08 سبتمبر 2012

لماذا تكرهون اسرائيل! ولا تكرهون بريطانيا وفرنسا وامريكا ؟


 سلسلة من اجل وعي سياسي \10

 اسرائيليون يصممون مراحيض على شكل امرأة محجبة

نشوان الجريسي

يذهب السياسي الى امريكا وبريطانيا وفرنسا، ويلتقي بالمسؤولين في هذه الدول, او ويستقبلونهم في بلادهم، ويذهب رجال العلم في بعثات علمية الى هذه الدول، ويذهب الناس سائحين او لاجئين، ولا يرف لهم جفن او يؤنبهم ضميرهم الديني او السياسي، بل يتاهون بالذهاب او الاستناد او التحالف مع هذه الدول، على العكس من الذهاب الى اسرائيل او اللقاء بمسؤوليهم، فهو الحرام والعار والخزي.
وهنا نتسائل ...من هو الاشد عداوة اسرائيل ام امريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا, ومن الاشد جرما هي ام هذه الدول، ومن الاشد فتكا بنا هي ام هذه الدول، ومن اولى بالعداء من احتل جزءا من بلادنا، ام من احتل وغزا كل بلادنا وعقولنا وسرق ثرواتنا، ويتحكم بحاضرنا ومستقبلنا.
نعم اسرائيل عدوة.. وفي نفس الوقت هي اداة بيد هذه الدول تصوغ المنطقة بها، حكومات وشعوبا ، وترّوض بها الحكام , وتستنزف الطاقات والثروات من بيع اسلحة وغيرها، وهي جسر للدخول الى المنطقة تحت مبرر (حل قضية فلسطين), وهي شركة مساهمة سياسية تتصارع عليها الدول العظمى الاستعمارية التي تريد الدخول والتحكم بمنطقتنا، والاهم فهي منطقة انذار مبكر لهذه الدول لمنع حدوث اية نهضة في بلادنا، ومنع وحدة بلاد الشام مع بلاد المغرب, فقد اشغلونا بالتحرير عن النهضة نصف قرن من الزمان مع العلم ان التحرير هو من نتائج النهضة.
فنحن منذ ان وعينا على الحياة, ونحن ترى ونسمع السياسيين والمثقفين خطباء المنابر والطبقة العامة من الشعب وهو يحملون اشد العداء والبغض لهذا الكيان المسخ, فالحكام قد جعلوا عدوهم الاستراتيجي اسرائيل, والعقيدة العسكرية للجيوش تشكلت ضد اسرائيل, اضافة الى شكل التسليح والتنظيم, والمثقفون ثقافة قومية واسلامية تشكل وعيهم الثقافي على هذا الاساس, وخطاب المنابر سائر في نفس الاتجاه، في كل جمعة وفي كل خطبة يكنون ويعلنون العداء لاسرائيل ،ناهيك عن وسائل الاعلام المحلية والفضائية التي تعمل في ذات الاتجاه في خلق جو من العداء المبرمج, وهكذا تشكّل وعينا في سياستنا وثقافتنا ووجداننا، اسرائيل هي العدو الاستراتيجي, والعدو الاوحد لنا, واصبحت خطا احمر, للسياسي في قراره وادائه وحساباته، والمثقف في فكره وادبه وشعره, بل حتى المغني في غنائه، بل هي اي اسرائيل خط احمر حتى في خواطرنا، فلا يمكن ان نفكر ولو مجرد خاطر بالذهاب الى اسرائيل سائحين او متعلمين.
فقد خُيّل لنا ان العالم بدوله وشعوبه وثقافاته تحركه اسرائيل, وخُيّل لنا ان بريطانيا وفرنسا وامريكا والاتحاد السوفييتي السابق هم اداة بيد اسرائيل، فصارت بعبعا للسياسي والمثقف بل للشعوب اجمع.
فتحولت قضيتنا من قضية نهوض الى قضية تحرير, واصبحت فلسطين هي القضية المركزية لدى شعوب وحكام المنطقة.
نعم ان اسرائيل عدو لنا، احتلت بلادنا وقتلت ابناءنا، وهي خنجر في خاصرتنا ولكن بيد من ....!!؟
أليست اسرائيل اداة بيد الدول العظمى الاستعمارية بريطانيا وفرنسا وامريكا؟
أليست بريطانيا هي من اسقطت كيان المسلمين وبمساعدة فرنسا, ومزقوه الى دول ومشيخات وامارات هزيلة..!؟
أليست بريطانيا هي صاحبة وعد بلفور لانشاء وطن قومي لليهود...؟
أليست الدول الغربية هي من هجر اليهود للخلاص منهم اما بالاغراء، واما بتهديد العصابات بالقتل وكما يراد لمسيحيي العراق..؟
أليست هذه الدول هي الداعم الرئيسي لها ماديا وسياسيا وعسكريا ..!؟
ثم ايهما اولى بالكره والعداء من احتل جزء من بلادنا عسكريا ام مزّق واحتل وغزا بلادنا سياسيا وثقافيا واقتصاديا وعسكريا.
ومن قتل الملايين من ابنائنا، في اسبانيا والبلقان والقوقاز والجزائر وليبيا ومصر وبلاد الشام وافغانستان وباكستان والعراق وليبيا اليوم.
ومن يسرق ثرواتنا ويستنزف طاقاتنا بالكفاح الرخيص، عبر خلق الفتن بين ابناء البلد الواحد، ويبث السموم عبر قنواته مونتي كارلو والBBC واذاعة امريكا.
ومن اتخذ من الاسلام والمسلمين عدوا، يمارس القتل والتضليل عليهم ليل نهار.
أليس هذا خلل كبير في مركز التنبه..!؟
فعندما تتعطل البوصلة السياسية يصعب تحديد العدو الحقيقي او العدو الاول لانه احد مهام هذه البوصلة، وعلى المستوى الشخصي قد يصعب على الانسان تحديد اعدائه, وقد يكون اقرب المقربين, وعندها سيكون مغفلا.
اما على المستوى السياسي فالغفلة تعني الانتحار والموت، تعني التضحية بمصالح البلد ومصير الشعب والامة، بل تعني الدمار عندما نصحو من ضربة قاضية، ولنا عبرة بصدام ومعمر وحسني وبشار.
كان السياسيون يخشون من اسرائيل، واذا القتل والتدمير يأتي من الاصدقاء امريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا، كانوا يظنون ان لهذه الدول ضمير، ولكنهم لم يدركوا ان ضميرهم يحركه النفط لا القيم الانسانية.
نعم لقد نجح البريطانيون والفرنسيون والامريكان في حرف مركز التنبه لدينا, وفي تشكيل وعينا السياسي سواء في تحديد المصالح ام في تحديد العدو.
فلا وجود لامة بلا عدو..!
وامة لا تعرف اعداءها امة بلا وعي..!
وامة بلا وعي امة خارج التأريخ ...!!

7\9\2012م

ليست هناك تعليقات: