14 أكتوبر 2014

الفارق بين "يناير" و"يونيو"..كالفارق بين "غنيم" و"بانجو"

بقلم: م. يحيى حسن عمر
على مشارف ضريح بليت عظام صاحبه الذي مات قبل عشرات الأعوام، وقف الشاب (بانجو) يهتف أمام بعض المحتفين بذكرى صاحب الضريح: يا جمال نام وإتهنا..إحنا (محينا) أحفاد البنا !!.(2)
ولا أعرف كيف يمكن أن يهنأ صاحب القبر وهؤلاء يتقافزون من فوقه تقافز القردة، ويقولون ما يغضب الله ويستجلب لعنته عليهم وربما على صاحب القبر إن كانوا كما يقولون يستنون بسنته، وإذا كان الميت يزجر بما يقال عنه، ففي الحديث عن أبي موسى الشعري رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ، إِذَا قَالُوا: وَا عَضُدَاهُ، وَا كَاسِيَاهُ، وَا نَاصِرَاهُ، وَا جَبَلَاهُ، وَنَحْوَ هَذَا، يُتَعْتَعُ –أي يقلق ويزعج- وَيُقَالُ: أَنْتَ كَذَلِكَ ؟ أَنْتَ كَذَلِكَ ؟ ) أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني، فكيف بمن يقول لصاحب القبر لقد محونا خصومنا وفعلنا كذا وكذا من العظائم التي يرون أنها ترضي صاحب القبر وأنها على دربه، وما يدريهم لعل صاحب القبر يتمنى لو رد إلى الدنيا ليعمل غير الذي عمل، وما يدريهم لعل صاحب القبر يتمنى لو رد إلى الدنيا ليرد المظالم ويستسمح الذين عذبهم وظلمهم ويستسمح ذويهم من بعدهم، وما يدريهم لعل صاحب القبر يتمنى لو رد إلى الدنيا ليتبرأ من أتباعه ومناصريه، وربما من بعض بنيه !، فهلا تركتموه دون أن تزيدوه، فهو لا يمكن أن يهنأ بقتل نفس مؤمنة، فلعلها إن قتلت بإسمه أو إستنانًا بسنته أو مضاهاة لفعله أن تزيد عذابه أو تطيل حسابه، فأتركوه في قبره هانئًا أو مهينًا، ولا تفاخروا بالجرائم، فيوم القيامة يتبرأ بعضكم من بعض، ويلعن بعضكم بعضًا.
(3)
ولكن هذا ما خرج به علينا السيد (بانجو)، أيقونة (ثورة يونيو) الخالدة، والشاب أبو عيون جريئة صاحب التوكيلات إياها، والذي قاد - في الظاهر - التمرد الذي أدى لوقوع إنقلاب 3 يوليو وعزل الرئيس مرسي !.
(4)
وإذا خرجنا من المسميات بخصوص يونيو، نقول تمرد – كما أسماه أصحابه – ويقولون ثورة – يضاهئون بها ثورة يناير، نقول أن الفارق بين (ثورة) يناير و(ثورة) يونيو...يجسده تمامًا الفارق بين (وائل غنيم) والشاب (بانجو)، إذا أردت أن تعرف قيمة (يونيو) مقارنة ب(يناير)، أنظر إلى الإنتخابات الرئاسية ذات ال52% فهذه هي نتائج يناير، وأنظر إلى الإنتخابات ذات ال96% فهذه هي نتائج يونيو، أنظر إلى نزاهة الأولى...و(نزاهة) الثانية فهذا هو الفارق بين يناير ويونيو، أنظر إلى الحريات بعد يناير والقمع بعد يونيو فهذا هو الفارق بينهما، وإذا أردت أن يتجسد هذا كله في شخصين، أنظر إلى الفارق بين (غنيم) و(بانجو) يتجسد لك الفارق بين يناير ويونيو.
(5)
وائل غنيم شاب مصري متفوق يبلغ من العمر 34 عامًا، مهندس نابهة، حصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسبات من كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 2004م، كما حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال بامتياز من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2007 م. منذ عام 1998 إهتم غنيم بمجال الإنترنت حيث قام حينها بإطلاق موقع طريق الإسلام IslamWay.com، أحد أكبر المواقع العربية زيارة حتى يومنا هذا، أسس وائل غنيم الموقع وقام بإدارته لمدة ثلاثة سنوات!!. عمل غنيم في عدة شركات لخدمات البريد الإلكتروني والمعلومات على الأنترنت، ثم انتقل الي دبي في 2010 حيث يشغل منصب المدير الإقليمي في شركة جوجل لتسويق منتجاتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, ومشرفا على تعريب وتطوير منتجات الشركة، وفي عام 2010م قام بتأسيس صفحة "كلنا خالد سعيد" على فيسبوك تضامناً مع الشاب المصري خالد سعيد الذي تعرّض للتعذيب حتى الموت على أيدي رجال الشرطة في الإسكندرية، ودعا من خلال تلك الصفحة إلى مظاهرات الغضب في 25 يناير 2011م، وعندما قامت الثورة وعاد إلى مصر تم إعتقاله بعد عودته من قبل الشرطة وظل في مكان سري حتى أفرج عنه نتيجة للضغوط الشعبية والسياسية الداخلية والخارجية، وكان من أهم نشطاء وأيقونات ثورة يناير، وأستمر بعدها في نشاطات سياسية هامة، وكتب كتابًا قيمًا عن الثورة المصرية.
(6)
الأخ (بانجو)، يصغر غنيم بخمس سنوات، ولد في إحدى بلدات محافظة القليوبية، مشهور في هذه البلدة بلقب (بانجو) لكثرة تعاطيه مخدر البانجو، ويعرفه أهل البلدة جيدًا شأن جميع البلدات الريفية يعرف الجميع بعضهم بعضًا، فلا تخفى سماتهم على أهل بلدتهم، وهو صحفي متجول تجول بين عدة صحف جميعها صحف صفراء من مدرسة صحف الإثارة، مثل الدستور وغيرها، خريج (أكاديمية) بالمعادي، لم يذكر له أي دور في ثورة يناير، طفا فجأة على سطح الحياة السياسية في أوائل مايو 2013 ليقود مع بعض رفاقه حملة توقيعات غامضة تطالب بإنتخابات مبكرة لأسباب ساقوها بأسلوب ركيك في ورقة تحت إسم (تمرد)، ثم كان ما يعرفه الجميع من تداعي الأحداث، ونفى (بانجو) لاحقًا أي علاقة أو إتصالات بينه وبين أي جهات أمنية خلال تلك الفترة، إلا أن تصريحات عدة مسؤولين لاحقًا كذبت هذا النفي وأثبتت وجود تنسيق مستمر بين مسؤولي تمرد ومسؤولي الأجهزة الأمنية في الجيش والشرطة خلال تلك الفترة التي سبقت يوم 30 يونيو، ظهر السيد (بانجو) على الشاشات كثيرًا عقب 30 يونيو بإعتباره البطل المغوار، وسؤل ذات مرة: ما رأيك في الفريق السيسي، فرد قائلًا: ببساطة حظ مصر مع رتبة الفريق كويس، فتجد الفريق الشاذلي والفريق محمد فوزي، بينما حظها مع رتبة المشير سيئ فتجد المشير عبد الحكيم عامر !، لذلك أقول أن هذا مستمر مع الفريق السيسي !! (ما شاء على العمق الفكري !!، أهذه هي إجابة السؤال ؟!، طيب ترى ما رأيك الآن وقد اصبح الفريق مشيرًا ؟!).
(7)
هذا هو الفارق يا سادة بين ثورة يناير و(ثورة) يونيو، فارق يجسده الفارق بين إيقونتي الثورتين، شاب مهندس واعد ومرموق تسعى وراءه الشركات العالمية، وآخر متجول بين الصحف الصفراء، شاب أنفق سنوات من عمره ينشئ أهم موقع إسلامي للشرائط في العالم، إستفاد ملايين المسلمين من آلاف الساعات من شرائط القرآن والعلم الشرعي، وشاب أنفق تلك السنوات تقريبًا في (البانجو) !!، شاب ساهم في ثورة يناير بموقع (كلنا خالد سعيد) الذي كان يجلد نظام مبارك وتبحث عنه (شرطة أمن الدولة) بجنون إلى أن قبضت عليه وأهانته وسجنته، وشاب نشأ دوره في طاعة (أمن الدولة)، فهو مع (أمن الدولة) (منسق) و(مأنتم) و(مظبط) وطبعًا (متأبج) !!، شاب يقدم فكره وتجربته في كتاب قيم، وشاب يقدم الهزل في موضع الجد ويسأل عن قائد العهد الجديد فيقول سيكون جيدًا لأن رتبة الفريق (دح) ورتبة المشير (كخ) !!، شاب يبكي على الهواء للدماء التي أريقت، وشاب يهتف (إحنا محينا أحفاد البنا) !!.

ليست هناك تعليقات: