20 أغسطس 2012

النشرة العراقية : حالة من الهلع والذعر تسود مناطق بغداد -دجاج العراق طائفى - ونص استقالة قاضى الشهيد صدام


الرفيق صلاح المختار في قناة المستقلة يوم الثلاثاء ٢١ / ٨ / ٢٠١٢


 شبكة ذي قـار
في اطار التعتيم المتعمد على نضال البعث والمقاومة العراقية ضد الاحتلال والذي ادى الى مقاطعة الفضائيات العربية لمناضلي البعث نلفت انتباه ابناء العراق والامة العربية الى ان الرفيق صلاح المختار سيكون ضيف قناة المستقلة ( منتدى الديمقراطية ) في الساعة الثالثة عصرا بتوقيت بريطانيا من يوم الثلاثاء ٢١ / ٨ ، وسيكون موضوع المقابلة هو اوضاع العراق والامة العربية ، ولاهمية الموضوع ندعو الجميع لمشاهدة المقابلة .

حالة من الهلع والذعر تسود مناطق بغداد 

خاص من مازن الشيخ
تسود حالة من الذعر والهلع سكان بعض احياء بغداد بسبب انتشار ظاهرة سرقة السيارات من المواطنين بقوة السلاح التي ترافقت مع القتل بالكواتم .
ولا تتورع العصابات عن اقتحام منازل المواطنين ليلا وسرقة سياراتهم واطلاق النار على من يتجرأ للتصدى لهم .
ويذعن المواطنون على التسليم بالامر الواقع في ظل غياب للامن ويحملون الاحهزة الحكومية والملبشيات المسلحة المسؤولية عن هذه الجرائم بنسختها الجديدة .
وتعود هذه الجرائم المسلحة استنادا الى مواطنين الى يوم الثلاثاء الماضي حيث شهدت منطقة بغداد الجديدة والمشتل التي تخضع عمليا الى ميلشيات طائفية معروفة ، عددا من جرائم السطو المسلح على سيارات المواطنين اسفرت عن مقتل عدد من مالكي السيارات في محاولتهم للتصدي لافراد العصابات المسلحة وحماية ممتلكاتهم .
وانتقلت الظاهرة التي تضاف الى سلسلة من الظواهر البالغة السوء التي تسود الحياة العراقية الى مناطق اخرى مثل الكرادة والمنصور ومناطق اخرى بدرجة اقل حسب المواطنين الذين تحدثوا للصحفي .
وتلتزم الجهات الامنية الحكومية الصمت ازاء هذه الجرائم المسلحة ولم يصدر اي بلاغ رسمي من قبلها حتى الان عن هذه الجرائم التي الزمت المواطنين منازلهم وفرضت عليهم التسليم بالامر الواقع واثنت بعضهم عن التصدي للعصابات المسلحة .
وكانت مصادر حكومية وطبية اجملت حصيلة تفجيرات  وقعت يوم الخميس الماضي في 15 مدينة عراقية عند 332 شخصا بين قتيل وجريح غالبيتهم من العناصر الحكومية. وشملت التفجيرات الدامية يغداد ومحافظات التأميم ونينوى وديالى وبابل وصلاح الدين والانبار وواسط  ، واعلنت ان حصيلتها النهائية حسب وزارات الدفاع والداخلية والصحة 332 قتيلا وجريحا من بينهم عناصرتابعة للشرطة والجيش الحكوميين .
 *******************

إلقاء القبض على دبلوماسي (عراقي) في تونس بفضيحة أخلاقية


منظمة عراقيون ضد الفساد
الخميس, 18 أغسطس 2011
علمت المنظمة من مصدر مسؤول مطلع ومن خلال المعلومات الأولية التي حصل عليها بأن :
" المدعو الحاج (غالب العبادي) مسجون حاليا في تونس مدينة قرطاجة بتهمة التحرش الجنسي الفاضح بفتاة وقد القي القبض عليه بعد أن تقدمت الفتاة ببلاغ إلى الشرطة , وأودع السجن بمدينة قرطاجة لحين انتهاء التحقيق وقد تدخل أخوه النائب في البرلمان المدعو (حيدر العبادي) القيادي في ائتلاف ما يسمى بـ (دولة القانون) ومسؤول المكتب السياسي لـ(حزب الدعوة) وذلك من خلال تقديم رشوة مالية ضخمة لقاضي التحقيق التونسي , ومن خلال سفير حكومة المنطقة الخضراء في تونس المدعو ( سعد جاسم الحياني )
 ولكن المسؤولين التونسيين وقاضي التحقيق في هذه القضية رفضوا بشدة مثل هذا الفعل المدان من قبل هؤلاء , وبدورها أرسلت الخارجية التونسية كتاب رسمي شديد اللهجة إلى (وزارة الخارجية) في بغداد والى سفارتهم في تونس تستنكر فيها مثل هذا الفعل الذي أقدم عليه السفير المدعو ( الحياني) محاولآ منه لتقديم رشوة إلى قاضي التحقيق لغرض إغلاق القضية ".
**************************

دجاج طائفى

صار تناول العراقيين للدجاج يتبع انتماءاتهم المذهبية, حيث تتنافس شركات تعاقدت معها الحضرة العباسية (دجاج الكفيل) ومكتب الصدر (دجاج الهدى) ومكتب رجل الدين حسين اسماعيل الصدر (دجاج المراد) وديوان الوقف السني (دجاج الفقيه).

النوع الاول من الدجاج ينتشر في معظم المناطق الجنوبية, فيما تزدهر تجارة النوع الثاني في المناطق التي للتيار الصدري نفوذ فيها, وفي منطقة الكاظمية ومحيطها لن تجد منافسا لدجاج المراد, اما في المحافظات الوسطى والغربية فدجاج الفقيه يحوز على ثقة المستهلك!

وبعبارة اخرى فان ائتلاف دولة القانون ومعظم الائتلاف الوطني يفضلون دجاج الكفيل والمراد, وتنفرد كتلة الاحرار الصدرية, احدى مكونات الائتلاف الوطني, بتشجيع دجاج الهدى, اما القائمة العراقية فمعظم الدجاج الذي يتناوله اعضاؤها هو الفقيه.

ويقال, بحسب مصادر غير موثوقة, ان التحالف الكوردستاني ينتظر عقد اولى جلسات البرلمان ليقرر نوع الدجاج الذي سيحوز على ثقته, وحتى ذلك الحين فدجاج ساديا هو الخيار الافضل للاكراد.
*******************

تنشر النص الحرفي لخطاب الاستقالة الذي تقدم به القاضي العراقي رزكار محمد أمين رئيس محكمة صدام سابقا.

ورغم عدم اهتمام الصحافة العربية بهذه الاستقالة، فقد وجدنا أن نص الاستقالة يستحق النشر والتوثيق نظراً لأهميته التاريخية والقانونية. وهذا هو النص:



السيد رئيس المحكمة الجنائية العليا..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد...

أتقدم بوافر التقدير والاحترام لسعادتكم وأقدم لكم كتاب استقالتي من إدارة محاكمة الرئيس صدام حسين والآخرين الذين معه، استقالة مسببة.. وللتاريخ فإنني أضع أسبابها بين أيديكم راجياً تحقيق العدالة في عراقنا الحبيب.

 1- أنتم تعلمون سعادتكم مدى فداحة الضغوط التي تمارس على إدارة المحكمة من قبل السلطة الحاكمة الحالية، ضغوط دولية وسلطوية لا يمكن للفرد ومهما يكن أن يتحملها، ولا يمكن لأي فرد يملك قليلاً من الشرف أن يتقبلها.. فهؤلاء يا صاحب السعادة لا يريدون محكمة تحاكم الرئيس صدام حسين وأصحابه بل يريدون منّا أن نأخذ دور ممثلين في مسرحية يتم تأليفها وإخراجها من قبلهم.
2- عظمة هذا الرجل صدام حسين وشيبته ووقاره، والحق الذي يقف به أمام المحكمة، تجعل إدارة المحكمة في موقف ضعف لا تحسد عليه وتجعلنا في حيرة من أمرنا وصراع كبير بين ضمير عاشق خالص مع بعضه لهذا الرجل العظيم وبين ما يملي علينا من رغبات لمجاميع طائفية لا تملك فى تلك المحكمة غير الحقد والكراهية والطائفية.

 3- وفوق عظمة هذا الرجل تأتي عظمة القانون والشرع الذى لا تملكه محكمتنا هذه، فلا قانون سابق يؤهلنا لنحاكم هذا الرجل، ولا قانون جديد يشّرع لنا محاكمته على أعمال قديمة، فانتهينا إلى شعور بأننا أصبحنا مفضوحين أمام ضمائرنا وعيون الشعوب الشريفة.
هذه أسباب، وهناك أسباب أخرى كثيرة، قد استطيع أن اذكر منها؛ إجلالى وتقديرى لشخص هذا الرجل وثقتي بنزاهته وتجرده من أطماع يتقاتل عليها الفرقاء.

 عليه أرجو قبول الاستقالة التي لا رجعة فيها ومهما كانت الأسباب... وكان الله فى عون من سوف يجلس على كرسينا هذا حتى ولو اختاروا بديلاً مصنوعاً من الخشب فو الله إن وقف هذا البديل أمام ذاك الرجل فسوف يحي فيه ضميره الخشبي.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

********************

 العراق: الفساد وما أدراك ما فساد الطائرات وغيرها



 مصطفى محمد غريب
صحيفة الجديدة الالكترونية المانيا
عندما  تحدث الكثير من المواطنين عن آفة الفساد التي تنخر الدولة أنبرى البعض من الكتاب المندمجين بدراية أو دون دراية مع الحكومة وبالذات شخص نوري المالكي بالدفاع غير المبرر وعن طريق اتهام الذين فضحوا أو كتبوا عن الفساد وطرقه وأساليبه وشخوصه بأنهم الأعداء الأشد فتكاً بالحكومة والعملاء الأوسع خطواً وخطورة، وأنهم من التابعين الذين يقبضون من خلف الكواليس المرتمين في أحضان أعداء الوطن والداعين للطائفية والمتضادين للعهد الجديد المبارك بالمحاصصة، لأن هؤلاء الذين انتقدوا أو كشفوا عن الفساد وأدواته وطرقه كانوا أكثر إخلاصاً وأكثر شجاعة بهدف تعديل المسار الخطأ في العملية السياسية والمسؤول عنها بالدرجة الأولى الكتل المتنفذة وفي مقدمتها دولة ائتلاف القانون بقيادة السيد نوري المالكي، فاذرع إخطبوط الفساد ممتدة إلى أقصى البلاد وتدار برأس يختفي تحت شعارات الوطنية والحمية الدينية والباطنية الطائفية، وهذا الرأس متنوع الأشكال ويتلون بكل الألوان متخفياً تارة وعلنياً تارة أخرى، وعندما قلنا إن هذا الرأس المتفرع منه رؤوس كثيرة محمي من قبل جرذان كبيرة في الحكومة والدولة لم نقصد شخصية رئيس الحكومة نوري المالكي بل من الذين حوله أو البعض من الوزراء أو المسؤولين وقد كُشفـت أسمائهم من قبل هيئة النزاهة إضافة إلى الدوائر والهيئات المختصة فضلاً عن فضحهم من قبل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وقد أشير في هذا المضمار بأن البعض منهم ضمن الدائرة التي حول رئيس الوزراء، يستغلون مناصبهم ومواقعهم يمارسون “السرقة” بطرق عديدة منها قضايا المشاريع والاستثمارات وغيرها، وحسب تلك التصريحات أن رئيس الوزراء نوري المالكي لا يعرف بما يدور أو بدون علمه، إلا أننا نقول وبكل صراحة إذا كان فعلاً رئيس الوزراء لا يعرف عن المسؤولين القريبين منه وأكثرهم من حزبه ومن ائتلاف دولة القانون فعلى العراق السلام. إن أحدث ما جرى فضحه من قضايا الفساد قضية تتعلق باستيراد ” الطائرات الستة” من كندا التي كشفت عنها لجنة الخدمات والإعمار، وقد أُتهم فيها مستشار لرئيس الوزراء نوري المالكي بالفساد المالي أثناء إبرام صفقة العقود وهذا ما صرح به محمد رضا الخفاجي عضو اللجنة إن “اللجنة ستقوم بفتح ملفات الطائرات الكندية الستة التي تم شراؤها عام (2008) لما رافق هذا الملف من غموض “وكما هو معروف أن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الطيران المدني هو من تحوم حوله الشكوك باعتباره يحمل الجنسية الكندية وولده يعمل في شركة لصناعة الطيران (بومباردير) الكندية، وعلى ما تبين منذ البداية أن هذه الطائرات غير ملائمة للأجواء العراقية وقد تعطلت منها طائرتان مما أثار حفيظة جميع العاملين في مجالات الطيران المدني فضلاً عن المتابعين لقضايا الفساد وسرقة المال العام، ولمجرد انتشار الخبر بعد أن أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمر إداري للدائرة القانونية بتشكيل لجنة تحقيق بعنوان “بناء على مقتضيات المصلحة العامة واستناداً للصلاحية المخولة لنا تم  تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة الدكتور عثمان سلمان غيلان … الخ ” والدعوة لإجراء تحقيق حول شراء (10) طائرات خلافاً لقرار مجلس الوزراء بشراء (6) طائرات أيضاً…الخ” وظهر بعد التدقيق أن هذه الطائرات التي تعطل البعض منها حسب المصادر ووسائل الإعلام بمجرد (1500) ساعة طيران مع العلم أن ضمان الشركة المصنعة لها (12000) ساعة إضافة إلى مشاكل عديدة فنية وإدارية وعملية مما دعي الكثيرون إلى “الكشف عن تورط مستشار للمالكي في قضية فساد تتعلق باستيراد طائرات تتعطل بارتفاع الحرارة من شركة كندية يعمل فيها ابنه”.
لا ندري ما هو موقف السيد رئيس الوزراء في الوقت الراهن وهل سيتحرك للكشف عن هذا الفساد وفق أمر الأمانة العامة لمجلس الوزراء؟ أم أنها “ستطمطم” مثل غيرها وبخاصة بوجود أساتذة للتمويه وتحريف الحقائق، وأكبر برهان تصريح المستشار الإعلامي لوزارة النقل كريم النوري الذي حاول الضحك على عقول المتابعين من مواطنين أو إعلاميين أو مسؤولين “إن الضجة التي أثارها بعض البرلمانيين عن الطائرات الكندية مفتعلة ولا تستند على المعايير الفنية الصحيحة” حسناً أيها السيد كريم النوري (نورك الله فنورنا!!) إذا كانت هذه الضجة مفتعلة! ـ لماذا أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ الدائرة القانونية أمراً بتشكيل لجنة تحقيقية؟ ـ أليس هذا تجافي مع الحقيقة؟ وحسب التصريح الآنف الذكر الذي “يُعقل المجنون ويجن العاقل منهُ” إذا قرأه ـ فهل من العقل والمنطق  قوله “إن ما حصل يتمثل بتعرض طائرة إلى الطعج (من مطعوج لهواي) في بدايتها وتم إصلاحها خلال ساعات.. أما الطائرة الثانية حدث فيها تسرب للوقود وأي طائرة ممكن تعرضها لهذا لطارئ .”
لمجرد الإطلاع على باقي التصريحات التي تحاول تبرير قضايا الفساد يجد المرء نفسه أمام حالة مفرطة بالغرابة لا تقل أذيتها عن أية أذية يقوم بها الفاسدون وسراق المال العام وبخاصة إذا سمع أي مواطن يريد السفر على متن هذه الطائرات فهل يقبل أنها “طعجت طعجاً” وأُصلحت خلال ساعات، أو أن الوقود تسرب منها فأغلق خزان بنزين الطائرات الخاص، إذا لاحظنا أن الكشف عن قضايا الفساد المالي والإداري في الدولة أو الحكومة  فليس إحسان العوادي إلا عضواً مسؤولاً في لجنة الإعمار حيث قال “إن الوفد الفني الذي اتفق على شراء الطائرات وحدد نوعيتها كان على علم بعدم ملائمة هذه الطائرات للأجواء العراقية”  وكذلك عضو النزاهة البرلمانية جواد الشيلي بتأكيده “سيتم فتح ملف الطائرات الكندية من جديد بعد أن تأكدنا أن هناك خلافات قانونية ولاسيما بعد تعطل اثنتان من الطائرات قبل نحو أسبوع” فليتصور المتصورون طائرات جديدة بملايين الدولارات من دم الشعب تطعج لمجرد طيرانها (1500) ساعة أو أن الوقود يتسرب منها والسيد كريم النوري يطمئن الناس بأنها قضية عادية وهي ضجة إعلامية مفتعلة من قبل البعض من النواب ووسائل الإعلام “ولا تستند إلى المعايير الفنية” فما هي المعايير في رأيه مثلاً أن تسقط الطائرة على الفور ولا تطعج أو تشتعل فيها النيران بسبب  تسرب الوقود منها !!
قد يكون الأمر مختلفاً عما قيل من قبل المشككين أو الذين يدافعون عن الفساد والمفسدين أو عن براءة رئيس الوزراء وعدم معرفته بمن حوله من السراق والفساد لكن الذي هو مؤكد أن الفساد المالي مستشري في كل مرافق ودوائر الدولة حتى في المؤسسات الأمنية، والفساد الإداري والرشوة والمحسوبية الطائفية والحزبية والمنسوبية العائلية تكاد أن تكون بمستوى الجرائم الإرهابية وجرائم المافيا المنظمة والميليشيات المسلحة، فإذا كان السراق والفساد ينخران جسد الاقتصاد الوطني ويدمران الجهود لبناء دولة القانون فان الإرهاب بشقيه يهدف إلى قتل المواطنين العراقيين الأبرياء ويدمر البني التحتية ويخلق هاجساً امنياً بان الدولة والحكومة ومؤسساتهم لا تستطيع تأمين حياتهم ودفع البلوى عنهم. وليس هذا القول عبارة عن تهريج يراد منه الإساءة والتشهير، فما تشهده مثلاً الساحة العراقية من تصاعد الاغتيالات ضد المسؤولين الأمنيين ومن رجال الجيش والشرطة وعلى الرغم من أن هذه الاغتيالات ليست جديدة وقد كانت ملازمة للتفجيرات الإرهابية لكن أصابع الإدانة تشير بأن هناك جهات سياسية ورسمية تستفيد من هذا الاضطراب الأمني وسرقة المال العام ولا يمكن التخلص من هذه الحالات المزرية بوجود ارتباطات خارجية إقليمية ودولية من قبل البعض  الموجهين للتخريب وعدم الاستقرار، فليس من المعقول وبعد مرور حوالي (10) سنوات على بناء المؤسسات الأمنية لتجد الفساد متغلغل فيها وهي مخترقة بالعناصر الإرهابية أو بالتنظيمات السرية المسلحة، وتنتقل إلى دوائر ومؤسسات الدولة فتجد الرشوة منتشرة بشكل يثير الغضب والسخط على الحكومة وتجد في هذه الدوائر والمؤسسات موظفين بلا ذمة ولا ضمير وهم يدعون التقوى والتدين والصلاة  دائرة “باذنجانية” على جبهاتهم والصيام من تيبس شفاههم لكنهم ينهشون في لحوم المواطنين المراجعين ويسرقون علناً ما في جيوبهم الفقيرة أساساً، كما تجد ملاحقة المتقاعدين على رزقهم وضعف رواتبهم وحجزها من البعض منهم  ولاسيما السياسيين من غير أحزاب الإسلام السياسي بحجج عديدة منها تدقيق أوضاعهم السابقة وبعد أعادتها من قبل اللجان التدقيقية في الوزارات أو مجلس الوزراء تجري عملية عدم دفع مستحقاتهم المالية التي حجبت لمدد غير قليلة أيضاً تحت طائلة من الطلبات العجيبة لكن الهادفة إلى الضغط عليهم ودفع الرشوة أو سرقة المستحقات، ثم ماذا نقول عن الخدمات العامة والفقر وتحت خط الفقر والبيئة الملوثة والتصحر وشح المياه ومشكلة الكهرباء وووو.. لكن الحلول بقيت على الوتيرة نفسها، بل ازداد واستشرى الفساد والإرهاب والقتل بالمفرد والجملة وحسب ما  أعلن في بغداد قبل فترة “سقوط 70 ألف قتيل وأكثر من ربع مليون جريح ضحايا الإرهاب منذ 2003 لحد الآن” على الرغم من شكوكناً بالأرقام المعلنة، ومع شديد الأسف نعتقد أنها أعلى بكثير عما أعلن. وقد أصبح للإرهاب والميليشيا المسلحة والمافيا المنظمة طرق حديثة ووجوه جديدة مما أثيرت لدى الأكثرية من المواطنين علامات الاستفهام حول دور الحكومة وبالذات رئيس الوزراء فيما يخص المعالجة الصحيحة لهذه الآفة المستشرية والمنتشرة في مرافق الدولة وفي المحافظات جميعها بدون استثناء وتحت بصر المسؤولين، عندما ننظم إلى الذين يطالبون الحكومة ورئيس الوزراء بالذات بالكشف عن تلك الرأس والرؤوس الفاسدة المرتبطة به وأحالتهم للقضاء العادل وعدم التهاون مع الذين يؤججون نار الفتنة ويحاولون الصيد في المياه العكرة والداعمون لقوى الإرهاب والجريمة فنحن نهدف لا التشهير والضحك على ذقون المواطنين بل العكس تماماً، فالهدف الحقيقي هو إنقاذ هذا البلد من المآزق التي أحيطت به جراء التعنت واستغلال السلطة وعدم الأيمان بالشعب الذي هو مصدر الخير والسعادة لهذا البلد.
……………
mousga@online.no
*******************

الجزء الثاني من شهادة

 أحمد الكاتب بشأن الحرب العراقية الايرانية




في سنة 1982 كانت الحرب العراقية الإيرانية بدأت تأخذ طابعا عبثيا ودمويا رهيبا، وأخذ السيد الشيرازي يدعو الى إيقافها ويقول: بأنها تسير في طريق مسدود، ويدعو أعضاء المنظمة للخروج من إيران. وفي هذه الفترة فضلت الاستقالة من منظمة العمل والتوجه نحو إكمال دراساتي الحوزوية التي أهملتها منذ خرجت من العراق. وفي عام 1985 دعاني السيد المدرسي الى التدريس في (حوزة الإمام القائم) التي كان يشرف عليها وتضم طلبة من السعودية والخليج وبعض العراقيين والأفغان وغيرهم، وتقع على مشارف طهران الشرقية في منطقة تسمى (مامازند). وكانت أشبه بمدرسة كوادر حركية منها بحوزة علمية ، حيث كان الطلبة يجمعون بين الدراسة الفقهية والإسلامية وبين العمل التنظيمي والقيام بمهمات حركية مختلفة. وبعد سقوط نظام جعفر النميري في السودان قررنا إنشاء فرع للحركة في السودان ، وقمت بالسفر عبر سوريا والقاهرة الى الخرطوم . وبقيت حوالي أربعين يوما قمت خلالها بالاتصال بمجموعة طلبة جامعيين وشيعت بعضهم ، وبعد ان كونت نواة شيعية قمنا بجلب بعض الأخوة الى (الحوزة القائمية) ليشكلوا بداية حركة شيعية في السودان . وبالطبع لم تكن للحكومة الإيرانية أية علاقة بالموضوع. • دراسة نظرية (ولاية الفقيه) : كانت تجربة الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشكل بالنسبة لنا نحن الشيعة العراقيين نموذجا صالحا للتطبيق في العراق، وكنا في منظمة العمل الإسلامي أقرب ما نكون الى نظرية (ولاية الفقيه) التي قام على أساسها النظام الإيراني، حيث كنا ندعو الى نفس النظرية في العراق. ولكن النظرية لم تكن واضحة لدى الجميع بالتفصيل ومنذ البداية، ولذلك قررت منذ السنوات الأولى لوصولي الى طهران دراسة التجربة الإيرانية بدقة. وقد أخذت على الدستور الإيراني انه لا يعطي الفقيه صلاحية كاملة في الحكم، ويشرك معه رئيس الجمهورية، وتمنيت لو أن الخبراء الذين وضعوا الدستور يعطون الفقيه ولاية كاملة بمنحه حق تشكيل مجلس خبراء ومجلس وزراء ، ولا يدسون في الدستور "نظريات ديموقراطية غربية ليبرالية". وكنت اقف نظريا الى جانب الحزب الجمهوري الإسلامي في صراعه مع رئيس الوزراء مهدي بازركان و رئيس الجمهورية الأول بني صدر. وفي سنة 1988 حدثت أزمة في إيران بين مجلس الشورى ووزارة العمل، وبين مجلس صيانة الدستور، حول قانون العمل الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشورى ثمان مرات خلال ثمان سنوات، وعارضه مجلس صيانة الدستور الذي وجد فيه مخالفة لبعض القوانين الإسلامية. وهنا استعان وزير العمل بالإمام الخميني وطلب منه دعم القانون ، خوفا من تحول العمال الى الشيوعية والمعارضة اليسارية ، فأجاز له الإمام العمل بالقانون قبل ان يأخذ صيغته القانونية النهائية. وهنا اعترض رئيس الجمهورية السيد علي الخامنئي ، وأعضاء في مجلس صيانة الدستور ، فألقى الإمام الخميني خطابا مهما جدا وطرح نظرية (ولاية الفقيه المطلقة) وقال : إن ولايته شعبة من ولاية الله والرسول والأئمة المعصومين ، وإن له الحق بتجاوز القانون ، وبمخالفة أية اتفاقية شرعية يعقدها مع الشعب ، إذا رأى بعد ذلك بأنها مخالفة لمصالح البلاد أو مخالفة للإسلام. وقد استوقفني هذا الخلاف الدستوري، وأحيا لدي رغبة قديمة في دراسة التجربة الإيرانية، فقررت القيام بدراسة اجتهادية دقيقة لموضوع (ولاية الفقيه) من مصادرها الأصولية والفقهية القديمة. واشتغلت سنة كاملة على هذا الموضوع الذي ساعدني السيد صادق الشيرازي على توفير بعض مصادره المجهولة. ودرَّست الموضوع في مائة درس في حوزة القائم. وحصلت لي بعض الملاحظات البسيطة التي اختلفت فيها عن رأي الإمام الخميني. وقبل أن أكتب الموضوع بصورته النهائية ، فكرت بعمل مقدمة تاريخية له تستعرض آراء ومواقف علماء الشيعة خلال ألف عام ، أي زمن (الغيبة الكبرى) ، من موضوع نظرية (ولاية الفقيه). وأثناء بحث موضوع المقدمة الذي كنت اشتغل فيه سنة 1990 ذهبت الى زيارة الامام الرضا في مشهد خراسان ، وهناك تعرفت على مكتبة خاصة تابعة لمركز دراسات يديره السيد جواد الشهرستاني، ووجدت فيه حوالي مائة موسوعة فقهية شيعية تغطي فترة (الغيبة الكبرى) أي ألف عام من تاريخ الفقه الجعفري الامامي الاثني عشري، وانكببت عليها أتابع ما يتعلق منها بمواضيع الثورة والسياسة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخمس والزكاة والأنفال وصلاة الجمعة والحدود ، وما الى ذلك من المواضيع التي تتعلق بالحكومة. • تناقض نظريتي (التقية والانتظار) و (ولاية الفقيه) : ولشد ما كانت دهشتي عندما وجدت فيها نظريتين متميزتين ، الأولى : نظرية التقية والانتظار للامام المهدي المنتظر الغائب، والثاني: نظرية ولاية الفقيه. ووجدت أن هذه النظرية تطورت منذ حوالي المائتي عام، على أساس نظرية (نيابة الفقهاء عن الامام المهدي) التي ولدت كجنين صغير في ظل (غيبة الامام) تم تطورت وتطورت الى أن أصبحت تشمل قضايا سياسية قريبة من الدولة، كإعطاء الفقهاء الإجازة للملوك للحكم نيابة عنهم ، باعتبارهم مصدر الشرعية الدستورية في عصر الغيبة ، لأنهم نواب الامام المهدي . وأول من طبق هذه النظرية كان المحقق الشيخ علي عبد العالي الكركي، عندما منح الشاه الصفوي (طهماسب) الإجازة للحكم باسمه. أما قبل ذلك التاريخ فقد كانت تخيم على الشيعة نظرية التقية والانتظار، التي كانت تحرم إقامة الدولة في عصر الغيبة، الا عند ظهور الامام المهدي، وذلك تبعا لنظرية الإمامة الإلهية التي كانت تشترط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في الامام. ومن هنا وجدت تناقضا كبيرا بين النظريتين، وأن النظرية الثانية (ولاية الفقيه) تعتبر انقلابا على نظرية التقية والانتظار. خلافا لما كنت اعتقد حتى ذلك الوقت من أن نظرية ولاية الفقيه (أو المرجعية الدينية) هي امتداد لنظرية الإمامة ، وقد أوصى بها الامام المهدي لدى غيبته كنظام سياسي للشيعة في ظل (الغيبة الكبرى). وقلت إذا كان ذلك صحيحا فلماذا لم يعرفه جميع علماء الشيعة الأقدمون الذين كانوا يلتزمون بنظرية التقية والانتظار؟ ولإكمال الصورة كان علي أن أبحث فترة (الغيبة الصغرى) التي امتدت حوالي سبعين عاما بعد وفاة الامام الحسن العسكري سنة 260 هـ ، والتي يقال إن ولده (محمد المهدي المنتظر) كان يتصل فيها بمجموعة وكلاء أو نواب خاصين ، الى أن انقطعت النيابة الخاصة بوفاة النائب الرابع محمد بن علي الصيمري سنة 329 هـ. وذلك لأرى ما هي النظرية السياسية التي كان يلتزم بها أولئك "النواب الخاصون"؟ وهذا ما جرني الى بحث موضوع فترة الغيبة الصغرى. وهنا بدأت أتعرف لأول مرة على مسألة وجود (الامام محمد بن الحسن العسكري) وما كان يلفها من غموض وتساؤلات. وبالرغم من كوني نشأت في بيئة دينية شيعية ودرست في الحوزة حتى أكملت (السطوح) وسنوات من درس (الخارج) أي الدراسات العليا ، وانخرطت في حركة سياسية تعمل من أجل تطبيق نظرية سياسية تقوم على فكرة وجود (الامام المهدي) ، وكتبت حوالي خمسة عشر كتابا حول أئمة أهل البيت والفكر الشيعي الامامي ، وقمت بالدعوة لهذا الفكر حتى أسست حركة شيعية في السودان.. الا أنى لم أكن قد سمعت بوجود عدة نظريات شيعية أو اختلاف داخلي حول وجود أو عدم وجود ذلك (الامام الثاني عشر) الذي كنت اعتبره حقيقة لا يعتريها الشك ، وبديهة عشت عليها وانتظر قدومها في أية لحظة. أتذكر هنا أن الخطيب السيد محمد كاظم القزويني كان يبشر سنة 1398 هـ وهو في كربلاء بأن موعد ظهور الامام المهدي قد اقترب وانه سيحل بعد 12 عاما فقط ، ويلوح بيديه هكذا. ولذلك فقد استقبلت نبأ قيام (المهدي المنتظر) في مكة سنة 1400 هـ بالترحاب ، وتوقعت ان يكون هو ذلك الامام ، الذي تبين فيما بعد انه (محمد بن عبد الله القحطاني) رفيق (جهيمان العتيبي). • صدمتي الكبــرى : وكانت صدمتي الكبرى عندما وجدت مشايخ الفرقة الاثني عشرية كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والنعماني والطوسي، يصرحون ويلوحون بعدم وجود دليل علمي تاريخي لديهم على وجود وولادة (ابن) للامام الحسن العسكري ، وانهم مضطرون لافتراض وجود ولد له لكي ينقذوا نظرية (الإمامة الإلهية) من الانهيار. ويقولون: نحن بالخيار بين الإيمان بذلك الولد المفترض، وبين رفض نظرية الإمامة، فإذا كانت نظرية الإمامة صحيحة وقوية وثابتة ، علينا أن نسلم بوجود ولد في السر، حتى لو لم تكن توجد عليه أدلة شرعية كافية، وإذا لم نقتنع بوجود ذلك الولد، فعلينا التراجع عن نظرية الإمامة، وهذا أمر غير ممكن، فإذن علينا التسليم والقبول بوجود ولد في السر سوف يظهر في المستقبل، وأنه المهدي المنتظر. وكان إيماني حتى ذلك التاريخ بنظرية (الإمامة الإلهية) قويا لا يتزعزع ولا يقبل الشك ، وقد استطعت ان أشيّع بعض (السنة) في ليلة واحدة في السودان ، وان أؤسس حركة شيعية في السودان واستقدم بعض الطلبة للدراسة في الحوزة لدينا في طهران. وكنت أعمل في تلك الأيام على وضع خطة لتشييع الشعب الكويتي والعالم الإسلامي بصورة عامة. الا أني وجدت نفسي أمام تحد داخلي رهيب ، فاما أن تكون نظرية الإمامة صحيحة أو لا تكون. وبما أنى لم اقتنع بوجود (الامام الثاني عشر) فقد كان لزاما عليّ أن أبحث موضوع الإمامة لكي أرى مدى صحته. وتركت موضوع الامام المهدي جانبا ، ورحت أقرأ ما يتعلق بموضوع الإمامة من مصادر كتب الشيعة القديمة التي لم أقرأها من قبل ، ولا توجد ضمن البرنامج الدراسي للحوزة ، ما عدا كراس صغير للشيخ نصير الدين الطبرسي يعرف باسم (الباب الحادي عشر) فقرأت (الشافي) للسيد المرتضى ، و(تلخيص الشافي) للشيخ الطوسي ، وكتب الشيخ المفيد المتعددة وكذلك ما توفر من كتب حول الموضوع في مكتبات مدينة قم وطهران ومشهد. • نظرية (الامامة) لا علاقة لها بأهل البيت : وكانت مفاجأتي الثانية أو الثالثة عندما اكتشفت أن نظرية (الإمامة الإلهية) الطافية على سطح التاريخ والفكر السياسي الشيعي ما هي الا من صنع (المتكلمين) ولا علاقة لها بأهل البيت . وذلك لأنها تتعارض مع أقوالهم وسيرتهم ، ولا يمكن تفسيرها الا تحت ستار (التقية) التي كان يقول بها (الباطنيون) الذين كانوا ينسبون الى أئمة أهل البيت ما يشاءون من نظريات وأقوال تتنافى مع مواقفهم الرسمية ، بحجة الخوف من الحكام ومن إبداء رأيهم بصراحة. ووجدت أن نظرية أهل البيت السياسية ترتكز على مبدأ (الشورى) في حين أن (الإمامة الإلهية) تقوم على تأويلات تعسفية للقرآن الكريم وعلى أحاديث مشكوك بصحتها ، وأنها لا تمتلك أي سند تاريخي ، حيث كان أئمة أهل البيت يرفضون النص على أحد من أبنائهم أو الوصية اليه بالإمامة ، ولذلك قال (المتكلمون الباطنيون) بأن الإمامة تقوم على علم الأئمة بالغيب وعمل المعاجز ، وهذا ما يصعب إثباته في التاريخ الشيعي وما كان يرفضه أهل البيت أنفسهم ، فضلا عن العقل والشرع. إضافة الى تعرض نظرية الإمامة التي كان يقول بها فريق صغير باطني من الشيعة في القرنين الثاني والثالث الهجريين الى امتحانات عسيرة تتعلق بمسألة عمر الأئمة الصغير مثل الامام الجواد والهادي والإمام الثاني عشر المفترض ، حيث كان كل واحد منهم لا يتجاوز السابعة. وأدركت عندها أن نظرية الإمامة المفتعلة والمنسوبة الى أهل البيت كذبا و زورا وصلت الى طريق مسدود بوفاة الامام الحسن العسكري دون خلف من بعده ، وأن بعض أعوانه الانتهازيين ادعوا وجود ولد له في السر وخلافا لقانون الأحوال الشخصية الإسلامي ، من أجل إنقاذ نظريتهم الباطلة من الأساس. وهكذا أسسوا الفرقة (الاثني عشرية) في غيبة من وجود أحد من أئمة أهل البيت . نظرت الى نتائج بحثي من زاويتين ، الأولى: هي زوال الخلافات التاريخية العقيمة بين الشيعة والسنة عن "أحقية" أهل البيت بالخلافة بالنص من الله تعالى و "اغتصاب" الآخرين لها. وإعادة توحيد الأمة الإسلامية، والثانية : هي الموقف من نظرية ولاية الفقيه والمرجعية الدينية والنيابة العامة للفقهاء في عصر الغيبة، والعودة الى الشورى وحق الأمة في اختيار الحكام وتحديد صلاحياتهم . وكان التوصل الى هاذين الموضوعين يشكل نقطة تحول جذرية في حياتي ومسيرتي وعلاقاتي. وبما أنى كنت أعيش في إيران في ظل نظام ولاية الفقيه ، فلم يكن من السهل البوح بهذه النتائج الا لدوائر ضيقة جدا من الأصدقاء والزملاء والأساتذة. أول من حدثته عن الموضع كان والدي العزيز (رحمه الله) الذي تجاوب معي تماما وكأنه ينتظر ما أقول ، أما والدتي فقد امتعضت كثيرا وحزنت وتأسفت على أن يكون ثمرة حياتها تأتي بهذه النتيجة وهي إنكار نظرية الإمامة لأهل البيت، ونفي وجود الامام الثاني عشر. ولكنها بعد فترة وبعد حوار طويل معي ومع والدي ، قبلت بالفكرة بعد أن تفهمتها جيدا. لقد كانت امرأة مؤمنة جدا ومحبة لأهل البيت ومثقفة بالثقافة التقليدية، وقد ربتني هي على الإيمان بوجود الامام المهدي وانتظاره ، ولكنها لم تكن انسانة متعصبة أو متحجرة ، وأصبح والديّ كلاهما من أشد المدافعين عن أفكاري والمبشرين بها بين الأهل والأقارب والأصدقاء . وتحملا من أجل ذلك كثيرا من المعاناة والمقاطعة والأذى . • حواري مع كبار المراجع الشيعية : أبرز من ذهبت اليه للحوار معه ، كان مؤسس الحركة المرجعية ، المرجع السيد محمد الشيرازي ، وكان قد سمع بعض الشيء عني ، فطرح أثناء زيارته في مكتبه في قم موضوع المصير البائس الذي يتعرض له من ينكر حقوق أهل البيت . وضرب لذلك مثلا بالشيخ المنتظري الذي أنكر حق السيدة فاطمة الزهراء في (فدك) فأصابه ما أصابه من العزل والحصار والضغط ، وفهمت ما كان يقصد ، فقلت له : إن موضوع فدك بسيط جدا وهامشي ولا يستحق التوقف كثيرا ، وهناك قضايا أساسية تمس جوهر العقيدة الشيعية مثل موضوع وجود الامام الثاني عشر ، فقال: إذا تريد أن تعمل في الساحة عليك أن تتجنب الخوض في هكذا مواضيع . وقلت له: ليس مهما العمل أو عدم العمل ، المهم التحقق من عقيدتنا ومعرفة الحق من الباطل . وتجرأت فسألته فيما إذا كان قد بحث موضوع الامام المهدي بصورة مفصلة اجتهادية؟ فاعترف بصراحة أذهلتني قائلا: لا . وكان من المفترض به كمجتهد ومرجع قبل أن يبحث في القضايا الفقهية الفرعية أن يبحث ويجتهد في أساس العقيدة الشيعية الامامية الاثني عشرية التي يبني عليها بقية الأمور ، وسألته سؤالا آخر: هل قرأت حول الموضوع؟ قال: نعم. ولم تكن أمامنا فرصة للحوار ، فقلت له: إذن سوف أبعث لك بدراستي لكي تلقي عليها نظرة وتعطيني رأيك حول الموضوع. الشخص الثالث المهم الذي قررت مفاتحته في طهران، كان هو أستاذي السيد محمد تقي المدرسي، زعيم منظمة العمل الإسلامي ومؤسس الحوزة القائمية ، والكاتب والباحث والمفكر الإسلامي الكبير، ولكنه كان يومها في نهاية عام 1990 منهمكا في متابعة ذيول اجتياح صدام للكويت ، واستطعت أن آخذ ساعة واحدة من وقته ، وأحدثه بالتفصيل عن خلاصة دراستي ، وطلبت منه أن يشرح لي كيف يؤمن بوجود الامام المهدي ، وأن يقدم لي أية أدلة يملكها ولم اطلع عليها حول الموضوع. فقال لي: بان هذا الموضوع من أمور الغيب. قلت له: نحن المسلمين نؤمن بالغيب كالملائكة والجن والجنة والنار لأنا نؤمن بالقرآن الكريم ، ولا يمكن أن نقبل بأي أمر آخر لا يوجد في القرآن، ولم يثبت من خلال السنة ولا من أحاديث أهل البيت. وإذا كان مشايخ الشيعة يقولون إن الإيمان بوجود ولد للامام العسكري هو افتراض فلسفي لا دليل عليه ، فكيف يمكن اعتبار ذلك من أمور الغيب؟ قال لي وهو ينظر الى ساعته : أرجو ان ترجئ الكتابة حول الموضوع حتى تبذل مزيدا من الوقت في البحث والتمحيص ، ولا تستعجل ، ثم اكتب بحثك وقدمه لي مكتوبا حتى أستطيع مناقشته . قلت له: عظيم.. وهذا ما أدركه أنا جيدا فان موضوعا مهما وخطيرا كموضوع وجود الامام الثاني عشر ليس أمرا سهلا يمكن التلاعب به ، وأعدك بأني لن انشره الا بعد استكمال بحثي لسنة أخرى. وهكذا وعدت عددا صغيرا آخر من أصدقائي واخواني . ولم أنس المحافظة على السرية المطلقة وحصر البحث حول الموضوع في أضيق دائرة من الاخوان المؤتمنين. أكملت كتابة المسودة الأولى من الكتاب في نهاية عام 1992 وأرسلتها الى المدرسي كما وعدته ، وقمت بكتابة رسائل الى حوالي ثلاثمائة الى أربعمائة عالم ومفكر من علماء الشيعة وقياداتهم أعرض عليهم خلاصة ما توصلت اليه من عدم صحة نظرية الإمامة وعدم وجود الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) ، واطلب منهم الاطلاع على مسودة كتابي ومناقشته ، وتقديم ما لديهم من أدلة وبراهين قد لم اطلع عليها. أعلنت للجميع استعدادي للتراجع عن النتائج التي توصلت اليها فيما إذا حصلت على أي دليل مقنع. وقلت للكثير منهم بأني على استعداد لعمل حفلة وإحراق كتابي إذا ما اكتشفت أي دليل مخفي عني، وأيقنت بصحة النظرية الامامية وصحة وجود الإمام الثاني عشر. ووجهت رسالة مفتوحة الى الحوزة العلمية في قم بعقد ندوة علمية لمناقشة هذا الموضوع، واستعدادي للمشاركة فيها. ولم أتلق بالطبع أي جواب. وبعد فترة من المناقشة والحوار لمدة خمس سنوات قمت بطبع الكتاب سنة 1997 في لندن، فصدرت منذ ذلك الحين عشرات الكتب التي تحاول إثبات ولادة (الإمام محمد الحسن العسكري) ووجوده، وقد قمت بمراجعتها والرد على أهمها في كتاب خاص تحت عنوان (حوارات أحمد الكاتب مع العلماء والمراجع والمفكرين حول وجود الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) وطبعته سنة 2007 وقلت في ذلك الكتاب بأن معظم الردود يؤكد ما وصلت اليه من أن موضوع (الإمام الثاني عشر) ما هو إلا افتراض فلسفي وهمي أكثر منه حقيقة تاريخية، وإن أغلب الردود تحاول إثبات وجوده عن طريق الاستدلال النظري أو ما يسمى بالدليل العقلي، وتفتقر الى الأدلة العلمية التاريخية.

ليست هناك تعليقات: