04 مارس 2015

حكم اعتبار حركة حماس إرهابية رؤية قانونية

الدكتور/ السيد مصطفى أبو الخير
فى 28 فبراير الماضى أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكما باعتبار حركة حماس حركة إرهابية هذا الحكم منعدم قانونا لمخالفته للمبادئ العامة والقواعد الآمرة فى القانون الدولى العام والقانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان كما أنه يعد جريمة ضد الإنسانية وسوف نبين ذلك فى البنود التالية:
ليس من اختصاص محكمة الأمور المستعجلة النظر أو الفصل فى مثل هذه القضايا لأن محاكم الأمور المستعجلة تختص بالنظر فى خطر حال يستحيل تداركه بعد التنفيذ فأين هذا فى حالة حركة حماس. ومحاكم الأمور المستعجلة تحكم بظاهر الأوراق ولا تنظر إلى الموضوع وهذا يتنافى مع اعتبار حركة حماس حركة إرهابية لأن ذلك يحتاج إلى تحقيق جنائى وأدلة ومستندات تؤكد على أرتكاب هذه الحركة أو أفراد تابعين لها بجرائم إرهابية ضد مصر أو في مصر وهذا الأمر لم يثبته تحقيق قضائى نزيه ومستقل وهذا غير موجودفى هذه الدعوى. 
والغريب أن المحكمة أوردت فى حيثيات حكمها أنه ثبت يقينا أرتكاب حماس لعمليات إرهابية داخل مصر، ما هى المستندات التى قدمها المدعى تثبت ذلك علما بأن هذه المستندات لا تملكها إلا الجهات السيادية فى مصر؟ وهل كانت هذه المستندات تحت بصر المحكمة مما جعل اليقين قد أستقر ضمير وعقل المحكمة؟ ومن أين وكيف حصل المدعى على هذه المستندات الخطيرة التى تمس أمن الدولة القومى الخارجى والداخلى؟ هل قدمتها الأجهزة السيادية التى تملك مثل هذه المستندات الخطيرة؟ وإذا كانت هذه الأجهزة السيادية تملك تلك المستندات الخطيرة لماذا لم تقم هى بتقديمها للنائب العام للتحقيق فيها والتحقق والثبت من صحتها ثم يقوم النائب العام بتحريك الدعوى الجنائية طبقا لقانون الإجراءات الجنائية المصرى؟.
كما أن المحكمة أستندت فى حيثيات حكمها باعتبار حركة حماس إرهابية أنها هى التى قتلت عدد (25) جندى فى سيناء وهذا لم تصرح به الجهات المسئولة وخاصة القوات المسلحة المصرية وحتى تاريخه لم يصدر إعلان رسمى من مؤسسات الدولة فى مصر بمسئولية حماس عن قتل هؤلاء الجنود فضلا عن أن الرئيس الشرعى لمصر الاستاذ الدكتور محمد مرسى صرح أمام محكمة الجنايات أن من قتل هؤلاء الجنود هى المخابرات الحربية بل صرح أيضا بأن من قتل ثوار ثورة 25 يناير هى المخابرات ولكنه رفض التصريح بذلك احتراما للمؤسسة العسكرية وكرامتها أمام الشعب المصرى.
كما أستندت المحكمة فى حيثيات حكمها باعتبار حماس إرهابية أنها تعتبر الذراع والجناح العسكرى لحركة الأخوان المسلمين الإرهابية، علما بأن لم يثبت حتى الآن – على الأقل- ما يعتبر جماعة الأخوان المسلمين إرهابية فقد رفضت دول بريطانيا منها الولايات المجرمة الأمريكية وبريطانيا ودول عربية أيضا منها الكويت اعتبار جماعة الأخوان حركة إرهابية لم ينعت جماعة الأخوان باإرهاب إلا الدول التى مولت الإنقلاب على الشرعية فى مصر وهما السعودية والإمارات، كما أن وصف جماعة الإخوان بالإرهاب صدر عن محكمة غير مختصة وقد نفى ذلك روؤساء وزراء مصر سابقين عن جماعة الأخوان المسلمين. 
هذا الحكم يعد مخالفة لكافة دساتير مصر وأخرها دستور عام 2012م الذى نص فى المادة(154) منه على اعتبار الاتفاقيات الدولية قانون وطنى حال التصديق عليها وأيضا نص المادة (151) من دستورعام 1971م وهناك من الاتفاقيات الدولية الكثير يعتبر حركة حماس حركة تحرر وطنى وأهمها اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م. ويؤكد على أن حركة حماس حركة تحرر وطنى إعتراف الكيان الصهيونى لها بهذه الصفة من خلال عقد هدنة معها وعقد اتفاقيات تبادل أسرى.
وتنطبق على حركة حماس الشروط الواجب توافرها فى حركات التحرر الوطنى فى القانون الدولى الإنسانى وهى أن يكون لها قيادة موحدة وزى موحد وتلتزم بقواعد القانون الدولى الإنسانى وقواعد القانون الدولى أثناء ممارستها لحقها فى الدفاع الشرعى ضد العدو، طبقا للمادة الأولى من البرتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949م والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية الذى اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام من قبل المؤتمر الدبلوماسي لتأكيد القانون الدولي الإنساني المنطبق علي المنازعات المسلحة وتطويره وذلك بتاريخ 8 حزيران/يونيه 1977م تاريخ بدء النفاذ: 7 كانون الأول/ديسمبر 1978، وفقا لأحكام المادة 95 منه التى نصت على (1- تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تحترم وأن تفرض احترام هذا اللحق "البروتوكول" في جميع الأحوال. 2- يظل المدنيون والمقاتلون في الحالات التي لا ينص عليها هذا اللحق "البروتوكول" أو أي اتفاق دولي آخر، تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كما استقر بها العرف ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام. 3- ينطبق هذا اللحق "البروتوكول" الذي يكمل اتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب الموقعة بتاريخ 12 آب/أغسطس 1949 علي الأوضاع التي نصت عليها المادة الثانية المشتركة فيما بين هذه الاتفاقيات. 4 - تتضمن الأوضاع المشار إليها في الفقرة السابقة، المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية. وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة.) وهذا ما ألتزمت به حركة حماس أثناء ممارستها لحق الدفاع الشرعى فى كافة حروبها ضد الكيان الصهيونى.
خاصة وأن اتفاقيات جنيف الأربعة لعام1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م تعتبر قطاع غزة أرض محتلة وأكدت ذلك فتوى الجدار العازل الصادرة عن محكمة العدل الدولية عام 2005م التى أعتبرت الكيان الصهيونى خارج قرار التقسيم 181 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة قوة احتلال.
وقد طالب القانون الدولى الدول بالامتناع عن مساعدة الدولة المعتدية وهى هنا الكيان الصهيونى وهذا الحكم يعتبر مساعدة لهذا الكيان الغاصب المحتل لفلسطين.وألزم الدول أيضا بالامتناع عن الاعتراف بالتوسع الاقليمي وهذا الحكم يعتبر إقرار من سلطات الإنقلاب بتوسع الكيان الصهيونى على حساب فلسطين المحتلة أرضا وشعبا. وعلى الدول ايضا واجب التقيد بالقانون الدولي الذى يفرض على الدول ضرورة مساعدة حركات التحرر الوطنى حتى بالسلاح ولا يعد ذلك تدخلا فى الشئون الداخلية للدول وأيضا ألزم القانون الدولى الدول بواجب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومن هذه الحقوق الأساسية حق الدفاع عن النفس الذى كفله كافة مواثيق المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة فى المادة (51) منه، كما نص عليه أيضا كافة الإعلانات والاتفاقيات والمواثيق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان وعلى رأسها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لعام 1948م. 
وهذا الحكم يخالف إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة الذى اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/295، المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2007م، وحق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه بتشكيل حركات تحرر من الحقوق الأصيلة لهذا الشعب وكافة شعوب العالم، وهذا الحكم يصادر حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه وأرضه، علما بأن حق الدفاع الشرعى من الحقوق الطبيعية للدول التى لا يمكن التنازل عنها، ومثل هذه الحقوق لا يملك القانون الدولى والقضاء حيالها إلا تنظيمها وتسهيل الحصول عليها ولا يجوز تقيدها أو الأنتقاص منها، يقع أى قرار أو حكم من محكمة أو قانون يمنع أو ينتقص من هذه الحقوق الأصيلة والطبيعية منعدما قانونا، أى يعتبر فعل مادى لا يرتب عليه القانون والقضاء الدوليين أى آثار قانونية ويقف عند حد الفعل المادى المنعدم.
كما يخالف هذا الحكم إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (1514د-15) المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960م، لأنه يصادر حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، وهذا الحق منصوص عليه فى ميثاق الأمم المتحدة فى المادة الثانية والمادة (55) منه، وهو من الحقوق الأصيلة للدول التى لا يمكن التنازل عنها أو الانتقاص منها.
هذا الحكم يخالف المبادئ ألأساسية الخاصة بأستقلال السلطة القضائية، التى اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في ميلانو من 26 آب/أغسطس إلى 6 أيلول/ديسمبر 1985، كما اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/32 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985 40/146 المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985م، لأنه يؤكد على عدم أستقلال القضاء فى مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011م حتى الآن. ويخالف هذا الحكم الإعلان العالمى بشأن حق الشعوب فى السلم ، الذى اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/11 المؤرخ في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1984م. لأنه يحرم ويجرم على الشعب الفلسطينى حقه فى السلم ودفع العدوان عن نفسه.
وهناك العديد من الوثائق الدولية التى يخالفها هذا الحكم منها:
- المبادئ والأعمال المعتمدة بشأن المساعدة والحماية في إطار العمل الإنساني
الواردة بالقرار رقم (4) الصادر عن المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر (3 -7 ) كانون الأول/ديسمبر 1995، جنيف. وتطبيقا لهذا الحكم سوف تمتنع مصر عن المساعدة الإنسانية لقطاع غزة المحاصر بل سوف يتم تشديد الحصار الذى يشكل جريمة ضد الإنسانية. 
القرار رقم (5) الصادر عن المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر، 3-7 كانون الأول/ديسمبر 1995، جنيف بشأن دعم القدرة الوطنية على تقديم المساعدة فى الشئون الإنسانية والإنمائية وحماية المستضعفين، وقد أستغلت مصر ذلك وأغلقت معبر رفح فى وجه العديد من قوافل المساعدات الإنسانية الذهابة لغزة.
3 – الإعلان الختامى للمؤتمر الدولى لحماية ضحايا الحرب الصادر فى 30 أغسطس- الأول من سبتمبر عام 1993م بجنيف. لأنه بناء على هذا الحكم لن تقدم مصر المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المحاصر وسوف تغلق معبر رفح وتنمع مرور المساعدات الإنسانية عن الشعب الفلسطينى فى غزة وهو تفعله مصر حاليا.
4 – اجتماع فريق الخبراء الدولى الحكومى المعنى بحماية ضحايا الحرب الصادر فى 23 – 27 يناير عام 1995م جنيف. يترتب على هذا الحكم عدم تقديم الحماية لضحايا الحروب والغارات التى يشنها العدو الصهيونى على الشعب الفلسطينى داخل فلسطين ومنها منع تقديم السماعدات ومنع علاج المصابين فى المستشفيات المصرية وغلق معبر رفح.
5 – قرار احترام القانون الدولى الإنسانى ومساندة العمل الإنسانى فى المنازعات المسلحة الذى اتخذ دون تصويت من قبل المؤتمر البرلماني الدولي التسعون، 13 إلي 18 أيلول/سبتمبر 1993، كانبيرا، استراليا.
6 – قرار لمجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية في دورته العادية الستون، 6 إلي 11 حزيران/يونيو 1994، تونس بشأن احترام القانون الدولى الإنسانى ومساندة العمل الإنسانى فى المنازعات المسلحة. خاصة وأن الحصار المفروض على غزة هو بمثابة إعلان الحرب على غزة وغعلاق المعبر جزء من تلك الحرب. 
7 – قرار للجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية، الدورة العادية الرابعة والعشرون، اللجنة الأولي، المسائل القانونية والسياسية، 6 حزيران/يونيه 1994، بليم جو بارا، البرازيل بشأن احترام القانون الدولى الإنسانى. وبهذا الحكم تكون مصر قد خالفت وأنتهكت قواعد القانون الدولى الإنسانى ولم تحترم تلك القواعد.
8- نتائج وتوصيات الندوة الإقليمية بشأن التدابير الوطنية لتطبيق القانون الدولى الإنسانى، سان خوزيه، كوستاريكا فى الفترة من 18 حتى21 يونيه. وهذا الحكم يعد عائقا ومانعا من تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى على الشعب الفلسطينى.
9 – إعلان بشأن زيادة فعالية مبدأ الأمتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها فى العلاقات الدولية، الذى اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ فى 18 ديسمبر عام 1987م. هذا الحكم يساعد العدو الصهيونى فى عدوانه المسلح على قطاع غزة ويشرعن للعدوان باعتبار حركة حماس حركة إرهابية وليست حركة تحرر وطنى ضد الاحتلال الصهيونى، وذلك مفادة وجوب قتال وحرب تلك الحركة.
10 - الإعلان الصادر عن" الجمعية العامة للأمم المتحدة" رقم 375 (4) لعام 1949 بشأن حقوق الدول وواجباتها وهو يتألف من /14/ مادة تتضمن أربعة حقوق وعشرة واجبات وواجبات الدول تتمثل فى عدم التدخل، عدم إثارة الحروب الأهلية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعدم تهديد السلم ، وتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وعدم اللجوء إلى الحرب، وعدم مساعدة الدول المعتدية، وعدم الاعتراف بالاحتلال الحربي، وتنفيذ المعاهدات، والتقيد بالقانون الدولي. نظرة فاحصة للآثار القانونية المترتبة على هذا الحكم يتبين أنه مخالفة جسيمة لهذا الإعلان. لأن هذا الحكم يعد مساعدة للعدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فى غزة.
كما أن تنفيذ هذا الحكم يعد مخالفة جسيمة لقواعد وأحكام مبادئ القانون الدولى لحقوق الإنسان الواردة فى اتفاقيات واعلانات ومواثيق حقوق الإنسان العالمية منها والإقليمية لأن ذلك سوف يؤثر تأثيرا كبيرا على حالة حقوق الإنسان فى غزة ويزيد من معاناة الشعب الفلسطينى فى غزة ويحد من ممارسة حقوقه الطبيعية والأصيلة التى يوفرها القانون الدولى لحقوق الإنسان لكافة شعوب الأرض.
إضافة إلى ما سبق فأن هذا الحكم يكرس الحصار المفروض على قطاع غزة الذى يشكل جريمة ضد الإنسانية طبقا للمادة السابعة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية كما أن من توابع هذا الحكم إحكام الحصار الظالم على الشعب الفلسطينى فى غزة.
ترتيبا على ما سبق، يعتبر هذا الحكم منعدما قانونا لمخالفته المبادئ العامة والقواعد الآمرة فى القانون الدولى العام والقانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، لذلك فأنه يعد عمل مادى لا يترتب عليه أى آثار قانونية ويقف عند حده، كما أن مخالفة تلك القواعد الآمرة والمبادئ العامة لا يجوز حتى الأتفاق على مخالفتها من قبل الدول ولا حتى المنظمات الدولية الإقليمية منها والعالمية.

ليست هناك تعليقات: