07 يناير 2014

اربعة وعشرون سببا لمقاطعة الاستفتاء على وثيقة الدم-الدستور

قرأت ما صدر عن لجنة الخمسين، لأعرف ما هي هذه الورقة التي يريدون أن يفرضوها علينا كدستور لمصر بدلًا من الدستور الذي وافق عليه الشعب المصري وعطلوه. لم أنشغل كثيرًا بالمواد المتعلقة بالسلطة السياسية، التي تحظى بالاهتمام والتحليل فهناك كثيرون يتعرضون لها بالشرح والتفنيد، وبحثت عن المواد التي تعبر عن الهوية وما يتعلق بالملف الطائفي التي ربما يتردد معظم السياسيين في تناولها لحساسيتها ولحسابات خاصة بهم.
بشكل مجمل أستطيع أن أقول: إن عددًا كبيرًا من المواد فيما يقال: إنه دستور كتت بنفس إلحادي طائفي، استغل مأزق الانقلاب في تمرير مواد غيرت روح الدستور، نزعت منه الهوية الإسلامية لمصر واستبدلتها بهوية إلحادية مسيحية. بدون مبالغة فإن الكنيسة المصرية هي الرابح الأكبر من هذا الدستور أكثر من الفريق السيسي الذي حصل على تحصين في منصبه لدورتين وتتويجه فوق أي رئيس منتخب قادم. لقد استغلت الكنيسة الظرف وضغطت لتمرر ما تريد في ظل غياب شبه تام لمن يدافعون عن الهوية. ومن باب التلخيص والإيجاز فهذه أبرز المواد التي تؤكد ما نذهب إليه ويثبت أن هذا المشروع يفتقد التوازن وولد في لحظة تاريخية يغيب فيها الشعب، وتحكم فيه قلة سياسية وطائفية وجدتها فرصة لتمرير ما تريد بقوة الدبابة.
أولًا: الديباجة نزع الهوية الإسلامية لمصر وتحويلها إلى دولة مسيحية من خلال نصوص واضحة الدلالة كالآتي:
1- "جاء في الديباجة: "تطلع المصريون إلى السماء قبل الأديان" وهذا كلام الملحدين الذين يزعمون أن المصريين هم الذين اخترعوا الإله.
2- - طردوا الأزهر كأكبر مؤسسة تخدم الإسلام في مصر والعالم، وجردوه من صلاحياته، ونزعوا منه أي صلة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية وجعلوا المحكمة الدستورية هي المرجعية في تفسير كل ما يتعلق بالإسلام.
3- - تجاهلوا أي عبارة تدل على الهوية الإسلامية لمصر، ووضعوا ما يعبر عن تضحية المصريين من أجل كنيسة المسيح حيث نصت الديباجة على: "المصريون قدموا آلاف الشهداء دفاعًا عن كنيسة السيد المسيح".
4- - خلدوا البابا شنودة في ديباجة الدستور ولم يذكروا آية أو حديثًا ولكنهم لم ينسوا تخليد البابا شنودة بالنص على كلمته المشهورة: "مصر وطن نعيش فيه ويعيش فينا".
5- - استبدلوا في الديباجة مواثيق الأمم المتحدة بالإسلام، وأكدوا أنه يتسق الدستور مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وقالوا: إن "ثراء مصادر التشريع يفتح أمامنا آفاق التقدم".
ثانيًا: مواد الدستور:
1- فرض كوتة للمرأة في المجالس المحلية وكوتة للمسيحيين أطلقت عليها "تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين" بإلزام الدولة بإصدار قانون بذلك، والكوتة مخالفة لمبدأ المواطنة وهي تمييز يتناقض والمساواة. المادة (180) تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السري المباشر، لمدة أربع سنوات، ويشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين وذوي الإعاقة.
2- إلزام الرئيس المؤقت بفرض كوتة للمسيحيين بمجلس النواب من خلال إصدار قانون بذلك. المادة (244): تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة تمثيلًا ملائمًا في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذي يحدده القانون.
3- إلزام مجلس النواب بإصدار قانون لبناء الكنائس في أول انعقاد له. وهذا الموضوع لا يمكن حله بقانون يفرض من أعلى دون مراعاة للبيئة المحلية في كل محافظة، والتي قد تحول الأمر إلى فتن لانهاية لها.
مادة (235) يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانونًا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية.
4- منع الإسلاميين من ممارسة أي نشاط سياسي ووضع نص يتيح للمحاكم حل الأحزاب الإسلامية القائمة، وهذا الأمر لا يفكر به عاقل، لأنه يغلق الباب أمام التغيير السلمي للشباب الإسلامي، وكأن هناك من يريد دفع الإسلاميين دفعًا للعمل تحت الأرض. المادة (74) للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون. ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي أو جغرافي، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية، أو سري، أو ذي طابع عسكري أو شبه عسكري. ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي.
5- بالنسبة لدور الأزهر وضعت مادة بصياغة ماكرة تهمش دوره كمرجع أساسي في "الشئون الدينية" للمسلمين (أصر الأنبا بولا ممثل الكنيسة أن تحذف كلمة الشئون وتوضع كلمة العلوم بدلًا منها وتضاف كلمة الشئون إلى الإسلامية لتكون عامة ولا معنى محدد لها وتم اعتماد رأي الأنبا بولا).
مادة (7) الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.
6- تغيير الهوية الثقافية للدولة باختراع مفهوم جديد للثقافة: مادة (47) تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة.
7- تحصين الفنانين والذين يسمونهم مبدعين من الملاحقة القانونية. مادة (67) حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري.
8- بعد تأميم وإغلاق الفضائيات والسيطرة على الصحف الورقية ستمتد الرقابة على الإنترنت، بإصدار قانون ينظم الصحف الإلكترونية. المادة (70)... وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية.
9-نجح لوبي المنظمات الممولة من الأمم المتحدة في جعل مواثيق الأمم المتحدة هي المرجعية بدلًا من الإسلام: مادة (93) تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا للأوضاع المقررة.
10- نجح لوبي المنظمات الممولة من الأمم المتحدة في تمرير العديد من المواد التي تخدم برامج المنظمات الدولية، حتى ولو كانت ستخلق مشكلة غير موجودة أصلًا في مصر وأبرزها إنشاء مفوضية لمكافحة التمييز في مصر. مادة (53) تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
11-النص على أن حرية الاعتقاد مطلقة وعدم تقييدها وتم تمرير الصياغة بطريقة ماكرة توفر الغطاء الدستوري للجماعات الضالة والمنحرفة مثل البهائيين وعبد الشيطان. مادة (64) حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون.
12-النص على تقسيم جغرافي للبلاد قد يفتح الباب لنعرات عرقية وقبلية: مادة (236): تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها في مشروعات التنمية وفي أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلي، خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون. وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون. (ولا نعرف كيف يعود أهالي النوبة لمناطقهم الأصلية التي أغرقتها بحيرة ناصر!).
13- بينما لا ينص الدستور على مواجهة العدو القابع على حدودنا الشرقية، تبنى الدستور الانقلابي العقيدة الأمريكية الصهيونية المسماة بمكافحة الإرهاب، وهي تعني محاربة الإسلام وإشعال نيران الحرب الأهلية، وهذه تعد أخطر مواد هذا المشروع لأنها تزج بالبلاد في حرب بالوكالة. مادة(237) تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وفق برنامج زمني محدد. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه.
الخلاصة: هذا المشروع الذي أخرجته لجنة الخمسين لن يكون سببًا لاستقرار مصر كما يتوهم من يقفون وراءه، وإنما سيكون سببًا في عدم الاستقرار لأنه يغير ما هو مستقر منذ مئات السنين، ويقنن لحالة خروج عن الثوابت الدينية والوطنية، ويغير هوية مصر الإسلامية، متجاهلًا دين الأغلبية وطبيعة مجتمعاتنا. واضعو هذا الدستور اللقيط يؤسسون لواقع جديد يقلب كل ما هو مستقر ويفتح الباب أمام ما حذَّرنا منه مرارًا من استدراج البلاد إلى الحروب الأهلية، بتأليب قطاعات من الشعب على أخرى باسم الشعار الصهيوني "مكافحة الإرهاب". أليس في هذه البلاد عقلاء يوقفون هذا المخطط الشيطاني الذي يريد تخريب مصر؟!
***
ملحوظة : تنشر المدونة هذا المقال دون معرفة كاتبه حيث ارسل اليها هكذا ولاهمية ما احتواه نشرته بنصه لحين ظهور كاتبه

ليست هناك تعليقات: