02 أبريل 2012

ماذا بعد أن يصبح ( الشاطر ) رئيساً ؟! بقلم د . رفعت سيد أحمد


الأسئلة الغائبة بعد اختياره 
ماذا بعد أن يصبح ( الشاطر ) رئيساً ؟!
بقلم د . رفعت سيد أحمد
فى ظنى – وليس كل الظن إثم – أن أحداً من المشتعلين غضباً ؛ من نخبتنا السياسية والإعلامية (المؤيدة أو المعارضة) لم يطرح على نفسه سؤالين رئيسيين بعد قنبلة ترشيح الإخوان لخيرت الشاطر (مساء السبت 31/3/2012) للتنافس على منصب رئاسة مصر :السؤال الأول : ما هى حظوظ نجاح الشاطر وسط منافسة نعلم جميعاً أنها حادة جداً ، ومختلفة تماماً عما جرى فى الانتخابات البرلمانية ، والسؤال الثانى : ماذا لو فاز الشاطر ، ما هو مستقبل مصر على يديه ؟ هذان السؤالان واللذان سنجيب عليهما بعد قليل ، لم ينتبه إليهما أحد وانشغل الناس ونخبتهم ، بمدى أخلاقية سلوك جماعة الإخوان فى الدفع بمرشح للرئاسة بعدما كانوا قد وعدوا بغير ذلك ؛ ونسى من وجه هذا الانتقاد أن (السياسة) – خاصة فى بلادنا - لا أخلاق لها ، ولا قيمة لوعود تعد بها ، وأن (الدين) هو الذى مجاله هذا الأمر ، وأن جماعة الإخوان ليست سوى (جماعة سياسية) لها أحياناً خطاب دينى ، ومن الخطأ الجسيم التعامل معها على أنها (جماعة دينية) ذات خطاب سياسى ؛ إن (الأخلاقية) هنا غير قائمة ، تماماً مثلما هى غير قائمة لدى قوى وأحزاب علمانية عديدة فى بلادنا أو فى بلاد الغرب ، نحن أمام (سياسة) ، والسياسة لا أخلاق، ولا وعود ولا ثبات فيها - للأسف - بل براجماتية سياسية على طول الخط .
* نعود إلى السؤالين ، اللذين نحسبهما ، هما سؤالا المستقبل ، واللذان ينبغى أن تنشغل نخبتنا السياسية والإعلامية والعسكرية بهما ، وأن تضع سيناريوهات للمستقبل بشأنهما ، قبل فوات الأوان ، ودعونا نقدم إجابات أولية علها تنير الطريق أمام إجابات أكثر عمقاً :
***
أولاً : حول حظوظ نجاح خيرت الشاطر فى الوصول إلى كرسى الرئاسة ، نقول أن الأمر بالتأكيد صعب ، ولكنه ليس مستحيلاً ؛ هو صعب لأن الرجل يأتى متأخراً ، بعد أكثر من عام نزل فيه المنافسون له إلى الميدان ، وداروا فى أرجاء المحروسة طلباً للتأييد ، وعرفهم الناس عن قرب ، وهو ما لم يقم به الشاطر بل إن (الإخوان) وهم القوة الدافعة له ، ظلوا يعلنون طيلة عام كامل عن عدم دفعهم لمرشح رئاسى ، وأنهم طردوا عبد المنعم أبو الفتوح من عضويتهم لهذا السبب فلماذا الآن ؟ هذا اللبس سيصعب الأمر على الشاطر وسيصعبه أيضاً أن الرجل جاء من داخل الدائرة التى يسميها البعض إعلامياً (ولسنا منهم) بالدائرة الإسلامية حيث يتنافس معه أنداد أقوياء (حازم أبو إسماعيل – عبد المنعم أبو الفتوح – سليم العوا وغيرهم) وهؤلاء حتماً سيتقاسمون أصوات مؤيدى هذه الدائرة (الإسلامية) وقد يصعب الأمر أيضاً إجراءات قانونية حول مسألة الإفراج عنه ومدى قانونيتها ، ولكن الأمر رغم صعوبته لا يحول دون القول بأن نجاح (الشاطر) ليس مستحيلاً ، بل ربما يحدث إذا توافرت الأسباب التالية :
1 – أن يكون فى إطار صفقة بين المجلس العسكرى والإخوان وأن الخلاف الحالى بينهما ليس سوى (فيلم) سياسى / إعلامى تم الاتفاق بينهما عليه من الألف إلى الياء لتقاسم السلطة والثروة فى البلاد ولبناء علاقات أكثر حميمية مع واشنطن وتل أبيب !! .
2 – أن يجند الإخوان قوتهم السياسية والمالية الفعالة ومن خلفهم (قطر والسعودية وجون ماكين فى واشنطن ونعتقد أن هذه القوى الخارجية كان لها القول الفصل والضوء الأخضر فى مسألة ترشيح الشاطر !!) .
3 – أن تذهب الكتلة الانتخابية الصامتة من الشعب المصرى إلى (خيرت الشاطر) وهى الكتلة المتدينة بالمعنى العام ولكنها غير منضوية تنظيمياً فى أحزاب وجماعات سلفية أو إخوانية ، قد تذهب هذه الكتلة إلى (الشاطر) تحت شعارات (خادعة ومراوغة) تماماً مثل شعارات (الإعلان الدستورى فى 9/3/2011) وقد تذهب أيضاً ، خوفاً مما صُور لها على أنه تطرف سلفى وهابى ممثلاً فى (حازم أبو إسماعيل) ، لتعطى ما صُور لها – أيضاً – على أنه اعتدال وسماحة اسمه (الشاطر) الإخوانى وثمة أسباب أخرى ليس هذا مقامها لرجح احتمالية نجاح الشاطر .
* إذن .. إن نجاح (الشاطر) صعب ، ولكنه ليس مستحيلاً خاصة إذا حدثت إعادة بينه وبين عمرو موسى مثلاً وهذا المتوقع !! فالأرجح أنه سيفوز وستباركه واشنطن ، وعواصم الخليج !! .
ثانياً : أما السؤال الثانى : إذا حدث وفاز خيرت الشاطر ، ماذا عن مستقبل مصر على يديه ؟!
اقتصادياً ، وسياسياً ، داخلياً وخارجياً . إن الإجابة ولاشك صعبة للغاية ، فالرجل لم يطرح برنامجاً سياسياً مثل أنداده ، لنعرف كيف يفكر وماذا أعد للبلاد ؟ فلقد جاء فى النصف ساعة الأخير ، ولكن أحسب أن قراءة مستقبل البلاد على يديه تتضح من قراءة أدبيات الإخوان المسلمين بعد الثورة ، وفى تتبع علاقاتهم المتنامية مع الأمريكان ودول الخليج العميلة لواشنطن ، وفى مواقفهم تجاه عملية تفكيك (الأوطان) باسم (الثورات) فى المنطقة ، فى فهم (الإخوان) بعد الثورة ، تفهم مستقبل مصر ، لأن (الشاطر) سيكون رئيساً شرفياً ليس إلا ومكتب إرشاد الإخوان هو الحاكم ، ولا مجال هنا للحديث عن حزبهم (الحرية والعدالة) فهو مجرد أمانة أو لجنة داخل الجماعة وليس حتى ذراع سياسى لها كما يروج !! ، وأدبيات الجماعة فى المجال الاقتصادى ، هى ذاتها أدبيات النظام السابق حيث نجدها توافق على الاقتراض من صندوق النقد الدولى (رمز التبعية والهيمنة العالمية المعاصرة) وتوافق على علاقات دافئة مع واشنطن والغرب ، وتوافق على إبقاء كامب ديفيد ، وتؤمن بتغيير الأنظمة المقاومة للعدو الصهيونى عبر حلف الناتو تحت دعوى أنها أنظمة استبداد (مثل ما جرى فى ليبيا وسوريا) ؛ ولكن (الجماعة) ستوافق فى بداية حكمها على الحريات السياسية المشروطة والمحكومة بإطار فضفاض اسمه (أحكام الشريعة) ثم تدريجياً ، قد تدخل فى صدام – طبعاً لا تتمناه لها و(لمصر) – مع القوى السياسية اليسارية والقومية والليبرالية التى شكلت روح ثورة يناير المجيدة ، خاصة عندما يحاولون إعادة إنتاج لنظام حسنى مبارك ، ويسعون إلى المشاركة الفعالة فى إنشاء الشرق الأوسط الأمريكى – الإسرائيلى الجديد ولكن بقشرة إسلامية، أو بلحية إخوانية ، فبرنامج ولقاءات وتصريحات الإخوان بعد الثورة تؤكد ذلك ، لكن السؤال الذى يؤرقنى .. أين ثوار ثورة يناير ؟ لماذا هذه الفرقة وصراع الديكة على مغانم تافهة ؟ وهل استعد ثوار التحرير لهذا المستقبل ؟ هل استعد الجيش (وليس المجلس العسكرى) لهذه الاحتمالات البائسة لمصر الإخوانية – الأمريكية ؟! هل سنشاهد ثورة جديدة أم انقلاب أبيض ؟ أسئلة فى رحم الغيب ، وقد نجيب عليها مستقبلاً ؟! فقط ننصح جماعة (الإخوان) ولنا بداخلها أصدقاء أعزاء على المستوى الشخصى ، ناضلنا سوياً ضد (التطبيع) فى مصر ، ووقفنا معاً لدعم شعبنا الفلسطينى واللبنانى والعراقى ضد العدو الصهيونى – الأمريكى ، ننصحهم بأن يعيدوا النظر فى كل سياساتهم ومواقفهم الأخيرة ، وألا يعتبروا كل نصيحة لهم ، عدوان عليهم أو إهانة لكرامتهم ، فمصر التى يرونها اليوم (ساكنة) أو لقمة سائغة يسهل الاستحواذ فيها على رئاسة البرلمان والدستور والدولة ، نتيجة المؤامرات والفرقة ، مصر هذه يا إخوتنا الأعزاء ؛ عصية على (الابتلاع) ، ويخطىء من يظن نفسه أكثر ذكاء من الآخرين فى لعبة (الابتلاع ) تلك ، ولنا فى (مبارك) عظة ، فانتبهوا .. إن تحت الرماد الساكن ، نار الله الموقودة !! .

E – mail : yafafr@hotmail.com


ليست هناك تعليقات: