01 يناير 2016

نص حديثي الى صحيفة ":كيهان" الفارسية حول الاوضاع الحالية




سيد أمين هو كاتب صحفي مصري يكتب في عدة صحف ومواقع مصرية وعربية منها الجزيرة نت وعربي 21 والعربى الجديد وصحف ورقية داخلية كثيرة , وله عدة مؤلفات منها ما هو تحليل سياسي ومنها ما هو اعمال ادبية وفنية , فضلا عن انه ناشط سياسي ومؤسس الحملة الوطنية لتوثيق جرائم مبارك ومنسق حركة قومبون ضد المؤامرة وسكرتير عام حركة صحفيون ضد الانقلاب وكبير باحثى المرصد العربي لحرية الاعلام فضلا عن نشاطات نقابية وعمالية اخري.

•تعیش السعودیة حالیا فی ظروف هشة وضعیفة للغایة، برایک لماذا قامت السعودیه وهی الان تواجه العدید من التحدیات، بتنفیذ حکم الاعدام؟

**بالطبع لا يمكن ان يكون هناك عاقلا ينشد الحرية والعدالة يؤيد المسلك الذى سلكته الحكومة السعودية وقيامها بتنفيذ احكام الاعدام في حق 47 شخصا بينهم الشیخ آیت الله النمر وهو كما عرفنا رجل له وجاهة خاصة طبقا للمذهب الشيعى , وجريمته هو بل وجريمتهم جميعا هى مجرد التعبير عن رفضهم لنظام الحكم الاستبدادى القائم في هذا البلد, ونحن هنا لا ندين تنفيذ احكام الاعدام على الشيخ النمر فقط ولكن ندين تنفيذها على اى انسان مهما كان رأيه او موقفه اوتوجهاته العقائدية والسياسية, فحق الحياة هو حق غالى وثمين ولا يجب ان ينزعه الا رب العباد نفسه.
واتطلع الى يوم تلغى فيه احكام الاعدام في كل عالمينا العربي والاسلامى وان نصبح دولا تحترم حق الاختلاف , لان الله سبحانه وتعالى جعل الناس مختلفين في كل شىء وبالطبع ستختلف معهم رؤاهم ومذاهبهم.
اما عن السبب الذى دفع المملكة العربية السعودية الى تنفيذ احكام الاعدام الان فهو توجيه رسائل مزدوجة الى العالم الغربي من جهة والى ايران من جهة ثانية والى الداخل السعودى من جهة ثالثة
فالرسالة الاولى التى وجهتها السعودية الى الغرب مفادها ان المملكة السعودية لا زالت تسير على خطى الغرب في محاربة الاسلام السياسي "السنى" – وان كنت شخصيا اكره هذا التصنيف الطائفي - سواء كان ذلك الاسلام المعتدل او المتطرف وانه يمكن الاعتماد عليها في هذه المسألة ولا صحة لتراجعها عن هذا المسار خاصة بعد تحالفها مع الاسلاميين في اليمن لمحاربة الحوثيين.
والرسالة الثانية تعطى نفس الاشارة ولكن من جهة ايران بوصفها زعيمة الاسلام "الشيعى" تفيد انها غير قلقة من اى انتصارات يحققها الحوثيون في اليمن وانه لا زالت بيدها زمام المبادئة والمبادرة الحربية وانها لا تخاف من توسيع جبهة الصراع مع ايران او حلفائها وهى لا تخشي ذلك وانها تصلح لتكون منافسا لايران في المنطقة.
ولعل ذات الرسالة كانت ايضا موجهة الى الداخل السعودى لكى تصرف انظاره عما يتسرب اليه من انباء عن هزيمة كبيرة تتعرض لها السعودية في اليمن وهو بالطبع ما اضعف هيبتها امام مواطنيها ومفاد تلك الرسالة اننا اقوياء لا زلنا وقادرون على الحسم بل وفتح جبهات كبيرة اخري
واعتقد ايضا ان هناك هدف اخركبير وراء هذا العمل وهو السعى لاشعال حرب طائفية او بمعنى ادق "حالة استقطاب طائفي" تمكنها من جمع كثير من اهل السنة حولها في حربها ضد الحوثيين ومن خلفهم ايران , وانا اعتقد انها فشلت في تحقيق ذلك حتى الان , والامر متروك الى كيفية التعامل الايرانى مع هذا الحدث فاذا اعتبرته ايران حدثا طائفيا مس برجل وجيه يتبع المذهب الشيعى وصعدت في هذا الاتجاه فانها بذلك ستكون قد حققت الهدف السعودى المراد من هذا العمل وهو بداية اصطناع حالة من الاستقطاب المذهبي في منطقة اصلا مستعدة للانفجار.
وبهذا الصدد اود الاشارة هنا ايضا الى ان حزب الله والسيد حسن نصر في لبنان كان بعد العدوان الصهيونى عام 2006 نجما عربيا لا يسمو عليه اى شخص عربي اخر في كل تاريخ العرب بحيث احبته الجماهير العربية حبا جنونيا ولم يلتفت احد حول ما اذا كان شيعيا او سنيا وذلك لانه لم يكن في هذا الوقت قد بدأ الاعلان عن انحيازاته الطائفية ولكن الان وبعدما ظهر في عدة خطابات يظهر ولاءات مذهبية قوية وبعد الموقف السوري انخفضت شعبيته بشكل واضح.
والقصد هنا ان اظهار الخطاب الطائفي في مثل تلك المواقف لا سيما من اخوتنا الشيعة قد يخدم الموقف السعودى البادئ باستدعاء حالة الاستقطاب , والحل هو التنديد بالجريمة - اى الاعدامات- بوصفها جريمة مسيسة طالت سنة وشيعة ويمكن بعد ذلك سرد كل الرسائل الثلاثة التى ذكرناها سابقا.

•هل کانت شروط المحاکمة و اصدار الحکم بحق آیت الله النمر عادلة؟

** في الحقيقة لم اسعى للاطلاع على ظروف المحاكمة أكانت منصفة ام غير منصفة؟ فقط انا سمعت انهم يتهمونة بتبنى افكار متطرفة والخروج على إمام المملكة والحاكم فيها؛ وإشاعة الفوضى وإسقاط الدولة، وجاء في حيثيات حكم المحكمة أن النمر "شره لا ينقطع إلا بقتله".
ومن المؤكد ان مثل تلك المحاكمات عادة ما تكون مسيسة , وعلمتنا التجارب ان كل النظم الاستبدادية قضاؤها مسخر دائما لخدمة السياسة واحيانا لخدمة الحاكم نفسه, وهذا الامر يكاد يكون وضعا لصيقا بالعالم الاسلامى كله للاسف.
ونحن لدينا في مصر شاهدنا الكثير من الاحكام القضائية المتطرفة وصدر على الالاف احكام بالاعدام ونفذ بعضها رغم ان الاحكام لم تكن نهائية ولم تستوفي مراحل التقاضى بل ان لدينا عدة اشخاص ادانتهم محكمة في قضية ما فحكم عليهم بالاعدام وفي نفس الوقت حوكموا امام محكمة اخري في نفس القضية وصدر عليهم حكم بالبراءة ومع ذلك نفذت فيهم عقوبة الاعدام بل ان المحكمة حكمت على شخص بالاعدام لقتله اخر فذهب الرجل الذى قيل ان قتل وقال انا حى ارزق ولم يقتلنى الرجل ومع ذلك ادين بحكم الاعدام.
فهذا للاسف هو حال القضاء في البلدان المستبدة , هو مجرد محاكم صورية بحتة احيانا تتعجل اتمام مهمتها المكلفة بها من الحاكم حتى دون اكتمال مراسم الشكل.
وللانصاف ايضا يجب انتقاد الموقف الايرانى الذى غض الطرف عن باقي الذين صدرت ضدهم احكام الاعدام وركز فقط في مطالباته على الشيخ الشيعى ايت الله النمر فذلك يعطى رسالة استقطاب غير محمودة والافضل كما قلت انفا انتقاد احكام الاعدام عموما وعلى ايران نفسها ان تبادر بالغاء عقوبة الاعدام لديها لتكون قدوة , خاصة في تلك الاحكام السياسية.

•برایک هل تسیطر العقلانیة علی حکام السعودیة بعد ملک عبدالله أو تطغی نوع من اللاعقلانیة والتسرع علی تصرفاتهم؟

** فى الحقيقة اندهشت من السؤال لانه يوحى وان كان بدون قصد الى اعتبار ان الملك عبد الله كان حاكما عقلانيا وان الملك سلمان على العكس منه, والحقيقة ان مثل تلك النظم المستبدة في عالمينا العربي والاسلامى لا فرق فيها بين عبد الله او سلمان او غيره فسياساتهم خاصة الخارجية هى مجرد صدى صوت لاجندات غربية وامريكية في كافة المجالات ولا يستطيع اى حاكم تغيير تلك السياسات الا اذا غيرت امريكا سياساتها.

•لماذا القی القبض علی آیت الله النمر وتم اعدامه؟ هل کان الحکم الاعدام یتناسب مع الجریمه؟

**كما قلت من قبل اننى لم اطلع على مجريات الحكم او الاسباب الكاملة للعقوبة القاسية التى صدرت على آیت الله النمر, ولكن التجارب السابقة علمتنا ان تلك النظم تبدى قساوة مبالغ فيها امام معارضيها السياسيين وتجيد اختلاق الذرائع والدسائس التى تبرر التنكيل بكل من يسير عكس الاتجاه العام الذى تريد من الناس ان يسيروا فيه , وانها رغم كل هذا العنفوان والاصرار والكبرياء تبدى ليونة وتساهلا كبيرا امام الغرب ومطالباته لها ,وان خزائنها وابار نفطها مفتوحة لشراء الذمم الغربية على كل موبقة ترتكبها , وانها لا تترك جريمة واحدة الا ارتكبتها طالما الامر يمس وجودها.
وما يجب ان نتسائله بهذا الخصوص هنا هل كان من ضمن الاتهامات التى اتهم بها ايت الله النمر تهمة القتل؟ وهل كانت تلك التهمة ذات دلائل قاطعة؟ اقول هذا لان هذه هى الجريمة الوحيدة التى يمكن ان يعاقب عليها الانسان بالاعدام ويصبح للحكم حجيته بوصفه قصاصا عادلا يحقق العدالة , وانا اعتقد بالقطع الامر غير ذلك هنا , ولذلك لانه لا يعقل ان يقوم شخص معروف بمثل تلك الجريمة لاسباب كثيرة, لذلك فالحكم هنا لا يحقق قصاصا ولا عدالة بحسب الصورة التى تظهر لى الان.

•ما هی نتائج وآثار اعدام الشیخ نمر علی مصیر آل سعود؟

** لا ادري ما تبعات هذا الحكم على نظام أل سعود ولكن بالقطع ستحدث هناك قلاقل كبيرة خاصة أن هناك كثيرون من اهل المنطقة الشرقية في المملكة السعودية يدينون بالولاء للشيخ الراحل , ويعتبرون ما حدث ضده خيانة تمس هيبتهم.
وفي المقابل لا ننسي ان خزائن أل سعود ستفتح على مصاريعها من اجل ضمان صمت العالم وايضا فان اثار الواقعة السلبية ايضا ستطال ايران, الجميع سيخسر وما سيحدث فقط هو اراقة المزيد من الدماء في منطقة حبلي بالثأر والكراهية وحمامات الدماء تملأ شوارعها ومدنها.

•هل هناک ارتباط بین اعدام الشیخ نمر وزیارة أردوغان الی المملکة ؟

** لا اعتقد ان هناك ارتباط بين زيارة اردوغان الى الرياض وبين اعدام ايت الله النمر وان كانت تلك الزيارة تهدف لتدشين حلفا اسلاميا سنيا يجمع تركيا والسعودية وقطر فسره البعض انه يأتى في مواجهة سوريا وروسيا وايران, فيما يظل السيسي في مصر محاولا مراضاة الحلفين سرا واللعب مع جميع الاطراف وهى السياسة التى ستكلفه الكثير لان كل طرف يعرف عدم اخلاصه بل ويشك في طبيعة نواياه.
وارجو الا تركز السياسة الايرانية كثيرا على ما يفعله الاتراك فهم في الواقع يحظون بشعبية كبيرة في الشارع العربي وخاصة لموقفهم في مصر وسوريا.

•لماذا ظلت المنظمات الدولیة لحقوق الانسان تاخذ الصمت ازاء جرائم السعودیه فی الیمن و داخل الحجاز ویکتفون فقط باصدار البیانات ظاهریا؟

** المنظمات الدولية دائما تأتمر بأمر الممول , و السعودية ليست ممول لتلك المنظمات فحسب بل هى ممول للوبيات الدولية التى تتحكم في تلك المنظمات , شأنها في ذلك شأن كل الامم المستبدة التى تصرف اموال الرعية ومقدرات العباد على التستر على جرائمها وسياساتها شأنها في ذلك شأن كل الدول العربية وربما الاسلامية دون استثناء.

•هل ستدفع السعودیة ثمن هذه الجریمة وکیف؟

** بالقطع ستدفع الثمن, ولكن للاسف من دماء واقوات المسلمين في هذا البلد بينما نظام الحكم لن يتأثر كثيرا وان كان ذلك يرسل له رسالة قوية مفادها ان اسلوب المقامرة والحكم الديكتاتوري لم يعد محتملا , والسؤال هو هل ستستطيع السعودية تحمل كلفة الموقف بعد الخسائر التى تلقتها في اليمن؟ لست واثقا من الاجابة
ولكن المنطقة العربية تتطور بشكل كبير وحراك الجماهير في كل الوطن العربي الكبير سيداوم الحراك حتى يؤسس النظم التى تعبر عنه وهذا الحراك سيطال السعودية ايضا.

•هل یمکن اعتبار اعدام الشیخ نمر خطأ استراتیجیا للسعودیه یهز اسس حکومه آل سعود؟

** بالقطع خطيئة كبيرة ارتكبها نظام أل سعود , خطيئة تعمق الفجوة التى تحدث الان في المنطقة العربية ستعمق الصراع المذهبي لعقود قادمة بين طرفي الامة الاسلامية , وسيكون ضحية هذا العمل هم الاجيال القادمة من المسلمين والعرب والسنة والشيعة, كما ان تلك الواقعة ازالت الخطوط الحمراء فلم يعد هناك مقدس في هذا الصراع وكل جريمة مستباحة.

•ما هو الواجب من ردود فعل الدول الاسلامیه ازاء هذه الجریمه؟

** لو كان هناك حكاما عقلاء في عالمينا العربي والاسلامى ما حدث فينا ما حدث , وما صارت اخبار القتل والدم والوفيات والتفجيرات والرصاصات هى الخبر الوحيد المتوافرفي صحف الصباح وعبر اخبار العالم .
لو كان هناك عقلاء ما حدث ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن والسعودية ولكن للاسف نحن كعرب نتكلم رصاصا وحكامنا لا يحترمون ارادة الشعوب لكن يحترمون العسكري الامريكى واوامره وقبلتهم في البيت الابيض الامريكى.
لذلك نحن اعتدنا عدم التعويل على ردات فعل تلك الحكومات فهى نظم تقمع شعوبها ولا تحميها ولذلك نجد الغرب يدافع عنها فهى خير جنوده لاستعمارنا

•ما هو دور امریکا واسرائیل فی اعدام الشیخ نمر؟هل یمکن اعتبارهما المحفزین لهذه الجریمه لایجاد الشقاق فی العالم الاسلامی؟

** قرأت ترجمات عن صحف اسرائيلية وغربية ووجدتها تهيم فرحا بهذا الحدث وتعبر صراحة عن امنياتها بان يتقاتل السعوديون والايرانيون وان يسقطون جميعا قتلى . بل ان صحيفة اسرائيلية اجرت استطلاعا حول كيفية نظرة مواطنيها لهذا النزاع وكان الجميع يعبر سعادته ويتمنى ان يستيقظ ذات صباح فلا يجد طهران او الرياض.
الغرب لن يجد افضل مما حدث لاذكاء نار الفتنة بين عدوين يتمنى لهما الفناء.

ليست هناك تعليقات: