15 فبراير 2012

كاترين اشتون ثروات مصر تكفى مساعدة ربع اوربا .. ومبارك حرامى ولكن لم نجد غيره

في الوقت الذى لا توجد فيه علامات على حسن النية من جانب الحكومات الغربية بشأن إعادة ولو جزء يسير من بحر المليارات المنهوبة من مصر، ولا حتى تسليم لصوص النظام السابق ومنهم حسين سالم ويوسف بطرس غالي ورشيد رشيد، أعربت "كاثرين آشتون" المفوضة العليا للاتحاد الأوروبى عن أسفها الشديد لأكبر سرقة تعرضت لها دولة بحجم مصر في مجرتنا الشمسية.
آشتون قدمت شكرها للبرلمان المصري على حسن استقباله مبعوث الاتحاد لجنوب المتوسط برناردو ليون، الذى زار القاهرة مؤخراً.
وتعيد نشر تصريحات آشتون في حوار:
■ ما معلوماتكم عن حجم أموال مصر التى سرقها النظام السابق مبارك؟
- مصر لديها ثروات تكفى لمساعدة ربع الدول الأوروبية إذا استغلت تلك الثروات بشكل جيد .
ما تمت سرقته وإهداره من أموال وأرصدة وثروات مصر الطبيعية خلال الـ15 عاما الماضية من نظام مبارك طبقا لمعلومات الاتحاد الأوروبى وأرقامه المؤكدة يبلغ 5 تريليون دولار أمريكى.
ذلك المبلغ يكفى تحويل مصر إلى دولة أوروبية متقدمة وكان يكفى لظهور 90 مليون مليونير كبير فى مصر.
■ ما تقديركم لما قام به نظام مبارك؟
-أنا حزينة على مصر وشعبكم فلقد تعرضتم فى مصر لما هو يفوق الخيال فى الاحتيال والسرقات وتجريف الثروات المادية والطبيعية والافتراضية.
لو صح التعبير حتى أن "الفايكنج" وهم أشرس الغزاة الذين شهدهم التاريخ البشرى فى أوروبا ما كانوا سيتمكنون من سرقة مواردكم مثلما فعل بكم نظام مبارك.
■ كيف ترون أداء الحكومة المصرية بعد الثورة؟
- السلطات المصرية قامت خلال الشهر الماضى بتطوير أدائها بشكل محترف وإيجابى من أجل استعادة أرصدة مصر المجمدة.
لكن لا نريد مجلس الشعب المصرى أن يكون صحيفة يومية وطنية جديدة فى مصر تنشر التصريحات دون خطوات فعالة.
بل نريد من مجلس الشعب المصرى أن يقود المجتمع ويصدر قرارات لها طابع الأمر التنفيذى على الأرض".

■ كيف سيتعامل الاتحاد الأوروبي مع الأحزاب الدينية في مصر؟
- نقدر جميع الأحزاب المصرية..الأحزاب الدينية في مصر أحزاب محافظة على أساس دينى مثل كل الأحزاب الدينية المحافظة المنتشرة فى الدول الأوروبية.
ولا يمكننى إلا الإعراب عن ثقتى وتقديرى لنزاهة وشفافية وحنكة حزب الإخوان المسلمين فى مصر.
■ كيف ترون أداء جماعة الإخوان؟
- لقد فاجأ الإخوان العالم بنظامهم وكوادرهم المتغلغلة فى جسد المجتمع المصرى، حتى إن العالم لا يرى حاليا فى مصر من يمكن الحديث معه إلا الإخوان المسلمين بعد أن تراجع دور الأحزاب الليبرالية التى تأثرت بالثورة المصرية بشكل عكسى.
فبدلا من أن تصعد لتقود البلاد فى مصر حدث لها ما يعرف علميا بصدمة السلطة التى أزالت اوراق التوت عن جسد المجتمع فظهرت حقيقته الإسلامية واضحة جلية فى صعود الأحزاب الدينية.
■ وبما تنصحون هذه الأحزاب؟
- أطلب من الأحزاب الدينية المصرية الجديدة - الإخوان والسلفيين- أن يمدوا يدهم ليد البعض وألا يتنازعوا فيما بينهم .
حيث هناك تقارير تحذر من الآن من تلك النقطة حيث يوجد بينهم تاريخ طويل من عدم التفاهم مما يهدد المجتمع المصرى.
■ هل تجد أوروبا مشكلة في اختيار المصريين للإحزاب الدينية؟
- إذا وجدنا أن المجتمع المصرى يشكو من الإسلاميين لعدم مقدرتهم على التطور ومسايرة العصر الحديث فلن نجد أمامنا سوى التدخل لنجدة الشعب المصرى.
■ كيف ذلك؟
- يمكن للإسلاميين أن يفعلوا ما يشاءون فى السلطة ونحن نثق أنهم كأحزاب محافظة ستبتعد عن السرقة والنهب.
ويمكنهم أن يدرسوا تجارب الأحزاب المحافظة فى أوروبا وهم متدينون على خلفيات دينية ويحكمون بالكتاب المقدس لكنهم صعدوا بدولهم ولم يأخذوها للخلف.
■ هل تتوقفون عن دعم التيار الليبرالي؟
-نحن لا نقف مع أحد حاليا ضد الطرف الآخر ونحن فى أوروبا منفتحين على كافة الطوائف ولا يهمنا أن يحكم مصر إسلاميا أو عسكريا أو ليبراليا ما يهمنا من منهم سوف يأخذ بأيد بلاده ويساعدها على الوقوف بعد كبوتها التى تسبب فيها نظام الديكتاتور حسنى مبارك.
■ لكن مبارك كان حليفكم وكنتم داعمين له؟
-لا يتعجب أحد حين يسمع أنه ديكتاتور فقد كنا نقول ذلك يوميا فى وسائل إعلامنا فى أوروبا ولم يكن لنا بديل إما التعاون معه ونحن نعرف أنه سيخفى ثلثى ما نقدمه لمصر وإما أن نحرم الشعب المصرى مما يمكنه الاستفادة منه ولو القليل مما نقدم.
■ هل يتراجع الدور الأوربي أمام الأمريكي؟
- على العكس أوروبا ساعدت مصر خلال العشرة أعوام الأخيرة أكثر من مساعدة الولايات المتحدة لمصر بمقدار الضعف.
ولكن مبارك كان يأخذ تعليماته من البيت الأبيض وكان يفضل الابتعاد عن أوروبا.
■ كيف تتعاملون مع مصر الثورة؟
-سنفتح للمصريين أبواب أوروبا على مصراعيها مع أول تأكيد أن مصر أصبحت دولة ديمقراطية وسنرفع كافة المحاذير والمتطلبات على سفر الشباب المصرى والواردات المصرية لأوروبا.
ولديكم فرصة أن تعيدوا مصر لما كانت عليه أيام رئيسكم جمال عبد الناصر.
■ لماذا عبد الناصر؟
-أوروبا كلها تحترم عبد الناصر لأنه كان خصما شريفا تولى رئاسة مصر فى أحلك ساعات التاريخ المصرى ولو عاش عبد الناصر لكانت مصر دولة عظمى أكبر من روسيا فى الشرق الأوسط.
■ كيف ترون أداء المجلس العسكري في الفترة الإنتقالية؟
-كنا نثق فى حسين طنطاوى أكثر من مبارك ونظامه وحاولنا الاتصال به أكثر من مرة لكنه لم يفهمنا (!).
■ نريد توضيح ذلك؟
-لو كان جيشكم صاحب نوايا خبيثة لكنا لمسنا ذلك وتدخلنا ولو أراد الجيش قمع الشعب لفعل فى أسبوع واحد .
وما يحدث من مشاكل فى مصر هو صراع قوى داخلى وخارجى متوقع لدى تعثر دول كبرى تاريخياً مثل مصر.
وحولكم مؤامرات يمكنها إسقاط نصف الدول الأوروبية فى شهر واحد وما تحتاجونه فى طريقكم الجديد من أجل الديمقراطية هو الثقة فى بعضكم البعض والاستماع لبعضكم البعض.
■ ما تقديركم للحراك بين القوى السياسية؟
- ادعو المصريين أن يقفوا صفا واحداً أمام أعداء الديمقراطية فى مصر.
إرتدوا قناع "توت عنخ أمون" بدلا من قناع "بانديتا" وتحلوا بالعقلانية والوطنية والمسئولية يتكشف أمامكم أصحاب المؤامرات.
وعدم ذهابكم للعمل هو أهم سلاح فى أيد أعداء مصر وكلما عملتم زادت المكائد ضدكم وكلما ستنجحوا سيزيد المتآمرون عليكم.

07 فبراير 2012

"بورتو طرة" ونواب سابقون ورجال أعمال بينهم نجل صحفى شهير وقيادات "أمنية" رفيعة .. كلمة السر



تفاصيل مخطط تخريب مصر .. وبدعم خليجى
"بورتو طرة" ونواب سابقون ورجال أعمال بينهم نجل صحفى شهير  وقيادات "أمنية" رفيعة .. كلمة السر

سيد أمين

المؤامرة التى يدبرها خفافيش الظلام وعشاق الاستبداد فى مصر كبيرة للغاية .. اطرافها يتمتعون بنفوذ كبير بعد الثورة كما كانوا يتمتعون به قبل الثورة .. الثورة لم تصل الى معظمهم .
فقد أضناهم الشوق والحنين الى معاودة ارتكاب تجاوزاتهم التى كانوا يفعلونها قبل الثورة فى حق شعب مصر .. حالهم يقول اى مساواة تلك التى تساوى بين مواطن تربى على المش واخر تربى على الكافيار .. او بين فلاح يعيش فى كوخ من الطين وباشا منهم يسكن القصر وافقر خادم عنده اغني من أغناهم .. هذا عبث .. لابد ان ينتهى ليعود الوضع لنصابه الصحيح .. شعب يساق وينهب وحكام اوصياء لا يخطئون ولو اخطئوا فأخطائهم "مكارم" و" كبوات جواد" .. هم لم يصدقوا بعد ان هناك ثورة حدثت فى مصر .. ولا يتصورون ان يحكم مصر احد من غير هؤلاء  القابعين فى "طرة" .
لذلك راحوا يعمهون ثم يصدقون غيهم , وانخرطوا فى تشكيل لوبى بائس لاجهاض الثورة حتى لو كان الثمن عشرات بل مئات من الضحايا والأمهات الثكلى.
المدهش أن العناصر المشتركة فى هذا المخطط الإجرامي , معظمهم لازالوا طلقاء , لم تطلهم يد العدالة بعد , فهم مطمئنون تماما, واثقون الخطى فأموالهم , التى هى أموال الشعب تجعلهم قادرون على شراء الذمم وإسكات الضمائر وإرضائها , واذا ما جل الخطب وانكشف أمرهم فهم واثقون ان العدالة البطيئة ستنجيهم , وتكون لصالحهم , مع انها ظلم سريع للضحايا وذويهم.
ليلة الجمعة الماضية راحت خيوط المؤامرة تتضح ,وتضع النقاط على الحروف , وأكدت المؤكد من خلال  تأمل ولو سريع للمشهد أو بالأحرى المسلسل الذى تدور حلقاته فى ربوع مصر , كان ذلك عبر اتصال هاتفي من احد الأشخاص المطلعين والذين يعملون فى جهة لها احترامها , طالبا منى مساعدته فى توصيله الى الأستاذ مصطفى بكرى او الأستاذ محمود بكرى , من اجل توصيل معلومات وقعت تحت يده من شأنها إنقاذ البلاد وتجنبيها مصيرا اسودا يراد لها وإلصاق التهمة بشباب الثورة او الشخصيات المخلصة للثورة فى الجهات الحاكمة , مع محاولة دفع الثوار دفعا الى ممارسة اعمال انتقامية ينجم عنها الإجهاز على الثورة التى اقتلعت أرباب نعمتهم وألقت بهم فى السجون عبر أحداث حالة فوضى عارمة فى كل ربوع مصر ينجم عنها فتح السجون وبالتالى يتم تهريب مساجين طرة من أرباب النظام البائد.
فى الحقيقة حاولت تلبية مطلبه , ولم اكترث كثيرا لما قاله خاصة ان هذا المخطط معروف وشائع إلا انه عاود مطالبته بتوصيله الى اى من نواب الاخوان المسلمين , لكنني لم افلح ايضا فعرضت عليه الذهاب سويا الى مديرية الأمن للإبلاغ عن تلك التفاصيل فصرخ رافضا حتى مجرد ان تتسرب اليهم تفاصيل تلك المعلومات .
اجريت اتصالات مكررة بجميع من هم فى حافظة هاتفى من ارقام لأعضاء مجلس شعب الا ان الجميع اما مشغول بشكل مستمر او لا يرد بتاتا او خارج نطاق الخدمة , ولما لم افلح وجدته راح يقص على بعضا ن تفاصيل المؤامرة فى محاولة لحثى على بذل المزيد من الجهد .. وهى التفاصيل التى ننشر جزءا منها مجهولة الأسماء  حفاظا على سير التحقيقات خاصة انها الآن بين يدى "جهات التحقيق الموثوقة".
قال الرجل ان المؤامرة اشتركت فيها عدة عناصر لها وزنها , توزعت ما بين قيادات فى وزارة الداخلية وبرلمانيين سابقين ورجال أعمال ورجال فى جهات حساسة وبعض من صغار ضباط الجيش وسوزان مبارك ودولة عربية خليجية لم يسمها.
وأضاف ان قيادات فى وزارة الداخلية راحت تتصنع الولاء للثورة , رغم انها من اشد اعدائها , وأياديها لا زالت ملطخة بدماء الثوار وبالفساد وفرض الإتاوات على التجار فى اسواق العتبة والموسكى وسوق العبور.
وتشرف تلك القيادات – بحسب الخطة – على تجهيز "الخميرة الاساسية" من بلطجية ومسجلين وعاهرات وذلك من خلال الزج بهم فى التظاهرات تارة وصناعة الانفلات الامنى الذى تعج به مصر تارة اخرى , محطمة فى ذلك توجيهات الوزراء المتعاقبين لوزارة الداخلية ,بل وتنفيذ نقيضها تماما مما يكون له مردود سلبى فى الشارع ويزيد من حالة الاحتقان , وحث الضباط التابعين لهم على التراخى فى مواجهة ظاهرة البلطجة سواء او اقتحام أقسام الشرطة مع قيامها بإطلاق سراح البلطجية المقبوض عليهم , وتبديد أدلة الإدانة ضدهم.
ومن هؤلاء من قام بالتواطؤ فى الاتفاق مع البلطجية المتسببين فى إحداث بورسعيد ونقلهم الى الإستاد بوصفهم مشجعين والتنبيه عليهم باعتلاء قمة المدرجات وترويع الجماهير وإحداث عملية شحن واسعة  بينهم , بل وقيام هؤلاء القيادات بإحكام إغلاق منافذ الهروب الخاصة بالطوارئ بالإستاد للحيلولة دون هروب الضحايا بحثا عن النجاة من المصير الذى رسم لهم فيما بقيت البوابات مفتوحة على البحري امام وسائل النقل "الاتوبيسات".
وفى نفس السياق وقبيل تفجر إحداث بورسعيد بثلاثة أيام فقط قامت تلك القيادات بعمل حملات اعتقال للبلطجية فى عدة مناطق فى مصر ومنها منطقة شرق القاهرة  والمناطق الشعبية فى الجيزة , وبالقطع لاقى هذا التصرف استحسان وقبول الاهالى ونال رضا عدد كبير من الضباط الشرفاء الذين أدهشهم هذا التعامل المدلل مع من يقبضون عليهم وكثيرا ما يفاجئون بإطلاق سراحهم بعد ذلك .
وشدد المصدر على ان تلك الاعتقالات كان المقصود منها جمع البلطجية والاتفاق معهم على تنفيذ مخطط تفجير وسط القاهرة ثم فتح السجون وتدمير عدد من المنشأت تبدأ بمحاولة اقتحام وزارة الداخلية وبعدها ستبدى الشرطة ليونة ما معهم حتى يتجمع عليهم الشباب وحينها يتراجعون ثم تردعهم الشرطة بقوة , وفى هذا الاثناء ستلتهب مشاعر متظاهرى التحرير ويتوافدون لدعمهم , وقتها سيتم اخلاء الوزارة فيتم اشعال النار فيها , ومنها يتم اشعال النار فى كافة المبانى والمصالح والوزارات المجاورة ومجلس الشعب والشورى وقد يصل الامر الى ارتكاب مجزرة فى محطة مترو الانفاق  وإغلاق كوبرى أكتوبر وتفجيره , ويترافق مع ذلك الاعتداء على السفن فى قناة السويس وفتح السجون ومن ضمنها تهريب "القابعين فى بورتو طرة عبر سيارات مصفحة الى شرق القاهرة ومنها الى إسرائيل او احدى الدول الخليجية وإعادة إنتاج ما حدث فى جمعة الغضب أثناء الثورة ولكن بصورة مزلزلة وحاسمة .
وثانى عناصر تلك المؤامرة هم عناصر من مجلس الشعب السابق وكان احدهم يشغل منصبا مهما فى تشكيلة هذا البرلمان ويحظى بعلاقة جيدة مع رئيس المجلس السابق فضلا عن كونه ابنا لأحد القيادات الشهيرة للحزب الوطنى وقريبا لرئيس وزراء اسبق.
يأتى بالإضافة الى هؤلاء وهم نحو 15 نائبا عدد من رجال الإعمال من الجيل الثانى من بينهم نجل احد الصحفيين الكبار الذى ظهر فجأة كرجل أعمال  مستندا على علاقات والده الذى شهد هو الأخر قضية فساد كبرى تداولتها الصحف لعدة أشهر.
وكان دور هذه الحلقة هى توفير التمويل اللازم للصرف على العمليات من دفع أجور البلطجية سواء او الإغداق بالأموال على باقى الحلقات الخطة لا سيما الضباط المكلفين باعادة الانضباط للشارع ومكافحة حالة الانفلات الامنى .
وتتسم تلك الحلقة ببعدها نسبيا عن الأضواء الأمر الذى لم يسلط الضوء بشكل كبير على فسادهم فضلا عن ان رجل الإعمال المذكور يصلح كغطاء لنقل الأموال الى المجموعة من تلك الدولة الخليجية نظرا لكون العديد من الصحفيين والإعلاميين يترددون فى فتح ملفاته مجاملة لوالده , ويقوم هؤلاء بتوزيع اجور المسجلين عن طريق سلسلة منفصلة الحلقات وفيما يشبه مقاولى الأنفار.
وامتدت خيوط المؤامرة الى عدد لا بأس به من ضعاف النفوس فى احد الاجهزة الحساسة ممن تعاملوا مع ما يحدث فى مصر بمنطق "إن خرب بيت أبوك خد منه طوبة"- حمى الله مصر – فراحوا يضللون القيادات الجديدة ويمدونهم بمعلومات مغلوطة لا تخدم الا مصالحها.
وتتجمع قيادة هذا التشكيل فى يد سوزان ثابت واحد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية الذى دأب على تأجير مؤيديه  ممن يقومون بزيارته فى "المنتجع" كل يوم جمعة ثم يعودون بعد ذلك وكل يمسك فى جيبه " خمسين جنيها" ويعمل كمقاول لهؤلاء "الهتيفة" ثلاثة أشخاص , منهم "ش" مساعد مخرج مقرب لنائب سابق لرئيس جهاز امني, واخر يدعى "أيمن" وثالثة تدعى "ميرفت" صحفيين تحت التمرين.
وأضاف المصدر ان سوزان مبارك تقوم بزيارة المسجونين فى طرة لتطلعهم على تفاصيل الخطط اولا باول وهم يقومون بوضع التعديلات عليها , وهو ما يفسر تكرار الأحداث المأساوية فى مصر فى أعقاب كل زيارة لها الى السجن.
ما ان قص على الرجل التفاصيل التى وقعت تحت يده بحكم عمله حتى رحت ابذل قصارى جهدى لتوصيلها الى نواب فى البرلمان ورئيس تحرير صحيفة قومية كبري , وطلبوا منه الاحتفاظ بالتفاصيل لحين بت لجنة تقصى الحقائق.

وميدانيا كانت الرواية لها ما يؤكدها فقد نقلت  مصادر بالمركز الطبى العالمى أن سوزان ثابت سارعت بزف أخبار ما حدث فى بورسعيد وما تلاها فى محيط وزارة الداخلية  الى زوجها ولم يبدى المخلوع اى رد فعل على الأحداث خاصة انه لا يزال يشعر بالرعب بعد كثرة طلبات القصاص منه , واكدت المصادر ان سوزان ثابت قد دأبت على ترديد ان مصر لن تستقر بعد ما ترك مبارك الحكم , وقالت " علشان الشعب ميقعدش يقول مبارك هو اللى قتل المتظاهرين .. اهو مبارك على سرير المرض والشعب بيموت بسبب ماتش كورة " .
وكان تقريرا صحفيا تداولته الصحف لفحوي فاكس ارسلته سوزان مبارك الى الادارة الامريكية مطالبة بالتدخل  اجل العفو عن "مبارك" ذكرت فيه ملكيتها لقائمة أسماء 2000 شخصية مصرية كانت بين أكثر الشخصيات المصرية تأثيرا فى الوظائف المرفقية المصرية وأن هؤلاء على حد كشفها كانوا يحملون الجنسية الأمريكية بعلم مبارك مؤكدة أن زوجها كان يترك لأميركا حرية الحصول على مساعداتهم لمساندة المصالح الأميركية بشكل غير مسبوق فى التاريخ السياسي المصري مطالبة بتدخل الإدارة الأميركية فورا لإبعاد مبارك عن حبل المشنقة وعدم تركه يواجه مصير الإعدام مؤكدة أنها لن تقف صامتة  وستفضح هؤلاء لقيادات الذين لا زالوا يشغلون ذات مناصبهم.
 وما يدلل على ان مخطط تفجير مصر فعالا ما تكشف بعدما داهمت قوات من الشرطة والجيش مناطق فى مدن القناة وعثر فيها على مدافع مضادة للطائرات ، أماكن أخرى عثر فيها على أسلحه آلية وقنابل.
وفى ذات الإطار ورغم تراجعه عن أقواله التى ادلى بها عبر الفيديو قائلا انها حدثت تحت التعذيب انكر السيد محمد رفعت سعد الدنف "43" والمسجل جنائيا سرقة بالإكراه و خرج من السجن بعد 3 سنوات بإفراج شرطى والذى القى اهالى بورسعيد عليه القبض لقيامه بمحاولة طعن احد المتظاهرين اثناء مسيرة نظموها احتجاجا على أحداث الإستاد بسلاح ابيض اخرجه من بين طيات ملابسه
الاهالى تمكنوا من السيطرة عليه واحتجزوه فى احد المستشفيات ورفضوا تسليمه الى الشرطة لحين حضور جهات مستقلة وهناك واجهه المتظاهرون بصورة له أثناء محاولته طعن احد المتظاهرين فراح يعترف لهم فى فيديو بما حدث حيث أشار الى انه واحد من ضمن 600 فرد كلهم مسجلين اتفق معهم احد قيادات الحزب الوطنى المنحل على قتل جماهير النادى الاهالى وكان بصحبته احد رجال الأعمال المقربين من جمال مبارك وانهم تلقوا اوامر بالاندساس بين المتظاهرين عقب قيام باصات بنقلهم من الشبول  جنوب بورسعيد الى منطقة الكاب حيث سيستقلون باصات مشجعى الاهلى ومنها الى الإستاد وهناك ينقسمون الى فريقين ينضم كل فريق الى  مدرجات احد الفريقين ثم ينفذون مخططهم .
وفى محاولة لتبرئة نفسه قال انه حينما لاحظ ان جميع رفاقه يحملون اسلحة بيضاء اخبر رجال الامن فى الاستاد ولكنهم لم يكترثوا به.


وأكد المتهم فى أقواله أن مجموعة من القيادات اتفقوا معه لإحضار 5 أتوبيسات من مناطق قريبة من بورسعيد وأدخلوا ثلاثة أتوبيسات مع جماهير النادى المصرى و2 مع جماهير الأهلى وهم الذين رفعوا اللافتة التى أثارت الجماهير والمكتوب عليها "بلد البالة .. ماجبتش رجالة".
وتعرف على المتهم أمام النيابة العامة 4 من الشهود الذين شاهدوه داخل المدرجات وأمسكوه داخل المسيرات.
كانت النيابة قد استمعت لأقوال اللواء أحمد عبد الله محافظ بورسعيد المقال وقائد قوات الأمن المركزى وقررت ضبط وإحضار12 من جماهير النادى المصرى بعد قرارها بحبس 54 آخرين على ذمة التحقيقات .
ومن المنتظر أن يصدر المحامى العام بضبط وإحضار عدد من قيادات الحزب الوطنى المنحل ومنعهم من مغادرة البلاد بعد التأكد من تورطهم فى الأحداث .
وتقدم صفوت عبد الحميد عضو الهيئة العليا للوفد ببلاغ جديد ضد الإعلاميين أحمد شوبير ومدحت شلبى لسبهما جماهير بورسعيد ووصفهم بالجرزان وأطلقوا على بورسعيد لفظ " بوريهود " وطالب بالتحفظ على شرائط الحلقتين وضمهما للتحقيقات
وتردد اسم كل من جمال عمر والحسينى أبوقمر عضو مجلس الشعب السابق ومحمود المنياوى أمين الحزب الوطنى المنحل وآخرين متورطين فى الأحداث مما أثار غضب المواطنين فى بورسعيد الذين توجهوا للمحل الذى يمتلكه جمال عمر والذى يديره شقيقه محمد عمر وقاموا بتحطيمه.
وقامت مجموعات ضخمة من أهالى بورسعيد بتحطيم محل العروسة الذى يمتلكه رجل الأعمال جمال عمر الهارب لأمريكا بعد اعتراف أحد المتهمين الماثلين للتحقيقات أمام نيابة بورسعيد بتلقيه أموال منه.
كما ألقى المتظاهرون بميدان التحرير القبض عليهم أثناء نزولهم من المبنى بعد احتراقه وبحوزتهم أسلحة بيضاء، وسلموهم إلى قسم الشرطة ووجهت النيابة لهم تهمة إثارة الشعب وإتلاف الممتلكات العامة للمتهمين، أثناء الاشتباكات التى دارت بين المتظاهرين ورجال الأمن بشارع محمد محمود، فوجئ المتظاهرون باشتعال النيران أمام مبنى مصلحة الضرائب العقارية إلا أنهم تمكنوا من القبض على 5 منهم، وعثر مع بعضهم على اسلحة بيضاء ومبالغ مالية
ويبقى هناك تاكيدا .. انه لا يمكن ان تحدث جرائم السطو المسلح ببنظام الريموت كنترول فى بلد ليس من ثقافته ارتكاب مثل تلك الجريمة .. وكأن ذرا "للسطو المسلح " تم الضغط عليه وبعدها تفجرت الحوادث .. قبل ثلاثة أيام من أحداث بورسعيد المؤسفة كانت الحالة الأمنية في مصر لاتبشر بالخير وتؤكد بأن مصر على حافة الهاوية فقد حدث خلال يومان فقط هجوم مسلح على بنك "hsbc" والاستيلاء على 7 ملايين من داخله بينما تم الهجوم على سيارة نقل أموال كانت تحمل نقود خاصة ببنك مصر وفي حلوان حدث هجوم مسلح على مكتب بريد ودار للمسنيين وفرع التوحيد والنور ,وبالتأكيد فإن كل هذا لم يكن محض الصدفة ولكنه أمر خطط له ودبر من قبل متخصصين قادرين على إثارة الفتن والانقلابات.

03 فبراير 2012

من مواطن مصرى الى القائد القوى بالله عزه ابراهيم الدورى



من مواطن مصرى الى القائد القوى بالله عزه ابراهيم الدورى
شبكة البصرة



بقلم ابراهيم سنجاب 
تحيه النيل الى الفرات، وبعد

من ثوار مصر الى مناضلى العراق، من شباب الميادين الى ابطال الساحات، من قاهره المعز الى بغداد الرشيد، من احفاد الفراعنه الى احفاد سومر، من مصر الى العراق الف سلام.

 السيد القائد المناضل البطل

دامت بطولاتكم وعاش كفاحكم من اجل الارض والعرض، دامت عروبتكم واصراركم على الحق، دمتم رمزا لمواجهه المحتل الغاصب، والعميل الجبان، دمتم املا ونبراسا لشباب الثوره حيثما وجبت الثورات، ضد المحتل، ضد الجوع، ضد الفساد، ضد العماله والتنطع.
اقتربت منذ فتره كمواطن مصرى من بعض رموز حزب البعث الاشراف النبلاء، وايضا من غير منتظمى الحزب العرب وغير العرب، واشهد لكل من اقتربت منهم بالشرف والايمان بالهدف والنضال من اجل العراق وغير العراق من اقطار العرب. وخلال تلك الفتره القصيره رايت انه من واجبى كمواطن مصرى عربى خرج الى الميادين من اجل الحريه ان ارسل لكم بعض ملاحظاتى التى قد تفيد وان لم تحقق الغايه منها فانها لن تضر.

السيد القائد المناضل البطل

كما تعلمون فان ميادين الكلمه لا تقل خطوره واهميه عن ساحات الوغى، لذلك قررت ان اراسلكم مباشره واعلم ان من بين اعضاء منتدانا المتواضع من يمكنه توصيل رسالتى لكم.
رايت يا سيدى ان ولاء اعضاء البعث لحزبهم يفوق كل ولاء، وهذا على روعته وجلاله ومصداقيته يمنع اخرين من غير منتسبى البعث -خاصه من غير العراقيين- من بذل الجهد من اجل نصره المقاومه داخل العراق، وهى هدف عربى نؤمن به وبحتميه تحقيقه.
رايت البعض يرفع رايه التخوين لمجرد خلاف فى الراى، او يسعى للاقصاء لمجرد انتقاد بسيط يمكن تجاوزه بقليل من الصبر والرغبه فى التفاهم والوصول الى ارضيه مشتركه.
رايت البعض يقول ان البعثيين كيان منغلق لا يرحب بالحوار مع غيرهم سواء فى شان العراق او غير شانه، قرات للبعض الذى يتهم ثوار مصر بالعماله لامريكا وقطر وانت تعلم ان الغرب وبعض العرب يتمسحون فى ثوره مصر، بل انهم يقاومونها ويسعون لافشالها وعدم استكمال مسيرتها نحو تحقيق اهدافها.

السيد القائد المناضل البطل
البعض ممن انتقدهم انا يريدون منا اما ان نكون بعثيين او لا يحق لنا ان ندافع عن العراق ونحمى ظهر مقاومته الشريفه على قدر طاقتنا -مهما كانت متواضعه- بالنسبه لما تقدموه فى ساحه القتال داخل العراق، البعض ممن انتقدهم انا يريدون ان نسير خلفهم لا الى جوارهم، هؤلاء البعض لا استطيع ان اتهمهم فى ولائهم ولا عروبتهم، ولكنهم ذوى غلظه فى الحوار تجعل الكثيرين ينفضون من حولهم، فى وقت نحن احوج ما نكون الى كل مشاركه مهما كانت بسيطه ولو بالدعاء

السيد القائد المناضل البطل

ما اردت ان اقوله وارجو ان اكون قد وفقت فى عرض وجهه نظرى من منطلق الايمان بعروبه العراق وسائر بلادنا العربيه هو ان يتوقف البعض ممن ينتسبون الى حزب البعث عن التشكيك فى شباب العرب الذين ثاروا فى مصر وتونس سوريا واليمن خاصه هؤلاء الذين ثبت ولاؤهم للعروبه والاسلام او المسيحيه او غير ذلك.

السيد القائد المناضل البطل

المقاومه العربيه فى العراق بقدر حاجتها الى الرجال والمال والسلاح، فهى بحاجه ايضا الى الكلمه والقلم والاخوه والاصدقاء.
تحياتى ايها القائد المناضل البطل
عاش العراق... عاشت المقاومه... عاشت فلسطين... عاشت العروبه

ابنكم ابراهيم سنجاب
رئيس قسم - الاهرام القاهرية
شبكة البصرة
السبت 27 صفر 1433 / 21 كانون الثاني 2012

01 فبراير 2012

المفكر الألماني تودنهوفر يقدّم رؤية غربية منصفة للثورات العربية

المفكر الألماني تودنهوفر يقدّم رؤية غربية منصفة للثورات العربية

شبكة البصرة

بقلم الدكتور عبد الواحد الجصاني

أولا : تقديم :

نشرت صحيفة (سيليش زايتونغ) الألمانية يوم 5/1/2012 دراسة للمفكر الألماني الدكتور يورغن تودنهوفر عنوانها (لماذا تأخرت الثورات العربية 222 عاما عن الثورة الفرنسية). ولقيت هذه الدراسة صدى واسعا في المانيا لسببين أولهما المنزلة العالية للكاتب كمفكر جريء شديد النقد الموضوعي للسياسات العدوانية الغربية وشديد الإعجاب بالحضارة العربية والإسلامية، وثانيهما لإن الدراسة هذه لم تكن بحثا نظريا، بل خلاصة تجربة الكاتب خلال خمسين عاما قضاها متنقلا بين الدول العربية والإسلامية، وآخرها معايشته الثورات العربية عام 2011، فقد زار ليبيا مرارا خلال الصراع الدموي الأخير وكاد يفقد حياته عندما قصفت قوات الجيش الليبي سيارته في الطريق بين بنغازي والبريقة وقتل مرافقه الليبي، وكان في ميدان التحرير طيلة أيام الثورة وشارك الثوار المصريين إحتفالاتهم يوم تنحي مبارك في 11/2/2011، وهو الغربي الوحيد الذي زار درعا وحمص وحماة قبل أن تسمح سوريا بوصول وسائل الإعلام الغربية اليها.

إستنتاجات وخلاصات دراسة تودنهوفر عن الثورات العربية ذات قيمة فكرية كبيرة ومن المفيد إطلاع المثقفين العرب عليها من أجل تعميق النقاش الفكري العربي حول الثورات العربية ومستقبل النظام السياسي العربي ويسرني أن أقدم ترجمتها إلى اللغة العربية بعد أن أقدم لها بهذه السطور (الترجمة العربية للدراسة في آخر المقال).



ثانيا : إستعراض موجز لأهم خلاصات الدراسة :

1 –تعامل الغرب مع الثورات العربية إنطلاقا من مصالحه الإستعمارية، فهو لم يكن معنيا مطلقا بنشر الديمقراطية في العالم العربي لا في الفترة الإستعمارية ولا حاليا. يقول تودنهوفر (لم يكن نشرالحرية والمساواة والاخاء وإدخال الديمقراطية إلى الوطن العربي جزءا من أهداف الغرب المحتل، فبالنسبة للغرب الحرية لا تعني مطلقا " التحرر منّا "، وعندما إنتهت فترة الإستعمار الغربي المباشر للبلدان العربية  تحوّل الغرب إلى دعم الملوك والحكام المستبدين العرب الذين كانوا مستعدين لتبني سياسات الغرب الخارجية مقابل حصولهم على السلاح والمال. ولغاية بداية عام 2011 ساعد الغرب بلا خجل الدكتاتوريات العربية على قمع شعوبها لا بل إستخدم الغرب الأجهزة الأمنية للأنظمة الدكتاتورية العربية كمراكز متقدمة له للتعذيب). ويضيف (بعد أن فوجئت الولايات المتحدة بأحداث تونس ومصر حاولت أن تجعل من الربيع العربي فرصتها التاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق تصوراتها والهدف الأساسي للولايات المتحدة ليس الديمقراطية بل تعزيز وحماية مصالحها في شرق أوسط كبير موالٍِ لها).



2– يرى تودنهوفر أن ثورات (الربيع العربي) جارفة وستتواصل، فهي (تشبه المعجزة بقوتها وتأثيرها السحري) مضيفا (حتى لوإحتاج التغيير في العالم العربي الى عقود أو أكثر، كما حصل في أوربا، فإن زمن الملوك والسلاطين والحكام غير المنتخبين والحكام الذين يعينون أنفسهم وصل إلى نهاية مؤكدة ولم يعد لهم مكانا على المسرح السياسي الدولي). ويعتبر السبب الرئيس لهذا التحول نحو الديمقراطية هو أن (الديمقراطية هي أكثر أشكال الحكومات نجاحا في عصر الصناعة والإعلام الحالي) وأن (الهياكل الاستبدادية المتحجرة لعصر ما قبل الصناعة لا تستطيع مواجهة تحديات عالمنا الصناعي الحالي) مضيفا (إن الحكام الذين يفشلون في إدراك ديناميكية السلوك الجمعي للثورة الديمقراطية في الوقت الصحيح، مثل قادة تونس ومصر، يكون رد فعلهم بطيئا وبذلك يفقدون فرصتهم وتقوم القوة الجارفة للجماهير الثائرة بإزالتهم). وحذّر تودنهوفر بقية الحكام العرب ممن لم تصلهم رياح الثورة بقوله (إن حكاما، كملك المغرب وملك الاردن، من الذين يحاولون منع حدوث الاصطدام من خلال تنازلات ذكية لربما يكسبون وقت نجاة ثمين، ولكن حتى بالنسبة لهم إذا لم يواجهوا إستحقاق الانتخابات الحرة وإذا لم يقبلوا بتحديد سلطاتهم مثلما يحصل في الملكيات الدستورية، فعند ذلك سوف تقوم الثورات الديمقراطية ذات الجاذبية السحرية- الصوفية بإزالتهم).


 3– يعتبر تودنهوفر أن الربيع العربي فضح زور إستخدام الغرب لشعار(الإرهاب الإسلامي) لتبرير دعمه للأنظمة الإستبدادية في الوطن العربي، إذ يقول (لسنين طويلة صوّر إعلامنا المجموعات الإرهابية المتطرفة المتكاثرة، كالقاعدة، على أنها الخصم الخطير للحكام المستبدين في الدول العربية، والهدف من ذلك هو شرعنة دعمنا لهذه الأنظمة). وأضاف (الثورة لم تكن ضد الحكام المستبدين فحسب بل وأيضا ضد الإرهابيين الذين تجاسروا وتحدثوا بإسم العالم الإسلامي، وهي بالنتيجة ثورة ضد الصورة المشوهة التي صنعها الغرب بعناية عن بعبع سمّاه الإسلام).



4– أفرد تودنهوفر فقرة عن دور الإعلام في الثورات العربية، وبدأ بإقرار حقيقة أنه (جرى تسريع دوران عجلة الثورات وإمتداد تأثيرها بشكل هائل من قبل الإعلام الحديث). ووصف دور قناتي الجزيرة والعربية بالآتي (تعمل هاتان القناتان العربيتان سوية مع بعض الشبكات الإخبارية الغربية لصب الزيت على النار، فهي تضخّم الثورة وتعطيها حجما أكبر واقوى من حجمها الحقيقي). ويضيف عن سبب تبني الجزيرة للثورات العربية بالقول (قناتا الجزيرة و العربية هما الموجهتان الرئيسيتان للمليونيات العربية. أمير قطر هو الموجّه لقناة الجزيرة ثمّ تحوّل إلى أكبر مزود للثورات العربية بالأسلحة. لم تعد الجزيرة و العربية قنوات إخبارية ولكن محركاً ويداً ضاربة للثورات طالما أن هذه الثورات ليست موجهة ضد المشايخ في الخليج أو ضد السعودية. قطر هي في المقام الاول قاعدة أمريكية جيوستراتيجية وفي المقام الثاني هي دولة عربية صغيرة تعدادها عدة مئات من الألاف من السكان).

ثم يتحدث عن التقارير الكاذبة التي بثتها الجزيرة والعربية وتحقق بنفسه من كذبها حيث يقول (خلال الأسابيع الأربعة التي قضيتها في سوريا في شهري يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2011 كنت شاهدا على الكثير من التقارير الكاذبة التي لو أردت تدوينها لملأت صفحات كتاب). ويسرد في دراسته الكثير من تلك التقارير التي تأكّد بنفسه أنها ملفقة.



5– يستعرض تودنهوفر لعبة الغرب في تلفيق الأخبار لتبرير عمل عدواني محدد ثم يجري تناسيها بعد أن تحقق أغراضها، ويضرب لذلك مثلين صارخين حيث يقول (إدّعى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية السيد مورينو أوكامبو وإدّعت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السيدة سوزان رايس أن جيوب جنود القذافي كانت مليئة بالفياغرا من أجل إغتصاب النساء، والحقيقة لم تكن كذلك، وأصلا القتلة ومغتصبو النساء لا يحتاجون للفياغرا، وهكذا إختفت رواية الفياغرا من عناوين الأخبار بعد أن أدّت غرضها في تبرير قيام قوات الناتو بتدمير دبابات القذافي في مداخل مدينة بنغازي، بالضبط كما حصل في كذبة (حاضنات الأطفال) الكويتية التي استخدمت ضمن مبررات شن حرب الخليج الثانية).



ثالثا : ملاحظات على الدراسة :

1– يبقى المفكر والمثقف الغربي، مهما كانت حصانته المبدأية وسلامة تفكيره ومنطقه، متأثرا بشكل أو بآخر وبوعي أو بدون وعي ببعض الصور النمطية والمسلمات الغربية، وأدناه بعض ما يؤخذ على هذه الدراسة، ولعل القاريء سيجد غيرها :

1– عنوان الدراسة يقول إن الثورات العربية تأخرت 222 عاما عن الثورة الفرنسية، وهذا يفصح عن إقتناع ضمني للكاتب بإن أوربا هي النموذج ومعيار الحكم على بقية أجزاء العالم، وبالنتيجة فهو يربط بشكل غير موضوعي بين السياق التاريخي لتطور الأمة العربية وذلك الخاص بالأمم الغربية متجاهلا الخلفيات الفكرية والثقافية المختلفة للأمتين. فخلال القرون الثلاثة الأخيرة، مثلا، تداخل كفاح العرب ضد الإستعمار الخارجي مع كفاحهم ضد الاستبداد الداخلي، بينما لم تشهد اوروبا غزوا أجنبيا خلال هذه الفتره وكان كفاح شعوبها يتركز على معارضة الاستبداد الداخلي وتحقيق الديمقراطية. إن إستعراض ثورات العرب في القرن الثامن عشر ضد الستعمار العثماني والبريطاني والفرنسي والاسباني والايطالي يؤكد أن ثورات العرب تزامنت مع، إن لم تسبق، الثورة الفرنسية. وبالمقابل، وعلى العكس مما كان متوقعا، فإن الثورة الفرنسية أنجبت نظاما عمل على إحتلال بلدان عربية مثل مصر والجزائر وثار العرب ضد المستعمرين الفرنسيين. إن سياسة الغرب في إجهاض سعي العرب للحرية والديمقراطية يزداد شراسة مع تنامي كفاح العرب لنيل الحرية، ورأينا كيف يواصل الغرب دعم الاحتلال الصهيوني لفلسطين ومنع الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، وكيف غزا الغرب العراق لإجهاض تجربته الوطنية، وكيف دعم الغرب إنفصال جنوب السودان، لا بل وكيف يسعى الغرب الآن لمصادرة الثورات العربية لتحويلها إلى (فوضى خلاّقة).



2– يعتبر تودنهوفر ثورات (الربيع العربي) بداية عصر الديمقراطية، ويضع جميع الأنظمة العربية في خانة الإستبداد والتسلط متجاهلا الإختلافات في الوضع السياسي بين الدول العربية، فهناك أنظمة ملكية وراثية إستبدادية وهناك جمهوريات تقودها احزاب شعبية تقدمية وضعت بلدانها على طريق الديمقراطية والتنمية.



3– مع إقرار تودنهوفر أن الثورات العربية هي في جانب منها ثورة الفقراء ضد الأغنياء، إلا أنه لم يتطرق إلى حقيقة أن الذي سبب إفقار الملايين في الوطن العربي وفي دول الجنوب عموما هم اغنياء دول الشمال، وثورة الفقراء على أغنياء الداخل لن تنجح في إزالة الفقر وتحقيق المساواة في داخل المجتمعات العربية طالما أن سبب الفقر الرئيس خارجي ويتعلق بظلم النظام الإقتصادي العالمي حيث تتعمق الفجوة الإقتصادية بين بلدان الشمال الغنية وبلدان الجنوب الفقيرة المحرومة من الوصول إلى روؤس الأموال والتكنولوجيا والأسواق العالمية. ومعلوم إن الفقر ونقص التنمية يزيد التخلف السياسي والثقافي والإقتصادي ويقود إلى الإحباط ويشجع قيام صراعات داخلية جديدة. إن حرب الفقراء على الأغنياء يجب أن تكون عالمية تتوحد فيها مظاهرات ميادين التحرير العربية مع حركات (إحتلوا الوول ستريت) الغربية.



4– بدا الدكتور تودنهوفر متحاملا بعض الشيء على العقيد القذافي ونظامه، وقال إن القذافي توعّد بملاحقة الثوار (زنقة زنقة) ثم إنتهى الأمر بأن لاحقه الثوار زنقة زنقة. والحقيقة هي أن حلف الناتو هو الذي لاحق القذافي زنقة زنقة، أما المتمردين فكانوا كالكومبارس يملأون المشهد لإغراض إعلامية بينما الجهد العسكري موكول للناتو الذي حوّل هذا التمرد إلى مناسبة لتصفية الحساب مع القذافي وللإغارة على أهداف مدنية وإقتصادية لإعادة ليبيا إلى عصر ماقبل الصناعة. ومن باب الإنصاف القول أن الدكتور تودنهوفر وبعد نجاته من قصف قوات القذافي عقد مؤتمرا صحفيا في بنغازي وآخر في القاهرة قال فيه ان قوات القذافي تستهدف المدنيين ولكنه يحذر الثوار الليبيين من طلب المساعدة من حلف الناتو لإن للناتو اهدافا غير أهدافهم وان نقاء الثورة ومبدئيتها ستتلوث بطلب المساعدة من الناتو.



رابعا : تودنهوفر يتعرض للإعتداء في ميدان التحريرفي مصر :

يبدو أن تجربة الدكتور تودنهوفر مع الربيع العربي لن تقف عند حدّ، ففي يوم 25/1/2002 عاد تودنهوفر للمشاركة في إحتفالات شعب مصر بالذكرى السنوية الأولى لثورة يناير، وفي ميدان التحرير المكتضّ بمئات الألاف من البشر إعترضه بعض الغوغاء و(البلطجية) وإعتدوا عليه بالضرب وكسروا نظارته وحاولوا سرقة نقوده وهاتفه، كما هجموا على مرافقته المصورة الألمانية وجردوها من ثيابها وحاولوا إغتصابها لولا تدخل بعض الثوار الذين أنقذوهما. هذ الحادثة لم تكن الوحيدة في ميدان التحرير ذلك المساء، فقد سجلت عشرين محاولة إغتصاب، وهي تعطي صورة عن إندساس الغوغاء في الثورة أو حتى خيانة الثوار لمبادئهم والتي تطرق اليها تودنهوفر في دراسته وحذّر منها. الرائع في هذا الرجل ومرافقته أنهما لم يصابا بالإحباط نتيجة هذا الأعتداء الوحشي، بل تحمّلا هذه التجربة المريرة برضا وواصلا لقاءاتهما مع الشخصيات السياسية ومع شباب الثورة. ولم ينس تودنهوفر علاقته الخاصة بالعراق فقد خص قناة (الرافدين) العراقية المجاهدة بمقابلة تلفزيونية أكّد فيها حبّه للعراق وتضامنه مع شعب العراق في التحرر من الإحتلال، وإستعرض في المقابلة كتبه الثلاث التي أصدرها عن العراق : الأول عن آثار الحصار الظالم على شعب العراق وعنوانه (من يبكي على عبدول وتانايا) والثاني عن الغزو الأمريكي للعراق والمآسي الإنسانية التي خلفها وعنوانه (آندي ومروه) والثالث عن المقاومة العراقية وعنوانه (لماذا تقتل يا زيد) والذي كتبه بعد أن عاش أياما مع المقاومين العراقيين في الرمادي. كما إستعرض آخر كتبه وعنوانه (بعبع الإسلام) الصادر أواخر عام 2011 وفيه يكشف فيه زيف ربط الإرهاب بالعرب والمسلمين ويوثّق إرهاب الغرب ضد العرب والمسلمين منذ الفترة الإستعمارية لحد الآن..

خامسا : أدناه ترجمة دراسة الدكتور تودنهوفر:

كيف وصلت الثورة الفرنسية الى العالم العربي بعد 222 عاما

بقلم الدكتور يورغن تودنهوفر

ترجمة الدكتور عبد الواحد الجصاني

كبت الحريات

بعد تفجّر الثورة الفرنسية عام 1789، وما تلاها من ردّات دموية لا تحصى، إحتاجت فرنسا ثمانين عاما لتصبح ديمقراطية حقيقية، واحتاجت ألمانيا مائة وثلاثين عاما، أما الوطن العربي فقد إحتاجت الثورة الفرنسية مائتان وإثنان وعشرين عاما لتصل اليه.
لم يكن نشرالحرية والمساواة والاخاء وإدخال الديمقراطية إلى الوطن العربي جزءا من أهداف الغرب المحتل، فبالنسبة للغرب الحرية لا تعني مطلقا (التحرر منّا). وعندما إنتهت فترة إستعمار الغرب المباشر للبلدان العربية، تحوّل الغرب إلى دعم الملوك والحكام المستبدين العرب الذين كانوا مستعدين لتبني سياسات الغرب الخارجية مقابل حصولهم على السلاح والمال. ولغاية بداية عام 2011 ساعد الغرب بلا خجل الدكتاتوريات العربية على قمع شعوبها، لا بل إستخدم الغرب الأجهزة الأمنية للأنظمة الدكتاتورية العربية كمراكز متقدمة له لممارسة التعذيب، وقام سرا بنقل المتهمين بالإرهاب، وأغلبهم أناس أبرياء، الى دول شمال أفريقيا لإن الغرب يعتبر حكامها الدكتاتوريين هم افضل من يعذب المعتقلين. وكانت زنازين معمر القذافي لغاية وقت قريب مراكز تعذيب مشهورة. وبمقابل خدمات القذافي في التعذيب إستجيب لبعض نزواته : زوده ساركوزي بسيارة مصفحة تشبه سيارة المارسيدس الشبح من التي يحلم بها جميع قادة المافيا. أما وتوني بلير فقد أرسل أحد معارضي نظام القذافي إلى حتفه، والمانيا زودته بأحدث الأسلحة وكذلك فعلت بقية دول حلف الناتو وروسيا أيضا. ويشاء القدر أن ينفجر صاروخا من تلك الأسلحة على سيارتنا في ليبيا ويحولها الى كرة من نار ويقتل صديقي عبد اللطيف.
عبد اللطيف الهادي الجعكي رجل أعمال دائم الإبتسام من بنغازي كان مضيفنا خلال زيارتنا الى بنغازي في مارس/آذار 2011، وكانت لازمته المحببة عند الحديث هي (ولم لا!)، وبها أجابني عندما سالته إن كنا نستطيع الذهاب من بنغازي إلى البريقة، وهي مدينة نفطية ليبية تقع على مسافة 190 كيلومترا جنوبي بنغازي كانت قوات القذافي قد إحتلتها لأيام وسمعنا أنها تحررت. وإنطلقنا إلى البريقة، وقبل الوصول إليها بمسافة 25 كيلومترا وفي منطقة وادي اللهب شاهدنا خمس سيارات مدنية دمرت توا ولا زالت النار تشتعل فيها، فنزلنا من سيارتنا لمعرفة ماذا حصل ولإلتقاط بعض الصور، وفجأة إنهمر الحجيم علينا فسقط صاروخ أرض - أرض على سيارتنا، وكان عبد اللطيف قد عاد إليها لتوّه اليها لجلب شيء ما، ثم إنهمر وابل من القذائف عليّ وعلى مرافقيّ وهما المصوّرة الصحفيّة الألمانية يوليا ليب والشاب الليبي يوسف. وبدا وكأن جنود القذافي يستهدفون إبادة جيش كامل. وإستمر سيل القذائف المضادة للجو والرمانات والصواريخ لثلاث ساعات، وإختبأنا خلف كثيب رملي منحنا الحماية وانقذ حياتنا. وعندما حل الظلام هربنا عبر الصحراء إلى بنغازي.

وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عدت من جديد الى وادي اللهب حيث موقع المعركة السابقة ووجدت العديد من القنابل وفوارغ القذائف وكثير منها مصنوع في الغرب. لقد إستخدم القذافي الأسلحة التي استوردها من الغرب ومن الشرق ضد شعبه وضد غيرهم، وسيستمر حكام مستبدون آخرون في البلدان العربية بإستخدام الأسلحة المشتراة من الغرب بنفس الطريقة، ولحدّ اليوم لا زال الحكّام المستبدون القساة العرب يحظون بدعم الغرب في قمع شعوبهم.


فترة التسامح

لعقود طويلة تعرضت الشعوب العربية للظلم والإذلال من حكام ما بعد الفترة الإستعمارية. هذه الأنظمة الظالمة دأبت على قمع الإنتفاضات التي تحصل بين الحين والآخر بوحشية وبلا هوادة. وفي بلدان مثل سوريا وليبيا والعراق والجزائر تعايش كثير من الناس في النهاية مع تركيبة السلطة هذه، والبعض منهم إستفاد منها. وهكذا كان على الشعب العربي أن يرزح تحت أعباء 222 سنة من الاستعمار ومابعد الاستعمار والدكتاتوريات. لم ار بحياتي شعبا بمثل هذا الصبر!

تنقلت بين البلدان العربية خلال الخمسين سنة الأخيرة، حتى اصبحت وطني الثاني تقريبا. في عام 1960 كنت في مدينتي الجزائر وقسنطينه شاهدا على حرب الجزائر، وكنت شاهدا على الأزمة الدموية الفرنسية – التونسية في بنزرت عام 1961، وعبرت صحراء الجزائر على ظهور الإبل، وكتبت كتابا عن حرب العراق وأنا مقيم في أطراف صحراء المغرب، ولمرات لا تحصى زرت سوريا ومصر، وخاصة خلال العقد الماضي، ولم يكن هناك شيء ينبيء بإن العاصفة قادمة.



ثورة المستضعفين

وصل تراكم الإحباط والإذلال في النهاية إلى درجة تفوق التحمل، حصل ذلك قبل أن يحرق بائع الخضار نفسه وقبل جريمة قتل صاحب صفحة على الإنترنت بوقت طويل، ليقود تراكم المرارات الى إنفجار كالبركان في تونس ثم في مصر.
إنطلقت فجأة رياح الثورة وبما يشبه المعجزة أو كحرائق الغابات بين مجموعة من البشر تعدادها مائة أو ألف أو عشرة آلاف من المستضعفين الذين طغى عليهم شعور يصعب وصفه وغيرقابل للتفسير المنطقي بالقوة الجماعية التي لا تقهر. وهكذا تمكنت جرثومة الديمقراطية والحمّى الثورية المصاحبة لها من الجماهير ولم يعد ممكنا الإفلات منها. مرة قال لي عبد اللطيف وهو يبتسم : فجأة وبدون سابق إنذار أصبح الأمل أكبر من الخوف.

ورغم حقيقة أن الثوار لم يكونوا أغلبية، فأغلبية الشعب نادرا ما تكون ثورية، ولكن روح الثوار المعنوية المؤمنة بالنصرإنتشرت بين الجماهير كالنار في الهشيم، وأصبحت مثل عاصفة النار أو الزوبعة أو الطوفان أو مثل الوباء ينتشر من مدينة الى مدينة ومن بلد لآخر. من كانوا مستضعفين مهمشين أذلاء ها هم اليوم يتحدّون حكامهم وهم انفسهم مندهشين من هذه الشجاعة والقوة التي إعترتهم فجأة.

في البداية إعتقدت ان الثورة التونسية كانت إستثناء ولكن عندما نزل مئات الآلاف من الناس الى الشوارع في مصر وطالبوا بالحرية والديمقراطية شعرت بإن الحظة التي إنتظرتها طويلا قد أتت أخيرا. لقد قرر الشعب العربي أن يتخلص من نير الدكتاتورية، ولذلك سافرت فورا الى القاهرة ومنذ ذلك الوقت قضيت ما مجموعه أربعة أشهر في تونس ومصر والمغرب وليبيا وسوريا، وكنت دائما بجانب الثوار. وجدت أن الكثير من الأشياء التي أعرفها عن الثورات الأوربية تكررنفسها هنا في شارع الحبيب بورقيبه في تونس العاصمة وفي ميدان التحرير في القاهرة وفي ساحة التحرير في بنغازي، حتى الرموز وصور الأطفال والمراهقين وهم يلوحون بالأعلام كانت متشابهة، بل وحتى أعمال التخريب كانت متشابهة ولا تشكّل إستثناء، مثلما حصل في ليبيا عندما قام الثوار في فورة الإنتصار بتدمير النصب والتماثيل والأبنية وقطع فنية لا تقدر بثمن متناسين أنهم أصبحوا الآن مالكين لها. عندما ذبح الثوار القذافي كما يذبح الكلب الضال فإنهم بذلك لم يكونوا أفضل من جلاّديهم، فقبلهم تنكّر ثوار الثورة الفرنسية لمبادئهم بطريقة مشابهة.



لا عقلانية الثورة

الثورة العربية، مثل جميع الثورات، تشبه المعجزة بقوتها وتأثيرها السحري والصوفي وحتى الديني. ورغم مكابرة الكثيرين فلا بد من إقرار حقيقة أن لا أحد يمكنه أن يدعي القدرة على تفسير ما حدث، ولا حتى الحكام ولا الثوار أنفسهم. من الصعب أن يفسّر أحدنا بشكل دقيق ما حدث ويحدث في تونس ومصر وليبيا وسوريا.
الطبيب والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون كان أول من عمل تشريحا عقلانيا لما أسماها (سايكولوجية الجماهير) وإستنتج أنها تتجاوز أي منطق عقلاني. لنتذكر الثورة السلمية في جمهورية المانيا الديمقراطية أو ما سميت (معجزة توحيد ألمانيا)، ألم نشعر وقتها إن ما حصل تجاوز كل منطق؟ فالاندفاع الذي يشبه الصحوة الدينية للجماهير في المانيا جعل جميع القادة السياسيين تقريبا يقفون عاجزين، قليل منهم فقط إستطاع ركوب الموجة المعجزة للثورة والإدعاء فيما بعد أنهم (آباء الثورة) و (آباء الوحدة الألمانية) متناسين كيف كانت مواقفهم قبل التغيير.

في مطلع شهر مارس/آذار 2011 كنت في الرباط والتقيت بقائد المعارضة المغربية عبد الإله بن كيران في مكتبه المتواضع، وبينما كنا نستمتع بشرب الشاي بالنعناع سألته إن كان يستطيع أن يفسر ما يجري في الوطن العربي، فما كان من الرجل الأريحيّ ذو اللحية الخفيفة الرمادية إلا أن أطلق ضحكة وقال : لا أعرف. وعذرته فلربما كان يتوقع مني أن أعطيه تفسيرا باعتباري كنت شاهد عيان على الثورة المصرية، أو قد يكون مبالغا في تواضعه. بعد هذا اللقاء فاز ابن كيران في الانتخابات البرلمانية وجرت تسميته من الملك محمد السادس لتشكيل الحكومة الجديدة، فهل إستوعب الملك الثورة؟



حتمية الثورة الديمقراطية

إن الحكام الذين يفشلون في إدراك ديناميكية السلوك الجمعي في الثورة الديمقراطية في الوقت الصحيح، مثل قادة تونس ومصر، يكون رد فعلهم بطيئا وبذلك يفقدون فرصتهم وعندها تقوم القوة الجارفة للجماهير الثائرة بإزالتهم. وفي الحقيقة جميع الحكام بشكل عام يبالغون في تقدير قوتهم.


إن حكاما، كملك المغرب وملك الاردن، الذين يحاولون منع حدوث الاصطدام من خلال تنازلات ذكية لربما يكسبون وقت نجاة ثمين، ولكن حتى بالنسبة لهم إذا لم يواجهوا إستحقاق الانتخابات الحرة وإذا لم يقبلوا بتحديد سلطاتهم مثلما يحصل في الملكيات الدستورية، فعند ذلك سوف تقوم الثورات الديمقراطية ذات الجاذبية السحرية- الصوفية بإزالتهم.
الحكام المستبدون الذين يعتمدون حصريا على القوة العسكرية، مثل الثائر السابق معمر القذافي، لا فرصة للنجاة لديهم، فالثورة تأكل أبنائها كما يقال. اراد القذافي أن يلاحق المتمردين (زفقة زنقه) ولكنهم لاحقوه في النهاية زنقة زنقه. وحتى في الأنظمة الاستبدادية التي تواصل ديمومتها بفضل المزاوجة بين استخدام القوة الغاشمة وتقديم المنافع المادية للجماهير، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية أو البحرين، فإن المهمشين المقهورين والذين لا وصوت لهم سوف لن يفرّطوا بالثقة بالنفس والمعنويات العالية التي إكتسبوها.الشرارة الثورية ستستمر في التوهج في قلوب جميع العرب. قال لي رجل أعمال سوري : مهما تكن نتائج الثورة الحالية فسوف لن يعود الوضع إلى ما كان عليه سابقا.


الديمقراطية هي أكثر أشكال الحكومات نجاحا في عصر الصناعة والإعلام الحالي. الهياكل الاستبدادية المتحجرة لعصر ما قبل الصناعة لا تستطيع مواجهة تحديات عالمنا الصناعي الحالي، وهذه حقيقة لم أكن يوما مقتنعا بها كمثل إقتناعي بها خلال الأشهر الأربعة التي كنت فيها شاهدا على معركة العرب من اجل الديمقراطية.
يشاهد العرب بشكل يومي، عبر الفضائيات، الحرية التي ينعم بها الآخرون ويتساءلون أين حريتنا؟ وحتى الديمقراطيات الغربية، التي تعاني من المديونية وعدم الثبات والمخادعة وما تتصف به أحيانا من نخب سياسية غير كفوءة، تبقى نموذجا يحلم به العرب كون البشر في هذه الديمقراطيات مواطنون وليسوا رعية، وأن مجتمعاها، رغم مظاهر الإنحدار فيها، تشهد تقدما لا يشوبه فساد كبير. 
حتى لواحتاج التغيير في العالم العربي الى عقود، أو أكثر، كما حصل في أوربا، فإن زمن الملوك والسلاطين والحكام غير المنتخبين والحكام الذين يعينون أنفسهم وصل إلى نهاية مؤكدة ولم يعد لهم مكانا على المسرح السياسي الدولي. لا يمكن إيقاف انتصارات الديمقراطية. الديمقراطيات العربية الجديدة ستواصل مسيرتها مع ما يعتريها من آثار وتركات الماضي التي تتخفى تحت أسماء وأقنعة جديدة لا تتوافق مع مفاهيمنا الدستورية. إن إزالة ظلم الماضي لا يكفي لوحده لنجاح الأشكال الجديدة للحكومة. الديمقراطية لا تأتي بالضرورة بإنجازات سريعة ولكنها بالتأكيد تملك أفضلية حاسمة على الأشكال الإستبدادية للحكم، فهي تسمح بتنفيس الإحباط، وفيها دائما بديل لعنف الثورة ودمويتها وهذا البديل هو التصويت السلمي لإسقاط الحكام أي هزيمتهم بالإنتخابات بدلا من تقديم خمسين ألف ضحية لتحقيق هذا الهدف كما حصل في لليبيا.



الثوار

التحدي الأكبر أمام الثورات العربية هو البطالة والشباب الخريجين الذين يجدون آفاق المستقبل مغلقة أمامهم. هؤلاء الشباب غالبا ما يكونوا متأثرين بالغرب أو حصلوا على تعليمهم فيه. بعض الثوار الذين التقيت بهم في ميدان التحرير في ذروة الثورة المصرية كانوا يتحدثون الألمانية، وظهر لي أنهم يشاهدون التلفزيون الألماني، أحدهم هتف بي وبمرافقيّ في وسط الجماهير المحتشدة قائلا (يا سيد تودنهوفر شكرا لمشاركتك في ثورتنا) وكنت بالغ الإندهاش، ثم فهمت منه أنه شاهد قبل أسبوع أحد البرامج الحوارية الألمانية التي شاركت فيها وكان النقاش حول مصر.

وسائل الإعلام حوّلت عالمنا الى مجتمع صغير، او لنقل على الأقل أصبح العرب يعرفون الغرب جيدا. كان الشباب العربي خلال التظاهرات يخبرونني بآخر نتائج مباريات الدوري الألماني. الشباب الثوري يتلقى الدعم من الطبقات الفقيرة من سكان أحزمة الفقر حول المدن الذين سبب تفكك البنى التقليدية للمجتمع وتوسع المدن إفقارا متواصلا لهم. الطبقة الحاكمة التي كانت في السابق تعتبرهم رعاع، أخذت الآن تغازلهم، لكن فقراء المدن فضّلوا التحالف مع الشباب الأكاديمي الذي يشتركون معهم في صفة البطالة والتهميش. هناك حقيقة أقر بها حتّى (مترنيخ) وهي إن الثورة الديمقراطية في جانب منها حرب الفقراء على الأغنياء.

قبل أيام من الانتخابات البرلمانية في مصر التي جرت أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عدت من جديد الى ميدان التحرير في القاهرة، وهذه المرة كان أغلب المتواجدين فيه من الطبقة الفقيرة، وكانوا يحملون حنينا وشوقا إلى تلك اللحظات من القوة المطلقة ليوم الحادي عشر من فبراير/شباط 2011 عندما إستطاع من لا أسماء ولا وجوه ولا أهمية لهم أن يسقطوا الفرعون مبارك.

وتماما كما حصل في الثورة الفرنسية التي قامت قبل 222 عاما، فإن الثورات العربية فجّرها أناس لا إنتماء سياسي محدد لهم، إنهم من نخبة البرجوازية الصغيرة : مثقفون وشباب وأطباء ومهندسون يدعمهم، في الغالب، مواطنون يعيشون في الخارج وكذلك القوى الأجنبية المهتمّة. في القاهرة أنشأ الأطباء مستشفيات مؤقتة في قلب ميدان التحرير يقدمون فيها الاسعافات الأولية لجرحى المتظاهرين ويشدّون من عزيمتهم. شاب ليبي طالب في الدراسات العليا في القانون هو الذي نظّم مؤتمري الصحفي مع الثوار في بنغازي. في دمشق تحدثت حتى آخر الليل مع شاب فنان يسافر بإنتظام إلى واوربا لينقل رسائل الثوار إلى المعارضة في الخارج. هذه النخب الصغيرة أخذت المبادرة وحرّضت الجماهير ونظّمت المظاهرات وادامت الإتصالات مع الإعلام ومع الدول الخارجية. نادرا ما تبدا الأمة ثورتها بنفسها. الجماهير بحاجة إلى قيادة وتوجيه هذه المجموعة الصغيرة من النخبة زبدونها ستفقدالجماهير الفرصة. الشعوب لديها أحلام ولكنها لا تعرف السبيل لتحقيقها.

لسنين طويلة صوّر إعلامنا المجموعات الإرهابية المتطرفة المتكاثرة، كالقاعدة، على أنها الخصم الخطير للحكام المستبدين في الدول العربية، والهدف من ذلك هو شرعنة دعمنا لهذه الأنظمة. هذه المنظمات الإرهابية لم تكن جزءا من الثورات العربية. قلت لثائر ليبي شاب مظهرك يشبه مقاتلي القاعدة فأبدى إنزعاجه لمقارنته بمجرمي القاعدة وقال إن إي ثائر ليبي لا يقبل هذه المقارنة وإنه لم يحلق لحيته لإنه أصلا لا يملك الوقت الكافي للنوم ولا يهتم بأمر اللحية. في الحالات النادرة التي خرج فيها الإرهاب من حجوره لركوب الثورة إستطاعت الثورة تنحيته جانبا. الثورة لم تكن ضد الحكام المستبدين فحسب بل وكانت ضد الإرهابيين الذين تجاسروا وتحدثوا بإسم العالم الإسلامي، وهي بالنتيجة ثورة ضد الصورة المشوهة التي صنعها الغرب بعناية عن بعبع سمّاه الإسلام.



تأثير الإعلام

جرى تسريع دوران عجلة الثورات وإمتداد تأثيرها بشكل هائل من قبل الإعلام الحديث، وهذا ليس أمرا جديدا، فحتى في أيام الثورة الفرنسية كان هناك حديث عن دور الإعلام في الثورة ولعبت المئات من الصحف والمجلات والكتيبات والملصقات والبوسترات والرسوم الكاريكاتورية، التي إنتشرت بشكل فجائي، دورا مؤثرا في الثورة الفرنسية.

واليوم، أصبحت سلطة الإعلام أكبر، ففي شمال أفريقيا إعتمدت الثورة بالدرجة الأساس على التلفزيون، الذي كان دورة في (المليونات العربية) أكثر أهمية من الأنترنت. ففي ليبيا، على سبيل المثال، جرى قطع خدمة الأنترنت كليا في أيام الثورة، وكان التنظيم والإتصالات تجري من خلال الهواتف النقالة والمساجد والتلفزيون. كان الناس يتظاهرون خلال النهار وفي الليل يشاهدون وقائع الثورة على شاشات القنوات الفضائية التي تنقل أخبار الثورة بشكل مستمر، وإن تحولت عنه فيكون ذلك لنقل أخبار بطولات دوري كرة القدم الأوربية أو أية أحداث كروية مهمة.
إن الفهم السائد في الغرب بأن الثورة المصرية كانت (ثورة فيسبوك) هو فهم يثير السخرية وخاصة لدى الشباب المصريين. في البدايات الاولى للإنتفاضة لعب الفيسبوك دورا مهما كوسيلة للإتصال، ولكن كانت هناك وسائل إتصال أخرى كالهواتف النقالة والمنشورات والإعلام الشفاهي. وكما حصل في جميع التظاهرات اللاحقة تحول الفيسبوك إلى وسيلة من ضمن وسائل عديدة أخرى من وسائل الإتصال، مع أن الفيسبوك وسيلة إتصال مجانية لم تجن منها شركات التسويق التجارية العالمية أرباحا.

أمّا قناتا (الجزيرة) و (العربية) فقد كانت أهميتهما إستثنائية، فهما الموجهتان الرئيسيتان، عن قصد، للمليونيات العربية. أمير قطر هو الموجّه لقناة الجزيرة ثمّ تحوّل إلى أكبر مزود للثورات العربية بالأسلحة. لم تعد (الجزيرة) و(العربية) قنوات إخبارية ولكن محركاً ويداً ضاربة للثورات طالما أن هذه الثورات ليست موجهة ضد المشايخ في الخليج أو ضد السعودية. قطر هي في المقام الاول قاعدة أمريكية جيوستراتيجية، وفي المقام الثاني هي دولة عربية صغيرة تعدادها عدة مئات من الألاف من السكان.
تعمل (الجزيرة) و(العربية) بالتناغم مع بعض الشبكات الإخبارية الغربية لصب الزيت على النار، فهي تضخّم الثورة وتعطيها حجما أكبر واقوى من حجمها الحقيقي، وتطلق رسائلها وتقاريرها الثورية بشكل يومي بطريقة الحملة المنظّمة لتصل الى بيوت الناس في الوطن العربي. هي في أحيان تكون القوة الدافعة وفي أغلب الأحيان تكون القوة التي تنشر المبالغات عن الثورة. أحيانا إستنادا إلى سياسة المحطة نفسها، ولكن في أغلب الأحيان بناء على حسابات سياسة القوة الدولية. ومعلوم أن الثورات تزدهر بدعم الإعلام بمبالغاته عنها وبشيطنته للحكام الظالمين وبالتفريق السطحي بين الأخيار والأشرار.
هناك من يرى أن الظالم لا يجب أن يعامل بعدل وموضوعية وصدق، وهكذا في الثورة كما في الحرب تكون الحقيقة هي الضحية الأولى ويجري تجاهلها بلا تحفظ بينما تزدهر روايات المجازر والرعب وأحيانا تختلق إذا دعت الضرورة لذلك. الدعاية الثورية تكون دائما أحادية الجانب والجرائم تنسب دائما إلى الطرف الآخر فقط، بينما جرائم الثوار يتم تجاهلها. أفلام (اليو تيوب) يجري التعامل معها على أنها حقائق دامغة وأصيلة مع أنها لا تعتبر دلائل أو قرائن في أية قاعة محكمة محترمة. منذ الثورة الفرنسية كانت الثورات أفضل فرصة لمروجي القصص الكاذبة أو (حكواتية العصر الحديث). إدّعى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية السيد مورينو أوكامبو وإدّعت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السيدة سوزان رايس أن جيوب جنود القذافي كانت مليئة بالفياغرا من أجل إغتصاب النساء، والحقيقة لم تكن كذلك، وأصلا القتلة ومغتصبو النساء لا يحتاجون للفياغرا، وهكذا إختفت رواية الفياغرا من عناوين الأخبار بعد ان أدّت غرضها لتبرير قيام قوات الناتو بتدمير دبابات القذافي في مداخل مدينة بنغازي، بالضبط كما حصل في كذبة (حاضنات الأطفال) الكويتية التي استخدمت ضمن مبررات شن حرب الخليج الثانية.

خلال الأسابيع الأربعة التي قضيتها في سوريا في شهري يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2011 كنت شاهدا على الكثير من التقارير الكاذبة التي لو أردت تدوينها لملأت صفحات كتاب. في أحد الأيام في شهر نوفمبر/تشرين الثاني أذاعت قناة الجزيرة خبرا يقول إن خمسة قتلى مدنيين نقلوا إلى المستشفى العام في مدينة حمص، فهرعت في الحال إلى المستشفى المقصود فأخبرني الأطباء أنهم لم يستقبلوا اي جريح أو قتيل، وكذا الأمر مع بقية مستشفيات المدينة، ولما اخبرت أحد الأطباء أن مصدر هذا الخبر الكاذب هو قناة الجزيرة أشاح بوجهه عنّي ولم يعلق. لقد تحولت الجزيرة منذ وقت طويل إلى إعلام تابع لقوى دولية. لربما شعر هذا الطبيب الرائع أنه يجب أن لا يشغل نفسه بالرد على تقارير كاذبة، ومع ذلك فإن هذا لا ينفي حقيقة أن هذا الطبيب كان شاهدا على وفاة عدد غير محدود من الأبرياء في بقية الأيام، إنهم ضحايا القتل المجاني من كل الأطراف. في تشرين الثاني/نوفمبر2011 تحدثت الصحافة العالمية عمّا إدعته كارثة إنسانية نتيجة نقص المواد الغذائية في حمص فذهبت فورا الى حمص لإجد دكاكين المدينة مليئة باللحوم والخضار والفواكه. وفي رحلة تالية الى المدينة تحدثت مع أحد الثوار عن هذه الأخبار الملفقة فضحك وقال لي لا تلم قناة الجزيرة فقد كنت أنا واصدقائي من زودها بهذه المعلومات.

وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2011 نشرت وسائل الإعلام الدولية أخبارا تقول أن سوريا منعت إستخدم أجهزة الهاتف من نوع (آي فون)، وعلى الفور إتصلت بشخص في دمشق ممن يستخدمون هذا الجهاز فأجابني بإن هذه القصة غير صحيحة وواصل الحديث من جهاز الآي فون عن الكثير من الإدعاءات الكاذبة التي ينقلها الإعلام الدولي.

لا شك أن الحكومة السورية تتحمل أيضا حصتها من المسؤولية عن هذه الفوضى الإعلامية. التقارير الإعلامية المضللة وأفلام اليوتيوب وصلت ذروتها عندما منعت الحكومة السورية وكالات الأنباء الأجنبية من دخول البلاد. ولا مناص من أن نذكر هنا إن مصداقية التلفزيون الرسمي السوري ليست بأفضل من مصداقية (الجزيرة) و(العربية).



دور القوى الإقليمية والقوى الكبرى

تحاول القوى الإقليمية والقوى الكبرى دائما أن يكون لها دور في سياق الثورات وأن توجهها من أجل أن تكون لها الكلمة الأخيرة في تحديد المنتصرين.
بعد أن فوجئت الولايات المتحدة بأحداث تونس ومصر حاولت أن تجعل من الربيع العربي فرصتها التاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق تصوراتها. ومعلوم إن الهدف الأساسي للولايات المتحدة ليس الديمقراطية بل تعزيز وحماية مصالحها في شرق أوسط كبير موالٍِ لها. حلفاء أمريكا مثل السعودية والبحرين ليس لديهم ما يخشونه من الغرب طالما إنه يسمح لهم بمواجهة الحركات الديمقراطية في بلدانهم بالهراوات.
وبالمقابل يتصرف الغرب بطريقة مختلفة عندما يتعلق الأمر بالثورات في دول معادية له، فهي تعطيه الفرصة للتخلص من الأنظمة التي تضمها قائمته للأنظمة المارقة، كما هي الحالة إزاء القذافي ثم الأسد، كما إنها تعطيه الفرصة، من جديد، لحمل لواء الدفاع عن حقوق الإنسان وتشكيل تحالفات (مقدسة) للدفاع عن الديمقراطية، وهو بذلك يكرر ما فعلته القوى الأوربية الكبرى في القرن التاسع عشر عندما أنشأت (التحالف المقدس) للدفاع عن الأنظمة الملكية.

وبنفس الحماسة الزائفة يقوم الغرب بدمج هدفي الديمقراطية والتدخل الأجنبي في عملية قذرة واحدة تطير بجناحي الكذب.

وحتى عندما تساعد بعض القوى الكبرى الثوار من اجل تحقيق الإنتصار فغالبا ما يسرقون منهم ثورتهم في النهاية، إنهم لا يكترثون بالحرية للمضطهدين أو لمن سماهم فرانز فانون (المعذبون في الأرض).



الطريق الصعب للديمقراطية

نادرا ما ينجح الثوريون في محاولتهم الأولى لتحقيق احلامهم بالحرية والكرامة والعمل والرفاهية، ونادرة هي الحالات التي يدرك فيها الثوار أن تغيير رأس السلطة لا يكفي بل يجب ان تصل الثورة الى عقول الناس. الثورة تحتاج لعقود وقرون لتنشيء الديمقراطية الحقيقية وسيادة القانون وفصل السلطات واحترام حقوق الإنسان، وغالبا ما تحتاج لوقت اكثر لكي تنضج ثمار الثورة. الثورات هي خطوات صغيرة في الطريق الطويل نحو دولة ديمقراطية دستورية، فالديمقراطيون في الغرب لا زالوا لحد اليوم يبحثون عن الديمقراطية الحقيقية، وخلال مائتي عام عانت أوربا من نكسات ودمار ودماء ودموع. إن الغربيين الذين، بعد أشهر فقط من الثورات العربية، يشيدون بنجاحاتها أو ينقمون عليها لا يعرفون شيئا عن تاريخ الثورات الطويل في قارّتنا الأوربية. العرب لن يصلوا في أشهر إلى ما إحتجنا أجيالا للوصول اليه، وتبقى الثورات العربية مهددة دائما بالإنتكاس والتحول إلى الإستبداد إذا تراكمت الآثار البغيضة للثورات. ومثلما عملت الديمقراطيات في الغرب يجب أن تتحول الديمقراطية في البلدان العربية إلى واقع معاش وأن يجري الدفاع عنها بشكل يومي دائم. الدكتاتوريات الشعبية هي أخطر عدو لجميع الديمقراطيات، وهي مرض يتربص بالديمقراطيات كظلها وبشكل أزلي وحتى ألمانيا لم تنفض، إلى اليوم، عن نفسها هذا الخطر بشكل نهائي.

هناك بدائل لدموية وبؤس وبربرية الثورة. الحكام العرب المهددون بالثورة اليوم يحتاجون أن يضعوا أنفسهم على رأس حركة الديمقراطية، وأن يتجرأوا في البدء بالثورة من القمة. ملوك السعودية والمغرب والأردن، وحتى الرئيس بشار الأسد، لا زالت الفرصة أمامهم للقيام بذلك،والفرصة لن تنتظر طويلا.

س أقبل عودتي إلى ألمانيا بقليل، وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول 2011 عدت إلى بنغازي وتجولت في ساحة التحرير وكانت مزينة بمئات الأعلام وآلاف الصور لقتلى الثوار. وشعرت وأنا أشاهد هذه الصور كأن عبد اللطيف ينظر إليّ بتساؤل. كانت هنالك لوحة كبيرة عليها شعار بالإنجليزية يقول (لدينا حلم) مع ان القلة في ليبيا يتحدثون الإنجليزية. صديقي أحمد، وهو شقيق عبد اللطيف، سحبني من أطراف قميصي وقال لي (قل لإصدقائك الذين صمموا هذا الشعار الجميل باللغة الإنجليزية بأن هذا الحلم هو حلمنا وقتلانا دفعوا حياتهم ثمنا من اجل ثورة عربية وليس أمريكية.

28 يناير 2012

رسالة الشعب إلى نوابه

سيد أمين

هذه رسالة الشعب إلى نواب الشعب، رسالة الشهداء وأمهات الشهداء، رسالة عيون فقئت، وأرجل بترت، رسالة استغرقت كتابتها واحد وثلاثين عامًا لكى يوجهها الشعب إلى نوابه الحقيقيين الذين اختارهم فى أول انتخابات حقيقية فى تاريخ مصر.. هى رسالة أم شهيد قضى نحبه فى السجون أو اقتطف القناصة زهرة حياتها، رسالة أب مكلوم قصم سوط الظلم ظهره، وردم الاستبداد ينبوع يقينه بإنسانيته، رسالة أبناء قتلت أو سحلت الماسونية أباهم فى هذا الركن النائى فى صعيد مصر أو دلتاها:

احملوا الأمانة فهى ثقيلة وليس لها إلا الأوفياء، كونوا على قدر المسئولية بألا تساوموا، فقد خان من ساوم على حق، ولا تهادنوا فقد ظلم من هادن ظالمًا، وركن فى وقت المعركة إلى الدعة والراحة، لا تلبسوا رداء الدبلوماسية فقد أفسدت أخلاق من قبلكم، وأوردتهم مهالك التاريخ لا سيما لو كانت البضاعة دمًا.

اعلموا أن شرعيتكم ما كانت لولا دماء البواسل، وأنها مهما سمت فهى أقل من شرعية ساحة الميدان الذى ألبسكم أرديتكم وأقعدكم مقاعدكم، وهو القادر الوحيد على نزعكم منها أو تثبيتكم عليها.

لا تتفرقوا، فالذئب لا يفترس إلا شاهًا شاردة، ولا تبتعدوا عن شعبكم فتنفصلوا عنه، وتذكروا أن من طار فعلا تبدد فى السماء، ثم سقط على الأرض.

لا تغرنكم المقاعد، فما دامت لمن قبلكم، ولا دامت لكم أو لمن بعدكم، وضعوا نصب أعينكم سير الأولين الذين لم يبغوا عرض الدنيا.

اختاروا بين أن يخلدكم التاريخ أو يلعنكم، بين أن يحفر أسماءكم فى ذاكرته بحبر من ذهب إذا ما انحزتم إلى شعبكم وبين أن يسطركم فى قوائم العار إذا انحزتم إلى سلطانكم ومنافعكم وتذكروا أن ما نما من سحت فالنار أولى به.

مصر الآن فى مفترق طرق، إما جنة وإما نار، إما عدل وحرية وتقدم وإما استبداد وعمالة وتخلف، وهذه فرصتنا التاريخية لصناعة دولة المساواة، دولة تقف على قدم وساق مع دول العالم المتقدم، لا تابعة لهم، دولة العلم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، اختاروا لمصر مكانة تستحقها والتاريخ لا ينسى.

وتذكروا أيضًا أن آية الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، وإنكم إن أحتكمتم إلى من جاء بكم فقد احتكمتم إلى سلاح أمضى من دبدبة الدبابات وأزيز الطائرات وقرقعة البنادق، ومن رضى عنه شعبه نام قرير العين هادئ البال مرضيًا رب الشعب، كما نام الفاروق من قبلكم آمنًا.

لا تكونوا سوطًا تجلد به العدالة ولا صوتًا يزيف الحقائق، دماء الشهداء لا زالت تسيل والمجرمون ما زالوا طلقاء دون قصاص، وتأكدوا أن المجرمين ليس هم فقط من قتلوا، ولكنهم أيضًا هم من حرضوا ومن كتموا الشهادة ومن صمتوا ومن زيفوا الحقائق ومن فتتوا وحدة الناس الذين قال فيهم الرسول الكريم: «لا تجتمع أمتى على ضلالة»

وكذلك تذكروا قول الله تعالى: «من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا» وقوله أيضًا: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب».

يا نوابنا فى البرلمان، نحن لا نريد منكم سوى العدل ولا رجاء فيكم دون العدل، ولا مهلكة لكم سوى ضياع العدل، فقد قدمه الخالق على الإحسان، وجعله اسمًا من أسمائه وصفه من صفاته.

أيها النواب.. ما سالت دماء ولا خربت بيوت ولا ثكلت أمهات أبناءها من أجل مجد شخصى لكم ولكن الضريبة الغالية دفعت من أجل مصر، ومن لا يعمل من أجلها بتجرد وإخلاص هلك ونال سوء المآل.

تمسكوا بالشعب تفوزوا.. تمسكوا بالشعب تفوزوا..


albaas10@gmail.com