15 سبتمبر 2014

هيو -لوري بوجارد: ​دعونا نكن واقعيين في شراكتنا مع المملكة العربية السعودية لمحاربة داعش


المصدر
يتزامن هذا الأسبوع مع الذكرى الثالثة عشرة لهجمات 11 سبتمبر، عندما قتل تنظيم القاعدة 3.000 شخصًا في نيويورك وواشنطن وشانكسفيل بولاية بنسلفانيا.
خمسة عشر شخصًا من الخاطفين التسعة عشر للطائرات التي استخدمت في الهجمات كانوا سعوديين. وكذلك كان زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن. ومنذ ذلك الحين، والولايات المتحدة تمارس ضغطا كبيرا على المملكة لمكافحة الإرهاب.
كما واجهت المملكة العربية السعودية سلسلة من الهجمات الدراماتيكية التي قام بها تنظيم القاعدة في المملكة نفسها منذ عشر سنوات وأدى إلى مقتل العشرات من الناس. ودفعت تلك التجربة السعودية للعمل بقوة لمنع وقوع هجمات أخرى داخل البلاد وملاحقة الإرهابيين الذين ارتكبوها.
كما منعت المملكة أيضا تدفق الأموال المخصصة للإرهابيين، وعملت على منع الخطب الدينية الداعمة للإرهاب، وسجن وإعادة تأهيل المتشددين. ورغم ذلك، مع مر السنين، اشتكت الولايات المتحدة -لسبب وجيه- أن هذه التعهدات مقيدة بقدرات السعودية وبالسياسة السعودية.
فقيادة البلاد السياسية (العائلة المالكة من آل سعود) والقيادة الدينية (أتباع المنهج الوهابي المتشدد للإسلام السني) تعايشتا في علاقة تكافلية لأكثر من قرنين من الزمان. كما تعتمدان على بعضهما البعض للحصول على الدعم والشرعية بين السكان. وممارسة الكثير من الضغط من أحدهما على الآخر، يعرض سلطة ونفوذ كلا المجموعتين للخطر.
أما اليوم، فهناك شيء واضح: وهو أن القيادة السياسية السعودية تنظر إلى داعش باعتبارها تهديدا مباشرا للمملكة، خاصة بعد الاكتشاف في وقت سابق من هذا العام بأن العشرات من المواطنين السعوديين داخل المملكة، خططوا بالتواطؤ مع أعضاء سعوديين في داعش في سوريا، لاغتيال المسؤولين الدينيين والأمنيين في البلاد.
وأعقب ذلك الاكتشاف أول هجوم يحدث منذ خمس سنوات على الأراضي السعودية من قبل فرع تنظيم القاعدة باليمن (القاعدة في جزيرة العرب). ففي يوليو الماضي، اقتحمت نصف دستة من أعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الحدود السعودية من الجانب اليمني. وقام اثنين منهما بشق طريقهما إلى بلدة حدودية مجاورة وفجرا نفسيهما داخل مبنى حكومي.
وقبل ثلاثة أسابيع، أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب دعمها لداعش. كما أن هناك بوادر تعاون بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وداعش. مع تفاقم التهديد الإرهابي لداعش ضد المملكة العربية السعودية.
ومما زاد الطين بلة، هو أن معظم المهاجمين للحدود السعودية في يوليو الماضي، كانوا قد تخرجوا من برنامج إعادة تأهيل الإرهابيين في المملكة.
ووفقا لمسؤولين سعوديين، فإن واحد من بين كل عشرة من هؤلاء الذين يحضرون البرنامج يعودون إلى التطرف، كما أن اثنين من كل عشرة من المحتجزين السابقين بغوانتانامو الذين يحضرون البرنامج يعودون إلى التشدد. ويعتقد أن نسب الدعم الأيديولوجي لداعش بين المواطنين السعوديين ليست قليلة.
في مواجهة هذا الخطر المتنامي، فقد أظهرت القيادة السياسية السعودية عزمها على في محاربة الدعم الأيديولوجي والمالي والجهادي لداعش، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجماعات أخرى على غرار تنظيم القاعدة في الداخل؛ واتخاذ إجراءات جنائية ضد هؤلاء المتشددين وأنصارهم؛ واستخدام بعض القوة الناعمة لإضعاف دعم داعش من قبل المسلمين الآخرين خارج المملكة.
وتتخذ المملكة العربية السعودية هذه التدابير العلنية مع العمليات السرية في السياق نفسه، بما في ذلك في العراق.
وبينما تسعى واشنطن لإقامة شراكة مع المملكة العربية السعودية في مكافحة داعش، فإنه ينبغي ألا تضع دورا مهما للمملكة، ولا أن تبني توقعات غير واقعية حول مشاركة المملكة في الجيش وفي العمليات العلنية والنفسية وغيرها من العمليات. وحتى تصل واشنطن إلى أفضل نهج للشراكة مع السعوديين بما يخدم مصالح واشنطن الخاصة. يجب أن نفرق بين ما يظهر السعوديون أنهم على استعداد لفعله، وبين ما هم قادرون سياسيا على القيام به.
وسيحدد هذا النهج فوائد وحدود شراكتنا الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الصغيرة، والذين تتلاقى مصالحهم السياسية أحيانا وأحيانا أخرى تتباعد عن مصالح واشنطون وطموحاتها.
وفي هذا الصدد، من المهم أن تضع واشنطون في اعتبارها اثنين من المحاذير الهامة:
الأول هو أنه أبعد من الحرب على داعش، فإنه سيكون من الغباء أن تنظر إلى المملكة العربية السعودية كشريك للمساعدة في العمل نحو حل سياسي عادل بما في ذلك خلق نظام ديمقراطي في العراق وسوريا. فالمملكة العربية السعودية تضاد بشكل صارخ أجندات الديمقراطية وكذلك السلطة السياسية الشيعية في المنطقة. وجهود المملكة لتقويض الحكومة الأكثر تمثيلا في البحرين المجاورة هو مثال على ذلك. حيث ترى القيادة السعودية الديمقراطية على حدودها باعتبارها تهديدا لنظام السلطة المطلقة الذي تدير به البلاد.
والثاني يتعلق بفهم المملكة للإرهاب. فعندما يتعلق الأمر بتحديد من هو الإرهابي، فإن المملكة العربية السعودية لا تفرق بين المسلحين وبين النشطاء السياسيين السلميين. حيث سجنت المملكة مؤخرا داعية حقوق إنسان سعودي على أنه إرهابي.
وفي نفس الوقت الذي تقوم فيه واشنطن بالعمل على توسيع قدرات المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الإرهاب، يجب عليها أيضا أن تواصل العمل نحو ضمان أن القدرات التكنولوجية وغيرها التي تقدمها للملكة لا تستخدم ضد الأشخاص الخطأ، وخاصة دعاة الإصلاح السياسي والمعارضين

ليست هناك تعليقات: