29 أغسطس 2012

الثروة المعدنية بحاجة إلى قرار يصحح أوضاعها المقلوبة



د.يحيى القزاز

للتذكرة هيئة الثروة المعدنية هى التى حلت محل الهيئة المصرية العامة للمساحة الجيولوجية والمشروعات التعدينية بقرار جمهورى عام 2004، بناء على توصية من وزير البترول السابق سامح فهمى، وكانت تتبع وزارة الصناعة وتم ضمها إلى وزوارة البترول لصالح شركة الراجحى التى تعمل الآن فى استخراج الذهب بمنجم السكرى إثر خلافات وتحكيم ذكرناه فى كتابات سابقة. وحول هذه الشركة شبهات وكلام كثير.. وما دعانا لإعادة فتح ملف هيئة الثروة المعدنية حاليا هو إعادة هيكلتها على يد رئيسها وهو رجل فاضل خبرته فى مجال البترول وليس فى مجال التعدين.
وكتبنا وذكرنا عن دور عديمى الخبرة فى إدارة المؤسسات الحيوية الهامة، ويجرى هيكلة  هيئة الثروة المعدنية وتحويلها إلى شركة قابضة وتفكيكها إلى قطاعات مناجم ومحاجر ومسح جيولوجى بدون استشارة مع أهل الرأى والخبرة من أبناء المساحة الذين يعملون بها، وكأنهم عندما يمنحونها اسم الشركة القابضة ستمطر خامات ومعادن كالسماء عندما تمطر ماء. نفس الأسلوب الذى ضحكوا به على وزارة 2004 وادعوا أنهم بتغيير اسم هيئة المساحة الجيولوجية إلى هيئة الثروة المعدنية سينتجون ثروات معدنية كثيرة، وللأسف نفس اسلوب الضحك على الذقون يتكرر حتى بعد ثورة 25 يناير. إنها محاولة للتخريب وطمس الحقائق باسم إعادة الهيكلة حتى لاينكشف المغدور، ويفضح المستور.
لن أكتب كثيرا عن أهمية هيئة المساحة الجيولوجية ودورها فهو معروف، وفى قانونها الحالى الحق فى تملك شركات التعدين والمشاركة فيها والإشراف عليها وإنشاء كيانات وسن زيادة مالية دون التقيد بلوائح الحكومة طبقا للقنون 45 لسنة1986. وأنشأت الهيئة وشاركت فى شركات الذهب والطفلة والفوسفات طبعا لصالح رجال البترول.
الهيئة مرشحة لأن تلعب دورا هاما فى التنمية الاقتصادية فى المستقبل، وبشكل علمى وبعيدا عن المبالغات والترغيب فى عوائد الخامات اقتصاديا فإنها واعدة بالمليارات إذا ما أحسنت إدارتها ويصعب تحديد عائدها بدقة نظرا لعدم وجود دراسات جدوى حقيقية لكل الخامات، وهيئة المساحة الجيولوجية بتشكيلها القديم قبل اغتيالها عام 2004 هى القادرة على البحث والتقيب وتقدير الاحتياطى بدقة، كما فعلت فى مشروع الحديد جنوب شرق أسوان بأيدى أكفأ أبناء الهيئة وأخلصهم.
نعلم أن وزارة البترول تقاتل كى تستبقى هيئة الثروة المعدنية فى معيتها حتى لا تعود هيئة المساحة الجيولوجية، وحتى تجامل المحظوظين من رجالها الذين لامكان لترقيتهم فى شركات البترول، وكل شركات التعدين يرأسها رجال من قطاع البترول، ونشير إلى أن وزير البترول الجديد فى حكومة هشام قنديل قام بتعيين صديقه المحاسب رئيسا لمجلس إدارة شركة فوسفات!! ونحن لا نمانع من استبقائها تابعة لوزارة البترول بشرط أن يتولى أمرها أبناؤها وليس رجال البترول.
قد تكون هذه هى المرة الأخيرة التى نكتب ونطالب بعودة هيئة المساحة الجيولوجية والتأكيد على دورها فى التنمية التعدينية، لإدراكنا باننا لسنا وحدنا الحريصين على مستقبل هذا الوطن، وأن للآخرين أعين وأذن ومعرفة أفضل منا، وأن لديهم القدرة على اتخاذ القرار ونحن ليست لدينا هذه القدرة، وشعارنا ولسان حالنا ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
ونطالب أولا بوقف هيكلة الثروة المعدنية على أيدى رجال لاخبرة لهم فى مجال التعدين، ولم يحدثوا أى تقدم يذكر منذ تقلدوا رئاسة الهيئة. ثانيا استعادة اسم الهيئة المصرية العامة للمساحة الجيولوجية إسوة بكل دول العالم حيث أن هيئة المساحة الجيولوجية المصرية هى ثانى هيئة جيولوجية على مستوى العالم بعد المساحة الجيولوجية البريطانية وقبل الأمريكية والكندية والروسية والفرنسية، وهى المساحة التى خططت وأنشأت كل المساحات الجيولوجية على مستوى العالم العربى وبعض من دول أفريقيا. ثالثا أن هيئة الثروة المعدنية (المساحة الجيولوجية سابقا) بها من ذوى الخبرات الأمينة والمخلصة التى مازالت تعمل بها، ويجب استثمارهم فى إدارة وتطوير الهيئة، فهم القائمون عليها والأدرى بشئونها من الوافدين عليها، ومن الذين ابتعدوا عنها.
إن للمساحة الجيولوجية أدوارا هامة فى خدمة الاقتصاد المصرى، وهى تلعب دورا هاما فى العمق الأفريقى من خلال التكامل، فدول حوض النيل جميعها تقع فى تركيب وتكوين جيولوجى واحد، وهناك مشتركات فى تطور الدرع الجيولوجى العربى الأفريقى مع بقية القارة.
أظن أنه حان الوقت للاهتمام بالثروة المعدنية من خلال هيئة المساحة الجيولوجية، وأنا أرى أن هناك أقلاما مغرضة من عديمى الخبرة تلعب دورا فى الخفاء لصالح شركات خاصة، ونشير إلى أن شركة الذهب للسكرى تابعة لهيئة لهيئة الثروة المعدنية لكنها للأسف تتحكم فى الهيئة وتجعل الهيئة تابعة لها، ويكفى أن نذكر أن عقد الشراكة بين المساحة الجيولوجية (وقت ابرام العقد عام 1994) وبين شركة السكرى نص على أن يكون المقر الرئيسى لشركة السكرى بالقاهرة، وللأسف منذ بدأ العمل والمقر فى الاسكندرية فى شقة إيجارها 4500 جنيه استرلينى شهريا، وهى شقة مؤجرة فى عمارة ملك "الراجحى" صاحب الشركة، وكل هذه المصروفات تخصم من حصة الهيئة، أظن أن الإيجار الكلى لمقر الشركة يكفى لشراء عمارة فى حى "ميى فير بلندن"، ناهيك عن الإسراف فى أجور المحاسيب العاملين بالشركة، والعمالة لاتخضع للهيئة حتى تاريخه، للأسف أنها الشركة الرئيسة والهيئة تابعة لها!!
فى ظل محنتنا الاقتصادية نحن بحاجة إلى قرار يعيد اسم الهيئة المغتال (هيئة المساحة الجيولوجية)، ويدعها فى أيادى أبنائها القائمين عليها،  فهم الأدرى بها، والذى اتخذ قرارا بتعديل الانقلاب الدستورى أظن أنه قادر أن يتخذ قرارا يعيد به الهيئة المغتصبة، ويعدل أوضاعا مقلوبة لما يقرب من عقد من الزمان. أشياء خطيرة تجرى فى تخريب ونهب ثروات مصر المعدنية فانتبهوا. مرة أخرى ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
29/8/2012

ليست هناك تعليقات: