27 نوفمبر 2012

حرائر العراق في الظلمات


جاسم الشمري – العراق
في يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 1999، عدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم (25) تشرين الثاني/ نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة؛ وذلك في قرارها رقم (54/134)، ودعت الأمم المتحدة الحكومات، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية لتنظيم نشاطات، ترفع من وعي الناس حول مدى حجم مشاكل نساء العالم، ومنها عرضتهنّ للاغتصاب، والعنف المنزلي، وأشكال أخرى متعددة من العنف.
والمرأة هي الركن الركين في المجتمع، والبيت والأمة، ولا يمكن تصور الحياة الإنسانية بدون العفة والشرف، إلا عند الذين انحرفت فطرتهم، وإلا فان الإنسان السليم، لا يمكن أن يتقبل المساس بموضوع الشرف والسمعة، مهما كانت الدوافع التي تقف وراء محاولات انتهاك هذه الثوابت والقيم الانسانية الراقية. وهذا الكلام ينطبق على النساء والرجال على حد سواء.
والواقع العراقي المتناقض بين دعاوى " الديمقراطية والعراق الجديد"، وواقع تكبيل الحريات والانتهاكات الصارخة المنافية لأبسط الأعراف والقوانين الإنسانية، هذا الواقع المتناقض يجبرنا على الكلام، ولا يمكن تجاهل ما يجري مهما حاولنا؛ لأنها كوارث مدمرة، ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام.
وقبل أيام تناقلت وكالات الأنباء العراقية والعربية مجموعة من الأخبار مفادها أن سجينات في العراق يتعرضن للاغتصاب على أيدي المحققين والسجانين!
وهذه الأخبار عُززت بشهادات حية، عبر الاتصالات التليفونية، من قبل سجينات أكدنّ أنهنّ تعرضنّ للتعذيب، والاغتصاب داخل المعتقلات الحكومية العراقية.
وقد تابعت بنفسي اتصالاً لإحدى هؤلاء المعتقلات بفضائية الشرقية العراقية، والتي أكدت خلال الاتصال: أنها امرأة كبيرة، وأطلق سراحها قبل أيام، وغيرتها العربية والوطنية تمنعها من السكوت على هذه الانتهاكات، وبينت أن" السجينات الشابات داخل معتقل الكاظمية يتعرضن للاغتصاب اثناء التحقيق".
وناشدت هذه المرأة "رجال الدين، وشيوخ العشائر، للتدخل من أجل ايقاف هذه الانتهاكات الخطيرة"، التي تؤكد مديات الانحطاط التي وصل إليها بعض السجانين في المعتقلات الحكومية، التي تدار من قبل وزراء ينتمون لأحزاب اسلامية!
وفي 23/10/2012 أكدت منظمة حمورابي لمراقبة حقوق الإنسان، بعد زيارة سجن التسفيرات في بغداد: " أن هناك (21) طفلاً يعيشون داخل سجن النساء في بغداد، وأن عدد النزيلات في هذا السجن بلغ (414)، تتراوح أعمارهن ما بين (20) و(65) سنة، من بينهن محكومات بالإعدام، واحدة منهن اثيوبية، وثلاث سوريات".
وأكد (وليم وردا) رئيس المنظمة، أن السجينات يشكينَّ من الإهمال الشديد، والعنف بشتى الطرق الوحشية، وأنه لا يسمح لهنَّ بالاستحمام وتبديل ملابس السجن سوى مرة واحدة في الشهر، وأن عدداً من المحكومات بالإعدام كن برفقة أطفال صغار، اعمارهم تتراوح ما بين بضعة أشهر وأربع سنوات، وأن "السجينات قد كشفن لفريق المنظمة عن أماكن في أجسادهن تعرضت للصعق بالكهرباء والتعذيب خلال التحقيق معهنّ وانتزاع اعترافاتهنّ بالقوة، وأن السجينات المحكومات بالإعدام قد تعرضهن للاغتصاب خلال التحقيق على أيدي المحققين، وكذلك تم اغتصابهن على أيدي المرافقين العسكريين خلال نقلهن مرات عدة من سجون التسفيرات إلى سجن بغداد".
وفي يوم 25/11/2012، قالت رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة البرلمانية (انتصار الجبوري) في بيان لها إن "الانتهاكات المستمرة، والتي تؤكد تعرض نساء عراقيات للتعذيب والاعتقال من دون تهم تنسب اليهنّ، هذه الأنتهاكات ليست محرجة للحكومة العراقية فحسب، بل أيضاً للمجتمع الدولي، وإن اغتصاب المعتقلات العراقيات جانب آخر من الجريمة اللاإنسانية، تمارسها إدارات المواقف والسجون فضلاً عن عمليات إذلال متنوعة".
وسبق أن كشف نائبان من لجنة حقوق الإنسان البرلمانية العراقية يوم 12/5/2009، عن عمليات اغتصاب، وتعذيب، واعتقالات كيدية بحق نساء التقى بهنّ وفد برلماني في سجن للنساء تابع لوزارة العدل، ويضم أربعة آلاف سجينة و(22) طفلاً حديثي الولادة. 93 % منهنّ من مكون واحد معروف للجميع!
وفي خضم هذه الفتن والانتهاكات الخطيرة، لا أظن أن صمت العراقيين سيستمر طويلاً على هذا الواقع المؤلم الذي ما عاد بالإمكان تحمله، أو السكوت عنه!

ليست هناك تعليقات: