديد أسس سليمة للعلاقات العربية – الإيرانية من دون تحديد مفاهيم الأسس الإيديولوجية التي يعتنقها الطرفان. وعن ذلك نرى لزاماً علينا أن نبحث بعمق، وبحيادية، أية إيديولوجيا نختار لبناء الدولة بمفاهيمها الحديثة والمعاصرة. ونختار المفهوم الذي يعترف بسيادة الدولة القومية، وننتزع منه كل العوامل التي تُظهِر أو تُبطن أهداف توسع أية دولة على حساب الأخرى.
إن تناقض الإيديولوجيا الدينية التي يؤمن بها نظام ولاية الفقيه في إيران، مع الإيديولوجيا القومية أو القطرية التي تؤمن بها معظم التيارات العربية ذات التأثير، باستثناء التيارات الدينية السياسية المنبثقة عن حركة الإخوان المسلمين، يجعل من احتمالات بناء علاقات سليمة بين العرب والإيرانيين أمراً بعيداً.
ولأنه، في هذه المرحلة، بين إيديولوجيا التوسع على حساب الآخر، كما تؤمن ولاية الفقيه، وإيديولوجيا احترام الحق بتقرير المصير، كما تؤمن الإيديولوجيا القومية، مسافة من التناقض فستبقى عوامل التنافر أقوى من عوامل التلاقي سائدة، وبالتالي ستكون العلاقات العربية الإيرانية على حدود الاحتراب والتوتر.
في 23/1/2010
([1]) أعلن محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشئون القانونية والبرلمانية في محاضرة ألقاها في ختام أعمال مؤتمر "الخليج وتحديات المستقبل" الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية سنوياً، كان قد أعلن في ختام أعمال مؤتمر عقد بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء في 13-1-2004، قائلاً: إن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق، كما أكد أنه " لو لا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة".
([2]) الخميني: الحكومة الإسلامية (ولاية الفقيه) :دار القدس: بيروت: د. ت: د. ن: ص 51.
([3]) نصر الله، حسن: في محاضرة له نشرتها مجلة العـهد (العدد55): بيروت: 1405هـ=1985م: ص10.
([4]) م. ن : ص 11.
([5]) م. ن : ص 11.
([6]) رالف بيترز: (حدود الدم: نحو نظرة أفضل للشرق الأوسط): عرض وتعليق: طلعت رميح: راجع موقع المسلم على الأنترنت.

(*) إن التفجيرات التي كانت موجَّهة ضد المساجد والتجمعات الشعبية، والجثث المجهولة الهوية، التي اتهمت بها المقاومة العراقية، كانت من أهم مظاهر وسيلة سفك الدماء التي استغلتها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها لفرض تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

([7]) أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 838(د-19) بتاريخ 14ديسمبر 1954م طلبت فيه لجنة حقوق الإنسان إتمام توصياتها الخاصة بالاحترام الدولي لحق الشعوب والأمم في تقرير مصيرها بما فيها التوصيات الخاصة بسيادتها الدائمة على ثرواتها ومواردها الطبيعية.

27 ديسمبر 2012

يد الله الباطشة .. جبهة إنقاذ مصر الحقيقية - سيد أمين


الحمد لله ظهر وجه شعب مصر الحقيقى فى اللحظة الحاسمة حينما كانت مصرتقلب وجهها الى السماء بحثا عن مخرج وضعتها فيه نخبة من بنيها  لم يراعوا فيها دينا ولا ذمة, هذا حقيقة ما عاشته مصر طوال عدة اشهر مضت.
وكانت "جبهة إنقاذ مصر" الحقيقية ويد الله الباطشة فوق ايديهم هم هؤلاء الكادحين الذين انخرطوا فى ميادين العمل , الصانع فى مصنعه, والزارع فى مزرعته , والتاجر في سوقه أو متجره , والذين ما ان استدعتهم مصر ليقولوا كلمتهم حتى أسرعوا فحسموا الجدل وأنقذوها من خراب بين ودمار كاسح وسط حالة لا متناهية من اللغط والشك المتبادل والممنهج .
أراحت يد الله الباطشة الصدور بعدما نزعت فتيل قنبلة ألقاها ساسة النخب فى وجه التاريخ والحاضر والمستقبل كانت توشك ان تنفجر.
ويخطئ من يعتقد أن الريفيين هم عبارة عن اناس بسطاء لا شأن لهم بالسياسة ومسالكها وطرق فهمها أو ان الريفي كما صوره فيلم "العتبة الخضرا" عبارة عن إنسان بسيط موجه بهرته أضواء المدينة واعتقد ان كل صندوق احمر هو صندوق بريد , هذا هراء كبير , فالريفيون – ونحن منهم – لم تلوثهم بعد أضواء المدينة والمنهج النفعي الذى يسيطر علي بعض أهلها دون اكتراث بتراث وتاريخ وإحقاق حق وإبطال باطل وشهامة ونجدة وإغاثة ملهوف او مظلوم , كان بعضهم أكثر عمقا وبداهة فى فهم العمل السياسي من أساتذة الجامعات المتخصصين.
من بينهم وجد ما يطلق عليهم علماء الاجتماع "قادة الرأى", بسطاء يفصلون بين الخير والشر والحق والباطل بكلمة واحدة ناجزة بوعى اكتسبوه ليس من مدارس ولا جامعات فحسب ولكن من تراث متوارث من الجدود للآباء للأبناء للأحفاد, ومن فطرة سليمة واتساع أفق لم تشوشه حسابات خاصة او إعلام يسكب في العقول الخطايا سكبا ويحمل المواقف فوق ما تحتمل بحسب رغبة صاحب هذه الفضائية او تلك , بعضهم يحملون شهادات جامعية ولكنهم يعتبرونها مجرد أوراق قدر لها ان تحبس فى الإدراج من ضآلة علمها , وقلة قيمتها.
هؤلاء هم من قاوموا إعلام رجال أعمال مبارك ونخبته ومعارضته الوهمية , وفعلوا كما يفعل الجراح الماهر الذى يحدد السرطان بدقة متناهية ويقوم باستئصاله قبل ان يتفشى فى الجسد كله فيدمره , وراحوا يصوتون على الدستور ليعلنوا للعالم كله انه لا وصاية لأحد علي عقولهم.
ومن شدة وقع الصدمة , راح بعض النخبويين فى محاولة منهم لحفظ ماء الوجه جراء الكلمة التى أدلي بها الشعب الذى نصبوا من أنفسهم متحدثين باسمه , راحوا يهرتلون ويتنابذون , وتمادوا في غيهم وتعاليهم فقللوا من شأن أبناء الريف لاسيما فى الصعيد ووصفوهم تارة بقلة الوعى وتارة اخري بان قرارهم جاء نتيجة الفقر والحاجة والعوز .. وهى اتهامات لا أساس لها من الصحة .
وأقول أن منطقاتهم – اى لمن نصبوا أنفسهم كنخبة للمجتمع - تخالف المنطق والواقع فى عدة أمور:

أولها : انه اذا كان حقا أن أبناء الحضر المثقفين صوتوا برفض الدستور بينما أبناء الريف الجهلاء صوتوا بقبوله , فلنسألهم لماذا اذن صوت أبناء الإسكندرية والإسماعيلية وبورسعيد والسويس والبحر الأحمر بقبول الدستور رغم ان هذه المناطق مناطق حضرية وتقريبا لا يوجد فيها ريف؟

ثانيها : المحافظات التى صوتت بنعم فى كل ارجاء الجمهورية كان لها مدن كما كان لها ريف ايضا .. فلماذا صوت اهل مدن تلك المحافظات لصالح الدستور ؟ ام انتم فقط تنظرون الى ان المدن هى القاهرة والغربية والمنوفية وما عداها فمجرد ارياف؟ بل ا ن اهل منطقة الجيزة فى القاهرة الكبري – واغلب هؤلاء النخب ينتمون اليها – صوتوا لصالح الدستور ؟ أم ان هناك مناطق ريفية واخري مدنية كتلك التى تقطنوها فى المدينة ؟

ثالثها :ان أبناء الأقصر وجنوب سيناء والبحر الأحمر صوت للدستور مع ان هذه المناطق تعتمد بشكل أساسي علي السياحة ويتحدث أبناؤها عدة لغات أوربية اكتسبوها من خلال تعاملهم مع السائحين الغربيين؟

رابعها : أن ما ادعوه من عمليات تزوير فى الاستفتاء كانت مبنية على مجرد أقوال مرسلة , وما كان موثقا منها فهو لا يصيب مصطلح "تزوير" فى العمق ولكنه يأتي فى إطار عمليات توجيه للناخبين , وهو المسلك الذى اتبعه معارضو الدستور أيضا , كما ان هناك دلائل تؤكد وجود مخطط نفذه الرافضون للدستور – الا انه فشل – يقضى بقطع التيار الكهربائي عن عدة لجان فى وقت واحد من ثم يقومون بعدها بالدعاية بأنه أثناء هذا الانقطاع حدثت عمليات تزوير لصالح تمرير الدستور إلا أن هذا الشق من المخطط أفشلته المولدات الكهربائية التى كانت جاهزة لهذا الطارئ, اما الشق الثاني من المخطط فكان يقتضى قيام بعض المصوتين بسرقة أوراق الاقتراع بدلا من وضعها فى الصناديق المعدة لها من ثم يقومون بعرضها على وسائل الإعلام للتدليل على حدوث عمليات تزوير كما ان نقص عدد الأوراق عن عدد المصوتين فى اى لجنة قد يقضى بإلغائها والشق الثالث والأخير فيقوم على شراء بعض الذمم من حرس اللجان والمصوتين للشهادة بانهم شاهدوا عمليات تزوير.

خامسها : ان منطق تقسيم المعرفة بحسب البيئة الجغرافية هو منطق خاطئ وعنصري , فقد يكون أهل الصعيد عموما اقل فى الحالة الاقتصادية عن وجه بحري لحد ما , ولكن ذلك لا يعنى ابدا أنهم جهلاء , والتاريخ يشهد ان محمد "صلى الله عليه وسلم " صنع من العرب الحفاة العراة أعظم أمه أخرجت للناس , وانتم تعلمون ان مروض الخيول صار زعيما للاتحاد السوفيتى العظيم , وماو تسي تونج كان ابنا لفلاح صينى , وسقراط لم يحصل على تعليم يذكر , ومحمود عباس العقاد لم يحصل على الابتدائية .

فى الحقيقة , أن تعارض فهذا أمر ديمقراطى ومحمود ولا شك انه من حقك ان تعترض علي ما تراه يضر بوطنك , ولكن معارضة اليوم تعرض امن الوطن للخطر وتجازف به فى لعبة قمار, وذلك لأن استقرار الوطن فى هذه الأثناء مع عوار فى الديمقراطية أفضل من ان نجد ديمقراطية ولا نجد لها وطن - هذا ان كان الأمر متعلق حقا بقضية الدفاع عن الديمقراطية - وأصول المنطق تقول ان يجب عليك ان تدخر النضال للقضايا الجوهرية , ولا تستنزفه في معركة خالية من اى قيمة تذكر , مع التذكير بان السياسي الحقيقى هو من يتعامل دائما مع فن الممكن وانها كما يعرفها الماركسيون حديث مكثف فى الاقتصاد , وعلي المرء ان يقتنص الفرص ويعمل بكد من اجل تنمية مكاسبه منها .
ALBAAS10@gmail.com

العام الجديد سيشهد ظاهرة فلكية نادرة جدا ..هذا موعدها





قالت مصادر متخصصة في علم الفلك ان عام سيشهد 2013 ستة ظواهر فلكية، منها خسوف للقمر وكسوفات للشمس وظهور مذنب لامع يرى بالعين المجردة،
ومرور كويكب بالقرب من الأرض ثم اقتران كوكب الزهرة مع المشتري .
وعن هذا الموضوع، صرح مدير مركز الفلك الدولي: “إن العام الجديد يستعد لاستقبال ظاهرة فلكية نادرة جداَ وهي ظهور مذنب لامع جداً لدرجة أنه قد يرى بالعين المجردة بوضوح حتى من داخل المدن الملوثة ضوئياً، وأطلق عليه اسم “بان ستارز” نسبة إلى اسم منظومة التلسكوب التي تم اكتشافه بها والموجودة في هاواي في الولايات المتحدة الأمريكية”.
واضاف:”إن المذنب الذي لم يكن بالإمكان رؤيته إلا بواسطة التلسكوبات الفلكية العملاقة، أصبح مع مرور الوقت وإثر اقترابه من الأرض والشمس أكثر لمعاناَ وصار يرى باستخدام تلسكوبات الهواة المتوسطة”.
ومن المتوقع أن يصبح مرئياَ للمناظير الصغيرة في شهر يناير المقبل، في حين أن رؤيته ستصبح ممكنة بالعين المجردة ابتداءَ من شهر شباط، أما العرض الحقيقي فسيكون في الأسبوع الأول من شهر آذار، حيث يصير المذنب لامعاَ جداَ.
وأضاف أنه بالرغم من صعوبة التنبؤ الآن بدرجة لمعانه في ذلك الوقت، إلا أن آخر الحسابات تشير إلى أنه سيكون لامعاَ جداَ لدرجة أنه سيرى بالعين المجردة حتى في وضح النهار، وإن صدقت هذه التوقعات فإن هذا المذنب سيكون ألمع مذنب عرفته الأرض في القرن الحادي والعشرين.

التكامل بين فعل المقاومة العراقية والحراك الشعبي العراقي

التكامل بين فعل المقاومة العراقية والحراك الشعبي العراقي
سيُسقط الديكتاتورية الملوَّثة بالخيانة الوطنية والفساد والجريمة المنظمة


شبكة البصرة
حسن خليل غريب

التعتيم على نشاط المقاومة لن يحجب رؤية تأثيرها
إن أنسى، فلن أنسى تلك اللحظة التي دخل فيها الغزاة الأميركيون إلى بغداد. حينذاك أضمروا بقصفها بقنابل النيوترون بعد تقسيمها إلى مربعات، وهي القنبلة التي استخدموها بمعركة مطار صدام الدولي بعد أن ألحقت بهم المقاومة خسائر فادحة. ولحسم المعركة خشية من أن تتحول العاصمة العراقية إلى وكر يستنزف قدرات الجيش الأميركي، حسب وكالات الأنباء الروسية حينذاك، أعدَّ جيش الاحتلال الأميركي لتطبيق (الخيار صفر)، أي سياسة الإفناء بقنابل النيوترون لبغداد كلها بمن فيها من بشر.

وإن أنسى، فلن أنسى حالة الإحباط التي أصابت كثيرين بعد أن رأوا جيش هولاكو العصر يلوِّث شوارع بغداد النظيفة الطاهرة. حينذاك حسب الكثيرون أن العراق لن يتخلص من دنس المعتدين إلى الأبد. أما في المقابل فكان البعض الآخر يراقب المعركة بمنظار استراتيجي لإدراكهم أن المواجهة مع العدوان لم تنته بل ابتدأت. فكانت البداية على طريقة استخدام البدائل في المواجهة، وليست تلك البداية إلاَّ ما خططت له قيادة الحزب والثورة في العراق، وذلك بتطبيق استراتيجية الكفاح الشعبي المسلَّح. وكانت لحظة الإعلان عن البدء بصفحة المقاومة الشعبية مما لا يُنسى، ولهذا لن أنسى تلك اللحظة. لن أنساها لأنها أعادت الثقة للنفوس التي اضطربت فأصابها الإحباط.

وإن أنسى فلن أنسى تلك اللحظة التي تساءل بها البعض قائلين: ضمن التعتيم الإعلامي على أداء المقاومة، وفي ظل انعدام وسائل الإعلام الموالية لها، وفي ضوء ضعف الإمكانيات، كيف سيكون العمل؟ وما هو الحل؟ فكانت المراهنة على أن مدى تأثير حرب التحرير الشعبية على قوات الاحتلال سيفرض نفسه على الإعلام، وسيكون الإعلام الآخر مرغماً على خدمة المقاومة من حيث لا تدري. ولذلك عمَّت أخبار المقاومة الآفاق، وأنهكت أفعالها أكبر تجمع دولي في العدوان على العراق واحتلاله، وظلَّت سواعد المقاتلين تلاحق القوات المعتدية المشاركة للاحتلال الأميركي، فكانت تهرب الواحدة منها تلو الأخرى، حتى أعلن رئيس الولايات المتحدة الأميركية بنفسه انسحاباً أميركياً مُذلاًّ من العراق زعم أنه انسحاب مُشرِّف.

لم يصدِّق من كان يتابع ظواهر الوقائع فقط على قلَّتها أن المقاومة العراقية هي التي ألحقت الهزيمة بكل الدول التي عُرفت في تلك المرحلة بـ(قوات الائتلاف)، وفي المقدمة منها القوات البريطانية والأميركية. وأما السبب فكان عائداً إلى ضعف الإعلام المؤيد للمقاومة، وقوة الإعلام المعادي لها.

تلك اللحظات التي ذكرت أنني لن أنساها، والتي ضلَّلت البعض وحالت دون استشرافهم للنتائج الباهرة التي أنجزنها المقاومة العراقية. وطغت عليهم وسائل التضليل لأنهم لم ينظروا إلى الوقائع نظرة استشراف استراتيجي، بينما المنظار الاستراتيجي يعتمد على تحليل عوامل النجاح الثوري للمقاومة العراقية، تلك العوامل مكونة من المنهج السياسي الاستراتيجي أولاً، والقوة البشرية التي تحمل هذا المنهج ثانياً، وتعمل على ترجمته إلى واقع تنفيذي ثالثاً. أي باختصار، فقد تلازمت الاستراتيجية النظرية للمقاومة وتكاملت مع القوة المنظَّمَة التي تعمل على تطبيقها. لذا كان اللقاء بين البعث واستراتيجيته في تحرير العراق لقاءً على مستوى عالٍ من الوعي والأداء.

وإذا ما أدركنا أن المقاومة العراقية ما تزال مستمرة في نضالها، وذلك على الرغم من أن التعتيم الإعلامي على إنجازاتها لا يزال مستمراً بعد الهزيمة الكبرى للقوات الأميركية كما كان قبل تلك الهزيمة. وهذا ما يدفعنا للمساهمة في سد النقص في الإعلام المؤيد، على الرغم من ضعف الإمكانيات. وللكشف عما تعتِّم به أجهزة الإعلام المعادية عن نشاط المقاومة الحالي، وكي نقدِّم صورة أقرب ما تكون من الموضوعية عن واقعها الآن، فيجب أن نضع المعادلة العلمية التي تربط بين البعث واستراتيجيته في الحسبان، وهذا الربط لا يزال يشكل المعيار الموضوعي الذي نقيس به نتائج حركتها الراهنة في معركة المواجهة التي تدور اليوم بينها وبين فلول الاحتلال الأم.

لقد كان الهدف من الكتابة عن هذا الجانب رداً على ما يتم التساؤل عنه الآن ومفاده: بعد إعلان الانسحاب الأميركي من العراق، أي بمعنى تقليص الوجود العسكري الأميركي المباشر، وبعد تلزيم النظام الإيراني ملف العراق لتستبيحه وتعمل على تفكيك ما تستطيع من نسيجه الاجتماعي والوطني، لا نسمع عن أي فعل للمقاومة. فما هو السبب؟

وإسهاماً في توضيح ما يتم التساؤل عنه، لا بدَّ من عودة للمقارنة بين التساؤل الذي رفعه الرافضون للاحتلال في بداية العدوان وبعد إتمام فصوله العسكرية، وبين التساؤل الراهن. ولذلك نقول بداية: إن النظر بمنظار خبري إلى واقع العراق الآن، كما إلى واقع المقاومة العراقية، سيؤدي إلى غموض وعجز عن رؤية مستقبل المواجهة التي ما تزال المقاومة تقودها ضد ما تبقى من قوات أميركية أولاً، وضد الاحتلال الإيراني البديل ثانياً، وضد أدواتهما في الحكم ثالثاً. فمن ينتظر الخبر ليطمئن قلبه فإن الخبر لن يأتيه، وأما السبب فيعود إلى منهج التعتيم الإعلامي المنظَّم ضد حركة المقاومة ونضالاتها في هذه المرحلة. ولهذا يجب النظر إلى ما يدور الآن من منظار استراتيجي يستند إلى أن المقاومة ما تزال تستكمل ما نصَّ عليه منهجها السياسي الاستراتيجي أولاً، وعليه أن لا يغفل ثانياً أن القيادة التي أنجزت أهم أهداف ذلك المنهج ما تزال هي نفسها التي تقود هذه المرحلة وتديرها. فمن أنجز ما هو أمرُّ وأقسى، فلن تعوزه المقدرة والحكمة من متابعة إنجاز ما تبقى من مراحل تحرير العراق بشكل ناجز وتام. وحول ذلك فالرؤية بمنظار استراتيجي سيكشف ما هو غير مرئي في المشهد، وبالتالي سيساعد على وضع التحليل السليم في الموقع السليم.

وليس أكثر دلالة على ذلك أن ما كان مخفياً في مرحلة الاحتلال الأولى، لم يشكل حينذاك عائقاً أمام من كان يحلل الوضع بأفق استراتيجي، ولم يمنعه من رؤية نتائج المستقبل في أن المقاومة ستؤدي إلى إلحاق الهزيمة بالاحتلال على الرغم من كثرة من شاركوا فيه ودعموه. وكان التحليل الاستراتيجي السليم يستشرف تلك النتائج بغض النظر عن تحديد توقيتات محددة، لأن النظر إلى نتائج المستقبل ضمن تحديدات زمنية لهو ضرب من التنجيم.

استناداً إلى العوامل المعرفية أعلاه، نرى في المشهد الراهن، الذي نتابع فيه أعمال المقاومة العراقية في هذه المرحلة، أن هناك أعمالاً منظورة، وأعمالاً غير منظورة. وحتى الأعمال المنظورة يتم التعتيم عليها من وسائل الإعلام المعادي، وأما السبب في التعتيم فلأنه بالمقدار الذي تنكشف حقيقة تأثير المقاومة أمام أنظار الأكثرية الساحقة من العراقيين، فإنها ستزوِّد تلك الأكثرية بشحنات معنوية كافية لدفعها إلى المشاركة في تقويض ما بقي من آثار للاحتلال. وأما تلك الآثار فهي ثلاثة بقايا تبدأ بمن تبقى من وجود للاحتلال العسكري الأميركي أولاً، وعمليته السياسية ثانياً، وعوامل التأثير الإيراني ثالثاً.

ومن أجل توضيح دور المقاومة العراقية في هذه المرحلة نرى العودة للتذكير باستراتيجيتها المعلنة منذ التاسع من أيلول من العام 2003، وبما جاء في بيان قيادة قطر العراق المؤرخ في 8 تشرين الأول من العام 2003. واستراتيجية المقاومة المعلنة هي تحرير العراق بشكل تام من الاحتلال الأميركي، ومن عملائه، وحرق أصابع دول الإقليم التي تواطأت مع الاحتلال. ولأن الاحتلال الأميركي الأم، والاحتلال الإيراني البديل يتستران تحت خيمة اسمها (العملية السياسية) التي يقودها العميل نوري المالكي، فإن حركة المقاومة العراقية النضالية تولي اهتمامها الرئيسي من أجل تقويض أعمدة تلك الخيمة لتجويفها من الداخل، وإسقاطها شعبياً.

نحسب الآن أن آليات مهمات المقاومة العراقية قد طرأ عليها متغيرات استناداً إلى أرضية المتغيرات التي حصلت بعد هزيمة الجيش الأميركي. ومن أهم هذه المتغيرات هي تحديد أولوياتها في العمل، وذلك بترجيح كفة الدور السياسي على كفة الدور العسكري. أي إن العمل على إسقاط (العملية السياسية) حلَّ في المرتبة الأولى، ويليها مواجهة التأثير والتواجد الإيراني، وأما التأثير العسكري الأميركي فقد حلَّ في المرتبة الأخيرة. علماً أن العاملين الإيراني والإميركي في هذه المرحلة يستظلان تحت خيمة (العملية السياسية) ويستمدان شرعية تدخلهما في العراق منها، بعد أن كبَّلاها بمجموعة من الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية. وهذا يعني أن تقويض تلك العملية فيه إضعاف لقوى التأثير الخارجي، ومقدمة لإلحاق الهزيمة بكليهما معاً. ومن أجل ذلك يرتفع سؤالنا: إلى متى تظل الديكتاتورية في العراق، الملوَّثة بالخيانة الوطنية والفساد والجريمة المنظمة، من المسكوت عنه؟

من أجل إنجاز هذه المهمة نستنتج أن المقاومة العراقية تقوم بعملها على صعيدين اثنين، وهما: استكمال العمل العسكري حيث يتطلب الأمر ذلك ويقوم بأوده الجهاز العسكري والأمني التابع للمقاومة، والقيام بأداء سياسي على أن يتكامل مع حركة الشعب العراقي.

أولاً: الصفحة العسكرية:

إذن، بعد إنجاز الصفحة العسكرية بدرجة امتياز تصل إلى حدود الذهول من السرعة التي حصلت فيها، انتقلت مهمات المقاومة العراقية الآن إلى صفحات سياسية تعادل في تعقيدها الصفحات العسكرية مع فارق وحيد هو أن سلاحها سياسي يقتضي الحنكة والوعي واتخاذ الخطوة المناسبة كلما نضجت ظروف اتخاذها. لكن هذا لا يعني أن العمل العسكري قد انتهى، وإنما تأثيره انكفأ إلى الدرجة الأخيرة أمام أهمية العمل السياسي والأمني. وانكفاء دوره عائد لمتغيرين اثنين، وهما:

1- استهداف ما تبقى من جنود الاحتلال الأميركي إلى قواعد عسكرية بعيدة عن متناول المقاومة العراقية، والتلطي خلف واجهة سياسية وأمنية وعسكرية عراقية تشكل له الحماية والغطاء، وتوفِّر عليه الكثير من الخسائر بالمال والأرواح، وهذا يعني أن العمل العسكري قد خفَّ تأثيره، واقتصر على قصف تلك القواعد بالمدفعية والصواريخ.

2- استهداف عملاء الاحتلالين الأميركي والإيراني، سواءٌ أكانوا في أعلى الهرم السياسي والعسكري والأمني، أم كانوا من صغار المجنَّدين من الذين يصرون على تهديد أمن المقاومة والشعب.



ثانياً: الصفحة السياسية:

إن العمل السياسي، في هذه المرحلة يتفرَّع إلى مهمتين: داخلية وخارجية.

1- المهمة السياسية الخارجية وهدفها بناء علاقات في شتى الاتجاهات العربية والإقليمية والدولية. ومما يتسرَّب من أخبار يمكن التقاطها من هنا أو هناك، يشير إلى أن مكتب العلاقات الخارجية للمقاومة ينشط في هذا الاتجاه، سواءٌ ببناء علاقات مع الدول مستفيداً من التقاطعات بالمواقف السياسية والأمنية، أم ببناء علاقات مع الهيئات والجمعيات الأهلية أو الدولية أو الإنسانية من أجل كشف ما تقوم به قوات الاحتلال الأصيل والاحتلال البديل من جرائم وفساد تحت مظلة (حكومة الاحتلال).

2- المهمة السياسية الداخلية، وتهدف إلى تقويض دعائم (العملية السياسية) بوسائل سياسية أولاً، والعمل الأمني - العسكري بملاحقة رموز تلك العملية، سياسيين وعسكريين، للاقتصاص منهم ثانياً.

إن المتغيرات في واقع الاحتلال، إذن، أدى إلى متغيرات في عمل المقاومة على الصعيد السياسي الداخلي. وتلك المتغيرات تعني على أرض الواقع أنها نقلت المقاومة إلى مواجهة مباشرة مع من يشغلون الواجهة السياسية والأمنية في حكومة الاحتلال. وهذا الوضع يشبه إلى حد كبير مواجهة بين العراقيين أنفسهم، إذ قد يقاتل فيها العراقي عراقياً آخر، وتلك مواجهة يغلب عليها الطابع (الأمني – السياسي)، والتي تستخدم فيها المقاومة سلاحاً يشبه مبضع الجرَّاح الماهر، الذي يعمل على استئصال الجزء الخبيث من المرض من جهة، وأن لا يؤذي الجزء السليم من العضو الذي يخضع للجراحة من جهة أخرى.

يصبح العمل الأمني السياسي الداخلي حاجة وضرورة على شرط ممارسته بدقة وحرص وعناية فائقة، وهذا يصبح واضحاً إذا ما عرفنا أن مهمات المقاومة انتقلت من ملاحقة جنود الاحتلال وهي عليه أسهل من ملاحقة عراقي عميل. فجندي الاحتلال مثلاً واضح بلباسه وبندقيته وآليته وقاعدته ومكتبه، أما العميل العراقي الذي ينوب عن الجندي الأميركي فأمر اكتشافه صعب حتى ولو كان يرتدي زي الجندي الحكومي أو الشرطي الحكومي، فهذا أو ذاك قد يكون من المضللين أو من الذين استغلَّ الاحتلال أو عملاؤه وضعهم المعيشي من أجل تجنيدهم في السلك الحكومي الأمني.

في هذه المرحلة، أصبح المقاوم العراقي يقف في مواجهة العراقي الذي يخدم في السلك الحكومي، والخدمة تعني أكثر من جندي أو شرطي، ضابطاً أكان أم فرداً، بل تعني كل موظف يعمل في مؤسسات الدولة الرسمية، ولا تستثني من ذلك بعض المترددين والخائفين من كبار السياسيين.

وإذا كانت الصورة هي على ما قمنا بتصويره، يعني أن جزءاً كبيراً من عمل المقاومة قد يصب في دائرة الحرب الأهلية إذا أخطأت الهدف في التمييز بين من هو مغلوب على أمره، وبين من هو يشارك عن سابق إصرار وتصميم. ومن البيِّن أن المقاومة حريصة على منع الوقوع بالخطأ، خاصة وأنها أعلنت ذلك في أكثر من بيان أو تصريح أو مقابلة صحفية.

ولأن للحركة الشعبية دور أساسي في إسقاط العملية السياسية، يصبح العمل السياسي بين الجماهير ضرورياً لجذب المترددين من أطياف الشعب العراقي، ولذلك يجب أن يتصف بالحذاقة والتطمين والإقناع، كما يتطلب مهارة ودراية في تحريكه للمطالبة بحقوقه المنتهكة على كل الأصعدة. ومن ضمن ما يمكن أن يتصف به جهد المقاومة السياسي مع الجماهير العراقية، نذكِّر ببعض ما يلي:

لما أصبح الاحتلال احتلالاً غير مباشر، وهذا أمر قد لا يدرك العراقي العادي أبعاده وخطورته، فقد تكون نقمته على الاحتلال قد خفَّت بعد تجميع من تبقى في قواعد معظمها بعيداً عن أماكن السكن. وهذا أمرٌ يتطلب الكشف عنه وتعريته، خاصة أن الإعلام المعادي يقوم بحملة تضليل واسعة النطاق. ومن ضمن ذلك إن التضليل الإعلامي، الذي تمارسه أجهزة الإعلام الأميركية والإيرانية، قد مسخ هوية حكومة المالكي العميلة وجعلها تبدو كأنها حكومة شرعية يقودها عراقيون وصلوا إلى الحكم وفق قواعد ديموقراطية مبنية على انتخابات تشريعية.



لهذه الأسباب، يمكن في اللحظة الراهنة اعتبار مهمة المقاومة العراقية ذات شقين:

- الأول وطني، باعتبار حكومة المالكي، التي شكَّلها الاحتلال، بمثابة حكومة للاحتلال، فمن يشارك فيها أو يدعمها يكون كمن يرتكب جريمة الخيانة الوطنية. والعمل ضدها يتساوى مع العمل ضد الاحتلال.

- والثاني مطلبي، ويقتضي استنهاض الشعب العراقي لاستعادة حقوقه وانتزاعها مستفيدة من أخطاء وجرائم من يتولون مسؤولية (العملية السياسية). ومما يساعد على ذلك أن تلك الأخطاء والجرائم أكثر من أن تُحصى. وأن المواطن العراقي ليس بحاجة إلى أدلة وبراهين على وجودها لأن جرائم حكومة المالكي العميلة تلذعه كل يوم في مأكله وملبسه ومرضه ومنع العلم عن أبنائه، و..و..، وهو الضحية التي تنال من الأذى ما تناله.

وطالما أن الأمر هو ما عليه، نتساءل: لماذا لا يثور الشعب العراقي بمقدار ما يناله من أذى حكومته التي لا تترك باباً من أبواب الفساد والجريمة إلاَّ وشرَّعته أمام اللصوص، ويأتي في المقدمة منهم الصف الأول ممن يتولون الحكم في العراق الآن؟

وإذا ما عملنا على مقارنة ما يجري في الشارع العربي مع ما يجب أن يحصل في الشارع العراقي، فنقول إذا كانت أسباب ما يجري في الشارع العربي هي الثورة ضد ظلم أنظمته وتعسفها، فحري بالعراقيين أن يثوروا بوتائر أعلى وأكثر ثورية، لأنهم يواجهون ديكتاتورية ملوَّثة بالخيانة الوطنية لخضوعها لإملاءات التدخل الخارجي من جهة، ولأنها تمارس أقذر أنواع الجرائم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحق الشعب الذي تحكمه من جهة أخرى.

واستناداً إلى ذلك، يصح القول بأن الحراك الشعبي في معظم الأقطار العربية يتم من دون قيادة ودليل، أما في العراق فهناك قيادة ودليل استراتيجي ولكن بحراك شعبي يحصل ولكن ليس بالمقدار الذي يهز فيه كراسي ديكتاتورية حكومة المالكي وفسادها وجرائمها.

واستطراداً، نرى أن الشعب، فيما تُسمى انتفاضات (الربيع العربي) يتحرك بوتائر ساخنة ولكن من دون دليل نظري ومن دون قيادة تقوده إلى الشاطئ الآمن، نرى الصورة في العراق معكوسة، فهناك دليل وقيادة، ولكن لا حراك شعبياً ملحوظ المعالم حتى الآن، وحيث يوجد هذا الحراك، فإنه يتم التعتيم عليه وتجهيله، والأخطر من كل ذلك يتم توصيف أسبابه بالعوامل الطائفية والمذهبية وتجهيل أسبابه ودوافعه الوطنية؟

إنه الإعلام المعادي للقضية الوطنية القومية، يبرز الحراك بأثواب إيجابية في أقطار عربية، ويعتِّم عليه في العراق ويتجاهله. إنه بلا شك له علاقة بازدواجية المعايير التي تمارسها قوى التدخل الخارجي في الشؤون العربية. وهنا لا يفوتنا التساؤل: وهل كل جماهير الأقطار العربية، التي تأتلف في حراك شعبي زلزل أنظمة التعسف السياسي والاجتماعي، هي أكثر ثورية من الشعب العراقي؟

جواباً على ذلك، نرى أن الأمر ليس كذلك، بل نقول أكثر: إن الشعب العراقي، بعد أن أثبت كفاءته التاريخية بطرد احتلال أكبر قوة عالمية معاصرة، هو من أكثر المجتمعات العربية وعياً في هذه المراحل، وأكثرها إقداماً لتقديم التضحيات، والدليل على ذلك أنه أعطى الأولوية لمواجهة الاحتلال على ما عداه من مهام أخرى، كما أنجز مهمته بكفاءة عالية ستذكرها كتب التاريخ التي ستُدوَّن لتلك المرحلة.

وأما الآن، بعد أن وُضع في مواجهة مغايرة لمرحلة الاحتلال المباشر، يتحفَّز هنا أو هناك من أجل القيام بثورته المطلبية في وجه حكومة عميلة. ولهذا يصبح من المُلحِّ جداً توضيح أن الاحتلال للعراق ما زال موجوداً ولكن تحت أقنعة عملاء الاحتلال، الذين يتلطون تحت قناع (العملية السياسية)، بمن فيها من عملاء يؤدون أدواراً سياسية، وبمن يؤدي أدواراً عسكرية وأمنية، ومنهم من يؤدي أدواراً في الفساد الإداري والاقتصادي والاجتماعي. لقاء هذا الواقع من الضروري رفع شعارات للمرحلة الراهنة، ومن أهمها: إن الحكومة التي شكَّلها الاحتلال، هي احتلال آخر؛ ومواجهتها في هذه المرحلة مهمة أساسية في مواجهة الاحتلال.

هذا الأمر ليس عصياً على الفهم والإدراك، إذ أن حكومة المالكي الآن تقوم بتنفيذ إملاءات الاحتلال الأميركي من جانب، وإملاءات الاحتلال الإيراني من جانب آخر. وإن المواجهة التي تخوضها المقاومة العراقية ضد طرف من أطراف الاحتلال المُقنَّع، مع ترتيب الأولويات، تؤدي إلى إضعاف الطرفين الآخرين. وفي المحصلة يُعتبر تقويض العملية السياسية، في هذه المرحلة، بمثابة تقويض لأسس الخيمة كلها. وإذا كانت مهمة المقاومة في مرحلتها العسكرية فرض كفاية فالمواجهة الآن في المرحلة الجديدة فرض عين على كل عراقي أن يؤدي دوره فيه. وبإيجاز تقوى عملية تحرير العراق من فلول الاحتلال كلما تكامل جهاد المقاومة العراقية مع الحراك الشعبي العراقي.

وأخيراً نقول: إن ما يتسرب اليوم من أنباء عن مظاهر البداية في حراك شعبي عراقي يُنبئ بالاستمرارية، كما يُنبئ أنه أتي بزخم شديد ولن يتوقَّف حتى تحرير العراق من فلول الاحتلال الأميركي الذي أفل نجمه منذ سنوات، وسيجتاح بقوة زخمه الاحتلال الإيراني البديل، بعد أن يُرغم كل الخونة من العراقيين على الهرب يلوذون بسلامتهم لكي ينعموا بما سرقوه ونهبوه من حق العراق والعراقيين.

الاربعاء 13 صفر 1434 / 26 كانون الاول 2012

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس