18 نوفمبر 2012

بحث وثائقى موسع عن: سيناء المغدورة بين جماعات العنف .. والمخطط الإسرائيلى لإعادة احتلالها !


*بالاسماء والوثائق خريطة الجماعات الاسلامية  فى سيناء * اسرارالدور القطرى-الاخوانى لفكرة الوطن البديل بمساندة قيادات حماس                                                                                                       *السوق الحرة بين سيناء وغزة مقدمة  لاسكات المقاومة  واشغال الفلسطينين  بالاقتصاد  والمال النفطى*كامب ديفيد  خلقت فراغا استراتيجيا فى سيناء سيسهل احتلالها ثانية * التنمية الحقيقة لسيناء لابد وان تكون مبنية على رؤية تنموية مقاومة للمشروع الصهيونى


من إعداد / د . رفعت سيد أحمد
لا يمر يوم إلا وتصلنا أنباء عن شهداء يسقطون من أبناء الجيش أو الشرطة أو الأهالى ، داخل سيناء ، فمنذ بدأت العملية (نسر) فى أغسطس 2012 والتى لم تنجح ولم تقتل سوى 7 إرهابيين وتعتقل خمسة ، فى المقابل ومنذ بدء هذه العملية وحتى اليوم وسقوط الشهداء يتوالى ، والتهديد الإسرائيلى مستمر بإعادة احتلال سيناء أو على الأقل خلق شريط حدودى عازل (من 15 – 25 كم2 على طول الحدود مع الكيان الصهيونى) ؛ والقصف الإعلامى على كافة الجبهات لا يتوقف خاصة فى فضائيات وإعلام دول الخليج الحليفة لواشنطن ، وهو إعلام لا يخفى سعادته كلما اقترب المخطط الكبير لعزل سيناء عن وطنها الأم (مصر) من لحظة تنفيذه .. ترى ما الذى يجرى فى سيناء تحديداً؟ وما هى حقيقة الأطماع الصهيونية وتاريخيتها هناك ؟ وهل القوى والتيارات الإسلامية باتت هى صاحبة الكلمة العليا فى سيناء وما هى خريطتها الحقيقية ؟ وما هو حقيقة ما يثار حول مخططات بعض القوى الدولية فى تحويل سيناء إلى وطن بديل للفلسطينيين بعد الاتفاق مع الإخوان وحركة حماس على ذلك ؟ وهل تقبل الفصائل الفلسطينية المقاتلة (14 فصيل) وباقى هيئات الشعب فى عموم فلسطين هذا المخطط ؟ وأخيراً إلى أين ستنتهى قصة المؤامرة الإقليمية والدولية على سيناء ؟ .
هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى دراسة معمقة فى واحدة من أخطر القضايا التى يتوقف عليها الأمن القومى المصرى فى مرحلة ما بعد الثورة ، قضية سيتوقف عليها ليس مصير الثورة فقط بل مصير مصر ذاتها ، سنحاول هنا بقدر المستطاع الإجابة عبر خمسة محاور رئيسية :
أولاً : سيناء التى لا نعرفها :
فى زحمة الأحداث وفى أجواء الصراعات والحرب شبه الأهلية المستعرة  فى بلادنا ، نسى الجميع بمن فيهم الرئيس د.محمد مرسى عملياً – ولا يغرنك الكلام الكثير الذى بلا معنى -  اخطر بوابة لأمن مصر القومى، وانشغلوا بالتافه من الامور ، انها بوابة سيناء(61 ألف كم من مساحة مصر) ، ونسوا جميعا حقيقة تنقلها لنا يوميا الصحافة الاسرائيلية، وهى ان  العدو الصهيونى يريد اغتيال سيناء ، سواء بشكل مباشر عبر خططه التخريبية المتمثلة فى اختراق تنظيمات الغلو (وهى خمسة أنواع من التنظيمات العنيفة سوف نذكر خريطتها لاحقاً) أو عبر زرع الفتنة الكبرى بين الفلسطينيين فى قطاع غزة وبين مصر ؛ أو من خلال زرع شبكات وأجهزة التجسس عن بعد ، أو بطرق غير مباشرة عبر الاغتيال المنظم لهيبة الدولة والجيش المصرى عبر جماعات وتيارات الغلو والتشدد الدينى ، إن هذا الاغتيال يحتاج إلى مواجهة ، والمواجهة لابد أن تكون عبر تنمية وتعمير سيناء ولكن وفق خطط تعمير مقاومة تفترض أن إسرائيل لاتزال عدواً وأنها تفكر جدياً فى إعادة احتلال سيناء ثانية ، وليس فحسب خطط زراعية أو صناعية أو سياحية محدودة الدور والأهمية كما كان فى عهد الرئيس المخلوع او الكنز الاستراتيجى لاسرائيل كما كانوا يطلقون عليه.
***
فى هذا السياق علينا أن نقرأ الخريطة الاقتصادية لسيناء والتى تمثل ثروة رائعة ومهمة للشعب المصرى ، وهذه الخريطة تؤكد على أن تعمير سيناء من خلال الاستفادة العلمية منها مسألة ممكنة ومتميزة ، ولنتأمل الحقائق التالية :
1 – توفر الموارد الطبيعية التعدينية والزراعية والسمكية والسياحية والتى لم تستغل بعد .
2 – امكانية استغلال الثروة التعدينية وإقامة مشروعات انتاجية بدءاً بالمنجنيز ، الفوسفات والفحم والنحاس والقصدير ، البكالايت ورمال الزجاج .. وغيرها وحتى اليورانيوم .
3 – وجود مناطق عديدة صالحة للزراعة يمكن ريها بالموارد المائية المتوافرة من مياه جوفية ومياه السيول (بعد إقامة خزانات للاحتفاظ بها وأيضاً لحماية البنية الأساسية من أخطارها باستخدام مياه النيل فى بعض أجزائها) .
4 – ان ما تملكه سيناء من طبيعة خلابة ساحرة وموقع فريد يضعها فى مصاف مناطق العالم السياحية إذا أحسن استغلالها وتنميتها سياحياً لتنافس أشهر مناطق الجذب السياحى فى العالم (30% من شواطىء مصر موجودة فى سيناء) .
5 – ان موقع سيناء الجغرافى وربطها بين قارتى آسيا وأفريقيا وقربها من أوروبا يجعلها أفضل مكان فى العالم لجذب رأس المال والاستثمار العالمى لإقامة منطقة حرة لكافة المشروعات الانتاجية ولكن على أسس مقاومة تتحسب العدو الرابض على حدودنا الشرقية .
6 – سيناء يقطنها قرابة الـ 400 ألف مواطن فى مساحة 61 ألف كم2 وهم يتوزعون على 26 قبيلة عربية أصيلة من أبرزها [ قبائل الشمال : " السواركة - الرميلات - البياضية - الأخارسة - بلى - العقايلة – الدواغر – السماعتة – العبابدة – المرياشات – المساعيد – العكور" ، أما قبائل الوسط فتشمل : " الترابيين – التياهة – الأحيواث – الحويطات " بينما تعيش فى الجنوب قبائل : " العليقات – المزينة – الفرارشة – الجبالية – أولاد سعيد بجبل الطور – الحماضة – بنى واصل – الجراجرة – البذرة " وهذه القبائل العربية الأصيلة هى التى شاركت المخابرات العسكرية المصرية قتال الإسرائيليين بعد هزيمة 1967 وحتى استراد سيناء عام 1982 من خلال إنشاء (منظمة سيناء العربية) ومن خلال عشرات العمليات العسكرية والمخابراتية .
7 – سيناء التى لا نعرفها بعد ، هى مزار دينى وسياحى من الدرجة الأولى حيث يوجد بها مزارات سياحية "قلعة صلاح الدين – طريق حورس – طريق الحج المسيحى – طريق جبل النقب – دير سانت كاترين – الشجرة المقدسة – عيون موسى – حمامات فرعون ، وهى وفقاً لقول اللواء فؤاد حسين - الذى خدم فيها عبر جهاز المخابرات الحربية فى حوار مهم له مع جريدة الأسبوع (1/10/2012) - تتعرض لمؤامرة من إسرائيل ومن أطراف أخرى ، فالإسرائيليون سرقوا التاريخ من سيناء ، فقد أعمدة معبد " سرابيط الخادم" الموجود فى منطقة " أبو زنيمة " وهو من أهم المعابد الفرعونية وهو يخلد " حتحور " حيث كان فرعون مصر لا يتسلم صولجان الحكم إلا بعد تقديم فروض الطاعة فى هذا المعبد .
لقد حدثت على أرض سيناء 13 معجزة إلهية ، أهم أربع معجزات فيها حدثت فى جبل الطور الذى تم ذكره فى القرآن الكريم 13 مرة ، ومع ذلك هو غير موجود على أى خريطة مساحية أو سياحية مصرية .
* هذه الحقائق عن سيناء لا يعلمها الكثير من أبناء مصر بمن فيهم جماعات العنف داخل سيناء فكيف سيحمونها وكيف يتعاطفون معها عندما يتآمر عليها الأعداء ؟! .
***
ثانياً : خريطة (الجماعات الإسلامية) فى سيناء :
يبدو أن ثمة خلطاً وعدم دقة علمية للأوضاع الأمنية المتردية فى سيناء سواء على مستوى الرصد العام لهذه الجماعات أو على مستوى أفكارها ، ورؤاها التى أوصلت بعضها إلى حد استحلال دم ضباط وجنود الجيش والشرطة المصرية ، والذين سقط منهم خلال النصف الثانى من العام 2012 وحده قرابة الـ 40 ضابطاً وجندياً ، ولوضع الأمور فى نصابها ، دعونا نؤكد على أن أقصى تقدير لإجمالى عدد أفراد تلك الجماعات فى كل سيناء هو 5 آلاف عنصر أى ما يعادل 1% من تعداد السكان تقريباً وهى جماعات متداخلة وعنقودية ومن الصعب جداً اكتشافها دفعة واحدة ، وهى نتاج بيئة صحراوية غاضبة ، ويهطل عليها الآن المال السعودى والخليجى ، مع الفكر الوهابى / القاعدى فيحولها إلى (نار الله الموقدة) التى إن لم يتم التعامل معها بحكمة ووفق رؤية استراتيجية واعية ، فإنها ستكون الخنجر الذى سيفصل سيناء عن مصر فى أقل من عام واحد وستكون أداة لاستنزاف الجيش المصرى فى حرب استنزاف جديدة ولكن هذه المرة مع عدو من داخلنا وليس عدواً من الخارج كما كان عام 1968 – 1969 ، أما ملامح الخريطة الأساسية للحركات (الإسلامية) المقاتلة فتتمثل مبدئياً فى الآتى :
1 – الجماعات السلفية الجهادية : وهى الأقرب لتنظيم القاعدة سواء على مستوى انتهاج فعل العنف المسلح ضد الجيش والشرطة ، أو على مستوى الأفكار أو طريقة التنظيم العنقودى حيث هى عبارة عن جماعات صغيرة منتشرة فى أرجاء سيناء وبخاصة (فى مناطق العريش – رفح ومناطق الحدود مع الكيان الصهيونى – والآن بدأت تتواجد فى جنوب سيناء) وهذه الجماعات على اتصال ببعض الجماعات السلفية الجهادية فى فلسطين وأبرز هذه الجماعات (تأتى جماعة مجلس شورى المجاهدين – أكناف بيت المقدس – أنصار الجهاد وينسب للأخيرة عمليات تفجير خط الغاز الطبيعى الممتد إلى الكيان الصهيونى والتى وصلت إلى 15 عملية تفجير منذ ثورة يناير 2011 وحتى اليوم) .
2 – الجماعات التكفيرية : ومن أبرزها فى سيناء جماعة (التوحيد والجهاد) – (جماعة التكفير والهجرة) - جماعة (أصحاب الرايات السوداء) ، وينسب إلى هذه الجماعات المشاركة فى عمليات قتل الجنود المصريين بمن فيهم الـ 16 جندياً وضابطاً فى أغسطس الماضى (2012) ويرى المراقبون أن هذه الجماعات تعد من أكثر الجماعات الإسلامية فى سيناء عرضة للاختراق الإسرائيلى ومن هنا تأتى عملياتها العشوائية العنيفة ضد الجيش والشرطة المصرية وتنفيذها عمليات قتل ثلاثة من دورية من رجال الشرطة وقتل مفتش الأمن العام بمحافظة شمال سيناء ورفع الأعلام السوداء على مبنى المحافظة وإعلانها تحويل شمال سيناء إلى إمارة مستقلة شبيهة بإمارة طالبان فى أفغانستان وغيرها من العمليات المشبوهة القديمة (مثل طابا – دهب – شرم الشيخ) أو الجديدة بعد الثورة وهى عمليات لم تخدم سوى إسرائيل.
3 – الجماعات السلفية : وهى جماعات متنوعة تزعم العمل الدعوى السلمى ، رغم أن بعض ممارساتها التاريخية تقل بغير هذا ، بعض هذه الجماعات السلفية مختلف ففيها مع البعض الآخر ، وهى تتأثر فى مجملها بأفكار الدعوة الوهابية التى أسسها محمد بن عبد الوهاب فى السعودية والتى يساند دعاتها اليوم فى المملكة الأسرة السعودية فى كافة سياساتها وقراراتها بما فيها تلك المؤيدة لأمريكا والكيان الصهيونى والمعادية للجهاد والمقاومة بكافة أشكالها ، وهى دعوة تعادى كافة المذاهب الإسلامية (وبخاصة الأشاعرة – مذهب الأزهر الشريف) والشيعة (حيث يخرجونهم من ملة الإسلام تماماً) و(الصوفية) بل و(الحنابلة) الذين ينتسبون إليهم ، إلى الحد الذى دعى البعض إلى القول بأن هذه الفرق السلفية الوهابية بمثابة (دين جديد) غير دين الإسلام الذى يعرفه الناس !! حتى المذاهب الإسلامية السنية المعروفة (ونقصد هنا المالكية – الحنفية – الشافعية) .
على أية حال : هذه الجماعات هى الأكثر انتشاراً فى سيناء لاقتراب فقههم من حياة البداوة والروح القبلية فى سيناء ، وأيضاً للدعم المالى الكبير الذى تضخه السعودية والجمعيات المتصلة بها فى مصر ، وهذه الجماعات السلفية (السلمية) سرعان ما تتحول إلى العنف عندما يحدث صدام واسع مع أحد عناصرها ضد الجيش ، وهى لا تختلف فى بنيتها الدعوية الأصيلة وأفكارها التكفيرية عن الجماعات العنيفة ، سوى فى درجة وتوقيت إظهار العنف ليس إلا ، وهذه الجماعات السلفية (السلمية) على اتصال وثيق بالأحزاب والجماعات السلفية خارج سيناء وتحديداً فى القاهرة مثل حزب النور والأصالة والسلامة والتنمية والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد ، وسلفى سيناء (السلميين) يعدون مخزناً جاهزاً باستمرار لتوريد (الجهاديين) والتكفيريين فى الصدامات السابقة مع الجيش والشرطة – طبعاً لا علاقة لهؤلاء بفقه الجهاد الصحيح .
4 – الطرق الصوفية : للطرق الصوفية وجوداً معلوماً فى سيناء وإن كان قليل العدد ولعل وجود بعض الأضرحة لشيوخ يمتدون بنسبهم لآل البيت والصحابة مثل الأضرحة فى منطقة الشيخ زويد والتى فجر بعض عناصر التيار السلفى المتشدد إحداها منذ عدة شهور ، يؤكد على وجود جماعات وطرق صوفية داخل قبائل سيناء ولكنها ليست بالعدد الكبير أو النفوذ المالى والسياسى الذى يقارب التيارات السلفية والتكفيرية .
5 – جماعة الإخوان المسلمين : للإخوان المسلمين وجوداً ملحوظاً فى المدن الرئيسية فى سيناء خاصة فى (رفح – العريش – بئر العبد وغيرها) ، ولحركة حماس ذات الجذور الإخوانية علاقة مباشرة فى تنمية وترسيخ هذا الوجود الإخوانى ، وأيضاً للمال السياسى دور فيه خاصة بعد ثورة 25 يناير حين خفت القبضة الأمنية عن تنظيم الإخوان فأعاد إحياء الخلايا النائمة وأعاد تأسيس وجوده فى المناطق التى كانت بعيدة عن نفوذه المباشر .
والملاحظ أن الوجود الإخوانى فى سيناء فى تنامى مستمر وله علاقة بما يثار حول دعوة حماس لبناء منطقة تجارة حرة فى العريش على امتداد الحدود مع غزة بعمق كيلو واحد فى غزة و8 كيلو متر فى سيناء وهو المقترح الذى تردد أن (قطر) رصدت له 4 مليارات دولار ، وأن قطر التى تعبث فى أمن المنطقة واستقرارها بالتعاون مع واشنطن وتل أبيب باسم دعم الثورات العربية (والثورات العربية الحقيقية وليست الزائفة بريئة من هذا الدعم) تضغط بشدة عبر إخوانى العريش وسيناء وغزة (حماس) لتنفيذ هذا المشروع تمهيداً لإيقاف المقاومة كلية وبداية خلق الوطن البديل أمام الفلسطينيين ، وهو وطن يحتاج إلى (سوق حرة) واقتصاد مرتبط بالرأسمالية الخليجية والأمريكية وبعيد كلية عن المقاومة واقتصادها،وهذا المخطط وإن كانت توافق عليه سراً بعض قيادات حماس وإخوان مصر إلا أن باقى قيادات الحركة ومجمل الشعب الفلسطينى (خاصة فلسطيني الشتات – 6 ملايين فلسطينى)؛ذلك الشعب الذى دفع قرابة المليون شهيد عبر المائة عام الماضية للدفاع عن أرضه يرفضه ولا يقبل بواطن بديل .
* تلك هى الخريطة التقريبية لجماعات العنف والتكفير باسم الدين فى سيناء وهى بالتأكيد ليست كل الخريطة ، ولكنها خريطة تقريبية ، وتلك أبرز ملامحها وذلك لأن الواقع السيناوى معقد للغاية ، والمخطط الصهيونى لإعادة احتلال سيناء أو إبقاءها فى حالة فراغ استراتيجى وتوتر دينى / أمنى مستمر وهذا يدفعنا للحديث عن تاريخ الأطماع الصهيونية فى سيناء .
ثالثاً : الأطماع الإسرائيلية التاريخية فى سيناء :
فى الوقت الذى شُغلت فيه مصر ، نخبة وجماهير ، بصراعات داخلية سياسية واجتماعية ، بعضها مهم والغالب ، لا قيمة له ، وفى الوقت الذى استنزفتنا فيه (معركة الدستور) وما تخللها من خلافات وصراع للديكة ؛ فى هذا الوقت تتحرك إسرائيل العدو التقليدى لهذا الوطن ناحية سيناء محاولة احتلالها مجدداً وإن بوسائل أكثر تطوراً من احتلال الجيوش ، فتبدأ فى بناء جدار عازل مع مصر ، وتتزايد فى داخلها الدعوات التى تتحدث عن احتلال ثان جديد لسيناء ، وأن العداء مع مصر لا يرتبط بأنظمة مسالمة ولا تزيله اتفاقات تسوية مثل كامب ديفيد (1978) أو معاهدة السلام (1979) ، وأنها ستظل كدولة ، عدواً استراتيجياً تاريخياً لها، ولأن البعض من نخبتنا مستغرق فى الشأن الداخلى ، فلم يلتفت إلى ما يموج فى الداخل الإسرائيلى من مخططات ، ومؤامرات لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم بل وبالأساس ، مصر، الدولة والدور .
* بيد أن الأطماع الصهيونية التى تتجدد فى الكتابات الإسرائيلية هذه الأيام عن حنين العودة لسيناء ، عبر جماعات التكفير السلفية أو عبر قطر والولايات المتحدة ، ليست مجرد آراء عشوائية ، أطلقها البعض ، أو بالونات اختبار ، لقياس ردات الفعل المصرية ، أو توجيه لأنظار واشنطن ناحية فكرة " توطين الفلسطينيين " فى سيناء ، إن الأمر فى تقديرنا أكبر وأخطر ، ولعلنا لا نبالغ فى القول بأنه إن لم يواجه بتصدى سياسى ، مصرى ، وفلسطينى واضح فإن إسرائيل ستتمادى فيه ، لماذا لأنه ببساطة (حلم قديم) ، يراود الصهاينة منذ المؤسس (هرتزل) ، وبين أيدينا إحدى الوثائق القديمة والخطيرة فى آن واحد ، والتى أرسلها هرتزل إلى وزير المستعمرات البريطانية تشمبرلين فى (12/7/1902) والتى يضمنها مشروعه الاستعمارى ، والاختيارات المفتوحة أمام هذا المشروع يأتى فى مقدمتها خيار التوطين فى سيناء ، أو العراق ويبين ولأول مرة – وعلى عكس ما هو رائج لدى بعض المؤرخين وكثير من الإسلاميين أن السلطان العثمانى قد عرض عليه توطين اليهود الصهاينة فى العراق وليس فى فلسطين أو سيناء ولكنه – أى هرتزل – كان يفضل سيناء .
يقول هرتزل لـ (تشمبرلين) : [ الرجاء أن تجد طيه ملخصًا عامًا لمخطط تسكين اليهود المشردين في شبه جزيرة سيناء وفي فلسطين المصرية (ربما يقصد قطاع غزة) .
ولمنع أي سوء تفاهم قد يحصل الآن أو في المستقبل دعني أذكر أنني أعددت هذا المخطط لك لأنك أبديت معارضة بخصوص فلسطين إنك أعظم قوة مؤثرة على شعبنا منذ تشرده وإني لأشعر أنه من واجبي أن أقدم لك نصائحي المتواضعة شرط أن تكون عندك النية لعمل أمر مهم لتعسائنا. ويجب ألا أكون فقط شديد التمسك بالمثل وأرفض المساعدة السريعة لأفقر فقرائنا مهما كان شكل هذه المساعدة بل يجب أن أكون أكثر من ذلك يجب أن أعطي نصحي حسب ما أراه أفضل عندي إلى جانب الناحية الإنسانية غاية سياسية أيضًا. إن توطين اليهود شرق البحر الأبيض المتوسط سيقوي إمكان الحصول على فلسطين.سيكون يهود الشركة الشرقية في المستعمرة الإنجليزية صهيونيين مخلصين تمامًا كيهود هيرش المستعمرين في الأرجنتين" .
ثم يقول هرتزل فى وثيقته : " لا أدرى إذا كنت سأستطيع أن أساعد في تحقيق المشروع أي إذا كنت سأجعل منظمتنا الصهيونية تعمل له لأن هذا يعتمد على قرار حزبي. سأدعو أعضاء اللجنة من جميع البلدان إلى اجتماع سري وأبحث معهم الموضوع ".
وإلى جانب – يقول هرتزل - هذا فإن عندي مخططًا ثانيًا لك يمكن تحقيقه في الوقت نفسه ولكن على حدة. وهذا المخطط سري تمامًا يتعلق بالعراق.
لقد أخبرتك أن السلطان عرض عليَّ الاستيطان في العراق (وذلك في شباط/فبراير (1902) من هذه السنة لما ذهبت إلى القسطنطينية بناءً على دعوته) وقد رفضت العرض لأنه لم يشمل فلسطين. أستطيع أن أعود إليه غدًا ما دامت علاقاتنا ممتازة. وبدل هذا علينا أن نقدم له بعض المساعدات المالية (انظروا خطورة هذا الاعتراف السرى لهرتزل ومدى أهميته التاريخية!!).
يقوم بالمطالبة بهذا رجل أستطيع أن أسميه لك شفهيًا. ولكن السلطان يفضل أن يعهد بهذا المشروع لي لأنه يعرف أني شخصيًا لست أجرى وراء المنفعة المالية وهو بالطبع يريد شروطًا أفضل ولكن حتى ولو أُعْطي شروطًا أفضل يمكن وضع ما يقرب من مائتي مليون جنيه على الحساب. هذا الربح يذهب للشركة اليهودية لأنها تستطيع بذلك أن تبدأ حياتها بربح من مليوني جنيه وفي رأيي أن هذا يسهل تحقيق المخطط" .
ثم يقول هرتزل مخاطباً تشمبرلين : " لا أدرى إذا كانت عندك معلومات كافية عني ولكني أود أن أؤكد هنا أنه ليست لي في هذا المخطط أية غاية مادية ، لست أعمل لعمالة مالية ، إنما كل ما أريده هو أن يكون للصندوق القومي اليهودي حساب محترم فيما إذا سار هذا المشروع المالي أنا لا أضع هذا شرطًا لا بد منه " .
ثم ينهى وثيقته بالقول:"إني أفضل المخطط الأول (يقصد التوطين فى سيناء أو فلسطين المصرية على حد قوله!!) لأن ضمانات مشروع العراق السياسية للمستقبل قليلة.أما إذا لم نتمكن من إقامة المستعمرة اليهودية في المملكات البريطانية بسبب رفض الحكومة الإنجليزية أو إذا لم يرغب في هذا المخطط رجال المال فعندها فقط أقدم لك المشروع الثاني (يقصد العراق) ] .
هذه الوثيقة (طبعاً وغيرها عشرات الوثائق الصهيونية والبريطانية) بما احتوته من معلومات وأسرار ومخططات قديمة للحركة الصهيونية بقيادة هرتزل تؤكد قدم الأطماع الصهيونية فى سيناء وهى أطماع مرتبطة بأهمية سيناء الاستراتيجية وبعلاقتها التاريخية بما يسميه اليهود أرض الميعاد (فلسطين) فضلاً عن علاقتها بالمشاريع الاستعمارية الغربية فى المنطقة طيلة المائة عام الماضية وهى أطماع ترجمتها اتفاقية كامب ديفيد (1978) ومعاهدة السلام (1979) واتفاقية (أو بروتوكول) القوات متعددة الجنسيات (3/8/1981) وهى الاتفاقيات التى تمثل الإطار العام للعلاقات المصرية الإسرائيلية وهى أيضاً تمثل إستراتيجية الاغتيال الممنهج لسيناء فماذا عنها ؟ .
******
رابعاً : اتفاقيات السلام والاغتيال الإسرائيلى الممنهج لسيناء :
أثارت جرائم العدو الصهيونى خلال مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011 ضد الجنود والضباط المصريين على الحدود وقتلهم لستة منهم فى مايو 2011 ثم لعدد آخر سواء بشكل مباشر أو عبر جماعات التكفير الدينية إلى الحد الذى وصل فيه عدد قتلانا إلى قرابة الـ 40 شهيداً ، أثارت هذه الجرائم ردود أفعال عديدة غاضبة كان أبرزها إسقاط العلم الصهيونى من فوق سفارة العدو مرتين ثم اقتحام مقر السفارة وإجبار إسرائيل على سحب سفيرها وهروبه ليلاً ومعه 60 من طاقم السفارة ليلة 10/9/2011 الأمر الذى مثَّل نقطة تحول استراتيجى لمسار العلاقات المأزومة بين هذا الكيان ومصر ما بعد الثورة ، وهى جرائم دفعت العديد من الخبراء والنشطاء للمطالبة بضرورة إسقاط كامب ديفيد واتفاقية السلام واتفاقية القوات متعددة الجنسيات وهى الاتفاقات التى حولت سيناء إلى أرض بلا سيادة مصرية حقيقية ، فهل هى بالفعل كذلك ؟ .
تقول الوثائق أنه وفقاً لما ورد فى الملحق الأول من الاتفاقية (معاهدة السلام 1979 - الملحق الامنى) ، وردت القيود الآتية على حجم وتوزيع القوات المصرية فى سيناء :
(1) تم لاول مرة تحديد خطين حدودين دوليين بين مصر وفلسطين ، وليس خطا واحدا ، الاول يمثل الحدود السياسية الدولية المعروفة وهو الخط الواصل بين مدينتى رفح وطابا ، اما خط الحدود الدولى الثانى فهو الخط العسكرى او الامنى وهو الخط الواقع على بعد 58 كم شرق قناة السويس والمسمى بالخط (أ).
(2) ولقد قسمت سيناء من الناحية الامنية الى ثلاثة شرائح طولية سميت من الغرب الى الشرق بالمناطق ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) .
(3)  أما المنطقة (أ) فهى المنطقة المحصورة بين قناة السويس والخط (أ) المذكور عاليه بعرض 58 كم ، وفيها سمح لمصر بفرقة مشاة ميكانيكية واحدة تتكون من 22 ألف جندى مشاة مصرى مع تسليح يقتصر على 230دبابة و126 مدفع ميدانى و126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37مم و480 مركبة .
(4) ثم المنطقة (ب) وعرضها 109 كم الواقعة شرق المنطقة (أ) وتقتصر على 4000 جندى من سلاح حرس الحدود مع أسلحة خفيفة .
(5) ثم المنطقة (ج) وعرضها 33 كم وتنحصر بين الحدود الدولية من الشرق والمنطقة  (ب) من الغرب و لا يسمح فيها باى تواجد للقوات المسلحة المصرية وتقتصر على قوات من الشرطة ( البوليس) ، ويحظر انشاء اى مطارات او موانى عسكرية فى كل سيناء .
(6) فى مقابل هذه التدابيرفى مصر قيدت الاتفاقية اسرائيل فقط فى المنطقة (د) التى تقع غرب الحدود الدولية وعرضها 4 كم فقط ، وحدد فيها عدد القوات بـ 4000 جندى .
(7) وللتقييم والمقارنة ، بلغ حجم القوات المصرية التى كانت  الموجودة شرق القناة على ارض سيناء  فى يوم 28 اكتوبر1973 بعد التوقف الفعلى لاطلاق النار ، حوالى 80 الف جندى مصرى واكثر من الف دبابة .
(8) ولكن الرئيس أنور السادات وافق على سحبها جميعا وإعادتها الى غرب القناة ما عدا 7000جندى وثلاثون دبابة،وذلك فى اتفاق فض الاشتباك الأول الموقع فى18يناير 1974(!!)
(9) ان مراجعة خطة العدوان الاسرائيلى على سيناء فى حربى 1956 و1967 – وفقاً للدراسة المهمة للباحث محمد عصمت سيف الدولة عن سيناء المنزوعة السيادة - تثير القلق فيما اذا كانت الترتيبات الحالية قادرة على رد عدوان مماثل لا قدر الله خاصة أن العدوان الاسرائيلى عام 1967 كان على اربعة محاور :
1)   محور رفح ، العريش ، القنطرة
2)   محور العوجة ، ابو عجيلة ، الاسماعيلية
3)   محور الكنتلا ، نخل ، السويس 
4)   محور ايلات ، دهب ، شرم الشيخ جنوبا ثم الطور ، ابو زنيمة شمالا ليلتقى مع هجوم المحور الثالث القادم من راس سدر
• وتجدر الاشارة الى ان المنطقة المسلحة الوحيدة (أ) تنتهى قبل ممرات الجدى ومتلا والخاتمية التى تمثل خط الدفاع الرئيسى عن سيناء  . ماذا تعنى هذه الحقائق ؟! إنها تعنى ببساطة أن سيناء لم تتحرر بعد !! .
* وإذا ما أضفنا إليها الشروط المجحفة لاتفاقية أو بروتوكول القوات متعددة الجنسيات فى سيناء والموقع فى 3/8/1981 والذى نزع بالكامل السيادة المصرية عن سيناء فإننا نكون إزاء فراغ استراتيجى وإخلال حقيقى لمصر ، وللعلم فإن قوة القوات متعددة الجنسيات تتشكل من 11 دولة ولكن تحت قيادة مدنية أمريكية .
• ولا يجوز لمصر بنص المعاهدة ان تطالب بانسحاب هذه القوات من أراضيها الا بعد الموافقة الجماعية للاعضاء الدائمين بمجلس الأمن .
• وتقوم القوة بمراقبة مصر،اما اسرائيل فتتم مراقبتها بعناصر مدنية فقط لرفضها وجود قوات اجنبية على أراضيها،ومن هنا جاء اسمها (القوات متعددة الجنسية والمراقبون  MFO ) .
• وليس من المستبعد  ان يكون جزءا من القوات الأمريكية فى سيناء عناصر إسرائيلية بهويات أمريكية وهمية او مزورة .
هذا وتتحدد وظائف هذه القوات فى خمسة مهمات هى :
1)  تشغيل نقاط التفتيش ودوريات الاستطلاع ومراكز المراقبة على امتداد الحدود الدولية وعلى الخط ( ب ) وداخل المنطقة ( ج ) .
2)  التحقق الدورى من تنفيذ احكام الملحق الامنى مرتين فى الشهر على الاقل ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .
3) اجراء تحقيق اضافى خلال 48 ساعة بناء على طلب احد الأطراف .
4) ضمان حرية الملاحة فى مضيق تيران .
5) المهمة الخامسة التى أضيفت فى سبتمبر2005هى مراقبة مدى التزام قوات حرس الحدود المصرية بالاتفاق المصرى الاسرائيلى الموقع فى أول سبتمبر2005 والمعدل فى11يوليو 2007 .
• مقر قيادة القوة فى روما ولها مقرين اقليميين فى القاهرة وتل ابيب .
* تتمركز القوات فى قاعدتين عسكرتين : الاولى فى الجورة فى شمال سيناء بالمنطقة ( ج ) والثانية بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة ، بالاضافة الى ثلاثين مركز مراقبة .
• ومركز اضافى فى جزيرة تيران (السعودية سابقاً) لمراقبة حركة الملاحة (وهى جزيرة محتلة إسرائيلياً منذ 1967 ولم تطالب بها السعودية حتى اليوم ولا ندرى لماذا ؟!) . هذا ويلاحظ أن الولايات المتحدة تتولى مسئولية القيادة المدنية الدائمة للقوات كما ان لها النصيب الاكبر فى عدد القوات 687 من 1678 فرد بنسبة 40 % ، وذلك رغم انها لا تقف على الحياد بين مصر واسرائيل ، ( راجع مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979 والتى تعتبر احد مستندات المعاهدة ) .
• وقد اختارت أمريكا التمركز فى القاعدة الجنوبية فى شرم الشيخ للاهمية الاستراتيجية لخليج العقبة والمضايق بالنسبة لاسرائيل .
• والحقائق على الأرض تقول أنه رغم ان جملة عدد القوات متعددة الجنسيات لا يتعدى 2000 فردا ، الا انها كافية للاحتفاظ بالمواقع الاستراتيجية لصالح اسرائيل فى حالة وقوع  اى عدوان مسقبلى منها ، خاصة فى مواجهة قوات من الشرطة المصرية فقط (ضعيفة التسليح والإمكانات) فى المنطقة ( ج ) .
• ان الوضع الخاص للقوات الأمريكية – وفقاً لدراسة محمد سيف الدولة - فى بناء الـMFO قد يضع مصر مستقبلاً فى مواجهة مع أمريكا فى ظل اى أزمة محتملة،مما سيمثل حينئذ ضغطا إضافيا على اى قرار سياسى مصرى ، وعلينا أن نلاحظ هنا أنه قد تم استبعاد كل الدول العربية والاسلامية من المشاركة فى هذه القوات ، وأن معظم الدول الاخرى عدد قواتها محدود وتمثيلها رمزى فيما عدا كولومبيا وفيجى ، وأن القيادة العسكرية كلها من دول حلف الناتو .
* هل بعد ذلك نسأل هل سيناء (حرة) أم هى قيد الاحتلال الإسرائيلى والغربى !! إلا أن السؤال الأهم الذى لايزال قائماً - وبعد جرائم قتل الضباط والجنود المستمرة سواء بشكل إسرائيلى مباشر أو عبر جماعات العنف السلفية - هو متى ستتحرر سيناء من الاحتلال الإسرائيلى والأمريكى ؟ ذلك العدو الذى دفن فيها الأسرى المصريين أحياء خلال حروب 1948 – 1967 – 1967 وهو الذى نهبها خلال الفترة من 1967 – 1982 بما يوازى 500 مليار دولار وهو رقم حقيقى وموثق إسرائيلياً ودولياً ومع ذلك لا يجد من يستردها فى مصر ، هذا العدو يعمل الآن على العودة إلى سيناء ثانية وبشكل مباشر وليس عبر وسطاء من السلفيين فهل نحن مستعدون له ؟! .
****
خامساً : الخلاصة :
دعونا نقول أن تعمير سيناء الحقيقى يحتاج إلى استراتيجية تعمير مبنية على ثقافة المقاومة ، وهى ثقافة تستلزم إلغاء أو على الأقل تعديل اتفاقات (كامب ديفيد – معاهدة السلام – بروتوكول القوات متعددة الجنسيات) لأن هذه الاتفاقات تشل بالكامل حركة الجيش وتوقف استراتيجية التعمير الحقيقية وتحول دون السيادة الكاملة على الأرض وإذا أضفنا لكل هذا القول بأن التعمير الاستراتيجى الحقيقى يتطلب:
1 – ان هناك هدفاً استراتيجياً حيوياً مطلوب الدفاع عنه بعمق لحرمان أى قوات معادية من الوصول إليه أو تهديده ألا وهو (منطقة القناة ومدنها) للمحافظة على استمرار الملاحة والحياة الطبيعية بها سلماً وحرباً .
2 – ان هناك هدفاً تكتيكياً يعتبر مفتاح الدخول لمصر من الشرق ومطلوب الدفاع عنه بعمق أيضاً لحرمان القوات المعادية من السيطرة عليه أو تهديد الهدف الاستراتيجى (قناة السويس) ألا وهو منطقة الممرات ويطلق عليه الحائط الغربى لسيناء .
3 – ان سيناء ككل بدءاً بخط الحدود الدولية ، عبارة عن خطوط قتالية دفاعية متتالية ومروراً بمحاور الاقتراب والمناورة المختلفة ، وباستغلال طبيعة الأرض والموارد الطبيعية والتعدينية (والتى لم تستغل بعد) ؛ يمكن أن يقام عليها مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية ذات بعد مقاوم .. لزيادة الدخل القومى وأيضاً لخدمة الأهداف العسكرية الدفاعية ، وإعدادها كحصن منبع وقلعة عسكرية واقتصادية ضخمة .
* إن التعمير المقاوم يحتاج الآن وعلى وجه السرعة إلى تشكيل لجنة عليا (سياسية عسكرية اقتصادية - إعلامية)عاجلة تقوم بإعداد التخطيط المتكامل النهائى ووضع تصور للرؤية المستقبلية للتعمير والتنمية الشاملة لسيناء باستخدام الأسلوب العلمى بحيث تكون كياناً اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً متماسكاً ، يحمى سيناء من ثلاثة مخاطر كبرى : المخاطر الإسرائيلية ومخاطر التدويل الأمريكى ومخاطر الفتن التى تبذرها قوى التطرف الدينى ، ومن غير امتلاك إرادة واستراتيجية البناء والمواجهة فى سيناء ، فإن احتمالات انفصالها – طوعاً أو كرهاً – عن الوطن احتمالات واردة فانتبهوا يا أولى الألباب .. .


E – mail : yafafr@hotmail.com
abic� �(mo�}N ��M guage:AR-SA'>• وتقوم القوة بمراقبة مصر،اما اسرائيل فتتم مراقبتها بعناصر مدنية فقط لرفضها وجود قوات اجنبية على أراضيها،ومن هنا جاء اسمها (القوات متعددة الجنسية والمراقبون  MFO ) .

• وليس من المستبعد  ان يكون جزءا من القوات الأمريكية فى سيناء عناصر إسرائيلية بهويات أمريكية وهمية او مزورة .
هذا وتتحدد وظائف هذه القوات فى خمسة مهمات هى :
1)  تشغيل نقاط التفتيش ودوريات الاستطلاع ومراكز المراقبة على امتداد الحدود الدولية وعلى الخط ( ب ) وداخل المنطقة ( ج ) .
2)  التحقق الدورى من تنفيذ احكام الملحق الامنى مرتين فى الشهر على الاقل ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .
3) اجراء تحقيق اضافى خلال 48 ساعة بناء على طلب احد الأطراف .
4) ضمان حرية الملاحة فى مضيق تيران .
5) المهمة الخامسة التى أضيفت فى سبتمبر2005هى مراقبة مدى التزام قوات حرس الحدود المصرية بالاتفاق المصرى الاسرائيلى الموقع فى أول سبتمبر2005 والمعدل فى11يوليو 2007 .
• مقر قيادة القوة فى روما ولها مقرين اقليميين فى القاهرة وتل ابيب .
* تتمركز القوات فى قاعدتين عسكرتين : الاولى فى الجورة فى شمال سيناء بالمنطقة ( ج ) والثانية بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة ، بالاضافة الى ثلاثين مركز مراقبة .
• ومركز اضافى فى جزيرة تيران (السعودية سابقاً) لمراقبة حركة الملاحة (وهى جزيرة محتلة إسرائيلياً منذ 1967 ولم تطالب بها السعودية حتى اليوم ولا ندرى لماذا ؟!) . هذا ويلاحظ أن الولايات المتحدة تتولى مسئولية القيادة المدنية الدائمة للقوات كما ان لها النصيب الاكبر فى عدد القوات 687 من 1678 فرد بنسبة 40 % ، وذلك رغم انها لا تقف على الحياد بين مصر واسرائيل ، ( راجع مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979 والتى تعتبر احد مستندات المعاهدة ) .
• وقد اختارت أمريكا التمركز فى القاعدة الجنوبية فى شرم الشيخ للاهمية الاستراتيجية لخليج العقبة والمضايق بالنسبة لاسرائيل .
• والحقائق على الأرض تقول أنه رغم ان جملة عدد القوات متعددة الجنسيات لا يتعدى 2000 فردا ، الا انها كافية للاحتفاظ بالمواقع الاستراتيجية لصالح اسرائيل فى حالة وقوع  اى عدوان مسقبلى منها ، خاصة فى مواجهة قوات من الشرطة المصرية فقط (ضعيفة التسليح والإمكانات) فى المنطقة ( ج ) .
• ان الوضع الخاص للقوات الأمريكية – وفقاً لدراسة محمد سيف الدولة - فى بناء الـMFO قد يضع مصر مستقبلاً فى مواجهة مع أمريكا فى ظل اى أزمة محتملة،مما سيمثل حينئذ ضغطا إضافيا على اى قرار سياسى مصرى ، وعلينا أن نلاحظ هنا أنه قد تم استبعاد كل الدول العربية والاسلامية من المشاركة فى هذه القوات ، وأن معظم الدول الاخرى عدد قواتها محدود وتمثيلها رمزى فيما عدا كولومبيا وفيجى ، وأن القيادة العسكرية كلها من دول حلف الناتو .
* هل بعد ذلك نسأل هل سيناء (حرة) أم هى قيد الاحتلال الإسرائيلى والغربى !! إلا أن السؤال الأهم الذى لايزال قائماً - وبعد جرائم قتل الضباط والجنود المستمرة سواء بشكل إسرائيلى مباشر أو عبر جماعات العنف السلفية - هو متى ستتحرر سيناء من الاحتلال الإسرائيلى والأمريكى ؟ ذلك العدو الذى دفن فيها الأسرى المصريين أحياء خلال حروب 1948 – 1967 – 1967 وهو الذى نهبها خلال الفترة من 1967 – 1982 بما يوازى 500 مليار دولار وهو رقم حقيقى وموثق إسرائيلياً ودولياً ومع ذلك لا يجد من يستردها فى مصر ، هذا العدو يعمل الآن على العودة إلى سيناء ثانية وبشكل مباشر وليس عبر وسطاء من السلفيين فهل نحن مستعدون له ؟! .
****
خامساً : الخلاصة :
دعونا نقول أن تعمير سيناء الحقيقى يحتاج إلى استراتيجية تعمير مبنية على ثقافة المقاومة ، وهى ثقافة تستلزم إلغاء أو على الأقل تعديل اتفاقات (كامب ديفيد – معاهدة السلام – بروتوكول القوات متعددة الجنسيات) لأن هذه الاتفاقات تشل بالكامل حركة الجيش وتوقف استراتيجية التعمير الحقيقية وتحول دون السيادة الكاملة على الأرض وإذا أضفنا لكل هذا القول بأن التعمير الاستراتيجى الحقيقى يتطلب:
1 – ان هناك هدفاً استراتيجياً حيوياً مطلوب الدفاع عنه بعمق لحرمان أى قوات معادية من الوصول إليه أو تهديده ألا وهو (منطقة القناة ومدنها) للمحافظة على استمرار الملاحة والحياة الطبيعية بها سلماً وحرباً .
2 – ان هناك هدفاً تكتيكياً يعتبر مفتاح الدخول لمصر من الشرق ومطلوب الدفاع عنه بعمق أيضاً لحرمان القوات المعادية من السيطرة عليه أو تهديد الهدف الاستراتيجى (قناة السويس) ألا وهو منطقة الممرات ويطلق عليه الحائط الغربى لسيناء .
3 – ان سيناء ككل بدءاً بخط الحدود الدولية ، عبارة عن خطوط قتالية دفاعية متتالية ومروراً بمحاور الاقتراب والمناورة المختلفة ، وباستغلال طبيعة الأرض والموارد الطبيعية والتعدينية (والتى لم تستغل بعد) ؛ يمكن أن يقام عليها مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية ذات بعد مقاوم .. لزيادة الدخل القومى وأيضاً لخدمة الأهداف العسكرية الدفاعية ، وإعدادها كحصن منبع وقلعة عسكرية واقتصادية ضخمة .
* إن التعمير المقاوم يحتاج الآن وعلى وجه السرعة إلى تشكيل لجنة عليا (سياسية عسكرية اقتصادية - إعلامية)عاجلة تقوم بإعداد التخطيط المتكامل النهائى ووضع تصور للرؤية المستقبلية للتعمير والتنمية الشاملة لسيناء باستخدام الأسلوب العلمى بحيث تكون كياناً اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً متماسكاً ، يحمى سيناء من ثلاثة مخاطر كبرى : المخاطر الإسرائيلية ومخاطر التدويل الأمريكى ومخاطر الفتن التى تبذرها قوى التطرف الدينى ، ومن غير امتلاك إرادة واستراتيجية البناء والمواجهة فى سيناء ، فإن احتمالات انفصالها – طوعاً أو كرهاً – عن الوطن احتمالات واردة فانتبهوا يا أولى الألباب .. .
 E – mail : yafafr@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: