18 مارس 2013

مذكرات رجل مريخي زار الارض


اسمي .... لن تفهموه على أي حال فلماذا تريدون معرفته!!! أنا من كوكب المريخ كلفت بمهمة لزيارة كوكب الأرض للتعرف على هذا الكوكب وتحديث معلوماتنا عنه وعن أهله وكيف يعيشون وكيف يتفاهمون والى أي مستوى من الرقي وصلت حضارتهم؟.
ولأن علماءنا في المريخ درسوا تاريخ الأرض فقد وجدوا أن أعرق حضارة على وجه الأرض نشأت في أرض يسميها الأرضيون العراق لذا سيكون العراق محطتي االأولى لأن الأرض التي نشأت فيها الحضارة البشرية لابد أن تكون اليوم أكثر بقاع الكوكب تمدنا ورقيا لذا سيكون أسهل على أن أدرس هذا البلد للتعرف على كل كوكب الأرض.
وصلت الى الغلاف الجوي لكوكب الأرض حددت لمركبتي إحداثيات العراق ومن أعلى رأيته كان أجمل بقعة يمكن لإنسان (عفواً لمريخي) أن يتخيلها ويبدو كسجادة ذهبية وخضراء كبيرة يتخللها نهران أزرقان يبدوان من أعلى وكأنهما شريانان يبثان الحياة في هذه الأرض..
ولكن لحظة.... هناك شيء غريب لماذا تتصاعد هذه الادخنة كلها من العراق؟ لا بأس ربما كانت مداخن المصانع التي تنتج السلع الاستهلاكية للبشر فبلد حضارته بهذا العمق لا بد وأن يكون عدد سكانه اليوم بمئات الملايين.
حسناً دعنا نرى ما هي لغتهم؟ حسناً وجدتها هم يتكلمون العربية سأبرمج عقلي المريخي لكي أستطيع فهم العربية والتحدث بها.
وصلت سفينتي الى سطح الأرض في العراق ونزلت الى جوار طريق يبدو أن الأرضيين يستخدمونه للتنقل وها أنذا ارى أحدهم يقف بجوار مركبة غريبة الشكل ويبدو عليها أنها بدائية.
كان جاسم يحاول جاهداً أن يصلح العطل في سيارته الـ (لادا) وهو يدعو: (الله يستر أني بهذا الليل وبالطريق الخارجي ووحدي الله يستر وما يطلعنا أحد من الارهابيين والميلشيات نروح بشربة ماي).
وبينما هو يحاول جاهداً مع المحرك رأى مركبة المريخي بأضوائها الساطعة تتقدم نحوه خاف جاسم وقال لنفسه من هؤلاء؟ ماذا يريدون؟
إقتربت المركبة من جاسم الذي ما إن رآها حتى ظنها دورية شرطة لأن النور كان قد أعمى عينيه فصاح يعيش السيد الحكيم يعيش المالكي ولما لم يسمع جواباً قال لنفسه يا جاسم أنت مجنون يجوز هذوله من جماعة الصدر فأخذ يصيح يعيش السيد الصدر فلم يسمع جوابا فقال لنفسه يجوز هذوله من جماعة القاعدة فرفع صوته وقال يعيش بن لادن يعيش الزرقاوي الله يرحمه!!! فقال لنفسه ربما من جماعة صدام فهتف يعيش صدام يعيش عزت الدوري فلما لم يسمع أي جواب فقال ما كو غيرها أكيد أمريكان فأخذ يصيح بالانجليزية (يعيش بوش تحيا أمريكا) Long live Mr. bush viva USA ولم يتلق جواباً أيضاً فقال لنفسه يا جاسم أنت حمار؟ ما كو غيرها هذوله اطلاعات مال إيران فأخذ يصيح يعيش أحمدي نجاد، ولما لم يتلق أي جواب قال لنفسه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله يبدو أن ساعتي قد حانت وأن السكين ستقطع رأسي.
جلست في مركبتي المريخية أراقب رجل الأرض وهو يعبث بالمركبة العجيبة واستمعت اليه وهو ينطق بأشياء غريبة لم أستطع أن أفهمها ولا الكمبيوتر في المركبة استطاع ذلك من الحكيم ومن الصدر ومن نجاد ومن صدام ولماذا يتكلم هذا الرجل بلغة غير العربية؟
قررت الخروج من المركبة والتحدث إليه رجلاً لرجل أقصد طبعاً مريخي لرجل! إقتربت منه فرأيته يرتجف من شدة الخوف وهو يتمتم بأشياء لم أفهمها قررت أن أطمأنه فقلت له بالعربية:
تحياتي أنا من كوكب المريخ وجئت هنا في زيارة مسالمة الى كوكب الأرض.
ما إن سمع الرجل كلماتي حتى أصابته الهستيريا وأخذ يصرخ
مريخي؟ ياويلي مريخي؟ احنا ما مكفينا الامريكان والانكليز والبولونيين والايرانيين والاتراك وهالمرة مريخيين؟ يا عمي شنو القصة ما بقى مكان بكوكب الأرض غير العراق؟ كلكم جايين علينا شصار لكم؟ شمسوين احنا يا ربي شنو هالغضب اللي نزل علينا؟ واخذ يبكي بهستيرية طيب هذوله شأهتف لهم؟ يعيش جريندايزر يعيش الدوق فليد!!!.
إقتربت منه وقلت له لا تخف أنا لست هنا لأؤذيك بل لأساعدك
ضحك جاسم بهستيرية وقال:
تساعدني؟ مشكور والله الامريكان اجو على أساس يحررونا ويساعدونا ذبحونا وقتلونا ونهبونا واللي اجو معاهم على أساس معارضة للنظام (الديكتاتوري) طلعوا حرامية ومجرمين واللي اجو من غير بلدان على أساس يحاربون الأمريكان طلعوا إرهابيين ويفجرون أنفسهم بالأطفال والنساء مشكور أخي احنا ما محتاجين أي مساعدة والا أقول لك انتو تنطون لجوء بالمريخ؟
تعجبت من كلامه أي أمريكان وأي إرهابيين؟ ما الذي يجري في هذا البلد الذي يفترض أنه نموذج للرقي والحضارة البشرية؟ ولماذا يريد هذا الرجل اللجوء الى المريخ؟ هل أصبحت الأرض ضيقة إلى هذا الحد حتى أصبح الأرضيون يطلبون السفر الى كواكب أخرى؟
سالته لماذا تريد اللجوء الى كوكب اخر؟
اجابني والله العيشة بالعراق صارت مستحيلة لا كهرباء ولا ماء ولا امن ولاعمل.
قلت له طيب اذهب الى بقعة اخرى على الارض.. اجابني بحسرة
وين نروح؟
ولا بلد بالعالم يعطي العراقيين فيزا والكل يريد يطرد الباقين منهم.
لما تعبت من هذيانه ورأ يت أن التفاهم معه مستحيل أطلقت عليه شعاعاً مهدئاً فسكن مكانه وأخذت أسأله وهو يجيب:
- ما إسمك؟
- جاسم.
- ما عملك؟
- عاطل عن العمل.
- ولماذا؟ ألا تشاركون جميعاً في بناء المجتمع؟
- يا مجتمع هذا؟ حبيبي العراق اليوم عبارة عن ميلشيات وعصابات وإرهابيين وسلابة لا اكو مجتمع ولا هم يحزنون.
تعجبت من كلامه فهذا ليس معقولا أنا موجود في أرض عليها أعرق حضارة على كوكب الأرض هل يصدف أن هذا الرجل مجنون سألته: منذ متى والحال هكذا؟
- من 29 سنة عندما حكمنا دكتاتور قاسي ودخلنا في حروب وحصار ثم احتلال من ألأمريكان!
- ولماذا احتل الامريكان العراق؟
- لتحريره كما يقولون.
- أنت مجنون؟ كيف يحتلونه ليحرروه؟ طيب من كان يحتل العراق قبلهم؟
- لا أحد.
- إذاً ممن أرادوا تحرير العراق؟
- من صدام لأنه (دكتاتور ومجرم وسفاح).
- ومن جاء محله؟ أناس طيبون؟
- لا والله
- يعني أصبحت أوضاعكم أسوا؟ ولم يفدكم الامريكان بشيء؟ لم لا تطلبون منهم الرحيل؟
- لا يريدون يقولون أنهم هنا لحمايتنا من الارهابيين والايرانيين .
- ومن أين جاء الارهابيون؟
- ارسلتهم الدول العربية لاسباب طائفية وللخوف من تفشي الديمقراطية.
- طيب وكيف دخل الايرانيون العراق؟
- لأن الحدود مفتوحة.
بدأت أشك جدياً بأن هذا الرجل معتوه وأنني أضيع وقتي معه ولكنني قررت أن اكمل حتى النهاية معه علني أفهم شيئاً مما يقول سألته: طيب أنتم العراقيون لم لا تطردون الامريكان والارهابيين بالقوة؟
- لا نستطيع.
- ولماذا؟
-لأننا سنة وشيعة فهناك خلاف ديني ولذلك نحارب بعضنا.
- ما معنى هذا؟ ليس في كمبيوتري مثل هذه المعلومات معلوماتي أن العراقيين ديانتهم الاسلام منذ 1400 سنة وهناك مسيحيون وايزيديون ولكن ليس هناك الديانات التي ذكرها هذا الرجل سالته؟
- ألستم مسلمين؟
- نعم
- ألستم عرباً؟
- نعم.
- ما المشكلة إذاً؟ لم لا تستطيعون الاتحاد لطرد الامريكان؟
- لا نستطيع.
- مرة أخرى لماذا؟
- لأن شيوخ السنة يكفرون الشيعة وشيوخ الشيعة يكفرون السنة.
- والسبب.
- لا أدري.
- ماذا تعني لا أدري؟ أنت إنسان في بلد حضارته 7000 سنة ولا تدري لماذا تختلف مع أبناء بلدك؟
- والله احنا مو بإيدنا الشيوخ يقولون واحنا نمشي وراهم.
- هل يملك الشيوخ شعاعاً للسيطرة على المخ؟
- والله ما أدري إسألهم اذا تريد وأنتم في المريخ من تعبدون؟
- تعجبت من سؤاله فهل من معبود في الكون كله غير الله؟ أجبته الله طبعاً.
- حلو طيب أنت مريخي سني؟ والا مريخي شيعي؟
- سألته مالفرق بينهما؟ أيهما يعبد الله؟
- كلاهما.
- سألته ومن منهما يؤمن بالله واليوم الآخر ويوم القيامة والمعاد وجهنم والجنة ويصلي ويصوم ويزكي ويحج الى بيت الله الحرام؟
- كلاهما.
- من منهما يؤمن بأن القتل والسرقة والزنا حرام؟
- كلاهما.
- اذاً كلاهما واحد.
- أجاب جاسم لا كيف واحد هناك فرق كبير كبير جداً
- سألته طيب ما هو هذا الفرق الكبير جداً؟
- قال جاسم قبل 1400 سنة كان هناك خلاف بين الصحابة حول من يجب بأن يخلف رسول الله (ص) واليوم لدينا خلافات حول تاريخ العيد والوضوء وتوقيت الاذان وما شابه ذلك.
- سألته ولكن البشر لا يعمرون آلاف السنين فكيف بقوا على قيد الحياة لحد الآن؟
- من؟
- الصحابة الذين ذكرتهم
- لا هؤلاء ماتوا من مئات السنين.
- طيب اذاً أين المشكلة؟
- حك جاسم رأسه ثم قال لا أدري بالضبط ولكن يبدو أنهم ماتوا ولكن الخلاف ما زال قائماً، ولكن حول ماذا لا أدري بالضبط..
- سألته دعني أرى إذا أنتم تقتلون بعضكم بعضا وتكفرون بعضكم بعضا ولا تستطيعون توحيد صفوفكم لطرد الذين إحتلوا بلدكم وتعيشون فقراء مع انكم تمتلكون اغنى ارض خلقها الله وتطلبون اللجوء في بلدان اخرى ومع أنكم تؤمنون بنفس الاله ونفس النبي ونفس القرآن وتحجون الى نفس الكعبة وتتجهون الى نفس القبلة في صلاتكم لأن أشخاصاً إختلفوا مع بعضهم قبل 1400 سنة؟
- أجابه جاسم مرتبكاً نعم يبدوا الأمر هكذا.
- أدرت ظهري ومشيت عائداً الى المركبة
- صاح جاسم الى أين؟
- قلت له إذا كان أهل العراق مهد الحضارات كلها على هذا القدر من ----- فعلى بقية كوكب الأرض السلام.
سأرجع وأكتب تقريراً أن الحضارة على كوكب الأرض قد إنقرضت وقد حل محل البشر كائنات عجيبة مفترسة تفتقر الى العقل والمنطق والتسامح تقتل بعضها بعضاً دون سبب ولا أحد منهم يريد أن يفهم الآخر أو يحاوره ويجب أن نبذل جهدنا لكي نحمي المريخ من هذا المصير.
- صرخ جاسم لا إنتظر ليس العراقيون كلهم هكذا فبعضهم من يؤمن بأن الله واحد وأن الوطن للجميع وأن الدين لله وحده وإن الخلاف يحل بالعقول وليس بالأيدي ويؤمنون بأن العراق ليس صدام ولا غير صدام وأن حكام العراق قد فنوا ولكن العراق باق الى يوم الدين.
- سألته وأين هؤلاء الذين تقول؟
- قال جاسم هم اليوم في كل مكان ولكن صوتهم يعلو شيئاً فشيئاً وسيأتي اليوم الذي نرى العراق سنة وشيعة وعرباً وأكراداً ومسيحيين يداً واحدةً نبني وطننا وسترى كيف سيرجع العراق منارة للحضارة البشرية كلها وسيصل نورنا الى عندكم في المريخ.
- قلت له سأعود بعد 50 عاماً وسنرى ياجاسم كيف تغلبتم على أهوائكم الشخصية وبنيتم وطنكم.
كانت آخر كلمات سمعتها من جاسم هي:
( لم تجبني ما تنطون لجوء بالمريخ؟؟؟؟؟؟؟)
ملحوظة : منقول ولا ندري من كاتبه

ليست هناك تعليقات: