18 فبراير 2015

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: اللهم أنت الرجاء

اللهم إني طرقت بابك العظيم، الواسع المشرع، لكل من توجه إليه بصدقٍ وتضرع، ودعاك أمامه وتبتل، وخشع بين يديك وتذلل، ورفع كفيه تجاهك سبحانك في السموات العلا راجياً ومتوسلاً، وباكياً ومتحسراً، وقد أغلقت الأبواب إلا بابك، وسدت الطرق إلا إليك، وأنت الواحد الأحد، مجيب المضطر، ومجير اللاجئ، وناصر الضعيف، وولي كل عاجزٍ وفقير، وسند كل مغلوبٍ ومسكين، تقبل من استجارك، ولا تطرد السائلين من على أبوابك ...
الله إنّا نعلم أننا أخطأنا وعصينا، وأننا ضللنا وانحرفنا، وضعنا وتهنا، وزاغت أبصارنا وضعفت نفوسنا، واسودت صحائفنا وشاهت كتبنا، فلم نعد نميز الحق من الباطل، والرشد من الضلال، والصدق من الكذب، والأصل من الزيف، فلا الليل صار ليل المستورين، ولا النهار بات مسعى العاملين، ولا الأرض أصبحت تتسع للآمنين والمطمئنين إلى عدل كتابك، ورحمة قضائك، وكأن الرحمة من بينا قد نزعت، والألفة التي كانت بيننا قد ذهبت...
اللهم أخرجنا من هذه الضائقة، واكتب لنا الفرج من هذه المصيبة، وعجل لنا بالخروج من هذه المحنة، فالكرب عظيم، والطامة كبيرة، والمصيبة شديدة، والخطب جلل، والدم بات رخيصاً، والأرواح أصبحت زهيدة، والحرمات منتهكة، والمقدسات مدنسة، وقد ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وهانت نفوسنا علينا قبل أن تهون على أعدائنا.
اللهم أنت رجاؤنا ورجاء المستضعفين، وأنت ربنا ورب العالمين، وإلهنا وإله الأولين، فلا تكلنا اللهم إلى أنفسنا ولا إلى أعدائنا، ولا تملك أمرنا لمن لا يخافك ولا يتقيك، ولا تجعلنا لقمةً سائغةً لأعدائنا، ولا طعماً رخيصاً بأيدينا، أو سلعةً بهوانٍ نتبادلها، فلا نقتل وأنت ربنا، ولا نهلك وأنت حافظنا، ولا نتوه وأنت إلهنا يا رب العالمين... 
فأجرنا اللهم واحفظنا، وخذ بأيدينا وانصرنا، وخلصنا مما أصابنا وحل بنا، وانقذنا من أنفسنا ومن أعدائنا، والطف بنا في يومنا وغدنا، واحفظ صغيرنا واحم ضعيفنا وارحم كبيرنا، وكن لنا عوناً ونصيراً، وحافظاً وأمينا، واحفظ أرضنا وبلادنا، وصن عرضنا واحقن دماءنا، وأعدنا إلى أرضنا وأوطاننا غانمين آمنين سالمين، فأنت سبحانك الرجاء، وعليك التكلان، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك.

ليست هناك تعليقات: