09 مارس 2013

العائدون من «الشقيقة» ليبيا يروون قصص التعذيب والإذلال



المصري اليوم - إسلام فاروق
لخص المصريون العائدون من ليبيا، أسباب تعذيبهم وإهانتهم في مكان ذهبوا إليه طلباً للرزق في جملة واحدة: «كرامتنا المهانة في الداخل كانت دافعًا قويًا لإهانتنا في الخارج».
استقبلت «المصرى اليوم» على مدار يوم كامل، عشرات القصص لمصريين من أمام معبر السلوم البري، أشاروا في قصصهم إلى جرائم تعذيب جسدي ونفسي على يد رجال جمارك وشرطة ليبيين، تعمدوا كسر كرامتهم عبر حلق أنصاف شواربهم وحواجبهم، بجانب الضرب والصفع.
من أمام معبر السلوم البري التقت «المصري اليوم» سائقي شاحنات غذائية عالقين ببضائعهم أمام المعبر، تحولوا داخل الأراضي المصرية إلى ناشطين سياسيين، بعد أن ذاقوا بأنفسهم مرارة التعذيب.
ويري المراقبون بأن حكام ليبيا الذين نصبهم حلف الناتو بعد قتله للزعيم القذافي .. يعملون علي عزل ليبيا..عن محيطها العربي.. لتصبح دولة تابعة للغرب.. ومنطقة عازله .. خصوصاً إن الحدود مع تونس .. تشهد كل يوم مواجهات مسلحة.
بين العصابات المسلحة ..والجيش لتونس.. ويطرد العمال التوانسة ويمارس خدهم.. وسائل مهينة.. بعد أن كانوا يتمتعون.. في عهد الزعيم القذافي بمعاملة مساوية.. للمواطن الليبي طوال سنوات حكمه.
قام مجلس عمداء ومشايخ محافظة مطروح إلى التحرك على المستوى الشعبي، مع وفد ليبيي مماثل، بينهم رئيس مجلس محلي مدينة مساعد الليبية، مستندين لصلات القرابة والنسب وعمق العلاقات التجارية بينهما.
يقول عبدالمنعم إسرافيل، عمدة أبناء مطروح، عن اللقاء الذي عقد، الإثنين الماضي، واستمر قرابة ثلاث ساعات: «طلبنا من الجانب الليبي عقد لقاء لمعرفة أسباب قرارهم المفاجئ بغلق المعبر وللاحتجاج على الانتهاكات البشعة التي يتعرض لها المصريون على أرضهم، فطلبوا منا القدوم إلى ليبيا للتفاوض، إلا أننا رفضنا الذهاب إلى أرضهم، بعدما شاهدنا بأعيننا حجم الإهانة التي تعرض لها أبناؤنا، وإلا فإن ذهابنا لهم يعني قبولنا لتلك الإهانة، وبالفعل استقر الرأي على أن نعقد الاجتماع فوق أرضنا بمنفذ السلوم».
بعصبية أبناء القبيلة للكرامة وعزة النفس واجه عمداء مطروح الجانب الليبي بصور الانتهاكات ومنها احتجاز المصريين في الجمرك، وإجبار العمال وأسرهم على النوم في العراء دون أكل وشرب وإجبارهم على الجلوس فوق زجاجات المياه الغازية، وإطفاء السجائر في أجسادهم، وحشدهم كالأغنام داخل الجمرك لأعداد وصلت لـ500 شخص، منهم حاصلون على تأشيرات شرعية للعمل في ليبيا.
واشترط العمداء، كما يذكر إسرافيل، الإفراج عن العمالة المحتجزة في الجمرك قبل بدء التفاوض في مستقبل النقل التجاري بين البلدين، وهو ما قبل به الجانب الليبي، وتم السماح لأغلب تلك الأعداد الضخمة بالنزول، ثم تفاوض الطرفان على فتح المعبر لفترة محدودة قد تصل لشهرين، لمنح المصريين مهلة لتقنين أوضاعهم واستخراج التأشيرات المطلوبة للدخول والخروج بشكل شرعي، ومع إنشاء مقر لقنصلية ليبية في السلوم، لتسهيل إجراءات استخراج التأشيرة، وهو الرد الذي لم يبت فيه الجانب الليبي بتصريح نهائي حتى الآن.
وأشار العمدة سعيد مصبيع، منسق العلاقات القبلية بين مصر وليبيا، إلى أنه كان من ضمن العمداء الذين يحرصون على الصعود للمنفذ لاستقبال العائدين، قائلًا: «كنا نرى الحسرة على وجوه رجال من بشاعة ما حدث معهم وبهم، وحررنا محضراً خلال الاجتماع مع الجانب الليبي بذلك وجار حالياً عرضه على الحكومة الليبية، وأكدنا فيه احترامنا لأي قرار تصدره الحكومة اللبيبة، لكونها صاحبة سيادة على أرضها، إلا أنه في حالة استمرار غلق المعبر وإساءة معاملة المصريين سنضطر لاتباع مبدأ المعاملة بالمثل، لأن كرامة المصري خط أحمر».
التحرك الشعبي بمطروح لمواجهة مهانة المصريين على أرض ليبيا لم يقتصر على العمداء بل أيضاً المواطنين العاديين، الذين بادروا بتشكيل لجان شعبية لمنع دخول الليبيين مصر، وكان أهمها اللجنة الشعبية المقامة أمام مستشفى مطروح العام، لمنع دخول أي ليبيي لتلقي العلاج بالمستشفى، فالمصريون العائدون بعاهات مستديمة وصدمات نفسية أفقدت بعضهم النطق أولى بأسرة المستشفى وأدويتها منهم.
ويقول جاب الله فضل، منسق اللجنة الشعبية أمام المستشفى: «نحن 6 أفراد نعمل بالتناوب طوال اليوم لمنع دخول أى ليبى للعلاج، بعد مشاهدتنا خطورة الحالات المحولة من مستشفى السلوم العام، ومنهم شاب مكتوب على ظهره بأختام النار 17 فبراير، وآخر تعرض للتعذيب بالكهرباء حتى فقد النطق تماماً، وبعد أربعة أيام من العلاج المتواصل تمكن بالكاد من كتابة اسمه وعنوانه للأطباء، وأخذه أهله على تلك الحالة».
رغم وجوده وسط أهله من أهالي قرية النخيلة بمحافظة مطروح، فإن أنور حسن لم ينس الإهانة التي تعرض لها في آخر زيارة عمل لدولة ليبيا، بعد ست سنوات من العمل فيها، قائلًا: «مش قادر أنسى منظر العسكري اللي ركلني بالرجل وأنا باتعشى جوة السجن»، مضيفًا أن القنصل المصري زارهم في السجن وقال لهم: «احمدوا ربنا إنتوا أحسن من غيركم كتير».
بدافع نفسي ورغبة في التحرك للاعتراض على ما وصفه بـ«المهزلة في التعامل مع المصريين»، خرج «أنور» من منزله إلى طريق القرية العمومي، واستعان بزجاجة رش لكتابة دعوة على الطريق: «إلى شرفاء مطروح ندعو لوقفة احتجاجية ضد إهانة أبناء مطروح فى ليبيا، يوم الخميس، أمام محكمة مطروح الساعة 12 ظهرًا».
وتحدث «أنور» بانكسار عن المعاملة القاسية التي لاقاها من العسكري الليبي داخل سجن البيضاء الحكومي لمدة 6 أيام، حيث أُلقى القبض عليه بتهمة دخول البلاد بطريقة غير شرعية، قائلاً: «نحن من أبناء مطروح اعتدنا دخول الأراضى الليبية، دون تأشيرة، إلا أنهم، فجأة ودون سابق إنذار، ألغوا هذا القرار وألقوا القبض علىّ بتهمة دخول البلاد بشكل غير شرعي، وداخل سجن البيضاء الحكومى عاملونا أسوأ معاملة، فبعد أن استولى العساكر على 370 ديناراً كانت معي طلبت من أحدهم إما الإفراج عني أو ترحيلي لبلادي، فإذا به ينهال علىّ وعلى سبعة آخرين ضرباً بالأيدي والأقدام».
طعام «أنور» وباقي السجناء المصريين، الذين بلغ عددهم نحو 135، لم يكن يتخطى الرغيف وقطعة الجبن فى الإفطار لكل منهم، وطبق مكرونة للعشاء، ويضيف «أنور»: «فى مرة وزعوا باكو بسكويت واحد على 8 رجالة، وقالوا لنا ده عشاكم النهاردة، وفي زيارة للقنصل المصري في السجن، وبعد أن أطلعناه على الإصابات فى أجسادنا رد قائلا: «احمدوا ربنا إنتوا أحسن من غيركم كتير!».
لقد فتح الشهيد القذافي رحمه الله لنا الحدود واليوم ثوار الناتو ينفذون برنامج الحلف الصليبي لعزل ليبيا عن محيطها العربي لأن اخواتنا في تونس يلاقون نفس المعاملة المهينة.

ليبيا تواجه صعوبات في استرداد أموال القذافي وأبرز قيادات نظامه من مصر
مصر ترفض تسليم القيادات الليبية السابقة .. وتعهدت بمنعهم من مهاجمة ليبيا


السبـت 27 ربيـع الثانـى 1434 هـ 9 مارس 2013 العدد 12520
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: أخبــــــار

لندن: عبد الستار حتيتة القاهرة: خالد محمود مرسى مطروح (مصر): أحمد آدم
علمت «الشرق الأوسط» أن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا قرر تعطيل جلساته لمدة أسبوع تمهيدا لتشكيل قوة لتأمين مقره في الاجتماعات المقبلة، بعد أن تعرض أعضاء بالمؤتمر لاعتداء من محتجين. يأتي هذا في وقت قالت فيه مصادر مصرية مطلعة أمس إن رئيس الوزراء الليبي علي زيدان لم يتمكن من إقناع الجانب المصري بتسليم قيادات من النظام الليبي السابق لطرابلس الغرب، وإن ليبيا تواجه صعوبات في استرداد مليارات الدولارات التي كان يستثمرها نظام القذافي في مصر.
وتعرض البرلمان الليبي لاقتحام من محتجين غاضبين يريدون الإسراع في إقرار مشروع قانون العزل، وهو مشروع تعضده تنسيقيات شعبية في عدة مدن ليبية. وحذر الناطق باسم كتلة تحالف القوى الوطنية بالمؤتمر الوطني الليبي، توفيق الشهيبي، من خطورة تكرار الاقتحامات لجلسات أعضاء البرلمان ومحاولة ما وصفها بـ«مجموعات مدفوعة من قبل البعض خارج صفوف المؤتمر وخارجه لتمرير القانون عبر الضغط والإرهاب النفسي». وقال الشهيبي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «نحن نرفض فكرة الضغط ومنطق القوة لإقرار قانون العزل، ونأمل أن يتم التصويت عليه بشكل نزيه وشفاف وعادل».
وعلى صعيد ذي صلة بزيارة زيدان لمصر، أوضحت مصادر مقربة من الحكومة المصرية، في اتصال مع «الشرق الأوسط» من القاهرة، أن زيدان بحث مع الجانب المصري «موضوع الأموال الليبية التي كان يستثمرها النظام السابق في مصر، إلا أن الجانبين تفاهما على أن قضية هذه الأموال تتعلق بقرارات دولية بشأن الأموال الليبية المجمدة في الخارج منذ اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) 2011»، مشيرا إلى أن الأموال الليبية في مصر تقدر بالمليارات ويجري استثماراها منذ أكثر من عقدين في مشروعات سياحية وعقارية وزراعية في منطقة البحر الأحمر والفيوم والقاهرة والساحل الشمالي ومرسى مطروح. وأضافت المصادر أن الجانب الليبي حث الجانب المصري على تسليم عدد من قيادات النظام السابق الذين يقيمون في مصر، إلا أن رد القاهرة اقتصر على تعهدات لحكام ليبيا الجدد بعدم السماح لأي من عناصر نظام القذافي بالعمل ضد النظام الليبي الجديد أو «ممارسة أي نشاط سياسي أو غير سياسي من شأنه أن يتسبب في مشاكل داخل ليبيا أو مصر». ومن بين الشخصيات المطلوبة عدد من الوزراء والمبعوثين الخاصين للقذافي سابقا.
وشهد المنفذ البري بين البلدين اشتباكات عدة مرات خلال الشهر الأخير بين مصريين ورجال أمن ليبيين، بسبب رفض الجانب الليبي دخول المصريين من دون تأشيرة من سفارة ليبيا في القاهرة، إضافة لمنع شاحنات النقل المصرية من العبور إلى داخل البلاد. ومنذ ذلك الوقت ردت لجان شعبية مصرية على حدود مصر الغربية بمنع دخول الليبيين، وأجبرت نحو 1000 سيارة ليبية على العودة مرة أخرى إلى ليبيا.
ووجهت عدة جهات حقوقية في مصر انتقادات لما قالت إنه سوء معاملة الأمن الليبي لرعايا مصريين في ليبيا. وقال فرج الجبيهي، أحد الناشطين بمطروح «كنا نتمنى أن يعطينا رئيس الوزراء الليبي تطمينات عن شباب الجالية المصرية المحتجزين داخل السجون الليبية الآن أو حالات التعذيب التي رصدتها وسائل الإعلام أو الفيديوهات على مواقع الإنترنت لعدد من المصريين بليبيا». بينما أوضح الناشط عبد الله حميدة، بمطروح، أن «ميليشيات الكتائب الليبية ما زالت تسيء للمسافرين والسائقين المصريين.. كنا نود أن يخبرنا رئيس الوزراء الليبي عما إذا ما كان سيتم استبدال قوات من الجيش الليبي المؤهل بهم من عدمه». إلا أن العمدة أحمد طرام، رئيس مجلس العمد والمشايخ بمطروح، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نقدر زيارة زيدان لمطروح، ولا بد من العمل سريعا على حل المشاكل الحدودية».

ليست هناك تعليقات: