21 ديسمبر 2011

العدل‮ ‬يريد تطهير القضاء


سيد أمين

ونحن نخطو أولي خطواتنا نحو الديمقراطية.. يجب علينا أن نتلمس الطريق الصحيح جيدًا حتي لا نضل في تشعبات الطرق.. ولما كان التحرر من الخوف هو أولي خطوات الطريق إلي الحرية.. يبقي الأجدي والأكثر إلحاحا أن نحطم كل التابوهات المفروضة علينا.. خاصة أنها مفروضة من غير مقدس.. فرضها بشر علي بشر، وأحيانًا دون رضا رب البشر الذي يجب أن ندين له بكل سمع وطاعة.
وإذا كان رسولنا الكريم ومعلمنا الأول يقول جازمًا بأن »قاضيًا في الجنة وقاضيين في النار« فإنه الأولي بنا ونحن بشر لم يوح إلينا كما أوحي إليه أن نسلم بحكمه ونرفع القداسة التي أضفيناها علي بشر مثلنا لم يوح إليهم فهم يخطئون ويصيبون، ولا علاقة لذلك بمذمة فيهم ولا مدح، فما يندرج علي البشر يندرج عليهم.
في الحقيقة، أكاد أجزم بأننا ونحن نعيش هذا الزخم الثوري الهائل سنخوض عما قريب سجالاً في شأن حصانة القضاء، قد يتطور ليمس شخوص بعض القضاة، أنفسهم، وهو إن حدث سيخسر فيه القضاة جزءًا كبيرًا من مهابتهم.
والغريب أن البعض يصر متعمدًا أن يخلط بين مهابة القضاء وأحكامه، وهو خلط لا محل له من الإعراب، فقد يكون الحكم ظالمًا، وهنا تصويبه لا يأتي في إطار انتقاص القضاء أو الحط من شأن القاضي الذي أصدره، فها هو معلمنا عمر بن الخطاب يطلب من رعاياه أن يقوموه لو أعوج عن الطريق السليم.
إن الخلط بين المهابة الواجب توافرها للقاضي وبين أحكامه هو خلط يقصد منه التبرير لكل ما يصدر عن القاضي وإضفاء العصمة عليه رغم أن القاصي والداني يعلم يقينًا أنه لا عصمة إلا لنبي، وأن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
أتصور أن شعار »الشعب يريد تطهير القضاء« سيأخذ زخمًا عما قريب في الشارع وأري أن الأجدي أن يتحول هذا الشعار إلي »العدل يريد تطهير القضاء«. نعم فالعدل والعدالة لا يمكن أن تقبل بأن ينتمي إليها من يرفض التطهير ويكافح الفساد، ولا تقبل بأن تستخدم العدالة لذبح العدالة، بل إنني أتوقع بأن يهب قضاة مصر الشرفاء أنفسهم وهم كثر ليرفعوا هذا الشعار حفاظًا علي مهابتهم ومهابة العدالة وحتي ينضموا إلي طوابير القديسين وذلك لأن القاضي العادل أوتي جزءًا من القداسة الربانية متي حكم بأمر الله.
وأتذكر أنني قرأت ذات يوم خبرًا عن قيام أحد القضاة بإصدار حكم بحبس شاب لمدة ثلاث سنوات لعدم سداد قرض قيمته ٥ آلاف جنيه من أحد البنوك، وأتذكر أيضًا أن سيدة صرخت في اتصال هاتفي بمقدم برنامج تليفزيوني شهير بأن حكمًا بحبس زوجها أضاع مستقبل أطفالها وجعلهم يتسربون من التعليم بعدما عجزت عن دفع مصاريفهم، بل إنهم يتسولون في الشوارع لسد رمقهم وملء بطونهم، والمدهش أن المبلغ الذي حبس عليه الزوج لم يتجاوز سبعة آلاف جنيه كان قد أنشأ بها مشروعًا بقرض من صندوق التنمية الاجتماعي إلا أنه تعثر حتي صدر عليه حكم بالحبس ٤ سنوات أمضي نصفها وتطمح أن يتم العفو عنه في عيد الشرطة.
ولا أخفيكم سرًا أنني تألمت بشدة في بادئ الأمرلسماع وقراءة مثل هذين الخبرين لا سيما أنني أعلم أن المبلغ الذي سجن بسببه الشاب وقضي به علي مستقبله وحرم الأبناء من أبيهم وأذاقهم شظف العيش قد يصرفه طفل من أطفال السادة الحكام في هذا الوقت في يوم واحد دون إكتراث، إلا أنني أقنعت نفسي بأن العدل هو العدل وصرت أقرأ مثل هذه الأخبار دون أن يرجف لي قلب بعدما تجمد وتبلد.
تعالوا نقارنها بالأحكام التي تصدر الآن لمن قتلوا الناس وسرقوا الملايين.. سنكشف أن القضاء يساوي بين من سرق خمسة آلاف جنيه »تحت ضغط الفقر والعوز« ومن سرق خمسة ملايين أو حتي مليارات، الأمر الذي ذكرني بالمثل الإنجليزي الشهير لو اقترضت خمسة آلاف جنيه من البنك وضعك البنك تحت ضروسه ولو اقترضت منه خمسة ملايين وضعت البنك بين ضروسك.
في الواقع، نحن نحترم القضاء ونري ضرورة تهيئة الأجواء اللازمة لكي يحكم القاضي بالعدل، ولكن ليس معني ذلك أن القاضي لا ينطق عن الهوي، فهذا أمر لا يمكن أن يتماشي مع المنطق، خاصة في ظل ظروف كانت سائدة وأظنها مازالت تخضب فيها كل شيء بالفساد حتي القضاء.
وللمصارحة ـ ومع تبديل الكلمة بالكلمة واتخاذ أنمق الألفاظ ـ نتساءل: ألم يمر وقت كان التعيين فيه في النيابة العامة سواء أو مجلس الدولة أو النيابة الإدارية بالواسطة والمجاملة؟ وبتعبير أكثر ثورية وجرأة بل مصارحة ألم يرتكب العديدون من السادة القضاة في مستهل عملهم جريمة الرشوة للتعيين لهذه الوظيفة؟ هل ينكر أحدنا كل في قريته أو شارعه أن »س« أو »ص« دفع رشوة أو قدم مجاملة كبيرة أو وسَّط مسئولاً كبيرًا ليتم تعيينه أو تعيين ابنه ليكون في النيابة العامة؟ أليست هذه جريمة يعاقب عليها القانون؟ وهل يجوز لمن يرتكب مثل هذه الجريمة أن يظل في منصبه أو علي أقل تقدير نضفي عليه القداسة ونقول عنه وعن من عينه إن لا ينطق عن الهوي؟ في ذات يوم قادتني الظروف للذهاب لأداء عمل ما في مكتب الشهر العقاري بمدينة الشروق، تحدث إليَّ الموثق أن أغلب زبائنه من القضاة، يأتون لتوثيق عقود الفيلات والقصور التي اشتروها لهم ولأبنائهم وإخوانهم لدرجة جعلته يجزم بأنه لا يوجد فيلا في مدينة الشروق لم تمر بقاضٍ كمشتر أو بائع، وأن عددًا من القضاة يقومون بشراء أكثر من فيلا بأسماء زوجاتهم.
والأمر المثير للريبة أن تجد أسرة بالكامل يعمل افرادها بالقضاء .. وكأن العدالة خلقت من أجل أن تخصص لهم دون غيرهم .. أليس هذا احتكارا للسلطة ؟!
وداهية الدواهي.. أن تقوم الوزارات بانتداب مستشاري مجلس الدولة للعمل لديها.. الأمر الذي جعل السلطة القضائية تخضع لنفوذ سلطة أقل منها وهي السلطة التنفيذية حيث يتقاضي المستشارون أجورًا خيالية وكبيرة للغاية لو قورنت بأعمالهم، الأمر الذي يشكك في حقيقة دورهم.
نحن لا نسعي لنكأ الجراح القديمة ولكننا يجب أن نغير المفاهيم ونحطم التابوهات، كما أن هذا »الجيتو« المثير للجدل لا بد أن يقنن عبر وضع قواعد واضحة تقضي علي الواسطة والمحسوبية في شغل الوظائف لا سيما لو كانت بمثل تلك الرفعة، فلا يعقل أن نكافئ صاحب التقدير العلمي الأقل لنعينه في القضاء بينما صاحب التقدير الأعلي يبقي محاميًا، يجب أن ننظر لهما كفرعي عدالة وأن نميز بينهما بالعلم ولا شيء سواه اللهم إلا الأخلاق والتي تتضمن فيما تتضمن عدم السعي لأخذ توصية من هذا أو ذاك أو دفع رشوة ليحصل البعض علي حق ليس له.
وتاريخيًا، كان فساد القضاء في أوربا هو واحد من معالم عصور الظلمات فيها، كان الملك يصدر حكما وما علي القاضي إلا النطق به، فاكتوي الناس بالظلم وسادت مظاهر الغبن وفقد الناس الثقة في كل مقدس.
ولو يدري جاليليو أنه سيكون أخلد من القاضي الذي أصدر حكما بإعدامه بناء علي أوامر من الملك وكهنوت الكنيسة لطلب الموت وسعي إليه، فقد مات الملك ومات القاضي ومات كهنة الكنيسة وبقي جاليليو وعلمه خالدين.

التيار القومي في مصر تحت الحصار


التيار القومي في مصر تحت الحصار

سيد أمين

المتأمل للخارطة الفكرية في مصر الثورة سيكتشف بسهولة حجم الجور الذي يعانيه أصحاب خط الفكر القومي.
ورغم أن القاعدة الشعبية لمعتنقي الفكر القومي في مصر قاعدة عريضة تضم فيمن تضم هذه  الطبقات التي عادت إليها بشكل مباشر مردودات الحقبة الناصرية .. كالفلاحين والعمال والصناع والطلاب وعدد لا بأس به من النخبة المثقفة، إلا أن أنصار القومية العربية تم تغييبهم عن عمد في وسائل الإعلام في زمن الثورة.
ولقد ساهم القوميون ـ أو قل الناصريون ـ المصريون بشكل فعال في إشعال أوار ثورة يناير المجيدة وتصدروا مع غيرهم من تيارات فكرية المشهد الثوري من أجل ازاحة نظام مبارك الاستبدادي وبذلوا علي قدم وساق مع غيرهم الدم من أجل الخلاص إلا أن خطابا إعلاميا منظمًا لافتًا للنظر راح يقصيهم تمامًا من المشهد السياسي.
قسم الخطاب الإعلامي المغرض تيارات الفكر في مصر إلي قسمين عريضين إما إسلاميًا  وإما  ليبراليًا .. وهو تقسيم خاطيء لكونه وضع جميع التفاح في سلة واحدة رغم التباين الشديد في الروئ.
بل ان هذا الخطاب راح يزعم بل ينكر بهذا التقسيم وججود القوميين أساسًا رغم أنهم يشكلون الطريق الثالث بين هذا وذاك ويشاطرون الاسلاميين قاسمًا كبيرًا من ثوابتهم ولكنهم يمزجون رؤاهم بنكهة خليط من التيار اليساري خاصة فيما يتعلق بفكرة العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات تارة ومع التيارات الليبرالية فيما يتعلق بالحريات المسئولة. ومن المثير للعجب أن التيارات اليسارية والاشتراكية بجانب القومية وضعت عن طريق الخطأ في سلة الليبرالية رغم التعارض الكبير معها.
لقد ضرب نظام مبارك حصارًا إعلاميًا صارمًا ضد انصار الفكر الإسلامي والفكر القومي علي حد سواء، وضيق عليهم المنابر الإعلامية وقد تبدلت تلك الصورة عقب ثورة يناير حيث خرج الاسلاميون من دائرة الحصار فيما بقي القوميون داخلها.
وكما اخترقت أجهزة أمن مبارك كافة القوي السياسية المصرية علي تنوعها  اخترقت فيما بينها التيارين القومية والناصري من جانب والتيار الإسلامي من جانب آخر.
وفي هذا الصدد راح جهاز أمن مبارك يزج بعناصره  بينهما بل ويخلق من بينهما زعامات ومرجعيات واحزابًا من فرط تواطئها وهشاشتها وعدم صعودها لسقف التوقعات والطموحات المرجوة منها انفض الناس عنها واعتبروها أكبر طعنة وجهت إلي هذين التيارين.
ويأمل القوميون في مصر وهم علي اعتاب مرحلة جديدة من الخلاص الوطني، ان تكون تلك المرحلة نموذجًا ديمقراطيًا بحق لا تغلق فيه صحيفة ولا يحجب فيه قلم ولا يقصي فيه صاحب رأي بسبب  رأية خاصة أن الجاني حينئذ سيكون هو المجني عليه سابقًا، ولا يصح أخلاقيًا أن يجلد الضحية بذات السوط الذي جلده  به الجلادون الغابرون.
وليتذكر الاسلاميون علي اختلاف مشاربهم أن التيار القومي المصري وقف مدافعًا بشدة ضد إقصائهم وراح يساند قضية مظلوميتهم.
ويجب أن يتذكر رفقاء  نضالنا من الاسلاميين ان مهلكة التاريخ الحقيقية في لعبة تبادل الأدوار وعمليات الكر والفر وذلك لأن كل انتصار يعقبه انكسار وكل قوة يعقبها ضعف ولولا هذا وذاك لبقي المنتصر الأول منذ بدء الخليقة منتصرًا حتي الآن.

23 نوفمبر 2011

إنها هى‮.. ‬نظم‮ "‬بوش" ‬المارقة


إنها هى‮.. ‬نظم‮ "‬بوش" ‬المارقة


سيد آمين



هل تتذكرون الإطلالة المشئومة للرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش فى أعقاب أحداث ‮١١ ‬سبتمبر متحدثًا عن الدول المارقة فى عالمنا العربى قاصدًا تلك الدول التى‮ »‬مرقت‮« ‬عن الحظيرة الأمريكية؟ هل تتذكرون وهو‮ ‬يحدد ‮٠٨ ‬نظامًا للحكم فى العالم قائلاً‮ ‬إن أمريكا وحلفاءها الغربيين سيعملون على إزالتها من أجل حفظ ما أسماه السلام العالمى وأمن أمريكا وحلفائها لاسيما إسرائيل؟ ألم‮ ‬يسم الرئيس الأمريكى نظم الحكم فى العراق وسوريا وليبيا واليمن والجزائر والسودان وموريتانيا وحزب الله وحماس وإيران وأفغانستان والصين وكوريا الشمالية؟ ألم تجرب الولايات المتحدة التدخل العسكرى المباشر فى العراق وأفغانستان فقتلت الملايين من أبنائهما ولكنها فى المقابل منيت بخسائر مادية وبشرية مرتفعة وضعت سمعتها العسكرية والمالية والأخلاقية على المحك رغم ما تكشف عن إنفاق وزير الدفاع السابق شوارتسكوف قرابة مائة مليار دولار من أجل شراء ذمم وسائل الإعلام فى العالم أجمع وخلق أكبر دعاية سوداء عرفها التاريخ ضد النظام العراقى عام ‮٠٩٩١‬؟ ألم‮ ‬يرهق الجزار الأمريكى من أعمال القتل والسلخ فراح‮ ‬يتبع أساليب التفتيت واللعب من وراء الكواليس فشطر السودان إلى جزئين وما زالت عمليات الانشطار تتوالى فى الولايات السودانية ثم فوجئنا مؤخرًا بوصولها إلى القلب حينما أعلنت مجموعات مجهولة تشكيل مجلس‮ »‬ثورى‮« ‬للإطاحة بنظام الخرطوم؟ إذن‮.. ‬لماذا لا نعتبر‮ »‬الثورات‮« ‬فى ليبيا وسوريا واليمن هى استكمال لمخطط القضاء على النظم‮ »‬المارقة‮« ‬واستبدالها بنظم موالية خاصة لو وضعنا فى الاعتبار ما ذكره الرئيس الروسى مؤخرًا ميدفيدف أن الناتو‮ ‬يسعى لبناء أكبر قاعدة عسكرية له على السواحل الليبية؟ وبمناسبة الحديث عن القواعد العسكرية الأجنبية فى عالمنا العربى‮ ‬يجب أن نتساءل عن السبب وراء انفجار تلك الثورات فى الدول العربية التى لا تستضيف قواعدًا أجنبية،‮ ‬لا فرق بين‮ ‬غنى وفقير بينهما،‮ ‬أو وجود حالة متضخمة من الاستبداد فى نظم حكمها أو عكس ذلك‮.‬

حينما بدأ الحراك العربى‮ ‬يبزغ‮ ‬فى الأقطار العربية‮.. ‬تخلى الكثيرون من المعنين بالشأن العام العربى عن رؤيتهم القطرية والفكرية وسارعوا بالانخراط فى صفوفه‮.. ‬وهيئ للجميع أن حلمًا طال انتظاره فى دولة عربية موحدة وقوية ورائدة وعادلة أصبح قاب قوسين من التحقق‮.‬

وخيل إليهم‮- ‬وأحسب نفسى واحدًا منهم‮- ‬أنه للوصول للهدف المنشود عقبات لابد من تخطيها واحدة تلو الأخرى دونما اختيار أو مراوحة أو مفاضلة،‮ ‬ومن تلك العقبات القضاء على الاستبداد الذى لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتحقق دون القضاء على الهيمنة الخارجية وما‮ ‬يتلوها من قوانين تضمن العدالة وتحث على الفضيلة والخصوصية واستعادة روح المبادرة والسبق‮.‬

وقد عززت الثورتان المصرية والتونسية هذا الخيال،‮ ‬وأقول خيال لأنه لم‮ ‬يسر على تلك العمومية فى جميع الأقطار،‮ ‬بل راحت الثورات تنتقى بين دولة وأخرى،‮ ‬ونظام وآخر،‮ ‬الأمر الذى فاضل بين شيطان وشيطان مع أن الجميع‮ ‬يستحقون الرجم‮. ‬

الصورة واضحة للغاية،‮ ‬يدركها من له أدنى بصيرة،‮ ‬فالولايات المتحدة أرادت من تفجير تلك الثورات أو تصنيعها فى عالمنا العربى أمرين اثنين الأول هو‮ »‬ترميم‮« ‬وليس‮ »‬تغيير‮« ‬نظم حكم مستبدة موالية لها كانت قد أوشكت على التداعى وهو ما حدث فى مصر وتونس‮..‬

أما الأمر الثانى فهو‮ »‬تصنيع‮« ‬ثورات تحت مجهر إعلامى مكثف ومتعدد الزوايا‮ ‬يركز على الأخطاء دون المزايا ويصنع الحدث من العدم،‮ ‬ويلعب على معضلة الجدل السياسى لدى قطاع كبير من شعبنا العربى الذى لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يميز بين الغث والثمين والثورة والمؤامرة،‮ ‬مستخدمًا فى ذلك حسن نيته،‮ ‬رغم أن الرسول الكريم‮ ‬يقول‮- ‬فيما معناه‮- ‬إن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة‮.‬

ولعل اتباع الولايات المتحدة هذا الاسلوب فى التخلص من خصومها لم‮ ‬يكلفها أى خسائر لا فى الجنود ولا فى الأموال بل إنها هى الرابح الوحيد بين القاتل والمقتول من بنى جلدتنا،‮ ‬حيث راحت تصادر الأموال المجمدة فى البنوك لتنتشلها من إفلاس وشيك فضلاً‮ ‬عن إنها كسبت أصدقاء جددًا وآبار نفط جديدة تؤمن لها حاجات نهضتها النفطية بالإضافة إلى أنها‮ »‬حسَنّت‮« ‬من وجهها القبيح لدى‮ »‬عوام‮« ‬العرب وسوقتهم الذين بدءوا‮ ‬يؤمنون بشرعية الاستعانة بالأجنبى فى أزماتهم الداخلية وهو ما‮ ‬يخالف الإسلام وشريعته جملة وتفصيلاً‮.‬

‮ ‬وليت ذلك فحسب بل دارت ماكينات تصنيع الأسلحة لديها ولاقت رواجًا كبيرًا مرتين‮: ‬الأولى وهى تبيع الأسلحة التى تهدم بها النظام المراد إزالته والثانية وهى تؤسس لجيش النظام الجديد الذى ستنصبه فى السلطة‮.‬

وفى هذا الصدد وجب أن نذكر أن طيارًا عراقيا ذكر فى لقاء أجرى معه أنه إبان أحداث‮ ‬غزو العراق ‮٣٠٠٢ ‬صعد إلى طيارته الحربية للتصدى لفوج من طائرات الاحتلال إلا أن الطائرة لم تتحرك بتاتًا ولم‮ ‬يلبث أن جاءه أمر القيادة بالهروب من الطائرة فورًا وما أن تركها حتى انفجرت وذلك لأن لكل طائرة أو صاروخ أو أى سلاح‮ ‬غربى مهم‮ »‬شيفرة‮« ‬تحتفظ بها الدول البائعة للسلاح باستخدامها عبر الأقمار الصناعية‮ ‬يجرى تدميرها ذاتيا بمجرد إدارة‮ »‬المحرك‮« ‬ونشرت مواقع‮ ‬غربية أن الاسلوب نفسه تم استخدامه مع السلاح الليبى الفتاك حيث دمرت كل مخازن الصواريخ سام ‮٩ ‬آليا قبل أيام من اعتقال العقيد معمر القذافى فى ركب عسكرى فى سرت وتسليم الأمريكان إياه لثوار مصراتة بحسب صحيفة‮ »‬صنداى إكسبريس‮« ‬الأمريكية‮.‬

وقد‮ ‬يقول قائل إننى اتهم الثورة المصرية بأنها ثورة أمريكية تهدف لتغيير نظام مبارك الماسونى،‮ ‬قطعًا أنا لم أقل ذلك ولكن أؤكد أن الثورات الحقيقية فى عالمنا العربى تمثلت فى الثورة المصرية والتونسية ولكن ما أرادته أمريكا من الثورة المصرية فقط هو تفريغ‮ »‬بالون‮« ‬الغضب ضد مبارك الذى أوشك على الانفجار عبر إزاحته معززًا مكرمًا مشكورًا بأمواله المسروقة من الشعب وتبديله بحاكم آخر،‮ ‬إلا أن الغضب المصرى كان أكبر مما خططه له الأمريكان ورجالهم فى الداخل والخارج‮.‬

لست أدرى لماذا كلما بحثت فى وعى الناس الجمعى تذكرت أحاديث الرسول الكريم حينما قال‮- ‬فيما معناه‮- ‬إنه فى آخر الزمان سيقتل المسلمون المسلمين وكلاهما‮ ‬يهتف الله أكبر،‮ ‬وقوله‮ »‬ص‮« ‬للمسلمين إنه سيكون أشد أعداء المسلمين منهم‮ ‬يرتدون زيهم وينطقون بلغتهم ويصلون خمسهم ويصومون شهرهم وقوله أيضًا عن أنه سيكذب فيه الصادق ويَصَدُقُ‮ ‬فيه الكاذب ويفتى فى أمور العامة الرويبضة‮.‬

صدقت‮ ‬يا حبيبى‮ ‬يا رسول الله‮.. ‬صدقت‮ ‬يا رمز العروبة والإسلام‮.‬

22 نوفمبر 2011

فزاعات الثورة .. والدعم الربانى

فزاعات الثورة .. والدعم الربانى

سيد أمين

رغم كل محاولات اجهاضها .. الا أن الأحداث على الارض تؤكد أن شعب مصر لايزال مصرا على التغيير الشامل , التغيير الذى لا يقنع بتبديل الوجوه والابقاء على السياسات , لا يقنع بعمليات "ترميم " نظام مبارك وليس ازالته, التغيير الذى لا يمكن أن يظهر معه من يتهم الثوار بأنهم خونة ينفذون أجندات الخارج , وأنهم قلة مندسة تتلقى دعما ماليا من اعداء الوطن وهم لا يعبرون عن الشعب المصري وكأنهم كائنات فضائية هبطت من السماء.

الثورة مستمرة رغم كل محاولات الترويع والتخويف والتخوين عبر اللعب على ثلاثة محاور من أجل عزل الثوار عن الشعب مستغلين فى ذلك انخفاض وعيه السياسى , وهو الانخفاض الذى نجم جراء سنوات طوال وخطط مدروسة لتحويل الانسان المصري الى كائن بيولوجى يفكر بغرائزه ومعدته وليس بعقله.

ومن المحاور التى راح القائمون على أمر اجهاض الثورة اتباعها "مسألة تخوين الثوار" والادعاء بأنهم مأجورون جاءوا لاستهداف مصر والانحياز لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة مصر , وهو ذات الاسلوب المتبع اعلاميا فى عهد مبارك حينما اتهم الملايين فى ميادين مصر بالعمالة للخارج وتلقى وجبات "كنتاكى" وأنه لن يسمح ازاء ذلك التأمر بتسليم مصلحة البلاد العليا لاسرائيل .

وما أن سقط مبارك حتى صار مؤكدا أن مبارك لا الثوار هو من كان عميلا لاسرائيل وامريكا , وأن الخراب الهائل الذى لحق بكل مناحى الحياة فى البلاد بطريقة لم تكن تطمح لتحقيقها حتى اسرائيل جاء جراء سياساته .

نجحت الثورة فى خلع مبارك إلا انها لم تخلع رجاله ومناهجه , حيث راح القائمون على امر البلاد يتبعون نفس النهج فى تخوين الثوار بل وراحوا يضيفون مؤثرات جانبية تؤكد مزاعمهم.

بدأت تلك المؤثرات بافتعال احداث السفارة الاسرائيلية بما سبقها من دعوات لاقتحام الحدود المصرية - الفلسطينية فضلا عن التفجيرات المتكررة لخط الغاز المصرى المؤدى لاسرائيل.

ولعل الهدف من وراء تلك الاحداث محاولة ايهام "عامة" الشعب بأن "الثوار"بسؤ نية منهم يسعون لاشعال حرب مع الكيان الصهيونى , وهى الحرب التى لم نكن قد اعددنا لها العدة وقطعا سنخسرها.

يترافق مع تلك الاحداث القاء القبض على جواسيس "وهميين"فى ميدان التحرير جاءوا لتحريض الثوار على التخريب , وقد بدأ ذلك السيناريو عبر اعتقال ما وصفوه بانه جاسوس اسرائيلى يدعى جرابيل متهمينه بأنه كان يحرض الثوار على التخريب , وقد بدا جرابيل فى الصور التى التقطت له وكأنه يقول للشعب او من يصوره " أنا جاسوس اسرائيلى جئت لتخريب مصر مع الثوار " وراحت وسائل الاعلام تزيد وتزبد فى تفاصيل واهداف تواجد هذا الصيد الثمين فى الميدان.

وبعد كل هذه الدعاية التى تهدف الى تشويه سمعة الثوار تم تسليم الجاسوس المزعوم الى اسرائيل فى مقايضة مع عدد من المسجونين المصريين "جنائيا " فى سجون اسرائيل , الامر الذى القى بظلال من الشك الكثيفة حول الحادث برمته لأن الموساد الاسرائيلى الذى اخترق بحرفية عالية معظم انظمة الحكم فى العالم العربى او الاسلامى لايمكن ان يكون رجاله يكل تلك السذاجة التى تجعلهم يحضرون لالتقاط الصور التذكارية فى ميدان الثورة الرئيسى , تلك الثورة التى جاءت للإطاحة بصديق اسرائيل وامريكا الاستراتيجى .

ومن الامور الاخرى كذلك الخبر المدهش الذى تناقلته الفضائيات والصحف عن قيام طائرة عسكرية مصرية باقتحام الاجواء الاسرائيلية وحلقت حوالى 24 دقيقة فوق مفاعل ديمونة النووى , وهو خبر مع حجم سذاجته يثير التهكم من امر الذين اطلقوه .

وتلى ذلك اخبار تناقلتها الصحف والفضائيات عن ان اسرائيل تسعى لشن حرب ضد مصر خلال الايام المقبلة , ولعل هذا الخبر وسابقه مجرد اخبار وجهت لعامة الناس من الاغلبية "المغيبة" دون نخبتهم تهدف لاثارة خوفهم من انفجار الحرب , وبالتالى رفض المظاهرات المطالبة باستكمال الثورة بحجة إعطاء الجيش الفرصة لحماية امن البلاد الخارجى , رغم ان الثوار يطالبون المجلس العسكرى بتسليم السلطة للشعب وتفرغه لمهمته الاساسية فى حفظ امن مصر الخارجى دون التدخل فى الشأن الداخلى .

وثانى المحاور التى يتم تصنيعها واستغلالها للحيلولة دون استكمال الثورة هو محور الأزمة الاقتصادية ويتم ذلك عبر التركيز على اخبار الخسائر وانهيار البورصة وكساد السياحة والكساد والتضخم وازمات الوقود والخبز واتهام المظاهرات بالوقوف وراءها , رغم أن القائمبن على حكم البلاد لا الثوار هم ايضا المتسببون فى تفجر تلك الازمات عبر رفضهم المتكرر تنفيذ مطالب الثورة او تنفيذها بصورة باهتة لا تسمن ولا تغنى من جوع.

واخر هذه المحاور الثلاثة محور الانفلات الامنى وهو المحور الذى يتم خلاله التلويح ياستهداف الامن الشخصى لكل مصري جراء حالة الفوضى التى تجتاح الشارع الآن , وإلقاء المسئولية كاملة خلف الثورة والمظاهرات .

ويتمثل نشاط هذا المحور فى اطلاق يد البلطجية فى كل شبر فى مصر دون حسيب او رقيب مع التعلل بأن الوهن الذى لحق بالداخلية كان جراء الثورة والثوار وهم يتحملون المسئولية , يأتى ذلك رغم انه لو صدقت النوايا لتم اعتقال هؤلاء البلطجية والخارجين الذين صاروا بقدرة قادر اكبر تنظيم خاص مسلح فى مصر فى مدة اقصاها اسبوع او اسبوعين نظرا لأنهم – اى البلطجية- مسجلون ومعلومو البيانات والعناوين والجرائم التى ارتكبوها.

انا فى الحقيقة لا أتهم المجلس العسكرى بالتأمرعلى الثورة بقدر ما اننى انبهه الى خطايا نجمت عن سؤ تقدير فى حساباته , خطايا أوشكت أن تدخل البلاد فى نفق مظلم , خطايا قد لا تكون مقصودة – وهذا وارد – ولكنها وفرت للقوى المضادة للثورة وهم كثيرون ملاذا آمنا للنفاذ منه الى ربوة التل وذروته, وحرمان الشعب من جنى ثمار اشجار روتها دماء الشهداء فى ميادين مصر فى تحقيق العدالة والمساواة وتوقف اللصوص الفورى عن "حلب " البقرة الحلوب دون سواهم .

المجلس العسكرى وهو يرأس مؤسسة لا يكن لها المصريون إلا كل احترام وتقدير لم يكن ثوريا بنفس تلك الثورية التى طمح إليها الثوار, وما بين هذا وذاك – والشيطان عادة يكمن فى التفاصيل – تسلل الشك الى القلوب , وظهرت الفوارق بين الثوريتين , الثورية الشمولية التى تريد التخلص للأبد من كل ما يمت للقديم , والثورية التى تسعى للتخلص من عالم الشخوص دون الافكار , من هنا نجمت ثورة التحرير الثانية.

رغم هذا , نقول إن ثورة صنعها الله لا يمكن ان تقف امامها قوة بشرية , واى محاولات لاجهاضها ستؤل للفشل كما ألت المحاولات السايقة وان الله يؤيد مصر ولو كره الفاسدون.

20 نوفمبر 2011

الفلكيون دخلوا على خط الثورة .. عالم فلكى يؤكد ان مبارك لا زال يحكم مصر

الفلكيون دخلوا على خط الثورة .. عالم فلكى يؤكد ان مبارك لا زال يحكم مصر
كتيب  - سيد أمين
فى بادرة غريبة ادخلت رجال الفلك فى السياسة .. أكد أحد علماء الفلك أن الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك لا زال يحكم البلاد ويتحكم فى مجريات الأمور فيها.
وقال أحمد سويدان الذى عرف فى محافظة أسوان بقدرته على قراءة الطالع أن مبارك يلتقى بقيادات نافذة فى الدولة بشكل منتظم ويضع الخطط ويصدر التوجيهات لاجهاض الثورة والحيلولة دون اتمامها وأنه حتى ثلاثة أسابيع مضت كان مخطط التوريث لجمال مبارك لا زال قائما.
وأضاف "سويدان" فى اتصال هاتفى بمنسق الحملة الوطنية لتوثيق جرائم مبارك سيد أمين أن حرصه على انجاح الثورة دفعه للاتصال من أجل توصيل صوته للإعلام بأن ما يحدث فى مصر من فوضى وشتات هو مخطط مدروس بعناية من قبل شخصيات قال عنها أنها يهودية بالتنسيق مع الرئيس مبارك.
وفجر "سويدان " مفاجأة حينما أكد ان مبارك يستعين بنحو سبعة سحرة مغاربة الجنسية يقومون بتهيئة الاجواء الشعبية لتقبل استمرار بقاء النظام القائم وانه اوصى الشخصيات النافذة فى البلاد بان يقوموا بتسليم السلطة للفريق احمد شفيق رئيس الوزراء السابق وان هؤلاء السحرة يعملون على اضفاء حالة من القبول على شخصيته لدى عامة الشعب.
وقال ان حالة الفوضى فى البلاد قد تستمر لعدة سنوات مقبلة ولكن فى نهاية الامر قد يستقر الوضع لصالح خلع مبارك وعصابته بشكل حقيقى من البلاد التى ستشهد بعد ذلك حالة من الازدهار لم تكن تعرفها من قبل.
واضاف ان نجاح الثورة مرهون باستمرار المظاهرات المناهضة للنظام ووحدة الثوار وضرورة عدم تشرذمهم الى فئات متناحرة وهو ما تهدف له الخطة التى يسعى مبارك والجهات الصهيونية التى تدعمه لتنفيذها.
واكد سويدان ان العديد من القيادات الحاكمة الأن قاموا بزيارة مبارك فى عيد الأضحى الماضى وقدموا له التحية ( ) وان مبارك ليس مسجونا فى المستشفى .
وفى لفتة مدهشة قال سويدان انه يدعو كل الشخصيات التى تعمل فى مجال الفلك التعاون معه من أجل ابطال مفعول سحر السحرة الذين يستعين بهم الرئيس المخلوع – على حد زعمه.
يذكر ان العديد من القنوات الفضائية نقلت عن رجال فلك توقعهم بخلع مبارك قبيل احداث الثورة باشهر قليلة , ومع ذلك يبقى قول المتنبى السيف اصدق انباءا من الكتب .. فى حده الحد بين الجد واللعب.

17 نوفمبر 2011

البيان التأسيسي لحركة التقدم إلى الوراء

البيان التأسيسي لحركة التقدم إلى الوراء
يا أبناء الأمة العربية المجيدة:-
لقد انجلت الغبرةُ عن صورة المشهد المأساوي الذي تعيشه الأمة العربية منذُ أكثر من ثمانية قرون، وصارت أكثر وضوحاً من ذي قبل، خاصة بعد الأحداث الجسام التي عصفت بالمنطقة العربية مع مطلع القرن الحادي والعشرين على وجه الخصوص، والتي أظهرت حالة الخواء الفكري عند أوساط عربية توزّعت ولاءآتها هنا وهناك، فاصطفت أوساطٌ عديدة منها حتى مع أعداء الأمة واستقوت بها، دون أن تتدبر قول الله تعالى في محكم التنزيل: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَوَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍوَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] المائدة 51.
وقد روّجت لتلك العقيدة الجديدة التي تتقاطع نصاً وروحاً مع مباديء الإسلام الحنيف، قنوات إعلامية عربية معروفة، استعانت بأقلام مأجورة لتهرف بما لا تعرف، وتواطأت لتحقيق ذلك المسعى مع عددٍ غير قليل من رجالات الدين الذين اختصروا الإسلام الحنيف بفتاوٍ تتعارض مع مباديء رسالة الإسلام السمحاء، وذلك تحقيقاً لأعراض زائلة، فأثروا ثراءً فاحشاً في وقت تعاني فيه أوساط عربية وإسلامية عديدة من الفقر المتقع!!!
قال الرسول المصطفى – صلى الله عليه وسلم - : (سيكون في آخر أمتي أُناسٌ يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم). رواه مسلم في صحيحه.
وقد توفرت لتلك الأوساط – وللأسف الشديد – كل أسباب النجاح، فها هي الأموال العربية تغذي حالة التداعي العربي على المستويات والصعد كافة، دعماً للمشروع الصهيوصليبي في المنطقة، وها هم عملاء الأمة ينتشرون بيننا انتشار النار في الهشيم لتمكين الحملة الصليبية الجديدة – التي هي ليست من المسيحية السمحاء بشيء – من تحقيق أهدافها، وها هي ظاهرة الخيانة تطفو على سطح الأحداث، إذ ما عاد الأخ يأمن جانب أخيه في هذا الزمن (اللاّ عربي) الرديء.
قال الرسول الأكرم محمد – صلى الله عليه وسلم - : (سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يصدّق فيه الكاذب، ويكذّب فيها الصادق، ويؤمّن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال: الرجل التافه السفيه يتكلم في أمر العامة). رواه أحمد في مسنده 37/15، كما أورده الحاكم في المستدرك.
وقد أسهم ذلك في التأثير على معطيات العقل الجمعي للإنسان العربي الذي بدأ بوضع الشبهات حتى على الإسلام الحنيف بسبب تصرفات بعض المحسوبين على الإسلام والمسلمين، من الذين تربصوا بالشرفاء من أبناء هذه الأمة وتحاملوا عليهم - بقصد أو بغير قصد – وأحاطوا المنبطحين والأذلاء بهالة من التقديس والاحترام العالي عن جهالة وسفه، حتى صار إسوتنا ونبينا محمد – صلى الله عليه وسلم –  عند الغالبية العظمى من العرب المتأسلمين، اسماً يتمشدق به كل المرائين والأفاقين.
فغدا العقل الجمعي العربي هشاً قابلاً للكسر في كل حين، وطرياً يسهل تشكيله في كلِّ آن وفق مقتضيات حاجة الغرب لإنسان عربي مأزوم ومهزوم في آنٍ واحد يحسن تعاطي الانبطاح لمشروعات الغرب الضلالية، ويأبى التصدي الحازم والشجاع لمخططات الصهيونية العالمية، ويرضى لنفسه أن يكون مطية الجهل والتخلف فيعطي للإشاعة أذناً صاغية، ويردد ببغاوية كلّ ما يتناهى إلى مسامعه، فنشأ جيلٌ من المتسكعين في المقاهي العربية ومن المغيبين تماماً عن الواقع المأساوي الذي تعيشه الأمتين العربية والإسلامية، ممن أداروا ظهورهم للنضال والكفاح وللجهاد الذي وصفه نبينا الهادي – صلى الله عليه وسلم – بأنه أفضل الأعمال، ولم يكلّفوا أنفسهم حتى عناء الأسى والألم على ما حدث في فلسطين والعراق ولبنان والصومال وليبيا وأفغانستان – والبقية تأتي – ولم يجاهروا حتى في الشجب والتنديد، في وقت نراهم فيه يدفعون أموالهم بسخاء (معهود فيهم ) لحضور حفل راقص – مثلاً- أو يتدافعون لمتابعة وصلة غنائية رخيصة لفنان رخيص، مما يؤكد على أن جميع المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية والدينية والتوعوية العربية قد فشلت في تنمية قدرات عقل الإنسان العربي فشلاً ذريعاً على مستوى التخطيط والتنفيذ.
بعد هذا العرض السريع للواقع المزري لهذه الأمة، نتمنّى على كل من يريد أن ينفض عن نفسه غبار الذل والضعة والمهانة من أبناء الأمتين العربية والإسلامية التفاعل مع معطيات حركتنا الجديدة – التقدم إلى الوراء – عبر صفحات الـ facebook التالية: "إسوة حسنة" أو "الحل الأخير" أو "المنبع" أو "المصب" أو جميع تلك الصفحات، ليضعه كادر متخصص يعمل في تلك الصفحات في صورة ما حدث وما سيحدث في المستقبل من تطورات سياسية تتصل بالشأن العربي مباشرة، وذلك بغية تحصينه وتسليحه ببندقية الوعي، فنحن نعتقد أنها السلاح الأكثر فاعلية في الوقت الحاضر لمجابهة أعداء الأمة، ومن الله العلي القدير نستمد العون والتوفيق.
الأمانة العامة
لحركة التقدم إلى الوراء
روابط الحملة على الفيسبوك
أسوة حسنة
https://www.facebook.com/pages/%D8%A5%D8%B3%D9%88%D8%A9-%D8%AD%D8%B3%D9%86%D8%A9/178884582192696
الحل الأخير
https://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1/278828848807201
المنبع
https://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A8%D8%B9/305349829481661
المصب
https://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A8/234144083306503

حركة التقدم الى الوراء


قبل الطوفان
التقدم إلى الوراء
" لو تمسّك المسلمون بالإسلام لكانوا أرقى العالمين وأسبقهم في كل الميادين".   الفيلسوف الفرنسي: ليون روشي
  
الجزء الأول    أسعد الغريري

الإهداء
قال الكاتب الإنجليزي الشهير مارما دياك باكتال:- (يمكن للمسلمين أن ينشروا حضارتهم في العالم، وبنفس السرعة التي نشروها بها سابقاً بشرط أن يرجعوا إلى أخلاقهم السابقة لأن هذا العالم الخاوي لا يصمد أمام روح حضارتهم).
* سيدي باكتال…بعد التحية: ليس للماء إلا أن يصل المصب مثلما ليس للعرب من المسلمين الحق إلا في أن يعودوا إلى المنبع، فهم يدركون جيداً أن دون ذلك الموت الزؤام وأن ليس لهم من خيار آخر بعد أن تقطعت بهم السبل حتى في الممرات المائية الضيقة، فصاروا مذبذبين لا هم إلى الماء ولا هم إلى اليابسة، بعد أن فقد جلّهم كل القدرات التي تمكنهم من امتلاك الحد الأدنى من مستلزمات الانبعاث أو التقدم إلى الأمام .






ال
جزءالأول


التقدم إلى الوراء
إذا قال البعض من المعنيين في شئوون النقد والأدب : إننا تمكنا من ناصية الشعر في يوم ما، فليس معنى هذا أننا سنمتلك ناصية الكتابة في لون آخر من فنونها، فشتان ما بين هذا وذاك، ولسنا ندري هل نحن جديرون في مناقشة الواقع المرير الذي تعيشه الأمتين العربية والإسلامية ؟ أم أنها معطيات ثورة الغضب التي تجيش في صدر رجل عربي المنبت يُشهد الله ورسوله أن غيرته على الإسلام والمسلمين هي التي حركته باتجاه الكتابة في هذا الشأن ليس إلا ؟.
ولا تزال الشكوك تساورنا بينما الفكرة تضغط على تلافيف عقلنا، تقض مضاجعنا، تؤرقنا، لماذا لا نبدأ وقد سبقنا الكثيرون في هذا المسعى فربما سنخرج من هذه الدراسة بمشروع نهضوي ربما لم يتقدم على سواه إلا في كونه سيخرج إلى النور بعد أن انحسر نطاق العديد من المشروعات التي سبقته في استنهاض أمة استمرأ أبناؤها الكبوة وتوقفوا طويلاً عندها ؟ ولماذا نخشى من التجربة وهي صنيعتنا ؟ فسيان عندنا إن نجحنا في هذا المسعى أولم يكتب لنا النجاح فيه فشرف المحاولة يرضي غررونا ونرى فيه خير عزاء.
لقد كان لمعلمنا وقائدنا وإسوتنا وحبيبنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي وصفه الله تعالى في محكم التنزيل بأن قوله وحي يوحى أول من تنبأ لهذا الواقع المأساوي الذي تعاني منه الأمة العربية التي كان الله تعالى قد أعزها بالإسلام، فقال صلاة الله وسلامه عليه قبل أربعة عشر قرناً: (سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدّق فيها الكاذب ويكذّب فيها الصادق ويؤمّن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه السفيه يتكلم في أمر العامة)([1]).
وها هو الزمن الذي أشار إليه رسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - قد أتانا بالمزيد من التافهين والسفهاء الذين وجدوا في بعض القنوات الفضائية العربية والعالمية حاضنةً لهم، فما زالوا يهرفون بما يعرفون وبمالا يعرفون، وما زال بيننا من تنطلي عليه أكاذيبهم ، فهاهم خونة الأمة يتناسلون بيننا حتى صار لهم صوت مسموع بين عوام الناس بعد أن باعوا دينهم بدنياهم، واشتروا الضلالة بالهدى، واختصروا مطالبهم وحوائجهم بمطالب وحوائج الأنعام وضربوا الكرامة والعزة والعنفوان عرض الجدار، فأي رزية نعيش اليوم؟!!!
وكان الرسول الأكرم- صلى الله عليه وسلم - قد قال في مناسبة أخرى: ( يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل :  أومن قلّة نحنُ يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير لكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: - يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) ، رواه أحمد في المسند برقم 5/872 وأبو داوود برقم 4297.
كذلك قال صلاة الله وسلامه عليه: ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً فطوبى للغرباء)([2]).
وبالرغم من كل ما تقدم فإن الرسول الأمين محمداً - صلى الله عليه وسلم - أبقى نوافذ الأمل مفتوحة حين قال: ( لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)، (أخرجه مسلم والبخاري بنحوه وغيرهما).
أمّا نحن فربما سندمي – عن غير قصد – قلب القاريء الكريم إذ نتعرض لواقع الأمة العربية المغلوبة على أمرها، لكننا نطمئنه أننا بعد هذا العرض السريع؛ سنفتح نافذة عريضة من النور، نتعهد فيها بالإتّساق مع ما كان الرسول العربي محمد - صلى الله عليه وسلم - قد ذهب إليه.
من أين تشكل العقل الجمعي العربي الذي هو بمثابة البوصلة التي تتجه ببني البشر إلى حيث تريد؟ ومن أين تكوّن في القرنين الأخيرين على وجه الخصوص؟ سؤال كبير في دلالاته قياساً مع ما وصلت إليه هذه الأمة التي هي نواة الإسلام الحنيف ومادته التي كان الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قد تنبأ لواقعها المزري  يوم قال: تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ، وقد صدقت نبوءة الرسول الأكرم- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى- فها هي الأمم تتداعى علينا وتستهدفنا منذُ ما يزيد عن خمسة قرون خلت، وربما كان لهذه الأمم الحق في ذلك، فنحن قد أصبحنا فرائس لكل ذي مخلب، وكان من حق ضواري الغرب الجائعة في تخمتها أن تبطش بفرائسها فتلك فطرتها وقد أقرّ دهاقنة الغرب بذلك يوم قالوا:  الجدران الواطئة تنط عليها حتى القطط الجرباء، فها هم يتدخلون في الشأن العربي بكل وقاحة دون أن يكون للعرب (الأباة) الحق في التدخل بشؤونهم.
وسنأتي الآن الى عرض سريع على جلّ ما حدث، فبعد كل ما تحقق لهذه الأمة من عزة ورفعة في أثناء وبعد عصر الرسالة الإسلامية بما لا يزيد عن ستة قرون سقط مركز الخلافة الإسلامية في بغداد عام 1258 ميلادية 656 هجرية([3])سقوطاً مدوياً وبشكل مروع توالت بعده الهزائم العربية التي انطوت بها صفحات أمجاد العرب الذين كانوا قد بلغوا مراتب لم يبلغها أحد قبلهم يوم كان كتاب الله في صدورهم وليس فوق رفوف مكتباتهم العالية، ويوم كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثلهم الأعلى وإسوتهم، وكان الإسلام طريقاً يقتفى أثره العرب الأباة إذ ذاك، قبل أن يهبطوا بأنفسهم إلى الدرك في ذلك القاع السحيق الذي وصلوا إليه، حتى قالت أمّ آخر أمراء الدولة الأندلسية لولدها المهزوم:
    أبك مثل النساء مُلكا مضاعاً                 لم تحافظ عليه مثل الرجال([4])
ومنذُ ذلك الوقت والأمة العربية تفتقد الكثير من خصائصها الخاصة، فلم يعد أغلبية العرب أوفياء لرموزهم العليا ولا أُمناء على موروثهم الفكري والحضاري، وتراثهم الروحي والقيّمي، بعد أن اتخذوا كتاب الله صحيفة فصلية يقرؤها البعض رياءً, ويعود إليها البعض على استحياء أو مضض، قال تعالى: (وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِوَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِوَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) [يونس: 40] أمّا السنة النبوية فقد كانت موضع شبهة السفهاء منهم، أو محل اختلاف في الاجتهاد بها وعليها ماحدا ببعض رجالات الدين إلى استنباط أحكام (ميتافيزيقية) من بعض الأحاديث النبوية الشريفة، وحدا بالبعض الى تضليل عوام المسلمين بأحاديث مختلقة ما كان الرسول الأكرم محمد - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرها، وقد كان الرسول الأمين صلوات الله وسلامه عليه قد تنبّأ لذلك فقال في هؤلاء وأولئك قبل أكثر من أربعة عشر قرنا: (لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار) رواه البخاري، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: ( إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله ) فأين  علماء الأمة من دعاة ربما يقفون الآن على أبواب جهنم؟ بعد أن أحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحله - سبحانه - وجعلوا الإسلام جلباباً على مقاساتهم فقط، ولو كنّا قد قرأنا معطيات رسولنا الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم - قراءة واعية لتنبّهنا إلى هذه الظواهر قبل حدوثها فقد حذّرنا نبينا محمد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من مغبة حدوثها يوم قال: (سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم مالم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وأيايهم) رواه مسلم في صحيحه.
 كان ذلك بعد أن وضع البويهيون عام 334 هجريا([5])والسلاجقة* عام 447 هجرية([6]) والتتار عام 656 هجرية([7])، أقدامهم على الأرض العربية حيث بدأت مرحلة جديدة من حياة الأمتين الإسلامية والعربية هي مرحلة الاصطفافات الطائفية والعرقية التي انقسم خلالها المسلمون إلى أكثر من مائة فرقة، وكان لكل فرقة من تلك الفرق أجندة خاصة تختلف عن أجندة الفرق الأخرى، وقد تتقاطع بها  أحياناً حتى مع قيم الإسلام الحنيف([8])، فأطاح ذلك الانقسام بالعرب والمسلمين معاً، فذهبت ريحهم بعد أن كانوا أمة واحدة ولم يفلحوا -على مدى ثمانية قرون _ إلا في تحقيق ثلاثة انتصارات في عين جالوت عام 1260 ميلادية بقيادة سيف الدين قطز([9])، وفي ملحمة العبور التي رسمتها جحافل المصريين الأباة في السادس من أكتوبر عام 1973 ميلادية، وفي تحرير مدينة الفاو العراقية عام 1988 ميلادية من قبضة الاحتلال الفارسي، يومها أفضى ذلك الانتصار إلى حسم نتائج الحرب التي أشعل أوارها حكام إيران عام 1980 ميلادية لصالح العراقيين الأباة في 8/8/1988 ميلادية ([10]).  والغريب في الأمر أن أوساطا عربية عديدة أحاطت تلك الانتصارات الشحيحة بالشبهات وللأسف الشديد.
وفي أوائل القرن السادس عشر الميلادي دخلت الأمة أبواب مرحلة جديدة عندما فتح فاسكودي غاما شهية البرتغاليين لاحتلال الخليج العربي عام1507 ميلادية، ثم جاء بعد ذلك الدور الهولندي في المنطقة قبل أن يركب الإنجليز والفرنسيون الموجة ليقطفوا ثمار نجاحات أسلافهم بعد تخاذل عثماني معروف إذ ذاك، واتصل ذلك كله بأكثر الضربات إيلاماً لنا ـ معاهدة سايكس بيكوـ سنة 1916 ميلادية ([11])، التي أصبح العرب بموجبها أشلاءً ممزقة، وكيانات مسلوبة الإرادة بعد أن كانوا لحمة واحدة، وذلك بعد أن فشلت محاولات الجمعيات السرية والعلنية العربية والإسلامية التي تشكلت بين عامي 1909- 1914 ميلادية للنهوض بالأمة العربية من واقعها المرير كالجمعية القحطانية وجمعية العهد وجمعيتي بيروت والبصرة الإسلاميتين عام 1913 ميلادية، وجمعية العربية الفتاة وغيرها، كما باءت جهود حزب الحرية والائتلاف المعتدل عام1911 ميلادية وحزب اللامركزية العثماني أواخر عام 1912 ميلادية بالفشل  في معالجة الواقع المأساوي الذي كانت تعيشه الأمة التي كانت خاضعة حينئذ للنفوذ العثماني([12]).
 ولم تفلح جهود المفكرين الإصلاحيين العرب أمثال محمد عبدة([13])
 ورشيد رضا([14])، وشكيب أرسلان([15])، وعبد الرحمن الكواكبي([16])، وعبد الحميد الزهراوي([17])، ورفيق العظم([18]) وغيرهم من درء الخطر المحدق بالأمة لأنها كانت لا ترضي إلا غرور النخبة، فاجتمع شتات الصهاينة من كلّ حدب وصوب ليكوّنوا على أرض فلسطنين الحبيبة كياناً عنصرياً أعطاه صهاينة الغرب مقومات الدولةسنة 1948 ميلادية بعد هزيمة نكراء تعرض لها العرب الممزقون أصلا، أعقبتها هزائم أخرى كانت هزيمة الخامس من حزيران يوليو سنة 1967 ميلادية أشدها إيلاماً، وذلك بسبب غياب الخطط العسكرية على مستوى القيادة العربية الموحدة، وعدم توافر الإرادة الحقيقية للقتال، وافتقار الجيوش العربية لمستلزمات المواجهه مع عدو توفرت لديه أسباب الانتصار جميعها بما فيها المساندة المطلقة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية في جميع المجالات.
وكان لبؤر التوترات التي أنشأتها الدول الاستعمارية في الوطن العربي في العقود الأولى من القرن العشرين آثار سلبية لم تتجاوزها بعض الأنظمة العربية التي كان استقلالها وما زال شكليا([19]) وقد أدّت تلك البؤر إلى قيام صراعات عربية عربية ما زلنا نعاني من آثارها إلى يومنا هذا فخرج العقل الجمعي العربي من رحم الخيبة المتصلة بالضعة والمهانة مهزوماً مأزوماً يعاني الهشاشة الفكرية المزمنة والرعاش الفكري الحاد، وكان من نتائج هذه الهشاشة أن فقد الإنسان العربي ثقته حتى بنفسه وأغلق على بصره وبصيرته أبواب الأمل بعد أن استسلم الأغلب الأعم طواعية لتلك الهزائم، وصار يفكر من خلالها فقط، فتجاوز رموزه العليا وعلى رأسهم الرسول الأمين محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم -ونسي أو تناسى قول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 21].
 فاعتزت الأمم الأخرى برموزها البشرية، فظل الصينيون أوفياء لرموزهم العليا بدءً من كونفشيوس([20]) مروراً بصن يات صين([21])
وإنتهاءً بماوتسي تونغ ([22]) واعتز رجالات الساموراي في اليابان برمزية الشوغون([23])، كذلك فعل أهل أمريكا اللاتينية حينما التفّوا حول رمزهم في النضال والكفاح سيمون بوليفار([24])، وأحسن بقايا ثوار بريطانيا من الفلاحين التأسي برمزية جورج واشنطن([25])
في الولايات المتحدة الأمريكية، واصطفت الملايين من أبناء جنوب شرق آسيا وشمالها الشرقي قبل ذلك حول غوتاموا بودا أو بوذا ومنذُ القرن السادس قبل الميلاد تحقيقا لأفكار وضعية في رأس رجل اعتقدت فيه الخير والصلاح([26])، كذلك فعل الأتراك فأعادوا بناء دولتهم المدمرة برمزية مصطفى كمال أتاتورك([27])، ومثلهم فعل الجرمان مع بطل وحدتهم ليوبلود فون بسمارك([28])وكذلك كان دأب الهنود عندما تأسوا بالمهاتما غاندي – صاحب فكرة العصيان المدني([29])
، كما انتصر الفيتناميون بالتفافهم حول الثائر والشاعر هوتشي منه الذي كان قد قال:- نحن لا ندافع عن فيتنام فحسب إنما ندافع حتى عن مزابل فيتنام، لانها جزء لا يتجزأ منا([30]).
 ورأى الصهاينة الأراذل في بن غوريون رمزاً لهم فالتفوا حوله وساروا على خطاه وأعانوه حتى في ضلالته([31])، بينما أحاط سفهاء العرب حتى شرفاءهم بالشبهات، ومن ركام تلك الأمة المأزومة المهزومة تسلل خونة الأمة فأطاحت الخيانة بالشيخ ضاري المحمود في العراق([32])، وبالمجاهد الكبير عمر المختار في ليبيا([33])، وبالزعيم العربي جمال عبد الناصر في مصر العزيزة([34])، والأمثلة كثيرة لا عد لها ولا حصر مما فسح المجال أمام أفراخ مؤيد الدين بن العلقمي([35]) والأمير زين الدين الحافظي([36]) ونصر الدين الطوسي([37])ودبيس بن صدقة المزيدي([38]) لكي يتسللوا إلى مفاصل جسدنا العربي، وبدأوا ينتشرون انتشار النار في الهشيم حتى حاولوا شرعنة الخيانة أو جعلوها قضية خلافية أجيز للبعض من خلالها الاستقواء بالأجنبي حتى لو كان كافراً، وأجازوا التعاطي معه والتنازل له حتى عن الأحلام الصغيرة للعرب المستضعفين، مقابل تحقيق الأحلام الكبيرة للخونة من العرب والمسلمين.
 وكان من نتائج تلك الهشاشة الفكرية أن فقدت الأمة هويتها فما عادت تمتلك مشروعاً خاصاً وعلى المستويات والصعد كافة وإذا كان لها ثمة منهاج على حد ادعاء أنصاف المثقفين فهو حبيس أدراج دائرة أنشاتها بريطانيا (آيدن) لخدمة قضايا المملكة التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك، وذلك عام 1945 وقد أغرتنا بتسميتها بجامعة الدول العربية([39]).
أما على المستوى المعرفي فقد صار نخبة العرب والمسلمين تستنجد بسقطات أرسطو طاليس ومن قبله إفلاطون وسقراط بينما جاهر الغرب في الإعراض عنهم وعن طروحات فلسفاتهم وآثر الاعتماد على المنهج التجريبي للعرب والمسلمين من أبناء السلف الصالح لبناء دولته الحديثة ، وعندما جاءت الثورة الصناعية في أوروبا وصار الغرب يصنع بينما كان العرب يصنّعون كالدمى تلبية لحاجات الغرب([40])، سال لعاب بعض الحكام العرب لهذه النهضة فآثروا استثمار الأموال العربية في بنوك أروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية( بحجة الاستثمار) ليمكنّوهم من تصنيع أسلحة الموت التي لم تفتك بأحد مثلما فتكت بنا خاصة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وما بعدهما، فكانت الأموال العربية المتحققة من مبيعات خامات النفط الأسود لعنة على العرب، وكان يمكن أن يكون النفط نعمة لنا وليس لعنة علينا لو أحسن شيوخ وأمراء النفط في الخليج العربي -على وجه الخصوص- استثمار العوائد المادية لهذه الثروة الإستراتيجية([41]).
ولفرط غباء معهود في أوساط عربية عديدة بدأ البعض يتغنى ويترنم عن جهالة وسفه ببعض معطيات الثقافة الأوربية، فحرص على استيراد مفاهيم غربية جديدة تتقاطع تماما مع مفاهيم ديننا الحنيف وثوابت أمتنا العربية المجيدة، وكانت الديمقراطية لوناً جديداً من ألوان تلك المفاهيم التي أرادوا بها استبدال شورى محمد- صلى الله عليه وسلم - عن قصد وعن غير قصد بثقافة الديمقراطية التي لم تكن في يوم ما دواء لدائنا المزمن.
والغريب في الأمر أن هناك أوساطاً تمشدقت ومازالت تتمشدق بحب وموالاة النبي العربي الأمين محمد - صلى الله عليه وسلم - بينما هي معرضة كل الأعراض عن هَديهِ صلوات الله وسلامه عليه، وجاهرت بكراهية الشيطان وعمدت إلى لعنه لكنها ارتضت لنفسها أن تكون خليفة الشيطان في أرض الله، وصارت عونا وسنداً له عن سبق إصرار وترصّد، حتى نشأت ثقافة جديدة روّجت لها تلك الأوساط هي ثقافة الاستقواء حتى بالشيطان لتحقيق بعض الأعراض الزائلة.
 ومن المؤسف حقا أن نرى عددا غير قليل من الدعاة الإسلاميين يشرعنون هذه الثقافة وينتصرون لها؛ حيث قبلوا أن يكونوا شهود زور على أحداث لم يشهدها أحد منهم، فأفتوا على صدى مسموعات تناهت إليهم، وتطوع نفر غير قليل من أبناء الأمتين العربية والإسلامية – بجرأة عالية على الله ورسوله – لأن يكون شاهد زور على ما تناهى لأسماعه من أخبار دون أن يتحقق من صحة ما تناهى إليه من تلك الأخبار، فاستحق من الله ورسوله لعنة في الدنيا وخزي في الآخرة، وبعد أن قَبِل أن يكون ضحية الشائعات التي تروّجها مؤسسات سياسية وأخرى إعلامية لغايات باتت معروفة للقاصي والداني، ولنا فيما حصل في الجماهرية الليبية بعد أحداث السابع عشر من نوفمبر2011ميلادية خير دليل على ذلك، فقد تطوعت قنوات فضائية عربية معروفة لتنفيذ إملاءات حلف الناتو بتواطيء مفضوح مع عدد من الأنظمة العربية لإدخال القطر الليبيي الشقيق في أتون حرب أهلية، وقد استخدمت لتنفيذ ذلك كل أساليب الخداع والتضليل لتمرير شائعات انطلت وللأسف الشديد حتى على النخبة من أبناء الأمتين العربية والإسلامية وكان من بين تلك الأساليب التي مارستها بعض القنوات الفضائية العربية صناعة مجسمات في مناطق خاصة لإيهام رعاع الناس بأنها مشاهد واقعية حدثت هنا او هناك وهي ليست كذلك .
 هذا في جانب وفي جانب آخر فقد أسرفت أطياف أخرى من أبناء هذه الأمة في الجهل حتى صارت مرجعية في فن الجهل فركبت الغالبية العظمى منها ظهر حمار الجهل حتى صارت غبية بامتياز إذ تعذر على الصحفيين العرب أن يحاججوا الرئيس الأمريكي أوباما يوم وقف في إحدى الجامعات العربية ليستشهد نفاقاً بقول الله تعالى : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً)
- المائدة 32-  فيسألوه عن مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية في قتل ملايين البشر في اليابان وفيتنام وكمبوديا والصومال ولبنان والعراق وإفغانستان وليبيا وغيرها، وبدلا من ذلك قابله لفيف من العرب المغفلين بعاصفة هوجاء من التصفيق، بينما سقطت على الجانب الآخر غالبية أخرى ضحية الشائعات فأقرت دون تحقق وصادقت بغير بيّنة، ونعقت وراء كل ناعق واستمرأت الجهل لتهبط بنفسها إلى منازل الببغاوات، كل هذا كان بعد أن تفشّت الأمية فينا، وليست أمية القراءة واالكتابة بأخطر علينا من الأمية الفكرية التي بلغت نسبتها بين أبناء البلاد العربية (96%) حسب آخر التقارير العالمية، فلم يعد مستغرباً أن نجد الأمية الفكرية قد تفشت حتى بين أساتذة الجامعات العربية والمعنيين بشئون الفكر والثقافة والعلوم في عالمنا العربي أو الإسلامي على حد سواء.
وقد صدقت وللأسف الشديد تصورات غولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني فينا عندما قالت:- إن العرب لا يقروؤن وإذا قرؤوا لا يفهمون (أو لا يتذكرون) ولا أدرى ماذا كان سيقول فينا الفيلسوف الدانماركي سورين كجارد الذي كان قد قال: - لا يكفي أن نفهم الآخر بل الأهم من ذلك أن نفهم ما يفهم الآخر عنا،.. إذا علم أن جُلّ العرب لا يفهمون هذا ولا ذاك ولا أولئك؟!!!
وكان من تداعيات تلك الهشاشة الفكرية أن توزعت ولاءآت العرب والمسلمين على حد سواء ، فمنهم من وجد في مشروع مصطفى كمال أتاتورك في تركيا الحديثة ظالته أو تنازل عن ثوابت الأمة فانتصر لفكرة إعادة مجد الدولة العثمانية، ومنهم من رأى في الطروحات الإيرانية التي دعت إلى بعث أمجاد الدولة الصفوية – لأسباب مذهبية – حاضنة له حينما لم يجد بين يديه مشروعاً عربياً أو إسلامياً متكاملاً، ورأت أوساط أخرى في المشروع- الغربي الأمريكي – ملاذا لها فارتضت لنفسها أن تكون محل شبهة الأخرين الذين اتهموها بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية أو بالتبعية لمنظومة الأتحاد الأوروبي- وهي كذلك – لأنها وجدت في بني الأصفر وعاءً يستوعبها ودريئة تقيها شر استقوائها بالغرب الصليبي والذي هو ليس من المسيحية السمحاء بشيء.
وعندما أدرك العرب ذلك ولو بعد حين وقفوا أمام مرآة خيبتهم فأعجبتهم صورة خلطائهم في لندن وباريس وروما وواشنطن فتشبهوا بهم فأغرتهم طرائقهم حتى في تقليم أظافرهم، فتشبهوا بهم حتى في هذه، وبدأوا يتغنون بامجاد الخائب ريتشارد قلب الأسد ويكيلون الطعنات واللعنات لأسباب إثنية أو طائفية ما أنزل الله بها من سلطان للقائد المسلم يوسف بن ايوب الذي اشتهر بإسم صلاح الدين الأيوبي([42])فاستقووا بأعداء الأمس ليجعلوا منهم أصدقاء اليوم، متناسين قول الله تعالى:-
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَوَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍوَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: 51]
فتركوا وراء ظهورهم تراثا فكريا عظيما تشكّل من معطيات الرجالات الذين التفّوا حول نبينا الأكرم محمد -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر الصديق، والفاروق ، وذي النورين، وأبي تراب، بعد أن اختلفوا على موالاتهم ورموهم بحماقة معهودة بسهام الشبهات، وآثروا أن يقتفوا أثر كتب صفراء صفوية المنشأ أحاطت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بوابل من الشبهات، متجاوزين رضى الله تعالى عنهم والذي وثقه عز وجل في محكم كتابه الكريم حيث قال تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح: 18]، كما سمّاهم عزّ شأنه بالسابقين وأكد سبقهم في قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ (13)وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْوَلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍوَأَبَارِيقَوَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ) [الواقعة: 10: 18] فطعن أولئك الذين ليس لهم حظ حتى في أن يصبحوا عبيدا لأصحاب محمد في سبق أولئك الرجال الذين أوصلوا الإسلام الحنيف إلى أبعد الأصقاع فلولاهم ما كان لدين محمد أن يطرق أبوابنا أو يستقر في عقولنا وأفئدتنا فقد جسدوا بحق قول الله تعالى:  (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الجمعة: ] عندما اصطفوا حول نبيهم المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا معه كالبنيان المرصوص، بينما نحن اليوم نرى المسلمين يتوزعون على عشرات الفرق ولكل فرقة من هذه الفرق شرعة تختلف عن شرعة الفرق الباقية ومنهاج ربما ليس بينه وبين منهاج محمد وشرعته حتى النزر القليل من نقاط الإلتقاء، لقد كانوا أسوء خلف لخير سلف في جرأتهم على الله أولا وفي تجاوزهم على أسيادهم وجرأتهم عليهم ثانيا، فهل للعبد أن يقاضي سيدة؟!!.
كما ضربت تلك الأوساط التي أشرنا إليها عرض الجدار بالإنجازات الجهادية لأبي ذر الغفاري، وخالد بن الوليد ومحمد بن القاسم الثقفي وأبي محجن الثقفي والقعقاع بن عمرو التميمي، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد وهرثمة بن أعين وصلاح الدين الأيوبي الذي فارقت الابتسامة محيّاه حتى تم له فتح بيت المقدس في معركة حطين عام 583 هجرية([43])، فأين نحن اليوم من غيرة ذلك الرجل الذي تتصل غيرته على الإسلام والمسلمين مع غيرة المعتصم الذي رحل عنّا ولم يترك فينا من يحمل نخوته في عصرنا الحديث؟
كما تجاوزنا المعطيات العلمية والفكرية للرازي وابن حيان وابن الهيثم والفارابي والخوارزمي وابن سينا والقاضي الفاضل وابن رشد وابن خلدون حتى صار مثلنا الأعلى اليوم رونالدو ومسّي وماردونا ومادونا ومايكل جاكسون وأغاني الروك أندروك ورقصات السامبا الشوهاء، فلقد تشبهنا بالغرب حتى نسينا ودون حياء تحذير الرسول الهادي محمد -صلى الله عليه وسلم- لنا من مغبة ذلك التشبة عندما قال:  من تشبه بقوم فهو منهم.
وبلغنا مرحلة صار جلّنا فيها قطيعاً من الدهماء فأطبقت الهشاشة الفكرية فكّيها علينا والتهمتنا فصرنا إمعات أو قل ببغاوات لا تحسن إلا ترديد ما يقوله الآخرون وللأسف الشديد فنسينا قول الله تعالى:  أفلا يتدبرون؟ وأفلا يعقلون؟ وأفلا يتفكرون؟ ورمينا وراء ظهورنا قول الله عز وجل للعقل البشري يوم خلقه:  ما خلقت خلقا أعظم منك وأعز منك،.. فأصبحنا ضحية لكل إشاعة يطلقها أي صفيق من أي قناة إعلامية مأجورة، لأننا لا نعرف كيف نتدبر أو كيف نعقل أو حتى كيف نفكر؟، وذلك لأن أمة محمد التي حثها الله على القراءة لم تعد تقرأ، فغدى جلّها هشا قابلاً للكسر وطرياً قابلاً للتشكّل وفق مقتضيات الحاجة في كل حين، وقد استفز سوؤنا الفيلسوف جورج برنارد شو فقال: إنني أؤمن بإسلام النبي محمد وإسلام الخلفاء الراشدين، وليس بإسلام مسلمي هذا العصر.
أما الغرب الصليبي فقد استثمر هذه الهشاشة التي أصابتنا بمقتل وغذّى أعراضها ونمّاها لكي يتجاوز الإنسان العربي اعتزازه بعروبته فيردد ما قاله الشاعر الليبي الدكتور شعبان عوض في لحظة غضب:
كفرتُ بيعرب من ذا يلومُ          لعل الكفر يجعلني مهابا
كفرتُ بيعرب من ذا يلومُ          لعل الكفر يكسبني الثوابا؟
ثم عدل بعدها عن موقفه واعتذر قائلا:
ولكن لا تصدقني فكفري           هو الإيمان ما جزت الثوابا
        أحب عروبتي وأعوذ فيها         ولولا الحب ما قلت السبابا([44])
وعندما تأكد طواغيت الغرب أننا قد سقطنا في فخ الخيبة واستسلمنا لها، أعدوا العدة لحملة صليبية جديدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001 ميلادية المفتعلة أمريكيا على حد قـول عددٍ كبيـر من الكتاب والمفكـرين فـي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا([45])، وكان شعار تلك الحملة مستوحى من مقولة كان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر – أحد أعمدة الحركة المسيحية الصهيونية – قد قالها في سبعينيات القرن العشرين:  إذا أردتم كسر إرادة الأمة العربية فابدوا بكسر إرادة الأمة العراقية، وقد فعلوها فأمعنوا في استباحة كل شيء في العراق حتى غالوا في قتل وتجويع وتهجير الإنسان العراقي وأسرفوا في إذلاله وانتهاك حرماته بعد أن أجهزوا على العراق وضربوه ضربة رجل واحد في 19/3/2003ميلادية، فوقع العراق مضرجا بالدماء لكنه وبفضل الله ومنّته وبفضل المقاومة العراقية الباسلة كاد التنين الأمريكي أن يسقط على أرض الرافدين لولا المدد الذي جاءه من دعاة الصحوة، وأنا على يقين من أن الغزاة الأمريكان أخذوا يعضون أصابع الندم على ما فعلوه، وأخذوا يلعنون على استحياء أسيادهم الصهاينة الذين دفعوهم لغزو العراق دفعاً، تحقيقا لنبوءات نوستردا موسيه([46])، وسيعمدون إلى التخلي عن عملائهم في المنطقة الخضراء ببغداد في أقرب الآجال.
 كل هذا حدث وسط صمت عربي وإسلامي يشبه إلى حد ما صمت القبور، وبمباركة عدد غير قليل من الأنظمة العربية، واندهاش بعض الأوساط الأوروبية المعتدلة واستهجان واستنكار الفعاليات الشعبية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية([47])!!!.
بعد ذلك حاول الغرب الأوربي أن يلعب ذات اللعبة التي لعبها جورج بوش الصغير في العراق ولكن هذه المرة مع الشعب الليبي البطل، فشن في 19/3/2011 ميلادية حملة إبادة جماعية طالت البشر قبل الحجر والمذر واتّسقت أهداف هذه الحملة مع أهداف الغزو الأمريكي لأرض الرافدين، لكن الصمت العربي كان مع الحالة الليبية أشد ضراوة، قابله مباركة عربية تمثلت في موقف عدد من الأنظمة العربية التي تمكنت من الخروج بقرار تبنته الجامعة العربية أفضى إلى استصدار قرار أممي برقم 1973 أباح للغرب الصليبي استهداف الجماهير العربية في ليبيا الصمود، فانبرى لهم شعب صعب المراس في مقاومة نوعية اتسقت مع المقاومة الفلسطينية البطلة والمقاومة العراقية الباسلة والفعاليات المقاومة الأخرى في أرجاء عديدة من عالمينا العربي والإسلامي، وبذلك بدأ نطاق مناهضة ومقاومة المشاريع الاستعمارية الصليبية يتسع شيئا فشيئا بين أوساط عربية عديدة، وهذا في حد ذاته يمثل نقطة ضوء يمكننا أن نستدل بها ومن خلالها على معالم طريق قديم نراه جديدا ونرى في ثناياه ومقترباته سبيل الخلاص مما نحن فيه الآن، ألا وهو طريق المقاومة التي لم يكن نطاقها المسلح في الوقت الحاضر هو الخيار الوحيد، وربما لم يكن لبعضنا أن يقتفي أثر ذلك الطريق لولا سهام الإستهداف التي رمتنا بها غربان الحقد الصليبي خاصة في العقود الخمسة الأخيرة، فشكراً لها لأنها جعلتنا نعرف بشكل واضح خونة الامة ولانها علّمت حتى المتهاونين منّا والمتخاذلين بيننا أن طريق المقاومة وبكل أشكالها هو المخرج الأخير من هذا المأزق العربي، والتي يجب أن يسير نطاقها المسلح خلف إطارها التوعوي الذي يقوم على مقاومة الجهل الذي استشرى بين أبناء الأمتين العربية والإسلامية أولاً وقبل كل شيء، فقد يعمد الجاهل إلى قتل نفسه بسبب سوء استخدامه للسلاح- وتلك جهالة أخرى- وليس معنى قولنا هذا إننا نتقاطع مع فصائل المقاومة المسلحة التي بدأت تتحرك هنا وهناك أو نقف على طرفي نقيض منها، لكننا نعتقد أن طريق الانعتاق يجب أن يبدأ من التصدي الحازم والشجاع لآفة الجهل – هذا هو جوهر فلسفتنا وعقيدتنا– التي ستكون رديفا للمقاومة المسلحة والتي سنجابه بها تلك الآفة التي أورثت العرب والمسلمين قطيعا من الدهماء، وهذا يمثل بحد ذاته انتصاراً حقيقيًا لهذه الأمة إذا ما قررت الخروج عن صمتها المريب.
قال تعالى: (انفِرُوا خِفَافاًوَثِقَالاًوَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْوَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [التوبة: ] وإذا كان عميد البيت الصهيوني المقبور          ( بن غوريون) لم يخف مخاوفه وخشيته من أن يظهر في العالم العربي محمد جديد فإننا نُطمئن أفراخه في تل أبيب بأننا نحن المسلمين سنناهض المشروع الصهيوصليبي باقتدائنا بصفوتنا وإسوتنا ومعلمنا ورسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو خيارنا الأوحد، ورحم الله المفكر العربي الذي قال: كان محمد كل العرب فليكن كل العرب محمد، ولنا أن نهمس في مسامع دكتاتور البرتغال العتيد ساليزار ونبدد مخاوفه من أن يصدر المسلمون خلافاتهم إلى غرب أوروبا ونقول له: - إننا سنوحد مواقفنا ونتجاوز خلافاتنا وسنقاتلكم بوحدة إرداتنا، ولنا أن نلفت انتباه العرب والمسلمين الذين تقطعت بهم السبل وما زالوا يقفون على مفترق طريق معالمه غير واضحة مذبذبين بين هذا وذاك ونعيد على مسامعهم قول المستشرق البريطاني المعروف مونتغمري وات في نهاية لقائه مع صحيفة التايمز اللندنية في مارس آذار عام 1968: - إذا توفر القائد المناسب الذي يتكلم الكلام المناسب عن الإسلام فمن الممكن لهذا الدين أن يظهر كأحدى القوى السياسية العظمى في العالم مرة أخرى، وندعوهم مخلصين لإعادة النظر في جميع حساباتهم ويضعوا ثقتهم بمعطيات هذه الأمة بدلا من الاستقواء بأعدائها، فمن غير المنطقي أن يرسم لنا مونتغمري وات وهو رجل إنجليزي خارطة طريقنا نحو أفق الأمة الجديد ولا نتلمس نحن العرب معالم الطريق نحو غد الكرامة!!!
وإذا كانت المتلازمة الصهيونية الصليبية قائمة ومتجانسة تحقيقا لغايات دنيئة مرادها امتصاص ثروات الشعوب وكسر إرادتها فإن العرب المسلمين في متلازمة لا ولن تنفصل عراها أبد الآبدين، تحقيقا للرخاء والسلام العالميين.
هذا هو موجز مفيد لمشروع جديد نتبناه لإحياء مشروع نقل العرب في أرض الجزيرة العربية من رعاة غنم إلى قادة أمم في صدر الرسالة الإسلامية السمحاء وبفضل الإسلام الحنيف, يوم كانت أمة الإسلام برجالها ونسائها بشيبها وشبابها على مستوى واحد من المسؤولية، كما وأتمنى على من يرى هذا المشروع خيراً أن يقف طويلاً عند كل جزئية أتينا عليها خاصة في قراءتنا لمعطيات ديننا الإسلامي الحنيف وأن يكون صادقا مع نفسه أولا عندما يجاهر وبشجاعة – ربما هي غير معهودة فيه من قبل – بالإقرار بنئيه عن المنظومة القيمية العليا للسلف الصالح من العرب المسلمين فيعلن عن عزمه اقتفاء آثار الأبناء البررة للأمتين العربية والإسلامية في عصر رسالة الإسلام الخالدة.
كما نتمنى على من يرى في هذا المشروع سبيلا لخلاص هذه الأمة من محنتها أن يتّبع عن وعي مطلق سيرة الرسول البشير النذير محمد صلى الله عليه وسلم ويتأسى به بوصفه الرمز الأعلى لهاتين الأمتين، وأن يبقى على اعتزازه بعروبته وأن يدرك بعين العقل أن التكالب الغربي المحموم على العرب والمسلمين واستهدافه لهما هو خير دليل على أن هاتين الأمتين أكبر من تخرصات الصليبين والصهاينة، وأن يعمد إلى اجتثاث عناصر الخيانة والانبطاح من جسد الأمة العربية بالحكمة والموعظة الحسنة، فربما كان الجهل الذي غلف تلافيف عقل الإنسان العربي قد أطبق على قنوات وعيه وعطّل منظومتها الفكرية ونحن على يقين من أن ذلك سيضع الإنسان العربي في صورة المؤمن الحقيقي بقيم دينه الحنيف، وعند ذلك سيكون حقيقا على الله أن يكشف الضرّ عنّا نحن العرب وينصرنا نصراً عزيزاً مؤزراً، ويومها سوف لن يكون للكافرين علينا كعرب وكمسلمين وصاية وسنخرج من دائرة استهدافهم لنا وتربصهم بنا، ومن هنا يجب أن نفهم جدلية العلاقة بين العرب والإسلام، قال تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء: 144]. ونحن نعتقد أن بندقية الوعي هي السلاح الأكثر فاعلية في الوقت الحاضر لمجابهة أعداء الأمة.
ونقول لمن أراد أن ينفض عن نفسه غبار الذل والضعة والمهانة: إن التأسي بهدي رسولنا المصطفى محمد – صلى الله عليه وسلم – واقتفاء أثر آل بيته الأطهار والاقتداء بالسيرة العطرة لصحابته الغر الميامين هو أقصر طريق لتحقيق تلك الغايات النبيلة، وخير وسيلة لبعث أمجاد أمة وصفها الله تعالى بأنها خير أمة أخرجت للناس، ودون ذلك سيكون الموت الزؤام هو النهاية الحتمية لكل من دبّ الخور في نفسه وأحكم الضعف سيطرته عليه ويومها سيصبح كالرميم.
وبُغية تفعيل هذا المشروع ارتأينا استثمار صفحات الـfacebook وأنشأنا لهذا الغرض الصفحات التالية:
1- "إسوة حسنة" 2- "الحل الأخير" 3- "المنبع" 4- "المصب"
ومن الله العلي القدير نستمد العون والتوفيق
أهم المصادر
أولاً: القرآن الكريم
2- صحيح البخاري
3- صحيح مسلم
4- مسند أحمد
5- المستدرك للحاكم
6- تاريخ المغول وسقوط بغداد  
د. رجب محمود بخيت
7- دولة السلاجقة                            
د. على الصلابي
8- شهداء النهضة العربية                    
فوزي الخطبا
9- الأعلام                                  
خيري الدين الزركلي
10- السلوك لمعرفة دول الملوك           
للمقريزي
11- فلسطين تاريخها وقضيتها             
د. أحمد سعد الدين
12- الخديعة الكبرى                       
تيري ميسان
13- الكامل في التاريخ
ابن الأثير
14- الخلافة العباسية- السقوط والانهيار
فاروق عمر فوزي
15- الدولة العثمانية
د. على الصلابي
16- التاريخ يعيد نفسه
محمد العبدة
17- أورام في الجسد الإسلامي
أسعد الغريري
18- الإسوة الحسنة
أسعد الغريري
آخر الكلام
عندما تيقن طواغيت الغرب أن العرب قد سقطوا في فخ الخيبة، واستسلموا لها بعد أن أعرض جلّهم عن قيم الإسلام الحنيف، أعدوا العدة لحملة صليبية جديدة – ليست هي من المسيحية السمحاء بشيء – فصنعوا بأنفسهم أحداث 11 سبتمبر أيلول 2011م مخابراتياً، وقد أقر بذلك عدد غير قليل من المعنيين في الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، واستعانوا  لتحقيق ذلك بعدد غير قليل من خونة العرب وعملائهم، وتواطأت معهم في ذلك بعض الفضائيات العربية المعروفة، وكان شعار تلك الحملة مجتزء من مقالة قالها عميد البيت الصهيوني هنري كيسنجر: إذا أردتم كسرة إرادة الأمة العربية فابدوا بكسر إرادة الأمة العراقية، فالتقى في ذلك مع ما قاله نظيره في الشر – نتنياهو- في كتابه سلام الردع: سنجعل من العراق مثلا مرعباً لكل من يتطاول على إسرائيل بوردة،….فيجعلوها خراباً لا يسكنها إلا الفئران حتى لا يجد بدوي فيها مكاناً يربط فيه ناقته-كما جاء في التلمود-،…لتقر عين سيدهم السيناتور كريدو، ويهنا داعيتهم فرانكلين اكريم بتدمير الكعبة المكرمة فيما بعد.





([1] ) مسند أحمد 37/15,كما اروده الحاكم في المستدرك
([2] ) رواه مسلم في صحيحه
([3] )أراد المغول استغلال حال الضعف والوهن الذي كانت تعيشه المنطقة العربية والإسلامية فتربصوا بمركز الخلافة الإسلامية ببغداد لكنهم فشلوا في محاولتهم الأولى عام 635 هـ وحاقت بهم الهزيمة ، فأعدوا العدة لحملة جديدة، وبعد أن انتهى هولاكو من تدمير قلاع الحشيشية في بلاد فارس تحركت القوات المغولية لتنفيذ الهدف الثاني من أهداف الحملة مهاجمة بغداد وإسقاط الخلافة العباسية التي كان على رأسها آنذاك الخليفة المستعصم بالله 640- 656هـ/1242-1285ميلادية، الذي كان جل اهتمامه إشباع غرائزه ، فكانذلك سببا من أسباب سقوط الدولة العباسية، يضاف إلى ذلك الصراع المذهبي الذي دار داخل البلاد بين وزير المستعصم وبين كاتبه أيبك الدوادار مما جعل الخلافة العباسية تعيش أسوأ ايام حياتها حتى صارت أشبه بالرجل الذي ينتظر أجله المحتوم.(تاريخ المغول وسقوط بغداد – دكتور رجب محمود بخيت).
([4] ) في سنة 422هـ سقطت الخلافة الأموية في الأندلس ودخلت البلاد في حقبة جديدة عرفت بعصر ملوك الطوائف، امتدت حتى عام 484هـ، وتسمية هذا العصر بعصر ملوك الطوائف كافية للدلالة على ما وصلت إليه الدولة من تخاذل وتفرق واضطراب وتناحر، حتى إنه حكم في النصف الأول من القرن الخامس الهجري نحو عشرين أسرة مستقلة في عشرين مدينة أو مقاطعة، ومن أشهرهم بنو عباد بأشبيلية وبنو حمود الأدارسة بمالقه بالجزيرة، وبنو زيري بغرناطة وبنو هود بسرقسطة، وكان أقواهم بنو ذي النون الذين ملكوا طليطلة وحكموا بالنسية ومرسية والمرية، وكانوا كلهم يدفعون الأتاوات لملك أسبانيا المسيحي الذي استطاع أن ينتزع من أيديهم كثيرا من المدن والمقاطعات، ولذلك استنجد ملوك الطوائف بيوسف بن تاشفين أمير المرابطين بمراكش الذي ضم الأندلس لدولة المرابطين، لكن الحال تغير في عام 1095م إذ  كانت الحرب على أشدها بين المسلمين والمسيحين في شبه جزيرة إيبيريا بعد أن قامت الدعوة للحروب الصليبية في مؤتمر كلير مونت.(دولة السلاجقة دكتور علي الصلابي).
([5] ) البويهيون: تنتسب هذه الأسرة إلى بويه بن فناخسرو الديلمي الفارسي، وقد حكمت العراق وفارس لمدة تزيد على القرن، وكان الخليفة العباسي ضعيفا بإزائهم أكثر مما كان مع الأتراك فيما بعد، وكان لمؤسسي هذه الدولة علي والحسن ولدي بويه سيادة ومدارات وحلم، ولكن أبناء الجيلين الثاني والثالث الذين جاءوا من بعدهم ذوي بطش وقسوة وتعصب للمذهب الشيعي، تابع البويهيون سياستهم في إضعاف هيبة الخلافة وجعلها كأنها غير موجودة، وهم بهذا يدللون على بعدهم عن أي حس حضاري، أما نهاية الدولة البويهية فقد كانت على يد السلاجقة بعد أن بدأ الانقسام والنزاع يدبان بين أفراد البيت البويهي.(تاريخ المغول وسقوط بغداد دكتور رجب محمود بخيت).
*  للحق أقول: أنا لا أستطيع أن أضع بعض معطيات السلاجقة في سلة واحدة مع إساءآت البويهيين للعرب والمسلمين على حد سواء.
([6] ) وينتسب السلاجقة إلى جدهم دقاق الذي كان وأفراد قبيلته في خدمة أحد ملوك الترك الذي كان يعرف باسم بيغو، وكان دقاق في هذه المرحلة من تاريخ السلاجقة مهاب الجانب عند السلجوقيين لا يخالفون له قولا ولا يتعدون له أمرا، وأتاحت معركة ملاذ كرد 463 هـ للسلاجقة الانسياب إلى جوف آسيا الصغرى وشجعتهم النزاعات والحروب الداخلية بين البيزنطيين على الاستقرار في ربوعها وتأسيس سلطنة عرفت في التاريخ باسم (سلطنة سلاجقة الروم) التي أسسها سليمان بن قتلمش الذي يعد بحق جد سلاطين آسيا الصغرى، وفي عام 447 أصبح السلاجقة أكبر قوة في العالم الإسلامي سيما بعد أن فرضوا سيطرتهم على بلاد فارس واصطدموا بجيش الروم، وأعطوا دفعة قوية للجهاد ضد الروم الذين عاثوا فسادا أيام البويهين في أراضي الخلافة الإسلامية، زال سلطان السلاجقة الذين كانوا غالبا ما يعمدون إلى إضعاف هيبة الخلافة العباسية حتى زوال سلطانهم بسبب عدد غير قليل من العوامل التي كان أهمها:- الصراع داخل البيت السلجوقي، وتدخل النساء في شؤون الحكم، وعجز الدولة السلجوقية عن توحيد بلاد الشام والعراق ومصر والانقسام الداخلي بين السلاحقة أنفسهم.(تاريخ المغول وسقوط بغداد دكتور رجب محمود بخيت).
([7] ) المغول والتتار: هم قبائل من الترك البدو كانوا يسكنون الجزء الشرقي من بلاد التركستان وما يليها شرقا من بلاد الصين في العصور الوسطى، ويذكر مؤرخو الترك ونسابوهم أن النجة خان أحد ملوك الترك ولد له في الأزمنة القديمة ولدان توأمان هما مغول خان وتتار خان وقد تفرعت منها قبائل المغول والتتار.
بعد أن اطمأن جنكيز خان على حدود مملكته الشرقية بدأ يتطلع إلى حدوده العربية حيث العالم الإسلامي، يوم كانت مساحة الدولة الإسلامية تقترب من نصف مساحات الأراضي المعمورة في الدنيا، إذ كانت تبدأ من غرب الصين وتمتد عبر آسيا وأفريقيا لتصل إلى أوروبا حيث بلاد الأندلس، وهي مساحات شاسعة للغاية، لكن وضع العالم الإسلامي كان مؤلما جدا مما سهل على التتار فرصة الانقضاض عليه. (تاريخ المغول وسقوط بغداد دكتور رجب محمود بخيت).
([8] ) كان هناك عشرات الفرق الباطنية التي قامت على الخرافات والبدع والأساطير، وقد طوى النسيان العديد من تلك الفرق ولم يتبق منها إلا أثرها السيء في كتب التاريخ، وكان من بين تلك الفرق السحابية والقيدانية والحشاشين، بينما قامت فرق أخرى على الجمع والتلفيق بين عقائد شتى متنوعة ومتباينة في أصولها ومصادرها، إذ تجد هوى في نفوس جماعات مختلفة في العنصر والدين من مزدكيين ومانويين وصابئيين ويهود ومسيحيين ومسلمين وهي قاعدة فكرية من شأنها أن تستهوي أناسا من مشارب شتى بوصفها تبشر بحرية الفكر والعقيدة وتدعو إلى ديانة أممية تزول فيها الفوارق ودواعي الاختلاف..فياللعجب…!!(دولة السلاجقة دكتور علي الصلابي).
([9] ) عين جالوت: سارت الجيوش الإسلامية من غزة متجهة إلى الشمال ومحاذية لساحل البحر الأبيض المتوسط، فمرت بيافا وقيساريا إلى جبل الكرمل جنوب حيفا، وعند قرية عين جالوت الواقعة بين بيسان ونابلس دارت المعركة الفاصلة بين الجيش الإسلامي وجيش المغول في 25 من رمضان 658هـ، فبدأت المعركة بهجوم عنيف من المغول فتراجعت ميسرة= =الجيش الإسلامي وإذا بنداء في ساحة المعركة "وا إسلاماه وا إسلاماه وا إسلاماه" فاتجهت الأنظار إلى مصدر الصوت فإذا المنادي هو السلطان نفسه فألتهب حماس الجيش وعادت الميسرة إلى مكانها الأول وحمل الجيش الإسلامي حملة صادقة على جيش المغول حتى هزمهم هزيمة ساحقة ومزقهم شرَّ ممزق وخر نائب هولاكو القائد كتبغاصريعا في الميدان.(تاريخ المغول وسقوط بغداد دكتور رجب محمود بخيت).
([10] ) مازال بعض ببغاوات الإعلام العربي يرددون عن جهالة مقصودة في أحايين كثيرة وغير مقصودة في أحايين أخرى ادعاءات حكام إيران واتهامهم العراق بإشعال فتيل حرب الخليج الأولى التي استمرت ثمان سنوات، وتلك فرية تدحضها الوقائع والأحداث والتصريحات التي كان يطلقها رجال الدين في طهران الذين أطلقوا العنان لخيالهم بالتوسع على حساب العرب ولكن من خلال العراق، فصرحوا علنا بتصدير الثورة التي زعموا أنها إسلامية وهددوا قبل اشتعال أوارها بتوسيع مداها بما يمكنها من دخول الأسواق المصرية أو حتى المغاربية، وقد فوّض رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك أبو الحسن بني صدر بأن يقول: عندنا جيش أوله في بغداد وآخره في طهران، وأشاروا على رجال قواتهم الجوية باختراق الأجواء العراقية حتى بلغ عدد الطلعات الجوية التي قام بها سلاح الجو الإيراني 387 طلعه  قبل اندلاع الحرب بأشهر قليلة، كما كان لقواتهم البرية أن تحتل عددا من المخاطر الحدودية (هيلة، خضرة، زين القوس، سيف سعد) وعاثوا فسادا في عدد من المدن العراقية المتاخمة للحدود الإيرانية مثل مندلي والفاو ومنطقة الشوش، (سنأتي عليها بالتفصيل في مناسبات أخرى)، كما حركوا أعوانهم في بغداد لتتطاول على الرموز السياسية العراقية وعلى المؤسسات العلمية والثقافية في العراق، ولم تسلم من شرورهم حتى مواكب التشييع وحفلات الزفاف، وعندما نفذ صبر العراقيين وتقطعت بهم سبل الاحتجاج الأممي قرروا دفع الشر عن مدنهم الحدودية التي لم تكن بمنأى عن قصف المدفعية الإيرانية فبدأت في الثاني والعشرين من أيلول سبتمبر حرب ضروس استمرت ثمان سنوات، وكانت دعوات العراق بإيقاف الحرب قد بدأت منذ الأسبوع الأول لهذه الحرب، لكن حكّام إيران أصروا على موقفهم الداعي لاستمرار الحرب، بعد أن رفضوا كل الدعوات العراقية والإقليمية والأممية لإحلال السلام.(أورام في الجسد الإسلامي أسعد الغريري).
([11] ) بينما كان النشاط الصهيوني يتزايد في فلسطين بعد عزل السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908م وبسبب الفساد والرشوة في الإدارة العثمانية كانت الدوائر الاستعمارية الأوروبية ترسم الخطط السرية لاقتسام أملاك الدولة العثمانية، التي كانت مظاهر تدهورها وانهيارها بادية للعيان، فقد توصلت كل من بريطانيا وفرنسا في 16 آيار مايو 1916م إلى عقد معاهدة سرية لاقتسام المشرق العربي فيما بينهما في وقت كانت فيه نيران الحرب العالمية الأولى مستعرة بين بريطانيا وفرنسا وحلفائهما من جهة، والدولة العثمانية وألمانيا وحلفائها من جهة أخرى، فمثل بريطانيا فيها مارك سايكس بينما مثل فرنسا جورج بيكو، وبموجب هذه المعاهدة قسمت بريطانيا وفرنسا المشرق العربي باستثناء شبه الجزيرة العربية إلى خمس مناطق= =وقضت البنود الرئيسة لهذه المعاهدة على اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة أو حلف دول عربية مستقلة برئاسة رئيس عربي في المنطقتين (أ)، (ب) وتحميانه، على أن يكون لفرنسا نفوذ في المنطقة (أ) ومثله لبريطانيا في المنطقة (ب) مع حق الأولوية في القروض المحلية والإنفراد بتقديم المستشارين والموظفين، وتم تقسيم الوطن العربي إلى منطقتين خضراء وحمراء بموجب تلك المعاهدة.(فلسطين تاريخها وقضيتها دكتور أحمد سعد الدين).
([12] ) ينتسب العثمانيون إلى قبيلة تركمانية كانت بداية القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر الميلادي تعيش في كردستان وتزاول حرفة الرعي، ونتيجة للغزو المغولي بقيادة جنكيز خان للعراق ومناطق شرق آسيا الصغرى، فإن سليمان جد عثمان هاجر في عام 617 هجرية الموافق 1220 ميلادية مع قبيلته من كردستان إلى بلاد الأناضول فاستقر في مدينة أخلاط، وأخلفه بعد موته ابنه الأوسط أرطغرل الذي واصل تحركه نحو الشمال الغربي من الأناضول، وكان معه حوالي مائة أسرة وأكثر من أربعمائة فارس، فولد للأطغرل ابنه عثمان الذي تنسب إليه الدولة العثمانية وذلك في عام 656 هجرية 1258 ميلادية وهو العام الذي غزا فيه المغول بقيادة هولاكو بغداد عاصمة الخلافة العباسية، ولو تأملنا سيره عثمان بن أرطغرل لبرزت لدينا صفات متأصلة في شخصيته كقائد عسكري ورجل سياسي مثل الشجاعة والحكمة والإخلاص، والصبر، والجاذبية الإيمانية والعدل والوفاء والتجرد لله في جميع فتوحاته، ولو توقفنا عند وصية عثمان لابنه أورخان وهو على فراش الموت لرأينا فيها وصايا لنا نحن العرب والمسلمين في هذا الزمن الرديء:
أ- إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين وإن واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلاً،…..
ب- يا بني أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك ومالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة.
ج- يا بني إنك تعلم أن غايتنا إرضاء الله رب العالمين وان بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق.
د- يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة الحكم أو سيطرة أفراد فنحن بالإسلام نحيا، وللإسلام نموت.
ونحن نتساءل:- هل كان أحفاد عثمان الأول في تركيا الحديثة أوفياء لوصيا جدهم الأكبر؟؟!!(الدولة العثمانية دكتور علي الصلابي).
([13] ) نشأ الشيخ محمد عبده الذي ولد في محلة نصر إحدى قرى مديرية البحيرة بالريف المصري لأب تركماني الأصل وأم مصرية عام 1849م، وكان أبوه صاحب مكانة= =ملحوظة، وبعد أن أتم محمد عبده حفظ القرآن الكريم أرسله والده إلى طنطا لاستكمال تعليمه فعجز عن استيعاب العلوم والمعارف نظرا لأسلوب التدريس القديم، ولكن والده أصر على تعليمه، مما أدى به إلى الهرب من والده ليحتمي بخاله ويعيش في كنفه، وقد أثر خاله كثيرا في حياته فزرع الزهد والتقوى في قلبه وحبب إليه دراسة الدين، التقى محمد عبده بجمال الدين الأفغاني ووضعا معاً أسس الإصلاح الديني في العالم الإسلامي كلّه داعين إلى يقظة العالم الإسلامي لمواجهة الغرب الذي يرغب بالاستيلاء على مصادر الثروات الطبيعية والبشرية في ديار الإسلام الممزقة، التي يحكمها الجهل فتوجّها إلى العقل المسلم ينفيان عنه الخرافة والتواكل ويحررانه من عبودية الشكليات، انضم الشيخ محمد عبده إلى صف المعارضة للمطالبة بالحريات الدستورية في عهد الخديوي إسماعيل، لكنه نفي في عهد توفيق الخديوي إلى بيروت فاستدعاه جمال الدين الأفغاني إلى باريس وأسسا هناك جمعية العروة الوثقى، شارك عبده الذي نهل في شبابه من الأزهر الشريف في الثورة العرابية ضد الاحتلال البريطاني لمصر.(تمت إحالة سير الأعلام إلى المصادر التالية: الأعلام لخير الدين الدركزلي، شهداء النهضة العربية فوزي الخطبا، الموسوعة العربية، الموسوعة الحرة، الموسوعة العالمية للشعر العربي، موسوعة مشاهير العالم، موسوعة الأسرة المسلمة، موسوعة الجياش، ملتقى أهل الحديث، مكتبة المصطفى الإلكترونية، إسلام ويب).
([14] ) ولد محمد رشيد بن علي رضا عام 1865 ميلادية في قرية القلمون بلبنان، وكان والده شيخا لقلمون وإماما لمسجدها فعنى بتربيته وتعليمه، توثقت صلته بالشيخ الجسر الذي أحاطه بكل الرعاية، درس الحديث على يد الشيخ محمود نشابة وواضب حلقات علماء طرابلس أمثال عبد الغني الرافعي، ومحمد الفلوجي، ومحمد الحسيني وغيرهم، وكان محمد رشيد مفكراً إسلامياً، ورائداً من رواد الإصلاح الذين ظهروا مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وكان صحفياً وكاتباً وأديباً لغوياً، وهو أحد تلاميذ محمد عبده، أسس رضا مجلة المنار على نمط العروة الوثقى، وهاجر إلى مصر بحثاً عن ميدان أوسع للإصلاح فنزل الإسكندرية، واتصل بالشيخ محمد عبده، وبدأت رحلة جديدة لرشيد كانت أكثر إنتاجا وتأثيرا  في تفكيره ومنهاجه الإصلاحي، فاقترح إزالة أسباب الفرقة بين المسلمين والابتعاد عن الخلافات بين الطوائف الإسلامية الكبرى، وألّف في ذلك مئات المقالات والمؤلفات قبل أن يُتوفى عام 1935م.
([15] ) شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان: ولد عام 1869م في بلدة الشويفات بالقرب من العاصمة اللبنانية بيروت، وكان الشيخ عبد الله البستاني أول أساتذته، وشكيب أرسلان كاتب وأديب ومفكر، اشتهر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديبا وشاعرا بالإضافة إلى كونه سياسيا، وكان يجيد العربية والتركية والفرنسية والألمانية، التقى عددا من المفكرين والأدباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني وأحمد شوقي، وقام برحلاته من لوزان بسويسرا إلى نابولي في إيطاليا إلى بورسعيد في مصر واجتاز قناة السويس والبحر الأحمر إلى جدّة ثم مكة، من أشهر كتبه الحلل السنية، ولماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم، والأرتسامات اللطاف، وتاريخ غزوات العرب،…..الخ، ويعد أرسلان أحد كبار المفكرين ودعاة الوحدة الإسلامية.
اتصل بالشيخ محمد عبده والشاعر محمود سامي البارودي وعبد الله فكري، ومحمد رشيد رضا والشيخ إبراهيم اليازجي، وتأثر بجمال الأفغاني تأثرا كبيرا واقتدى به في منهجه الفكري وحياته السياسية، كما تأثر بأحمد فارس شدياق، وكان يعتنق المذهب السني رغم أنه كان من أصول درزية، استطاع أن يفند كل ادعاءات المحتلين واتهاماتهم له وفضح زيفهم وخداعهم، وإن ظل مطاردا لكنه بقي يدعو شعوب الأمة إلى التحرر والانعتاق.
([16] ) ولد عبد الرحمن الكواكبي 1849م، وهو مفكر وعلامة سوري، ورائد من رواد التعليم والحركة الإصلاحية العربية، كان صحفياً ومحامياً وفقيهاً، ولد بمدينة حلب لاسرة لها شأن كبير، والدته عفيفة بنت مسعود ابنة مفتي أنطاكيا في سوريا ووالده أحمد بهائي بن محمد الكواكبي، بدأ حياته بالكتابة في الصحافة وعين محررا في جريدة الفرات، وكانت مقالاته تفضح فساد الولاة، بعدها أنشأ صحيفة خاصة في حلب سّماها الشهباء عام 1877م وهي أول صحيفة تصدر باللغة العربية وسجّلها باسم صديقه ليفوز بموافقة السلطة العثمانية ولم تستمر طويلا فتابع جهاده الصحافي ضد الاستبداد فأصدر في عام 1879 صحيفة الاعتدال وقد سار فيها على نهج الشهباء لكنها لم تستمر طويلا فتوقفت عن الصدور، سافر إلى الهند والصين وسواحل شرق آسيا وسواحل افريقيا وإلى مصر إذ لم تكن السيطرة مباشرة للسلطان عبد الحميد، وذاع صيته في مصر، وتتلمذ على يديه الكثيرون، أمضى حياته مصلحا وداعية إلى النهوض والتقدم وشكل عددا من النوادي الإصلاحية لتوعية الناس وإرشادهم.
([17] ) ولد عبد الحميد بن محمد شاكر إبراهيم الزهراوي بحمص عام 1855م بدأ دراسته بتعلم اللغة العربية وآدابها، وعكف على دارسة اللغة التركية فأتقنها وطلب العلوم العقلية والنقلية على يد علماء عصره في حمص أمثال الشيخ عبد الباقي الأفغاني، والشيخ عبد الستار الأتاسي، أصدر في حمص صحيفة الدبور وكان يطبعها ويوزعها سراً ، وكان يثير فيها كوامن النفس ويوقظ بها الشعور الوطني وينتصر للحرية والدستور، سافر إلى الأستانة عاصمة الدولة العثمانية وهناك اشتغل بتحرير جريدة معلومات مع صديقه جميل بيك العظم فأخذ يكتب المقالات التي يستمدها من تاريخ الأمة وينبه إلى سوء الحال التي رانت على البلاد والعباد.
بعد انتصار بريطانيا في معركة البوير ذهب الزهراوي لتهنئة السفير البريطاني فنفاه السلطان وأعاده إلى بلاده.
انكب الزهراوي على الدراسة والكتابة والحركة الفكرية وألَّف رسالته المشهورة "الفقه والتصوف" التي حمل فيها على المعتقدات السخيفة فما كان من بعض الجامدين في دمشق إلا أن سعوا إلى الوالي الذي أرسله إلى الأستانة مكبّلا فتوسط هناك أبو الهدى الصيداوي شيخ السلطان عبد الحميد فأعيد إلى حمص، انتخب الزهراوي مبعوثا عن لواء حمى في البرلمان العثماني واسهم في تأسيس حزب الحرية والإعتدال عام 1912م، وله العديد من المؤلفات:- (النحو والبلاغة والمنطق والفقه) (رسالة في الحب والبغض) و(خديجة أم المؤمنين) وغيرها.
([18] ) ولد رفيق محمود خليل العظم عام 1867م في دمشق وهو من أسرة عريقة واسعة الجاه مترفة، والده شاعر كبير دفعه إلى شيوخ العصر فتردد إليهم وأخذ عنهم فتعلق بالأدب والشعر منذ نعومة أظفاره، ثم انصرف إلى النحو والصرف والمعاني والبيان، وأقبل على الأساتذة سليم البخاري وطاهر الجزائري، وتوفيق الأيوبي، ونزع إلى البحث في الاجتماع، والتاريخ والأدب وتعلق بالإصلاح وكتب فيه الكثير، اجتمع مع أحرار العثمانيين وتعلم التركية وتقرب من الجمعيات السرية ووقف على العنف والاستبداد والاستعمار فأخذ ينتقده ويقبحه، زار مصر ومنها انتقل إلى الأستانة ثم عاد إلى دمشق ليغادرها عام 1894م هربا من مضايقة السلطان لأحرار البلاد، وفي القاهرة تعرف على أعلام البلاد فاكتملت في نفسه فكرة الإصلاح السياسي والاجتماعي وتأسيس الجمعيات الإصلاحية فأنشأ مع صحبه جمعية الشورى العثمانية الحرة، وفيها كبار الشخصيات من عرب وأتراك وجركس وأرمن، تُوفي في القاهرة عام 1925م.
([19] ) لقد تعذَّر على العديد من الحركات السياسية في وطننا العربي الكبير تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، لأنها كانت تتحرك في نطاق محيط أُفرغ هواءُ الحرية من فضائه عندما فقدت الأنظمة العربية استقلاليتها بسبب تبعية هذه الأنظمة إلى بروتوكلات أسيادها في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية، لذلك فمن الحماقة فيمكان أن يراهن أحد منّا على حصان أعرج (مثلا) أو أن ينتظر ممن فقد ذراعيه عبور البحر سباحةً.(من محاضرة للمؤلف في نقابة الصحفيين بالقاهرة 2009).
([20] ) كان كونفشيوس الذي ولد عام 551 قبل الميلاد في كوفو بالصين، أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي، وكانت فلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية، وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى، وتأثر بعمق الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية، حتى صار يلقب (بنبي الصين).
ولد كونفشيوس من أسرة فقيرة وتزوج وعمره تسعة عشر عاماً، لكن هجر بيت الزوجية بعد ذلك، وأخذ يتجول في الصين، فتعلم الموسيقى، وأقام الشعائر الدينية، وقام بوضع منهج أخلاقي بحت يعتمد على الموسيقى والمباديء المُثلى.
كان رجلاً عظيماً ووصف بأنه أحد مؤسسي الديانات، وهذا تعبير غير دقيق فمذهبه ليس وثنيا إذ إنه لا يتحدث عن إله وسموات وإنما يناقش السلوك الاجتماعي والسياسي في الحياة العامة الذي يقوم على حب الناس وحسن معاملتهم والرقة في الحديث والأدب في الخطاب ونظافة اليد واللسان واحترام الكبير وطاعة الصغير وإطاعة المرأة لزوجها، لكن في الوقت نفسه كان يكره الطغيان والاستبداد، وهو يؤمن بأن الحكومة نشأت لخدمة الشعب وليس العكس، وأن الحاكم يجب أن يكون عنده قيم أخلاقية ومُثل عليا ومن حكمه:- أحب لغيرك ما تحب لنفسك، توفي كونفثيوس عام 479 قبل الميلاد.(السويداء نت).
([21] ) ولد صن يات صن عام 1866 ميلادية في محافظة شيانغ شان المعروفة حاليا بمدينة تشونغ شان لأبوين فقيرين، وتلقى تعليمه في مدارس الإرساليات في هونغ كونغ وهونولولو فأصبح طبيباً فيما بعد،وسافر في عام 1896ميلادية إلى الولايات المتحدة  الأمريكية واليابان وأوروبا ليدعو إلى مباديء الجمهوريين أملاً منه في الحصول على الدعم المادي لحركته ضد أسرة مانشو، كان صن سياسياً وقائداً ثوريا من طراز خاص، لقب بأبي الثورة، وكان مثالياً لدرجة لا تتناسب وكونه قيادياً وسياسياً، إلا أن مباديء الشعب التي وضعها - القومية والديمقراطية والاشتراكية - أصبحت الدليل الذي تسترشد به جمهورية الصين التي تأسست عام 1912م، وذلك بعد أن تزعم صن حزب كومنتانج عام 1911م وبعد الانتفاضة التي أطاحت بنظام مانشو، فنجح في توحيد الصين بين عامي 1911-1922م، وبعد وفاته عام 1925 ميلادية أصبحت مبادئه شعارات ينادى بها، نقل رفاته عام 1929 ميلادية إلى ضريح أقيم في نانجينج تكريما له.
([22] ) في عام 1893م ولد ماوتسي توتغ في قرية شاوشان الصغيرة بإقليم خوخان الصيني في ظل مجتمع قاس، فقد كانت الجماهير الشعبية خاضعة للقوى الأمبريالية الأجنبية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى التي استغلت الشعب الصيني لتجني المزيد من الأرباح من وراء تجارة الأفيون التي روجت لها حيث كانت الصين تستورد أكثر من مليون كيلو غرام من الأفيون أي ما يعادل 57% من إيرادات الصين، فتمت سيطر الفرنجة والروس والألمان اليابانيين الواحد بعد الآخر على الصين، مما ساعد على طمس ثقافة الإنسان الصيني وتغيير هويته واستغلال ثروات البلاد.
درس ماو انتفاضة الفلاحين 1850-1864م في حرب التاي بينغ حيث دك الفلاحون البسطاء معاقل الإقطاعية والملكية قبل أن تقوم حكومة مانشو الصينية بقمعها بمساعدة أمريكية بريطانية فرنسية، يومها سقط أكثر من عشرين مليون قتيل من الفلاحين، وتعرف ماو على حركة (بيهوتان) أو انتفاضة الملاكين مع بداية القرن العشرين التي تم القضاء عليها من طرف التحالف الذي تشكل بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا والإمبراطورية الأسترو هنغارية وروسيا واليابان وإيطاليا وألمانيا دعماً للسلطات الصينية.
وتابع ماو الانتفاضات اشتعلت في الصين بين عامي 1901- 1910م والتي تجاوز عددها الألف واستنهضت الملايين من أبناء الشعب الصيني، فأثر ذلك على حياته فيما بعد على حد قوله ـ
وفي عام 1921م سافر بمعية صديق له متنكراً في هيئة تاجر، فقصد شنغهاي حيث يعقد المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الصينيPCC ويومها كان في الصين 57 ماركسيا فقط، وكان معدل أعمار المشاركين في هذا المؤتمر 26 سنة، وعندما شعر المجتمعون بوجود من يمارس التجسس عليهم سارعوا لمغادرة المكان، وتابعوا مؤتمرهم على ظهر سفينة اكتراها المندوبون على بعد 130 كم من شنغهاي، وبعد عشرة أيام من المناقشات عارض ماو البيان الختامي للمؤتمر الذي يعارض قيام وحدة واسعة ويحصر الانضمام إلى الحزب بالعمال والعاملات فقط، ويحرمها على الأشخاص القادمين من الطبقات الأخرى من الذين يتبنون أيدلوجية البروليتارية، ورغم ذلك تم انتخاب ماو أمينا عاما للمؤتمر، وبعد ذلك أصبح رئيسا لفرع خوخان للحزب الشيوعي، توفى ماو عام 1976 ميلادية.
([23] ) كان يشير الساموراي إلى الحرس الإمبراطوري فقط، ولكنه بعد قيام النظام الإقطاعي صار يشير لكل الطبقة العسكرية، وينتمي 5% من سكان اليابان إلى هذه المجموعة، ويربط بين المحارب من رجال الساموراي وسيده الإقطاعي مبدأ الطاعة العمياء والولاء المطلق، والساموراي يتمسكون بقواعد العمل القائمة على شرف وحكمة الرجال، ظهر دور الساموراي عام 1615ميلادية، وهم موظفون يحملون السلاح على غرار قوات حفظ السلام (الشرطة) اليوم، ويغلب عليهم ارتداء الملابس الخفيفة (الكيمونو)، ويخضع كل واحد منهم لأحد السادة الكبار، وكان الساموراي يشكلون طبقة مستقلة، وقد وضعوا أنفسهم في خدمة الشوغون (سيدهم الأول) ووطدوا له الولاء، لكن الساموراي فقدوا نفوذهم بعد أن تخلت اليابان عن النظام الإقطاعي عام 1871م بعد أن كانوا أقوى المحاربين في العالم أجمع، ويعتبر سيف ساموراي أقوى سيف صنعه الإنسان وهو مصنوع من الفولاذ المخفف الذي يتميز بالصلابة والمتانة والخفة مما يساعد محاربي الساموراي في استعماله.
شارك الساموراي في معركة دان نو أورا البحرية عام 1185م التي انتصرت فيها عشيرة مينامونو فتلقب زعيمهم ورمزهم الأعلى بوروتيمو (بالشوغون) ومعه بدأت الفترة المعروفة باسم كاما كورا، وأصبح لفظ ساموراي يشمل الرجال المحاربين في خدمة الشوغون والداني ميو (الزعماء الكبار) أيضا.
احتل رجال الساموراي من فترة إيدو المكانة الأولى فيما تكاد صورة يوشي تنمحي من القرون الوسطى، وبالرغم من انتهاء دورهم القديم فقد استمر رجال طبقة الساموراي في لعب الأدوار القيادية في اليابان فشكلوا ما عرف بالنخبة الحاكمة، واستمروا في حكم البلاد حتى نهاية الحرب العالمية الثانية وخرج من بينهم مؤسسو الشركات الصناعية الكبرى والمصارف التجارية في اليابان الذين كان لهم دور في تحويل اليابان إلى قوة صناعية مهمة، وتساهم اليوم وسائل الإعلام الحديثة في نشر ثقافة الساموراي من خلال الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية.
([24] ) في عام 1830م ولد بكركاس في فنزويلا سيمون خوزية أنطونيو ترينداد بوليفار – أي بالاسيوس- وأُطلق عليه لقب جورج واشنطن أمريكا اللاتينية، وذلك بسبب الدور الذي لعبه في تحرير الكثير من دول أمريكا اللاتينية مثل كولومبيا، فنزويلا، الاكوادور، بيرو، بوليفيا التي كانت تحت حكم الأسبان منذ القرن السادس عشر، وكان بوليفار قد زار في شبابه أوروبا وتأثر بالثقافة الأوربية وبغزوات نابليون في إسبانيا، خاصة عندما أطاح نابليون بالحكومة الاسبانية، وكان ذلك قد شجعه على أن يفعل نفس الشيء مع الأسبان فأقسم أن يحرر بلاده من الاستعمار الأسباني وأصبح ضابطا في جيش الثورة، وبعد سلسلة من حروب طويلة انتصر بوليفار على الاستعمار ونالت تلك الدول استقلالها التام.
درس بوليفار قبل ذلك الفلسفة فتأثر بشكل خاص بجان جاك روسو (صاحب نظرية العقد الاجتماعي في فرنسا) وراقت له فكرة العالم إسكندرهوميولت – عندما التقاه في فرنسا – والتي كانت تقوم على استعداد المستعمرات الأسبانية للتحرر، وأخذ يمعن النظر في تحرير بلاده.
وبعد أن اشترك في اجتماعات وطنية عديدة للتآمر على السلطات الإسبانية استطاع في 19 نيسان إبريل1810م من الإطاحة بالحكم الأسباني وإقامة الحكم العسكري (وفي الطبعة الثانية سنتوسع في شرح معطيات هذا الرجل الفذ).
([25] ) ولد جورج واشنطن في 22 فبراير شباط من عام 1732م في مدينة فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية لأسرة تمتهن الزراعة كغالبية الشعب الأمريكي آنذاك، وألتحق بعد انتهائه من تعليمه بالجيش الإنجليزي الذي كان الأقوى، وعندما بلغ عمره عشرين عاما اندلعت حرب بين الإنجليز والفرنسيين وكانت بريطانيا آنذاك في أسوء أحوالها على العكس= =من الفرنسيين الذين تحالفوا مع الهنود الحمر بعد أن تم لهم تسوية مشكلاتهم مع الكنديين، وكانت أشد تلك المعارك ضراوة في غرب الولايات المتحدة الأمريكية فتمت هزيمة الإنجليز بعد قتل قائدهم فتولى جورج واشنطن قيادة تلك المنطقة و انصرف الفرنسيون تاركينه مع جيش ضعيف لم يكن يقدر على إصابتهم بضر، وانطلقوا لمقاتلة بقايا الجيش الإنجليزي في الشرق الأمريكي الذي هزم شر هزيمة وانحسر نطاقه حول نهر المسيسبي،وبعد ثلاثسنوات قام ملك بريطانيا بتجهيز جيش قوامه عشرين ألف جنديا وثمانية عشر مدفعا واستمال ذلك الجيش الهنود الحمر وحيَّد بعضهم فواجهوا الفرنسيين وانتصروا عليهم فصارت أمريكا كلها تابعة للتاج البريطاني، ويومها كثر الظلم على أبناء أمريكا وخصوصا السود منهم وتم فرض الضرائب الباهظة عليهم، وكان جورج واشنطن في ذلك الوقت القائد الفعلي للأمريكان فنجح في قيادة ثورة التحرير حتى صار عام 1775م قائدا للجيش الأمريكي، وفي عام 1789م اختير كأول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وأُطلق عليه لقب (أب البلاد)، واستمر في إقراره النظام الفدرالي في البلاد، وتميز باحترامه لقرارات الكونغرس وعلى تحييد أمريكا وعدم إقحامها في الصراع الدائر بين بريطانيا وفرنسا، ورفض اقتراحات العديد من وزرائه بالانحياز إلى أحد الطرفين.
([26] ) يعتبر غوتاما بودا أو بوذا- أي الساهر أو اليقظ – مؤسس الديانة البوذية، والتي تقوم على مبادئه بخلاص البشر من دائرة الولادة المتكررة (سمسارا) لكن أتباعه حولوا تعاليمه إلى مبادئ دينية، ولد بوذا في عام 558 ق.م في إقليم ساكيا جنوب النيبال، توفيت أمه وعمره سبع سنوات فربته عمته، تزوج في السادسة عشر من عمره لكنه ترك بيت الزوجية ليعيش اختبارات روحية ويعلن عقيدته ومات وهو في الثمانين من عمره، لكن كتاب سيرة حياته أضافوا لحياته بعض الأمور الملحمية الإسطورية لكي تكون حياته قدوة فمنحوا مؤسس ديانتهم قدسية ألهيه ويظهر ذلك في الفن البوذي والعبادات والطقوس البوذية.
كان والد بوذا حاكما لإحدى المدن شمال الهند على حدود مملكة نيبال وينتمي إلى طبقة المحاربين، هجر الحياة وعمره 21 سنة وتفرغ للتأمل في أمر الدنيا والبحث عن الحقيقة، ترك كل شيء وتحول إلى متسول مفلس، درس على يد عدد من رجالات الدين، حتى اكتشف أن الحلول التي يقدمونها لمشاكل الحياة ليست كافية، فأتخذ الزهد حلاً وحيداً لمتاعب الحياة،= =أمضى سنوات عديدة لا يأكل ولا يشرب إلا القليل، وعاد واكتشف أن تعذيب الجسد يملأ العقل ضبابا ويحجب عن النفس رؤية الحقيقة فعدل عن الزهد.
([27] ) ولد مصطفى كمال في 19 مايو عام 1881م في مدينة سلانيك اليونانية التي كانت تابعة للدولة العثمانية، كان أبوه موظفا بسيطا، انخرط في البدء في مدرسة دينية تقليدية ثم دخل المدرسة الحديثة وكان أساتذته يلقبونه بكمال لنبوغه المدرسي، بعدها دخل المدرسة العسكرية العليا عام 1893م ليتخرج منها برتبة نقيب، خاض حروبا عديدة في البانيا وطرابلس قبل أن تشارك الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول المحور حيث برز نجمه كقائد عسكري من طراز رفيع ليرقى إلى رتبة جنرال عام 1916م.
استقال من الجيش عام 1919م ونظم قوات التحرير التي قاتلت اليونانيين والبريطانيين والفرنسيين والطليان حتى تمكنت قوات التحرير بقيادته من طرد القوات المحتلة من بلاده.
يعتبر أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة وبطلها القومي في أعين مريديه حيث أعلن ولادة الجمهورية التركية وألغى الخلافة الإسلامية وأعلن رئيسا للجمهورية التركية، وبعد موته بخمس سنوات اجتمع البرلمان التركي وأعطاه لقب أتاتورك أي (أبو الأتراك).
([28] ) في مدينة شونهاوزن الألمانية ولد عام 1815م ليوبولدفون بسمارك الذي أشرف على توحيد ألمانيا وتأسيس الأمبراطورية الألمانية أو ما يسمى بالرايخ الألماني الثاني، وأصبح أول مستشار لها بعد قيامها عام 1871م، وقد أثرت أفكاره على السياسة الداخلية والخارجية الألمانية في نهاية القرن التاسع عشر لذا يعرف بالمستشار الحديدي، بعد وفاته في عام 1899م اتخذه القوميون الألمان بطلا قومياً لهم، كما أشاد المؤرخون بدوره كرجل دولة ساهم في الوحدة الألمانية مساهمة فعالة، واستخدم سياسة توازي القوى للحفاظ على السلام في أوروبا في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر.
([29] ) ولد موهنداس كرمشاند غاندي في الثاني من أكتوبر عام 1869م في غوجارات الهندية، وكان السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال استقلاله، كان رائداً من رواد مقاومة الاستبداد من خلال حركة العصيان المدني الشامل التي تأسست عقب اللاعنف الكامل= =التي أدَّت إلى استقلال الهند وألهمت الكثير من حركات الحقوق المدنية والحرية في جميع أنحاء العالم.
والمهاتما - أي الروح العظيمة – هو تشريف تم تطبيقه عليه من قبل رابندرانات طاغورا، كذلك تم تشريفه رسميا في الهند باسم بابو أي أبو الأمة، وأصبح يوم ولادته يوماً عالمياً للاعنف.
قام غاندي المحامي المغترب في جنوب أفريقيا باستعمال العصيان المدني اللاعنفي في الفترة التي كان خلالها المجتمع الهندي يناضل من أجل الحقوق المدنية، وذلك بعد عودته إلى الهند عام 1915م، وقام بتنظيم احتجاجات من قبل الفلاحين والمزارعين والعمال في المناطق الحضرية ضد ضرائب الأرض المفرطة والتمييز في المعاملة، وبعد توليه قيادة المؤتمر الوطني الهندي في عام 1921م قاد العديد من الحملات للحد من الفقر وزيادة حقوق المرأة وبناء وئام ديني ووطني وزيادة الاعتماد على الذات الاقتصادية، ووضع حد للنبذ تحقيقا لاستقلال الهند من السيطرة الأجنبية.
وبعد أن قاد العديد من التظاهرات للمطالبة بخروج بريطانيا من الهند أودع السجن فقضى فيه العديد من السنوات، أقسم أن يتكلم الحقيقة ودعا الآخرين لذلك، عاش حياة متواضعة في مجتمع يعيش على الاكتفاء الذاتي، ارتدى الملابس الهندية التقليدية والتي نسجها يدويا بالغزل، وكان يأكل أكلاً نباتياً بسيطاً، ربما فكر في ذات يوم أن يكون إنجليزيا نبيلا – خاصة في سنوات شبابه – إلا أنه عدل عن تلك الفكرة فيما بعد، فسر القانون بطريقة تناسب عقلية شعبه، واستطاع أن يلحق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولاً ثم اللاعنف إن لم يوجد خيار آخر، وتوفي عام 1948م. (أسطورة غاندي دكتور خالد محمد الغيث).
([30] ) ولد مؤسس الدولة الفيتنامية ورائد النهضة القومية في الهند الصينية هوتشي منه عام 1890م، وكان ينتمي إلى عائلة معدومة، وكان رفاقه يلقبونه بالعم (هو) اللطيف، هاجر إلى بريطانيا عام 1914م للعمل هناك، وبعد عودته إلى فيتنام خاض مع رفاقه حروبا محدودة ضد الاستعمار الفرنسي لبلاده عام 1917م، التحق بالحزب الشيوعي الفيتنامي وأسس= =جريدة البرياء، وأصبح عضوا فاعلا في الحزب الشيوعي الفيتنامي، وواصل نضاله ضد اليابانيين الذين احتلوا بلاده حتى تم إعلان استقلال فيتنام في 2 أيلول لـ سبتمبر عام 1945م وهو= =نفس اليوم الذي تم فيه توقيع استسلام اليابان، وعندما عمد الفرنسيون بعد ذلك إلى تقسيم فيتنام جنوبية تحكمها حكومة موالية لفرنسا وأخرى شمالية تدعمها الصين بقيادة هوتشي منه ، قاوم هوتشي منه الاستعمار الفرنسي بهدف توحيد فيتنام، وعندما اشتدت ضربات المقاومة الفيتنامية للفرنسيين طلبت فرنسا من الولايات المتحدة الأمريكية المساعدة العسكرية فاستجابت الأخيرة التي كانت تنظر إلى تنامي وتصاعد المد الشيوعي بقلق كبير إلى الطلب الفرنسي، وترافق ذلك مع إعلان الحرب الكورية عام 1950 -1953م فدخلت الولايات المتحدة الأمريكية المستنقع الفيتنامي بدلا من فرنسا.
توفي هوتشي منه عام 1969م دون أن يحقق حلمه بوحدة فيتنام التي قسّمها الاستعمار إلى شمالية وجنوبية، لكن الثوار الفيتناميين واصلوا القتال وتمكنوا من تحرير المدن الفيتنامية الجنوبية فتراجعت الولايات المتحدة الأمريكية، واستطاعت قوات الفيتكونغ في 29/ نيسان   إبريل من عام 1975م من إسقاط سايجون عاصمة الجنوب وتغيير اسمها فورا إلى اسم هوتشي منه.
([31] ) دافيد بن غوريون: ولد في أكتوبر عام 1886م ولتحمسه للصهيونية هاجر إلى فلسطين في عام 1906م، امتهن الصحافة في بداية حياته العملية وبدأ باستعمال الاسم اليهودي (بن غوريون) وكان من طلائع الحركة العمالية الصهيونية في مرحلة تأسيس دولة إسرائيل، ويعتبر بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني وامتدت رئاسته للوزارة الإسرائيلية للفترة من عام 1948-1963م – باستثناء الأعوام 1953، 1954، 1955م ـ قاد بن غوريون إسرائيل في حرب 1948م التي يطلق عليها الإسرائيليون حرب الاستقلال، ويعد من مؤسسي حزب العمال الإسرائيلي، وكان بن غوريون يوصف بالاعتدال مقارنة بمنظمة الهاجانا الصهيونية التي تعامل معها البريطانيون في مواقف عديدة.
بعد إعلان استقلال إسرائيل عام 1948م بأسابيع قليلة أمر بن غوريون بحل جميع المنظمات المسلحة كالهاجاناه وشتيرن في سبيل تأسيس جيش الدفاع الإسرائيلي، قامت مجلة التايم الأمريكية باختياره كأحد أبرز 100 شخصية عالمية في القرن العشرين.(صفحة بن غوريون في موقع الكنيست).
([32] ) هو الشيخ ضاري المحمود شيخ عشيرة زوبع (أحد بطون شمر)، كان رحمه الله من أبرز قادة ثورة العشرين في العراق، رفض التعاون مع البريطانيين فأهانه الكولونيل البريطاني (لجمن) بكلمات نابية، فهبت الحمية بالشيخ ضاري وخرج وأحضر ولديه خميس وسليمان الذين وجها بندقيتهما إلى رأس لجمن وأطلقا النار عليه وأردياه قتيلا هو ومرافقيه وفي يوم 13/8/1920م، عزمت عشائر زوبع وقسم من بني تميم برئاسة على المعيدي على قطع سكك الحديد ما بين بغداد وسامراء وذلك لقطع إمدادات الجيش البريطاني بين الموصل وبغداد، وسيطروا على بعض المدن وألحقوا بالقوات البريطانية خسائر بشرية كبيرة وبقي الشيخ الضاري بعد أن أخمدت ثورة العشرين معارضا للوجود الإنجليزي في العراق ومقاوماً له ولم ينصاع للحكومات التي أسسها المحتل، تعرض في نهاية حياته إلى الاعتقال وتم إيداعه السجن وبقي فيه حتى وفاته عام 1928م، يومها أرادت بريطانيا نقله إلى لندن لدفنه هناك لكن التظاهرات العارمة التي قام بها العراقيون أجبرت الإنجليز على العدول عن قرارهم فدفن في مقبرة الشيخ معروف ببغداد.
ومن مواقف الشيخ ضاري رحمه الله إنه قال للإنجليز يوم سألوه عن سر احتجاج العراقيين على الوجود البريطاني في العراق: اسألوا مراجعنا العظام في النجف الأشرف (مع أنه من أصول سنية معروفة).
([33] ) ولد محمد فرحات بريدان الملقب بعمر المختار عام 1861م وخلال عشرين عاما خاض المختار أكثر من ألف معركة قبل أن يستشهد بإعدامه شنقا فتوفي وعمره يناهز السبعين.
درس المختار علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى، وكان قبلها قد تلقى تعليمه على يد إمام الزاوية في جنزور عبد القادر بودية العكرمي أحد مشايخ الحركة السنوسية، وسافر إلى الجغبوب ومكث فيها ثمان سنوات للدراسة والتحصيل على يد كبار علماء ومشايخ الطريقة السنوسية، جاهد المختار في تشاد ضد الفرنسيين ثم عيّن شيخا لزاوية كلكة ليقضي فترة من حياته معلما ومبشرا للإسلام في تلك الأصقاع النائية، وعاش حرب التحرير والجهاد يوما بيوم وساعة بساعة.
وإثر اشتباك في إحدى الوديان قرب (عين اللفو) جرح حصان عمر المختار فسقط على الأرض وتعرف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الذي صاح:- سيدي عمر- سيدي عمر فغمغم المختار قائلا: (إجعلك من شر الشر) فتم القبض عليه.
سبق إعدام الشيخ المختار رحمه الله أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يظهر البكاء عند إعدام المختار، فكسرت امرأة اسمها فاطمة العيارية جدار الصمت وندبت فجيعة الوطن، وقبل أن ينفذ به حكم الإعدام قال قولته الشهيرة: نحن لن نستسلم ننتصر أو نموت وهذه ليست النهاية بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي.
([34] ) ولد جمال عبد الناصر حسين عام 1918م في حي باكوس الشعبي بمدينة الإسكندرية، من أسرة فلاحية، واصل تعليمه بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبة عامي 1923- 1924م ثم دخل مدرسة النحاسين بالجمالية في القاهرة عام 1925م وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي قبل أن يلتحق عام 1929م بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان، في عام 1930م بدأ الوجدان القومي لجمال عبد الناصر بالتشكل عندما شارك في التظاهرات التي قام بها زملائه الطلبة للمطالبة بسقوط الاستعمار وعودة الدستور، ويروي عبد الناصر تفاصيل المواجهة فيقول: عندما حاولت أن أهرب هوت على رأسي عصى من عصي البوليس تلتها ضربة ثانية فسقطت ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلاب الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية، ويومها عرفت أن جماعة مصر الفتاة هي التي نظمت تلك المظاهرة احتجاجا على سياسة الحكومة وخرجت من السجن وأنا مشحون بطاقة من الغضب.
لعب جمال عبد الناصر دور - يوليوس قيصر بطل تحرير الجماهير- في مسرحية شكسبير في حفل حضره وزير الدفاع آنذاك وكان ذلك عام 1935م،وبعد حصوله على الشهادة الثانوية ورغم نجاحه في الكشف الطبي رسب عبد الناصر في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح وابن موظف بسيط ولأنه اشترك في تظاهرات عام 1932 ولأنه لا يملك الواسطة فحرم من دخول الكلية الحربية فتقدم بطلب الانضمام إلى كلية الحقوق عام 1936م، وبعد عام تهيأت له فرصة الانتماء إلى الكلية الحربية بعد أن زالت العقبات التي كانت قد إعترضته من قبل.
 شارك كضابط في حرب فلسطين وجرح مرتين وتم منحه نيشان النجمة العسكرية عام 1949م تقديرا لموقفه البطولي، وعندما ثبت للضباط الأحرار أن الجيش يؤيدهم قرر عبد الناصر رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار أن يبدأ تحرك الجيش ليلة 23 يوليو تموز عام 1952م للقيام بثورته المجيدة.
([35] ) هو أبو طالب مؤيد الدين العلقمي، وزير المستعصم بالله آخر خلفاء الدولة العباسية ووليَّ الوزارة أربع عشرة سنة، رأى أن هولاكو على قصد العراق فكاتبه وقوى عزمه على قصد العراق ليتخذ عنده يداً، وليتمكن من أغراضه، وحفر للأمة قليبا، أخذ يكاتب التتار إلى أن جرّأهم على أخذ بغداد وقرر مع هولاكو أمورا انعكست عليه فندم حيث لا ينفعه الندم ـ لأنه عومل من أراذل التتار بأنواع الهوان ـ فكان مصيره مصير كل الخونة والعملاء، وقبل أن يتوفى ابن العلقمي في سنة 657 هجرية حكى أنه لما كان يكاتب التتار تحيل مرة إلى أن أخذ رجلا وحلق رأسه حلقا بليغا وكتب ما أراده بوخز الأبر كما يفعل بالوشم ونفض عليه الكحل وتركه عنده إلى أن طلع شعره فغطى ما كتب مجهزه وقال:- إذا وصلت مرهم بحلق رأسك ودعهم يقرءوون ما فيه ففعل، لكن التتار ضربوا عنقه – حسب وصية ابن العلقمي- وهذا غاية المكر والخداع.(تاريخ المغول وسقوط بغداد دكتور رجب محمود بخيت).
([36] ) كان زين الدين سليمان بن علي المعروف بالحافظي وأصله من عقربا في الجولان قد درس الطب وعمل طبيبا مع الملك المنصور الحافظ نور الدين أرسلان شاه ابن أبي أيوب، وكان يومئذ صاحب قلعة جعبر وهي قلعة على الفرات شرقي الرقة، وأقام في خدمته، وتميز عنده وأجزل رفده وخوّله في دولته، ولما توفي الملك الحافظ صار الملك الناصر صاحب قلعة جعبر وصارت للحافظي يد ومنزلة رفيعة، ولما جاء التتار يطلبون البلاد بعثه الناصر رسولا إلى هولاكو فأحسن إليه واستماله وصار من أصحابه، وأطمع التتار في البلاد وهوَّل على الملك الناصر وصغر شأنه أمام التتار، ولما وصل التتار وهرب الناصر من دمشق إلى مصر صار زين الدين الحافظي يأمر بها وينهى وبقي معه جماعة حتى كانوا يدعونه الملك زين الدين، وفي سنة 662 أحضره هولاكو وقال له:- قد ثبت عندي خيانتك وتلاعبك بالدول، وأنك خدمت صاحب بعلبك طبيبا فخنته واتفقت مع علمائه على قتله…..بعدها أمر بقتله هو وأهله ومن يلوذ بهم فكانوا نحو خمسين ولم ينج منهم إلا ولده مجير الدين وابن أخيه الذي اختفى في السوق.(السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي).
([37] ) ولد محمد بن حسن الطوسي سنة 597 هجرية، كان عالما فارسيا في مجالات الفلك والرياضيات والفلسفة والفقه وله باع طويل في تلك العلوم.
جاء الطوسي مع طليعة موكب السفاح هولاكو وأشرف معه على إباحة الذبح العام في رقاب المسلمين والمسلمات، ورضي بتفريق كتب العلوم الإسلامية في دجلة حتى بقيت مياههه تجري سوداء أياما وليالي من مداد الكتب المخطوطة التي ذهبت بها نفائس التراث الإسلامي من تاريخ وأدب وشعر وحكمة، وقد ذهب ضحية هذه الخيانة أكثر من مليون و800 ألف مسلم، وذهبت ثروات علمية كبرى جمعت على مر السنين، وقد بدأت قصة خيانة هذا الرجل عندما أراد أن يستفيد هولاكو من علماء أعدائه فأطلق سراح الطوسي وقربه إليه، وأسند إليه نظارة الوقف، وقد أكدت جميع المصادر الشيعية والسنية على تورط الطوسي ومشاركته في استباحة بغداد على النحو الذي تناولناه ـ توفي نصر الدين الطوسي سنة 672 هجرية.(موسوعة الجياش).
([38] ) دبيس بن صدقة المزيدي: أمير الحلة الواقعة جنوب بغداد، هرب من وجه الخلافة العباسية والسلطة السلجوقية بسبب استفزازه المستمر لهما وتآمره عليهما، وقد اصطف دبيس مع الصليبيين وادعى لهم أن له أنصارا في حلب وأن أهل حلب متى ما رأوه على رؤوس المهاجمين سلموا إليه البلاد، ومما قاله للصليبيين:- إن أهل حلب شيعة وهم يميلون إلىَّ لأجل المذهب…الخ، كما وعد دبيَسْ بلدوين أمير أنطاكيا وجوسلين أمير الرها بأنه سيقدم لهما الكثير لقاء مساعدتهم له على أن تكون حلب بموجبه له، أما الأموال فتكون لهم.(الكامل في التاريخ لابن الأثير).
([39] ) أكدت جميع الوثائق أن لبريطانيا دوراً مهما في تأسيس الجامعة العربية خاصة في زمن وزير خارجيتها (آيدن) الذي أثار اهتمام الحكومات العربية في مطلع أربعينيات القرن الماضي إلى ضرورة توحيد أو توقيف سياستها، وكان لها أي لبريطانيا – بصمة على اختيار شكل التعاون الذي سيقوم بين وزارة الخارجية البريطانية وجامعة الدول العربية، يقول الدكتور منعم الأعسم في هذا الصدد:
منذ أواخر السبعينيات دخلت الجامعة العربية المآزق الدورية فكانت تلهث وراء الأحداث والمستجدات، وغاب ثقلها في المحافل وتعرضت إلى الابتزاز والضغط وتحولت إلى شاهد على التشرذم الذي ضرب المنطقة واضطرت إلى نقل مقرها من القاهرة إلى تونس وإنهاء احتكار ممثل مصر لأمانتها العامة، ويضيف الكاتب الأعسم قائلاً:-
حتى هذا الوقت كان يمكن لجامعة الدول العربية أن تتجاوز مآزقها التي أصبحت مآزق بنيوية لا تعالج بالنيات الطيبة، ولا بالترقيع ولكن…..
([40] ) يمكن تعريف الثورة الصناعية في أوروبا الغربية على أنها استبدال العمل اليدوي بالمكننة، وقد شهدت بلدان أوروبا الغربية خلال القرن الثامن عشر نهضة علمية قامت على اكتشاف العلوم التي نقلت من الشرق العربي والإسلامي والتي أسسها وألفها العلماء العرب المسلمون أبان العصر الذهبي للإسلام، فتنوعت الأبحاث لتشمل مختلف فروع العلم لتؤدي إلى اختراعات واكتشافات مهمة كانت السبب المباشر في قيام الثورة الصناعية خلال القرن التاسع عشر الميلادي، وكانت عوامل قيام هذه الثورة في إنجلترا قبل غيرها تكمن في:-
أ‌-     قوة اقتصاد إنجلترا
ب- الموقع الجغرافي للملكة المتحدة (بريطانيا)   
ج- عزلتها عن المشاكل الداخلية.  
   د- اكتشاف مصادر الطاقة كالبخار والفحم الحجري والكهرباء في تشغيل    المحركات والآلات وفي تسيير البواخر والقاطرات.(نقلا عن الموسوعة الحرة).
([41] ) بدأت الملامح الأولى لاكتشاف النفط واستخراج النفط عند شمال العراق وفي مناطق اشتهرت بثرائها الاجتماعي والاقتصادي حول مدينة الموصل العراقية بشكل خاص وفي شمالها عند منطقة باكو وعند المنحدرات الجنوبية قرب كركوك خاصة من الناحية الشرقية المعروفة بمنطقة (جبل النفط)، وكانت شركة السكك الحديدية الأناضولية هي المستحوذة على البحث والتنقيب وإن كان بشكل بدائي، وما لبثت شركة النفط – الإنجليزية الفارسية- أن تولت الأمر فيما بعد لحساب السلطات العسكرية الإنجليزية وذلك عام 1918م قبل أن يدخل الأمريكان حلبة التنافس على هذه الثروة الإستراتيجية في عهد الرئيس هاردنج عام 1921م، مما حدا بالإنجليز الدخول مع إيران وشركاتها في تكتل ضد الأمريكان ثم دخلت فرنسا وهولندا في هذا المضمار وتغير اسم الشركة من الإيرانية الإنجليزية إلى شركة النفط العراقية، فانتقل البحث بعدها باتجاه البحرين عام 1932م ثم اتجه البحث نحو العربية السعودية فالكويت التي بدأ البحث فيها عام 1936م، وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية عام 1939م أصبحت المصالح النفطية الأمريكية في الشرق الأوسط هي صاحبة اليد الطولى.(من محاضرة لدكتور عبد العليم عبد الوهاب في معهد البحوث والدراسات العربية).
([42] ) ولد السلطان يوسف بن أيوب الذي صار اسمه فيما بعد صلاح الدين الأيوبي سنة 532هجرية بقلعة تكريت في العراق، وكان والده أيوب بن شادي واليّا عليها، ثم انتقل إلى الموصل مع أخيه أسد الدين شيركوه، وتربّى الفتى الصغيرفي كنف والده وعمّه المجاهدين، وبدأ يترقى في كتائب المجاهدين، وبعد أن قضى على دولة العبيدين بمصر وحّد بلاد الشام ومصر تحت زعامته الفتية وشرع في تنفيذ الأهداف المرسومة للدولة النوريه، ثم عزم على مواصلة حركة الجهاد المقدس فانتصر على الفرنجة في موقعة "مرج العيون" سنة 575 هجرية وموقعة بانياس وأسّر رؤساءهم ودمر حصن الأحزان في صفد، ومازال يناوشهم وينتزع منهم الحصون حصنا بعد آخر حتى قامت معركة حطين تلك الموقعة التي انكسرت فيها راية الصليبيين فمهد لفتح بيت المقدس، ومن شاهد قتلى الصليبيين في تلك المعركة قال:= =ما هناك أسير، ومن عاين الأسرى قال:- ما هنالك من قتيل، كان ذلك سنة 583 هجرية وكانت تلك نتائج معركة حطين الخالدة، ومن جميل ما قاله السلطان صلاح الدين الأيوبي بعد كل ما تحقق له من انتصار في تلك المعركة الخالدة: لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم الفاضل، أو قيل:- بل بعلم القاضي الفاضل.(الدولة الفاطمية للدكتور على الصلابي)
([43] ) وقعت معركة حطين في يوم السبت 25 ربيع الثاني 583 هجرية الموافق 4 يوليو سنة 1187م بالقرب من قرية المجاورة - بين الناصرة وطبريا- وانتصر فيها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي، ووضع فيها الصليبيون أنفسهم في وضع غير مريح ستراتيجيا في داخل طوق من قوات صلاح الدين، وقد أسفرت هذه المعركة عن سقوط مملكة القدس وتم فيها تحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون عام 1099م وذلك بعد أن شنَّ (أرناط) غارة خلافا لشروط الهدنة التي عقدت عام 1180م  على قافلة متجهة من القاهرة إلى دمشق ونهب بضاعتها وأسر أفرادها وزجَّهم في حصن الكرك، ويروى أن القافلة كانت لأخت صلاح الدين، فما كان من صلاح الدين إلا أن يطالب ملك المقدس آنذاك بالتعويض عن الضرر والإفراج عن الأسرى ومحاسبة الفاعلين، لكن الملك لم يجازف بمس تابعه القوى رينو (أرناط) فكان أن قرر صلاح الدين إعلان الحرب على مملكة القدس إلا أن مرض صلاح الدين أخّر القتال في تلك السنة إلى السنة التالية 1187م فكانت هزيمة الصليبيين في معركة حطين كارثية عليهم حيث فقدوا فيها زهرة فرسانهم وتم فيها قتل أعداد كبيرة من جنودهم وأصبح بيت المقدس في تناول صلاح الدين.
([44] ) أمجدا للعروبة أم سرابا
          
أعيدوها ليالينا العذابا؟
فلم يبقى سوى التاريخ منها
     
نؤرخه ولا ندري الصوابا
ويسألني الأقارب أين شعري
لقد أنكرت للشعر اصطحابا
بأي قصيدة للعرب أشدو
        
فقومي لا يردون الخطابا
ولكن ما أزال اليعربيا
فما أنكرت للعرب انتسابا
خطاب مودة ودليل حب
فكم بالحب قد ذقت العذابا
أغني للعذارى كل يوم
         
فلا ليلى وجدت ولا الربابا
أمل وصلهن وهن غفلن
لقد أبدين للشعر أجتنابا
أردد كل شعر العاشقينا
فتنسكب دموعي له إنسكابا
وأفرح أن أرى غنما شباعا
  
وأنتظر مع الأهل السحابا
ولي علم بتأصيل الخيول
فأكرمها إن كانت نجابا
وأغضب للعروبة غير أني
وجدت العرب ما عادوا غضابا
ينامون على الذل المهين
كأن القوم قد عدموا الحرابا
وراحو يرقصون على هواهم
  
وقد شربوا على البؤس الشرابا
تناسوا ما تطلبه الإباء
          
وظنوا كل مفخرة كذابا
وتحكمهم دمى متحركات
       
وحق الله ما ساوت ذبابا
وقدس الله تسأل أين عهدي
     
ألم يعطى خليفتهم خطابا؟
أضاعوه أضاعوني قصورا
   
فهل من قاصر أرجو الجوابا؟
أما للعرض من حام غضوب
  
يهان العرض يغتصب اغتصابا
أما من عبدلي من قريش
      
فإن الفيل قد جاز الشعابا
أما من نهشلي ياتميم
         
أم الأقوام قد صاروا ترابا؟
أما من نخوة يا آل قيس
      
أم الجحاف قد آوى وتابا
كفرتُ بيعربٍ من ذا يلومُ
    
لعل الكفرَ ينسيني العتابا
كفرت بيعرب من ذا يلوم
     
لعل الكفر يجعلني مهابا
كفرت بيعرب من ذا يلوم
     
لعل الكفر يكسبني الثوابا
ولكن لا تصدقني فكفري
     
هو الأيمان ما جزت الصوابا
أحب عروبتي وأذود عنها
    
ولولا الحب ما كلت السبابا
فإن الحب إن صدق غيور
    
لأجل العرب انتحب انتحابا
([45] ) أكَّدَ عدد من الباحثين الذين شاركوا في مناقشات مركز الدراسات العربي الأوروبي ومقره في العاصمة الفرنسية باريس بمناسبة الذكرى الثامنة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001م، على أن تلك الأحداث كانت مفبركة وهي صناعة مخابراتية بامتياز، وكان لمداخلة اللواء مهند العزاوي رئيس مقر صقر للدراسات العسكرية والأمنية والإستراتيجية في تلك المناقشات أهمية خاصة فقد قال اللواء العزاوي: لا يمكن تسطيح عقولنا والاستهزاء بها لهذا الحد، إذ لا يمكن لـ19 شابا أن يخرقوا كافة التحصينات الأمنية والالكترونية المتفوقة في أمريكا وينفذوا هكذا عمل بمستوى حرب تنفذها دولة، إن هذا الحدث نقطة تحول وارتكاز لغزو العالم من قبل المحافظين الجدد..واستطرد العزاوي قائلاً: أرجو قراءة كتاب أكاذيب وخداع وآثار زائفة- ماذا جرى في الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001م - للكاتب أندرياس فون بولوف ـ خبير الاستخبارات والوزير الاتحادي السابق، والكتاب يتناول ذلك بدقّة وحرفية ويثبت أن الفعل صناعة مخابراتية بامتياز.
كذلك كشفت دراسة نشرها مركز Press Pakalert تحت عنوان – إسرائيل هي التي نفذت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية إلى أن للموساد الإسرائيلي ضلع في تنفيذ هذه الهجمات مع العلم أن المركز المذكور هو مركز دراسات أمريكي يعني بالملفات الساخنة التي يعيشها العالم، فاعتمد على نبوءة قديمة مثيرة وغريبة صدرت عن رجل تحوم حوله الشكوك أكثر من سواه، وهو إستر هارئيل كبير المسؤولين الاستخباراتيين، ومدير جهازي الموساد والشين بيت بين عامي 1952-1962م، ورصدت الدراسة عن إيستر أنه تنبأ في العام 1979 ميلادية أي قبل أحداث سبتمبر بأكثر من عشرين عاما بتلك الأحداث- مايكل إيفانز وهو أمريكيمؤيد للمتطرفين الإسرائيليين وبحضور د. روفن هشت كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بيجن، ونشرتها صحيفة جوروزأليم بوست في افتتاحيتها لعدد 30 أيلول سبتمبر 2001 بعنوان:- أمريكا هي الهدف ، وكانت المفاجأة أن خرج أحد مستشاري أوباما على الملأ في سبتمبر أيلول 2009م ليتهم إدارة بوش صراحة بالتورط في تلك الأحداث، وكان فان جونز المستشار الخاص في مجلس الجودة البينية في البيت الأبيض قد وقّع عريضة تشير إلى تورط بوش بهجمات 2001م في نيويورك وواشنطن، وأكد أنها قامت على قصد بالسماح بحصول تلك الهجمات داعيا إلى فتح تحقيق رسمي في هذا الأمر.
وفي عام 2009م أكد ماهر كايناك أحد أبرز رجالات المخابرات الأمريكية لصحيفة راديكال التركية: ان تلك الهجمات هي صناعة صهيونية مئة بالمئة بعلم موافقة المحافظين  الجدد، وقال أيضا: إن بوش الذي يتزعم اليمين المتصهين خاض الحروب في الشرق الأوسط لخدمة إسرائيل، كان من أهم أولوياته القضاء على رأس المال الإسلامي لتحقيق أهداف المحافظين، وأكد الكاتب الفرنسي تيري ميسان في كتابه الخديعة الكبرى: ان هجمات سبتمبر مؤامرة دبرتها أيدٍ أمريكية صهيونية قوية وخفية لخلق ذريعة لتنفيذ مخططات تمت حياكتها منذ عشرات السنين بالاستيلاء على منابع البترول في العالم العربي.
أما بعض سفهاء العرب فيحيطون وللأسف الشديد تلك الشهادات والوثائق بالشبهات ومازالوا يرددون بغباءٍ معهود فيهم ادعاءات دهاقنة الشر في البيت الأسود الأمريكي، وقد نسوا أو تناسوا أن أسامة بن لأدن هو صنيعة إدارة السوء في واشنطن كان قد نفى أن يكون له دور في أحداث سبتمبر أول الأمر لكنه وبعد أيام قلائل عاد وأثنى على العمل الإنتحاري بسبب الضغوط التي تعرض لها من أسياده في الولايات المتحدة الأمريكية، أما منظمة طالبان المتهم الرئيسي في تلك الهجمات فعندها الخبر اليقين فقد خرجت أخيرا عن صمتها وقالت عشية الذكرى العاشرة لتلك الهجمات:- إن الأفغان يتعرضون منذ عشر سنوات لنيران الأسلحة الأمريكية فيما لم يضطلعوا بأي دور في اعتداءات 11 سبتمبر أيلول التي استخدمها الأمريكان ذريعة لسفك دماء آلاف الأفغان الأبرياء – فمتى سيرعوى أولئك المنبطحون من العرب (الأشاوش)؟.
([46] ) هو طبيب ومنجم فرنسي ولد عام 1503م، وعاش في كنف عائلة يهودية اعتنقت الكاثوليكية فيما بعد، درس الطب وساهم بخبرته بمكافحة مرض الطاعون الذي اجتاح أوروبا، واهتم بالتنجيم وجمع قراءته للمستقبل القريب والبعيد في كتاب التنبؤات حيث قام بكتابة توقعاته على شكل رباعيات غير مفهومة.
([47] ) ومن المفارقات العجيبة أن يتبارى اثنان من البريطانيين هما البروفسور داي وليامز والدكتور دراكوفيتش في التطوع للكشف عن تأثيرات المواد المشعة التي حملتها أسلحة الدمار الشامل التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة منهما لتعريف العالم بخرق إدارة الشر في واشنطن بروتوكلات معاهدة جنيف بتحريم استخدام مثل تلك الأسلحة، ولم يجد من يأخذ بيدهما من أصحاب رؤوس الأموال من العرب والمسلمين لإنجاز مهمتها النبيلة في وقت ينفق فيه بعض المتخمين من العرب (الاشاوس) ملايين الدولارات لتحقيق متعهم وملذاتهم الخاصة، بعد ذلك جنّد رجل القانون البريطاني د.كلايفد ستافورد سميث نفسه للكشف عن إساءات قراصنة العصر الحديث - صقور إدارة الشر في واشنطن - لسجناء في العراق فإذا به يجد نفسه أمام واقع أشد مرارة حيث راعه ما رأى في العديد من السجون العراقية التي يديرها عرب ومسلمون في العديد من الدول العربية التي والت أحفاد آل كابوني في الولايات المتحدة الأمريكية.(الإسوة الحسنة لأسعد الغريري).