01 نوفمبر 2014

"المصريون" تنشر تحقيقا طريفا عن تضخم امبراطورية المرشدين السريين في مصر المقلوبة

لا تخلو مدينة أو قرية أو منزل من مخبر.. وكلمة السر عند المباحث مصدر سري
أكثر من مليون مرشد في عام.. و1974 العدد زاد أضعافًاً
الاختراق وصل إلى القنوات الفضائية.. وصحفيون قاموا بتسليم زملاء المهنة
قانونيون: من حق القاضي أن يأخذ بهذه المصادر أو رفضها
عزت حنفى أفاد واستفاد ورسم خريطة التعامل مع الداخلية فى عالم الإرشاد

إن القوة ليست أسلوبًا ناجحًا في العمل الشرطي ولكن الدهاء والحيلة من أكثر الأساليب الناجحة للقبض على المجرمين ويبدو أن دولة المخبرين السريين التي كان يعتمد عليها رجال الداخلية وضباط المباحث قد انكشف أمرهم لكثير من الأهالي بل وصل الحد إلى أن بقيت أسماؤهم تنشر في صفحات التواصل الاجتماعي بعد أن كان لا يعرف أحد عنهم وهاهي إحدي الصفحات تنشر أسماء بعض المخبرين السريين بعد أن اخترقت "المصريون" دولتهم.
ناهيا وكرداسة تمتلئ بالمرشدين السريين أقدمهم الصاروخ
ومن مدينة ناهيا وبولاق الدكرور يروي لنا بعض الشهود العيان الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم أنهم يعرفون أسماء الكثيرين من هؤلاء المرشدين الذين كانوا سببًا في إلقاء القبض علي زملائهم وأهاليهم سواء كان بسبب أو بدون لإرضاء ضابط المباحث في المنطقة "محمد. ز. شعبان" و شهرته "زكته" نبطشى أفراح وصديقه "صلاح. ن".
"مؤنس. ذ" صاحب محل بقالة في شارع السهراية بجوار مكتبة صلاح الدين.
"خالد. ر" الشهير بـ"صاروخ"، وعمل مخبرًا منذ أيام الانتخابات الرئاسية، حيث كان يقوم بتوزيع النقود على المواطنين أيام الانتخابات، مقيم على طريق ناهيا أبور واش بجوار مصنع البركة، "زكى. ع"، صاحب قهوة في السهراية، وهذا يعد أقدم مرشد في المنطقة.
"صلاح. ن" مخبر وتاجر مخدرات ويدير محل للملابس الجاهزة.
"عبدالنبي. ص" يعمل مخبرًا لمركز كرداسة وحاليا ينزل مع قوات الأمن.
"حمدى. ش" شقيق محامي معروف في المنطقة يسمي "على. ش" عضو في حزب الوفد وكان متواجدًا مع قوات الأمن أثناء اقتحام المنازل وبدون قناع.
"عطوش" يعمل مخبرًا وتاجرًا للكحوليات وبلطجى مسجل سابقا في جريمة قتل.
"عماد. د" سائق سابقا ويعمل تاجرًا في الأدوات المنزلية ومقيم في شارع عباس السنديونى متفرع من شارع السهراية.
"عمرو. ز" مخبر وبلطجى ويتاجر في المواد المخدرة وشهرته بعمرو الأقرع وقد قام بالإرشاد عن ابن عمه فايز وابنه "مقيمين أول شارع جامع الأربعين - السهراية - نجارين وتجار آثار، كل وقت يسألان أهالى السهراية عن أحوال فلان وعلان لتبليغ أمن الدولة عنهم".
"علاء. ع. ع" ووالده "كان موظفًا تابعًا للحكومة وكان يتاجر في الأنابيب أما الآن فيعمل في تجارة الآثار ومنزله الآن أكثر من 5 أدوار من الآثار ويقومان بضرب المسيرات أثناء سيرها".
الفيوم ترصد حسن وأخته
وننتقل إلى مدينة الفيوم، حيث روي لنا "عبدالله. م": "أن هناك شخصًا يسمي حسن، مخبر أمني، وأنه يقوم بإرسال أخته وتدعى صفاء بالخروج في المسيرة، وبتجميع معلومات عن السيدات وأزواجهن وتعرف من هو الزوج واسمه وبتبلغه للمخبر أخوها وحسن بيقعد كل مسيرة عند قهوة توبة عثمان وبيتابع المسيرة وبيشوف مين اللى بيمشى فيها غير كده بيجند بعض الأشخاص لمتابعة المسيرة لما بتدخل جوة البلد وأن من ضمنهم شخص اسمه جمال لأن في يوم المسيرة الشبابية في مسيرة الثلاثاء منتصف شهر 8 كانت المسيرة الشبابية لحركة مجانين الحرية رصدنا المدعو جمال لبن وهو بيتواصل مع المخبر حسن، حيث المدرعة نزلت المنطقة بعد انتهاء المسيرة وقامت بترويع الأهالي".
خطيب.. بدرجة مرشد مباحث
تقول فاطمة أحمد السيد، 25 عاما، تسكن في حي الحلمية الجديدة بمنطقة السيدة زينب: "أخويا معتقل منذ أكثر من عام والسبب هو أنه كان صوته جميلًا في قراءة القرآن الكريم، وكان المصلون يطالبونه بأن يكون إمامًا نظرًا لعزوبة صوته وكان هو القائم الفعلي على أمور المسجد من حيث الاهتمام بنظافته وتعليم الأطفال وقراءة القرآن وكان يقوم بتحفيظ الأطفال الصغيرة القرآن الكريم بدون أجر مادي".
وتضيف: "كان أبي أيضا يقوم مع أخي بنظافة المسجد يوميا إلا أن هذه الأمور كانت تسبب غيرة لدى إمام المسجد المعين من وزارة الأوقاف، خاصة أن المصلين كانوا دائما يطالبون أخي صاحب الـ 25 عامًا وخريج كلية الهندسة، أن يؤم الناس في الصلاة وكانوا يطالبونه بذلك أمام إمام المسجد فسبب ذلك غيرة من الإمام، وعلى أثر ذلك قام الإمام بإبلاغ الشرطة أن أخي إخواني ويستغل المسجد في الأمور السياسية".
وتستكمل: "وفي يوم قبل الفجر بساعة وجدنا اقتحام رجال الشرطة المنزل وقاموا بتكسير كل شيء بالرغم من أن أخي كان معهم واعتقلوه وحكموا عليه بأكثر من حكم واتهموه بأنه ينتمي إلى جماعة إرهابية وكثير من الاتهامات الباطلة".
وتقول زينب، 20 عامًا، طالبة بالفرقة الثالثة كلية الآداب جامعة القاهرة: "كنت في يوم رايحة الجامعة وراكبة ميكروباص والناس كانوا بيتكلموا في السياسة وكان في ناس كتيرة بتتكلم وضد التظام الحالي نظام السيسي وكان في راجل ضخم جنبه شاب ملتحي شكله في كلية طب لأنه كان في إيده بالطو".
وتستكمل: "الراجل قعد يقول للشاب إيه رأيك في السيسي فالشاب ماكنش يرد عليه ويقوله ربنا ييسر الحال فالراجل يقوله مرسي كان فاشل فالشاب برضو يسكت ويقوله ربنا ييسر الحال لكن الراجل قالوه في النهاية إن بتوع رابعة كانوا يروحوا مخصوص عشان جهاد النكاح، فالشاب رد عليه قالوا اتقي الله يا أخي مادام ماشفتش بعينك كدة".
وتضيف: "فجأة الراجل الضخم قال للسوق على جنب أنا مباحث وأخد الشاب معاه".
في البداية يقول الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون ورئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية والقانونية، إنه كان هناك أكثر من مليون مخبر مسجلين لدي الداخلية المصرية عام ١٩٧٤، بالتأكيد العدد زاد إلى الضعف هذا الكلام سمعناه من اللواء النبوي إسماعيل وزير الداخلية الأسبق، حيث قال إن المخبرين يفرضون أنفسهم علينا في الأحزاب السياسية وفي الإعلام وفي مجالات الأعمال وفي المجتمع المدنى، ابحث عن المخبرين فهم عملة الرداءة، افتح فضائية جديدة اختارت العكاشية منهجًا ستجد أحدهم هناك يبلع ريقه حتى «لا يتفتف» على الجمهور من فرط سذاجة وضآلة فكر وغلبة المرض وسيطرة الغرض، المخبر يوجه الرأى العام في وصلات يكرس فيها للجهل والغباء ويضر بها مسيرة جماهير «يونيو»!!
وأضاف "عامر" أن المخبر في ردهات أحزاب السياسة يزاحم الأسماء الوطنية الكبيرة التي انزوت لأنها تلتزم الإخلاص وليس الأطماع، المخبر يصول ويجول ويتعاطى مع منابر الرأى في الصحافة والإعلام لمجرد أنه يحمل صك «30 يونيو»، والإعلام يتفاعل دونما تفكير في أهداف «30 يونيو» ونبل مقاصدها للحفاظ على الدولة المصرية، المخبر حاضر بقوة الفراغ وغموض المشهد، المخبر يتواصل مع أصدقائه المخبرين في وسائل الإعلام ومن ثم تشكلت كتيبة للمخبرين، شجعهم على التحرك بشكل معلن والخيط الذي يربطهم ولاء للفكرة والإرشاد «الإرشاد من المرشد.. مرشد المباحث يعنى»! المخبر في مجال الأعمال يسعى للتلون كما ثعابين الصحراء؛ فقد انشغل في زمان «مبارك» بالقرب من الأجهزة كمخبر وكررها مع الإخوان، واليوم يعود إلى حظيرته السيراميكية ليعلن صوته من جديد كاذبًا عن نضاله حتى تنجح «يونيو»، ويحشد وراءه جوقة المخبرين التي تستهويها الحالة العنانية الشفيقية الفلولية!
وأكد أن المخبر في الصحف فهو يبحث اليوم عن غنيمة جديدة ليفعل كما كان يفعل في السابق، تشويه شخص أو مسيرة أو طموح جماهير، ويا ريت في السكة شوية استنفاع من مرشحى الانتخابات، ويا حبذا لو كانت رئاسية فهو مدمن لهذه المشاهد حتى يجنى الملايين الحرام، هاجم أولا ثم ابتز ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابعا، حتى تحصل على «الأوبيج».. المخبر الصحفى يجلس منتظرًا فريسته الجديدة ومعها تحفز ليرمى أخلاق المهنة ومعاييرها للمرة الألف في صندوق القمامة!! من يقرأ جيدًا تحقيقات الشرطة في أي قضية مهما كانت يجد أن معظم التحقيقات تعتمد على التحريات وهي في الأساس كلام مرشدين سريين دون أن يشير التحقيق إلى أسماء هؤلاء ومن أين جمعوا معلوماتهم في القضية، وصار العرف الأمني في عهد النظام السابق أن "المخبرين لا يكذبون"، وبمرور الوقت تحول المخبرون والمرشدون إلى دولة لا تحكمها أي قوانين سوي القوة وتبادل المصالح، فالعلاقة بين المرشد والضباط تبدأ غير سوية وتنتهي إلى كارثة، خاصة أن الخيانة عامل مشترك في تلك العلاقة وكل من الضباط والمرشد علي استعداد للتخلص من الآخر في سبيل تحقيق مصلحته.
لا يوجد حي في مصر إلا وبه مرشد سري معروف للجميع وفي الوقت نفسه يفرض سطوته على أهل الحي الذي يسكن فيه، لأنه يعتمد على مبدأ المصلحة المتبادلة مع ضابط المباحث، حيث يقوم المرشد السري بجلب القضايا التي تفيد ضابط المباحث دون أن يكلف هذا الضابط نفسه عناء البحث عنها أو التحقق من صحتها من أجل حصوله علي ترقية أو تكريم ويؤدي هذا المبدأ غير الشريف إلى إحساس هذا المرشد أنه أقوي من القانون فيقوم بتلفيق القضايا لأبناء الحي الذي يقيم فيه علي اعتبار أنه مسنود من رجال الشرطة.
وتكمن الخطورة هنا في اعتماد المخبر أو المرشد علي علاقته بضباط المباحث واستخدامه السيئ لهذه العلاقة في ارتكاب العديد والعديد من الجرائم مقابل المساعدة التي يقدمها باعتباره عين ذلك الضابط وذراعه الطويلة، سؤال تجيب عنه قصة عزت حنفي المسمي "إمبراطور النخيلة"، حيث كان يقوم بمساعدة ومساندة رجال الشرطة في الانتخابات والعديد من الحوادث الإرهابية والقبض علي مرتكبيها أحيانًا وفي سبيل ذلك يسمح له بامتلاك أسلحة بكميات ضخمة جدًا بحجة القضاء علي الإرهاب الذي كان منتشرًا في أسيوط وتغاضي ضباط الداخلية عن جرائمه الأخري في تجارة السلاح والمخدرات والعنف وتضخمت ثروته إلى حد استحواذه علي 280 فدانًا زرعها بالمخدرات فضلًا عن جرائم القتل، وعندما فاحت رائحته وانكشفت هذه العلاقة المريبة بين حنفي والشرطة كان القرار القبض عليه ومحاكمته علي الفور.
قضية أخري تكشف عن مدى إيمان سطوة دولة المخبرين إلى حد القتل في وضح النهار، حين وشي بعض المرشدين بالشاب خالد سعيد، بينما قام زملاؤهم من المخبرين بسحله وضربه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة أمام عيون الناس، وهناك عشرات القضايا والقصص التي تثبت تورط ضباط المباحث وعلاقتهم بالمرشدين السريين في تلفيق القضايا للأبرياء.
يعتبر المخبر السري والعادي، الوساطة التقليدية لبعض الجرائم والدلالة على فاعليها إلا أن هناك عددًا لا بأس به من الجرائم الغامضة التي كشفت خيوطها، واستخدام المخبر السري من الجنسين شائعة في كل دوائر الأبحاث الجنائية في العالم، فهو إذًا واسطة من الوسائط التي يلجأ إليها رجال الشرطة بجمع المعلومات عن الإرهابيين والقتلة واللصوص والهروب من الهاربين والمشبوهين وغيرهم، ويختلف رجال القانون وبعض المعنيين بعلم الشرطة والتحقيق حول مشروعية استخدام المخبرين، فبعضهم يعارض بصورة شديدة بينما لا يعارض البعض الآخر استخدامه عند الضرورة ويطلق عليه في (مصر) المرشد.
كما يعتبر المخبر أقصر طريق تقليدي لإماطة اللثام عن غوامض الجريمة وخفاياها أو التوصل إلى مخبأ متهم مطلوب القبض عليه، ولقد كان للمخبرين في السنوات الماضية دورهم المهم في كشف عدد من القضايا المستعصية التي حدثت في منطقة الجعافرة، حيث اعتمدت أجهزة الشرطة حين ذاك على خدمات المخبرين، حيث يكون لمخبر واحد أو مصدر في منطقة محال الذهب المشهورة بجرائمها الفضل في الكشف وإلقاء القبض علي عشرات الأشخاص المجرمين وأصبح استخدام المخبر السري من الأجهزة الأمنية شائعًا تمامًا، وفي الغرب يعتمد على المخبرين في قضايا الضرائب والمخدرات كثيرًا لكن النسب المئوية في العراق أكدت أن الاعتماد على المخبر السري والمصدر أصبح يشكل خطرًا كبيرًا على الحريات الفردية وأصبح وسيلة انتقامية أغراضها سياسية طائفية شخصية وبالتالي يؤثر في تحقيق العدالة التي هي المطلب الأهم، والمخبر في كثير من أعماله يجب أن يكون عونًا للمحقق وتدفعه الحمية الوطنية لصالح المواطن وأن يكون عمله متسقًا مع آداب المهنة وأصولها.
ولأن دولة المرشدين السريين لا تعترف بالقانون وتحاول فرض القوة تصدوا بكل قوة لثورة يناير التي كتبت شهادة وفاة تلك الدولة مع انهيار جهاز الشرطة فحاول المرشدون فض اعتصامات التحرير بالقوة واستعان بهم النظام المخلوع بعدما فقد شرعيته للاعتداء علي المتظاهرين فيما عرف بـ"موقعة الجمل" كما كان لهم الدور الأكبر في الثورة المضادة ومارسوا أدوارًا مشبوهة في ترويع المواطنين وإرهابهم والاعتداء علي المعارضين وإشعال الفتنة بين المسلمين والأقباط، كما أن دولة المرشدين كانت لها اليد العليا في اختيار نواب البرلمان الذين جاءوا بالبلطجة والتزوير وكان المرشح لأي انتخابات يعتمد علي جيش من المرشدين لمساعدته في إرهاب المواطنين وتزوير أصواتهم والتلاعب في النتائج وتغيير الصناديق إلى غير ذلك من الممارسات السيئة التي أضرت بالمواطنين، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل المرشدون عامل أساسي في مهمة الأمن لا يجب الاستغناء عنه؟
العسقلاني: من حق القاضي أن يأخذ بتحرياته أو يرفضها
ويقول ناصر العسقلاني، المحامي والخبير القانوني، إن المصادر السرية هي التى يقوم رجال الشرطة بتجنيدهم ولا يكونوا أشخاصًا معلومين لغير ضباط الشرطة الذين يختارونهم بعناية فائقة، لكن التحريات هي التي تؤيد كلام هذا "المخبر" من عدمه وإن كانت هي ليست الدليل الوحيد في القضية وغالبا المصدر السري يكون موضوعًا وهميًا يخترعه ضابط الشرطة وإن المحكمة لا تأخذ بهذه التحريات في معظم الأحيان، والقاضي حر في ذلك، حيث إن القاضي الجنائي حر في تكوين عقيدته وله أن يأخذ من الأدلة إلى ما يرتاح إليه ضميره وغير ملزم بأن يأخذ بالتحريات أو أن يطرحها جانبا وفي نهاية الأمر المحكمة تكون رائيها من خلال الأوراق والقرائن الموجودة في ملف القضية

ليست هناك تعليقات: