07 يوليو 2012

فضائح التعذيب في العراق- أمجد عرار


 اضغط على الرابط لمشاهدة ميليشيات المالكى تقطع رءوس الابرياء

أمجد عرار:
ما كشفته صحيفة "ميل أون صندي" قبل بضعة أيام عن قيام جنود بريطانيين بتعذيب مدنيين عراقيين أبرياء في شبكة سرية من السجون غير القانونية في الصحراء العراقية، مرّ كخبر عادي على الكثير من الإعلام العربي. خبر نشر في لحظته ويومه، وطويت الصفحة. 

التقرير الذي نشرته الصحيفة يكشف الوجه الإجرامي لأي احتلال الذي لا يتورّع جنوده عن ممارسة القتل حتى بلا ذريعة تافهة، إذ إنه يشعر في ظل الحماية أنه ليس بحاجة إليها. هؤلاء، وفقاً للصحيفة، قتلوا وعذّبوا عراقيين أبرياء، وتضرب مثلاً أن أحد الضحايا لقي حتفه على أيدي جنود بريطانيين اعتدوا عليه على متن مروحية تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، في حين أن اثنين وستين معتقلاً عراقياً نقلوا على متن مروحيتين لنفس السلاح، وما زال المكان الذي نقلوا إليه مجهولاً إلى الآن، ما يعني أن مصيرهم تحت رحمة آسريهم، وهناك أسرى نكّل بهم وجردوا من ملابسهم وتعرّضوا للاعتداء الجسدي في معسكر ناء في الصحراء العراقية.

بعض الإعلام الغربي يمتلك الحد الأدنى من احترام المهنية والذات، فيتحدى حكومات بلاده ولا يتردد في فضح جرائمها. هذه الوسائل الإعلامية، على ندرتها، تكمل الدور المحترم الذي يلعبه أشخاص ومؤسسات تنحاز إلى ضميرها وإلى الإنسانية، وتقف شوكة في حلق المشاريع الاستعمارية القائمة على التضليل الإعلامي وتزييف المفاهيم.

والأخطر من ذلك كله، هو القوننة التي يجري العمل عليها لهذه الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب، باعتراف رجال قانون بريطانيين، حيث تؤكد “ميل أون صندي” أن الحكومة البريطانية عرضت الأسبوع الماضي قانوناً سرياً جديداً على البرلمان، سيسمح في حال المصادقة عليه بإخفاء تفاصيل هذه الفضيحة إلى الأبد. حتى إن بعض محامي الجيش البريطاني الذين كانت مهمتهم متابعة معاملة الأسرى العراقيين والأوضاع في معسكرات الاعتقال، تم حجب الحقيقة عنهم. 

مهما كان حجم الفضائح التي يكشف عنها، ومهما بلغ مدى الإجرام والاستهتار بكرامة البشر، فإن ما جرى الكشف عنه، أو ما يمكن أن يكشف عنه مستقبلاً، لن يكون شيئاً جديداً أو مفاجئاً إلا لأولئك الذين يعانون عقدة الأجنبي والمستعمر، والذين يرون فيه تكملة لما يعانونه من نقص.

ما قيل وما سيقال ليس مفاجئاً، ولا هو خارج عن سلوك القوى الاستعمارية، وقوى الاحتلال والنهب والسيطرة، فلو كانت لديها أخلاقيات غير هذه، لما فكّرت أصلاً في اختراع الأكاذيب لتبرير غزو واحتلال بلد عضو في الأمم المتحدة. فإذا كان الاحتلال "حلالاً" بنظر المحتلين، فلن تكون ملحقاته من القتل والترويع وتعذيب الأسرى وانتهاك كرامتهم وإحياء الفتن الطائفية والجهوية، سوى تفاصيل صغيرة في منظومة المصالح والأهداف. 

العجب العجاب أن بعض المثقفين يصرّون على الفذلكة اللغوية الفارغة، وتسمية احتلال العراق إحلالاً!! لكن، ألم تكفِ أكثر من عشر سنوات على غزو العراق وتحويله إلى دولة متطاحنة فاشلة، لكي يفهم هذا البعض أن المستعمر مشكلة وليس حلاً؟

بعض الناس يحتاجون إلى انقراض كل الغزلان لكي يعترفوا أن الأسود والنمور والفهود ليست حيوانات أليفة، وبعضهم مصرون على "عنزة ولو طارت".


جريدة العرب اللندنية

ليست هناك تعليقات: