08 أكتوبر 2014

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: دولة الخلافة الأمريكية

تحت ذريعة داعش وأخواتها، يحذروننا من الخطر المحتمل لأنصار فكرة الخلافة الاسلامية، كما فعلوا بالأمس مع خطر أسلحة الدمار الشامل فى العراق، وبالأمس الأول مع أنصار الوحدة العربية او أنصار الأممية الاشتراكية، وكما يفعلون كل يوم مع أنصار الاستقلال الوطنى، أو مع أى دعوة أو فكرة أو حركة فى الوطن العربى وفى العالم كله، ترفض الاستسلام لهم والسير فى ركابهم.
حسنا ولكن ماذا عن الخطر الواقع والحال، المتمثل فى دولة الخلافة الأمريكية التى تحكمنا وتتحكم فى مصائرنا منذ عقود طويلة؟
وبدون الغوص العميق فى التاريخ، دعونا نتأمل معا حجم الوجود والسيطرة الأمريكية الآنية على حياتنا : 
عسكريا وأمنيا واستراتيجيا :
· هناك بالطبع الحشد العسكرى الجديد للحلف الامريكى فى العراق وسوريا.
· والاتفاقية الامنية الامريكية الجديدة مع افغانستان لتمديد أجل وجود القوات الامريكية هناك.
· و قوات الانتشار السريع الامريكية التى اعلنوا عنا مؤخرا فى الكويت.
· اما قبل ذلك فالقوات والقواعد الامريكية موجودة فى العراق والكويت والسعودية والامارات وقطر وسلطنة عمان والاردن وجيبوتى وفقا للبيانات المعلنة، ونظن انه ما خفى كان أعظم.
· هذا بخلاف قاعدتهم الاستراتيجية العظمى المسماة باسرائيل.
· وقواتهم موجودة فى سيناء أيضا تحت عنوان قوات متعددة الجنسية، وفقا لاتفاقيات كامب ديفيد، كما يحصلون على تسهيلات لوجستية مصرية لبوارجهم فى قناة السويس ولطائراتهم فى المجال الجوى المصرى.
· يقومون بتدريبات مشتركة مع كافة الجيوش العربية على غرار مناورات النجم الساطع مع مصر.
· ويقومون منذ سنوات طويلة بتعليم وتدريب قادة الجيوش العربية فى الاكاديميات العسكرية الأمريكية، التى لا تخلو بالطبع مع عمليات غسيل أدمغة وعقائد موجهة و ممنهجة ومدروسة.
· طائراتهم بدون طيار "تبرطع" فى سماوات المنطقة لتقتل من تريد، فى اليمن وافغانستان وباكستان والصومال.
· أما حلفهم المركزى المسمى بالناتو فقواعده فى تركيا، ناهيك عما فعله فى ليبيا.
· يقتسمون النفوذ فى العراق مع ايران، ويسلحون الأكراد، ويدعمون انفصالهم لإنشاء دولة كردية تماثل اسرائيل. ويسلحون ويدربون المعارضة السورية "المعتدلة".
· يحتكرون بيع وتصدير السلاح لغالبية الجيوش العربية، لضمان التفوق العسكرى الاسرائيلى النوعى على كافة الدول العربية مجتمعة، بالإضافة بالطبع الى استنزاف الثروات العربية فى خزائن شركات السلاح الامريكية الكبرى.
· يقومون برعاية اسرائيل والحفاظ على وجودها وأمنها، ويعملون على تصفية فلسطين وقضيتها. ويعطون الممارسات الصهيونية الاحلالية الاستيطانية الإرهابية العنصرية، غطاءً كاملا فى الأمم المتحدة، ويمولون السلطة الفلسطينية الموالية لاسرائيل، ويدربون الشرطة الفلسطينية للتصدي لمظاهرات وانتفاضات الشعب الفلسطيني فى الضفة. وقبتهم الحديدة الأمريكية تحمى إسرائيل من صواريخ المقاومة الفلسطينية، ويكرهون كل الأنظمة العربية على الاعتراف بإسرائيل والسلام معها.
· ينزعون السلاح عن الاراضى العربية المجاورة لاسرائيل فى مصر وسوريا والاردن والضفة الغربية المحتلة ولبنان بموجب اتفاقيات او قرارات دولية جائرة، ويفرضون مناطق حظر جوى على هواهم كما حدث فى العراق إبان حصار العشرة اعوام.
· يقومون بتخطيط الترتيبات الأمنية الإقليمية فى المنطقة، وتوزيع الأدوار على الدول العربية، ومن أمثلتها الاتفاقية الامنية الامريكية الاسرائيلية للمنطقة الواقعة من جبل طارق حتى باب المندب لحظر توريد أى سلاح للمقاومة الفلسطينية، والمعروفة باسم اتفاقية ليفنى/رايس، الموقعة بعد عدوان الرصاص المصبوب.
· يدعمون ويمولون ويسلحون جنوب السودان بعد وقبل سلخها عن السودان، ويحاولون تكرار ذلك فى دارفور.
· وهم الذين يصدرون تراخيص السلاح النووى لدول العالم؛ مسموح لاسرائيل، مرفوض لايران والعرب الذين لم يجرؤون بالمطالبة به أصلا، ناهيك عن تدمير السلاح الكيماوى السورى، ولن اذكر احتلال العراق بذريعة نزع أسلحة الدمار الشامل.
· يتحالفون استراتيجيا ويتعاونون امنيا ومخابراتيا مع غالبية الدول العربية.
· يقسمون العالم الى مناطق انتشار وسيطرة عسكرية، وياتى موقعنا فى منطقة "سنتكوم" وهى اختصار لكلمة "القيادة المركزية الامريكية" .
· يصنفون البشر والدول والأحزاب والتنظيمات والجماعات، الى فئات وطبقات ودرجات، ويمنحوا اللعنة أو صكوك الغفران الى من يشاؤون.
· يحاربون حركات المقاومة والثورات الشعبية، ويسعون الى احتوائها واجهاضها وتفريغها من مضامينها، ويقودون حركات الثورات المضادة فى العالم كله.
· قاموا بارسال الوفود والشروط والتحذيرات والتهديدات الى الثورة المصرية منذ ايامها الاولى، بضرورة الالتزام بالسلام مع اسرائيل، لكى يعترفوا بها.
· يصنفونا الى معتدل ومتطرف وارهابى، ويفرضون العقوبات أو الحصار أو الحرب على الخصوم حسب الطلب، وينهالون بالمعونات والمنح والقروض على الأصدقاء والتابعين، ثم يستعيدوها من الابواب الخلفية.
· يمنحون او يحجبون اعترافهم بالنظم الحاكمة، وما أدراك ما هو الاعتراف الامريكى الذى يستتبعه فورا اعتراف دولى.
· يسنون فى مجالسهم التشريعية القوانين الى تتدخل فى أخص شئوننا الداخلية.
· يشعلون ويشجعون الصراعات الداخلية والحروب الاهلية، لتسهيل مهمة اختراقهم للمجتمعات بالتحكم فى موازينها و نتائجها من خلال الدعم العسكرى والتمويل المادى لهذا الطرف او ذاك.
· يعكفون منذ نهاية الحرب الباردة على إعادة تشكيل خرائطنا وترسيم حدودنا مرة أخرى بمزيد من التقسيم والتفتيت.
· يسقطون ويحاصرون الأنظمة الوطنية، ويستبدلونها بأنظمة تابعة، وأمريكا اللاتينية خير شاهد على ذلك.
· يحشدون ويفضون الدول العربية بحكامها وأنظمتها وجيوشها، للمشاركة والتخديم على المصالح والمشروعات الامريكية.
· وبمعوناتاهم ومنحهم يخترقون كل مؤسسات الدول ويتحكمون فى نظمها السياسية وتشريعاتها الاقتصادية ومناهجها التعليمية وهويتها الثقافية.
· يؤممون كل قرارات الأمم المتحدة ويوجهونها، باستخدام سلاحهم الشهير "الفيتو"، الذى على مذبحه، تم تصفية كل حقوقنا الوطنية والقومية.
***
واقتصاديا وانسانيا:
· يمثلون هم وحلفائهم 20 % من سكان العالم ولكنهم يسيطرون على 80% من الناتج العالمي.
· يفتحون أسواق العالم أمامهم عنوة، ويدمرون الصناعات الوطنية، ويعيدون صياغة النظم الاقتصادية لدول العالم، باستخدام كافة أنواع الضغوط مثل المنح والقروض والمعونات والمؤسسات الدولية النقدية أمثال البنك وصندوق النقد الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، ومؤسسات التصنيف الائتمانى للترويج او للتشهير باقتصاديات دول العالم حسب الطلب.
· ثم يُكرهون الدول الفقيرة على ربط اقتصادياتها بالسوق العالمي، للسيطرة عليها وعصرها ونهبها واختراقها والتحكم فيها، واستباحة أسواقها أمام شركاتهم العابرة للقوميات.
· يقتحمون حياة الشعوب ويتسربون الى منازلهم ويتحكمون فى مصائرهم ودخولهم، فيفرضون على الحكومات فى بلادنا، الامتناع عن دعم الفقراء بالسكن أو الوظيفة او التعليم او العلاج، ويجبروهم على تقليص دور الدولة الى أبعد مدى فى خدمة مواطنيها.
· يغرقون العالم بالدولار، ويفرضون على الدول تعويم عملتها الوطنية وربطها بعملاتهم، لإحكام دوائر الهيمنة والسيطرة والتحكم.
· يحتكرون الثروات النفطية العربية والإقليمية تنقيبا وتصنيعا ونقلا وتصديرا، ولا يتوانون على شن الحروب وإشاعة الاضطرابات ان تعرضت مصالحهم او عقودهم النفطية والتجارية للخطر أو المنافسة.
· ويسيطرون على عوائدها من أموال الملوك والأمراء والمشايخ العرب المودعة فى البنوك والمصارف الامريكية والأوروبية.
· يتحالفون ويستقطبون ويوجهون رجال الأعمال والإعلام والأمن وكبار رجال الدولة فى مجتمعاتنا التابعة، كما ورد بالتفصيل فى محاضرة لآفى ديختر وزير الامن الداخلى الاسرائيلى الاسبق.
· انهم تجار موت من الطراز الاول، يفجرون الصراعات والحروب، بغرض تسويق منتجاتهم من الاسلحة وأدوات القتل من كل صنف ونوع.
· يخترقون حياة وخصوصية خلق الله فى كل بلاد العالم، من خلال حزم من القوانين المقيدة لحركة الافراد والاموال عبر العالم.
· يوظفون تفوقهم التكنولوجى فى مراقبة كل قادة وشعوب العالم والتجسس عليهم.
· يسوقون لأنفسهم ولأفكارهم ولمصالحهم عالميا بصفتهم أخيار العالم وأسياده باستخدام ماكيناتهم الاعلامية والسينمائية الجبارة، وتتصدر أتفه أخبارهم، مثل زواج هذا الفنان أو أزياء تلك الفنانة، نشرات أخبارنا، وكأننا رعية فى مملكتهم، نتطلع لمتابعة آخر أخبار القصر وحاشيته.
· لقد وصلوا بنا إلى الدرجة التى أصبحنا نترقب البيانات والتصريحات اليومية الصادرة من البيت الأبيض، لنعلم ماذا سيحل بقضايانا ومصائرنا .
***
وبعد كل ذلك يأتون ليحذرونا من أنفسنا ومن تطرفنا ومن الأشرار فينا، وهم أصل كل بلاء وشر وجرثومة أصابتنا.
هزلت.
*****
القاهرة فى 7 اكتوبر 2014

ليست هناك تعليقات: