04 يونيو 2012

محاكمة القرن أم أحكام الترتيب المسبق؟ ضياء حسن



نظام مبارك يحاكم نفسه ويبرئ رموزه!!
 في ضوء ردود الأفعال التي شهدتها مصر آزاء الاحكام التي أصدرتها محكمة جنابات القاهرة بحق رئيس مصرالمخلوع حسني مبارك هل كان المحتجون عليه يتوقعون أن تنطق بغير ما نطق به المستشار محمد أحمد ومساعداه في قضية جنائية محددة على وفق أحالة النائب العام أتصلت فقط بمعرفة من أطلق النار على المتظاهرين، ومن أفسد بشراء ذمم الناس بالرشوة قبل عشر سنوات وهي فترة كافية لغلق الدعوة بالتقادم وفقا للقانون!!
وهكذا يتضح حسب قرار المستشار في الصفحة الأولى لقرار الحكم النزيه جدا عدم ثبوت من قام بفعل قتل المتظاهرين وعليه فقد برئ مساعدو وزير داخلية من هذه التهمة لعدم ثبوت الأدلة وهم خمسة ألوية كانوا يتولون أدارة المسؤوليات الامنية المباشرة مع وزير الداخلية في مواجهة التظاهرات المطالبة برحيل مبارك.
فذهب المستشار الى تحميل مبارك ووزير داخليته المسؤولية في أطلاق النار على المتظاهرين، هكذا بصورة سائبة من دون تثبيت لأسم الجاني لتعذر معرفة الجناة طلية فترة التحقيق والمحاكمة ذلك فقد يرأ الحكم المساعدين مما نسب المدعي العام لهم من تهم في نفس القرار وبذلك فقد فتح المستشار ومساعداه الطريق أمام جهة الدفاع للطعن بقرار الحكم الصادر بحق مبارك على الرغم من أنه جاء مخففا بمن مارس أبشع الجرائم بحق شعب مصر فيها اذلال وتجويع وارهاب وتعذيب وأغتيال وهو مخفف أيضا بحق العادلي الداخلية الذي راهن عليه الرئيس في أيقاف جذوة التظاهىرت بأستخدام العنف المفرط بصب وصف خبراء أمنيين مطلعين.
فحثيثات القرار تجاهلت أن تسمي من أطلق الرصاص الحي على المتظاهرين هنا وهناك كما تجاهلت تسمية من دهسهمطبيعي لم يقل القرار، من أصدرالأوامر بفتح النار عليهم هل هو مبارك أم العادلي، أم أن مبارك لم يقرر ذلك بل هو قرار من العادلي، ولكن من نفذه ومن أوصله للمنفذ كلاهما مجهولين وعلى المجهول لا يمكن أن تقوم القرينة وهو أمر مقصود من قبل المستشارين الذين أصدروا قرار الحكم ليأتي مطعونا به بسهولة؟!
فمن يا ترى أصدر القرار ومن أطاعه وأبلغ به ومن نفذه وهل أتهم المدعي العام أصلا من مارسوا جريمة قتل المتظاهرين ليكون مستشارون محكمة جنايات القاهرة على بينة من ذلك ليصدر قرارا مسببا وليس مبهما، الضحايا فيه معروفون لأهلنا المصريين وأن لم يرد ذكر لعددهم ولا لأسمائهم في القرارالسديد، فمن قتل من وبأمر من؟؟؟
ولكي لا نلوم المستشارين أو من ورطهم من المسؤولين الذين كلفوهم في الحكم بقضية كبيرة ومفصلية تتصل بشعب أنتفض سعيا للتغيير والخلاص من حكم فاسد باع الوطن وعندما أنقض على الجلادين وصار رحيلهم واقعا معاشا تحركت الزعانف مبكرا لتلتف على المنتفضين لتحتوي أنطلاقتهم وبالتالي لتلبس لبوس التظاهر بدعم الثوار وتبني شعاراتهم في حين سعت لحماية رموزها في أطار مسرحية متعددة الفصول قدم لها مبارك بكلام معسول وعد فيه بأجراء أصلاحات في الحكم بدأها بتعيين مدير مخابراته العامة نائبا لرئيس الجمهورية بعد ثلاثين عاما من توليه السلطة في أثر أغتيال الرئيس السادات وكان هو نائبه!! وعندما لم يرض ذلك المنتفضين وطالبوا بطرد نظيف رئيس الوزراء وارتفعت الأصوات برحيله هو لجا الى أتخاذ قرار بأعفاء نظيف وبتكليف وزير الطيران المدني في الوزارة الفريق أحمد شفيق بديلا عنه وحتى هذه الحركة لم ترق للجماهير أضطر لترميم الوزارة بأدخال تعديل على تشكيلتها أخرج فيه بعض الوجوه المحسوبة على حزبه ولم تنفعة هذه الحركة أيضا فوجد نفسه محاصرا في قصره مما أضطره للأذعان لمطالب الجماهير بالرحيل وكلف نائبه بأعلان ذلك على المواطنين.
وبهذا القرار الذي جاء بتأثير وقفة جماهيرية مصرية موحدة أدت الى أسقاط حكم مبارك مما قوبل بفرح شعبي لأنه كبير لأنه أذاقها مرالعذاب وتسبب بمنع تواصلهم القومي مع أبناء أمتهم. غير أن فصول المسرحية لم ينته!! فقد بدا فصل جديدعندما تسلم الحكم مجلس عسكري مهد له مبارك مبكرا عندما أستبدل قوات الجيش لضبط الأمن وحماية الثوار بحسب أدعاء القوات العسكرية المنتشرة في الميادين العامة. وتلى ذلك أعلان أسماء رئيس وأعضاء المجلس الذي طرح برنامجه أستنادا لما طالبت به الأنتفاضة وهو العمل على سن دستور جديد يقر أطلاق الحريات العامة وتشكيل الأحزاب وقيام حكم وطني ينبثق عن أجراء انتخابات حرو ونزيهة لمجلس تشريعي يمثل أرادة الشعب الموحدة وأجراء أنتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون ممثلا لجميع المصريين. على ان يحل المجلس نفسه في أثر ذلك نفسه وينصرف أعضاؤه لممارسة دورهم ضمن مهامهم في المروسسة العسكرية.
مع ملاحظة ان الفريق حسين طنطاوي هو نفسه وزير دفاع مبارك في حكومة ظريف المقالة وهو نفسه أيضا وزيرالدفاع في حكومة الفريق أحمد شوقي الذي رفضه الشارع المصري لأنه شغل منصب وزير الطيران المدني مع نظيف وقبلها كان قائدا للقوات الجوية المصرية بقرار من مبارك وبحسب موقع ويكليكس عدت فترة توليه هذه القيادة هي الأطول قياسا على فترات قضاها من سبقه في أحتلال هذا المنصب.
مع ملاحظة أخرى معروفة للمصريين وهي ان الفريق طنطاوي ورئيس أركان جيش مبارك كانا في واشنطن بمهمة عسكرية عندما أنطلقت أنتفاضة الشعب المصري وعادا الى القاهرة بعد أيام من أنطلاقتها ليقودا المجلس العسكري انقاذا لمبارك الذي دعت الجماهير للزحف بأتجاه قصره في حي مصر الجديدة ان لم يرحل من الحكم ويحاكم هو ورموز الفساد التي تحيط به وبزوجته وولديه علاء وجمال وشلة أصحاب الأعمال الناهبة لخيرات مصر تحت ستار سياسة الأنفتاح على الأستثمارت الأحتكارية الأميركية والغربية والتفريط بالثروة الغازية الوطنية بتغطية حاجة الكيان الصهيوني بما يحتاج منها بسعر أقل بكثير من أسعار السوق الدولية، مما مثل تجاوزا صلفا لأرادة شعب مصر الرافضة للأنبطاح أمام الأملاءات الأميركية الساعية لمسخ عروبتها وأحياء ما نادى به السادات ورحل بسببه وجاء من بعده مبارك مروجا أيضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني ولكنه رحل بدرجة أخف بعد أن أستخدم الجيش حاجزا بين الشعب ومبارك ليلعب قادته دورا تراجيديا يظهرون فبه بمظهر المصرين على محاسبة النظام وكأنهم يغردون خارج سربه في حين دلت الأحداث ونتائجها المجسدة بقرار محكمة جنايات القاهرة التي حصرت مسؤولية ما حدث من جنايات اسفرت عن قتل مواطنين غاضبين وتغاضت عن النظام ونهجه الأجرامي طوال ثلاثين عاما من البؤس والشقاء والعذاب والجوع والموت التي المت بشعب مصر أم الدنبا، وليس الغضب فقط من عمليات قتل بحق عدد مضاف من المواطنيين المصريين!
فقد بدا واضحا من تصغيرحجم الجرم، بعده مجرد جناية عابرة عولجت بقرار مثقوب بأسباب النقض ليمكن الطعن به لاحقا أو ليمكن لمرشحهم للرئاسة احمد شفيق أن يطلق سراحه أن واجهت الطعن ردود أفعال غاضبة يصعب تحديها الآن، خصوصا وأن مثل هذه الردود بدأت فعلا منذ لحظة النطق بالحكم المخفف الذي صدر بحق مبارك المتمارض وبحق حبيب العادلي وتبرئة من نفذ عمليبات قتل المصريين، كما قضى بالأفراج عن أبرز المفسدين وفي مقدمتهم علاء وجمال مبارك.
وهناك فرصة للمراهنة على أعطاء المجال حتى تهدأ النفوس ويطلق سراح مبارك بحجة التقدم في السن او المرض الذي ظهر عليه فجأءة عندما أوصدت بوجهه أبواب أستمرار أمساكه بكرسي السلطة أو توريثه لأبنه الأصغر جمال الذي أدار معه الأزمة التي أدت الى سقوطه غير مأسوف عليه.

في المحصلة تظهر لنا نتيجة واحدة لترسم أمامنا الفصل الختامي لهذه المسرحية التي حددت فصولها بترتيب مسبق من قبل أسياد مبارك وصولا الى أنهاء دوره وأحلال من ترى واشنطن انه يناسبها ويخدم مصالحها في المرحلة الراهنة ولا فرق عندها أن يكون دعي أسلام أو غير بعيد عنهم، فالمهم أن يكون معتدلا مطيعا لما تريدة مالكة الربيع العربي من المحيط الى الخليج، الشيخة طويلة العمرهيلاري كلنتون. فهل بقي من لم يستعوب لماذا جاء نطق مستشار محكمة جنايت القاهرة قرار الحكم على مبارك والعادلي بتلك الفصاحة المفعمة بشفافية عدل مفرط لم ير الظالم الذي ظلم وأغمض العين عن القاتل الذي قتل وتناسى الفاسد المفسد مبارك لأنه محكوم بالوفاء لمن علمه أن ينطق بالعفو عند الضرورة والمقدرة وتصور أن العدل مقرون بهذه الضوره التي ربما يجدها-فقهية- تبرر له أستخدام المقدرة حتى وأن كانت لأهل مصر غادرة!!
ومع كل فان ما يجري في الشارع المصرى من أحتدام يؤكد أن المنتفضين عادوا وهم أكثر أصرارا على فرض أرادتهم وبعده نجيع الدم يدعوهم بالحزم ازاء لعبة عسكر مبارك مؤمنين من دون تردد بأن نيل المطالب لايؤخذ بالتمني بل يستل غلابا!!
ومع الحزم وحوله يفترض ان يتحقق التوحد بين القوى الوطنية لتقيم حوارا دائما بين من أعاد طرح المطالب التي تعكس ارادة الجماهير الرافضة لجميع محاولات المناورة والتسويف التي يتوفع أن بلجأ لها المجلس العسكري من جديد في محاولة للألتفاف على أنتفاضة الشعب المصري. وأفشال اللعب الجديدة منوط بقيام تنسيق في مواقف الأطراف الوطنية مع شباب الثورة يبدأ برفض قبول الترضيات مهما كانت مغرية لهذا الفريق أو ذلك.
ولنا ان نتذكر لعبة عمر سليمان عندما ولاه مبارك منصب نائب رئيس الجمهورية عندما استهل مهمته كنائب لمبارك بالدعوة للجلوس حول طاولة حوار لأيجاد حل بين من قتل وأفسد وبين من سفح دماء أبنائهم وتسبب في أن يشرئب الفساد في بلادهم حتى النخاع، ويومها تورطت متسرعة بعض الأطراف الوطنية و جلست على طاولة التفاوض وأنسحبت، ومنهم الأخوان المسلمون للأسف الشديد على الرغم من أن المنتفضين رفضوا الدعوة المشبوهة ¸ وهذا ما يجب أن لا يتكرر مرة أخرى تحت أي تأثيرأو تبريرأوأغراء.
وكما أن المرحلة النضالية تضع المجلس العسكري أم خيارين لاثالث بينهما، أما الأستجابة لمطلب الجماهير أو الأنزلاق الى فخ معاداتها بعد أن رفضت فصول مسرحية مبارك وجديده أحمد شفيق وقررت ان تتولى هي هذه المرة وضع نهايتها بما يتلائم مع مصالحها وليس مصلحة أي طرف منفرد آخر، كما تضع على الأطراف الوطنية جميعا مسؤولية تعزيز وحدة الجبهة الداخلية وجعلها متلاحمة متراصة في مواجهة فعل الغدر المقابل الذي يقوده متربصون بأهلنا المصريين من أعداء أمة العرب والأنسانية جمعاء.
ولا شك أن ما مطلوب من القوى الوطنية العربية ليس قليلا فهي مدعوة للتنادي الى توفير كل الأمكانات المتاحة لها لحشدها بأتجاه دعم وقفة مصر الناهضة لأسناد أنتصارها في المعركة المصيرية التي تخوضها لأثبات وجودها الفاعل على الصعيد الوطني والقومي والأنساني ولتستعيد دورها المؤثر على الصعيد العربي والأقليمي والأنساني كما كان صادحا في ظل قيادة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر رحمه الله.
شبكة البصرة
الاثنين 14 رجب 1433 / 4 حزيران 2012
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0612/diyaa_040612.htm

ليست هناك تعليقات: